عقدت منهجيّات ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2025 بالتعاون مع شبكة تمام المهنيّة، بعنوان "الشراكة مع الأهل: استكشاف مفاهيم، وتجارب وتحدّيات وفرص". وركّزت على محاور مختلفة، هي:
1. مفهوم الشراكة مع الأهل.
2. تجارب ميدانيّة.
3. التحدّيات والفرص لبناء الشراكة مع الأهل.
استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: أ. رضا العيّاش، مديرة المدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. شيخة الجفيليّة، مديرة مدرسة حيل العوامر، عُمان؛ د. نورة محمّد، اختصاصيّة نفسيّة في مدرسة الظعاين الابتدائيّة الإعداديّة للبنات، مصر/ قطر؛ د. بدر العتيبي، مدير ثانويّة ابن النفيس- السعوديّة.
أدارت الندوة أ. ريان قاطرجي، منسّقة ومصمّمة برامج وباحثة في شبكة تمام المهنيّة - لبنان/ الإمارات. استهلّت أ. قاطرجي الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.
المحور الأوّل: مفهوم الشراكة مع الأهل
قدّمت أ. ريان للمحور بأنّ الشراكة مع الأهل مفهومًا لم يعطَ حقّه قديمًا في مجال الأبحاث والدراسات، ولكن اليوم، ازداد الاهتمام به من قِبل التربوييّن والمختصّين، ومن هُنا، طرحت أ. ريان سؤالًا تأطيريًّا للمحور، هو:
ما هو مفهومكم للشراكة الناجحة مع الأهل؟
استهلّت أ. رضا العيّاش حديثها بمشاركة تجربة المدرسة الأهليّة في لبنان، والتي تقوم أساساتها على الشراكة مع الأهل. واعتبرت أنّ مفهوم الشراكة الناجحة يجب أنّ يُبنى على إطار محدّد ذي أسس معيّنة، ومترجم عمليًّا على الأرض. وهو مفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى، إذ يتنوع بين مدارس يقتصر فيه المفهوم على سلوكيّات الطالب وتحصيله العلميّ، أي إنّ الطالب محورُ هذه الشراكة فقط. ومدارس تشارك الأهل في الأنشطة المدرسيّة مثل الفعّاليّات والمناسبات، وصولًا إلى مفهوم الشراكة التي تنفّذه مدارس مثل المدرسة الأهليّة، وهي الشراكة في صنع القرار. وتابعت بأنّ التواصل عنصر أساسيّ في الشراكة الناجحة، ويجب أنّ تكون طرقه متّفقًا عليها بين المدرسة والأهل. وهُنا على المجتمع المدرسيّ الانتباه إلى جاهزيته لهذا التواصل بطريقة مهنيّة، حيث يمكن أنّ تشارك الكوادر التعليميّة بتدريبات تطوّر لديهم مهارة التواصل مع الأهل، من أجل تحقيقه بأفضل طريقة ممكنة. من جانب آخر، على الأهل أن يكوّنوا فهمًا واضحًا للشراكة مع المدرسة، ليكونوا جاهزين.
ما أهمّيّة الشراكة مع الأهل بالنسبة إلى المدرسة؟
أجاب د. بدر العتيبي عن السؤال منطلقًا من أهمّيّة التفاعل الإيجابيّ بين الأهل والمدرسة، ودور استخدام مواقع التواصل في الأغراض التعليميّة، وتقليل المشتّتات التي تواجه الطالب في القرن الحاليّ، ولا سيّما تلك المشتّتات المرتبطة بهذه المواقع. ليصبح دورها تعليميًّا عوضًا عن التسليّة فقط.
وأضاف د. العتيبي، أنّ التعاون البنّاء بين الأسرة والمدرسة يواجه التحديّات التي تحدث مع الطالب من بداياتها، إذ يحدث مشاركةً في تعديل السلوك، فكلّما كان هذا التعاون فعّالًا ومندمجًا وفي مراحل مبكرة من المشكلات النفسيّة والسلوكيّة للطالب، كان التعامل مع هذه المشكلات أسهل وأكثر إيجابيّة.
ما أشكال الشراكة الناجحة مع الأهل؟
أشارت أ. شيخة الجفيليّة انطلاقًا من تجربتها، إلى أنّ التقنيّات الحديثة سهّلت كثيرًا الشراكة مع الأهل، إلى جانب فتح المدارس أبوابها لأوليّاء الأمور. كما أشارت إلى وجود لجنة للأمّهات في مدرستها، مع اختيار رئيسة لها. تسهم هذه الرئيسة بوضع الخطّة المدرسيّة لتمثّل صوت الأهالي فيها. وتعقد الاجتماعات الحضوريّة مع الأهالي في بداية الفصل الدراسيّ ونهايته، للتشاور في العمليّة التعليميّة. إلى جانب عقد اللقاءات بشكل فرديّ مع أولياء الأمور خلال العام الدراسيّ.
وأكدت أ. الجفيليّة أنّه، في مدرسة حيل العوامر التي تديرها، كان دور الأهل غير محصور بشراكتهم مع المدرسة في تحسين جودة التعلّم، بل امتدّ ليطال دورهم في القضاء على بعض الظواهر السلبيّة في المجتمع، مثل التنمّر. ذلك إضافة إلى أدوار أخرى للأهل، في الفعّاليّات الخاصّة بالمدرسة، مثل يوم المعلّم، والمناسبات الدينيّة، وتكريم الطلّبة المتفوّقين.
ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ المدرسة أيضًا كانت عنصرًا مشاركًا في فعّاليّات مجتمعيّة مختلفة، مثل فعّاليّات في الجامعة ووزارة الصحّة، وفعّاليّات أخرى فنيّة وتقنيّة بالتعاون مع مؤسّسات مختلفة. كلّها كانت فعّاليّات تتناول قضايا لها دور مباشر في التأثير في الطالب والمجتمع بشكل عامّ. فكانت العلاقة تبادليّة، والمنفعة مشتركة بين المدرسة ومحيطها.
الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مَن في مدرستكم؟
تحدّثت د. نورة محمّد عن تجربتها في مدرسة الظعاين، وعن أهمّيّة وجود لجان في المدارس تختصّ بالشراكة المجتمعيّة، مؤكّدة على أنّ الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مشتركة بين جميع أطراف العمليّة التعليميّة من إدارة ومعلّمين.
كما ذكر د. محمّد توزيع استبيانات للأهالي في بداية العام الدراسيّ لأخذ آرائهم حول المشاركة في الأنشطة، وما لديهم من أفكار في تطوير المدرسة، ومن هُنا يتمّ تحديد الأهالي الراغبين في المشاركة في مجلس الأمّهات.
المحور الثاني: تجارب ميدانيّة
كيف يمكن أن تستفيد المدارس من دعم الجهّات الرسميّة لتفعيل شراكتها مع الأهل؟ هل يمكنك اختيار مبادرة تعكس هذا التعاون في السياق المحليّ؟
قالت أ. الجفيلية إنّ أيّ نظام إداريّ واعٍ سيعمل على تحسين العلاقة بين المجتمع والمدرسة، وهذه العلاقة يجب أنّ تعمل على تحقيق ما تصبو إليه المؤسّسة التعليميّة. وانطلقت من تجربتها في سلطنة عُمان، إذ تركّز المؤسّسات التعليميّة على تقديم تعليم عالي الجودة، وتخريج طالب متميّز مغروسة فيه الأخلاق والثقافة العاليّة، ليكون عضوًا فعّالًا ومنتجًا في المجتمع.
شاركت أ. الجفيلية تجربتها في سلطنة عُمان، مع وجود نظام البوّابة التعليميّة الإلكترونيّة، وفي هذه البوابة، كلّ ما يخصّ المدارس في مختلف المراحل الدراسيّة. ومن ضمن لجان هذه المدارس في البوّابة، لجنة "مجالس أوليّاء الأمور". ويتمّ تقييم دور هذه المجالس من خلال تنفيذها للشراكة الناجحة مع أوليّاء الأمور والمجتمع. وتنبثق منها مجموعة من اللجان:
- - اللجنة الماليّة.
- - لجنة التعليم.
- - اللجنة الاجتماعيّة.
- - لجنة الأنشطة.
ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ الجهّات الرسميّة في عُمان حاضرة وداعمة لمجالس أوليّاء الأمور في العديد من الأنشطة، ويتمّ تكريم مجالس أوليّاء الأمور الداعمة والمؤثّرة في المدرسة، على مستوى سلطنة عُمان، وعلى مستوى المديريّات.
كما ذكرت أ. الجفيليّة تجربة "الاختبار المريح"، وهو أحد مشاريع لجنة التعليم في اللجان المدرسيّة. إنّ فكرة الاختبار المريح تقوم على إبعاد القلق عن الطالب أثناء دخوله الامتحان، حيث خصّصت المدرسة أماكن لتواجد الأمهات لدعم بناتهنّ قبل الامتحان، وتشجيع الطالبات على تقديم أفضل ما عندهنّ. كما توفّر الأمهات وجبات صحّيّة للطالبات في كلّ امتحان، لإعانتهنّ على التركيز والحفاظ على صحّتهنّ العقليّة والجسديّة.
من المبادرات أيضًا مبادرة " الحيل تتدبّر"، حيث تقوم إحدى الأمهات بتلاوة آية قرآنيّة في الطابور الصباحيّ، ويرددها كافّة من في الطابور المدرسيّ بمن فيه من معلّمين وطلّاب. ونتدبّر هذه الآية التي نختار موضوعها إمّا عن العلم أو المعرفة، أو غرس القيم الاجتماعيّة الطيّبة، أو غيرها من الموضوعات التي تمسّ الطالبات بشكل مباشر.
كما تحدّثت أ. الجفيليّة عن التعاون مع الأمّهات صاحبات المهارات والرياديّات في تدريب الطالبات على ريادة الأعمال، مثل تقديمهنّ ورشًا للتطريز في المدرسة، علّمت فيها الأمهات مهارة التطريز اليدويّ، وأصبح هذا التطريز مصدر دخل لبعض الطالبات.
هل تمكن مشاركة مبادرة تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الأهل والمدرسة؟
ذكر د. العتيبي مبادرة "جسور" وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز قيمة الأسرة ومكانتها في المجتمع المدرسيّ، وتأكيد رعايتها للأفراد في بيئة تحترم دورهم وتلبّي احتياجاتهم عبر شراكات مجتمعيّة نوعيّة، ضمن برامج محفزّة تخدم الأغراض التعليميّة وترفع الوعيّ المجتمعيّ.
ووضّح د. العتيبي، خطّة سير هذه المبادرة، حيث بدأت بتوزيع استبيانات على أوليّاء الأمور تبحث في رغبة الأهالي بالمشاركة في مسارات المبادرة المختلفة، والخدمات التي يمكنهم تقديمها خلال هذه المسارات للمدرسة. لتجهيز قاعدة بيانات ضخمة لهؤلاء الأهالي والعودة إليها عند تنفيذ البرامج.
من الأمثلة على المسارات التي نفّذتها المدرسة بالتعاون مع الأهالي، المسار المجتمعيّ الذي انبثقت منه البرامج العلميّة والعمليّة التي تدعم المنهج وتجهّز الطلبة للمرحلة الجامعيّة، إذ تمّ في أحد هذه البرامج استقطاب ولي أمر طالب، وهو مُدرّس أكاديميّ في إحدى الجامعات، وقدّم محاضرة علميّة بعنوان "الطاقة والبيئة". ومن هذه البرامج أيضًا تقديم أحد الأساتذة الجامعيّين محاضرة بعنوان "البيئة الجامعيّة ومهارات النجاح".
كما نُفذّت المبادرة المسار التوعويّ، والتي أسهمت في رفع الوعي الفكريّ لدى الطلبة، ويقدّمها أولياء الأمور أيضًا. إضافة إلى المسار التطويريّ الذي يعمل على تطوير الطلّبة بالشراكة مع الأهل في جوانب عدّة، ومنها الجانب التجاريّ وجانب ريادة الأعمال. وعلى صعيد المسار الصحّيّ، قدّم أولياء الأمور في القطاع الطبيّ محاضرات في المدرسة تتعلّق بالتغذيّة وسلامة الأسنان والصحّة.
ولفت د. العتيبي إلى تنفيذ المسار التشاركيّ مع أولياء الأمور، حيث يشاركون بهجة التخرّج والاحتفال في نهاية العام الدراسيّ. ومن البرامج التشاركية أيضًا، برنامج ربط الأجداد بالأحفاد، حيث يحضر الأجداد إلى المدرسة لمشاركة خبراتهم وتجاربهم مع الطلّاب.
من جهتها شاركت د. محمّد تجربة مدرستها في مبادرة "أسرتي مجتمعيّ"، وترتكز رؤية المبادرة على ترسيخ القيم الأخلاقيّة في الأسرة لبناء مجتمع مدرسيّ رياديّ. وتقوم رسالة المبادرة على تعزيز الشراكة الواعية بين الأسرة والمدرسة، في تنشئة الطالبات على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة وعادات وتقاليد المجتمع القطريّ.
وبحسب د. محمّد تكمن أهمّيّة المبادرة في تعزيز الشراكة الواعيّة بين الأسرة والمدرسة في تنشئة الطالبات، وتحقيق الشراكة المجتمعيّة في دعم عمليتَي التعليم والتعلّم. وتأكيد رعاية الأسرة لأفرادها في بيئة تحترم كلّ فرد منها وتلبّي احتياجاته.
وتحدّثت د. محمّد عن تنفيذ جوانب متعدّدة لخطّة المبادرة، حيث كان للخطّة جوانب سلوكيّة وصحّيّة وبيئيّة. وكانت لكلّ جانب أنشطة معيّنة على مدار العام، ينفذ هذه الأنشطة أطراف من المدرسة أو أوليّاء الأمور أو مؤسّسات مجتمعيّة خارج المدرسة، وذلك من خلال ورش عمل وأنشطة متنوّعة.
وأشارت د. محمّد إلى نشاط بعنوان "فنجان قهوة"، تُدعى فيه الأمّهات إلى المدرسة، وتُعقَد جلسات معهنّ لتوعيتهنّ بوجود اختصاصيين، في ما يتعلّق بالطريقة الأمثل لتعاملهنّ مع أبنائهنّ وبناتهنّ، وتعزيز أدوارهنّ الإيجابيّة في الأسرة بما يدعم الطلّاب والطالبات. كما عرّجت د. محمّد على مجموعة من الأنشطة التي نفّذتها المدرسة ضمن هذه المبادرة، ومنها:
- - ورشة عمل تفاعليّة للأمّهات قدّمتها اختصاصيّات، حول سبب غياب الطالبات.
- - في اليوم البيئيّ نشاط أنا أزرع مع أمّي، حيث تقوم الأمّ وابنتها بزراعة نبتة في المدرسة.
- - في اليوم الرياضيّ تمّ استدعاء الأمّهات للمشيّ مع بناتهنّ حول المدرسة.
- - تكريم الطالبات المتوفقات والموهوبات بحضور أولياء الأمور.
المحور الثالث: تحدّيات وفرص لبناء الشراكة مع الأهل
تأثير الاختلافات الثقافيّة والاجتماعيّة بين بيئة الأهل والمدرسة، في بناء شراكة بين الطرفين
أشارت أ. العيّاش إلى أنّ المدرسة الأهليّة، منذ بداية تأسيسها بشراكات بين الأهل والمعلّمين، تحمل رسالة التنوّع. وهي مدرسة علمانيّة تجمع بين كلّ فئات المجتمع. كما قالت إنّها تمثّل صورة مصغّرة عن لبنان، كما نأمل أنّ تكون الحياة في لبنان ذي التنوّع الثقافيّ الكبير. نحاول تنفيذ هذه الآمال بشكل مصغّر في مدرستنا بأسلوب مبنيّ على الاحترام.
وتحدثت أ. العيّاش عن مثال نُفّذ في المدرسة، حيث جًهّزت إقامة سكن للطلّاب، جمعت الإدارة فيه طلّابًا من طوائف وأماكن مختلفة، ليكون هذا التنوّع فرصة للتعلّم، إذ لا تقتصر العمليّة التعليميّة على الكتاب أو الأستاذ، أيضًا الطلّاب يتعلّمون من بعضهم. كما يُحتفَل بالمناسبات الاجتماعيّة والدينيّة في هذه البيئة الخصّبة بالتنوّع، من دون أنّ تكون هذه الأنشطة موجهّة لفئة معيّنة، بل يتمّ إشراك الطلّاب كلّهم بهذا الاحتفال.
وقالت أ. العيّاش إنّ المدرسة الأهليّة لا تهدف للربح، وإنّ الأقساط التي يدفعها الأهل تذهب إلى تحسين العمليّة التعليميّة وتطويرها، وهذا بحدّ ذاته مشاركة فاعلة لهم في المدرسة. كما يذهب قسم من القسط المدرسيّ إلى تسديد بقيّة أقساط الطلّاب الذين لا يمتلكون القدرة على دفع القسط كاملًّا، ما يضمن التكافل بين الأهالي من مختلف طبقاتهم الاجتماعيّة.
التحديّات التي تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة مع وجود اختلاف الثقافات؟
أكدّت أ. العيّاش على حتميّة وجود تحديّات تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة، في ظلّ التنوّع الثقافيّ. فعند انتقال الطالب من مدرسة تختلف في سياساتها عن مدرستنا، يكون هناك اختلاف في توقّعات الأهل من المدرسة، وتوقّعات المدرسة من الأهل. وهذا الاختلاف في التوقّعات يبدّده التواصل الفعّال من أجل تحديد شكل العلاقة بين الأهل والمدرسة. وذلك من خلال تخصيص اجتماعات - على سبيل المثال - لأهالي الطلبة المنتسبين حديثًا للمدرسة، أو تخصيص لقاءات فرديّة أو تواصل إلكتروني، أو عبر الهاتف، وعلى المدرسة أنّ تفهّم طريقة التواصل التي يفضّلها الأهالي.
وقالت أ. العيّاش إنّ هذا التواصل مع الأهالي ليس هدفه الحديث عن أداء الطالب الدراسيّ وحسب، بل أيضًا يهدف إلى أن تتعرّف المدرسة إلى ثقافة الأهل، وخبراتهم وتطلّعاتهم من المدرسة، لبناء فرص للشراكة معهم.
من جهتها، قالت أ. الجفيلية إنّ الإدارة متى ما اقتنعت بأهمّيّة شراكة الأهل مع المدرسة، فإنّها تؤثر في المعلّمين وفي الأهل أيضًا، وهذا يحتاج إلى الصبر والتأنّي، لأنّ أوليّاء الأمور من بيئات مختلفة ودول مختلفة، لكنّ الشراكة في هذه الأيام لم تعد صعبة كالسابق، مع وجود وسائل التواصل الكثيرة والمتنوّعة التي بنت جسورًا بين الأهل والطالب. ومتى ما وجد وليّ الأمر أنّ المدرسة تسعى لبناء هذه الجسور، نجد اقترابًا من الأهل منها.
كيف يمكن لاختلاف التوقّعات وفهم الأدوار بين الأهل والمدرسة أنّ يؤدّي إلى تحديّات في بناء الشراكة بينهم؟
أكدّ د. العتيبي في بداية إجابته عن هذا السؤال، أنّ التعليم خدمة تقدّمها المدرسة، ويتلقّاها الطالب والأهل، وكلّ وليّ أمر يتوقّع هذه الخدمة بطريقة مختلفة، ووظيفة المدرسة فهم هذه التوقّعات، والبحث في خلفيّات الأهالي الثقافيّة المختلفة، من أجل الوصول إلى خدمة تتلاءم معهم.
وتابع د. العتيبيّ بأنّ التحدّي الثاني هو أنّ أيّ مؤسّسة تعليميّة، دورها الأساسيّ تخريج طالب يمتلك المهارة والمعرفة والسلوك الإيجابيّ، وهذا الدور يجب أنّ توضحه المدرسة للأهل، حتّى لا تكون هناك فجوة بين الدور الذي تقدّمه المدرسة، وتوقّعات ولي الأمر منها. وأكمل بأنّ على المدرسة أنّ تمتلك خطّة تبدأ بالمدرسة وتنتهي بالأسرة، توضّحها لأولياء الأمور، وتبيّن فيها كيف يكون دور الأهل فاعلًا في تطوير عمليّة التعليم.
ما الفرص التي يمكن استثمارها لتطوير الشراكة بين المدرسة والأهل؟
قالت د. محمّد إنّ من أهمّ الفرص استغلال الأيّام والمناسبات الوطنيّة والعالميّة، من أجل التعرّف بشكل أكبر إلى الأهل، مثل يوم الثقافات، حيث تحضر الأم برفقة ابنتها، مع ارتداء الزيّ الشعبيّ لكلّ دولة، وتشارك الطعام التقليديّ لبلدها.
ما الخطوات المستقبليّة التي يمكن اتّخاذها لتفعيل الشراكة مع الأهل؟
أكدّت أ. العيّاش على ضرورة إكمال الخطوات التي بدأت بها المدرسة لتفعيل الشراكة مع الأهل، وتوسيعها بشكل أكبر وذلك باستغلال كلّ الفرص لبناء الثقة بين المدرسة والأهل، وإشراكهم في اتّخاذ القرارات التي تنفّذها المدرسة، مثل نوعيّة المناهج المعتمدة، لأنّ أوليّاء الأمر هم من سيحافظون على استمراريّة جودة التعليم في المستقبل. الأمر الذي يحتاج إلى عمل دائم وجهد وتخطيط لبناء هذا التواصل الفعّال بما يفهم احتياجات الطالب والأهل.
في خِتام الندوة، قدّمت أ. قاطرجي تلخيصًا للندوة التي سلّطت الضوء على شراكة المدرسة مع الأهل، بجوانبها المُختلفة. وشكرَت المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. وأشارت إلى أنّ المبادرة التي ينفّذها مركز تمام حاليًّا، تهدف إلى خلق تناغم بين ثقافة المدرسة وثقافة البيت وتحقيق احترام وتكامل بين أدوار المدرسة والعائلة، وإيجاد سُبل للتعاون والتشارك بينهما، وصولًا إلى رؤية الشراكة الناجحة والحقيقيّة بين المدرسة والأهل.