والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال: أفضل الطرق والأساليب

تعدّ مهارة حلّ المشكلات ضروريّة لنموّ الأطفال ونجاحهم في حياتهم اللاحقة. وتكمن أهمّيّتها في أنّ الأطفال الذين يطوّرون مهارات قويّة لحلّ المشكلات يكونون أكثر ثقة واستقلاليّة وقدرة على التكيّف مع مختلف البيئات. كما تساعدهم هذه المهارات على إدارة عواطفهم، والتفكير تفكيرًا إبداعيًّا، والاستمرار حتّى إيجاد الحلّ.  وتبدأ مهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال بالظهور عادةً في سنوات ما قبل المدرسة، حيث يراقَب الأطفالُ البالغون وهم يتصرّفون في كيفيّة التعامل مع المشكلات وحلّها. لذلك، من المهمّ للآباء ومقدّمي رعاية الأطفال توجيه الأطفال بعمليّة حلّ المشكلات، بدلاً من مجرّد تقديم الحلول والإجابات.    كيف يمكن للوالدين تطوير مهارة حلّ المشكلات لدى أطفالهم؟  من المعلوم أنّ الوالدين وبيئة المنزل هي المرحلة الأولى في تعلّم الأطفال المهارات الحياتيّة وتطويرها، وهذا يشمل مهارة حلّ المشكلات. تعرض النقاط الآتية أهمّ الطرق التي يمكن للوالدين بها تشجيع مهارات حلّ المشكلات لدى أطفالهم:  - مهارات حلّ المشكلات النموذجيّة: يجب على الوالدين توضيح كيفيّة حلّ المشكلات لأطفالهم، بالتفكير بصوت عالٍ، وإظهار عمليّة التفكير ومراحلها مع الأطفال.  - تعليم خطوات حلّ المشكلات: توجيه الأطفال بخطوات حلّ المشكلات، مثل تحديد المشكلة، وحلول العصف الذهنيّ، وتقييم الخيارات، وتجربة الحلول.  - إشراك الأطفال في حلّ مشكلات الأسرة: تشجيع الأطفال على المشاركة في حلّ المشكلات الأسريّة اليوميّة لبناء ثقتهم ومهاراتهم.  - استغلال اللحظات اليوميّة: على الوالدين استخدام المواقف الحياتيّة اليوميّة، مثل الأعمال المنزليّة أو التسوّق، لممارسة مهارات حلّ المشكلات بالشراكة مع الأطفال.  - الانخراط في ألعاب حلّ المشكلات وأنشطتها: العب الألعاب ومارس الأنشطة التي تُحفِّز الأطفال على التفكير النقديّ وإيجاد الحلول.  - تشجيع الاستكشاف والتجريب: على الوالدين محاولة توفير الفرص للأطفال لاستكشاف الحلول وتجربتها، واكتشافها بأنشطة مثل اللعب الحسّيّ والتجارب العلميّة.  - تعزيز اللعب الخياليّ: السماح للأطفال بالمشاركة في اللعب الإبداعيّ المفتوح الذي يعزِّز حلّ المشكلات والتفكير النقديّ. - تشجيع المثابرة والاستقلال: الاحتفال بجهود الأطفال، والسماح لهم بالفشل والتعلّم من الأخطاء، وتركهم يحلّون مشكلاتهم بمفردهم.    بدمج هذه الطرق والاستراتيجيّات، يمكن للوالدين رعاية مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال رعايةً فعّالةً، وإعدادهم لمواجهة التحدّيات القادمة بثقة وقبول.    كيفيّة تقييم مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال  يمكن للوالدين تقييم مهارات أطفالهم في حلّ المشكلات بمراقبة أطفالهم والتفاعل معهم في مختلف الأنشطة والمواقف. هذا التقييم يساعد الأطفال في تنمية مهاراتهم تنميةً فعّالةً، بالإضافة إلى منح الوالدين الفرصة في تقديم دعم موجَّه، لمساعدة الأطفال على تطوير هذه القدرات الأساسيّة.  في ما يلي بعض الاستراتيجيّات لمساعدة الوالدين على تقييم مهارات أطفالهم في حلّ المشكلات:  - ملاحظة سلوكات الطفل في حلّ المشكلات: انتبه إلى كيفيّة تعامل الطفل مع المشكلات وحلّها في المواقف اليوميّة التي يواجهها، سواء أكان ذلك أثناء ممارسته اللعب أم خلال تأديته الواجبات المنزليّة. ويمكن مراقبة الطفل في المواقف الآتية:  - لعبة البناء بالكتل أو الليغو، أو لعبة الألغاز.  - معرفة كيفيّة تجميع لعبة ما.  - حلّ مشكلات الرياضيّات البسيطة.  - كيفيّة تعامل الطفل مع النزاعات مع الأشقاء أو الأصدقاء.    - توفير المشكلات أمام الطفل: على الوالدين العمل على توفير التحدّيات والمهمّات المناسبة لعمر الطفل، والتي تتطلّب من الطفل التفكير النقديّ وإيجاد الحلول إيجادًا مستقلًّا. هذا يساعد الطفل على تطوير مهاراته في حلّ المشكلات وبناء الثقة في قدراته.    - نموذج حلّ المشكلات: أوضح كيفيّة حلّ المشكلات بالتفكير بصوت عالٍ والتعبير عن عمليّة حلّ المشكلات أمام الطفل. هذا يوفِّر للطفل مثالًا واقعيًّا قيّمًا يتّبعه ويتعلّم منه.    - استغلال المواقف اليوميّة: استخدم المواقف اليوميّة، مثل الأعمال المنزليّة، أو التسوّق من البقالة، لممارسة مهارات حلّ المشكلات.    - التفكر في الحلول: شجِّع الطفل على التفكير في تجاربه في حلّ المشكلات بطرح أسئلة، مثل: "ماذا فعلت في كذا؟"، أو "كيف شعرت عندما حصل كذا؟"، أو "ماذا سنفعل لحلّ المشكلة كذا؟". وهذا يساعد الأطفال على تقييم استراتيجيّاتهم الخاصّة لحلّ المشكلات والتعلّم من نجاحاتهم وإخفاقاتهم.    أمثلة واقعيّة حول مهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال باستغلال المواقف الحياتيّة اليوميّة التي وردت في الفقرتين السابقتين، يمكن للوالدين تقديم أمثلة واقعيّة لمهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال. ومن هذه المواقف التي يمكن استخدامها:  1. الواجبات المنزليّة المشكلة: صعوبة إكمال الواجبات المنزليّة إكمالًا مستقلًّا، وفي الوقت المحدّد.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: اسأل الطفل عن وجهة نظره حول وضع الواجب المنزليّ واستمع إلى مخاوفه.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك مخاوفك بشأن أهمّيّة إكمال الواجبات حول وضعه التعليميّ والأكاديميّ.  - التعاون مع الطفل: عرض الأفكار ووضع الخطط معًا، مثل إنشاء جدول زمنيّ للواجبات المنزليّة، وتقسيم المهمّات إلى خطوات أصغر، وتقديم الدعم والمساعدة بحسب الحاجة.    2. النزاع مع الأشقّاء المشكلة: النزاعات والصراعات بين الأشقاء.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: تحدّث إلى كلّ طفل على حدة، لفهم مشاعره ووجهة نظره بشأن النزاع.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك مخاوفك بشأن تأثير النزاع في البيئة الأسريّة، وأهمّيّة تعزيز علاقات الأخوّة الصحّيّة.  - التعاون مع الأطفال: إشراك الشقيقين في العصف الذهنيّ للحلول الممكنة، مثل وضع القواعد الأساسيّة للتواصل، وتقسيم المهمّات أو الألعاب.    3. مقاومة ما قبل النوم المشكلة: صعوبة النوم في الوقت المحدّد.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: اسأل الطفل عن مشاعره ومخاوفه المتعلّقة بوقت النوم.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك الطفل أهمّيّة النوم الجيّد ليلاً، وتأثيره الإيجابيّ في الصحّة البدنيّة والنفسيّة.  - التعاون مع الأطفال: تحويل نتائج العصف الذهنيّ مع الطفل إلى خطوات عمليّة تقود إلى الحلّ، مثل إنشاء روتين قبل النوم، واستخدام تقنيّات الاسترخاء، وتهيئة بيئة نوم مواتية.    * * * في النهاية، يجب التأكيد على أنّ تعليم مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال يقع على عاتق الوالدين، وذلك بمساعدة أطفالهم على تطوير هذه المهارة وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجههم. تساعد مهارة حلّ المشكلات على معالجة التحدّيات الصعبة التي قد يواجهونها في المدرسة أو الشارع، بالإضافة إلى قدرتهم على التعامل مع القضايا الأسريّة بطريقة فعّالة.   المراجع https://www.verywellfamily.com/teach-kids-problem-solving-skills-1095015  https://digitalcommons.uri.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=2580&context=theses  https://www.youthranch.org/blog/collaborativeproblemsolvingforfamilyissues  https://biglifejournal.com/blogs/blog/how-teach-problem-solving-strategies-kids-guide  https://www.mindfulmazing.com/problem-solving-activities-for-kids/  https://edgeearlylearning.com.au/problem-solving-activities-for-children/   

ما تأثير غياب الأب في الطفل؟

لطالما كان يُنظر إلى الآباء باعتبارهم أكثر من مجرّد شخصيّاتٍ أبويّةٍ، فهم مرشدون، وحماةٌ، وقدوةٌ، بل وأصدقاء يساعدون في تشكيل شعور الطفل بذاته ومكانته في العالم. ولكن ماذا يحدث عندما يُفقد هذا الوجود الحيويّ؟ في جميع أنحاء العالم، يكبر ملايين الأطفال من دون آبائهم بسبب ظروفٍ مختلفةٍ، من الطلاق والوفاة، إلى السجن والسفر. وفي حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، فإنّ غياب الأب غالبًا ما يترك بصماتٍ ملحوظةً على التطور العاطفيّ والاجتماعيّ والإدراكيّ للطفل. يتيح لنا استكشاف هذه التأثيرات فهمًا أفضل لكيفيّة دعم الأطفال الذين يواجهون هذا التحدّي، وضمان حصولهم على الأدوات اللازمة للنجاح، على الرغم من غياب شخصيّة الأب.    دور الأب في تنشئة الطفل  للآباء أدوارٌ فريدةٌ ومتكاملةٌ في تربية الأبناء. تُظهر الدراسات أنّ الآباء يميلون إلى المشاركة في أنماطٍ مختلفةٍ من التفاعل مع الأبناء، مقارنةً بالأمّهات. على سبيل المثال، غالبًا ما يكون الآباء أكثر مرحًا جسديًّا، ويشجّعون على المخاطرة والمغامرة، ويدفعون الأطفال إلى استكشاف ما هو أبعد من مناطق راحتهم. يمكن أن تساعد هذه الديناميكيّة الأطفال على بناء الثقة والمرونة والاستقلال.  بالإضافة إلى تفاعلاتهم المباشرة، يسهم الآباء أيضًا في استقرار الأسرة، بتقديم الدعم الماليّ، ونمذجة العلاقات الصحّيّة، وغرس الشعور بالأمان. يعني وجود الآباء وجود التقدير والأمان والدعم الذي يجب أن يشعر به كلّ طفلٍ، لينشأ بطريقةٍ صحّيّةٍ، ولكنّ غيابه يعني أنّ الطفل سيعاني فجواتٍ في نموّه العاطفيّ والاجتماعيّ والنفسيّ.    تأثير غياب الأب في الطفل  قد يؤثّر غياب الأب في الأطفال بعدّة طرقٍ، من الصراعات العاطفيّة إلى القضايا السلوكيّة طويلة الأمد. في حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، وتتأثّر بعوامل مختلفةٍ، مثل دعم الأمّ، والظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة، إلّا أنّ هناك أنماطًا معيّنةً، تظهر لدى مختلف الأطفال الذين عاشوا تجربة غياب الأب.    التأثير العاطفيّ والنفسيّ  غالبًا ما يترك غياب الأب فجوةً في نمذجة سلوك الذكور وهويّتهم. فقد يكافح الذكور تحديدًا في تكوين شعورٍ واضحٍ بالذات، وبدورهم ذكورًا وسط أسرهم الصغيرة، في السياقات التي ترتبط فيها الرجولة بالأدوار التقليديّة، مثل توفير احتياجات الأسرة، أو حماية الأحبّاء. ومن دون وجود نموذجٍ ذكوريٍّ يتعلّمون منه، فقد يلجؤون إلى مجموعة أقرانٍ أو غيرها من التأثيرات، بغاية التأكّد من دورهم، وهو ما قد يؤدّي إلى سلوكيّاتٍ غير صحّيّةٍ في كثيرٍ من الأحيان. في بعض الحالات، قد يتضمّن هذا تعاطي المخدّرات، أو الانضمام إلى مجموعات الجانحين، أو اللجوء إلى العنف، لتأكيد الهيمنة، خصوصًا على الأمّ والأخوات في المنزل.  بالنسبة إلى الفتيات، يمكن أن يؤثّر غياب الأب في احترامهنّ لذواتهنّ، وإدراكهنّ لطبيعة العلاقات مع الرجال. في مجتمعاتنا، حيث يُتوقّع من الآباء أن يكونوا مصدر الأمان والحماية للإناث، قد يؤدّي غيابهم إلى جعل الفتيات أكثر عرضةً للاستغلال أو العلاقات غير الصحّيّة، إذ قد يسعين إلى الشعور بدور الذكر في حمايتهنّ، لكنهنّ سيبحثن عنه في مكانٍ آخر خارج المنزل. قد يتجلّى هذا بشكلٍ خاصٍّ في البيئات التي يتمّ فيها تطبيع الزواج المبكّر، أو الاعتماد على الشخصيّات الذكوريّة، ما قد يؤدّي إلى أنماطٍ ضارّةٍ في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.    الأداء الأكاديميّ  يرتبط غياب الأب بانخفاض التحصيل الأكاديميّ لدى الأطفال ارتباطًا شبه مباشر. فقد وجدت دراسةٌ أجرتها سارة إي. ماكلاناهان وجاري سانديفر، والتي تمّ تفصيلها في كتابهما Growing Up with a Single Parent، أنّ الأطفال الذين ليس لديهم أبٌ في المنزل، أكثر عرضةً إلى الحصول على درجاتٍ أقلّ، ومعدّلاتٍ أعلى في احتماليّة ترك الدراسة، وانخفاض احتماليّة الالتحاق بالجامعة.  يمكن أن يعود هذا إلى عدّة عوامل، منها انخفاض الموارد الماليّة، والافتقار إلى نموذجٍ يحتذى به من الذكور، وزيادة الضغوط في الأسر التي يعولها أحد الوالدين. فغالبًا ما يقدّم الآباء إرشاداتٍ وبنيةً فريدةً من نوعها، والتي يمكن أن تؤثّر بشكلٍ إيجابيٍّ في مواقف الأطفال تجاه التعليم والانضباط.    القضايا السلوكيّة  تعدّ المشاكل السلوكيّة نتيجةً شائعةً أخرى لغياب الأب. أظهرت الدراسات أنّ الأطفال من المنازل التي ليس فيها أبٌ، أكثر عرضةً لإظهار العدائيّة والانحراف وتعاطي المخدّرات. على سبيل المثال، وجد تقريرٌ صدر سنة 2011 عن وزارة الصحّة والخدمات الإنسانيّة الأمريكيّة، أنّ الأولاد الذين ليس لديهم أبٌ، أكثر عرضةً للانخراط في سلوكٍ إجراميٍّ في المراهقة.  يؤثّر غياب الأب أيضًا في الفتيات، ولكن بطرقٍ مختلفةٍ، إذ ينعكس هذا الغياب على تكوينهنّ النفسيّ وسلوكهنّ الاجتماعيّ. فالفتيات اللواتي يكبرن من دون الأب، قد يعانين حرمانًا عاطفيًّا يدفعهنّ إلى البحث عن تعويضٍ غير واعٍ لهذا الفراغ، ما قد يؤدّي إلى تدنّي تقديرهنّ لذواتهنّ، وقد ينعكس على إنجازهنّ الدراسيّ أو المهنيّ. كما قد يظهر أثر الغياب في سلوكيّاتٍ عدائيّةٍ تجاه الجنس الأخر، أو الشعور بعدم الأمان العاطفيّ، نتيجة افتقارهنّ إلى التوجيه الأبويّ، والدعم الذي يعزّز شعورهنّ بالاستقرار النفسيّ.    التطوّر الاجتماعيّ  غالبًا ما يمثّل الآباء قدوةً في التعامل مع الآخرين، إذ يمكن لوجودهم أن يعلّم الأطفال التواصل بشكلٍ فعّالٍ، وحلّ النزاعات بطرقٍ سلميّةٍ، وبناء علاقاتٍ صحّيّة. غياب شخصيّة الأب يجعل الأطفال يكافحون لتطوير هذه المهارات، خصوصًا الذكور منهم الذين سيفتقدون القدوة الذكوريّة، ما يؤدّي بهم إلى صعوباتٍ في تكوين الصداقات والعلاقات، والحفاظ عليها في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.     الصراعات الماليّة  في كثيرٍ من الحالات، يؤدّي غياب الأب إلى عدم الاستقرار الماليّ، لا سيّما في الأسر التي كان فيها الأب هو المعيل الوحيد، إذ قد يكون لدى الأمّ وصولٌ محدودٌ إلى وظائف ذات رواتب جيّدةٍ، أو أنظمة دعمٍ اجتماعيّ. يمكن أن تؤدّي هذه الصعوبات الماليّة إلى تعطيل أو تأخّر تعليم الطفل، وتقييد وصوله إلى الموارد التي يحتاج إليها لنموّه. كما قد تؤدّي إلى الشعور بالاستبعاد من الأقران القادمين من منازل أكثر استقرارًا. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدّي الوصمة المرتبطة بغياب الآباء - سواء بسبب الطلاق أو الهجر أو الوفاة - إلى عزل الأطفال اجتماعيًّا بشكلٍ أكبر، ما يجعلهم يشعرون أنّهم "مختلفون" أو "غير مكتملين" مقارنةً بأقرانهم.    التخفيف من آثار غياب الأب  قد يسبّب وجود الأطفال من دون آباء مجموعةً من المشكلات للأمّ. وعلى الرغم من هذا، فالعديد من الأطفال في الأسر التي ليس فيها أبٌ، يكبرون ليعيشوا حياةً سعيدةً وناجحةً، وذلك بفضل مرونة الطفل، ودعم الأسرة والمجتمع والأنظمة الاجتماعيّة. في الآتي بعض الاستراتيجيّات للمساعدة في التخفيف من آثار غياب الأب:  دورٌ أموميٌّ قويّ  غالبًا ما تتولّى الأمّهات مسؤوليّاتٍ إضافيّةً في الأسر التي ليس فيها أبٌ، فتقدّم الدعم العاطفيّ والعمليّ. وعلى الرغم من أنّ هذا قد يكون مرهقًا، إلّا أنّ وجود الأمّ بحبّها وحنانها، يمكن أن يساعد الأطفال في تطوير شعورٍ آمنٍ بالارتباط والقيمة الذاتيّة.    نماذج الذكور الإيجابيّة  في غياب الأب، يمكن لشخصيّاتٍ ذكوريّةٍ أخرى - مثل الأعمام والأخوال والأجداد والمعلّمين وأصدقاء العائلة - التدخّل لملء الفجوة ولو قليلًا. يمكن أن توفّر نماذج الذكور الإيجابيّة التوجيه والدعم والشعور بالاستقرار، وهذا يساعد الأطفال في التغلّب على التحدّيات، وتطوير سلوكيّاتٍ اجتماعيّةٍ صحّيّة.    المحافظة على الروتين والقواعد في المنزل  يعّد اتّباع روتينٍ منتظمٍ من أفضل الطرق والأساليب لبناء الشعور بالانضباط لدى الأطفال، وجعل الحياة اليوميّة أسهل. فهو يوفّر النظام الذي يتوقّعه الطفل ويحتاج إليه، لتعزيز شعور الأمان داخل المنزل وخارجه. كما يعلّم الأطفال منذ سنٍّ مبكّرةٍ اتّباع القواعد. لذا، من المهمّ أن يكون جميع أفراد الأسرة على درايةٍ بالقواعد التي تضعها الأمّ أو مقدّم الرعاية، وأن يلتزموا بتطبيقها حتّى في غياب الأمّ، وذلك لتوفير جوٍّ من التناسق والانسجام في التعليمات والقواعد، خصوصًا في الأسر الممتدّة.    ***  لا شكّ أنّ غياب الأب يشكّل حياة الطفل بطرقٍ معقّدةٍ، ويؤثّر في رفاهيّته العاطفيّة، ونجاحه الأكاديميّ، وتطوّره الاجتماعيّ. ومع ذلك، من المهمّ بالقدر نفسه إدراك أنّ الأطفال يتمتّعون بالمرونة والقدرة على النجاح، مع وجود العوامل والدعم المناسب. ففي حين يفرض غياب الأب تحدّياتٍ جمّةً، إلّا أنّه يمكن التخفيف من حدّتها بالوجود القويّ والفعّال لدور الأمّ، والقدوة الإيجابيّة، والاستشارة عند الحاجة إلى ذلك.    المراجع https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8    https://www.sehatok.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%A4%D8%AB%D8%B1-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%AA%D8%9F#:~:text=%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%B7%D8%A8%D9%82%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84%20%D8%AE%D8%A7%D8%B5%20%D8%B9%D9%84%D9%89,%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%B5%20%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9%20%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%20%D9%81%D9%8A    https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1    https://en.wikipedia.org/wiki/Father_absence#:~:text=Research%20has%20shown%20that%20children,health%2C%20and%20their%20well%20being. 

كيف أعالج أعراض الخوف عند الأطفال؟

يعدّ الخوف شعورًا طبيعيًّا وشائعًا في مرحلة النموّ، يساعد الأطفال في التعامل مع العالم، ويحميهم من الأذى. يعمد الآباء والأمّهات إلى توليد الخوف من بعض الأمور لدى أطفالهم، مثل عبور الطريق، والغرباء، والحيوانات الضالّة، وفي هذه الحالة يعتبر الخوف مفيدًا، لأنّه يساعد في حماية الطفل من الأذى. ومع ذلك، يمكن أن يخاف الطفل من المواقف أو الأشياء التي لا تشكّل تهديدًا، أو أن تصبح مشاعر الخوف مفرطةً لديه، وفي هذه الحالة يمكن أن تؤثّر في حياته، وتهدّد رفاهيّته العامّة.  لذا، من الضروريّ التفريق بين الخوف الطبيعيّ والخوف غير الطبيعيّ عند الأطفال.    أسباب الخوف عند الأطفال  يعدّ خوف الأطفال أمرًا طبيعيًّا، ولكنّ بعضهم يخافون أكثر من غيرهم. تتعدّد أسباب ذلك، من بينها:  - العوامل الوراثيّة: بعض الأطفال يولدون أكثر حساسيّةً للخوف من أقرانهم.   - الأب والأمّ: يتعلّم الأبناء كيف يتصرّفون بمشاهدة والديهم، فإذا كان أحدهما يعاني خوفًا ما، فإنّ ذلك قد ينتقل إلى أبنائهم.  - الحماية الزائدة للطفل: والتي تجعل الطفل الذي يحظى بحمايةٍ مفرطةٍ، أكثر عرضةً للشعور بالقلق والخوف.  - التجارب السلبيّة: تؤدّي التجارب السلبيّة، مثل انفصال الوالدين أو إصابة الطفل، إلى زيادة قابليّته للشعور بالخوف.    كيف أعرف أنّ طفلي يعاني الخوف الزائد  تتعدّد المؤشّرات التي تدلّ على معاناة الطفل الخوف، والتي تعدّ جرس إنذارٍ للوالدين، وهي:  - مؤشّراتٌ جسمانيّة: مثل اضطرابات الجهاز الهضميّ، وآلام الرأس، ومشاكل التنفّس.  - مؤشّراتٌ نفسيّة: مثل سرعة الغضب، وقلّة الثقة بالنفس، والحزن.  - مؤشّراتٌ سلوكيّة: مثل العلامات الدراسيّة المتدنّية، والتصرّف بعدائيّة، والتمسّك بالنوم مع الوالدين.    أنواع الخوف بحسب عمر الطفل - الخوف عند الرضّع: عندما يصل الرضيع إلى عمر 6 أو 7 أشهر، فإنّه يكوّن ارتباطًا قويًّا بأشخاصٍ بعينهم، مثل والديه أو مقدّمي الرعاية، إذ يمكنه التعرّف إلى وجوههم. فيتسبّب انفصاله عنهم، حتّى لفتراتٍ وجيزةٍ، خوفًا كبيرًا. كما يحبّ الرضّع أن يتواجدوا بصحبة هؤلاء الأشخاص ليشعروا بالأمان، بل ويطوّرون خوفًا من وجوه الغرباء، ولكنّهم يتجاوزونه بمرور الوقت.  - الخوف عند الأطفال من عمر 10 شهور إلى سنتين: يبدأ الأطفال في هذا العمر في الذهاب إلى الحضانة، ما يجعلهم يشعرون بالخوف من الانفصال عن الوالدين، ومن أن يتركوهم وحيدين وقت النوم.  - الخوف عند الأطفال من عمر 4 إلى 6 سنوات: تنمو قدرة الأطفال في هذا العمر على التخيّل، لكنّهم لا يستطيعون التفريق بين الحقيقيّ وغير الحقيقيّ. تبدو لهم الوحوش التي يتخيّلونها حقيقيّةً، ويخافون من الكائنات المرعبة تحت السرير أو داخل خزانة الملابس، إلى جانب خوفهم من الظلام ووقت النوم والكوابيس. كما قد يخافون من الأصوات العالية، مثل صوت الرعد والألعاب الناريّة.  - الخوف عند الأطفال من عمر 7 سنوات فأكثر: في هذا العمر يبدأ الأطفال بالخوف من أمورٍ أكثر واقعيّةً، فقد يخافون من التعرّض للأذى على يد الأشخاص السيّئين، أو من الكوارث الطبيعية، أو الطقس العاصف، أو العنف، أو الجرائم التي تعرضها وسائل الإعلام، وقد يقلق بعضهم من انفصال الوالدين، أو فقدان أحد أفراد الأسرة.  - الخوف عند الأطفال في عمر ما قبل المراهقة والمراهقة: تختلف مخاوف الأطفال في هذا العمر بشكلٍ كبيرٍ، وتأخذ معظمها شكل مخاوف اجتماعيّةٍ من عالم المدرسة والصداقات الذي أصبح يشكّل جزءًا أكبر من حياتهم. كما قد يشعرون بالتوتّر بسبب الواجبات المدرسيّة، والمعدّل الدراسيّ، والأداء الأكاديميّ، وقد يقلقون كثيرًا بشأن مظهرهم، أو تقبّل أقرانهم لهم، أو تعرّضهم إلى التنمّر. ومع ذلك، تتركّز بعض مخاوف هذه المرحلة العمريّة حول قضايا أكبر، مثل المناخ والظلم وتحقيق العدالة.    كيف نعالج مشكلة الخوف عند الأطفال؟  - ساعد طفلك في التعوّد على الأشخاص الجدد، دعهم يقتربون منه وأنت تحمله ليشعر بالأمان، ومع الوقت لن يخاف من هؤلاء الأشخاص.  - عندما يكبر طفلك تعلّم كيف تحاوره وتنصت إليه باهتمامٍ، وساعده في صياغة مشاعره في كلماتٍ، واجعله يجرّب أشياء جديدةً وأنت معه، ليشعر بالأمان.  - ابدأ في تعويد طفلك على أن يكون بعيدًا عنك لأوقاتٍ قصيرةٍ في البداية، فعندما تحتاج إلى تركه لبعض الوقت، أخبره أنّك ستعود، وعانقه وابتسم قبل أن تذهب. بهذا سيعلم أنّك ستعود عندما تتركه، ما سيجعله أقلّ خوفًا من الانفصال.  - إذا كان طفلك يخاف من الظلام، حدّد له روتينًا يهدّئه وقت النوم؛ اقرأ له قصّةً، أو غنِّ له أغنيةً. سيجعله هذا يشعر بالأمان والحبّ.  - ساعد طفلك على مواجهة مخاوفه بالتدريج. اصنع قائمةً بالمخاوف، ورتّبها من الأسهل إلى الأصعب من حيث التعامل معها، وابدأ بالأسهل. على سبيل المثال، انزل معه تحت السرير لتريه أنّ لا وحوش هناك، إذ يمنحه وجودك الدعم النفسيّ الذي يحتاج إليه، ليدرك أنّه لا يوجد ما يخشاه، وشجّعه عندما يواجه مخاوفه.  - تحكّم بالصور أو الأفلام أو الموادّ المخيفة التي يشاهدها الطفل، والتي يمكن أن تسبّب له المخاوف.  - امتنع عن استخدام التخويف أداةً لجعل الطفل يحسن التصرّف، فهذا خطأٌ كبيرٌ يقع فيه الكثير من الآباء والأمّهات، إذ يغرسون الخوف في نفس الطفل من دون الانتباه إلى ذلك، مثل أن تخبره أنّك ستجعل وحشًا يأتي ليلتهمه، أو ستجعل الطبيب يحقنه بالإبرة إذا لم يكمل طعامه، أو ينجز فرضه المدرسيّ. هذه الطريقة تتسبّب في مخاوف يصعب التخلّص منها لاحقًا.   - ساعد ابنك في سنّ المدرسة في تعلّم الاستعداد للتحدّيات، مثل الاختبارات المدرسيّة، أو قراءة الفروض أمام الفصل، وكرّر له أنّك تثق في قدرته على النجاح.  - امدح طفلك وكافئه عندما ينجح في مواجهة موقفٍ يخافه، سيساعده هذا على معرفة أنّه يمكنه تجاوز خوفه.  - لا تعزّز مشاعر الخوف عند طفلك، فإذا كان يخاف من الكلاب، لا تتعمّد المرور بقربها عندما يكون معك، بذلك أنت تؤكّد له أنّ التصرّف الصحيح هو تجنّب ما يخافه. كلّ ما عليك فعله هو البقاء هادئًا عند التعامل مع الأمر الذي يخيف طفلك، وطمأنته أنّك بجانبه، وأنّه لا يوجد ما يؤذيه هنا.    متى تطلب مساعدةً احترافيّةً لعلاج الخوف عند طفلك؟  يحتاج بعض الأطفال إلى مزيدٍ من المساعدة في التعامل مع مخاوفهم التي تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعيّة، الأمر الذي يستدعي الحصول على مساعدةٍ احترافيّة. من العلامات التي تدلّل على حاجة طفلك إلى تدخّلٍ متخصّص:  - استمرار المخاوف المميّزة لمرحلةٍ عمريّةٍ معيّنةٍ، بعد تجاوز الطفل لها.   الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة، أو النوم بمفرده، أو مقاومة الابتعاد عن الوالدين.  - تحدّث الطفل باستمرارٍ عن أمرٍ يخيفه، حتّى من دون وجود أيّ محفّزٍ، مثل الخوف من طبيب الأسنان من دون أن تكون هناك زيارةٌ قريبة.  - الإصابة بنوبات هلع.    تذكّر دائمًا أنه ليس هناك ما يعيب في اصطحاب طفلك إلى أخصائيٍّ أو طبيبٍ نفسيٍّ، قبل أن تخرج مخاوفه عن السيطرة، وتفسد عليه حياته المستقبليّة.    المراجع https://kidshealth.org/en/parents/anxiety.html  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/fear-and-anxiety-children  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9172 

آثار تأخّر الطفل عن الدراسة نتيجة الحروب

بالنسبة إلى الأطفال، التعليم أكثر من مجرّد طريقٍ للنجاح الأكاديميّ، إنّه شريان حياةٍ للاستقرار والفرص المستقبليّة والنموّ الشخصيّ. ومع ذلك، يُحرم ملايين الأطفال في مناطق النزاع التي مزّقتها الحرب من هذا الحقّ الأساسيّ، إذ تعطّل النزاعات المدارس، وتهدم البُنى التحتيّة، وتشرّد الأسر، وتخلق بيئاتٍ غير آمنة. ينتج عن التأخّر في بدء الدراسة، أو انقطاعها لفترةٍ طويلةٍ بسبب الحروب، عواقب بعيدة المدى على التطوّر المعرفيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ للطفل، وعلى آفاقه المستقبليّة أيضًا.   يستكشف هذا المقال الآثار طويلة الأجل، المترتّبة عن تأخير تعليم الطفل بسبب الحروب، ويسلّط الضوء على الأفكار المستمدّة من الأبحاث حول هذه القضيّة الحرجة.    انقطاع التعليم في مناطق النزاع  وفقًا لليونسكو، يتأثّر أكثر من 222 مليون طفلٍ ومراهقٍ سنويًّا في جميع أنحاء العالم بانقطاعات التعليم، بسبب الحروب والكوارث الطبيعيّة والأزمات الأخرى. من بين هؤلاء الأطفال، يقدّر أنّ 78 مليونًا تركوا المدرسة، أو أنّهم لم يلتحقوا بها على الإطلاق. تجبر الحروب والنزاعات الأطفال على ترك الفصول الدراسيّة بسبب تعرّض المدارس للقصف، أو النزوح القسريّ، أو الحاجة المباشرة للبقاء على قيد الحياة.  بالنسبة إلى العديد من هؤلاء الأطفال، فالتأخير في التعليم ليس مؤقّتًا، بل قد يستمرّ لسنواتٍ عدّةٍ، إن لم يكن طوال مرحلة الطفولة. عندما يعجز الطفل عن بدء المدرسة في الوقت المحدّد، أو يواجه انقطاعاتٍ مطوّلةً، يمكن أن تنتشر التأثيرات في حياته وفي مجتمعاته، ما يؤدّي إلى إدامة دورات الفقر، وعدم الاستقرار، وعدم المساواة.    آثار تأخّر الطفل عن الدراسة في مناطق النزاع  التطوّر المعرفيّ وفقدان التعلّم  للتعليم المبكّر دورٌ محوريٌّ في التطوّر المعرفيّ للطفل. تعتبر السنوات بين 6 و12 سنةً بالغة الأهمّيّة في تطوير المهارات الأساسيّة، في القراءة والكتابة والحساب وحلّ المشكلات. فعندما لا يتمكّن الطفل من الذهاب إلى المدرسة خلال هذه السنوات جرّاء الحرب، يزداد خطر التخلّف الأكاديميّ، وكلّما طال التأخير، أصبح من الصعب على الطفل اللحاق بالركب، واستكمال تعليمه من المرحلة التي توقّف عندها.  فحصت دراسةٌ أجريت سنة 2018، ونشرت في مجلّة لانسيت جلوبال هيلث، التأثيرات المعرفيّة لتأخير التعليم الطويل لدى أطفال اللاجئين السوريّين. ووجدت أنّ الأطفال الذين فاتتهم سنواتٌ عديدةٌ من الدراسة، سجّلوا درجاتٍ أقلّ بكثيرٍ في تقييمات القراءة والكتابة والرياضيّات الأساسيّة، مقارنةً بأقرانهم الذين التحقوا بالمدرسة بانتظامٍ، حتّى بعد الجهود المبذولة لإعادة تسجيلهم. تبرز هذا التحدّيات الكبيرة في معالجة الأضرار الناجمة عن الفجوات التعليميّة وتأثيراتها طويلة الأمد.   عندما يكون الأطفال خارج المدرسة، فإنّهم يحرمون أيضًا من بيئة التعلّم المنظّمة التي تحفّز نموّهم الفكريّ. لا يحصل الأطفال الذين يعيشون في مناطق الحرب على التعليم المناسب، كما لا يحصلون على الكتب أو الدروس أو المحادثات المحفّزة، وبالتالي يفقدون التعزيز المستمرّ اللازم لبناء المعرفة والاحتفاظ بها.    التأثير العاطفيّ والنفسيّ  بالنسبة إلى الأطفال الذين يعيشون في مناطق الحرب، تكون المدرسة أكثر من مجرّد مكانٍ للتعلّم؛ إنّها ملاذٌ من الأذى النفسيّ الذي تسبّبه الحروب والنزاعات. يمكن أن يؤدّي فقدان هذه المساحة الآمنة بسبب التأخير في التعليم، إلى تفاقم الصدمة التي يعانيها الأطفال أثناء الحرب.  غالبًا ما يترك التأخير في التعليم الأطفال في بيئاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، حيث يتعرّضون إلى العنف والاستغلال والإهمال. يمكن أن تكون لعدم الاستقرار المطوّل آثارٌ شديدةٌ على الصحّة العقليّة للطفل. أبرز تقريرٌ صادرٌ عن اليونيسف سنة 2017، أنّ الأطفال في مناطق الحرب معرّضون أكثر لخطر الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. من دون أنظمة الدعم المصمّمة لأطفال الحروب التي توفّرها المدارس، قد يكافح الأطفال للتعامل مع الضريبة النفسيّة للحرب.  بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما توفّر المدارس الوصول إلى شبكات الدعم الاجتماعيّ، بما في ذلك الأقران والمعلّمين الذين يمكنهم تقديم الراحة والشعور بالحياة الطبيعيّة. يحرم تأخير التعليم الأطفال من هذه العلاقات، وهذا بالطبع يؤدّي إلى العزلة والشعور باليأس.    التنمية الاجتماعيّة والتفاعل بين الأقران  التعليم ضروريٌّ لتنمية المهارات الاجتماعيّة، إذ تعدّ المدارس البيئة الأساسيّة التي يتعلّم فيها الطفل التعاون والتواصل وحلّ المشكلات. عندما يتأخّر التعليم، يفقد الطفل الفرصة لبناء علاقاتٍ مع الأقران، والتي تعدّ ضروريّةً لتنميته العاطفيّة والاجتماعيّة الصحّيّة.  أضف إلى ذلك أنّه غالبًا ما يجد الأطفال الذين تأخّروا عن دخول المدرسة أنفسهم مع زملاء أصغر سنًّا، عندما يعودون أخيرًا إلى مقاعد الدراسة، ما قد يؤدّي إلى شعورهم بالإحراج أو الاغتراب الاجتماعيّ. يمكن أن يعوق هذا التفاوت في العمر ومستويات النضج قدرتهم على تكوين علاقاتٍ صادقةٍ، وقد يدفع بعضهم إلى ترك الدراسة تمامًا.    زيادة خطر الاستغلال وعمالة الأطفال  غالبًا ما يُدفع الأطفال مع غياب المدرسة في المناطق المتضرّرة من الحرب، إلى مسؤوليّات الكبار في وقتٍ مبكّرٍ جدًّا، فقد يضطرّون إلى العمل لدعم أسرهم. الأسوأ من ذلك أنّه قد يتمّ تجنيدهم في الجماعات المسلّحة. وفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن هيئة "إنقاذ الطفولة"، فالأطفال غير الملتحقين بالمدارس هم أكثر عرضةً للاستغلال، بما في ذلك عمالة الأطفال والزواج القسريّ والاتّجار.  يؤدّي تأخّر التعليم إلى حرمان الأطفال من قدرتهم على تصوّر مستقبلٍ أكثر إشراقًا، ما يجعلهم محاصرين في دوراتٍ من الفقر والحاجة. فبدلًا من تطوير المهارات والمعرفة اللازمة لرفع أنفسهم من المشقّة، غالبًا ما يتمّ تهميشهم إلى وظائف منخفضة الأجر وغير مستقرّةٍ، ما يؤدّي إلى استمرار التفاوت الاقتصاديّ عبر الأجيال.    التأثيرات الاقتصاديّة والمجتمعيّة طويلة الأمد  تمتدّ آثار تأخّر التعليم إلى ما هو أبعد من الطفل الفرد، إذ له آثارٌ عميقةٌ على المجتمعات والدول. فالأطفال الذين يفوّتون الدراسة فرصهم أقلّ في اكتساب المهارات اللازمة للعمل المربح، ما يؤدّي إلى انخفاض إمكانات الكسب، والحدّ من الحراك الاقتصاديّ.  قدّرت دراسةٌ أجراها البنك الدوليّ سنة 2021، أنّ كلّ عامٍ دراسيٍّ ضائعٍ بسبب الصراع، يقلّل من إمكانات الطفل في دخول عملٍ مربحٍ في المستقبل بنسبة 9٪. على المستوى الوطنيّ، قد يؤدّي هذا الفقدان لرأس المال البشريّ إلى إعاقة النموّ الاقتصاديّ، وتفاقم التفاوت، والمساهمة في عدم الاستقرار المستمرّ.  فضلًا عن ذلك، يعدّ التعليم أداةً قويّةً لتعزيز السلام والتماسك الاجتماعيّ. بتعزيز التفكير النقديّ، والتعاطف والتفاهم المتبادل، يصبح للمدارس دورٌ رئيس في الحدّ من احتمالات نشوب صراعاتٍ في المستقبل. لذا، عندما يتأخّر الطفل في التعليم، أو يُحرم منه تمامًا، تفقد المجتمعات هذه القوّة المستقرّة، ما يؤدّي إلى ديمومة دورات العنف والاضطرابات.    دور المنظّمات الإنسانيّة والحكومات في إعادة التعليم في مناطق النزاع  في حين أنّ آثار تأخّر التعليم بسبب الحروب عميقةٌ وقد تمتدّ لسنواتٍ، إلّا أنّها قابلةٌ للإصلاح، أو للتخفيف من حدّتها على الأطفال. يجب على المنظّمات الإنسانيّة والحكومات إعطاء الأولويّة لتمكين وصول الأطفال إلى تعليمٍ جيّدٍ في مناطق النزاع. في الآتي بعض الاستراتيجيّات المقترحة لمعالجة هذه القضيّة:  - مساحات التعلّم المؤقّتة: يضمن إنشاء فصولٍ دراسيّةٍ آمنةٍ ومؤقّتةٍ في مخيّمات اللاجئين، أو في المناطق المتضرّرة من النزاع، أن يتمكّن الأطفال من مواصلة التعلّم حتّى في البيئات غير المستقرّة.  - برامج التعلّم المرنة والمكثّفة: صُمّمت هذه البرامج لمساعدة الأطفال على اللحاق بالمدرسة، وتعويض المراحل الصفّيّة المفقودة، بتكثيف سنواتٍ متعدّدةٍ من التعليم في فتراتٍ أقصر.  - التعليم المراعي للصدمات: يجب على المنظّمات الدوليّة الاهتمام بدمج خدمات الدعم والإرشاد للصحّة العقليّة في المدارس، لمعالجة الاحتياجات العاطفيّة لدى الأطفال المتضرّرين من الحرب.  - التكنولوجيا في التعليم: يمكن لمنصّات التعلّم الرقميّة، ومبادرات التعليم عبر الهاتف المحمول، أن تساعد الأطفال في المناطق النائية أو الخطرة، ما يضمن استمرار وصولهم إلى التعليم. إذ يمكن تصميم برامج تدريسٍ عبر الإنترنت لمعلّمين من مختلف أنحاء العالم، لتعليم الأطفال في المناطق التي لا تتوافر فيها أماكن مناسبةٌ للدراسة الوجاهيّة.  - التمويل والدعم العالميّين: يجب على المنظّمات الدوليّة والحكومات تخصيص الموارد، لإعادة بناء المدارس، وتدريب المعلّمين، وتوفير الموادّ التعليميّة في مناطق النزاع.   ***  لتأخير تعليم الأطفال بسبب الحروب عواقب مدمّرةٌ على الفرد أو المجتمع، وتأثيراتٌ طويلة المدى، مثل التأخّر المعرفيّ، والصدمات العاطفيّة، وحتّى الركود الاقتصاديّ. ومع ذلك، يمكن التخفيف من هذه التأثيرات، وإعادة الأمل إلى الأطفال الذين تعطّلت حياتهم بسبب الصراع، بالتدخّلات المستهدفة والالتزام العالميّ.   فالتعليم ليس مجرّد حقٍّ تنادي به منظّمات حقوق الإنسان، بل أداةٌ للمرونة والتعافي وإعادة البناء. فمع إعطاء الأولويّة للوصول إلى التعليم حتّى في أكثر الظروف تحدّيًا، يمكننا مساعدة الأطفال المتضرّرين من الحرب، ليس فقط في البقاء على قيد الحياة، ولكن أيضًا في النجاح في مواجهة الشدائد.   المراجع https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000190710  https://arabeducational.com/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85/  https://concernusa.org/news/how-does-war-affect-education/ 

كيفيّة رفع وعي الطفل البيئيّ

من الصعب ألّا نشعر بالقلق عندما نسمع عن تغيّر المناخ وحرائق الغابات والجفاف وذوبان الأنهار الجليديّة، وغير ذلك من الاضطرابات الطبيعيّة التي قد تؤثِّر كثيرًا في صحّة الحياة البشريّة. لكن، كيف يمكنك التحدّث عن الاضطرابات البيئيّة مع طفلك من دون إثارة قلقه؟   هناك بعض الطرق التي تساعد على رفع وعي الطفل البيئيّ بطريقة تربويّة تجعل منه إنسانًا أقرب لبيئته، يعي واجباته تجاهها في المستقبل. هل يهتمّ الطفل بالبيئة؟  في استطلاع أُجرِي حديثًا على 1000 من آباء وأمّهات أطفال تتراوح أعمارهم ما بين سنتين إلى ثماني سنوات، خلصت نتائجه إلى تصريح 25% من الأهل بأنّ أطفالهم قلقون على مستقبل الكوكب. بالإضافة إلى ذلك، ذكر 35% من الأهل أنّ أطفالهم يطرحون الكثير من الأسئلة حول البيئة والتلوّث. لذلك، نجد أنّ للطفل قابليّة عالية جدًّا للاهتمام بالبيئة التي تحتويه.  كيف يمكن رفع وعي الطفل البيئيّ؟ على الرغم من أنّ القرارات الدوليّة تضع حدًّا لمشكلات المناخ، كالاحتباس الحراريّ وغيره، ولكن من الجيّد أن يعرف الطفل أهمّيّة دوره مهما كان صغيرًا. لذلك، يمكنك رفع وعي طفلك البيئيّ بالطرق الآتية: ركِّز على الإيجابيّات بدلاً من التحدّث مع طفلك عن القضايا البيئيّة، أظهر له الأدوار التي يمكنه تأديتها، والتي من شأنها الإسهام في حماية الطبيعة، كأن يرمي النفايات في السلال المخصّصة لها، كسلة النفايات الخاصّة بالبلاستيك أو المعادن أو الورق.  عزِّز انسجامه مع الطبيعة  يتيح اتّصال طفلك المتكرِّر بالطبيعة تعلّم حبّها، وبالتالي تنامي رغبته في حمايتها، لأنّ طفلك فضوليّ بطبيعته تجاه الأشجار والحشرات والنباتات والطيور، كما أنّه يحبّ قضاء الوقت في الخارج. لذلك، يمكن استغلال الوقت الذي تقضيه مع طفلك في أحضان الطبيعة، لتقوية انسجامه مع عناصرها وتأكيد الدروس التي تعلّمها في المدرسة عن البيئة على أرض الواقع، كمعرفة عمر الشجرة وأسباب تساقط أوراقها، وأنواع منازل الحيوانات الصغيرة، واكتشاف المساحات الخضراء الشاسعة بخفاياها المذهلة. يمكنك كذلك ممارسة العديد من الأنشطة التي تثير فضول طفلك البيئيّ، مثل جمع الأوراق ولصقها في دفتر يحمل اسم كلّ نبات أو شجرة، أو مراقبة الحشرات الصغيرة التي تعيش على الأرض بالعدسة المكبِّرة. وعليه، يخلق انسجام طفلك مع الطبيعة شعورًا بالمسؤوليّة تجاهها.  اسأل طفلك عن رأيه  غالبًا ما يزداد تفاعل الأطفال عند الأخذ بآرائهم وإشعارهم بقيمتها. لذلك، يمكنك أن تبني معه حوارًا يقودك إلى سؤاله عن رأيه وأفكاره. علّمه، مثلًا، كيف يؤدّي الهدر إلى مشكلات كبيرة في العالم، بدلًا من إخباره بفوائد تقليل هدر المياه، واعرض عليه صورًا عن الجفاف البيئيّ حول العالم، واسأله كيف يمكنه إحداث فرق؟ قد تفاجئك إجابات طفلك المضحكة والنابعة عن براءته، ولكنّك على الأقل لفتَّ نظره إلى مشكلات حقيقيّة بطريقة غير مباشرة، سيزيد وعيه تجاهها كلّما كبر.  علّمه أسس الاستدامة  ساعد طفلك على فهم مدى هشاشة العالم بتعريفه بمفهوم الاستدامة. وهنا، يمكنك التحدّث عن أشياء، مثل مزارع الرياح ومزارع الطاقة الشمسيّة التي تستغلّ طاقة الأرض المتجدّدة من دون الإضرار بالكوكب وسكّانه، ومقارنتها بمصدر طاقة غير متجدِّد، مثل الوقود الأحفوريّ. عندما تخرج للتسوّق، مثلًا، لشراء البقالة وغيرها من الضروريّات، اسمح لطفلك بمساعدتك في تحديد العلامات التجاريّة العضويّة والصديقة للبيئة. اشرح لطفلك الأسباب والنتائج   تذكّر أنّ طفلك متعطّش للمعرفة، وهذا هو الوقت المثاليّ لرفع وعيه البيئيّ وإشباع فضوله واغتنام الفرصة، لتشرح له أهمّيّة الموارد الطبيعيّة المتجدّدة، مثل الرياح أو الشمس أو الماء أو الغابات، والفرق بينها والموارد غير المتجدّدة، مثل الفحم أو النفط، وكيفيّة الاستفادة منها والترشيد في استهلاكها. اشرح لطفلك مصدر المياه الرئيس الذي يأتي من الصنبور، وكيفيّة صناعة الورق، والعديد من الأمور التي يتساءل طفلك حولها كلّ يوم، من أجل مساعدته على تكوين ضميره البيئيّ. استغلّ أوقات المرح  لا يوجد ما هو أفضل من أوقات المرح لرفع وعي الطفل البيئيّ بتطبيق كلّ ما يجب تعلّمه عن البيئة. على سبيل المثال، يمكن شرح النظافة للأطفال بطريقة أكثر متعة، حيث يتعلّم طفلك مفهوم تدوير النفايات وأهمّيّته بشكل أفضل، عندما تشجّعه على رميها في أماكنها المخصّصة ومنحه الوقت لتخمين السلّة المناسبة لكلّ نوع منها. كن مثالًا يُحتذى به  يعلم الجميع أنّ الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، يتعلّمون بالتكرار. لذلك، يصبح رفع وعي الطفل البيئيّ أكثر سهولة وتلقائيّة عندما يكبر في بيئة منزليّة تشجّع هذا النوع من المسؤوليّة. فيبدأ استيعاب طفلك السلوكيّات البيئيّة الصحّيّة من احترام ذويه للبيئة، باستخدامهم أكياس القماش عند التسوّق من السوبر ماركت، واستهلاك المنتجات المحلّيّة والموسميّة، وإغلاق صنبور المياه عند عدم استخدامه، وإغلاق الإضاءة في الغرفة الفارغة، وما إلى ذلك.    * * * الأطفال مستقبلنا، وبالتالي علينا رفع وعيهم البيئيّ، لأنّ ذلك من مفاتيح صحّة كوكبنا، ودعم هدفنا المتمثِّل في تربية أطفال يحبّون الأرض التي تحتويهم.     المراجع https://bester.energy/en/how-to-create-environmental-awareness-in-our-children/   https://ourgoodbrands.com/tips-motivate-kids-develop-environmental-awareness/   https://naitreetgrandir.com/en/feature/raising-children-environmental-awareness/#:~:text=Instead%2C%20encourage%20them%20to%20do,%2C%20driving%20less%2C%20and%20more.    

ما بدائل الهاتف للأطفال؟

يواجه الأهل مشكلة إدمان أطفالهم على استخدام الهاتف المحمول، نتيجة سهولة الوصول إلى التكنولوجيا. وبرغم أنّ البعض يرى أنّ قضاء الأطفال وقتًا على الهاتف، لممارسة الألعاب، أو مشاهدة الفيديوهات، أو الدردشة مع الأصدقاء، أمرًا غير ضارٍّ، إلّا أنّ الإفراط فيه يحمل مخاطر كبيرةً، تشمل التأثير السلبيّ في النموّ البدنيّ، وضعف المهارات الاجتماعيّة، وتراجع الصحّة العقليّة، إضافةً إلى مشكلاتٍ مثل تشوّش الرؤية، وآلام الرقبة، وضعف التركيز.  سنناقش في هذا المقال بدائل الهاتف المحمول للأطفال، والتي ستساعد طفلك على بناء علاقةٍ متوازنةٍ مع التكنولوجيا، وتعويض وقت الموبايل بأنشطةٍ ممتعةٍ، ومفيدةٍ للصحّة البدنيّة والعقليّة، بجانب الإجابة عن بعض الأسئلة الشائعة حول استخدام الأطفال للهاتف.    بدائل الموبايل للأطفال  - ممارسة الرياضة: تعدّ الرياضة بديلًا رائعًا لانتزاع الموبايل من يدي طفلك، إذ تشعره بالسعادة والتحدّي، وتساعده في بناء علاقاتٍ مع أقرانه، لا سيّما الألعاب الجماعيّة، مثل كرة القدم، وكرة السلّة، والسباحة.  - الرسم والأنشطة اليدويّة: تساعد الفنون طفلك على إطلاق العنان لإبداعه بعيدًا عن الهاتف. يمكنك أن تمنح طفلك ساعاتٍ من المتعة باستخدام أقلام الرصاص، وبعض الألوان والأوراق، مع تعزيز حماسه باقتراح موضوعٍ للرسم، وتخصيص مكافأةٍ له عند إتمامه العمل بشكلٍ مميّز.   - قراءة الكتب: تعدّ القراءة طريقةً رائعةً لإثارة خيال الطفل وإبعاده عن الهاتف. ببساطةٍ قُم باختيار كتبٍ مناسبةٍ لعمر طفلك، وساعده في تخصيص وقتٍ يوميٍّ للقراءة، وكُن بجانبه وتناقش معه، وشجّعه على الاشتراك في مكتبةٍ، أو أنشطةٍ خاصّةٍ بمناقشة الكتب في المدرسة أو خارجها. إذا كان طفلك ما يزال صغيرًا على القراءة بمفرده، سيكون عليك أن تخصّص وقتًا لتقرأ له، أو أن تختار الكتب المصوّرة التي ستجذب انتباهه لمحاولة فهمها.  - الكتابة: إذا كان طفلك في المرحلة الابتدائيّة، فإنّ تشجعيه على الكتابة سيحفّز قدراته العقليّة، ويساعده على تشكيل مشاعره تجاه العالم. كما سيدعم تركيزه ومهاراته في التعبير عن نفسه. شجّع طفلك على الكتابة يوميًّا، سواء عن يومه، أو أيّ أفكارٍ تخطر في باله، ولو لفترةٍ قصيرة. ومع تقدّم عمر طفلك، ستلاحظ تطوّر مهاراته الكتابيّة بشكلٍ أعمق وأكثر نضجًا.   - التطوّع: يمكن استغلال وقت فراغ طفلك في تشجيعه على التطوّع في نشاطٍ خيريٍّ، حيث يتعلّم مشاعر التعاطف في سنواته الأولى، مهما كان العمل التطوّعيّ بسيطًا، مثل تنظيف شوارع الحيّ.  - المساعدة في أعمال المنزل: بجانب أهمّيّة مساعدة الطفل لوالديه في أعمال المنزل في تعزيز شعوره بالمسؤوليّة، فهي فعّالةٌ أيضًا في إشغاله عن الجلوس لفتراتٍ طويلةٍ يعبث بالموبايل. إذا أراد الطفل تناول كعكةٍ، يجب أن تطلب منه الأمّ أن يساعدها في إعدادها.  - ممارسة ألعابٍ منزليّة: تتعدّد اختيارات الألعاب التي تمكن ممارستها في المنزل، مثل الألعاب اللوحيّة المختلفة، أو تقليد أصوات الحيوانات، أو تمثيل المواقف.  -تعليم الطفل بالتقليد: يمكن أن يتعمّد الأب والأمّ أن يظهرا للطفل أنّهما لا يستخدمان الموبايل طوال اليوم، أو أنّهما يخصّصان وقت الليل لإطفائه، ما يشجّع الطفل على تقليدهما في هذا السلوك.    أسئلةٌ شائعةٌ حول استخدام الأطفال للموبايل  كم ساعةً يمكن للأطفال استخدام الهاتف في اليوم؟  تعرض لنا الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال قواعد استخدام الهاتف بناءً على العمر، وهي إرشاداتٌ عامّةٌ، يستطيع الآباء والأمّهات تحديد الأفضل من بينها لاحتياجات أطفالهم وأسلوب حياتهم. وهي كالتالي:  - الأطفال في عمر سنتين أو أقلّ: يوصى بتجنّب استخدام الهاتف تمامًا، باستثناء مكالمات الفيديو للتواصل مع العائلة.  - الأطفال بين 2 و5 سنوات: يمكن لهم استخدام الهاتف لمدّة ساعةٍ واحدةٍ يوميًّا، مع التركيز على أن يكون المحتوى الذي يشاهدونه على الهاتف تعليميًّا وليس ترفيهيًّا، وأن يشارك أولياء الأمور المشاهدة، لضمان فهم أطفالهم المحتوى المعروض.  - الأطفال من 6 سنوات فأكثر: يمكنهم استخدام الهاتف لمدّةٍ تتراوح بين ساعةٍ إلى ساعتين يوميًّا، بما يشمل الألعاب، مع ضرورة تشجيعهم على ممارسة الأنشطة الأخرى، مثل القراءة والرياضة، لتوفير التوازن. يُستثنى من هذا الوقت المهام الدراسيّة التي تنجز باستخدام الأجهزة اللوحيّة، مثل التابلت. الهدف النهائيّ بناءُ روتينٍ متوازنٍ، يضمن أنّ وقت استخدام الطفل لشاشة الهاتف لا يؤثّر في نومه، أو نشاطه البدنيّ، أو تفاعله الاجتماعيّ.     ما العمر المناسب للهاتف؟  لا يوجد عمرٌ مناسبٌ لجميع الأطفال لبدء استخدام الهاتف، ولكن يوصي الكثير من الخبراء بالانتظار حتّى وصول الطفل إلى عمرٍ ما بين 12 إلى 14 سنةً، ليحصل على هاتفه الشخصيّ، استنادًا إلى مستوى وعي الطفل واحتياجاته. العنصر الأهمّ هو الحاجة الحقيقيّة إلى الهاتف. إذا كانت الأسرة ترغب في الاطمئنان على الطفل بشكلٍ متكرّرٍ، يمكنه استخدام هاتفٍ عاديٍّ، يقوم بوظيفة الاتّصال الأساسيّة، بدلًا من هاتفٍ ذكيٍّ يتحوّل إلى وسيلةٍ تسبّب الإدمان للطفل.     هل يسبّب الجوال عصبيّة الأطفال؟  أظهرت العديد من الدراسات أنّ الإفراط في استخدام الموبايل، خصوصًا لتصفّح وسائل التواصل الاجتماعيّ، وممارسة الألعاب الإلكترونيّة، يمكن أن يؤدّي إلى زيادة مستويات القلق والتوتّر لدى الأطفال. يعود هذا إلى أسبابٍ مختلفةٍ، منها:  - المقارنة الاجتماعيّة: غالبًا ما تؤدّي وسائل التواصل الاجتماعيّ إلى المقارنات، ما يجعل الأطفال يشعرون أنّهم بحاجةٍ إلى مواكبة أقرانهم أو المؤثّرين، في الألعاب، والملابس، والأنشطة، وغيرها، الأمر الذي قد يسبّب لهم التوتّر، وتدنّي احترام الذات.  - اضطرابات النوم: قد يعاني الأطفال الذين يستخدمون الهواتف حتّى وقتٍ متأخّرٍ من الليل، دورات نومٍ متقطّعةٍ، ما قد يسبّب زيادةً في ردود أفعالهم العنيفة.  - التعرّض إلى المعلومات الزائدة: قد يشعر الأطفال بحالةٍ من التحفيز المستمرّ، بسبب التعرّض إلى الكثير من المعلومات والرسائل والإشعارات، ما يجعلهم يعانون الإرهاق وضعف التحصيل الدراسيّ.    يمكن أن يساعد الحدّ من استخدام الهاتف، ومراقبة التطبيقات أو المحتوى الذي يتفاعل معه الأطفال، في تقليل هذه العوامل المسبّبة للتوتر.    كيف أخلّص ابني من إدمان الهاتف؟  يمكنك القيام بالعديد من الأمور لمساعدة طفلك في كسر إدمانه على استخدام الهاتف. على سبيل المثال:  -تخصيص وقتٍ خالٍ من الهاتف: كما ذكرنا آنفًا، فالأطفال يقلّدون آباءهم وأمّهاتهم، لذا، إذا كنت تريد لطفلك أن يقلّل استخدام الهاتف، فيمكن تخصيص ساعةٍ يوميًّا تقوم فيها الأسرة بأكملها بإيقاف تشغيل هواتفها، وممارسة نشاطٍ ممتعٍ معًا، ما يريح الطفل من الهاتف، ويقوّي الروابط العائليّة في الوقت نفسه.  -تحويل الأمر إلى تحدٍّ: يمكن تحويل وقت الابتعاد عن الهاتف إلى تحدٍّ مع تقديم حافز. بمعنى أن تطلب من طفلك عدم استخدام الهاتف لمدّةٍ أطول - مثل يومٍ كاملٍ - وتقديم مكافأةٍ له عند الالتزام.  -تصميم منطقةٍ خاليةٍ من الهاتف في المنزل: ساعد طفلك في تخصيص منطقةٍ خاليةٍ من الأجهزة الإلكترونيّة في غرفته، أو أيّ جزءٍ آخر من المنزل، لا يسمح فيه باستخدام أيّ جهازٍ إلكترونيّ. يمكن أن تحتوي المنطقة على أيّ عنصرٍ يعزّز الاسترخاء والإبداع، ما يجعل الابتعاد عن الهاتف ممتعًا ومنعشًا.  -خطّط لقضاء عطلة نهاية أسبوعٍ في الهواء الطلق: احرص على تخطيط يومٍ عائليٍّ في الهواء الطلق، للانفصال التامّ عن الموبايل، مثل الذهاب في نزهةٍ في مكانٍ طبيعيٍّ، إذ يساعد الهواء النقيّ والنشاط البدنيّ على الاسترخاء، وعدم إحساس الطفل بالحاجة إلى الهاتف.    ***  يمكن القول إنّ أفضل بدائل الهواتف المحمولة للأطفال هي الأجهزة التي توفّر تجارب تعليميّةً ممتعةً، وتحدّ من التعرّض إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيّ، مثل الأجهزة اللوحيّة المزوّدة بتطبيقاتٍ تعليميّةٍ وأجهزة قراءةٍ إلكترونيّةٍ، تعزّز من الإقبال على القراءة.  في نهاية المطاف، يتمثّل الهدف في إعطاء الأطفال الأدوات التي تمكّنهم من الاستكشاف والتعلّم والنموّ، وتعزّز استخدامًا متوازنًا للتكنولوجيا، يحقّق لهم الفائدة بعيدًا عن المخاوف المرتبطة بالهواتف الذكية. سواء كان طفلك يبني روبوتًا، أو يقرأ كتابًا إلكترونيًّا، أو يحلّ الألغاز باستخدام وحدات ألعابٍ تعليميّةٍ، فإنّ هذه البدائل يمكن أن تخلق بيئةً رقميّةً آمنةً وغنيةً لتطوير العقول الشابّة.    المراجع   https://www.hindustantimes.com/lifestyle/relationships/5-interesting-activities-to-help-your-child-get-over-smartphone-addiction-101689149537410.html  https://www.natgeokids.com/uk/parents/screen-time-for-kids/  https://findmykids.org/blog/en/what-to-give-your-child-instead-of-a-smartphone  https://infokids.com.au/12-alternative-activities-to-keep-child-busy-other-than-watching-tv/ 

كيف تعرف أنّ طفلك يعاني اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟

من الطبيعيّ أن يحرص الوالدان على حماية أطفالهما، والبحث دائمًا عن علامات الضيق، أو التغيّرات السلوكيّة التي قد تشير إلى صراعاتٍ عاطفيّةٍ عميقةٍ؛ فكيف إذا تعلّق الأمر بأحد أكثر حالات الصحّة العقليّة تحدّيًا، وهو اضطراب الشخصيّة الحدّيّة (BPD). غالبًا ما يرتبط اضطراب الشخصيّة الحدّيّة بتقلّباتٍ مزاجيّةٍ شديدةٍ، واستجاباتٍ عاطفيّةٍ قويّةٍ، وعلاقاتٍ مضطربةٍ، وقد يكون من الصعب تشخيصه، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. في هذه المقالة، سنستكشف أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة، وآثاره النفسيّة في الأطفال، وخيارات العلاج المتاحة، لمساعدتهم على التأقلم في نهاية المطاف.    ما اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ صحّيّةٌ عقليّةٌ حادّةٌ، تجعل الفرد يعاني مشاكل في التحكّم في عواطفه وانفعالاته تجاه نفسه والآخرين. تخلق هذه الحالة في كثيرٍ من الأحيان صعوبةً في الحفاظ على علاقاتٍ متوازنةٍ طويلة الأمد، مع أفراد الأسرة والأصدقاء والمحيطين.  غالبًا ما يخشى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة الهجران، ويعانون تقلّباتٍ مزاجيّةً تجعلهم يتصرّفون باندفاعٍ، ما يتسبّب في حدوث صراعاتٍ متتاليةٍ في علاقاتهم. كما يفتقر المصابون بهذا الاضطراب إلى الشعور الواضح بالهويّة، ويغيّرون توجّهاتهم وآراءهم بشكلٍ متكرّرٍ، سواء في تفكيرهم أو في سلوكيّاتهم.  يُظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة نشاطًا متزايدًا في الجهاز الحوفيّ، وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن استجاباتنا السلوكيّة والعاطفيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالسلوكيّات التي نحتاج إليها للبقاء، مثل التغذية والتكاثر، والاستجابة للقتال أو الهروب، أو ما يسمّى بعمليّة الكرّ والفرّ.  على الرغم من أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ خطيرةٌ، تستمرّ مدى الحياة، إلّا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تطوّرًا كبيرًا في خيارات علاجه، فبات يمكن للأطفال والمراهقين بحصولهم على الدعم المناسب، تعلّم إدارة أعراضه بشكلٍ فعّال.    أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين  من الصعب فهم علامات اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين إلى حدٍّ ما، إذ من السهل الخلط بينها وبين السلوكيّات النموذجيّة للمراهقين. ومع ذلك، فإنّ أعراضه عادةً ما تكون أكثر شدّةً وديمومةً، وتؤثّر في كلّ جانبٍ تقريبًا من جوانب حياة الطفل. في الآتي بعض الأعراض الرئيسة التي يجب الانتباه إليها:  تقلّبات مزاجيّة شديدة  غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة تقلّباتٍ مزاجيّةً سريعةً وشديدة. فقد ينتقلون من الشعور بالسعادة إلى الاكتئاب الشديد في غضون ساعاتٍ، والذي غالبًا ما يترافق مع الغضب. قد لا تتناسب هذه التقلّبات المزاجيّة مع الموقف، وتكون أكثر حدّةً ممّا قد يصدر عن الطفل النموذجيّ أو السليم.  الخوف من الهجر  يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة خوفًا شديدًا من الهجر. وقد يصبحون متملّكين، أو معتمدين بشكلٍ مفرطٍ على أحبّائهم، وغالبًا ما يعتقدون أنّ أحبّاءهم سيتركونهم. قد يؤدّي هذا الخوف إلى سلوكيّاتٍ يائسةٍ، مثل المكالمات المتكرّرة، أو الرسائل النصّيّة، للتحقّق من مكان وجود شخصٍ ما، أو توجيه اتّهاماتٍ غير عقلانيّةٍ بالخيانة أو الرفض.  العلاقات غير المستقرّة  غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة علاقاتٌ كثيرةٌ، لكن غير مستقرّة. تجدهم تارةً يمجّدون شخصًا ما، وتارةً أخرى يشعرون تجاهه بالكراهية الشديدة أو خيبة الأمل. يمكن أن يؤدّي هذا التفكير الذي يمكن تشبيهه "بالأبيض والأسود"، أو "الكلّ أو لا شيء"، إلى صراعاتٍ مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء المدرسة، ما يسبّب الشعور بالوحدة والعزلة.  السلوكيّات الاندفاعيّة  الاندفاعيّة هي السمة المميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة. قد يتورّط الأطفال أو المراهقون في سلوكيّاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، مثل إيذاء النفس، أو الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدّرات، أو القيادة المتهوّرة، في محاولةٍ للتخفيف من المشاعر الشديدة، أو التعامل مع مشاعر انخفاض احترام الذات.  صورة ذاتيّة غير مستقرّة  قد يعاني الطفل المصاب باضطراب الشخصيّة الحدّيّة صورةً ذاتيّةً مشوّهةً أو غير واضحةٍ، وغالبًا ما يعاني مشاعر فقدان قيمته الشخصيّة، أو الشعور بالذنب أو الخجل غير المبرّرين. قد يواجهون أيضًا صعوبةً في فهم أنفسهم وقيمهم، ما يؤدّي إلى تغييراتٍ متكرّرةٍ في الأهداف والاهتمامات والتطلّعات.  اضطراب العواطف  يعدّ اضطراب التنظيم العاطفيّ أحد الأعراض الواضحة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة، إذ يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب مشاعر ذات شدّةٍ غير اعتياديّةٍ، حتّى أنّ الأحداث البسيطة يمكن أن تؤدّي إلى حزنٍ شديدٍ، أو غضبٍ، أو خجل. لا تقتصر هذه المشاعر على كونها أكثر حدّةً، بل غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا لتهدأ.  سلوك إيذاء النفس والأفكار الانتحاريّة  يعتبر سلوك إيذاء النفس، بما في ذلك القطع أو الحرق أو الخدش، شائعًا بين المراهقين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة. غالبًا ما تكون هذه الأفعال محاولاتٍ للتعامل مع مشاعر مثل الألم، أو الفراغ، أو الشعور بالذنب، ويتطلّب هذا الجانب من الاضطراب مراقبةً دقيقةً ودعمًا متخصّصًا.    التأثيرات النفسيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة في الأطفال  لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة أبعادٌ مختلفةٌ، وقد يكون ذا تأثيرٍ عميقٍ في نفسيّة الطفل. فالعيش مع هذا الاضطراب يعني تجربة مشاعر مكثّفةٍ وفوضويّةٍ خارجةٍ عن السيطرة، غالبًا ما تجعل الطفل يشعر أنّه "أصعب ممّا يستطيع الآخرون التعامل معه". قد يؤدّي هذا إلى مشاعر مزعجةٍ بسبب الوحدة والرفض، فيشعر الطفل أنّه غير مفهومٍ أو غير محبوبٍ، ما يزيد من مخاوف الهجران لديه، ويضخّم مشاعره السلبيّة عمومًا.  في حين أنّ الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة يعانون نقص احترام الذات، والذي يؤدّي بدوره إلى عدم الاستقرار في علاقاتهم وصورتهم الذاتيّة، فإنّ هذه المشاعر المضطربة تخلق حلقةً مفرغةً ومؤلمةً، لذلك نجدهم يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ أو متهوّرٍ، بسبب شعورهم بعدم الحبّ أو عدم الجدارة، والغربة حتّى أثناء وجودهم وسط أحبّائهم.    تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال  يعدّ تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين معقّدًا بعض الشيء، إذ يتشارك العديد من الأعراض مع اضطراباتٍ أخرى، مثل الاكتئاب، والاضطراب ثنائيّ القطب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). الحقيقة أنّ المتخصّصين في الصحّة العقليّة حذرون جدًّا بشأن تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة قبل سنّ الرشد، لأنّ سمات شخصيّة الطفل أو المراهق لا تزال في طور النموّ. ومع ذلك، عندما تكون الأعراض شديدةً ومستمرّةً، ومتداخلةً مع الحياة اليوميّة، يكون من المفيد التعمّق في التشخيص مع المختصّ.    كيف تساعد في علاج اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند طفلك  من أصعب المواقف التي قد تمرّ فيها كونك أحد الوالدين، مشاهدة ابنك يتخبّط بين مشاعر شديدةٍ وسلوكيّاتٍ اندفاعيّةٍ لا يجد منها مفرًّا. قد تشعر بالعجز، أو الإحباط، أو حتّى الخوف، لكن ضع في حسبانك دائمًا أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة ليس انعكاسًا لشخصيّة طفلك، بل هو حالةٌ مرضيّةٌ سيتمكّن من التغلّب عليها بمساعدتك وتفهّمك لحالته. إليك بعض الطرق للمساعدة:  استيعاب حقيقة مشاعره  ليس مطلوبًا منك أن تفهم المشاعر التي يمرّ فيها طفلك تمامًا، لكن سيكفيه أن "تتفهّمها"، وتعرف أنّه لا يملك خيار التحكّم بها، فهذا سيولّد لديه الشعور بالأمان. لذلك تجنّب عباراتٍ مثل "أنت تبالغ"، أو "اهدأ فقط". بدلًا من ذلك، حاول أن تقول: "أتفهّم أنّ ما تشعر به صعبٌ عليك".  تشجيع الروتين  يساعد وجود جدولٍ يوميٍّ لنشاطات وأوقات الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، في التنبّؤ بأحداث يومهم القادمة، ما يمدّهم بمزيدٍ من الإحساس بالأمان. يمنح الروتين اليوميّ شعورًا بالاستقرار والثبات، وهما أكثر شعورين يفتقد إليهما المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة.  ممارسة الصبر والرحمة  التعافي من اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عمليّةٌ تدريجيّةٌ، قد يرتكب طفلك أخطاءً ويواجه صعوباتٍ على طول الطريق. لذلك من المهمّ أن تظهر الصبر والتعاطف، وتطمئنه أنّه ليس وحيدًا، وأنّه محبوبٌ بغضّ النظر عن سلوكيّاته والتحدّيات التي يواجهها، وأنّك تحبّه حبًّا غير مشروط.    ***  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ معقّدةٌ وصعبةٌ، لكن مع دعم الأهل المناسب، يمكن للأطفال والمراهقين تعلّم إدارة أعراض هذه الحالة، وبناء حياةٍ مُرضية. إذا كنت تشكّ في أنّ طفلك قد يكون مصابًا باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، فإنّ طلب المساعدة المهنيّة من مختصٍّ خطوةٌ أولى مهمّة. تذكّر أنّ العلاج يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ومع الوقت والصبر والتعاطف، تمكنك مساعدة طفلك في الانتقال إلى مسارٍ أكثر استقرارًا وقبولًا للذات.    المراجع   https://www.healthline.com/health/understanding-personality-disorders-in-children#treatment\  https://goodhealthpsych.com/blog/recognizing-the-early-signs-of-bpd-in-children-what-parents-should-know/  https://helpingminds.org.au/supporting-child-with-borderline-personality-disorder/   

تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ: أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ

يكتسب الأطفال الذين يحظون بتعزيز الشخصيّة والتطوير الذاتيّ العديد من العادات المميّزة التي تُعزِّز الثقة بالنفس، سواء أكان ذلك على المدى القصير في مرحلة الطفولة والمدرسة، أم على المدى البعيد في مرحلة الجامعة أو دخول سوق العمل.    أهمّيّة تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال  يؤدّي تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ دورًا حاسمًا في تشكيل نجاحهم ورفاهيّتهم في المستقبل، حيث يكتسب الأطفال مجموعة من المهارات والسمات، بما في ذلك الثقة بالنفس، وقدرات التواصل، والذكاء العاطفيّ، والمرونة، وصفات القيادة.    فوائد تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ - تحسين الثقة بالنفس والتعبير عن الذات.  - تعزيز مهارات الاتّصال والمهارات الشخصيّة.  - حلّ المشكلات بطريقة أفضل. - زيادة المرونة والقدرة على التكيّف.  - تعزيز القدرات القياديّة ومهارات العمل الجماعيّ.  - الصحّة النفسيّة.  - ​​تنمية التعاطف والشعور بالمحيطين.​​​    علامات تدنّي الثقة بالنفس عند الأطفال​  في ما يلي بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى انخفاض ثقة الأطفال بأنفسهم، مع الأخذ بعين الاعتبار استشارة المختصّين للحصول على تشخيص دقيق للطفل:​​  ​​​1. الحديث السلبيّ عن الذات​​  غالبًا ما تشيع بعض العبارات عند الأطفال ذوي الثقة المنخفضة بأنفسهم، مثل: "أنا غبيّ"، أو "لا يمكنني فعل أيّ شيء بالطريقة الصحيحة"، أو "لا أحد يحبّني".​​  ​​​2. تجنّب التحدّيات​​  قد يتجنّب الطفل الذي يعاني ثقة متدنّية بذاته، تجربة أشياء جديدة أو مواجهة التحدّيات، خوفًا من الفشل والإحراج.​​  ​​​3. الهرب بسهولة​​  عندما يواجهون صعوبات، يسارعون إلى الاستسلام والابتعاد، بدلًا من الاستمرار في مواجهة التحدّي.​​ ​​​4. الحساسيّة للنقد​​  يأخذ الأطفال الذين يعانون ثقة متدنّية بالذات، النقد البنّاء على محمل شخصيّ للغاية، ويجدون صعوبة في قبول التعليقات.​​  ​​​5. الانسحاب الاجتماعيّ قد ينسحبون من المواقف الاجتماعيّة ويجدون صعوبة في تكوين صداقات.​​  ​​​6. عدم وجود مبادرة​​  قد يكون التردّد في أخذ زمام المبادرة أو التطوّع من علامات تدنّي الثقة بالنفس، ويفضّل هؤلاء الأطفال البقاء في الخلفيّة.​​  ​​​7. الكمال​​  قد يضعون معايير عالية لأنفسهم، وينزعجون من الأخطاء الصغيرة.​​  ​​​8. إلقاء اللوم على الآخرين​​  عندما يفشل الأطفال ذوو الثقة المتدنّية بالنفس، يميلون إلى إلقاء اللوم على العوامل الخارجيّة، بدلًا من تحمّل المسؤوليّة.​​  ​​​9. انخفاض الأداء​​  قد ينخفض أداؤهم الأكاديميّ أو اللامنهجيّ مع تضاؤل ثقتهم بأنفسهم.   أفضل طرق تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتحفيزهم الشخصيّ لتعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ، يمكن للوالدين استخدام العديد من الاستراتيجيّات الفعّالة، حيث تركِّز هذه الاستراتيجيّات على تهيئة بيئة داعمة، وتشجيع الطفل على الاستقلال، والاحتفاء بالإنجازات. في ما يلي بعض أفضل الطرق لتحقيق ذلك:  1. تشجيع الطفل على اكتشاف الذات  يمكن تعليم الطفل كيفيّة اكتشاف ذاته بمشاركته الأحداث والأخطاء الشخصيّة، لجعله يشعر بالثقة وعدم اهتزازها عند تصرّفه تصرّفًا خاطئًا. وتساعدهم هذه العادة على فهم أنّ كلّ شخص يرتكب الأخطاء. كما يبني هذا التصرّف علاقة أبويّة قويّة.    2. الحفاظ على علاقة متوازنة وصحّيّة  الحفاظ على توازن العلاقة مع الطفل بين الجدّ والمُزاح، لتجنّب إرهاق الطفل والحفاظ على مستوى ثقة صحّيّ بينه ووالديه. قد يؤدِّي دفع الأطفال بقوّة نحو أمرٍ ما إلى انخفاض ثقتهم بأنفسهم.    3. التحدّث عن اهتمامات الطفل  تحدّث إلى طفلك عن اهتماماته الحقيقيّة قبل تسجيله في الأنشطة. هذا يسمح له بالسيطرة على جدوله الزمنيّ، والقيام بما يحلو له حقًا؛ ممّا يعزِّز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ.    4. الانتباه إلى مكان التواصل مع الطفل  يمكن أن يؤدّي توبيخ الأطفال في الأماكن العامّة إلى شعورهم بالعار. بدلًا من ذلك، يُنصح الوالدون بمعالجة القضايا مع أطفالهم معالجة شخصيّة، وفي مكان خاصّ.   5. تعويد الطفل على أخذ زمام المبادرة  دع طفلك يأخذ زمام المبادرة في القرارات والمهمّات الصغيرة، حيث يعزِّز ذلك الاستقلاليّة والثقة بالنفس منذ سنّ مبكرة.    6. تفهّم الأخطاء والتعلّم منها  من أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ تفهّم الأخطاء وجعل الأطفال يتعلّمون منها. يساعدهم ذلك على تطوير إيجاد الحلول والثقة بقدراتهم.    7. الاحتفاء بالجهود والنجاح  الاعتراف بجهود الطفل ونجاحاته والاحتفاء بها يغرس الثقة بالنفس واحترام الذات العالي، ويمنح الطفل الحافز لمتابعة الأهداف.    8. التعامل مع الأخطاء على أنّها فرص للنموّ  اعتبار الأخطاء فرصًا للنموّ والتعلّم يساعد الأطفال على النموّ والتطوّر، ويجعلهم يثقون أكثر بقدراتهم.   9. توفير الفرص للقيادة والمسؤوليّة  يُنصح الوالدان بمنح الأطفال فرصًا لتولّي الأدوار والمسؤوليّات القياديّة، حيث يساعدهم ذلك على تطوير مهارات صنع القرار وحلّ المشكلات والتواصل؛ ممّا يعزِّز ثقتهم بأنفسهم.    10. دعم احترام الذات والتفاؤل  يساعد الوالدان الأطفال على تطوير صورة ذاتيّة إيجابيّة عن أنفسهم، بالتركيز على نقاط قوّتهم وإنجازاتهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على الإيمان بقدراتهم والاحتفال بنجاحاتهم.    11. تشجيع الاستقلال والاعتماد على الذات  منح الأطفال فرصة اتّخاذ القرارات وتحمّل مسؤوليّة أفعالهم يعزِّز الشعور بالتمكين والاستقلاليّة.    * * * أخيرًا، يجب على الوالدين الانتباه إلى أنماط مستمرّة من السلوكات المذكورة أعلاه، حيث يظهِر جميع الأطفال بعض هذه العلامات من حين إلى آخر. وقد يشير العرض المتّسق طويل الأمد إلى مشكلة أعمق تتعلّق بالثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ، والتي تجب معالجتها باستشارة المختصّين.    المراجع  https://sydneyinstitute.edu.au/importance-of-personal-development-in-students-life/  https://www.podareducation.org/blog-5-tips-for-parents-to-boost-their-kids-self-confidence  https://beyou.edu.au/fact-sheets/social-and-emotional-learning/building-confidence-in-children  https://www.healthychildren.org/English/ages-stages/gradeschool/Pages/Signs-of-Low-Self-Esteem.aspx  https://www.greatschools.org/gk/articles/low-self-esteem-in-children/ 

مشكلات الأطفال السلوكيّة: الأسباب وطرق العلاج

قد يُظهر جميع الأطفال سلوكيّاتٍ يمكن وصفها بالشقاوة أو التمرّد أو الاندفاع من وقتٍ إلى آخر، وهو أمرٌ طبيعيٌّ تمامًا. لكن عندما يزداد معدّل هذه السلوكيّات، أو عندما تتحوّل إلى نمطٍ ثابتٍ، فإنّ هذا يعني الدخول في مرحلة مشكلات الأطفال السلوكيّة. يعدّ اضطراب التحدّي المعارض (ODD)، واضطراب السلوك (CD)، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، من أكثر اضطرابات السلوك المشاغب شيوعًا. تشترك هذه الاضطرابات في بعض الأعراض، لذلك قد يكون التشخيص صعبًا، ويستغرق وقتًا طويلًا. كما قد يعاني الطفل اضطرابَين في الوقت نفسه. ويعدّ تحديد هذه المشكلات ومعالجتها في وقتٍ مبكّرٍ من أهمّ عوامل رفاهيّة الطفل على المدى الطويل، وتحسين نوعيّة حياة الأسرة.  في هذا المقال سنستعرض أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة، وأنواعها، وطرق علاجها.    أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة  غالبًا ما تحدث مشكلات الأطفال السلوكيّة نتيجة تفاعلٍ معقّدٍ بين عوامل بيولوجيّةٍ، ونفسيّةٍ، وبيئيّة. لذا يجب تحديد الأسباب الكامنة بدقّةٍ، لتوصيف طرق العلاج الناجحة. من هذه الأسباب:    العوامل البيولوجيّة  تعود العديد من المشكلات السلوكيّة إلى الوراثة وكيمياء الدماغ وبنيته، إذ قد يولد بعض الأطفال بسماتٍ وراثيّةٍ معيّنةٍ، أو حالاتٍ عصبيّةٍ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو اضطراب طيف التوحّد، والتي تؤثّر في قدرتهم على التعامل مع المعلومات وإدارة مشاعرهم. كما يمكن أن تسهم اختلالات التوازن الكيميائيّ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، في اضطرابات المزاج التي قد تظهر في صورة مشكلاتٍ سلوكيّة.    البيئة الأسريّة  تؤثّر البيئة الأسريّة بشكلٍ كبيرٍ في سلوك الأطفال، فيمكن أن يؤدّي اضطراب العلاقة بين الوالدين، أو البيئة المنزليّة غير المستقرّة بشكلٍ عامٍّ، إلى شعور الطفل بالخوف والارتباك، والذي قد يتجلّى في شكل سلوكيّاتٍ ضارّة.    الصدمة أو خسارة شخص عزيز  يحمل الأطفال حساسيّةً شديدةً للأحداث المؤلمة، ويمكن أن يترك موت أحد الأحبّاء، أو انفصال الوالدين، أو التعرّض للتنمّر أو الإساءة، ندوبًا عاطفيّةً عميقةً لديهم. في الغالب تؤدّي الصدمة إلى تغييراتٍ سلوكيّةٍ، بسبب عدم قدرة الأطفال على التعامل بشكلٍ سليمٍ مع هذه التجارب. كما قد يعبّرون في بعض الحالات عن افتقارهم إلى المفردات العاطفيّة للتعبير عن مشاعرهم، في شكل سلوكيّاتٍ غير مستحبّة.    التأثيرات الاجتماعيّة وضغوط الأقران  يميل الأطفال إلى تقليد سلوكيّات أصدقائهم وزملائهم في المدرسة، وتصدر عنهم سلوكيّاتٌ سلبيّةٌ للتأقلم، أو الشعور بالقبول بين أقرانهم الذين يتصرّفون بهذه الطريقة. كما يمكن أن يسهم رفض الأقران، أو التعرّض إلى التنمّر، في حدوث مشكلات الأطفال السلوكيّة، إذ قد يلجؤون إلى التصرّف بعدوانيّةٍ، أو إلى العزلة، أو إلى القيام بأفعالٍ لجذب اهتمام الآخرين.     التحدّيات الأكاديميّة والتعليميّة  يمكن أن تؤدّي معاناة الطفل صعوباتٍ في التعلّم إلى الإحباط، ونقص احترام الذات. فعندما تتحوّل المدرسة إلى مصدرٍ للمشاعر السلبيّة لدى الأطفال، قد يجعلهم هذا يتصرّفون بوقاحةٍ، أو يحاولون التقوقع للتعامل مع مشاعر الفشل. أي إنّ المشكلات السلوكيّة قد تكون وسيلةً لإخفاء صعوبات التعلّم، والتي قد لا يفهمها الطفل تمامًا، أو لا يعرف كيف يعبّر عنها.     أنواع المشاكل السلوكيّة  تتضمّن مشكلات الأطفال السلوكيّة الشائعة ما يلي:  - اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط: تنتج عن هذا الاضطراب صعوبةٌ في التركيز لدى الأطفال. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنّه اضطرابٌ يرتبط بسلوك الأطفال بشكلٍ مباشرٍ، فيكونون أكثر اندفاعًا من أقرانهم، وقد يتجاهلون ما يقوله الوالدان، أو يثورون أو يصابون بنوبة غضبٍ، أو يقومون بعكس ما يُطلب إليهم. لذا فإنّ أمورًا بسيطةً، مثل إنجاز الفروض المنزليّة، والذهاب إلى الفراش، وارتداء الملابس، وتناول الطعام، قد تكون محلّ شجارٍ.  - اضطراب التحدّي المعارض: من أكثر الاضطرابات انتشارًا لدى الأطفال تحت عمر 12 سنةً. يتضمّن هذا الاضطراب بعض السلوكيّات الدالّة عليه، مثل سرعة الانفعال، وتكرّر نوبات الغضب، والجدال الدائم مع البالغين، وخصوصًا البالغين الأكثر قربًا منهم، مثل الوالدين، ورفض الالتزام بأيّ قواعد، فيبدو الطفل كما لو أنّه يحاول عمدًا إزعاج الآخرين، أو استفزازهم.  - اضطراب السلوك: يعانيه الكثير من الأطفال، ويعدّ أكثر حدّةً من اضطراب التحدّي المعارض، وتتضمّن مؤشّراته الرفض المتكرّر لطاعة الوالدين والشخصيّات ذات السلطة، والسلوك العدوانيّ، والكذب، والسرقة، والميل إلى التدخين، وتعاطي المخدّرات في عمرٍ مبكّر.  -اضطرابات القلق: قد نخلط بين أعراض القلق والخجل لدى الأطفال، لكنّ المصابين منهم باضطراب القلق يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ، عندما يكونون في مواقف تثير قلقهم. فقد يثورون، أو يصابون بنوبة غضبٍ، في محاولةٍ للهروب من هذه المواقف، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسديّ على الآخرين.  -اضطراب طيف التوحّد: غالبًا ما يعتمد الأطفال المصابون بالتوحّد على روتينٍ ثابتٍ يشعرهم بالراحة، وأيّ تغييرٍ غير متوقّعٍ يمكن أن يثيرهم، فهم يفتقرون إلى مهارات اللغة والتواصل للتعبير عن حاجاتهم. من الضروريّ أن نتذكّر أنّ بعض مشكلات الأطفال السلوكيّة، يمكن أن تنجم عن أسبابٍ طبّيّةٍ لم يتمّ التعرّف إليها، والتي قد تشمل الارتجاع المريئيّ، والإمساك، والحساسيّة، والتهابات الأذن، وحتّى الكسور. يتصرّف الأطفال عمومًا بشكلٍ سلبيٍّ عندما لا يشعرون أنّهم على ما يرام، وقد ينفجر الأطفال المصابون بالتوحّد لأنّهم يعانون الألم، ولا يعرفون كيف يعبّرون عنه أو يوقفونه.  يعدّ فهم الفئة التي تنتمي إليها المشكلة السلوكيّة أمرًا بالغ الأهمّيّة، لاختيار طريقة العلاج الصحيحة.     طرق علاج مشكلات الأطفال السلوكيّة  بالرغم من أنّ المشكلات السلوكيّة تبدو صعبةً، ومن العسير معالجتها، إلّا أنّ هناك العديد من طرق العلاج الفعّالة للتعامل معها، علمًا أنّه قد يكون علاجًا متعدّد الأوجه، ويتضمّن مزج أكثر من طريقةٍ من الطرق التالية:   التدخّلات غير الدوائيّة  - العلاج السلوكيّ المعرفيّ: أسلوبٌ مثبت الفعاليّة في علاج الأطفال الذين يعانون القلق، والاكتئاب، والمشكلات السلوكيّة المرتبطة بالمزاج، يركّز على تحديد أنماط التفكير السلبيّة التي تنتج سلوكيّاتٍ غير مرغوبةٍ، وتغييرها. كما أنّه يزوّد الأطفال بآليّات تأقلمٍ للتعامل بشكلٍ أفضل مع المواقف التي تثير لديهم ردّ فعلٍ سلبيّ.  - العلاج باللعب: يمكن أن يكون وسيلةً فعّالةً للتعبير عن المشاعر لدى الأطفال الأصغر سنًّا. فمن خلال اللعب، يتمّ توجيه الأطفال للتعامل مع مشاعرهم الداخليّة، وتعلّم معالجة تجاربهم المختلفة داخل بيئةٍ داعمة.  - العلاج السلوكيّ: أسلوبٌ مفيدٌ لعلاج اضطراباتٍ مثل فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطراب التحدّي المعارض، فهو يتضمّن إعداد روتينٍ منظّمٍ، وتوقّعاتٍ واضحةً، ومكافآتٍ لتدعيم السلوك الإيجابيّ. كما يساعد العلاج السلوكيّ في تطوير الانضباط الذاتيّ لدى الأطفال، وتعلّم الاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة.  - العلاج الأسريّ: يركّز هذا العلاج على تحسين التواصل وحلّ المشكلات داخل الأسرة، أي إنّه يتعلّق بفهم أفراد الأسرة للتحدّيات التي يواجهها الطفل، وتعلّمهم طرقًا فعّالةً للاستجابة إليها، الأمر الذي يخلق بيئةً أكثر دعمًا، ويقلّل من احتماليّة الشجارات وسوء الفهم.    الأدوية  في بعض الحالات، يمكن أن تكون الأدوية مكمّلةً للعلاج، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة، لعلاج اضطرابات المزاج. ولكن يجب التعامل بحذرٍ مع الأدوية، والحرص على استخدامها تحت إشراف طبيبٍ مختصّ. جديرٌ بالذكر أنّ الأدوية غالبًا ما تكون أكثر فعاليّةً عند دمجها مع أشكالٍ أخرى من العلاج.    تدريب الوالدين ودعمهما  للأهل دورٌ كبيرٌ في تصحيح سلوك أطفالهم السلبيّ، فهناك برامج متخصّصةٌ وقيّمةٌ للغاية، تركّز على الانضباط والتواصل وبناء العلاقات، مثل برنامج الأبوّة الإيجابيّة (Triple P)، والعلاج بالتفاعل بين الوالدين والطفل (PCIT)، وهي أساليب منظّمةٌ، تمكّن الأب والأمّ من استخدام تقنيّاتٍ فعّالةٍ للتعامل مع السلوكيّات غير المرغوبة، وتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة.     تعديلات نمط الحياة  يمكن أن تُحدث بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة فرقًا ملحوظًا في سلوك الطفل، مثل تحسين الاستقرار العقليّ، وتقليل الانفعال ونوبات الغضب، ومنها اتّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ، وتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم. كما يمكن أن يساعد تقليل تعرّض الطفل للشاشات الإلكترونيّة، وتعزيز الأنشطة الخارجيّة، في حرق الطاقة الزائدة، وإدارة التوتّر بشكلٍ أفضل.     بناء المهارات الاجتماعيّة  يعدّ التدريب على المهارات الاجتماعيّة فعّالًا في مساعدة الأطفال الذين يعانون صعوباتٍ في إقامة علاقاتٍ مع الأقران، إذ يعلّمهم مهارات التواصل الفعّال والتعاطف. يجب أن تنقل هذه المهارات إلى الأطفال ضمن أنشطةٍ جماعيّةٍ، في بيئةٍ منظّمةٍ، ما قد يخفّف من بعض المشكلات السلوكيّة، الناشئة عن ضعف الثقة بالنفس، أو ضغوط الأقران.    ***  يمكن القول إنّ المشاكل السلوكيّة لدى الأطفال قد تكون معقّدةً ومتعدّدة الأوجه، وتتطلّب نهجًا شاملًا للعلاج. لذا فإنّ فهم الأسباب الجذريّة، وتنفيذ العلاجات المستهدفة، والحفاظ على بيئةٍ أسريّةٍ داعمةٍ ومُحبّةٍ، والتواجد في بيئةٍ مدرسيّةٍ إيجابيّةٍ، سيمكّن الأهل من مساعدة أطفالهم في إدارة سلوكيّاتهم، والازدهار في حياتهم الشخصيّة والاجتماعيّة.  بالصبر والتعاطف والموارد المناسبة، يمكن للأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكيّةٍ، أن يتعلّموا التغلّب على تحدّياتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.    المراجع   https://www.webmd.com/parenting/types-of-behavioral-problems-in-children  https://childmind.org/article/common-causes-of-behavior-problems-in-kids/  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/behavioural-disorders-in-children   

مراحل الطفولة وخصائصها: كيف أفهم احتياجات طفلي؟

تتّسم مرحلة الطفولة بتغيّراتٍ سريعةٍ في الجسم والعاطفة والإدراك. لذا، يمكن أن يساعد فهم خصائصها المحدّدة الأهل والمعلّمين ومقدّمي الرعاية، في تقديم الدعم والتوجيه المناسبين للطفل. يشكّل فهم مراحل النموّ والتطوّر المتغيّرة لدى طفلك أمرًا مركزيًّا في تربيته. فمع تقدّم الرضّع والأطفال عبر سلسلةٍ من مراحل النموّ، قد يواجهون تحدّياتٍ جسديّةً، أو عاطفيّةً شائعة. تستكشف هذه المقالة المراحل الأوّليّة من الطفولة - الرضاعة، والطفولة المبكّرة، والطفولة المتوسّطة، والمراهقة - مع تسليط الضوء على خصائصها الرئيسة، ومعالمها.    مراحل الطفولة وخصائصها  الطفولة (من الولادة إلى عمر السنتين)  هي المرحلة من الولادة إلى عمر السنتين تقريبًا. خلال هذه الفترة، يمرّ الأطفال بنموٍّ وتطوّرٍ جسديٍّ سريعٍ، يشكّل الأساس لتعلّمهم وسلوكهم في المستقبل.   خصائص مرحلة الطفولة  التطوّر البدنيّ: يتفاعل الأطفال حديثو الولادة خلال أشهرهم الأولى بشكلٍ فطريٍّ مع المحفّزات الخارجيّة، فيمكنهم تحريك رؤوسهم من جانبٍ إلى آخر، ورؤية الأشياء القريبة، والتعرّف إلى روائح معيّنة. يتضمّن هذا أيضًا البكاء أو الابتسام للتعبير عن احتياجاتهم. سيحرّك المولود رأسه أيضًا نحو يدك، كلّما قمت بمداعبة خدوده. كما ستشهد ابتساماتٍ جميلةً على وجهه بوصوله عمر 3 أشهر. قد يكون أيضًا على استعدادٍ للإمساك بأصابعك عندما تضعها على يديه. ينمو الأطفال بسرعةٍ، ويكتسبون السيطرة على أجسادهم، وينتقلون من ردود الفعل الأساسيّة، مثل الإمساك بالأشياء والضحك، إلى حركاتٍ أكثر تناسقًا، مثل الجلوس، والزحف، والمشي في نهاية المطاف.    التطوّر المعرفيّ: تتميّز هذه المرحلة بتطوّر الدماغ السريع، فيبدأ الأطفال خلالها في التعرّف إلى العالم بحواسّهم وأفعالهم، ويفهمون وجود الأشياء حولهم، وأنّها تستمرّ في الوجود حتّى عندما تكون خارج نطاق رؤيتهم. كما يبدؤون في التعرّف إلى الأنماط والوجوه.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: يعدّ الارتباط بمقدّمي الرعاية أمرًا بالغ الأهمّيّة في هذه المرحلة، إذ يبدأ الأطفال في التعبير عن مشاعر مثل الفرح، والخوف، والإحباط. تؤثّر جودة الارتباط مع مقدّمي الرعاية بشكلٍ كبيرٍ في شعورهم بالأمان والثقة بالعالم.    التطوّر اللغويّ: على الرغم من عدم إتقان الأطفال للغة بعد، إلّا أنّهم يتواصلون بالبكاء والهمهمة والمناغاة. في نهاية هذه المرحلة، يبدأ العديد من الأطفال في نطق كلماتهم الأولى، ما يمهّد الطريق لمزيدٍ من التواصل الأكثر تركيبًا.    الطفولة المبكّرة (من 2 إلى 6 سنوات)  تمتدّ مرحلة الطفولة المبكّرة من سنتين إلى ستّ سنواتٍ، وغالبًا ما يشار إليها بسنوات ما قبل المدرسة. تتميّز هذه المرحلة بتطوّر الاستقلاليّة والفضول، وتطوّر المهارات الأساسيّة في اللغة والتفاعل الاجتماعيّ.  خصائص مرحلة الطفولة المبكّرة  التطوّر البدنيّ: يستمرّ الأطفال في هذه المرحلة في النموّ، بمعدّلٍ أبطأ، ولكن أكثر ثباتًا، فيكتسبون سيطرةً أكبر على المهارات الحركيّة الإجماليّة، مثل الجري والقفز، والمهارات الحركيّة الدقيقة، مثل الرسم والقصّ بالمقصّ. كما تنمو أسنانهم المؤقّتة بشكلٍ كاملٍ، فيصبحون قادرين على تناول الطعام، ويزداد نموّ عظامهم، فيتغيّرون من أطفالٍ رُضّع، إلى أطفالٍ صغار.    التطوّر المعرفيّ: غالبًا ما توصف مرحلة الطفولة المبكّرة بأنّها "المرحلة ما قبل العمليّاتيّة"، حسب نظريّة بياجيه للتطوّر المعرفيّ. لاحظ بياجيه أنّ الأطفال يفتقرون إلى القدرة على التفكير التجريديّ، ولا يستطيعون التلاعب بالمعلومات. ومع ذلك يعتبر ازدهار الخيال والانخراط في اللعب الرمزيّ من سمات هذه المرحلة، إذ يسهمان في تنمية الإبداع والقدرة على حلّ المشكلات. وعلى الرغم من التطوّر المعرفيّ الملموس للطفل في هذه المرحلة، إلّا أنّه لا يزال غير قادرٍ على أداء المهامّ والعمليّات المعقّدة.    بمعنًى آخر، هذه هي المرحلة التي تبدأ فيها الأسئلة المفتوحة التي لا تنتهي، مثل: "لماذا؟"، و"من أين يأتي؟"، و"كيف ذلك؟". إنّها المرحلة التي ينمو فيها فضول الطفل بشكلٍ كبيرٍ، فيرغب في فهم كلّ شيء من حوله.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: تبدأ المهارات الاجتماعيّة ومهارات تنظيم الذات في التطوّر، فيبدأ الأطفال في فهم مجموعةٍ أوسع من المشاعر، والتعبير عنها. كما يتعلّمون التفاعل مع الأقران، وهو أمرٌ حيويٌّ للتعلّم الاجتماعيّ. يبدأ الأطفال أيضًا في فهم التعاطف، وتعلّم أساسيّات المشاركة والتعاون. لكنّ الخبر غير السارّ أنّ هذه المرحلة هي بداية ظهور صفاتٍ لدى الطفل، مثل العناد والعصيان، وفترة ظهور الفروقات الفرديّة بين الإناث والذكور. فنجد أنّ الإناث أصبحن عنيداتٍ، بينما يصبح الذكور أكثر تخريبًا. كما أنّ صفتَيّ العصبيّة والغضب تظهران أيضًا في هذه المرحلة.    تطوّر اللغة: تتوسّع المفردات بسرعةٍ خلال هذه الفترة، ويبدأ الأطفال في تكوين جملٍ كاملة. كما يطوّرون مهارات القواعد الأساسيّة، على الرغم من أنّ كلامهم غالبًا ما يتضمّن أخطاءً جذّابةً، وتعميم القواعد بشكلٍ مفرطٍ، مثل التذكير دائمًا، أو التأنيث دائمًا.    الطفولة المتوسّطة (من 6 إلى 12 سنة)  تغطّي الطفولة المتوسّطة الأعمار من 6 إلى 12 سنةً، وتتوافق مع سنوات الدراسة الابتدائيّة. تتميّز هذه المرحلة بنموٍّ كبيرٍ في القدرات المعرفيّة، وزيادة الاستقلاليّة، وتأسيس حياةٍ اجتماعيّةٍ أكثر تنظيمًا.  خصائص مرحلة الطفولة المتوسّطة  التطوّر البدنيّ: يستمرّ النموّ في الطول والوزن، ولكنّه يكون أبطأ ممّا كان عليه في المراحل السابقة. تصبح النسب الجسديّة للطفل مشابهةً لخصائص الكبار، فمثلًا تصبح الأطراف طويلةً، ويزداد النموّ في العضلات، ما يسمح للأطفال بالمشاركة في أنشطةٍ بدنيّةٍ ورياضيّةٍ أكثر تعقيدًا.    التطوّر المعرفيّ: يحدّد بياجيه هذه المرحلة بأنّها "مرحلة العمليّات الملموسة"، والتي يتطوّر فيها التفكير المنطقيّ. يمكن للأطفال إجراء عمليّاتٍ على أشياء ملموسةٍ، وفهم مفاهيم أكثر تعقيدًا، مثل أنّ الكمّيّة تظلّ ثابتةً، حتّى وإن تغيّر شكلها. كما تنمو لدى الطفل الرغبة في اكتشاف الأسرار المُتعلّقة ببيئته، ويصبح أكثر إدراكًا للعالم الخارجيّ، كما يبدأ في تطوير القدرة على التفكير في جوانب متعدّدةٍ في وقتٍ واحد.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: تظهر في هذه المرحلة مقدرة الطفل على ضبط انفعالاته، فيتعلّم كيفيّة التخلّي عن الحاجات التي قد تؤدّي إلى غضب والديه أو غيرهم. تبدأ القيم والمبادئ بالتشكّل، فيهتمّ بالتقييم الأخلاقيّ، والضمير، وغيرها من الأمور. تصبح الصداقات أكثر أهمّيّةً، ويبدأ الأطفال في تقدير آراء أقرانهم وقبولهم، ويصبحون أكثر مهارةً في فهم مشاعر الآخرين، وتعلّم القواعد الاجتماعيّة المعقّدة. كما يصبح مفهوم الذات وتقديرها أمر مهمّ في هذه المرحلة، ويتأثّر إلى حدٍّ كبيرٍ بالنجاحات أو الإخفاقات الأكاديميّة والاجتماعيّة.    التطوّر اللغويّ: يستمرّ الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسّطة في تحسين مهاراتهم اللغويّة، فيطوّرون فهمًا أفضل للقواعد، ويوسّعون مفرداتهم بشكلٍ كبيرٍ، ويتعلّمون فهم لغةٍ أكثر تعقيدًا وتجريدًا، إلى جانب استخدامها.    المراهقة (من 12 إلى 18 سنة)  المراهقة هي المرحلة الانتقاليّة من الطفولة إلى مرحلة البلوغ، وتمتدّ من سنّ الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة. تتميّز هذه الفترة بالنموّ البدنيّ السريع، والشدّة العاطفيّة، والبحث عن الهويّة.  خصائص مرحلة المراهقة  التطوّر البدنيّ: تتميّز المراهقة بالبلوغ، وهي فترة من النموّ البدنيّ السريع، والتغيّرات الهرمونيّة التي تؤدّي إلى النضج الجنسيّ. تحدث طفرات النموّ، وتصبح الخصائص الجنسيّة الثانويّة، مثل نموّ الثدي لدى الفتيات، وشعر الوجه لدى الأولاد، أكثر وضوحًا.    التطوّر المعرفيّ: يدخل المراهقون "المرحلة العمليّاتيّة الرسميّة" لبياجيه، إذ تصبح مهارات التفكير المجرّد والاستدلال أكثر تعقيدًا. كما يطوّرون القدرة على التفكير في المواقف الافتراضيّة، والتخطيط للمستقبل، والنظر في الآثار الأخلاقيّة.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: يعدّ تكوين الهويّة مهمّةً أساسيّةً في مرحلة المراهقة، بحسب إريك إريكسون. في مراحل التطوّر النفسيّ الاجتماعيّ، غالبًا ما يستكشف المراهقون أدوارًا ومعتقداتٍ وعلاقاتٍ مختلفةً، تسهم في تشكيل هويّتهم الشخصيّة، فيواجهون في هذه المرحلة صراعًا بين الهويّة والارتباك، فيسأل المراهق نفسه: من أنا؟ وما دوري؟ وكيف أتوافق مع الآخرين؟ وأين أذهب في هذه الحياة؟ كما تصبح العلاقات بين الأقران مؤثّرةً للغاية، أكثر من الأسرة في بعض الأحيان، وقد تؤدّي الرغبة في الاستقلال إلى صراعاتٍ مع الوالدين، أو الشخصيّات ذات السلطة.    تطوّر اللغة: تستمرّ مهارات اللغة في التطوّر، فيصبح المراهقون ماهرين في استخدام الجمل المعقّدة، وفهم الفروق الدقيقة في المعنى، وتطوير أنماط التواصل الخاصّة بهم، والتي غالبًا ما تتأثّر بمجموعات الأقران والثقافة الشعبيّة.    ***  تتميّز كلّ مرحلةٍ من مراحل الطفولة بخصائصها الفريدة، من حيث التطوّرات الجسديّة، والإدراكيّة، والعاطفيّة، والاجتماعيّة. يساعد فهم هذه المراحل مقدّمي الرعاية والمعلّمين والأهل، في توفير الدعم والبيئة المناسبة للنموّ الصحّيّ للأطفال. يسمح التعرّف إلى خصائص المراحل بتقدير تعقيدات النموّ، وأهمّيّة رعاية كلّ مرحلةٍ في رحلة الطفل من الطفولة إلى المراهقة، لمساعدته في بناء أساسٍ متينٍ لمستقبله.    المراجع https://www.studysmarter.co.uk/explanations/psychology/developmental-psychology/childhood-development/  https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%88%D9%84%D8%A9_%D9%88%D8%AE%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B5%D9%87%D8%A7  https://www.alukah.net/culture/0/44786/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%88%D9%84%D8%A9..-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AE%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B5/ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%AC%D9%8A%D9%87_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D9%83_%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3%D9%88%D9%86 

تأسيس الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة

مرحلة ما قبل المدرسة فترةٌ يخوض فيها الطفل سلسلةً من التحوّلات والتغيّرات. يشهد الأهل نموّ أطفالهم السريع بين سنّ الثالثة والخامسة، على مستوى تطوّرهم المعرفيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ والجسديّ. تهيّئ هذه المرحلة الحرجة الأطفال للمدرسة ومتطلّباتها الأكاديميّة، وتضع الأساس لتعلّمهم وعلاقاتهم وتقديرهم لذواتهم.   سنناقش في هذا المقال أهمّيّة مرحلة ما قبل المدرسة، واستراتيجيّات تعزيز نموّ الطفل، وحاجاته المختلفة.     تعريف مرحلة ما قبل المدرسة  تشير مرحلة ما قبل المدرسة إلى فترة النموّ في حياة الطفل التي تحدث بين سنّ 3 إلى 5 سنوات تقريبًا، قبل دخولهم المدرسة الرسميّة (وتُسمّى عادةً روضة الأطفال). غالبًا ما يُنظر إلى هذه المرحلة على أنّها الجسر الذي يربط بين مرحلة الطفولة المبكّرة، وبيئة التعلّم المنظّمة في المدرسة الابتدائيّة، وتعدّ مرحلةً حسّاسةً في حياة الطفل، إذ تؤثّر بشكلٍ مباشرٍ في نموّه، وصحّته العقليّة والجسديّة. لذا تعدّ مراقبة نموّ الطفل خلالها من أهمّ أساسيّات طبّ الأطفال، للتأكّد من نموّه بشكلٍ طبيعيٍّ، وضمان سلامته من أيّ مشاكل صحيّةٍ أو نفسيّةٍ جدّيّةٍ، كونها المرحلة التي يكتسب فيها الطفل العديد من عاداته وسلوكيّاته التي ستستمرّ معه طوال حياته.     أهمّيّة مرحلة ما قبل المدرسة  تمثّل سنوات ما قبل المدرسة فرصةً حاسمةً لتشكيل نموّ الطفل، فخلال هذه الفترة، يخضع دماغه لنموٍّ كبيرٍ، ويستقبل التعلّم والتأثيرات البيئيّة من حوله. وفقًا لمركز الطفل النامي في جامعة هارفارد، يتشكّل أكثر من مليون اتّصال عصبيٍّ جديدٍ في دماغ الطفل كلّ ثانيةٍ، خلال السنوات الأولى من حياته. هذه الاتّصالات هي اللبنات الأساسيّة للتطوّر المعرفيّ والعاطفيّ، ما يجعل جودة التجارب خلال هذه المرحلة مهمّةً بشكلٍ خاصّ.  يعدّ التعليم قبل المدرسيّ عاملًا أساسيًّا في تعزيز الاستعداد للمدرسة، إذ يسهم في تطوير المهارات الأساسيّة، مثل اللغة وحلّ المشكلات والتفاعل الاجتماعيّ. والأهمّ من ذلك، أنّ هذه السنوات تضع الأساس لقدرة الطفل على مواجهة العالم بثقةٍ، وبناء علاقاتٍ عميقةٍ وصادقة.    مجالات تطوّر الطفل خلال سنوات ما قبل المدرسة  كما أشرنا، تُعدّ مرحلة ما قبل المدرسة فترةً حاسمةً في نموّ الطفل وتطوّره في مختلف المجالات، والتي يسهم فهمها في تمكين الوالدين والمعلّمين من تصميم أنشطةٍ ملائمةٍ، تعزّز التطوّر الشامل للطفل.    التطوّر المعرفيّ  يتضمّن التطوّر المعرفيّ خلال سنوات ما قبل المدرسة تعلّم التفكير والمنطق وحلّ المشكلات. في هذه المرحلة، يصبح الأطفال أكثر فضولًا بشأن العالم، ويطرحون أسئلةً لا نهائيّةً تبدأ بـ "لماذا؟"، لأنّهم يحاولون فهم محيطهم، وتحليل ما يرونه ويسمعونه. تعدّ الأنشطة، مثل الألغاز ورواية القصص والألعاب التي تشجّع الإبداع والتفكير النقديّ، أمرًا بالغ الأهمّيّة لتحفيز النموّ المعرفيّ.  يعدّ تطوّر اللغة جانبًا رئيسًا آخر من جوانب التطوّر المعرفيّ في مرحلة ما قبل المدرسة، يوسّع الأطفال خلالها مفرداتهم بسرعةٍ، ويتعلّمون تكوين الجمل، ويبدؤون في فهم قواعد الاتّصال. من بين الطرق الفعّالة لتنمية مهارات اللغة، القراءة للأطفال، وإشراكهم في المحادثات، وتقديم كلماتٍ جديدةٍ إليهم، بالأغاني والشعر.     التطوّر الاجتماعيّ والعاطفيّ  غالبًا ما تكون مرحلة ما قبل المدرسة التجربة الأولى للطفل في بيئةٍ اجتماعيّةٍ منظّمةٍ، إذ يساعده التفاعل مع الأقران والمعلّمين، في تطوير مهاراتٍ اجتماعيّةٍ مهمّةٍ، مثل المشاركة واللعب ضمن مجموعاتٍ وحلّ النزاعات. تشكّل هذه التجارب المبكّرة قدرة الطفل على بناء العلاقات، والحفاظ عليها طوال حياته.  عاطفيًّا، يتعلّم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة كيفيّة تحديد مشاعرهم وإدارتها، ومع تعرّضهم إلى مجموعةٍ أوسع من الأطفال في عمرهم، سيفهمون معنى الاختلاف، ويبدؤون في تطوير التعاطف، وفهم كيفيّة تأثير أفعالهم في الآخرين. يمكن لمقدّمي الرعاية تعزيز التطوّر العاطفيّ بتعليم الأطفال تسمية مشاعرهم، وتقديم الدعم عند شعورهم بالانزعاج، ونمذجة طرقٍ صحّيّةٍ للتعبير عن المشاعر.    التطوّر البدنيّ  يشمل النموّ البدنيّ خلال سنوات ما قبل المدرسة جميع المهارات الحركيّة الكبرى، مثل الجري والقفز والتسلّق، وجميع المهارات الحركيّة الدقيقة، مثل الرسم والقصّ واللعب بالأشياء الصغيرة. يساعد تشجيع الأطفال في المشاركة في اللعب النشط، سواء في الداخل أو الخارج، في تحسين تنسيقهم وتوازنهم وقوّتهم. كما يمكن للأنشطة البسيطة، مثل البناء باستخدام المكعّبات أو ربط الخرز، أن تعزّز المهارات الحركيّة الدقيقة، والتي تعدّ ضروريّةً لمهامّ مثل الكتابة والعناية الذاتيّة.    حاجات طفل ما قبل المدرسة  يتطلّب تأسيس طفلٍ في مرحلة ما قبل المدرسة توفير بيئةٍ تشجّع على الاستكشاف والاستقلال والنموّ. في الآتي بعض الاستراتيجيّات التي تلبّي احتياجات أطفال هذه المرحلة، والتي يمكن للأهل والمعلّمين استخدامها لتعزيز تطوّرهم خلال هذه الفترة المهمّة:    التعلّم القائم على اللعب  غالبًا ما يوصف اللعب أنّه "عمل" الطفولة"، ولأنّه النشاط الرئيس الذي يتقن الأطفال فعله، يمكن للأهل تطويره ليصبح ذا معنًى.  يسمح التعلّم القائم على اللعب للأطفال باستكشاف مفاهيم جديدةٍ، وتطوير مهارات حلّ المشكلات، وممارسة التفاعلات الاجتماعيّة بطريقةٍ طبيعيّةٍ وممتعة. سواء باللعب التخيّلي، أو بناء المكعّبات، أو استكشاف الطبيعة، تسهم هذه الأنشطة في تعزيز فهم الأطفال للعالم من حولهم.   وجدت دراسةٌ أجريت سنة 2018، ونشرت في Frontiers in Psychology، أنّ الأطفال الذين شاركوا في اللعب الموجّه أظهروا تحسّنًا أكبر في المهارات المعرفيّة والأكاديميّة، مقارنةً بأولئك الذين شاركوا فقط في الأنشطة المنظّمة التي يقودها المعلّم. وأكّدت الدراسة على أهمّيّة الجمع بين اللعب الحرّ والتوجيه المتعمّد، والذي يسهم في تعظيم نتائج التعلّم.    بناء الروتين   تعزّز الجداول الزمنيّة المتوقّعة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة شعورهم بالأمان، لأنّهم يعرفون ما يتوقّعونه كلّ يوم. يمكن أن يقلّل إنشاء روتينٍ ثابتٍ للوجبات، والقيلولة، ووقت اللعب، والتعلّم، من القلق. كما يمكنه أن يشجّع التعاون. على سبيل المثال، يمكن أن يدعم روتين وقت النوم الثابت، والذي يتضمّن قراءة قصّةٍ، كلًّا من الترابط العاطفيّ وتطوّر اللغة.    تعزيز الاستقلاليّة  تعتبر سنوات ما قبل المدرسة وقتًا يبدأ فيه الأطفال في تأكيد استقلاليّتهم. يبني تشجيع مهارات المساعدة الذاتيّة، مثل ارتدائهم ملابسهم بأنفسهم، أو التنظيف بعد وقت اللعب، أو سكب مشروباتهم بأنفسهم، الثقة والشعور بالإنجاز. من المهمّ التحلّي بالصبر، والسماح للأطفال بتجربة الأشياء بأنفسهم، حتّى لو ارتكبوا الأخطاء، مع تحفيزهم بالتعزيز الإيجابيّ الذي سيشجّعهم على الاستمرار في ممارسة مهاراتٍ جديدة.    دعم التعبير العاطفيّ  تعدّ مساعدة الأطفال في فهم مشاعرهم والتعبير عنها جزءًا أساسيًّا من نموّهم، إذ يمكن للوالدين أن يكونا نموذجًا للذكاء العاطفيّ، بالتحدّث عن مشاعرهم الخاصّة، وإثبات صحّة مشاعر الطفل. على سبيل المثال، إذا كان الطفل محبطًا لأنّ إحدى ألعابه لا تعمل، يمكن أن يقول له أحد والديه: "أرى أنّك تشعر بالانزعاج. لا بأس أن تشعر بهذه الطريقة. دعنا نفكّر في كيفيّة إصلاح الأمر معًا".    ***  تتميّز مرحلة ما قبل المدرسة بأمرَين أساسيَّين، هما النموّ والتعلّم. بلا شكٍّ سيؤتي استثمار الوالدين في أطفالهما خلال هذه الفترة ثماره طوال حياة الطفل.     المراجع https://www.frontiersin.org/research-topics/24841/advancing-research-on-inclusion-and-engagement-in-early-childhood-education-and-care-ecec-with-a-special-focus-on-children-at-risk-and-children-with-disabilities/magazine    https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9_%D9%85%D8%A7_%D9%82%D8%A8%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9    https://www.earlyadvantagedcc.com/early-advantage-parent-resources/five-ways-to-prepare-your-child-for-preschool/ 

ما أضرار الطلاق على الأبناء؟ وكيف تمكن معالجتها؟

على رغم الأضرار التي تنتج عن الطلاق، إلّا أنّه يكون الخيار المنطقيّ الوحيد، في كثيرٍ من الأحيان، لإنهاء علاقةٍ زوجيّةٍ منهارة. إنّه قرارٌ يتردّد العديد من الأزواج في اتّخاذه، نظرًا إلى تأثيره السلبيّ في الأبناء. سواء جاء الطلاق ليضع حدًّا لرحلةٍ طويلةٍ من الخلافات والنزاعات، أو جاء بشكلٍ مفاجئٍ، ففي كلتا الحالتين يشكّل خسارةً كبيرةً للأبناء، خصوصًا مع الضغوط الناتجة عن التغيّرات المصاحبة له، مثل تغيير مكان السكن، والمدرسة أحيانًا، والصعوبات المادّيّة التي قد تؤدّي إلى تدنّي مستوى المعيشة. من الطبيعيّ أن تحمّل هذه التغيّرات الأبناء ضغوطًا شديدة.  تختلف ردود أفعال الأبناء على الطلاق بحسب مراحلهم العمريّة، فيعاني الأطفال في عمر ما قبل المدرسة اضطرابات النوم، واضطرابات التعلّق، وقلق الانفصال عن أحد الأبوين، أو قد ينتكسون نحو سلوكيّاتٍ طفوليّةٍ لم تكن ظاهرةً من قبل، مثل التبوّل اللاإراديّ أثناء النوم.    من المؤسف أنّ تداعيات الطلاق لا تقف عند هذا الحدّ، إذ قد يسيطر الشعور بالذنب ولوم النفس على الكثير منهم، وقد يتوهّم الأطفال الأصغر سنًّا أنّهم السبب في الطلاق، نتيجة خطأ ارتكبوه، أو سلوكٍ سيّئٍ صدر عنهم. بينما يميل الأكبر سنًّا إلى التعبير عن مشاعرهم بصورة نوبات غضبٍ، موجّهين اللوم إلى أحد الوالدين أو كليهما.   يمكن لفهم الأضرار المحتملة للطلاق على الأبناء، واستكشاف سبل التخفيف منها، أن يساعد الأهل في التعامل مع هذا التحوّل الصعب، بطريقةٍ تخفّف من تأثيره السلبيّ في أطفالهم.     أضرار الطلاق على الأبناء  التأثير على الأداء الأكاديميّ  تجربة الطلاق صعبةٌ على جميع أفراد الأسرة، خصوصًا الأطفال، فمحاولات فهم الديناميكيّات المتغيّرة داخل الأسرة تجعلهم مشتّتين ومرتبكين، ما يؤثّر في تركيزهم اليوميّ، وفي أدائهم الأكاديميّ.   أظهرت الدراسات أنّ أطفال الوالدين المطلّقين قد يعانون انخفاضًا في تحصيلهم الأكاديميّ، وفي اهتمامهم بالأنشطة اللامنهجيّةّ، بنسبةٍ أكبر من غيرهم. كما قد يواجهون صعوبةً في السيطرة على سلوكهم في المدرسة.  إضافةً إلى ذلك، تصحب الطلاق بعض التغييرات الديناميكيّة، مثل تغيير مكان السكن، وربّما تغيير المدرسة التي يرتادها الأبناء، ما يؤثّر بشكلٍ كبيرٍ في مستواهم الأكاديميّ، فقد يجدون صعوبةً في التأقلم مع المكان والمدرسة الجديدين، فيشعرون بعدم الرغبة في التعلّم، ويقاومون الذهاب إلى المدرسة.    الاضطراب العاطفّي والقلق  قد يؤدّي الطلاق إلى ظهور بعض المشاعر والاستجابات العاطفيّة الجديدة لدى الأطفال، لم يختبروها من قبل، مثل مشاعر الخسارة والغضب والحزن والقلق وغيرها الكثير، نتيجةً لهذا التغيير. فالطلاق حدثٌ كبيرٌ بالنسبة إلى الأطفال، سيتولّد عنه شعورٌ بالإرهاق النفسيّ والحساسيّة العاطفيّة، وقد لا يفهم الأطفال الصغار سبب حدوث الطلاق، ما قد يكثّف شعورهم بعدم الأمان.  يحتاج الأطفال إلى شخصٍ يكون منفذًا لعواطفهم، يتحدّثون إليه، ويتفهّم مشاعرهم وأفكارهم. سيساعدهم هذا في تخطّي الفترة الأولى بأقلّ الأضرار النفسيّة.    الاضطراب السلوكيّ  تعدّ الاضطرابات السلوكيّة لدى الأطفال من أبرز أضرار الطلاق على الأبناء، مثل الميل إلى العدوانيّة، أو العناد المفرط، أو الانسحاب التامّ، أو صعوبات النوم، أو التغيّرات في النظام الغذائي. كما يلجأ بعض المراهقين إلى التعبير عن حالة الإحباط لديهم بالتمرّد، أو بالمشاركة في الأنشطة المحفوفة بالمخاطر، أو تعاطي المخدرات.  في بعض الحالات، لا يعرف الأطفال كيف يستجيبون للإرهاق النفسيّ الناجم عن طلاق والديهم، فيصبحون سريعي الغضب والانفعال، وقد يوجّهون غضبهم تجاه والديهم، وأنفسهم، وأصدقائهم، وغيرهم من المقرّبين. عادةً ما يتبدّد هذا الغضب لدى العديد منهم بعد عدّة أسابيع، لكن إذا استمرّ، فمن المهمّ أن نتوقّع أن يكون هذا أحد الآثار الدائمة، والذي قد يؤثّر في شكل حياة الأبناء المستقبليّة.     عدم الاهتمام بالنشاطات الاجتماعيّة  تشير الأبحاث إلى أنّ الطلاق قد يؤثّر اجتماعيًّا في الأطفال، إذ يواجه الذين تمرّ عائلاتهم بالطلاق من بينهم صعوبةً في التواصل مع الآخرين، ويميلون إلى قلّة المشاركة في التجمّعات والنشاطات الاجتماعيّة. في بعض الأحيان يشعر الأطفال بعدم الأمان، ويتساءلون عمّا إذا كانت عائلتهم الوحيدة التي وقع فيه طلاق، ويفضّلون الجلوس في المنزل على اللعب مع أصدقائهم والتفاعل معهم.  أظهرت الدراسات النفسيّة التي أجراها مكتب الإحصاء الاجتماعيّ في الولايات المتّحدة، على عددٍ من الأزواج، أنّ الأطفال الذين عاشوا تجربة طلاق والديهم، يكونون أكثر عرضةً للطلاق من غيرهم في المستقبل. يُرجّح السبب بانعدام إحساسهم بالثقة والأمان في الشركاء، وافتقارهم إلى بعض المهارات الاجتماعيّة المكتسبة من الأسرة، ونقص العواطف والمشاعر الجميلة، واستبدالها بمشاعر أكثر سلبيّة. تكون النتيجة فقدانهم القدرة على حلّ الخلافات الزوجيّة من دون اللجوء إلى الطلاق، فينتهي بهم المطاف بالسير على خطا والديهم، وهو ما يُعرف نفسيًّا بنظريّة "النمذجة الأبويّة".      المشاكل الصحّيّة  من الوارد أن تترتّب عن عمليّة الطلاق أثارٌ على صحّة الأطفال الجسديّة، وليس النفسيّة فحسب. فيظهر الأطفال الذين مرّوا بتجربة طلاق والديهم قابليّةً أكبر للإصابة بالأمراض، نتيجة العديد من العوامل، منها صعوبة النوم. كما قد تظهر عليهم علامات الاكتئاب، ما قد يؤدّي إلى تفاقم مشاعر فقدان الرفاهيّة، وتدهور حالتهم الصحّيّة، إلى درجةٍ قد تستدعي تدخّل مختصّين للحدّ من تفاقم المشكلة.    كيف أحمي أطفالي من آثار الطلاق  بالرغم من كلّ الأضرار التي يلحقها الطلاق بالأبناء، إلّا أنّ هناك ما يمكن للوالدين فعله للحدّ من تأثيره في أطفالهم، ودعمهم للتكيّف مع التغيّرات بطريقةٍ صحّيّة.  الحفاظ على التواصل المفتوح  تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، والاستماع إليهم من دون إصدار أحكامٍ، يعدّ خطوةً مهمّة. تجب طمأنتهم أنّ مشاعرهم مفهومةٌ وطبيعيّةٌ، وأنّه لا بأس في الشعور بالحزن أو الغضب أو الارتباك. يسهم التواصل المفتوح في تعزيز شعور الأطفال بأنّهم مسموعون ومفهومون، ما يقلّل من حزنهم، ويخفّف من إحساسهم بالعزلة.     توفير الاستقرار والروتين  يسهم إنشاء روتينٍ ثابتٍ داخل كلا البيتَين في تعزيز شعور الأطفال بالأمان، والقدرة على التنبّؤ. كما أنّ التشابه في أوقات النوم، وأوقات الوجبات، والأنشطة اليوميّة الأخرى، يمكن أن يساعد الأطفال في التكيّف بسهولةٍ أكبر مع التغييرات.    تقليل الصراع  من المهمّ حماية الأطفال من صراعات الوالدين، وتجنّب وضعهم وسط النزاعات، إذ تقلّل تربية الأطفال بشكلٍ ودّيٍّ، في بيئةٍ يحترم أفرادها بعضهم البعض، من التوتّر والقلق الذي يشعر به الأطفال. من الضروريّ أن يضع الوالدان خلافاتهما جانبًا، ويعملا معًا فريقًا واحدًا، لإعطاء الأولويّة لأطفالهما ورفاهيّتهم، وأن يحرصا على أن ينشأ الأبناء معهما في بيئةٍ صحّيّةٍ، رغم الانفصال.    الطمأنينة بشأن سلامتهم وحبّهم  يحتاج الأطفال إلى معرفة أنّ الطلاق ليس خطأهم، وأنّ كلا الوالدين ما يزالان يحبّانهم من دون قيدٍ أو شرط. يمكن أن يساعد التأكيد على ذلك في الحدّ من مخاوف الهجران، وطمأنة الأطفال بشأن مكانهم في حياة كلا الوالدين، وبأنّ الانفصال لا يعني أنّ عليهم اختيار أحدهما على الآخر.     تشجيع الدعم المهنيّ  يمكن أن تكون الاستشارة مفيدةً للأطفال الذين يكافحون في التعامل مع آثار الطلاق. يمكن للمعالج المختصّ أن يوفّر مساحةً آمنةً لهم، لاستكشاف مشاعرهم، وتطوير استراتيجيّات التأقلم على الوضع الجديد.    الحرص على إظهار العلاقات الصحّيّة   يتعلّم الأطفال بالملاحظة، لذا فالتواصل الصحّيّ، وإظهار الاحترام والتقدير للطرف الآخر، يمكن أن يساعد الأطفال في تكوين وجهة نظرٍ أكثر توازنًا حول العلاقات، ويحميهم من التورّط في علاقاتٍ لا يتحمّلون تبعاتها مستقبلًا.    أشركهم في العمليّة  عندما يكون ذلك مناسبًا، أشرك الأطفال في المناقشات حول التغييرات التي ستؤثّر في حياتهم، مثل ترتيبات المعيشة، أو الجداول الزمنيّة. امنحهم فرصة الاختيار بين بعض الأمور غير المصيريّة، فهذا قد يمنحهم شعورًا بالسيطرة، ويسهم في تقليل مشاعر القلق، ويجعل الانتقال أكثر سلاسة.    ***  الطلاق تجربةٌ صعبةٌ، قد تخلّف آثارًا دائمةً على الأطفال، ولكنّ اتّباع نهجٍ واعٍ يدعم الوالدين في تسهيل عمليّة الانتقال، وتخفيف حدّة الآثار السلبيّة. بالحفاظ على الاستقرار والدعم والتواصل المفتوح، سيتمكّن الأبناء من الخروج من هذه المرحلة بمرونةٍ وأمانٍ، في ظلّ حبّ كلا الوالدين.     المراجع https://www.child-encyclopedia.com/divorce-and-separation/according-experts/how-parents-can-help-children-cope-separationdivorce  https://www.familymeans.org/effects-of-divorce-on-children.html#:~:text=Feelings%20of%20Guilt&text=Guilt%20increases%20pressure%2C%20can%20lead,reduce%20these%20feelings%20of%20guilt.  https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84