مي نبيل الديني- معلّمة ومدرّبة- فلسطين
مي نبيل الديني- معلّمة ومدرّبة- فلسطين
2025/03/13

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

الدراما التكوّنيّة، عباءة الخبير، منحى STEAM. حيث أسهم توظيفها بتفعيل جميع الطلّاب على جميع مستوياتهم، وإدراك الطالب لقيمته ودوره داخل عمليّة التعلّم. وبالتالي، رفع ثقة الطلّاب بأنفسهم وإدراكهم لذواتهم. ثمّ ارتفاع مستوى التحصيل العلميّ ومستوى مخرجات التعلّم المحسوسة، وتطوير اتّجاهات الطلّاب نحو تعلّم العلوم وثقتهم بأهمّيّتها حياتيًّا، واكتساب العديد من المهارات العمليّة والعقليّة والتصميميّة والرقميّة. وقستُ تلك التطورات جميعها عبر تطبيق المقاييس والاختبارات ودراسة حجم الأثر.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

حين يتمّ دمج جوانب STEAM مع الدراما التكوّنيّة والعباءة، نحصل على تعلّم إبداعيّ متكامل. فالدراما التكوّنيّة تحاكي جوانب التفاعل الاجتماعيّ، والوعي الإنسانيّ، والتعاطف وفهم الآخر ودوافعه وأفكاره، وفهم الذات. إضافة إلى إدراك النموذج الذي نتعلّم منه كيفيّة الفعل، وتبنّي القيّم عن قناعة، والوصول إلى وعي كامل بالاستثمار الذي سنحقّقه أفرادًا لدينا الخبرة والكفاءة آنيًّا ومستقبلًا، لأنفسنا وللأسرة والمجتمع. وخلال ذلك، يمكننا دمج بعض التطبيقات الرقميّة التي تساعد في فهم جوانب البحث العلميّ، أو توظيف بعض التطبيقات، لتنظيم خلاصة أبحاثنا وعرضها، أو حتّى أداء المهام الموكلة إلينا عبر التفويض، بعد اكتمال خبرتنا في سياقات العباءة. كما يمكننا توظيف التكنولوجيا عبر تطبيقات التصميم الهندسيّ، والذي يعدُّ جزءًا من إعداد المحيط في الدراما الذي يسهّل تحقيق انخراط فعليّ للطالب في الدور.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في البداية نظنُّ أنّنا لا بدّ أن نكون أشدّاء وحازمين جدًّا في التعامل مع الطالب، ليركّزوا في عمليّة التعلّم، ولتكون للمعلّم هيبته. ولكنّني اكتشفت أنّ الشدّة تُرهب الطالب فتقيّد إبداعاته. كما أدركت أنّ الطالب مهما خلت حياته من المسؤوليّات، يمرّ بالعديد من التغيّرات والظروف التي تحكم سلوكيّاته وتقدّمه. وأنّ الإنسان عمومًا، أكثر ما يحتاج إليه هو اللين واللطف، فصعوبات الحياة لا تقتصر على الكبار. وأدركت ضرورة مشاركة المعلّم لذاته مع طلّابه، ما يبني علاقة ودّيّة وتفاهمًا كبيرًا بين المعلّم والطلّاب، فيكون بمثابة الأخ والصديق، وهذا يشجّع الطلّاب على التعبير عن ذواتهم.

لا بدّ للمعلّم أنّ يمرّ بالعديد من الأخطاء في طرائقه التدريسيّة، وهذه الأخطاء طبيعيّة عند تجربة الأشياء الجديدة. وكلّ خطأ فرصةٌ للتطوير، وليس عيبًا أو عائقًا يمنعنا من الاستمرار في التجريب. وفي كلّ طريقة تدريس جديدة، تكون هناك معيقات وصعوبات، بالتجربة نعرفها لنضع حلولًا وبدائل تيسّر العمل وتحقّق الفائدة المرجوّة.

 

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

  • - مهارة مشاركة الذات مع الطلّاب وفق آليّة متدرّجة.
  • - مهارات التدريس بنهجَي الدراما المدمجين مع منحى STEAM.
  • - مهارة توظيف التقنيّات الرقميّة في التدريس بشكل محقّق للهدف، وليس لمجرّد التوظيف.
  • - مهارة تطوير التعلّم بالمشروع لدى الطلّاب.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

بالتأكيد فهو يحقّق تبادل الخبرات بين المعلّمين، خصوصًا في كيفيّة إدارة التعلّم في وقت الأزمات، والجوانب التي يجب أنّ يراعيها المعلّم في الطلّاب في مثل هذه الفترات، وكيفيّة تقديم تعليم ليّن يرفق بالطلّاب. وأقترح مبادرة تقدّم بعض المقترحات لتجاوز الضغط الداخليّ، والتفريغ النفسيّ للمعلّم ذاته، ثمّ كيفيّة التفريغ النفسيّ للطلّاب، وسط تقنيّات التعلّم المناسبة.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

يلاحظ وليّ الأمر حماس المعلّم وحرصه على جميع جوانب نموّ الطلّاب: النفسيّة والفكريّة والشخصيّة والسلوكيّة. كما يلاحظ التطوّرات الإيجابيّة التي تطرأ على طفله في هذه الجوانب، بعد المشاركة في فعّاليّات تعليميّة وسط الأزمات مثلًا. من هنا، ينطلق ولي الأمر تلقائيًّا إلى متابعة تعلّم الطفل، خصوصًا إن ارتفع مستوى الحماس لدى الطفل، وبدأ يقنع أهله بنفسه بمتابعة تعلّمه؛ مثل أنّ يطلب من الأم أنّ تدوّن له بعض التمارين ليكون متميّزًا في الحصّة الدراسيّة، ليعجب المعلّم ويمدح تطوّر أدائه. هذا المديح ينتقل تلقائيًّا من الطفل إلى وليّ الأمر، ما يحقّق شعورًا بالرضا والإنجاز، ليكون دافعًا إلى مزيد من الاهتمام.

كما يشجّع التواصل المباشر مع المعلّم وليَ الأمر، بحيث يقدّم المعلّم إليه تقريرًا أسبوعيًّا حول تطوّرات الطفل، ما يسهم بإشراك وليّ الأمر في متابعة جوانب القوّة والضعف لدى الطفل. ينمّي ذلك شعورًا بالمسؤوليّة للبناء والتحسين، كما يشجّع المعلّم الطلّاب على الحوار مع الوالدين في الموضوعات التي تُناقَش، وأخذ آرائهم في بعض المهامّ المكلّف بها، ما يجعل ولي الأمر منخرطًا بشكل كامل في تعلّم الطفل.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

بالعمل ووضع المزيد من الأهداف وتوسيعها، كما أحرص على الجوانب الترفيهيّة واستكشاف المواهب وتنميّتها بتخصيص لقاءات مرتبطة بالمشاركات الإبداعيّة ضمن المبادرات. وأخصّص حوارات مرتبطة بجوانب يختارها الطلّاب، وتكون غالبًا اجتماعيّة أو شخصيّة مرتبطة بتبعات التحدّيات الراهنة، أو بتجارب صعبة عايشناها خلال الحرب. هذه اللقاءات تسهم بشكل كبير في التفريغ النفسيّ لنا، معلّمة وطالبات أيضًا.

ولاحظت التطوّر الإيجابيّ الكبير عليّ وعلى طالباتي. على الصعيد الشخصيّ، تخلّصت من اليأس الذي ملأني لفترة طويلة خلال الحرب. كما لاحظت ذلك على طالباتي اللواتي عانى معظمهنّ من الفقد وتبعاته، فقد كنّ في بداية اللقاءات في حالة من الاستماع والصمت وعدم إبراز ما لديهنّ. ولكنهنّ الآن في كلّ مرة، يثبتن أنّ لديهن الكثير لتقديمه ومشاركته معنا بعد تجاوز كبير للأزمة النفسيّة.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

جدولة الأعمال وتحديد الأولويّات. وفي حال الضغط الشديد، أقوم بإنجاز الأعمال الأسهل والأسرع لتخفيف كمّ الأعباء، ثمّ التركيز على المهامّ الأصعب. أستعين في بعض الأحيان بشخص خبير وثقة، لأستند إليه في المساعدة في بعض الأعمال.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

الأثر الإيجابيّ: ثقة أكبر بالنفس، وإدراك أعمق للقدرات والإمكانيّات، وفرصة عظيمة لتحقيق الإنجازات والرضا الذاتيّ عبر إفادة الآخرين وتنميتهم. ولا يوجد أثر سلبيّ.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

لا أذكر أطرف حادثة مع كثرتها. ولكنّي أذكر أوّل حادثة في أوّل شهر عمل لي، فقد كان لها أثر في نفسي وفي خبرتي. كان يوم اختبار قصير للعلوم، وبعد أن وزّعت الأوراق، وإذ بطالبة ترفع يدها بشكل غريب. ظننتها ستسألني، ولكنّها بدأت تتشنّج تشنّجات متكرّرة وسقطت أرضًا. لم أدرك ما يحدث وأصابني التوتّر، واستعنت بمعلّمة في صفّ مجاور، كان لها لحسن الحظّ خبرة في التعامل مع حالات الصرع. استطاعت أنّ تتعامل مع الحالة حتّى وصول المساعدة والأهل. كانت الطالبة متميّزة إلى الحدّ الذي لا يخطر ببالك أنّها تعاني مشكلة صحّيّة كهذه، وما زلت اتابع أخبارها وتطوّراتها عبر حسابها على "فيسبوك"، وقد أنهت دراستها الجامعيّة والتحقت بسوق العمل.