الرئيسية

في هذا العدد

العدد (19) شتاء 2025

كان تصوّرنا عند طرح الموضوع، أنّ مقالات الملفّ ستكتظّ بالتجارب التنفيذيّة اليوميّة حول استعمال الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، انعكاسًا لاكتظاظ الدورات والورش والمؤتمرات حول الموضوع. لكن، في المحصّلة، انصبّت معظم المقالات حول أسئلة - شديدة المشروعيّة – عن استعمال هذه التكنولوجيا في التعليم، ولا سيّما في العالم العربيّ، والقدرة البنيويّة على ذلك. ربّما تنطلق هذه الأسئلة المشروعة من كوننا مستهلكين لمنتج هطل علينا كمثل معظم المنجزات والتحقّقات العلميّة، والنظريّات التربويّة. لذا بادرنا إلى البحث عن إجابات أسئلة الـ"كيف" وأهملنا أسئلة الـ"لماذا". وهذا طبعُ المستهلكين الذين تخلّوا عن حصانة الانتقاء، وانجرّوا نحو ما يُقدّم إليهم بوصفه وصفة النبوغ وترياق النجاح. لكنّ بعض الأسئلة تتجاوز ثنائيّة الإنتاج والاستهلاك، ليخوض في لبّ الموضوع: هل الذكاء الاصطناعيّ إرهاص تطوّرنا الفكريّ، أم انزياح عن الذكاء البشريّ؟ السؤال يخوض في أساس فهمنا الذكاء البشريّ، وتعقيد تكوينه، ودمجه "الذكاء النفعيّ" بالقيم والمفاهيم والعواطف، في مقابل ذكاء اصطناعيّ لا يرى في 1 + 1 إلّا اثنين. هل فعلًا استنفدنا ذكاءنا البشريّ لنحتاج إلى ذكاء اصطناعيّ، أم أنّ الموضوع مرتبط بشركات تبغي الربح على حساب قيم وحسابات أخرى؟

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 20: شراكة المدرسة مع الأهل.. أشكال ومُمارسات وأهداف

العلاقة بين المدرسة والأهل/ المحيط المجتمعيّ موضوع شديد الأهمّيّة، لا يأخذ مداه في البحث والتفكير. الشكل الأوّليّ لهذه العلاقة ينبع من قرار الأهل اختيار المدرسة لأبنائهم، وقبول المدرسة هذا الخيار. بعد ذاك، تصير العلاقة تنفيذيّة/ عمليّة: المدرسة تبلغ الأهل بتطوّر أداء ابنهم الأكاديميّ (ورقة العلامات أو ما يشبهها)، وقد تستدعيهم لطارئ مسلكيّ أو أكاديميّ. والأهل يتواصلون مع المدرسة لشكوى أو ملاحظة تتعلّق بفصل أو معلّم أو أمر مسلكيّ يخصّ ابنهم. هذا الشكل من العلاقة يقزّم دور المدرسة والأهل؛ فمؤسّسة التعليم يجدر بها ألّا تكون جدرانًا خرسانيّة صلبة تمنع ما في داخلها عن الخارج، وهي لا تستجلب العلم والمعرفة من مصادر سرّيّة وعلى الأهل أن يثقوا بها من غير نقاش، ولا سيّما حين تكون مصادر "المعرفة" هذه ترجمات لتجارب مجتمعات بعيدة تختلف عنّا في الظروف والمناخ ونمط الأكل ومفاهيم القيم. وعلى العكس من ذلك، تزدهر المؤسّسات التربويّة كلّما تعانقت جذورها مع مجتمعها ومحيطها، وانكشفت عليه، وتفاعلت معه. والطريق الأوّليّ الأبسط إلى ذلك هو العلاقة التفاعليّة مع الأهل.   يطرح الملفّ مفهوم هذه العلاقة من الطرفين، الأهل/ المحيط المدنيّ/ المجتمع من جهة، والمدرسة قيادة وتوجّهات وسياسات داخليّة، ومعلّمين وإداريّين، والتي تعكس هذا القرار بالانفتاح على المحيط. من هنا نشير إلى بعض القضايا التي يمكن للملفّ متابعتها: 1. ماذا يمكن أن يكون دور الأهل في إعادة التوازن بين المدرسة كمؤسّسة مستقلّة أو "تجاريّة" ودورها كصرح تربويّ قد يمضي فيه الأطفال سنوات طويلة تصبغ نموّهم النفسيّ والعاطفيّ؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الدور...؟ 2. هل النجاح في الامتحانات الرسميّة أو الدوليّة دليلٌ وحيد على نجاح المؤسّسة؟ ما الذي يطلبه الأهل أكثر؟ كيف يمكن للأهل أن يكونوا جزءًا من آليّة صياغة رؤية المؤسّسة وأهدافها؟ وهل من دور للمتعلّمين في هذه العلاقة...؟ 3. العلاقة بين المدرسة ومحيطها، التفاعل والتأثّر والتأثير. الفرق بين علاقة المدرسة بمحيطها بين مدارس الأرياف محدودة العدد، ومدارس المدن التي طلّابها ليسوا بالضرورة من الجوار المباشر... 4. أشكال الشراكة مع الأهل مثل هيئات الأهل وأدوارها: نماذج عمليّة وتجارب ناجحة. وما الشروط الأساسيّة لنجاح هذه الأدوار...؟ 5. القوانين والتشريعات التي تحكم العلاقة بين الطرفين: هل تطبّق؟ هل تمتلك رؤية شاملة لدور الأهل؟ هل من فروقات في هذه القوانين بين المدارس الخاصّة والرسميّة/ العامّة؟ وإلام يؤدّي هذا...؟   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 شباط/ فبراير 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]  

أخبار تربويّة

جامعة الدول العربيّة تحتفي باليوم العربيّ لمحو الأُميّة

نظّمت الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة في 14 من كانون الثاني/ يناير 2025، فعاليّة تحت شعار "مستقبل تعليم وتعلّم الكبار في مصر والعالم العربيّ"، احتفاءً باليوم العربيّ لمحو الأُميّة. عُقدت الفعاليّة في مقرّ الأمانة العامّة بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامّة لمحو الأُميّة وتعليم الكبار في مصر، بصفتها الدولة صاحبة مبادرة إطلاق العقد العربيّ لمحو الأُميّة. تأتي هذه المناسبة للتذكير بالتحدّي الذي يعيق الجهود العربيّة نحو التقدم والتنميّة، ويسلّط الضوء على أهمّيّة توحيد الجهود العربيّة بهدف القضاء على الأُميّة والدعوة إلى بذل المزيد من العمل الدؤوب، وتضافر الجهود الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة وابتكار أساليب غير تقليديّة قادرة على المواجهة الشاملة للأُميّة. تضمنت الفعاليّة جلسات حواريّة بمشاركة أساتذة الجامعات والخبراء المتخصّصين في مجال تعليم الكبار حول شعار الاحتفاليّة "مستقبل تعليم وتعلّم الكبار في مصر والعالم العربيّ". وركزت على أنّ محو الأُميّة لا يجب أن يقتصر على الأُميّة الأبجديّة فقط، ولكن يجب ان يهتم كذلك بمحو الأُميّة الرقميّة. وترى الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة أن مستقبل تعليم الكبار في الوطن العربيّ يشهد تطوّرًا ملحوظًا بفضل التغيّرات التكنولوجيّة والاجتماعيّة المتسارعة، وفي ظل التطور التكنولوجيّ أصبحت الوسائل الرقميّة والتعلّم الالكترونيّ أحد الركائز الأساسيّة لتعليم الكبار حيث تمكنهم من الوصول الي المعرفة والمهارات بسهولة مما يساهم في تقليل الفجوة التعليميّة بين الأجيال. إذ تشير توجهات المستقبل الي أنّ التعليم المستمر سيصبح جزءًا أساسيًّا في حياة الأفراد سواء من خلال البرامج التدريبيّة المهنيّة او الدورات الجامعيّة التي تتيح فرص لتحسين المهارات وتعزيز القدرة على التكيّف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة. وجددت الأمانة العامة لجامعة الدول العربيّة دعوتها الى كافة الدول العربيّة والمنظمات الإقليميّة والدوليّة للتعاون المشترك لتعزيز الجهود الراميّة لمكافحة ظاهرة الأُميّة في الوطن العربيّ والتي تعد العائق الأكبر امام تحقيق التنميّة الشاملة والمستدامة. اعتمدت القمّة العربيّة اليوم العربيّ لمحو الأُميّة في الثامن من شهر كانون الثاني/ يناير من كلّ عام خلال الدورة 25 التي انعقدت في الكويت عام 2014، وذلك بإعلان العقد الحاليّ عقدًا للقضاء على الأُمية في جميع أنحاء الوطن العربيّ، واعتماد برنامج عمل يهدف للتخلص من هذه الظاهرة خلال عشر سنوات. وعقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربيّة بالتعاون مع شركاءها من الدول العربيّة والمنظمات الإقليميّة والدوليّة وكذلك منظمات المجتمع المدنيّ، تسعة اجتماعات خلال تسع سنوات بهدف التغلّب على أحد أهم التحديّات التي تواجه الدول العربيّة وهو القضاء على الأُميّة. ولا يمثل التحدي العمل على محو الأُميّة الأبجديّة والإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط، ولكن يتضمن هذا التحدي العمل على محو الأُميّة الرقميّة والثقافيّة وصولًا إلى مجتمع المعرفة والتجارب المميزة لعموم الفائدة والاسترشاد بها لتوثيق التجارب الناجحة. ولمتابعة تحقيق أهداف العقد العربيّ لمحو الأُميّة وتعليم الكبار 2015 – 2024، تطلق الأمانة العقد العربيّ الثاني 2025- 2030 حتى يتماشى مع خطط التنميّة المستدامة.   المصدر (جامعة الدول العربيّة).

الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ تصدر بيانًا بشأن الهجمات على التعليم

أصدرت الأمانة العامّة للشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ (الآيني) بيانًا بشأن الهجمات على التعليم، جدّدت فيهِ تضامنها الثابت مع جميع المتضرّرين في فلسطين جرّاء الحرب المستمرّة على قطاع غزّة والعنف المتصاعد في الضفّة الغربيّة، وكذلك الأزمة في لبنان. وأعربت الشبكة عن تعاطفها العميق مع الأرواح التي دمرتها الصدمات المتكرّرة والموت والنزوح المستمرّ. وأضافت الشبكة في بيانها "نشعر بقلق عميق على أعضائنا وعائلاتهم في فلسطين ولبنان الذين يواجهون معاناة وخسائر هائلة، وخاصّة الطلّاب والمتعلّمين الذين يعانون من اضطراب وفاقد تعليميّ غير مسبوق. تقف (الآيني) معكم في هذه اللحظة الصعبة وتتقدم إليكم وإلى جميع المواطنين المتضرّرين بأسمى آيات التعاطف والتضامن الكامل معكم". وتابعت "تسبّبت العمليّات والغارات العسكريّة الإسرائيليّة المستمرّة وغير المسبوقة على قطاع غزّة منذ أكتوبر 2023 في مقتل أكثر من 44,000 فلسطينيّ، وإصابة ما لا يقل عن 106,000 آخرين. كما حولت هذه العمليّات أجزاء واسعة من غزّة إلى ركام، ملحقة أضرارًا جسيمة أو دمارًا كلّيًّا بالعديد من المنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتيّة المدنيّة الأخرى". وأشار البيان "لقد شهدنا على مدار الأشهر الماضية نمطًا مدمّرًا ومثيرًا للقلق من الهجمات ضدّ المتعلّمين الفلسطينيّين والمرافق التعليميّة والعاملين في التعليم. وتكشف هذه الهجمات عن تدمير ممنهج يهدّد نظام التعليم الفلسطينيّ ويثير القلق العميق. ففي غزّة، حُرم المتعلّمون (ومعظمهم من الأطفال) من التعليم لمدة أكثر من عام كامل، الأمر الذي قد يلقي بظلاله على حياتهم ومستقبلهم لفترة طويلة". وتابع البيان "في أكتوبر 2024 وحده، أثّرت الغارات الجويّة وعمليّات النزوح القسريّ والقصف والحرق المتعمد على المدارس، حيث تم تسجيل 57 حادثة. وتساهم هذه الحوادث في الواقع المأساويّ المتمثل في قلّة أو انعدام البنية التحتيّة التعليمية في غزّة. حيث ان جميع المدارس تضررت او دمرت تقريبًا، وتحتاج 88% منها (496 مدرسة من أصل 564 مدرسة) إلى إعادة بناء كاملة أو أعمال إعادة تأهيل كبيرة، دون أي احتمال لإعادة فتحها". وجاء في البيان "لم تقتصر هذه التداعيات للحرب الإسرائيليّة غير المسبوقة على قطاع غزّة فقط من حيث جسامة حصيلتها من الموت والدمار، بل امتدت أيضًا إلى الضفّة الغربيّة المحتلة حيث يستمر العنف والعمليّات العسكريّة في تصاعد مما أدى إلى انتهاك حق الأطفال في التعليم". وانتقل البيان إلى جنوب لبنان حيث أدت الهجمات العسكريّة الإسرائيليّة في شهري أكتوبر ونوفمبر إلى مقتل وإصابة الآلاف ونزوح أكثر من 1.3 مليون شخص في الأشهر الأخيرة قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في شهر نوفمبر الماضي. وقد أثر هذا الوضع بشكل خطير على استمراريّة التعليم ونوعيته، حيث تضررت المرافق التعليميّة نتيجة للغارات الجويّة. وعن الأوضاع في لبنان أوضح البيان "تم تأجيل بدء العام الدراسيّ 2024-2025 في المدارس الحكوميّة، لا سيما في جنوب لبنان، وجنوبي بيروت، ومنطقة البقاع، حيث لم تفتح العديد من المدارس أبوابها اعتبارًا من أيلول/ سبتمبر. وقد تم تحويل العديد من المدارس الحكوميّة إلى مراكز إيواء للنازحين بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، حيث تضرر أكثر من مليون طالب و45 ألف معلم بشكل مباشر من النزاع، ولم يتمكن 95% من معلميّ التعليم العام من الذهاب إلى المدرسة.   أكّدت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ إدانتها جميع عمليّات استهداف المتعلمين والعاملين في التعليم والمنشآت التعليميّة باعتبارها تدين الهجمات على المتعلمين والعاملين في مجال التعليم والمرافق التعليميّة. لافتة "عندما يتعرض التعليم للهجوم ولا يُحترم القانون الدولي الإنسانيّ، يصبح من المستحيل إعمال حق جميع المتعلمين في الحصول على تعليم منصف وجيد. ويضمن القانون الدوليّ الإنسانيّ حماية المتعلمين والعاملين في مجال التعليم والمرافق التعليميّة من الهجمات العشوائيّة وغير المتناسبة ويفرض التزامًا على أطراف النزاع بتيسير الوصول إلى التعليم". واختتمت البيان "نضم صوتنا إلى شركائنا في قطاع العمل الإنسانيّ بالدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار". وجدّدت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، دعوتها إلى الالتزام واحترام القانون الإنسانيّ الدوليّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان. كما حثّت جميع الأطراف على الامتناع عن استعمال المدارس والجامعات بأيّ شكل في دعم الجهود العسكريّة، انسجامًا مع إعلان المدارس الآمنة. وأكّدت على أنّه لا يمكن القبول بأنّ يصبح استهداف المتعلّمين، والعاملين في مجال التعليم، والمرافق التعليميّة، أمرًا اعتياديًّا في السياقات التي تشهد صراعات وحروب.   المصدر (الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ).

مصر تستبدل الثانويّة العامّة بنظام البكالوريا

وافق مجلس الوزراء المصريّ بصفة مبدئيّة، أمس الأربعاء، على مقترح وزير التربيّة والتعليم، محمّد عبد اللطيف، استبدال شهادة الثانويّة العامّة بشهادة البكالوريا المصريّة، وذلك للتلاميذ الملتحقين بالصفّ الأوّل الثانويّ من العام الدراسيّ المُقبل 2025-2026. ووجّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بمناقشة آليّات تنفيذ النظام الجديد داخل المجموعة الوزاريّة للتنمية البشريّة، والتوافق على صيغة نهائيّة تطرحها الحكومة للحوار المجتمعيّ قبل بدء التطبيق الفعليّ. وفي اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد في العاصمة الإداريّة الجديدة، استعرض عبد اللطيف نظام شهادة البكالوريا المصريّة، بديل الثانويّة العامة، المقرر تطبيقه على تلاميذ الصف الثالث الإعداديّ، قائلًا إنه "يعتمد على تنمية المهارات الفكريّة والنقديّة، بديلاً من الحفظ والتلقين، والتعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلميّة والأدبيّة والفنيّة معًا". وأشار إلى "اعتماد النظام على التقييم المستمر، وتقسيم المواد على عامين على الأقل، بالإضافة إلى الاعتراف الدوليّ والفرص المتعددة من خلال جلستيّ امتحان سنويًا". وحول هيكل شهادة البكالوريا المصريّة، أوضح عبد اللطيف أنها "تتكون من مرحلًتين: الأولى تمهيديّة ممثلة بالصفّ الأول الثانويّ، وتشمل عددًا من المواد الأساسيّة المضافة إلى المجموع الكليّ، وهي مواد التربيّة الدينيّة، واللغة العربيّة، والتاريخ المصريّ، والرياضيّات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق، واللغة الأجنبيّة الأولى، بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع، هما اللغة الأجنبيّة الثانيّة، والبرمجة وعلوم الحاسب".   وتشمل المرحلة الثانيّة (الرئيسيّة) الصفين الثانيّ والثالث الثانويّ، وتتضمن في الصف الثانيّ المواد الأساسيّة في جميع التخصصات، وهي اللغة العربيّة، والتاريخ المصريّ، واللغة الأجنبيّة الأولى، فضلًا عن المواد التخصّصيّة التي يختار منها التلميذ مادّة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة (الرياضيّات – الفيزياء)، والهندسة وعلوم الحساب (الرياضيّات مستوى رفيع – الفيزياء مستوى رفيع)، والأعمال (الاقتصاد مستوى رفيع – الرياضيّات)، والآداب والفنون (جغرافيا مستوى رفيع – إحصاء). وأضاف عبد اللطيف أن مواد المرحلة الرئيسيّة للصف الثالث الثانويّ تتضمن في المواد الأساسيّة لجميع التخصصات مادة التربيّة الدينيّة، بالإضافة إلى المواد التخصصيّة، وهي الطب وعلوم الحياة (الأحياء مستوى رفيع – الكيمياء مستوى رفيع)، والهندسة وعلوم الحساب (الرياضيّات مستوى رفيع – الفيزياء مستوى رفيع)، والأعمال (الاقتصاد مستوى رفيع – الرياضيّات)، والآداب والفنون (جغرافيا مستوى رفيع – إحصاء). وتضمنت القواعد العامة للمرحلة الرئيسيّة إتاحة الامتحانات للتلاميذ بفرصتين في كل عام دراسيّ، خلال شهريّ أيار/ مايو وتموز/ يوليو لمواد الصف الثاني الثانويّ، وحزيران/ يونيو وآب/ أغسطس لمواد الصف الثالث، على أن يكون دخول الامتحان للمرة الأولى مجانيًا، وبعدها بمقابل ماديّ مقداره 500 جنيه (نحو 10 دولارات) لكل امتحان. وعن حساب المجموع، ذكر عبد اللطيف أن كل مادة من مواد الثانويّة السبع ستحتسب من 100 درجة، وتحديد المجموع النهائيّ للتلميذ بجمع الدرجات الحاصل عليها لكل مادة.   المصدر (العربيّ الجديد).

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

الذكاء الاصطناعيّ والتعليم: سباقٌ غير متكافئٍ، أم ضياع الأولويّات؟
في عصرٍ تتسارع فيه عجلة التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعيّ حديث الساعة في مختلف المجالات، ومنها التعليم. تابع القراءة
الذكاء الاصطناعيّ في التعليم: فرصةٌ أم تحدٍّ؟
تطرح التجربة الفكريّة القديمة "سفينة ثيسيوس" سؤالًا فلسفيًّا عميقًا: إذا تمّ استبدال ألواح السفينة الخشبيّة، واحدةً ت تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التعليم عبر المبادرات في غزّة نهجٌ مبتكرٌ في سياقات الطوارئ
يعتبر التعليم حقًّا إنسانيًّا وضروريًّا لجميع الناس في جميع الظروف، الطبيعيّة والاستثنائيّة، فهو يشكّل أساسًا للتنمية تابع القراءة
الاحتراق الوظيفيّ بين المعلّمين في العالم العربيّ: أسبابه، وآثاره، واستراتيجيّات الوقاية منه
في الوقت الذي تشهد فيه المدارس في العالم العربيّ تحدّياتٍ متزايدةً، في ظلّ التطوّرات الاجتماعيّة والتكنولوجيّة، يواجه تابع القراءة

الندوة القادمة

دعوة إلى ندوة: تقييم أداء المعلّم.. المعايير والأهداف والممارسات

تدعوكم منهجيّات إلى حضور ندوتها الشهريّة لشهر كانون الثاني/ يناير 2025، بعنوان: "تقييم أداء المعلّم: المعايير والأهداف والممارسات" وذلك يوم الأربعاء، الموافق 29-1-2024، في تمام الساعة الخامسة مساءً بتوقيت القدس. محاور النّدوة - ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ - وجهات نظر وممارسات في التقييم. - كي يكون هذا التقييم ناجحًا... يُمكنكم التسجيل لحضور الندوة عبر الرابط هُنا.

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: مصادر التعليم المتنوّعة.. تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، بعنوان "مصادر التعليم المتنوّعة: تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم 2. لماذا نستخدم مصادر إضافية؟ ما تلك المصادر؟ 3. دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. استضافت الندوة مجموعة من المتّحدّثين، هم: أ. ألين كرم، معلّمة لغة إنجليزية ودراسات اجتماعيّة في مدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. غادة معلوف مستشارة تربويّة في المدرسة العربيّة الدوليّة، لبنان/ قطر؛ أ. شيرين الجبالي، مديرة ومشرفة تربويّة لقسم التربية والتعليم في بلدة الطيّبة، فلسطين؛ أ. خالد عبده، معلّم لغة عربيّة في مرحلة السنوات المتوسّطة في مدرسة الأهليّة والمطران، الأردن. أدار الندوة أ. محمود عمرة، الحاصل على شهادة الماجستير في الفيزياء من جامعة "لايبزغ" بألمانيا وشهادة الماجستير في التربية من جامعة بيرزيت، وعضو الهيئة التأسيسيّة في منهجيّات. استهلّ أ. عمرة الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر االإساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأول: أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم. بدأ أ. عمرة كلامه بالحديث عن اعتماد الجهات التربويّة في العالم العربيّ على الكتاب المدرسيّ بشكل أساسيّ، وأرجع ذلك إلى الأنظمة المركزيّة. مشيرًا إلى وجود حجج قويّة عند من يرى الإيجابيّات والسلبيّات في الاعتماد على الكتاب المدرسيّ. ومن هنا انطلقت أ.غادة معلوف في حديثها على شكل الكتاب المدرسيّ وتأثير استعماله في العمليّة التعليميّة، وعرّفته بأنّه نصّ ثابت، أي رسالة ثابتة لا بديل منها. تعتمد هذه الرسالة على وجهة نظر معدّي الكتاب، باعتبار وجهة النظر هذه حقيقة مطلقة لا يوجد سواها.   ما سلبيّات الاعتماد على الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ تحدثت أ. معلوف عن الصرامة أثناء الاعتماد على الكتاب المدرسيّ، وهذا النوع من التدريس لا يجعل الطالب منفتحًا على تجارب مختلفة، لأنّه يرتكز على طريقة تعلّم محدودة، تعتمد على مادّة واحدة فقط لا على دمج موادّ مختلفة. فعندما نعتمد على كتاب واحد لكل مادّة، يجزّئ ذلك التعليم، ويحدّ من التفكير العابر للموادّ والربط بينها. واستعمال الكتاب وحده يحرم الطالب من التمييز الحسّيّ والعاطفيّ، وقد أثبتت الدراسات أنّ عمليّة التعلّم لا يمكن أن تكتمل من دون هذين العنصرين. يمنع الكتاب المدرسيّ الطالب من الابتكار، فهو يطلب من المتعلّم الالتزام بنصّ واحد ومهام محدّدة، من غير السماح له بالتفكير النقديّ من أجل الوصول إلى تفكير خاصّ به بعد الاطّلاع على وجهات نظر مختلفة. وعن التعليم العميق قالت أ. معلوف إنّه لا يمكن تنفيذه إلّا من خلال خلق علاقة بين التعلّم وحياة التلميذ. وإذا كان الكتاب مستوردًا من دول أجنبيّة فهذه مشكلة، لأنّ هذا الكتاب لا يعرف تفاصيل البيئة التي يعشيها الطالب، ما يجعل الكتاب منفصلًا عن الحياة اليوميّة. من ناحية أخرى، يتعارض الكتاب الموحّد مع وضع كلّ متعلّم على حدة، فهو يتوقّع مستوى محدّدًا من كلّ المتعلّمين، من غير مراعاة الاختلافات بين المتعلّمين على مستوى الشخصيّة والاحتياجات. وتطرّقت أ.معلوف إلى أثر التكنولوجيا في التعليم وإلى حصول الطالب على معرفة كبيرة خارج إطار الكتاب والمدرسة، ومن خلال وسائل التكنولوجيا المختلفة. وعندما نجبر الطالب والمعلّم عل الالتزام بالكتاب فقط، فنحن نضيّق عليهما، ونمنع المتعلّم من المخاطرة الإيجابيّة. من ناحيتها عبرّت أ. شيرين الجبالي عن تخوّفها من الكتاب المدرسيّ الذي قد يحوّل العلاقة بين المعلّم والطالب إلى علاقة مقهور وقاهر؛ إذ يغيب التفاعل بينهما، وهو واحد من أهمّ العوامل لنجاح عمليّة التعليم، وذلك بدوره يحرم الطالب من الوصول إلى عمليّة التعلّم الذاتيّ والاستقلاليّة، ويحرمه من التواصل مع الأقران لاستكمال عمليّة التعلّم التعاونيّ، ولا ينمّي الجانب الاجتماعيّ عند الطالب. كما يحدّ من استخدامه المهارات الذهنيّة، فلا تتوفّر عنده آليّات للتشبيك بين المعلومات والممارسات اليوميّة في حياته. ولأنّ مناهج الكتب عادةً تكون موحّدة لجميع الطلبة وجميع المدارس، فقلّما نجد فيها مراعاة للفروقات الفرديّة والاجتماعيّة، وبناءً على ذلك سيكون الطالب بحاجة إلى طرق خارجيّة مساعدة لاكتمال العمليّة التعليميّة، فالكتاب ليس المصدر الأساسيّ للمعلومة، بل أحد مراجعها.   المحور الثاني: لماذا نستخدم مصادر إضافيّة؟ وما تلك المصادر؟ أشار أ. خالد عبده إلى عدّة أهداف تدفع إلى تعزيز الكتاب المدرسيّ بمصادر متنوعة، وهي: - مراعاة الفروق الفرديّة والمستويات الأكاديميّة المختلفة - توسيع آفاق ومدارك المتعلّمين وتحفيز خيالهم. - ربط التعلّم بالحياة الواقعيّة. من جانبها استذكرت أ. ألين كرم بدايات مشوارها في مهنة التعليم، مؤكّدة على اعتمادها في ذلك الوقت على الكتاب في تنظيم الحصص الدراسيّة، وبصفتها معلّمة للغة الإنجليزيّة، حدّد الكتاب لها النصوص والأسئلة والأنشطة، وحتّى الأوقات المخصّصة لكل مهمّة. لكنّ هذا الاعتماد رسم حدودًا كثيرة للمعلّم والطالب، وتحوّل دور المعلم إلى ناقل للمعلومة فقط، مع تجاهل دوره في تحفيز المتعلّم على طرح الأسئلة والتفكير الناقد والإبداع. وشاركت تجربتها في تدريس اللغة الإنجليزيّة والدراسات الاجتماعيّة ودمجهما معًا، حيث طلبت من متعلّمي الصفّ السادس ابتكار البلد المثاليّ لهم، وذلك من خلال الاعتماد على روايتين باللغة الإنجليزيّة تتحدّثان عن اليوتوبيا والديستوبيا -المدينة الفاضلة وعكسها. وشجّعت أ.كرم طلبتها على المناقشة والقراءة في الغرفة الصفّيّة، ثمّ الخروج بمشروع نهائيّ هو البلد المثاليّ الخاصّ بكلّ طالب، بعدما تعلّموا في الدراسات الاجتماعيّة معظم الأنظمة الاقتصاديّة المعروفة، واطّلعوا على خرائط دول العالم. جعل هذا المشروع المتعلّمين خلّاقين، حيث عبّروا عن أنفسهم بطرائقهم الخاصّة مع تقبّل الرأي الآخر. ولفتت أ. كرم إلى أنّ مثل هذا النشاط ينمّي عند الطلبة مهارات مختلفة، من بينها القدرة على التعبير، والتفكير النقديّ، وتقبّل الرأي الآخر بل التعلّم منه. ومثل هذه المهارات تساعد الطالب في مختلف مناحي حياته، وتساعده على بناء مستقبل أفضل له.   ما المصادر الأخرى التي يمكن اعتمادها لتعزيز الكتاب المدرسيّ؟ شارك أ. خالده عبده تجربته الخاصّة في استخدام مصادر متنوّعة لعمليّة التعلّم لتعزيز الكتاب المدرسيّ، وتراعي التجربة أنماط التعلّم المختلفة السمعيّة والبصريّة والحركيّة، وهذه المصادر قائمة على ثلاثة محاور رئيسة: 1. تعزيز المحتوى الموجود داخل الكتاب المدرسيّ، وأسقط أ. عبده المثال على درس يتحدّث على الرواية، حيث دعم الكتاب المدرسيّ بالآتي: - نصوص مرئيّة وسمعيّة تراعي أنماط التعلّم (من منصّة يوتيوب). - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل استراتيجيّة فين للتفرقة بين القصّة القصيرة والرواية. - أوراق عمل ومهام إضافيّة (ورقيّة أو رقميّة) تراعي اختلاف مستويات الطلبة. 2. تعزيز الكتاب المدرسيّ بمثال تطبيقي؛ ولهذا شارك أ. عبده متعلّميه لدرس الرواية، نموذج رواية تتحدّث على طفل ضرير ينتقل إلى معهد خاصّ للدراسة، وعزّز هذا المثال التطبيقيّ بأنشطة منهجيّة، مثل: - عرض أمثلة تطبيقيّة ونماذج للمعلومات المذكورة في الروايّة، حيث كانت تتحدّث على لغة برايل للمكفوفين، وأحضر نماذج كتب مكتوبة بلغة برايل. واستخدم الفيديوهات وأوراق العمل والنصوص السمعيّة في الأنشطة المنهجيّة. - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل: استراتيجيّة تقشير الفاكهة لتعزيز الفهم العميق للرواية والوصول إلى لبّ الحدث. 3. تعزيز المثال التطبيقيّ بأنشطة لا منهجيّة، مثل الزيارات الميدانيّة والاندماج في مشاريع خدمة المجتمع، وذكر أ. عبده عددًا من الأنشطة لتعزيز المثال التطبيقيّ، ومنها: - لقاءات مع أشخاص مكفوفين والتعرّف إلى قصص نجاحهم، والتحدّيات التي واجهوها. - زيارة (المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة) للتعرف إلى أبرز احتياجاتهم وطرق تيسير حياتهم، والتحدّيات التي تواجه المكفوفين، والتوعيّة بسبل مساعدتهم والطريقة الأمثل في التعامل معهم. هنا أكّدت أ. معلوف على أنّ استخدام وسائل تعلّم من الحياة تجعل هذا التعلّم أعمق. وذكرت على سبيل المثال استعمال الجريدة وفاتورة السوبر ماركت ووصفة الطبيب في العيادة، فكلّما استعملنا هذه الوسائل ساعد ذلك عمليّة التعليم.  وتطرّقت إلى التكنولوجيا وأهمّيّتها وسيلةً مساعدة. كما لفتت إلى ضرورة الاستفادة من الكتب غير المنهجيّة. ووَضّحت أ. شيرين الجبالي عددًا من أساليب التدريس التي يمكن دمجها مع الكتاب المدرسيّ، والتي تحاكي فئات الطلبة المختلفة، منها: - الصفّ المعكوس: أن يُحَضّر الطالب الدرس في المنزل، ويجمع عنه المعلومات، ثمّ يعرضه على زملائه في الصفّ. - التعلم التعاونيّ: من خلال تقسيم الطلبة إلى مجموعات مختلفة، وكلّ مجموعة تأخذ مهمة مختلفة في الموضوع ذاته. - التعلّم خارج الصفّ: ولا سيّما في المواضيع العلميّة كونها شديدة الارتباط بحياتنا اليوميّة، ويمكن تنفيذ أنشطة خاصّة بهذه المواضيع في الحدائق والشوارع وغيرها. - إدماج التكنولوجيا: داخل الفصل الدراسيّ وخارجه. - التعلّم بالبحث والاستقصاء. - إدماج الفنون وتداخلها في كلّ المواضيع التعليميّة، سواء اللغات أو العلوم أو غيرها، ولا سيّما الفنون الحسيّة والحركيّة، مثل إدماج الدراما بتمثيل دروس مادّة اللغة العربيّة.   المحور الثالث: دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة.    افتتح أ. محمود عمرة المحور بتصوّره مديرًا لمدرسة حكوميّة فيها عدد كبير من الطلبة، وهو يؤمن بضرورة استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. لكنّ هناك عددًا من التحدّيات التي سيواجهها مع الأساتذة في مثل هذه المدرسة، من بينها مستويات المعلّمين المختلفة، وضرورة وصول المعلومات للطلبة بطريقة تضمن اجتيازهم الامتحانات الرسميّة المعتمدة على الكتاب المدرسيّ. وانطلاقًا من هذا المثال طرح أوّل أسئلة المحور:   كيف يمكن تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة مع وجود تحدّيات مختلفة؟  في إجابتها، أكّدت أ. معلوف على ضرورة النظر إلى مصادر العمليّة التعليميّة باعتبار الكتاب المدرسيّ مرجعًا للمادّة الأساسيّة، مع ضرورة التركيز على أهمّيّة المعلّم نفسه وخبراته ومعرفته. وأشارت إلى ضرورة تعاون المعلّمين معًا من أجل تبادل الأفكار والخبرات لتخطيط جماعيّ غنيّ. ثم نوّهت بضرورة الاستفادة من الموارد الحياتيّة التي تساعد في العمليّة التعليميّة، من دون تكاليف باهظة. وفي السياق ذاته شدّدت أ. كرم على ضرورة إعطاء المعلّمين المساحة للتجربة والاختبار، مع وجود هدف واضح للمخرجات التعليميّة. وتجربة المعلّمين هذه في التخطيط والتفكير تنتقل بالضرورة إلى الطلبة، ليكون معلّموهم نموذجًا لهم في الإبداع والعمل الجماعيّ.   ما ردود فعل الأهالي عندما يقوم المعلّم باستخدام مصادر أخرى؟ وهل استخدام المصادر المتنوّعة يشكل عبئًا إضافيًّا على المعلّمين؟ داخل أ. عبده حول ردود فعل الأهالي، ووصفها بأنّها كانت إيجابيّة في أغلبها، والشاهد على ذلك أنّ الطلبة بمختلف مستوياتهم، كانوا يفهمون المعلومة بواحدة من المصادر المختلفة على الأقلّ. أمّا من ناحية المجهود الإضافيّ على المعلم، وضَّح أ. عبده أنّ كثيرًا من المعلمين في أيّامنا هذه أصبحوا يؤمنون بأنّ التعلّيم بات يرتكز على الطلبة أكثر من المعلّم. وأكّد على ضرورة الاستثمار بالمعلّم من خلال الورش التعليميّة والدورات التدريبيّة القادرة على خلق تغيير في عقليّة المعلّمين وطريقة تفكيرهم نحو طرق التدريس.   كيف يمكن أن تشجّع الإدارات المدرسيّة المعلّمين على استخدام المصادر المتنوّعة؟ داخلت أ. الجبالي حول ضرورة العودة إلى صنّاع المناهج في هذا الموضوع، قبل الإدارات المدرسيّة. فهؤلاء الصنّاع ينتمون بالتأكيد إلى أيديولوجيّات وسياسات محدّدة، يرغبون في إدراجها ضمن هذه المناهج. وهذه السياسات تنعكس على مخرجات التعليم بطبيعة الحال. ويجب أن يتبنّى صنّاع القرار اتّجاهات معيّنة، مثل تطوير المناهج وتخطيط البرامج التربويّة والاهتمام بالعاملين في قطاع التعلّيم والعمل على نماء المعلّم ذاتيًا ومهنيًا. وهؤلاء العاملين في القطاع التربويّ، يشملون أيضًا القادة التربويّين، من مديري مدارس ومشرفين. وأضافت أنّ الجدير بالذكر هنا، ضرورة التفات أصحاب القرار إلى تقديم الدعم الكافي لفئات الطلبة المختلفة والمتنوّعة، ومراعاة التمايز بينهم، وتوفير الموارد اللازمة. والقصد بالموارد هنا، تلك التي تسّهم في تحسين البيئة التعليميّة الصفّيّة والمجتمعيّة، وتوفير الموازنات الكافية لتدعيم المدارس بالبرامج اللامنهجيّة التي تساعد في تفعيل الطلّاب حركيًّا واجتماعيًّا. وأشارت أ. جبالي إلى أنّ تمكين كلّ عنصر في هذه المنظومة المتكاملة، يساعد في تجذير الرؤية لتصبح نمط حياة مدرسيّ كامل ومتكامل. من هنا، يجب أن يكون تصميم المناهج على يد صنّاع القرار بروح الرؤية التكامليّة للمنظومة، وأن تدور محاور هذه المناهج حول الأنشطة التفاعليّة بين الطلّاب أنفسهم، وبين الطلّاب ومعلّميهم والمجتمع، وهنا، يكون المعلّم مرشدًا وموجهًا ووسيطًا للمعلومة، وليس مجرّد ملّقن لها. ويكون الطالب فاعلًا، ونشطًا ومتعلّمًا ذاتيًّا ومستقلًّا. وذكرت أ. الجبالي أمثلة على مجموعة من الدول التي لا تعتمد على الكتب المدرسيّة، وإنّما تصمّم مناهج بمحتوى ومضامين تراعي الفئات العمريّة، وخصوصًا في المراحل الأساسيّة، لكنها تهتمّ بتدريب المعلّمين وتأهيلهم على كيفيّة تمرير هذه المناهج. ومن هذه الدول نيوزلندا التي تعتمد مصادر متنوّعة للمعلومات، ويُمكَّن الطلاب فيها من البحث عن هذه المصادر واستقصاء المعلومات بالاعتماد على أساليب تعليم غير نمطيّة، بحيث تسهّل على الطالب تشبيك المعلومات في حياته اليوميّة، وكذلك الحال في بريطانيا. أمّا في فنلندا، فلا يمسك الطالب القلم قبل عامه التاسع، قبل ذلك يُحضَّر عاطفيًّا واجتماعيًّا بأنشطة حركيّة داخل المدرسة وخارجها. وفي سان دييغو، هناك مدارس لا تستخدم الكتب أبدًا، وتعتمد منهاجًا خاصًّا يتمحور حول العدل الاجتماعيّ وتكافؤ الفرص لكلّ طالب. ويُدرّب العاملون في هذه المدارس على كيفيّة تصميم مضامين هذه المناهج وتمريرها للطلبة، بتدريب من الإدارات التربويّة التي تعتمد على هذه الرؤية، والتي تُصمّم برامج تعتمد أسس النماء الذاتيّ والمهنيّ للعاملين في الميادين التربويّة، بحيث يُمكَّنون من الابتكار والخروج عن النمطيّة، وهذا يقع على عاتق أصحاب القرار. عندما يكون أصحاب القرار هم القاهرين والمعلّمون المقهورين، حتمًا الكتاب سيكون آلة للقهر، فيصير الرهان على المعلّمين والمعلمات، وعلى ابتكارهم وإبداعهم الذاتيّ مع طلّابهم.   أسئلة الجمهور - إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعيّ إلغاء الكتب المدرسيّة؟ أجابت أ. معلوف عن هذا السؤال بالتفرقة بدايةً بين الدول التي تستعمل الكتاب المدرسيّ، والمدارس الخاصّة التي تستعمل الكتاب المدرسيّ. فمن ناحية الدول، استعمال الكتب وتوزيعها أسهل بكثير من ناحية التكاليف والتخطيط من استخدام الذكاء الاصطناعيّ. وإذا أردنا استخدام الذكاء الاصطناعيّ، يجب التأكّد من أنّ التكنولوجيا تصل إلى كلّ التلاميذ؛ فعلى سبيل المثال، في وقت جائحة كوفيد 19، لاحظنا أنّ العديد من التلاميذ والمناطق يفتقرون إلى وجودها. وحتّى الذين تتوفّر عندهم التكنولوجيا، لا يتمتعون بالضرورة بالتفكير النقديّ والإبداع لاستعمالها بشكل سليم، فمن دون تفكير نقديّ، لا يختلف الذكاء الاصطناعيّ عن الكتاب. يجب التفكير بالذكاء الاصطناعيّ بكونه مصدرًا يمكن استعماله. وأيّ مصدر نستخدمه، يجب أن نمتلك التفكير النقديّ عند استعماله. وفي الموضوع، أشار أ. عبده إلى أنّ الثابت الوحيد في هذا الكون هو التغيير، ولا بدّ من إيجاد طرق مختلفة خارج الصندوق للقدرة على الاستمرار. وفي ما يتعلّق بالذكاء الاصطناعيّ، لا يمكن أن يحلّ مكان الكتاب، وهو سيكون جزءًا من الأدوات المساعدة. وإذا كان المعلم يركّز على المهارات وليس على المحتوى، هنا نصنع الفرق. من ناحيتها، اتّفقت أ.  كرم مع أ. عبده في ما يخصّ مسؤوليّة المعلّم في التركيز على المهارات التي يمكن أن تعلّم بكافة الطرق، لا أن يركّز فقط على إيجادها في الكتاب المدرسيّ، مع وجود حالة تعلّم دائم بين المعلّم والمتعلّمين، حتى تُطوّر عمليّة التعلّم. وقبل ختام الندوة أشارت أ. الجبالي إلى ضرورة تطوير الكتاب وتخطيطه وتصميمه بطرائق مختلفة، تُقدّم إلى الطالب استراتيجيّات تعلّم مختلفة تساعده على توسيع مداركه، مع الاستعانة بكلّ مصدر يمكن أن يعطي المعلومة. والرهان هنا على العاملين في الميادين التربويّة بالحفاظ على الإبداع والابتكار.  من جهتها، أكّدت أ. معلوف على أنّ المعلّم هو من يقرّر الطريقة التي يستخدم بها الأستاذ الكتاب، فهو من يمتلك القدرة على مساعدة التلميذ في التفكير، ومن واجبه التفكير في الجانبين الحسيّ والعاطفيّ، وتقديم التفكير النقديّ والابتكاريّ، واستعمال استنتاجات تساعد على التفكير، إلى جانب استعمال الكتاب.   في خِتام الندوة، شكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لتطوير مصادر التعلّم المختلفة.

ندوة: التنمّر في الحياة المدرسيّة.. أسباب ونتائج ومعالجات

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بعنوان "التنمّر في الحياة المدرسيّة: أسباب ونتائج ومعالجات". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. التنمّر في المدارس- المفهومات والأسباب 2. تأثيرات التنمّر في الطلّاب والمجتمع المدرسيّ 3. في مواجهة التنمّر   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: د. جالا رزق، محاضرة وباحثة في علم النفس الإكلينيكيّ في جامعة غلاسكو، فلسطين؛ أ. أميرة فهمي، مساعدة مدير عام مجموعة مدارس أوازيس الدوليّة، مصر؛ أ. أنضوني عطالله هنديلة، مرشد في المرحلة المتوسّطة في مدرسة الأهليّة والمُطران، الأردن؛ أ. شادي عمّاري، مشرف الإرشاد المدرسيّ في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر/ الأردنّ. أدار الندوة د. مروان حسن، كاتب ومؤلّف متخصّص في مجال التربية والعلوم الاجتماعيّة، وعضو هيئة تحرير مجلّة منهجيّات. استهلّ د. حسن الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: التنمّر في المدارس- المفهومات والأسباب قدّم د. حسن للمحور بأنّ هُناك خلطًا للمفاهيم في أوساط الأهالي والمعلّمين والطلبة، بين التنمّر ظاهرةً مُحدّدة وسلوك عدوانيّ بين الطلّاب. يؤثّر هذا الخلط في حلّ المشكلة الموجودة، ما يؤدّي إلى طرح حلول أقلّ فعّاليّة لحلّها، ومن هُنا، طرح د. حسن سؤالًا تأطيريًّا للمحور، هو:   ما مفهوم التنمّر في المدارس؟ وكيف يمكن تميّيز التنمّر عن السلوك العدوانيّ بين الطلّاب؟ قدّمت د. رزق تعريفًا للتنمّر على أنّه "الأذى المُتكرّر والمُتعمّد لشخص أو مجموعة، أو من قِبل شخص أو مجموعة، حيثُ تعرّف العلاقة باختلال توازنيّ في القوى". وأشارت إلى أنّ التنمّر قد يكون جسديًّا أو لفظيًّا أو نفسيًّا، وقد يحدث وجهًا لوجه، أو عبر الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ. وأطّرت العناصر الأساسيّة لمفهوم التنمّر على أنّها التكرار، والنيّة المتعمّدة، والاختلال في توازن القوى. ومن هذا المنطلق، تطرّقت د. رزق إلى ضرورة الاعتماد على هذه العناصر للتفريق بين سلوك تنمّر أو سلوك غير تنمّر، فالتدخّل المُناسب مبنيّ على تحديد السلوك وتأطيره. وأضافت أنّه لا يمكننا اعتبار أيّ سلوك غير مرغوب بهِ أو عدوانيّ تنمّرًا. وفي الوقت نفسه، على المجتمع المدرسيّ أن يكون حذرًا وأن يتعامل مع التنمّر، كون تجاهل التعامل مع التنمّر يعزّز وجوده وانتشاره. وعند النظر إلى العناصر الأساسيّة المذكورة، نرى أنّ تكرار السلوك مهمّ، فلا نعتبر، مثلًا، خلافًا بين أصدقاء سببه اختلاف وجهات نظر تنمّرًا. وكذلك، هناك عنصر الاختلال في توازن القوى في العلاقات، على سبيل المثال، قد يكون هذا الاختلال بين طلبة من أعمار أو أحجام مختلفة، وقد يقع ضمن أشكال أُخرى أكثر صعوبةً في تحديدها وتمييزها، مثل الطلبة الذين يعانون صعوبات تعلّميّة أو احتياجات خاصّة، وهذا قد يخلق اختلالًا في توازن القوى. وذكرت مواقف مختلفة للتمييز بين السلوك غير مقبول، والتنمّر أخذًا بعين الاعتبار العناصر الأساسيّة المذكورة إطارًا مُعرّفًا للتنمّر، وتمييزه عن سلوكيّات أُخرى.   ما أنواع التنمّر الشائعة التي نراها في المدارس؟ وما أشكاله؟ أجابت أ. فهمي أنّ المتنمّر شخص عانى خللًا في التربية أو في البيئة التي نشأ ضمنها. وأشارت إلى أنّ سلوك التنمّر يعودُ إلى أسباب مختلفة، منها الاختلال في التوازن، أو الرغبة بلفت الانتباه، أو الانتقام، أو الشعور بالعجز. ومن هُنا، يختار المُتنمّر أن يُمارس سلوكه بناءً على الاختلاف في المظهر أو الجنس أو العمر أو الديانة أو الجنسيّة أو الحالة الاجتماعيّة، أو ممّن لديهم مشاكل صحّيّة أو إعاقات، ويكون هذا السلوك مدفوعًا برغبة في إظهار القوّة وفرضها عبر اختيار أشخاص محدّدين لإشعارهم بنقطة العجز عندهم. وقد يكون التنمّر نتيجةً لإحساس بالغيرة من المتفوّقين أو الموهوبين، أو المنطوين والخجولين، أو وافدين جدد إلى بلد جديد أو مدرسة جديدة. ولفتت أ. فهمي الانتباه إلى أنّ التنمّر قد يمتدّ إلى مختلف فئات المجتمع المدرسيّ، فقد يُمارس من قِبل طالب تجاه معلّم، أو من معلّم تِجاه طالب. وذكرت أشكال التنمّر، فمنها تنمّر بدنيّ أو لفظيّ أو اجتماعيّ أو نفسيّ أو إلكترونيّ.   هُنا، أشار د. حسن إلى أنّ سلوك التنمّر دخيل على الطلّاب، وطرح سؤالًا: ما العوامل النفسيّة والاجتماعيّة التي قد تدفع الطالب إلى التنمّر على زملائه؟ تحدّث أ. عمّاري حول أنّ الأطفال أو الطلبة يُمارسون التنمّر لاعتقادهم بأنّه وسيلة فعّالة للحصول على ما يريدون، أو لعدم تفهّمهم مشاعر الآخرين، أو لإثبات الهيمنة الاجتماعيّة. ومع مرور الوقت، يصبح التنمّر حالة غير صحّيّة وغير تكيّفيّة بشكلٍ متزايد. وأشار إلى أنّ عدم التعامل مع السلوك العدوانيّ عند الأطفال بطريقةٍ سليمة، يفشل الأطفال لاحقًا في تطوير كوابح داخليّة لسلوكيّات عدوانيّة، فتصبح نمطًا أو أسلوبًا دائمًا. وفي مداخلته حول العوامل، ذكر أ. عمّاري أنّ العوامل الاجتماعيّة، كنقص المهارات، أو المنافسة الاجتماعيّة غير السويّة، أو الرغبة في السيطرة على الآخرين، كلّها أسباب تدفع الطالب إلى التنمّر على زملائهِ. وأضاف أنّ ضغوطات الأقران، كون الأطفال في سنّ المدرسة يتعرّضون إلى ضغوطات كبيرة ليظهروا بمظهر مرغوب لدى أقرانهم، واعتقادهم بأنّهم إن لم يُمارسوا التنمّر سيصبحون ضحيّة لهُ في ما بعد. وأشار إلى مجموعة عوامل عائليّة أُخرى، مثل سوء المعاملة أو الإهمال أو الطلاق؛ فالتنمّر طريقة الأطفال للتعبير عن غضبٍ مكبوت أحيانًا، أو عدم تقديم الأهل الدعم العاطفيّ والتواصليّ المُناسب إليهم. كما ذكر مجموعة عوامل نفسيّة - عاطفيّة، كتدنّي احترام/ اعتبار الذات، أو تضخّم لاحترام/ اعتبار الذات تصل بالفرد إلى الغرور والتعالي، وعدم إحاطة الطفل ولفت انتباهه إلى أهمّيّة التعاطف ومراعاة مشاعر الآخرين، إلى جانب أنّ التنمّر قد يكون نتيجة رغبة بإظهار الذات أو الغيرة، والتي تُنتج فروقات قوّة متخيّلة غير واقعيّة. وتحدّث أ. عمّاري حول دراسات تُشير إلى مشاكل سلوكيّة، مثل فرط الحركة، أو نقص الانتباه، على أنّ الأعراض المُبكرة قد تكون مرتبطة بالتنمّر نتيجةً. وذكر أ. عمّاري أنّ العوامل المدرسيّة مهمّة في هذا السياق، وشدّد على أهمّيّة معالجة السلوكيّات العدوانيّة مُعالجةً سليمة من أجل تجنّب الأثر والضرر الناتج عنها على المُتنمِّر والمُتنمَّر عليه. كما تحدّث عن الإعلام والثقافة المجتمعيّة على أساس أنّها عوامل مُسبّبة للتنمّر، فالأفلام العنيفة، وبعض الألعاب الإلكترونيّة، قد يكون لها دور في التأثير في سلوك بعض الطلبة ليصبحوا متنمّرين. وأشار أ. عمّاري إلى أنّ المتنمّر غالبًا ما يكون شخصًا ضعيفًا، يشعر بتدنّي أو تضخّم في اعتبار الذات، وهو بحاجة إلى دعم ومساعدة بشكلٍ حقيقيّ. واختتم أ. عمّاري بالإشارة إلى عدم وجود سبب وحيد يفسّر حدوث التنمّر، إذ يمكن أن يكون الطفل/ الطالب مُتنمّرًا لأسباب عديدة ومختلفة.   كيف تسهم بيئة المدرسة والثقافة المجتمعيّة في انتشار ظاهرة التنمّر؟ داخل أ. هنديلة حول أهمّيّة النظر إلى بيئة المدرسة والثقافة المُجتمعيّة كأساسين للتأثير في شخصيّة الطفل/ الطالب. فأشار إلى أهمّيّة النظر إلى بيئة المدرسة، والتي لها دور هامّ بالشراكة مع الأهل في الحدّ من ظاهرة التنمّر، من مناحٍ مختلفة: الأوّل وقائيّ، فمن المهم أن يكون للمدرسة قيم واضحة، كالاحترام وتقبّل الآخر، ورفع الوعي بهذه القيم، وهذه مهمّة لجميع أعضاء المجتمع المدرسيّ لحماية هذه القيم، وتطبيقها من خلال الأنشطة والمناهج، وفي الوقت نفسه، إيمان الأهل بهذه القيم وتطبيقها في البيت. والثاني تطبيق حصص تعلّم المهارات الاجتماعيّة الانفعاليّة، وهي مهارات متكاملة عبر السنوات، تهدف إلى رفع الوعي النفسيّ والاجتماعيّ للطلّاب، وتساعدهم على فهم التنمّر، وإيجاد حلول لمواجهة التنمّر، وأيضًا معرفة الوِجهة التي عليه أن يلجأ لها في حال احتاج إلى تدخّل. بالإضافة إلى أنّ هذه المهارات تُساعد الطالب على التعرّف إلى مشاعرهِ ووضع حدود شخصيّة ويحترمها، ما يُشكّل بمجملهِ أساسًا لبيئة مدرسيّة آمنة. والثالث تسليط الضوء على رفع مستويات تقدير الذات، من خلال مساعدة الطلبة على اكتشاف مواهبهم، وهذا دورٌ أساسيّ للأهل كذلك. ومن منحى آخر، رفع مستوى تقدير الذات للطالب يُساعده عند التعرّض إلى موقف تنمّر، على أن يتعامل مع هذا الموقف بكفاءة، من دون أن يقلّل هذا الموقف من تقديرهِ لذاته. وأضاف أ. هنديلة أنّه من المهم أن تتوفّر لدى المدرسة سياسة واضحة للضبط المدرسيّ، ما توفّر بُعدًا وقائيًّا تنظيميًّا لحياة الطلبة في المدرسة، وتساعد الطالب على معرفة التفاعلات الاجتماعيّة المقبولة في المدرسة، وتمييزها عن تلك غير المقبولة. وفي الوقت نفسه، للسياسة بُعدٌ يُساعد في تدخّل كوادر المدرسة عند وقوع سلوك تنمّر، للمحافظة على بيئة آمنة للطلّاب. وأمّا عن الثقافة المجتمعيّة، فسلّط أ. هنديلة الضوء على نقطة مهمّة في المجتمع العربيّ، وهي تطبيع المزاح القاسي، ما يقلّل من شأن الشكوى بخصوص هذا المزاح مثلًا، ما يحدّ، كذلك، من التعبير عن المشاعر والمواقف التي يتعرّض إليها الطلبة. وأشارَ إلى أزمة أمام المشكلة التعبيريّة عند الذكور، ما يحدّ من تعبيرهم عن مواقف تعرّضوا فيها إلى تنمّر، كونها وفقًا لصورة مجتمعيّة، تُقلّل من "رجوليّة" الطالب، وفيها اعتراف ضمنيّ بالضعف، وهذا أمرٌ خطأ.   المحور الثاني: تأثيرات التنمّر في الطلّاب والمجتمع المدرسيّ افتتح د. حسن المحور بالإشارة إلى أنّ ظاهرة التنمّر لا تؤثّر في الفرد وحسب، إنّما يمتدّ هذا التأثير ليشكّل تهديدًا للمُجتمع المدرسيّ بأكمله، وهو ما يثير عدّة تساؤلات، منها: من الفئات الأكثر عرضة إلى التنمّر في مدارسنا في العالم العربيّ؟ أكّدت د. رزق أنّ الحديث عن الفئة الأكثر تعرّضًا إلى التنمّر يهدف إلى تمكين الكادر التربويّ من حماية هذه الفئة، لتصبح البيئة المدرسيّة بيئة دامجة وشاملة وآمنة لجميع الطلّاب وقدراتهم. كما يهدف الحديث عن الفئات إلى رفع الوعي حولهم والانتباه إليهم، ولا يأتي ضمن إطار التعميم. ووفقًا للدراسات والخبرات، هناك فئات من الطلّاب يتعرّضون إلى التنمّر أكثر من غيرهم، وهم الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصّة، أو الذين يعانون اضطرابات النموّ العصبي، مثل التوحّد، واضطراب نقص الانتباه، أو فرط الحركة (ADHD). وهنالك أبحاث طويلة المدى، يتابع فيها الباحثون تطوّر الطلّاب على مدى سنوات، تؤكّد أنّ شدّة هذه الاضطرابات تزيد من عرضة الطلّاب للتنمّر والصعوبات الاجتماعيّة. وأشارت د. رزق إلى أنّ الأبحاث تدرس أسباب عرضة هذه الفئات، وما العوامل المؤثّرة في تعرّضهم إلى التنمّر، وكيف تُمكننا مساعدتهم من خلال هذه العوامل، ومنها نقص الثقة بالنفس، وصعوبة التحكّم بالعواطف والسلوك، وصعوبات في المهارات الاجتماعيّة. هذه العوامل، والتي قد تُؤدّي إلى أن يكون الطالب مُتنمرًّا أو مُتنمَّرًا عليه، تقودُ إلى اختلال توازن القوى في العلاقات الاجتماعيّة. وأضافت د. جالا، أنّه على المجتمع المدرسيّ الانتباه إلى فئات الطلّاب الذين يتعرّضون إلى عُنف في منازلهم، أو إلى الطلبة اللاجئين، أو طلبة يعانون أوضاعًا اقتصاديّة صعبة، وهُنا تؤدّي هذه الاختلافات إلى حدوث التنمّر بناءً على الاختلاف. وهُنا، أكّدت د. جالا على أهمّيّة تحديد هذه العوامل ومناقشتها بين المعلّمات والمعلّمين، كون هذا التحديد والنقاش سيساعد في توفير دعم للطلّاب، وتدخّلات مختلفة لمعالجة سليمة وصحّيّة للظاهرة، عبر نمذجة سلوكيّات تعاطفيّة وترحيبيّة وتقبّليّة، تُسهم في تعزيز بيئة آمنة تحترم الجميع.   كيف يمكن أن يؤثّر التنمّر في الطالب الذي يتعرّض إليه؟ أشارت أ. فهمي إلى مجموعة آثار يُسبّبها التنمّر، وهي: - آثار نفسيّة، مثل القلق والاكتئاب، والشعور بالعجز وفقدان الثقة، وهو ما قد يؤدّي إلى تدهور الصحّة العقليّة والانطواء الاجتماعيّ، والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى الانتحار. - آثار اجتماعيّة، مثل العزلة، وصعوبة التواصل مع الآخرين، وتدهور العلاقات الاجتماعيّة. - آثار أكاديميّة، مثل التوتّر والتشتّت الذهنيّ، وضعف التركيز، وانعدام الرغبة في الذهاب إلى المدرسة. - آثار جسديّة: ندبات وجروح طويلة الأمد. وشاركت فكرة، هي احتماليّة أن يكون التنمّر مصدرًا لطاقة إيجابيّة تدفع إلى الأمام، وذكرت أمثلةً مختلفة من شخصيّات اعتبرتها ناجحة، تعرّضت إلى التنمّر، مُشيرةً إلى ضرورة معالجة من يتعرّض إلى التنمّر من خلال تحويل الإحساس بالذات إلى قوّة تدفع إلى الأمام. ما الآثار النفسيّة والاجتماعيّة التي يسبّبها التنمّر في الطلّاب المتنمّرين أنفسهم؟ وذكر أ. عمّاري مجموعة آثار على الطلبة المُتنمّرين أنفسهم: - صعوبة في التنظيم العاطفيّ، والتحكّم في الغضب. وقد تتصاعد هذه السلوكيّات العدوانيّة، إن لم تُعالج، إلى أفعال مُعادية للمُجتمع، مثل الإيذاء الجماعيّ، أو تخريب المُمتلكات العامّة، أو إشعال الحرائق، أو إيذاء الحيوانات. - قد يصيرون أكثر عُرضة لمشاكل الصحّة النفسيّة، مثل الاضطرابات أو القلق. - قد يصيرون أكثر عُرضة إلى مواجهة المشاكل القانونيّة والإدانات الجنائيّة، نتيجةً لمُمارسات مختلفة، مثل تعاطي المخدّرات. - صعوبات في تكوين علاقات صحّيّة حالية، وفي المُستقبل قد تتطوّر إلى إساءات وعنف تِجاه الشريك. - نتيجةً لسلوكيّاتهم، تُمارَس عليهم سياسات عزل وإقصاء من الطلبة، ما يؤثّر في حالتهم الشعوريّة تجاه المدرسة، والسعي للتسرّب منها. - قد يواجهون فشلًا في الاستمرار في الوظائف مُستقبلًا، وعلاقات متوتّرة مع أولياء الأمور. وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى سلوك التنمّر، ومعالجته فورًا، لئلّا يتطوّر إلى أشكال وأنماط مختلفة. وأظهرت دراسات المركز الوطنيّ الأمريكيّ، أنّ أي شخص متنمّر أو متنمّر عليه، معرّض لخطر متزايد للإصابة بالاكتئاب. وأكّد على ضرورة تركيز التدخّلات على التعاطف والتفهّم في أثناء المعالجة، وأنّ نمكّنهم من آليّات تكيُّف ومعالجة أيّ مشاكل صحّيّة كامنة.   كيف يؤثر التنمّر في المناخ العام في المدرسة وفي أداء الهيئة التدريسيّة (الطالب – الطالب؛ المعلّم – الطالب؛ الطالب – المعلّم؛ الإدارة – الطالب)؟ استهلّ أ. هنديلة مداخلته بعبارة أنّ التنمّر يؤثّر بشكلٍ سلبيّ في المناخ العام في المدرسة، كون التنمّر يجعل الطلبة غير مرتاحين في المدرسة، ويقلّل من دافعيّتهم إلى التعلّم. هذه النتيجة معاكسة لمعنى المدرسة، فالمدرسة عليها أن توفّر بيئة آمنة، تُشجّع الطلّاب على التجريب، والتعلّم من الخطأ. أمّا عن التنمّر من طالب إلى طالب، فيؤدّي إلى جعل المدرسة مكانًا غير مُريح للطلبة المُتنمَّر عليهم، ويُشعرهم بالاغتراب. ومن معلّم إلى طالب، والذي قد يأخذ شكل تواصل غير مهنيّ ومدروس، وهو نوع خطير جدًّا لأنّ للمعلّم سُلطة تجعل من الطلّاب يتّخذونهُ قدوةً. كما إنّ المعلّم هو المَرجِع عند تعرّض الطالب إلى مثل هذي المواقف. وأشارَ أ. هنديلة إلى التنمّر من الطالب إلى المعلّم، مُتطرّقًا إلى الدور المهمّ الذي على المدرسة تأديته في اختيار المعلّم، وتمكينه من أجل التعامل بطريقة مهنيّة مع هكذا مواقف، وعدم التهاون مع الإساءة إلى المعلّم. وأمّا عن تنمّر من الإدارة إلى الطالب، فعلى الإدارة أن تكون بابًا مفتوحًا من أجل بناء علاقة سليمة بين عناصر مجتمع المدرسة.   المحور الثالث: في مواجهة التنمّر أشار د. حسن إلى أنّ مواجهة التنمّر بحاجة إلى تضافر جهود، واستراتيجيّات واضحة تحمي الطلّاب، وتعزّز بيئة تعليميّة آمنة. وطرح أوّل أسئلة المحور:  ما الخطوات التي يجب على الإدارة المدرسيّة اتّخاذها للتصدّي لظاهرة التنمّر؟ داخلت أ. فهمي حول مجموعة إجراءات، على المدرسة اتّخاذها للتصدّي لظاهرة التنمّر، وبناء مساحة آمنة للطلبة، وهي: 1. التعليم والتوعية - تعريف الطلبة إلى مفهوم التنمّر وأهمّيّة المساحة الشخصيّة التي لا يجوز اختراقها. - توعية الطلبة إلى أهمّيّة اللطف والتعاطف والاحترام من خلال الأنشطة وتبادل الأدوار. - تعليم الطلّاب كيفيّة حلّ النزاعات سلميًّا. - تنظيم حملات توعية ممتدّة متزامنة للمجتمع المدرسيّ بكلّ مركّباته. 2. سياسات واضحة   - وضع قواعد وعواقب لمكافحة التنمّر. - وضع سياسات واضحة لدمج الطلّاب الجدد والأجانب والموهوبين. - وضع سياسات واضحة لمتابعة الصحّة النفسيّة للطلّاب الذين تمّ التنمُّر عليهم، وذلك من خلال الاختصاصيّين النفسيّين في المدرسة، بالتعاون مع المعلّمين وأولياء الأمور. - تحليل سلوك الطالب المُتنمِّر للوصول إلى الدافع وراء السلوك.   3. بيئة داعمة - إنشاء مساحة آمنة حيث يُمكن للطلّاب الإبلاغ عن التنمُّر من دون خوف. وتحديد معلّم داعم/ مرجعيّ، يختاره الطالب بحرّيّة ويثق في اللجوء إليه وقت الحاجة. 4. تشجيع التواصل المفتوح - تشجيع الطلّاب وتدريبهم على التعبير، إذا تعرّضوا أو شاهدوا سلوك تنمّر.   كما شاركت أ. فهمي ظاهرةً، هي معالجة المعلّمين مشاكل الطلّاب بأنفسهم، وبالتالي عدم توفير فرصة لتدريب الطلّاب على التفكير، وحلّ المشكلات والتعاون معًا. وأشارت إلى ضرورة تشجيع الطلّاب وتدريبهم على التحدّث والتعبير المفتوح والمشاركة، وأشارت إلى استراتيجيّة محدّدة، هي: اجتماع الفصل - يعتبر أداةً من أدوات الانضباط الإيجابيّ لتدريب الطلّاب على التواصل وحلّ المشكلات. - وتخصّص له حصّة ثابتة أسبوعيًّا. - يديره الطلّاب ويكون المعلّم عضوًا من أعضاء الاجتماع، مثل الطالب. - له خطوات ثابتة. - له أدوات خاصّة به: أداة التحدّث؛ أجندة الأعمال؛ صندوق المشكلات. - توكل المسؤوليّات إلى الطلبة: قائد الاجتماع؛ الميسّر؛ مسؤول الوقت؛ الكاتب. وأشارت إلى أنّ دور هذا الاجتماع مهمّ في تعليم الطلّاب ملاحظة الجوانب الإيجابيّة في بعضهم، وتعزيز الروابط بين الطلّاب والمعلّمين، ورفع شعورهم بالانتماء، وتشجيعهم على التعبير عن المشاكل التي تواجههم، وبالتالي، المساعدة على حلّ المشكلات على جوّ من الاحترام الإيجابيّ.   كيف للمعلّمين أن يؤدّوا دورًا فعّالًا في رصد حالات التنمّر والتدخّل للحدّ منها؟ تحدّث أ. هنديلة أنّ دور المعلّم هو الأساسيّ في رصد الحالات، كونه المتفاعل الأوّل مع الطلّاب. ومن هُنا، من الضروريّ على المعلّم فهم إطار مفهوم التنمّر، والمحاور المذكورة من قِبل د. رزق تمهيدًا لعمليّة الرصد والمعالجة. كما عليه التعرّف إلى أنواع التنمّر، والانتباه إلى هذه الأنواع، كما إلى تكرار سلوك التنمّر وشدّته. كما أشار أ. هنديلة إلى ضرورة متابعة المعلّم النماء العاطفيّ والاجتماعيّ للطلبة، وإن لم توفّر الإدارة ذلك، على المعلّم أن يبحث ويطوّر من نفسه في هذا المجال. وقدّمَ شُكرًا لمنهجيّات كونها توفّر عددًا كبيرًا من المصادر بشكلٍ مجّانيّ ومفتوح. وداخل أ. هنديلة حول أهمّيّة الحديث مع الضحية، وتشجيعه على التعبير بأمان، من أجل أن تكون المدرسة مكانًا مريحًا له. وحتّى إن لم توفّر المدرسة سياسةً واضحة، على المعلّم إشراك الإدارة المدرسيّة، وتوجيهاتهم، والمبادرة إلى بناء سياسة استباقيّة إرشاديّة توجيهيّة لمساعدة المعلّمات والمعلّمين على التعامل مع هكذا مواقف، ورفع وعيهم لما يقع تحت التنمّر ويحتاج إلى تدخّل ومعالجة. كذلك، أهمّيّة الحديث مع المُتنمِّر لمساعدته ودعمه لتغيير السلوك إلى الأفضل. وفي الوقت نفسه، من الضروريّ إشراك أولياء الأمور، فهم ركن أساسيّ في معالجة المشكلة بالشراكة مع المدرسة.   هل من الممّكن أن يؤدّي أولياء الأمور دورًا في التصدّي إلى التنمّر؟ وكيف يُمكن للمدرسة التنسيق معهم لتحقيق ذلك؟ أكّدت د. رزق على أهمّيّة دور أولياء الأمور في التصدّي للتنمّر، فبإمكانهم تقديم المساعدة في تحديد سلوك التنمُّر ومراقبته. وهم شركاء نستطيع الاستعانة بهم لتعزيز استراتيجيّات التصدّي للتنمّر مع الأطفال في المنزل. وأشارت إلى أكثر من جانب تجعل من الأهل شركاء للمدرسة، منها: 1. إشراك الأهل ببناء سياسة المدرسة للتصدّي لظاهرة التنمّر. - من المهمّ اعتبار الأهل شركاء أساسيّين للحدّ من ظاهرة التنمّر. - تشكيل لجنة مدرسيّة تهتمّ بشؤون التنمّر ومعالجته، هذه اللجنة تشمل معلّمات ومعلّمين وأهل، وبالتالي يكون لهم دور أساسيّ في السياسة، وتطبيقها. - أن تعقد المدرسة مجموعة فعاليّات لتساعد أولياء الأمور على مراقبة سلوكيّات أبنائهم، وتقويّ قنوات التواصل بين المدرسة والأهل. 2. من المهمّ إبلاغ الأهل عند تعرّض الطالب إلى التنمّر، أو مشاركته في فعل تنمّر. ومن المهم أن يشعر الأهل أنّ المدرسة تعمل معهم، وستساعدهم في معالجة المشكلة. وشاركت د. جالا، في هذا السياق، مجموعة نصائح رئيسيّة مُحدّدة من تحالف مكافحة التنمّر، حول كيفيّة التعامل مع الأهل: 1. التعامل مع أهل الأطفال الذين يظهرون سلوك تنمّر - تجنّب وصف الطالب بالمتنمّر، ووصف السلوك، وإبداء الرغبة والشراكة لمعالجة هذا السلوك. - إعطاء الأهل مساحة تعبيريّة وافية. - التأكيد للأهل على صعوبة الموقف، والالتزام بإيجاد حلول لتحسين الوضع للجميع. - الوضوح بشأن سياسات المدرسة وتوقّعاتها، وتوضيح آليّات التعامل. 2. التعامل مع أهل الأطفال المتعرّضين للتنمّر - فتح المجال للإبلاغ عن التنمّر، وأخذ الموضوع بجدّيّة. - التأكيد على أنّ الأهل شركاء دائمًا، وسماع وجهات نظر الأهل والأطفال. - المحافظة على تواصل واضح ومستمرّ على أولياء الأمور، وهذا تأكيد ومصداقيّة على شراكة المدرسة.   ما الاستراتيجيّات التي يمكن استخدامها لزيادة الوعي بين المجتمع المدرسيّ (الإدارة – المعلّمين – الطلّاب) وأولياء الأمور حول مخاطر التنمّر وضرورة التكاتف لمكافحته؟ ذكر أ. عمّاري أهمّيّة وجود سياسات، ونشر هذه السياسات وتطبيقها، كسياسة الإرشاد، وسياسة حماية الطفل، والسياسة الإصلاحيّة.  كما أشار إلى أهمّيّة النظر إلى الإشارات المفتاحيّة، كدلائل أوّليّة على احتماليّة حدوث تنمّر، ورفع الوعي للمعالجة المبكرة، أو الوقائيّة. وتحدّث عن ضرورة تركيز الإشراف على بؤر ينتشر فيها الطلبة دون هيكليّة الصفّ، كالكافتيريا، وأماكن اللعب، والذهاب والإياب إلى المدرسة، فغالبًا ما يحصل التنمّر في هذه الأمكنة. ولفت أ. عمّاري النظر إلى الشاهدين على التنمّر، وأهمّيّة تحويل دورهم إلى دور إيجابيّ في إيقاف التنمّر، والدفاع عن المتنمّر عليهم. وعرّج على أهمّيّة عقد أنشطة مدرسيّة، وحملات وفعاليّات، لرفع الوعي بالتنمّر والحدّ من حدوثه، على سبيل المثال عقد مسرحيّات داخليّة بالتعاون مع معلّمي الدراما، والتعهّد بعدم التنمّر والبصمة المُشتركة الملوّنة لهذا التعهّد، وعقد دروس صفّيّة عن التنمّر وآثاره، ونشر توعية للأهل وكيف يكونون جزءًا من تجربة الطفل عبر الإنترنت، وكيف يُشكّل أولياء الأمور قدوة يُحتذى بها من خلال سلوكيّات لطيفة عمليّة، وتضمين موادّ الصحّة النفسيّة في المناهج الدراسيّة. وأضاف أ. عمّاري عن منهج مُعتمد في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة في قطر، يقوم على اللطف كمنطلق للتأثير الإيجابيّ في الصحّة النفسيّة، وهو منهج العاطفيّ الاجتماعيّ، من مؤسّسة "أفعال عفويّة لطيفة"، ونالت الأكاديميّة ترخيصًا من هذه المؤسّسة، لمُمارسات مُستمرّة تجعل من اللطف مُمارسة سائدة. يركّز المنهج على ستّة عناصر أساسيّة، هي: احترام الذات والآخرين، والاهتمام بالرعاية والعناية بالذات والتعبير عن الامتنان، والنزاهة والأمانة، والمسؤوليّة والالتزام والانضباط، والشجاعة؛ أن تكون شجاعًا لتكون لطيفًا، والكره والتنمّر أسهل من اللطف والتواضع، والتي بحاجةٍ إلى شجاعة.   أسئلة الجمهور سلوك التنمّر سلوك طبيعيّ، وهو ردّ فعل لسلوك عدوانيّ، وبالتالي هل من المبرّر مُمارسة سلوك التنمّر؟ أجابت د. رزق أنّ التنمّر سلوك منتشر، ولكن هذا لا يعني أنّه سلوك طبيعيّ. أمّا عن كونه ردّ فعل لسلوك عدوانيّ، فهو أمرٌ غير دقيق، كون هناك دراسات كثيرة لا تحدّد أسباب ينطلق منها سلوك التنمّر. وأشارت إلى أنّنا علينا الحدّ سلوك التنمّر، لنتائجه السلبيّة على المدى القصير والطويل. كيف تمكن مواجهة التنمّر عبر الإنترنت، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعيّ عبر عبارات صعبة أو تعليقات مسيئة على صور؟ أجاب أ. هنديلة أنّ في هذا الجانب الشراكة مهمّة بين المدرسة والأهل، وخصّ الأهل بفترة ما بعد الظهر، كون عليهم تأدية دور توجيهيّ لمسألة الهواتف النقّالة، خصوصًا بين أعمار 12-14، والذين يجب أن يتحمّلوا مسؤوليّة الهاتف النقّال، وإلّا فعلى الأهل سحب هذا الهاتف منهم، حتّى يتعاملوا بكلّ جدّيّة مع وجوده في حياتهم، والحرص على تعبيراتهم المُختلفة.   في الخِتام، قدّم د. حسن تلخيصًا للندوة، التي سلّطت الضوء على قضيّة التنمّر المدرسيّ، بجوانبها المُختلفة. وشكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لمواجهة ظاهرة التنمّر.  

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

الجانب التربويّ للمعلّم: أكثر من مجرّد تعليم
غالبًا ما تلتفّ مهنة المعلّم حول دائرة إيصال المعلومات بشكل فعّال. فيقتصر دور المعلّم على نقل المعرفة وتبسيطها، والبحث عن الاستراتيجيّات ... تابع القراءة
الذكاء الاصطناعيّ: علمني كيف أصطاد ولا تعطِني سمكة
يقام أسبوع "الموضة" مرّتين في العام في أهمّ عواصم الموضة مثل نيويورك ولندن وميلانو وباريس، ليطّلع الجمهور على أهمّ المستجدّات في عالم تصم... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

روزان علو- معلّمة صفّ وقائدة فريق مرحلة الروضة الثالثة- سوريّا/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ من الاستراتيجيّات التي أحبّها كثيرًا، والتي أثبتت فعاليّتها في الغرفة الصفّيّة، استراتيجيّة البوصلة. أجد أنّ هذه الاستراتيجيّة ملائمة لمرحلة رياض الأطفال وممتعة في الوقت ذاته، لأنّها تجمع بين اللّعب والحركة والحماس، كما أنّها مرنة وسهلة، ويمكن تكييفها لتناسب المفاهيم والأهداف المختلفة. تتمثّل الاستراتيجيّة في توزيع بطاقات على جميع الطلّاب باستثناء ثلاثة منهم، والذين يتّخذون مواقع مختلفة في زوايا الصفّ حاملين لافتات كبيرة، بعد ذلك يفتح الطلّاب بطاقاتهم ويجري كلّ منهم نحو اللافتة المناسبة لبطاقته خلال عشر عدّات على سبيل المثال، وغالبًا ما تُدمج هذه الاستراتيجيّة بالرياضيّات، إضافة إلى الأهداف التعليميّة الأخرى للتطرّق إلى العدّ ومقارنة الأعداد، من خلال حساب عدد الطلّاب في كلّ مجموعة. يتجاوب الأطفال مع هذه الاستراتيجيّة بشكل إيجابيّ جدًّا، فهي لا تعزّز فقط التفاعل النشط والمشاركة الفعّالة فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز روح التعاون بين الطلّاب. كما أنّ الفرح والحماس الواضحين على وجوه الأطفال يعكس مدى فعاليّتها.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ صارت مواكبة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم جزءًا أساسيًّا في العمليّة التعليميّة، وأمرًا لا مفرّ منه. ولا شكّ طبعًا أنّ هذه الأدوات تسهم في تقديم أساليب جديدة في العمليّة التعليميّة. ونحن في النهاية لا نريد أن ننشئ جيلًا منفصلًا عن الواقع، ولكنّ المحافظة على الجوانب الإنسانيّة ما تزال أمرًا بالغًا في الأهمّيّة، له دور كبير في ضمان تجربة تعليميّة متوازنة. وفي هذا السياق، عندما أخطّط للأنشطة في الصفّ بصفتي معلّمةً رياض أطفال، أحرص على أن تكون بيئة التعليم بيئة متكاملة تراعي تنوّع الأساليب والوسائل التعليميّة. فأقوم بتضمين أركان مختلفة، مثل ركن الأنشطة التكنولوجيّة، وركن الأنشطة الحسّيّة، وركن الأنشطة الحركيّة، وركن الأنشطة الإبداعيّة. ولتعزيز التوازن، أمنح الأطفال فرصة المرور على جميع الأركان بشكل دوريّ. هذا التوزيع يضمن تفاعل الأطفال مع مختلف الأنشطة، ويعزّز من قدرتهم على التوازن بين التكنولوجيا والجوانب الإنسانيّة الغنيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مسيرتي التعليميّة، كنت أُسرع في تغطيّة المعايير والأهداف التعليميّة، من دون تركيز كافٍ على الجوانب الاجتماعيّة والعاطفيّة لنموّ الطلّاب. ومن دون شكّ أحد أسباب ذلك، أنّه عندما كنّا طلّابًا على مقاعد الدراسة لم نحظَ باهتمام كبير في هذه الجوانب، وبالتالي كان من السهل تجاهلها في بداية رحلتنا التعليميّة. أمّا عمّا فعلته حيال ذلك، فقد بدأت بتغذيّة هذه الجوانب بنفسي أوّلًا، من خلال قراءة الكتب والمقالات التي تتناول تطوير الجوانب الاجتماعيّة، وتحرير المشاعر، والتي تركّز بدورها على تنميّة هذه المهارات للإنسان بشكل عامّ. حتّى منصّات وسائل التواصل الاجتماعيّ التي أتابعها، أغلبها يتمحور حول النموّ الاجتماعيّ والعاطفيّ. فكان من السهل لاحقًا دمج هذه الجوانب بشكل فعّال وحقيقيّ في ممارساتيّ التعليميّة.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ من الموضوعات المهمّة التي أحبّ تناولها عند إعداد ورشة عمل للمعلّمين: كيف يمكننا من خلال النشاط القصصيّ، هذا النشاط الذي قد يراه البعض بسيطًا، لكنّه يركّز على جوانب عدّة: تربويّة، وتعليميّة، ونمائيّة، أن نسهم في تطوير مهارات متعدّدة لدى الأطفال وتعزيزها؟ ومنها تحفيز مهارات التفكير وتطويرها، كما تطوير الأداء اللغويّ والتعبير عن المشاعر والتفكير بحلول للمشكلات، إلى جانب تنميّة مهارات الاستماع والخيال، ودعم مهارات القراءة والكتابة. وإضافة إلى عناصر السرد القصصيّ. يجب أن تركز الورشة على الاستراتيجيّات التي سنوظفها ونقوّمها بما يتناسب مع مرحلة رياض الأطفال.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين والمعلّمات في عالمنا العربيّ أمران مهمّان للغاية، وخصوصًا بالنسبةِ إلى الدول التي تتعرّض أو تعرّضت إلى أزمات، فهذا بكل تأكيد سيؤثّر، بشكل مباشر، في مواكبة مناهج هذه الدول للتطوّرات التعليميّة العالميّة، وأيضًا التطورات التكنولوجيّة في مجال التعليم. أمّا بالنسبة إلى المبادرات التي يمكن تنفيذها لتحقيق هذا التشبيك، فالمنصّات التعليميّة والدورات التدريبيّة المشتركة بين المعلّمين عن بعد، والمؤتمرات التعليميّة، تؤدّي دورًا هامًّا. ولكن هذه المبادرات ليست كافية بمفردها؛ نحن بحاجة ماسّة إلى إجراءات تتدخّل فيها الحكومات بشكل مباشر، مثلًا إرسال بعثات ميدانيّة لتبادل الخبرات، مع ضرورة التنسيق مع أعضاء البعثة لنقل المعرفة، وبناء برامج تضمن تكرار هذه البعثات. وأقترح أيضًا فتح فروع لمدارس ذات تجارب ناجحة في بلدان أخرى، ما يسهم في تطوير جودة التعليم ونقل الممارسات بشكل مستمرّ.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من بين الممارسات الجميلة والفعّالة التي تتّبعها مدرسة الأكاديميّة العربيّة الدوليّة التي أعمل فيها، تنظيم جلسات تعريفيّة لأولياء الأمور في بداية كل عام دراسيّ، نشرح فيها برنامج المدرسة وتطلّعاتنا وأهدافنا التعليميّة. هذه الجلسات تسهم كثيرًا في كسر الحواجز، وتبني علاقة لطيفة بين المعلّمين وأوليّاء الأمور في بداية العام الدراسيّ. ومن الممارسات الهامّة أيضًا في هذا السياق مشاركة وليّ الأمر بالتطوّرات التي يحقّقها طفله في مختلف المهارات، من خلال صورة، أو فيديو يوثّق إنجاز الطفل وتقدّمه، يُنشر عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ الرسميّة للمدرسة. هذه المشاركة تعزّز من تفاعل أوليّاء الأمور، وتمنحهم فرصة للاحتفاء بطفلهم بشكل مباشر، وتشجّعهم على الاهتمام أكثر. كما نهتمّ في اجتماعاتنا مع أوليّاء الأمور، بالتركيز على إيجابيّات الطفل. وفي حال كان يواجه تحدّيًا في جانب معيّن، نوضح لوليّ الأمر أنّ هدفنا ليس تقديم ملاحظات سلبيّة عن طفله، إنّما نحن هنا لنتعاون على دعمه، ومساعدته على تحسين أدائه. هذه النقطة عندما تصل لوليّ الأمر ستشعره بالراحة والأمان، ويتحوّل من موقف الدفاع إلى طرف فعّال في العمليّة التربويّة والتعليميّة، وستعزّز الثقة بينه وبين المعلّم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ لا شكّ أنّ التطوّر السريع والتحدّيات المستمرّة في عمليّة التربيّة والتعليم، زادت من ضغوطات العمل والمهامّ الملقاة على عاتق المعلّم، والتي يمكن أن تؤثر في صحّتنا النفسيّة والجسديّة بشكل مباشر أو غير مباشر. نحن بحاجة ماسّة إلى الاهتمام بصحّتنا النفسيّة لضمان الاستمرار في العطاء؛ فالأطفال أوّلًا وأخيرًا يحتاجون إلى معلّم سعيد ومتزّن، وليس معلّمًا مرهقًا ومُسْتَنزفًا. ولتعزيز صحّتي النفسيّة، أخصّص لنفسي وقتًا يوميًّا بعيدًا عن المهام المدرسيّة والمنزليّة، مهما كان هذا الوقت قصيرًا، بحيث أصبح جزءًا أساسيًّا في يومي. أمارس فيه الرياضة التي بدأت فيها مؤخّرًا، فهي تسهم كثيرًا في تجديد نشاطي. كما أمارس بعض تمارين التنفّس البسيطة بين الحين والآخر، والتي تساعدني على الاسترخاء. وأحبّ كثيرًا الاعتناء بالنباتات المنزليّة، فهذا النشاط من الأنشطة التي تمنحني طاقة إيجابيّة كبيرة. أيضًا القراءة في نهاية اليوم، حتّى لو لعشر دقائق، لكتب تكون غالبًا لا تتعلّق بالتربيّة والتعليم. شعاري دائمًا لتهيئة جيل متوازن: ابدأ بنفسك أولًا.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أهمّ استراتيجيّة وأفضلها بالنسبة إليّ لتنظيم الوقت هي: التخطيط والكتابة؛ دفتر ملاحظاتي يلازمني من بداية اليوم، أدوّن فيه جميع المهامّ المطلوبة، مهما كانت بسيطة، مع ضرورة ترتيبها حسب الأولويّة، بما يتيح متابعة ما يجب إنجازه. وأكثر ما يشعرني بالإنجاز شطب المهام التي انتهيتُ منها. أشبّه هذه الاستراتيجيّة بشخص توجد أمامه مجموعة من الأوراق المبعثرة والملقاة بطريقة عشوائيّة، واستراتيجيّة كتابة المهام حسب الأولويّة ترتّب الأوراق أمامه بشكل منظّم.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. ما لا يختلف عليه اثنان أنّ مهنة التعليم من المهن الإنسانيّة السامية، تتمتّع بالكثير من الجوانب الإيجابيّة. ولكن، من منظوري الشخصيّ، أراها من أكثر المهن التي تشعرك بالإنجاز العميق. ففكرة أن نلمس التطوّر الواضح على الأطفال بعد أسابيع قليلة، وأن نلاحظ نموّهم الأكاديميّ والشخصيّ بعد فترة قصيرة، والشعور بالإسهام في بناء مستقبل الأطفال وتنمية مهاراتهم، تجربةٌ إنسانيّة ممتعة لا تقدّر بثمن، تمنحني شعورًا بالرضا لا يضاهيه شعور. حتّى التقدير والامتنان اللذان نتلقّاهما من أولياء الأمور، كوننا نتعامل بشكل مباشر مع أبنائهم، يضيفان قيمة كبيرة إلى مهنة التعليم. أمّا عن السلبيّة، فهناك تحدٍّ أواجهه كأمّ، حيث أشعر أحيانًا بأنّ طاقتي قد استنزفت بالكامل خلال ساعات العمل، وأجد صعوبة في متابعة مهامّ أطفالي المدرسيّة، فتحقيق التوازن هنا يحتاج إلى طاقة كبيرة جدًّا.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في عالم رياض الأطفال تكاد لا تخلو أيامنا من المواقف الطريفة والبريئة، لكن هناك لحظات تظلّ عالقة في الذاكرة دائمًا. أثناء تدريسي مرحلة الروضة الثانيّة في مدرسة بريطانيّة، حيث الأطفال لا يتجاوزون الخامسة من عمرهم، صادفتني حادثة كانت من أطرف اللحظات وأجملها. لغة طفلي يوسف الأولى كانت الإنجليزيّة، واللّغة العربيّة التي تعرّض إليها كانت اللهجة العاميّة لبلده. وكانت لديه رغبة كبيرة بالتحدّث دائمًا بالفصحى، خصوصًا أنّنا في الصفّ نستخدم اللغة العربيّة الفصحى والمبسّطة قدر الإمكان. جاءني يوسف صباح أحد الأيام، ويبدو أنه قد تعرّض إلى حادث بسيط في المنزل، وكان يرفع يده بطريقة غريبة. لاحظت وجود خدش بسيط على ذراعه، فسألته: ما بك يا يوسف؟ ما الأمر؟ صمت لثوانٍ وأجاب: معلّمتي هذه هي "واوتي" (طبعًا كلمة "واوا" يقصد بها مكان الخدش). هنا اختلطت مشاعري بين الضحك والفخر من تعبيره البريء، ومحاولته الدائمة للتحدّث بالفصحى في أيّ موقف. هذا اللحظات كفيلة بأن تذكّرنا بأنّ الأطفال يعبرون عن أنفسهم دائمًا بطرق مبدعة ومؤثّرة، وإنّ لم تسعفهم الكلمات.  

مجد مالك خضر- معلّم- الأردن

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ استخدمتُ كثيرًا من الاستراتيجيّات التعليميّة، ووظّفتها وفقًا لطبيعة الدرس ومتطلّباته. وأرى أن الأكثر فعاليّة كانت استراتيجية (المعلّم الصغير)، إذ أظهر كثيرٌ من الطلّاب في مختلف المراحل الدراسيّة التي درّستها، استعدادًا للمشاركة في شرح الدرس وتوضيحه لزملائهم، ما أسهم في تعزيز التفاعل الإيجابيّ داخل الصفّ.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يعدُّ تحقيق هذا التوازن تحدّيًا لكلّ معلّم، فتُوفّرُ التكنولوجيا فرصًا كثيرة للتعلّم والتعليم. وتُقدِّمُ أدوات تعليميّة مفيدة جدًّا. ولكنّها بالطبع لا تغني عن التفاعل الشخصيّ. حيث أستطيع تحقيق التوازن من خلال توظيف أدوات التكنولوجيا وتطبيقاتها، بما يساند العمليّة التعليميّة، بالتزامن مع استمرار التواصل بيني وبين الطلّاب، حتّى أتمكّن من تحقيق التفاعل المطلوب لإيصال المعلومات إليهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ أي مُمارسة خاطئة ارتكبتها بالتأكيد لم تكن مقصودة، وجاءت نتيجة قلّة الخبرة في بداية مسيرتي الوظيفيّة. وأرى أنّي أخطأتُ عندما بدأتُ عملي معلّمًا باعتماد طريقة التدريس التقليديّة؛ أي التلقين. فكانت الحصّة مملة، وبطيئة، وغير تفاعليّة، ولكن استطعتُ التخلّص من ذلك بعد اكتساب الخبرة والمهارات اللازمة، لتوظيف أدوات التعليم التفاعليّة واستراتيجيّاته بأفضل الطرق والوسائل.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ ستكون ورشة العمل عن استراتيجيّات التقويم وأدواته، فكثيرٌ من المعلّمين، تحديدًا الجُدد منهم، قد يجدون صعوبة في تقييم أداء الطلّاب، أو لا يوظّفون أدوات التقويم المناسبة لكل نتاج من نتاجات الدروس. من هُنا، ستساعد مشاركتهم في ورشة عن التقويم وأدواته، على اكتساب مهارات رصد أداء كلّ طالب بصورةٍ حقيقيّة وواقعيّة.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أرى أنّ التشبيك والتواصل بين المعلّمات والمعلّمين من الأمور الضروريّة جدًّا، إذا إن تبادل الآراء والخبرات بينهم يُقدمُ حلولًا لكثيرٍ من القضايا التربويّة والتعليميّة. ومن الممكن إطلاق مبادرة التشبيك بينهم من خلال عقد لقاءات مستمرّة، باستخدام تقنيّات الاتّصال الرقميّ الحديث وتطبيقاته، وزيادة عدد مجتمعات التعلّم الإلكترونيّة.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحرصُ على استمرار التواصل معهم، سواء من خلال اللقاء المباشر أو الهاتف أو تطبيقات التواصل الاجتماعيّ، ما يُساعدُ في اطّلاعهم على تعليم أطفالهم، وتحديد أوضاعهم الدراسيّة، ومتابعة أيّ ملاحظات على أدائهم. وهكذا يتحقّق التعاون بين أولياء الأمور والمعلّمين، والذي يكون في مصلحة الطلّاب وتعليمهم.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أحرصُ على الفصل بين العمل وحياتي الشخصيّة، إذ أخصّص وقت العمل للقيام بالمهام المتعلّقة به. أما باقي اليوم، فأُنفّذُ فيه نشاطات مختلفة، كالخروج مع الأصدقاء، وقراءة الكتب، ومشاهدة التلفاز أحيانًا، ما يُساعدني في الحفاظ على توازن في صحّتي.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أُوزّعُ الأنشطة والمتطلّبات اليوميّة وفق الأولويّات، بحيث أُنهي المطلوب منّي في العمل، ثم أنفّذ الأنشطة المتبقّية. وأحرصُ على التدوين حتّى لا أنسى شيئًا، وأستطيع تنظيم الوقت بأفضل طريقة.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. من الآثار الإيجابيّة لمهنة التعليم في حياتي عملي معلّمًا، ودوري في تنشئة أجيالٍ من الطلّاب، والمشاركة في إثراء معلوماتهم وثقافتهم. أما الآثار السلبيّة، فتأتي أحيانًا بسبب غياب بعض الوسائل التعليميّة لتنفيذ نتاجات الدروس.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ من الحوادث الطريفة التي حصلت معي، أنّني في بداية عملي في التعليم، كنتُ أكتب أسماء الطلّاب في دفتر العلامات والذي ينتهي عند الرقم 25. وبينما كنت أكتب الأسماء توقفت عند الرقم 25 في الصفحة، وكان عدد طلّاب الصفّ أكثر من ذلك، فارتبكتُ وتوقفتُ عن الكتابة، وسألتُ أكثر من معلّمٍ في وقتٍ واحد عن حلّ هذه المعضلة التي واجهتني، فضحكوا، علمًا بأنّهم كانوا أكبر منّي في العمر، وكنتُ أصغرهم. وأجابوني أنّ الحلّ بسيط، أن أكمل كتابة أسماء الطلّاب على الصفحة التالية، بداية من الرقم 26 إلى أن ينتهي عدد طلاب الصفّ.  

هنادي طلال الدنف- اختصاصيّة نفسيّة وكاتبة- فلسطين

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ أكثر استراتيجيّة فعّالة كانت في بناء بيئة آمنة يشعر فيها الطلّاب بأنّهم يستطيعون التعبير عن أنفسهم من دون خوف. أبدأ الحصص دائمًا بنشاط بسيط، كالتحدّث عن مشاعرهم، ما يسهم في جعلهم يشعرون بالارتياح والانفتاح. وأستخدم التعزيز الإيجابيّ بشكل متكرّر، ليساعد في تحسين مشاركة الطلّاب الخجولين وتشجيعهم على التعبير. أتذكّر طالبًا كان يعاني من الخجل المفرط. لكنّه، وبفضل تعزيز مواقفه الإيجابيّة والاحتفاء بأيّ خطوة إيجابيّة يخطوها، بدأ بالمشاركة بثقة أكبر. تجاوب الطلّاب مع هذه الاستراتيجيّة كان ملموسًا، حيث أصبحت ملاحظات التحسّن تأتي من المعلّمين وأولياء الأمور.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ أستخدم التكنولوجيا أداةً لدعم التعلّم، ولكن من دون أن تحلّ محلّ التفاعل الشخصيّ. مثلًا، أستعين بتطبيقات لقياس مستوى المشاركة والإنجازات الصغيرة، لكنّني أحرص على تخصيص جلسات وجهًا لوجه، للتفاعل الشخصيّ مع الطلّاب والاستماع إلى أفكارهم ومشاعرهم. الطلّاب يشعرون بأهمّيّة هذه الجلسات المباشرة، حيث يفضّلون أن يشاركوني أفكارهم وجهًا لوجه، أكثر من أن يكون التعامل محصورًا بالأجهزة. وجدت أنّ هذا التوازن يعزّز انخراطهم في العمليّة التعليميّة، ويسهم في رفع مستوى تفاعلهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية العمل، كنت أعتقد أنّ توجيه النقد المباشر يمكن أن يحفّز الطلّاب على التحسين. لكنّني لاحظت أنّ بعض الطلّاب يشعرون بالإحباط وينسحبون. أدركت أنّ التوجيه الإيجابيّ يعطي نتائج أفضل، حيث بدأت بتقديم ملاحظات بنّاءة تُشجّع الطالب على التقدّم، ما أسهم في رفع ثقتهم بأنفسهم. أحد المواقف كانت مع طالبة تخطئ في الإجابات أمام زملائها. وعندما بدأت في تعزيز محاولاتها بدلًا من نقد أخطائها، لاحظت أنّها أصبحت تشارك بأريحيّة أكبر ومن دون خوف.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ سأركّز على موضوعات مثل "إدارة الضغوط" و"التعاطف مع الطلاب". هذه المواضيع تساعد المعلّمين في فهم احتياجات الطلّاب النفسيّة والعاطفيّة، ما يعزّز من قدرتهم على خلق بيئة صفّيّة داعمة. يمكن أن تشمل الورشة تدريبات حول كيفيّة التفاعل مع الطلّاب في حالات التوتّر والضغط، وسيناريوهات لتطبيق الاستجابات الوجدانيّة. هذه المهارات تجعل المعلّمين أكثر قدرة على إدارة التحدّيات داخل الصفّ والتعامل مع الطلّاب بمرونة.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ التشبيك بين المعلّمين مهمّ جدًّا، فهو يتيح لهم تبادل التجارب والدعم، ولا سيّما في ظلّ التحدّيات المتزايدة. أرى أنّ مبادرة مثل "مجتمع المعلّمين الإلكترونيّ" ستكون فعّالة، إذ يمكن أن تكون منصّة لتبادل الأفكار والموارد التعليميّة، وتقديم استشارات متبادلة. يمكن لهذه المنصّة أن تجمع المعلّمين من مختلف الدول العربيّة، ما يتيح لهم مناقشة التحدّيات المشتركة وتبادل الحلول، ويفتح المجال لخلق بيئة تعليميّة جماعيّة تدعم الابتكار والتطوير.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحرص على التواصل المستمرّ مع أولياء الأمور بلقاءات دوريّة وتحديثات عن تقدّم أبنائهم. أشرح لهم كيف أنّ دعمهم في المنزل له أثر كبير، وأوجّههم لبعض الأنشطة التي يمكنهم القيام بها مع أبنائهم لتعزيز التعلّم. في إحدى الحالات، واجه ولي أمر صعوبة في تحفيز ابنه على الدراسة، فاقترحت عليه طرقًا بسيطة للتشجيع، مثل تخصيص وقت يوميّ لمراجعة الدروس معًا. ولاحظت لاحقًا تقدّمًا في أداء الطفل نتيجة لهذا الدعم المستمرّ.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أخصّص وقتًا يوميًّا للاسترخاء، سواء بممارسة التأمّل أو الخروج للمشي. أحاول دائمًا أن أكون على تواصل مع زملائي للتحدّث عن التحدّيات المشتركة، ما يساعدني على التخلّص من الضغوط. كما أحرص على تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الشخصيّة، بوضع حدود واضحة لأوقات العمل. هذا الأسلوب يساعدني في الحفاظ على طاقتي واستمراريّة عطائي.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أعتمد على تنظيم مهامي حسب الأولويّات، وأستخدم تقنيّة "البومودورو" التي تقوم على العمل لفترات محدودة تتخلّلها استراحات. هذا الأسلوب يساعدني في الحفاظ على تركيزي وإدارة الوقت بشكل فعّال. أتذكّر أنّني في فترة مزدحمة جدًّا، اعتمدت على هذه التقنيّة، فكان لها أثر واضح في تخفيف الضغط وتحسين إنتاجيّتي.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الجانب الإيجابيّ هو أنّني اكتسبت صبرًا وفهمًا أكبر للآخرين، ما جعلني أتعامل بمرونة حتّى في حياتي اليوميّة. أمّا الجانب السلبيّ، فهو أنّني أحيانًا آخذ هموم الطلّاب معي إلى المنزل، ما ينعكس عليّ نفسيًّا. في أحد المواقف، كنت أتفاعل كثيرًا مع طالب يمرّ بظروف صعبة، ما أثر فيّي عاطفيًّا، وأشعرني بالقلق. تعلّمت مع الوقت، كيفيّة وضع حدود بين مشاعري، والتعامل المهنيّ لأتمكّن من الاستمرار بتوازن.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في أحد الأنشطة، طلبت من الأطفال أن يعبّروا عن طموحاتهم المستقبليّة، وأحد الطلاب قال إنّه يريد أن يصبح طبيبًا للحيوانات لأنّها لا تشتكي". كان الموقف عفويًّا ومضحكًا، وجعلني أقدّر براءة الأطفال ونظرتهم الطفوليّة إلى الحياة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

كيفيّة رفع وعي الطفل البيئيّ

من الصعب ألّا نشعر بالقلق عندما نسمع عن تغيّر المناخ وحرائق الغابات والجفاف وذوبان الأنهار الجليديّة، وغير ذلك من الاضطرابات الطبيعيّة التي قد تؤثِّر كثيرًا في صحّة الحياة البشريّة. لكن، كيف يمكنك التحدّث عن الاضطرابات البيئيّة مع طفلك من دون إثارة قلقه؟   هناك بعض الطرق التي تساعد على رفع وعي الطفل البيئيّ بطريقة تربويّة تجعل منه إنسانًا أقرب لبيئته، يعي واجباته تجاهها في المستقبل. هل يهتمّ الطفل بالبيئة؟  في استطلاع أُجرِي حديثًا على 1000 من آباء وأمّهات أطفال تتراوح أعمارهم ما بين سنتين إلى ثماني سنوات، خلصت نتائجه إلى تصريح 25% من الأهل بأنّ أطفالهم قلقون على مستقبل الكوكب. بالإضافة إلى ذلك، ذكر 35% من الأهل أنّ أطفالهم يطرحون الكثير من الأسئلة حول البيئة والتلوّث. لذلك، نجد أنّ للطفل قابليّة عالية جدًّا للاهتمام بالبيئة التي تحتويه.  كيف يمكن رفع وعي الطفل البيئيّ؟ على الرغم من أنّ القرارات الدوليّة تضع حدًّا لمشكلات المناخ، كالاحتباس الحراريّ وغيره، ولكن من الجيّد أن يعرف الطفل أهمّيّة دوره مهما كان صغيرًا. لذلك، يمكنك رفع وعي طفلك البيئيّ بالطرق الآتية: ركِّز على الإيجابيّات بدلاً من التحدّث مع طفلك عن القضايا البيئيّة، أظهر له الأدوار التي يمكنه تأديتها، والتي من شأنها الإسهام في حماية الطبيعة، كأن يرمي النفايات في السلال المخصّصة لها، كسلة النفايات الخاصّة بالبلاستيك أو المعادن أو الورق.  عزِّز انسجامه مع الطبيعة  يتيح اتّصال طفلك المتكرِّر بالطبيعة تعلّم حبّها، وبالتالي تنامي رغبته في حمايتها، لأنّ طفلك فضوليّ بطبيعته تجاه الأشجار والحشرات والنباتات والطيور، كما أنّه يحبّ قضاء الوقت في الخارج. لذلك، يمكن استغلال الوقت الذي تقضيه مع طفلك في أحضان الطبيعة، لتقوية انسجامه مع عناصرها وتأكيد الدروس التي تعلّمها في المدرسة عن البيئة على أرض الواقع، كمعرفة عمر الشجرة وأسباب تساقط أوراقها، وأنواع منازل الحيوانات الصغيرة، واكتشاف المساحات الخضراء الشاسعة بخفاياها المذهلة. يمكنك كذلك ممارسة العديد من الأنشطة التي تثير فضول طفلك البيئيّ، مثل جمع الأوراق ولصقها في دفتر يحمل اسم كلّ نبات أو شجرة، أو مراقبة الحشرات الصغيرة التي تعيش على الأرض بالعدسة المكبِّرة. وعليه، يخلق انسجام طفلك مع الطبيعة شعورًا بالمسؤوليّة تجاهها.  اسأل طفلك عن رأيه  غالبًا ما يزداد تفاعل الأطفال عند الأخذ بآرائهم وإشعارهم بقيمتها. لذلك، يمكنك أن تبني معه حوارًا يقودك إلى سؤاله عن رأيه وأفكاره. علّمه، مثلًا، كيف يؤدّي الهدر إلى مشكلات كبيرة في العالم، بدلًا من إخباره بفوائد تقليل هدر المياه، واعرض عليه صورًا عن الجفاف البيئيّ حول العالم، واسأله كيف يمكنه إحداث فرق؟ قد تفاجئك إجابات طفلك المضحكة والنابعة عن براءته، ولكنّك على الأقل لفتَّ نظره إلى مشكلات حقيقيّة بطريقة غير مباشرة، سيزيد وعيه تجاهها كلّما كبر.  علّمه أسس الاستدامة  ساعد طفلك على فهم مدى هشاشة العالم بتعريفه بمفهوم الاستدامة. وهنا، يمكنك التحدّث عن أشياء، مثل مزارع الرياح ومزارع الطاقة الشمسيّة التي تستغلّ طاقة الأرض المتجدّدة من دون الإضرار بالكوكب وسكّانه، ومقارنتها بمصدر طاقة غير متجدِّد، مثل الوقود الأحفوريّ. عندما تخرج للتسوّق، مثلًا، لشراء البقالة وغيرها من الضروريّات، اسمح لطفلك بمساعدتك في تحديد العلامات التجاريّة العضويّة والصديقة للبيئة. اشرح لطفلك الأسباب والنتائج   تذكّر أنّ طفلك متعطّش للمعرفة، وهذا هو الوقت المثاليّ لرفع وعيه البيئيّ وإشباع فضوله واغتنام الفرصة، لتشرح له أهمّيّة الموارد الطبيعيّة المتجدّدة، مثل الرياح أو الشمس أو الماء أو الغابات، والفرق بينها والموارد غير المتجدّدة، مثل الفحم أو النفط، وكيفيّة الاستفادة منها والترشيد في استهلاكها. اشرح لطفلك مصدر المياه الرئيس الذي يأتي من الصنبور، وكيفيّة صناعة الورق، والعديد من الأمور التي يتساءل طفلك حولها كلّ يوم، من أجل مساعدته على تكوين ضميره البيئيّ. استغلّ أوقات المرح  لا يوجد ما هو أفضل من أوقات المرح لرفع وعي الطفل البيئيّ بتطبيق كلّ ما يجب تعلّمه عن البيئة. على سبيل المثال، يمكن شرح النظافة للأطفال بطريقة أكثر متعة، حيث يتعلّم طفلك مفهوم تدوير النفايات وأهمّيّته بشكل أفضل، عندما تشجّعه على رميها في أماكنها المخصّصة ومنحه الوقت لتخمين السلّة المناسبة لكلّ نوع منها. كن مثالًا يُحتذى به  يعلم الجميع أنّ الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، يتعلّمون بالتكرار. لذلك، يصبح رفع وعي الطفل البيئيّ أكثر سهولة وتلقائيّة عندما يكبر في بيئة منزليّة تشجّع هذا النوع من المسؤوليّة. فيبدأ استيعاب طفلك السلوكيّات البيئيّة الصحّيّة من احترام ذويه للبيئة، باستخدامهم أكياس القماش عند التسوّق من السوبر ماركت، واستهلاك المنتجات المحلّيّة والموسميّة، وإغلاق صنبور المياه عند عدم استخدامه، وإغلاق الإضاءة في الغرفة الفارغة، وما إلى ذلك.    * * * الأطفال مستقبلنا، وبالتالي علينا رفع وعيهم البيئيّ، لأنّ ذلك من مفاتيح صحّة كوكبنا، ودعم هدفنا المتمثِّل في تربية أطفال يحبّون الأرض التي تحتويهم.     المراجع https://bester.energy/en/how-to-create-environmental-awareness-in-our-children/   https://ourgoodbrands.com/tips-motivate-kids-develop-environmental-awareness/   https://naitreetgrandir.com/en/feature/raising-children-environmental-awareness/#:~:text=Instead%2C%20encourage%20them%20to%20do,%2C%20driving%20less%2C%20and%20more.    

ما بدائل الهاتف للأطفال؟

يواجه الأهل مشكلة إدمان أطفالهم على استخدام الهاتف المحمول، نتيجة سهولة الوصول إلى التكنولوجيا. وبرغم أنّ البعض يرى أنّ قضاء الأطفال وقتًا على الهاتف، لممارسة الألعاب، أو مشاهدة الفيديوهات، أو الدردشة مع الأصدقاء، أمرًا غير ضارٍّ، إلّا أنّ الإفراط فيه يحمل مخاطر كبيرةً، تشمل التأثير السلبيّ في النموّ البدنيّ، وضعف المهارات الاجتماعيّة، وتراجع الصحّة العقليّة، إضافةً إلى مشكلاتٍ مثل تشوّش الرؤية، وآلام الرقبة، وضعف التركيز.  سنناقش في هذا المقال بدائل الهاتف المحمول للأطفال، والتي ستساعد طفلك على بناء علاقةٍ متوازنةٍ مع التكنولوجيا، وتعويض وقت الموبايل بأنشطةٍ ممتعةٍ، ومفيدةٍ للصحّة البدنيّة والعقليّة، بجانب الإجابة عن بعض الأسئلة الشائعة حول استخدام الأطفال للهاتف.    بدائل الموبايل للأطفال  - ممارسة الرياضة: تعدّ الرياضة بديلًا رائعًا لانتزاع الموبايل من يدي طفلك، إذ تشعره بالسعادة والتحدّي، وتساعده في بناء علاقاتٍ مع أقرانه، لا سيّما الألعاب الجماعيّة، مثل كرة القدم، وكرة السلّة، والسباحة.  - الرسم والأنشطة اليدويّة: تساعد الفنون طفلك على إطلاق العنان لإبداعه بعيدًا عن الهاتف. يمكنك أن تمنح طفلك ساعاتٍ من المتعة باستخدام أقلام الرصاص، وبعض الألوان والأوراق، مع تعزيز حماسه باقتراح موضوعٍ للرسم، وتخصيص مكافأةٍ له عند إتمامه العمل بشكلٍ مميّز.   - قراءة الكتب: تعدّ القراءة طريقةً رائعةً لإثارة خيال الطفل وإبعاده عن الهاتف. ببساطةٍ قُم باختيار كتبٍ مناسبةٍ لعمر طفلك، وساعده في تخصيص وقتٍ يوميٍّ للقراءة، وكُن بجانبه وتناقش معه، وشجّعه على الاشتراك في مكتبةٍ، أو أنشطةٍ خاصّةٍ بمناقشة الكتب في المدرسة أو خارجها. إذا كان طفلك ما يزال صغيرًا على القراءة بمفرده، سيكون عليك أن تخصّص وقتًا لتقرأ له، أو أن تختار الكتب المصوّرة التي ستجذب انتباهه لمحاولة فهمها.  - الكتابة: إذا كان طفلك في المرحلة الابتدائيّة، فإنّ تشجعيه على الكتابة سيحفّز قدراته العقليّة، ويساعده على تشكيل مشاعره تجاه العالم. كما سيدعم تركيزه ومهاراته في التعبير عن نفسه. شجّع طفلك على الكتابة يوميًّا، سواء عن يومه، أو أيّ أفكارٍ تخطر في باله، ولو لفترةٍ قصيرة. ومع تقدّم عمر طفلك، ستلاحظ تطوّر مهاراته الكتابيّة بشكلٍ أعمق وأكثر نضجًا.   - التطوّع: يمكن استغلال وقت فراغ طفلك في تشجيعه على التطوّع في نشاطٍ خيريٍّ، حيث يتعلّم مشاعر التعاطف في سنواته الأولى، مهما كان العمل التطوّعيّ بسيطًا، مثل تنظيف شوارع الحيّ.  - المساعدة في أعمال المنزل: بجانب أهمّيّة مساعدة الطفل لوالديه في أعمال المنزل في تعزيز شعوره بالمسؤوليّة، فهي فعّالةٌ أيضًا في إشغاله عن الجلوس لفتراتٍ طويلةٍ يعبث بالموبايل. إذا أراد الطفل تناول كعكةٍ، يجب أن تطلب منه الأمّ أن يساعدها في إعدادها.  - ممارسة ألعابٍ منزليّة: تتعدّد اختيارات الألعاب التي تمكن ممارستها في المنزل، مثل الألعاب اللوحيّة المختلفة، أو تقليد أصوات الحيوانات، أو تمثيل المواقف.  -تعليم الطفل بالتقليد: يمكن أن يتعمّد الأب والأمّ أن يظهرا للطفل أنّهما لا يستخدمان الموبايل طوال اليوم، أو أنّهما يخصّصان وقت الليل لإطفائه، ما يشجّع الطفل على تقليدهما في هذا السلوك.    أسئلةٌ شائعةٌ حول استخدام الأطفال للموبايل  كم ساعةً يمكن للأطفال استخدام الهاتف في اليوم؟  تعرض لنا الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال قواعد استخدام الهاتف بناءً على العمر، وهي إرشاداتٌ عامّةٌ، يستطيع الآباء والأمّهات تحديد الأفضل من بينها لاحتياجات أطفالهم وأسلوب حياتهم. وهي كالتالي:  - الأطفال في عمر سنتين أو أقلّ: يوصى بتجنّب استخدام الهاتف تمامًا، باستثناء مكالمات الفيديو للتواصل مع العائلة.  - الأطفال بين 2 و5 سنوات: يمكن لهم استخدام الهاتف لمدّة ساعةٍ واحدةٍ يوميًّا، مع التركيز على أن يكون المحتوى الذي يشاهدونه على الهاتف تعليميًّا وليس ترفيهيًّا، وأن يشارك أولياء الأمور المشاهدة، لضمان فهم أطفالهم المحتوى المعروض.  - الأطفال من 6 سنوات فأكثر: يمكنهم استخدام الهاتف لمدّةٍ تتراوح بين ساعةٍ إلى ساعتين يوميًّا، بما يشمل الألعاب، مع ضرورة تشجيعهم على ممارسة الأنشطة الأخرى، مثل القراءة والرياضة، لتوفير التوازن. يُستثنى من هذا الوقت المهام الدراسيّة التي تنجز باستخدام الأجهزة اللوحيّة، مثل التابلت. الهدف النهائيّ بناءُ روتينٍ متوازنٍ، يضمن أنّ وقت استخدام الطفل لشاشة الهاتف لا يؤثّر في نومه، أو نشاطه البدنيّ، أو تفاعله الاجتماعيّ.     ما العمر المناسب للهاتف؟  لا يوجد عمرٌ مناسبٌ لجميع الأطفال لبدء استخدام الهاتف، ولكن يوصي الكثير من الخبراء بالانتظار حتّى وصول الطفل إلى عمرٍ ما بين 12 إلى 14 سنةً، ليحصل على هاتفه الشخصيّ، استنادًا إلى مستوى وعي الطفل واحتياجاته. العنصر الأهمّ هو الحاجة الحقيقيّة إلى الهاتف. إذا كانت الأسرة ترغب في الاطمئنان على الطفل بشكلٍ متكرّرٍ، يمكنه استخدام هاتفٍ عاديٍّ، يقوم بوظيفة الاتّصال الأساسيّة، بدلًا من هاتفٍ ذكيٍّ يتحوّل إلى وسيلةٍ تسبّب الإدمان للطفل.     هل يسبّب الجوال عصبيّة الأطفال؟  أظهرت العديد من الدراسات أنّ الإفراط في استخدام الموبايل، خصوصًا لتصفّح وسائل التواصل الاجتماعيّ، وممارسة الألعاب الإلكترونيّة، يمكن أن يؤدّي إلى زيادة مستويات القلق والتوتّر لدى الأطفال. يعود هذا إلى أسبابٍ مختلفةٍ، منها:  - المقارنة الاجتماعيّة: غالبًا ما تؤدّي وسائل التواصل الاجتماعيّ إلى المقارنات، ما يجعل الأطفال يشعرون أنّهم بحاجةٍ إلى مواكبة أقرانهم أو المؤثّرين، في الألعاب، والملابس، والأنشطة، وغيرها، الأمر الذي قد يسبّب لهم التوتّر، وتدنّي احترام الذات.  - اضطرابات النوم: قد يعاني الأطفال الذين يستخدمون الهواتف حتّى وقتٍ متأخّرٍ من الليل، دورات نومٍ متقطّعةٍ، ما قد يسبّب زيادةً في ردود أفعالهم العنيفة.  - التعرّض إلى المعلومات الزائدة: قد يشعر الأطفال بحالةٍ من التحفيز المستمرّ، بسبب التعرّض إلى الكثير من المعلومات والرسائل والإشعارات، ما يجعلهم يعانون الإرهاق وضعف التحصيل الدراسيّ.    يمكن أن يساعد الحدّ من استخدام الهاتف، ومراقبة التطبيقات أو المحتوى الذي يتفاعل معه الأطفال، في تقليل هذه العوامل المسبّبة للتوتر.    كيف أخلّص ابني من إدمان الهاتف؟  يمكنك القيام بالعديد من الأمور لمساعدة طفلك في كسر إدمانه على استخدام الهاتف. على سبيل المثال:  -تخصيص وقتٍ خالٍ من الهاتف: كما ذكرنا آنفًا، فالأطفال يقلّدون آباءهم وأمّهاتهم، لذا، إذا كنت تريد لطفلك أن يقلّل استخدام الهاتف، فيمكن تخصيص ساعةٍ يوميًّا تقوم فيها الأسرة بأكملها بإيقاف تشغيل هواتفها، وممارسة نشاطٍ ممتعٍ معًا، ما يريح الطفل من الهاتف، ويقوّي الروابط العائليّة في الوقت نفسه.  -تحويل الأمر إلى تحدٍّ: يمكن تحويل وقت الابتعاد عن الهاتف إلى تحدٍّ مع تقديم حافز. بمعنى أن تطلب من طفلك عدم استخدام الهاتف لمدّةٍ أطول - مثل يومٍ كاملٍ - وتقديم مكافأةٍ له عند الالتزام.  -تصميم منطقةٍ خاليةٍ من الهاتف في المنزل: ساعد طفلك في تخصيص منطقةٍ خاليةٍ من الأجهزة الإلكترونيّة في غرفته، أو أيّ جزءٍ آخر من المنزل، لا يسمح فيه باستخدام أيّ جهازٍ إلكترونيّ. يمكن أن تحتوي المنطقة على أيّ عنصرٍ يعزّز الاسترخاء والإبداع، ما يجعل الابتعاد عن الهاتف ممتعًا ومنعشًا.  -خطّط لقضاء عطلة نهاية أسبوعٍ في الهواء الطلق: احرص على تخطيط يومٍ عائليٍّ في الهواء الطلق، للانفصال التامّ عن الموبايل، مثل الذهاب في نزهةٍ في مكانٍ طبيعيٍّ، إذ يساعد الهواء النقيّ والنشاط البدنيّ على الاسترخاء، وعدم إحساس الطفل بالحاجة إلى الهاتف.    ***  يمكن القول إنّ أفضل بدائل الهواتف المحمولة للأطفال هي الأجهزة التي توفّر تجارب تعليميّةً ممتعةً، وتحدّ من التعرّض إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيّ، مثل الأجهزة اللوحيّة المزوّدة بتطبيقاتٍ تعليميّةٍ وأجهزة قراءةٍ إلكترونيّةٍ، تعزّز من الإقبال على القراءة.  في نهاية المطاف، يتمثّل الهدف في إعطاء الأطفال الأدوات التي تمكّنهم من الاستكشاف والتعلّم والنموّ، وتعزّز استخدامًا متوازنًا للتكنولوجيا، يحقّق لهم الفائدة بعيدًا عن المخاوف المرتبطة بالهواتف الذكية. سواء كان طفلك يبني روبوتًا، أو يقرأ كتابًا إلكترونيًّا، أو يحلّ الألغاز باستخدام وحدات ألعابٍ تعليميّةٍ، فإنّ هذه البدائل يمكن أن تخلق بيئةً رقميّةً آمنةً وغنيةً لتطوير العقول الشابّة.    المراجع   https://www.hindustantimes.com/lifestyle/relationships/5-interesting-activities-to-help-your-child-get-over-smartphone-addiction-101689149537410.html  https://www.natgeokids.com/uk/parents/screen-time-for-kids/  https://findmykids.org/blog/en/what-to-give-your-child-instead-of-a-smartphone  https://infokids.com.au/12-alternative-activities-to-keep-child-busy-other-than-watching-tv/ 

كيف تعرف أنّ طفلك يعاني اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟

من الطبيعيّ أن يحرص الوالدان على حماية أطفالهما، والبحث دائمًا عن علامات الضيق، أو التغيّرات السلوكيّة التي قد تشير إلى صراعاتٍ عاطفيّةٍ عميقةٍ؛ فكيف إذا تعلّق الأمر بأحد أكثر حالات الصحّة العقليّة تحدّيًا، وهو اضطراب الشخصيّة الحدّيّة (BPD). غالبًا ما يرتبط اضطراب الشخصيّة الحدّيّة بتقلّباتٍ مزاجيّةٍ شديدةٍ، واستجاباتٍ عاطفيّةٍ قويّةٍ، وعلاقاتٍ مضطربةٍ، وقد يكون من الصعب تشخيصه، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. في هذه المقالة، سنستكشف أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة، وآثاره النفسيّة في الأطفال، وخيارات العلاج المتاحة، لمساعدتهم على التأقلم في نهاية المطاف.    ما اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ صحّيّةٌ عقليّةٌ حادّةٌ، تجعل الفرد يعاني مشاكل في التحكّم في عواطفه وانفعالاته تجاه نفسه والآخرين. تخلق هذه الحالة في كثيرٍ من الأحيان صعوبةً في الحفاظ على علاقاتٍ متوازنةٍ طويلة الأمد، مع أفراد الأسرة والأصدقاء والمحيطين.  غالبًا ما يخشى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة الهجران، ويعانون تقلّباتٍ مزاجيّةً تجعلهم يتصرّفون باندفاعٍ، ما يتسبّب في حدوث صراعاتٍ متتاليةٍ في علاقاتهم. كما يفتقر المصابون بهذا الاضطراب إلى الشعور الواضح بالهويّة، ويغيّرون توجّهاتهم وآراءهم بشكلٍ متكرّرٍ، سواء في تفكيرهم أو في سلوكيّاتهم.  يُظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة نشاطًا متزايدًا في الجهاز الحوفيّ، وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن استجاباتنا السلوكيّة والعاطفيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالسلوكيّات التي نحتاج إليها للبقاء، مثل التغذية والتكاثر، والاستجابة للقتال أو الهروب، أو ما يسمّى بعمليّة الكرّ والفرّ.  على الرغم من أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ خطيرةٌ، تستمرّ مدى الحياة، إلّا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تطوّرًا كبيرًا في خيارات علاجه، فبات يمكن للأطفال والمراهقين بحصولهم على الدعم المناسب، تعلّم إدارة أعراضه بشكلٍ فعّال.    أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين  من الصعب فهم علامات اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين إلى حدٍّ ما، إذ من السهل الخلط بينها وبين السلوكيّات النموذجيّة للمراهقين. ومع ذلك، فإنّ أعراضه عادةً ما تكون أكثر شدّةً وديمومةً، وتؤثّر في كلّ جانبٍ تقريبًا من جوانب حياة الطفل. في الآتي بعض الأعراض الرئيسة التي يجب الانتباه إليها:  تقلّبات مزاجيّة شديدة  غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة تقلّباتٍ مزاجيّةً سريعةً وشديدة. فقد ينتقلون من الشعور بالسعادة إلى الاكتئاب الشديد في غضون ساعاتٍ، والذي غالبًا ما يترافق مع الغضب. قد لا تتناسب هذه التقلّبات المزاجيّة مع الموقف، وتكون أكثر حدّةً ممّا قد يصدر عن الطفل النموذجيّ أو السليم.  الخوف من الهجر  يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة خوفًا شديدًا من الهجر. وقد يصبحون متملّكين، أو معتمدين بشكلٍ مفرطٍ على أحبّائهم، وغالبًا ما يعتقدون أنّ أحبّاءهم سيتركونهم. قد يؤدّي هذا الخوف إلى سلوكيّاتٍ يائسةٍ، مثل المكالمات المتكرّرة، أو الرسائل النصّيّة، للتحقّق من مكان وجود شخصٍ ما، أو توجيه اتّهاماتٍ غير عقلانيّةٍ بالخيانة أو الرفض.  العلاقات غير المستقرّة  غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة علاقاتٌ كثيرةٌ، لكن غير مستقرّة. تجدهم تارةً يمجّدون شخصًا ما، وتارةً أخرى يشعرون تجاهه بالكراهية الشديدة أو خيبة الأمل. يمكن أن يؤدّي هذا التفكير الذي يمكن تشبيهه "بالأبيض والأسود"، أو "الكلّ أو لا شيء"، إلى صراعاتٍ مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء المدرسة، ما يسبّب الشعور بالوحدة والعزلة.  السلوكيّات الاندفاعيّة  الاندفاعيّة هي السمة المميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة. قد يتورّط الأطفال أو المراهقون في سلوكيّاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، مثل إيذاء النفس، أو الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدّرات، أو القيادة المتهوّرة، في محاولةٍ للتخفيف من المشاعر الشديدة، أو التعامل مع مشاعر انخفاض احترام الذات.  صورة ذاتيّة غير مستقرّة  قد يعاني الطفل المصاب باضطراب الشخصيّة الحدّيّة صورةً ذاتيّةً مشوّهةً أو غير واضحةٍ، وغالبًا ما يعاني مشاعر فقدان قيمته الشخصيّة، أو الشعور بالذنب أو الخجل غير المبرّرين. قد يواجهون أيضًا صعوبةً في فهم أنفسهم وقيمهم، ما يؤدّي إلى تغييراتٍ متكرّرةٍ في الأهداف والاهتمامات والتطلّعات.  اضطراب العواطف  يعدّ اضطراب التنظيم العاطفيّ أحد الأعراض الواضحة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة، إذ يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب مشاعر ذات شدّةٍ غير اعتياديّةٍ، حتّى أنّ الأحداث البسيطة يمكن أن تؤدّي إلى حزنٍ شديدٍ، أو غضبٍ، أو خجل. لا تقتصر هذه المشاعر على كونها أكثر حدّةً، بل غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا لتهدأ.  سلوك إيذاء النفس والأفكار الانتحاريّة  يعتبر سلوك إيذاء النفس، بما في ذلك القطع أو الحرق أو الخدش، شائعًا بين المراهقين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة. غالبًا ما تكون هذه الأفعال محاولاتٍ للتعامل مع مشاعر مثل الألم، أو الفراغ، أو الشعور بالذنب، ويتطلّب هذا الجانب من الاضطراب مراقبةً دقيقةً ودعمًا متخصّصًا.    التأثيرات النفسيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة في الأطفال  لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة أبعادٌ مختلفةٌ، وقد يكون ذا تأثيرٍ عميقٍ في نفسيّة الطفل. فالعيش مع هذا الاضطراب يعني تجربة مشاعر مكثّفةٍ وفوضويّةٍ خارجةٍ عن السيطرة، غالبًا ما تجعل الطفل يشعر أنّه "أصعب ممّا يستطيع الآخرون التعامل معه". قد يؤدّي هذا إلى مشاعر مزعجةٍ بسبب الوحدة والرفض، فيشعر الطفل أنّه غير مفهومٍ أو غير محبوبٍ، ما يزيد من مخاوف الهجران لديه، ويضخّم مشاعره السلبيّة عمومًا.  في حين أنّ الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة يعانون نقص احترام الذات، والذي يؤدّي بدوره إلى عدم الاستقرار في علاقاتهم وصورتهم الذاتيّة، فإنّ هذه المشاعر المضطربة تخلق حلقةً مفرغةً ومؤلمةً، لذلك نجدهم يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ أو متهوّرٍ، بسبب شعورهم بعدم الحبّ أو عدم الجدارة، والغربة حتّى أثناء وجودهم وسط أحبّائهم.    تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال  يعدّ تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين معقّدًا بعض الشيء، إذ يتشارك العديد من الأعراض مع اضطراباتٍ أخرى، مثل الاكتئاب، والاضطراب ثنائيّ القطب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). الحقيقة أنّ المتخصّصين في الصحّة العقليّة حذرون جدًّا بشأن تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة قبل سنّ الرشد، لأنّ سمات شخصيّة الطفل أو المراهق لا تزال في طور النموّ. ومع ذلك، عندما تكون الأعراض شديدةً ومستمرّةً، ومتداخلةً مع الحياة اليوميّة، يكون من المفيد التعمّق في التشخيص مع المختصّ.    كيف تساعد في علاج اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند طفلك  من أصعب المواقف التي قد تمرّ فيها كونك أحد الوالدين، مشاهدة ابنك يتخبّط بين مشاعر شديدةٍ وسلوكيّاتٍ اندفاعيّةٍ لا يجد منها مفرًّا. قد تشعر بالعجز، أو الإحباط، أو حتّى الخوف، لكن ضع في حسبانك دائمًا أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة ليس انعكاسًا لشخصيّة طفلك، بل هو حالةٌ مرضيّةٌ سيتمكّن من التغلّب عليها بمساعدتك وتفهّمك لحالته. إليك بعض الطرق للمساعدة:  استيعاب حقيقة مشاعره  ليس مطلوبًا منك أن تفهم المشاعر التي يمرّ فيها طفلك تمامًا، لكن سيكفيه أن "تتفهّمها"، وتعرف أنّه لا يملك خيار التحكّم بها، فهذا سيولّد لديه الشعور بالأمان. لذلك تجنّب عباراتٍ مثل "أنت تبالغ"، أو "اهدأ فقط". بدلًا من ذلك، حاول أن تقول: "أتفهّم أنّ ما تشعر به صعبٌ عليك".  تشجيع الروتين  يساعد وجود جدولٍ يوميٍّ لنشاطات وأوقات الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، في التنبّؤ بأحداث يومهم القادمة، ما يمدّهم بمزيدٍ من الإحساس بالأمان. يمنح الروتين اليوميّ شعورًا بالاستقرار والثبات، وهما أكثر شعورين يفتقد إليهما المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة.  ممارسة الصبر والرحمة  التعافي من اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عمليّةٌ تدريجيّةٌ، قد يرتكب طفلك أخطاءً ويواجه صعوباتٍ على طول الطريق. لذلك من المهمّ أن تظهر الصبر والتعاطف، وتطمئنه أنّه ليس وحيدًا، وأنّه محبوبٌ بغضّ النظر عن سلوكيّاته والتحدّيات التي يواجهها، وأنّك تحبّه حبًّا غير مشروط.    ***  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ معقّدةٌ وصعبةٌ، لكن مع دعم الأهل المناسب، يمكن للأطفال والمراهقين تعلّم إدارة أعراض هذه الحالة، وبناء حياةٍ مُرضية. إذا كنت تشكّ في أنّ طفلك قد يكون مصابًا باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، فإنّ طلب المساعدة المهنيّة من مختصٍّ خطوةٌ أولى مهمّة. تذكّر أنّ العلاج يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ومع الوقت والصبر والتعاطف، تمكنك مساعدة طفلك في الانتقال إلى مسارٍ أكثر استقرارًا وقبولًا للذات.    المراجع   https://www.healthline.com/health/understanding-personality-disorders-in-children#treatment\  https://goodhealthpsych.com/blog/recognizing-the-early-signs-of-bpd-in-children-what-parents-should-know/  https://helpingminds.org.au/supporting-child-with-borderline-personality-disorder/