الرئيسية

في هذا العدد

العدد (17) صيف 2024

إنّ مراقبة عادلة لواقع المعلّم العربيّ تنحو بنا إلى أن نترجم الـ Well Being بكلمة عافية، وهي الأدقّ في وصف سعي المعلّم العربيّ في يومه: هو ينشد العافية في علاقته مع الإدارة المدرسيّة؛ ومع القوانين الناظمة لمهنته؛ وفي ضمان تقاعده وأمانه الوظيفيّ؛ وفي احترام وكالته ورأيه ومشاركته في خطط العمليّة المنوط به تنفيذها؛ وفي معاناته في صفوف مكتظّة، وخالية من الوسائل التكنولوجيّة؛ وفي علاقته مع المتعلّمين والأهل في مجتمعات باتت تسودها النظرة المادّيّة واحترام ذوي الرفاه الملموس والمنظور؛ وفي قدرته على التعبير عن رأيه... سنقبل بالعافية مأوى يحمي المعلّمين، إلى أن يصير عندنا رفاهية التفكير برفاه المعلّم! بعد نشر الدعوة إلى المشاركة في الملفّ، توقّعنا ألّا نقرأ الكثير من المقالات من المعلّمين؛ فمعلّمون لا يشعرون برفاه قدرتهم على التعبير عن أنفسهم ومشاكلهم وما يواجهون، لن يقدروا على الكتابة في موضوع شائك مثل هذا. وهذا أمر طبيعيّ في مجتمعات عربيّة بعضها قد لا يأبه لرفاه الإنسان للأسف، ولا يمنحه القدرة على التعبير عن نفسه بحرّيّة، أو حقّه في تأسيس نقابات مهنيّة تعمل على ضبط القوانين وتعديلها، لن تستطيع أن تستثني فئة المعلّمين من هذه الحالة. 

ملفّ العدد القادم

ملفّ العدد الثامن عشر: التعليم التحرّريّ.. بدائل واستراتيجيّات

فيما تستمر المقتلة بحقّ غزّة وأهلها، والجرائم المتتالية بحقّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، يشهد العالم على جرائم غير مسبوقة في حجمها ووضوحها وقسوتها، في حرب همجيّة على الطفولة والإنسانيّة والأجساد والبيوت والأرض. وتطال كلّ معالم البنى المعرفيّة والتاريخيّة تاريخا وحاضرا. وصحيح أنّ هذا العنف عاد بالزمن إلى القرون الوسطى في الحصار والوحشيّة، إلّا أنّ منطقتنا العربيّة، بوصفها جزءًا من العالم الذي يقع في دائرة الاستغلال، لم تخلُ من العنف والمآسي، من ليبيا إلى سوريا واليمن ولبنان، إلى مأساة السودان المنسيّة في الإعلام. كما لا ننسى أنّ المجتمعات التي لم تتعرّض مباشرة إلى العنف المباشر وقعت تحت ضغوط وأعباء اقتصاديّة ومجتمعيّة تعود إلى أسباب مختلفة.   وفي كلّ هذه الأمكنة، وجد التربويّون أنفسهم بلا معين، يبحثون عن أمان شخصيّ لهم ولعائلاتهم، يلتقطون الأنفاس، ثمّ يمارسون التعليم بمَن وما تيسّر مستحدثين أساليب مبدعة تتجاوب مع هذا الواقع: فمعلّمة تتهجّر أكثر من مرّة، لا تستسلم، تجمع الأطفال وتبدأ من جديد؛ ومعلّم لم يجد في المنهاج ما يرتقي بتفكير متعلّميه النقديّ، فأدخل نشاطات وعدّل في المطلوبات، بما يضمن أن متعلّميه يفهمون واقعهم ويقدرون على تحليله؛ ومدرسة تتّخذ قرارًا بفتح أبوابها على محيطها، وتعمل بأشكال من المجاورة والتعليم الشعبيّ...   ممارسة التعليم في الظروف المختلفة التي وجد المعلّمون أنفسهم فيها، هي موضوع الملفّ وهدفه؛ حيث نرى أنّ هذه الممارسات تعيد إنتاج مفهوم التعليم التحرّري وتطوّره، وتشكّله بديلًا من البدائل التي ما تزال خيارات فرديّة، أكان على صعيد بعض المؤسّسات، أو على صعيد معلّمات ومعلّمين لم ترضهم الموادّ أو المناهج أو الاستراتيجيّات الجاهزة المفروضة عليهم. من هنا نتطلّع إلى قراءة أشكال التعليم المختلفة والبديلة التي مارسها التربويّون العرب في ظلّ أوضاع فرضت عليهم الاتّساق مع محيطهم، والاتّكال على ما بين أيديهم لاستنباط طرائق واستراتيجيّات، والنحو باتّجاه فرض قيم تعبّر عن الرغبة في الحياة وموقف الصمود وسط توقّع الانسحاق.   في هذا العدد،والذي تشارك في تحريره عضوتا الهيئة الاستشاريّة في منهجيّات، د. جمانة الوائلي ود. نضال الحاج سليمان، نستلهم الأمل من تضحيات أهلنا وزملائنا المعلمين والطلاب في غزة وجنوب لبنان واليمن والسودان، بل في معظم الدول العربيّة، ونستحضر سرديّاتنا ومصطلحاتنا التاريخيّة والمحلّيّة والتوجّهات التعليميّة التحرّريّة. يعالج الملفّ عدّة مواضيع، منها: - أساليب واستراتيجيّات مستجدّة، طرق ومنهجيّات التعليم التحرريّ والمقاوم: أصول وطرق التدريس العملانيّة والفنّيّة (التقنية) التي تلائم التعليم النقديّ في مختلف أنواع المدارس، بما فيها اللغات والفنون والإنسانيّات والعلوم؛ ما الاستراتيجيّات التعليميّة التي أوجدتُها في مسيرتي التعليميّة لأغطّي النقص الحاصل عن التعليم في ظروف غير معتادة؟ ما الموادّ التي استخدمتها في تعليم مستجدّ خارج جدران المدرسة؟ ما النشاطات النقديّة من خارج المنهج التي نفّذتها مع طلّابي؟ ما العلاقة التي نشأت بيني وطلابي مع المحيط المفتوح الذي ندرس فيه؟ - منظومة القيم والأفكار: المناهج ودورها في المقاومة والتحرّر والوعي النقديّ والمعرفة النقديّة التحرّريّة أو العكس؛ دور المناهج في طمس السرديّة وبناء حالة تعلّم وظيفيّة آليّة أو عنصريّة تفوّقيّة؛ المنهج التحرريّ في إعداد المعلّمين وقادّة المدارس من خلال برامج التنمية المهنيّة أو جماعات التعلّم المهنيّ أو ممارسات مهنيّة أخرى غير تقليديّة؛ ما القيم التي يجب أن تتضمّنها المناهج التعليميّة في مجتمعات تتعرّض للهيمنة؟ هل يمكن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في تعليم تحرّريّ بديل...؟ - قصص المعلّمين والمتعلّمين وتساؤلاتهم في ظلّ تعليم بديل...   للإسهام والكتابة في هذا العدد، نستقبل مقالاتكم عبر البريد الإلكتروني: [email protected] في موعد أقصاه 5 أيلول/ سبتمبر 2024.

أخبار تربويّة

سلطنة عُمان: أكثر من 61 ألف معلّمة ومعلّم يبدأون العام الدراسيّ الجديد

استهلِّت العودة إلى المدارس في عامها الدراسيّ الجديد 2024-2025، اليوم الإثنين، بمباشرة المشرفين وأعضاء الهيئات التعليميّة والوظائف المرتبطة بها، والفئات المساندة لها أعمالهم في مختلف مدارس سلطنة عمان استعدادًا لقرع أجراس المدارس لاستقبال طلبتها يوم الأحد المقبل. ووفقًا لموقع وزارة التربية والتعليم العُمانيّة، بلغ عدد المعلّمين هذا العام في المدارس الحكومية (61,195) معلّمًا ومعلّمة، موزّعين على (1,269) مدرسة. كما بلغ عدد الإداريّين والفنّيّين في المدارس الحكوميّة (10,652) إداريًّا وفنّيًّا، منهم (4,306) من الذكور، و(6,346) من الإناث. أمّا عدد المعلّمين في مدارس التربية الخاصّة، فقد بلغ (220) معلّمًا ومعلّمة. وإجمالي عدد الإداريّين في مدارس التربية الخاصّة (52) إداريًّا وإداريّة. وأنهت وزارة التربية والتعليم خلال الفترة الماضية إجراءات تعيين "3,233" معلّمًا ومعلّمة، ممن اجتازوا الاختبارات التحريريّة والمقابلات الشخصيّة لهذا العام الدراسيّ، منهم (691) معلّمًا بنسبة 21.3%، و(2,542) معلّمة بنسبة 78.7% من إجمالي عدد الذين تم تعيينهم، وذلك لسدّ الاحتياج الفعليّ من الهيئات التدريسيّة في مختلف التخصّصات.

ترشيد وتمام تحتفيان بتوقيع مذكّرة تفاهم

الدوحة: 25 آب/ أغسطس 2024: احتفت ترشيد، وتمام مُمثّلًا بكلّيّة الآداب والعلوم في الجامعة الأميركيّة في بيروت بتوقيع مذكّرة تفاهم وشراكة وقّعت بينهما في وقتٍ سابقٍ. وعُقِدَ اللقاء بحضور د. عبد الله بن علي آل ثاني، رئيس مجلس إدارة ترشيد، ورئيس مجلس أمناء مدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، وأ. سامية بشارة، المديرة التنفيذيّة لترشيد، ود. ريما كرامي، رئيسة دائرة التربية في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ومديرة وباحثة رئيسة في مشروع "تمام"، وأ. محمود عمرة، المدير العام لمدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة. وجرى على هامش افتتاح العام الدراسيّ في مدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، وهي من مشاريع ترشيد، إذ قدّمت د. كرامي كلمة افتتاحيّة مُلهمة لمعلّمات ومعلّمي المدرسة ضيفةً للافتتاح. يُذكر أنّ المذكّرة تهدف إلى تعزيز التعاون في نشر المعرفة العلميّة التربويّة، عن طريق تنظيم نقاشات وفعاليّات حول التطوير المدرسيّ والإصلاح التربويّ في العالم العربيّ، إضافة إلى دعم ونشر البحوث الاجرائيّة التربويّة، والتجارب العمليّة لأعضاء شبكة تمام المهنيّة. تجدر الإشارة إلى أنّ تمام هي حركة تربويّة في العالم العربيّ، انطلقت بناء على مذكرّة تفاهم بين مؤسّسة الفكر العربيّ والجامعة الأميركيّة في بيروت.‏ وكلمة تمام هي اختصار للأحرف الأولى من الكلمات التالية: التطوير المستند إلى المدرسة. وتهدف "تمام" إلى تحويل المدرسة إلى مؤسّسة متجدّدة ذاتيًّا تمتلك خزينًا من القدرات القياديّة للتغيير. يعمل فيها الممارسون التربويّون متكاتفين وبجهود موحّدة لبناء شراكات مع مختلف الجهات التربويّة من جامعات، ومجتمعات محليّة، ومراكز تدريب، ووزارات تربية، وذلك لإعادة تفعيل دور المدرسة في تحقيق التنمية المجتمعيّة‏‏، وبناء جيل قياديّ فاعل في مجتمعه. وأمّا ترشيد فتسعى للإسهام في إحداث تغيير إيجابيّ على العمليّة التعلّميّة- التعليميّة وسيرها لتعزيز تعلُّم مُستدام، وإثراء المعرفة التربويّة العربيّة، من خلال إنشاء وتكوين مُبادرات تعلّميّة، وتصميم ونشر مصادر تعليميّة باللُّغة العربيّة. وتبادر ترشيد إلى تعزيز بيئات تعلّم مُستدامة من خلال مجموعة مشاريع تستجيب إلى حاجات المُجتمع التعلّميّ القطريّ بشكلٍ خاصّ، والعربيّ بشكلٍ عامّ، كما إلى احتياجات المعلّم العربيّ، عبر حوارٍ مُستمرّ معه، ومعرفة دقيقة وعميقة باحتياجاته، لزيادة فعاليّة خدمات المشاريع وضمان استدامتها. تدعمُ ترشيد المُبادرات التي تحملُ رسالةً واضحةً في دمج أفضل المُمارسات التربويّة، وتنظرُ إلى حضور النظريّة المعرفيّة والمُمارسة اليوميّة كثنائيّتين ضروريّتين في العمل، كما تقدّم الدعم الفنّيّ للمُبادرات والمنظّمات التي تُسهم في تنفيذ الخطّة الوطنيّة لدولة قطر لعام 2030.

مصر: وزارة التعليم تكشف حقيقة تأجيل الدراسة بسبب مرض جدري القرود

أكّد مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنّيّ المصريّة، أنّ كلّ ما تردّد حول تأجيل بدء العام الدراسيّ الجديد 2024/2025، خوفًا من تفشّي جدري القرود بين الطلّاب هو شائعات لا أساس لها من الصحّة. وأضاف المصدر فى تصريح صحفيّ، أنّ بدء الدراسة وفق الخريطة الزمنيّة المعلنة من وزارة التربية والتعليم مستمرّ كما هو دون أي تعديلات، ليبدأ العام الدراسيّ يوم 21 أيلول/ سبتمبر المقبل بجميع محافظات الجمهوريّة. وأوضح المصدر أنّ هناك تعاون وثيق بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنّيّ، ووزارة الصحّة والسكّان، لتنفيذ إجراءات الوقاية الصحّيّة في المدارس، ورصد أي أعراض مرضيّة على الطلّاب بجانب توفير الزائرة الصحّيّة ومتابعة حالة الطلّاب.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

كيف يرضى المعلّمون عن مهنتهم؟
ما زال صدى عبارة "الطالب محور العمليّة التعليميّة - التعلّميّة" يرنّ في أذني منذ مدّة طويلة، ويوجَّه اهتمام الدراسات تابع القراءة
المعلّم وأزمة القيمة: قراءة في قيمة المعلّم الاجتماعيّة
لا تكمن الأزمة الحقيقيّة في كون قيمة المعلّم الرمزيّة قد بدأت في الخفوت إزاء حلول التقنيّة مكانه، أو إزاء الانتقاص ال تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

الرفاه المدرسيّ وراء الكواليس: رؤى خبراء في التعليم
أصداء الدردشة قراءات في سؤال من أسئلة قسم  تابع القراءة
المعلّمون بحاجة إلى الرعاية المبنيّة على معرفة الصدمات أيضًا
يتعامل العديد من المعلّمين مع الضغوط النفسيّة المستمّرة والصدمات، وتساعد هذه الاستراتيجيّات في التركيز على ر تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: الإبادة التعليميّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تمّوز/ يوليو 2024، بعنوان "الإبادة التعليميّة". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. الإبادة التعليميّة في فلسطين. 2. غزّة والتعليم في مواجهة الإبادة. 3. هل سنعودُ بعد الحرب إلى ما قبلها؟ استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. ميسون أبو موسى، معلّمة العلوم الحياتيّة من غزّة؛ أ. أحمد عاشور، مدير مكتب مؤسّسة تامر في قطاع غزّة؛ د. ريام كفري- أبو لبن، مستشارة تربويّة في مؤسّسة النيزك وواحة الإبداع المقدسيّة؛ أ. رفعت صبّاح، رئيس الحملة العالميّة للتعليم، ومؤسّس ومدير عامّ مركز إبداع المعلّم؛ أ. مالك الريماوي، باحث ومُستشار تربويّ في مؤسّسة القطّان ومركز التعليم المُستمرّ- جامعة بيرزيت. أدارت الندوة د. جمانة الوائلي، باحثة ما بعد الدكتوراه، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات، والتي عرّفت بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها. كما قدّمت للندوة بقولها "إنّنا الآن أمام سؤال جوهريّ عن جدوى مناقشة التعليم في ظلّ إبادة وحشيّة لم يعرف لها التاريخ الحديث مثيلًا، لكنّنا في منهجيّات نؤمنُ بأنّ التعليم فعل حياة ومقاومة وصمود، وأنّ الإبادة التعليميّة والمعرفيّة ما هي إلّا جزء لا يتجزّأ من مُمارسات الاستعمار الاستيطانيّ الوحشيّة، والتي يستميت فيها للقضاء على كلّ ما هو فلسطينيّ، بل ولمحو فلسطين من الذاكرة والحاضر والمُستقبل. ومن هُنا، أصبحَ لزامًا أن نناقش أوجه الإبادة التعليميّة التي عايشها المعلّمون والمتعلّمون في فلسطين منذ بداية الاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، وتتجسّد الآن ومنذ 10 أشهر في أكثر أشكال الوحشيّة في قطاع غزّة.   ما المقصود بمصطلح الإبادة التعليميّة؟ وكيف حاولت سلطات الاحتلال تنفيذ هذا التوجّه في عموم فلسطين، وفي غزّة تحديدًا؟ استهلّ أ. صبّاح الإجابة بأنّ مصطلح الإبادة موجود تاريخيًّا في فلسطين، وهو يمثّل كلّ الإجراءات والمُمارسات المُمنهجة التي سعى الاحتلال من خلالها لتدمير النظام التعليميّ وتقويضه مادّيًّا ومعنويًّا، وجعل قابليّة التعليم مستحيلة. وأشار إلى أنّ التاريخ الفلسطينيّ مليء بمحاولات للقضاء حتّى على قابليّته للتعافي من هذه المُمارسات. وأشار إلى أنّ مصطلح الإبادة التعليميّة (Educide)، هو الاستهداف المقصود والمباشر لتقويض النظام التعليميّ بكلّ جوانبه وعناصره، سواء كان الاستهداف للمعلّم أم للمناهج أم للبُنية التحتيّة، وركّز على ضرورة الانتباه إلى التفكير والمنهجة المقصودة لتقويض النظام التعليميّ. وهُنا أشارت الوائلي إلى مداخلة سريعة من الجمهور، تذكر أنّ ما حصل في غزّة أيضًا هو تشويه للتعليم. وعلّقت الوائلي أنّ هذا التشويه هو بحدّ ذاته جزء من تعريف الإبادة التعليميّة.   أمّا أ. عاشور، فتطرّق إلى أهمّيّة اللقاء نظرًا إلى تقاطعه مع اللحظة التاريخيّة التي تمرّ فيها القضيّة الفلسطينيّة، والتي ستؤسّس لتفكير ومنطق وواقع جديد على مستويات مختلفة، وستترك صراعًا بما يتعلّق بالمستقبل الذي لا نملكه كما نريد كفلسطينيّين. وتحدّث أنّ ما يحدث في غزّة اليوم إبادة شاملة كاملة، والتعليم جزء من هذه الإبادة. والحقيقة أنّنا كنّا ندعو دائمًا لأن يكون التعليم جزءًا من كلّ، وجزءًا من الواقع ومن الحياة، وأن يكون مرتبطًا بالتاريخ وجغرافيّة المنطقة، ومن هُنا، علينا أن ننظر إلى الأمر بشكلٍ أشمل. وبرأيي، إنّ ما يحدث في غزّة إبادة للتاريخ، حيث دُمّرت الأماكن التاريخيّة الأثريّة كافّة في قطاع غزّة، 3000 سنة على الأقل من التاريخ دُمّر، إلى جانب تاريخنا الشخصيّ، وكلّ ما نملك من ذكريات مرتبطة بالمكان. فجأة اليوم، أصبحنا بلا بيوت وبلا شوارع وبلا حارات، ولا نستطيع الانتقال من مكان إلى مكان عبر الطريق نفسه، وكلّ من عاد من الأصدقاء من أهل خانيونس بعد انسحاب جيش الاحتلال منها، كلّهم من دون استثناء، بكوا ذكرياتهم، وبكوا حياتهم، وبكوا هذه المدينة التي وُجدوا فيها، وفيها كلّ ذكرياتهم وحياتهم. وأضاف أ. عاشور أنّه من الصعب الحديث عن التعليم، من دون الحديث عن سياقه، فالسياق أيضًا يُباد في غزّة، ككلّ شيء، ونعلم أنّ هذا ليسَ نهجًا جديدًا، إنّما الطريقة جديدة، ومن الضرورة الانتباه إلى أنّ ما يحدث في غزّة كارثة إنسانيّة، وله دلالات تاريخيّة ومقاربات قامت بها مؤسّسات عالميّة كبيرة، وقارنته بالحرب العالميّة الثانية، إذ أطلقت الأمم المتّحدة في حينه ميثاق حقوق إنسان جديدًا، فماذا سيكون شكل هذا الميثاق بعد الإبادة في غزّة؟   وأطّر أ. الريماوي الإبادة التعليميّة بكونها جزءًا من الإبادة التي تحدث بوجه عامّ، وهي إفراز وتعبير عن طبيعة الاستعمار الصهيونيّ الكولونياليّ. وهذه العمليّة جزء من طبيعته لنفي الشعب الآخر، وهو لا يستهدف التعليم كتعليم، إنّما جزءًا من المكان والتاريخ والجغرافيا والطبيعة، والنقطة الثانية أنّ هذا ليسَ جديدًا على الاحتلال الإسرائيليّ؛ الجديد هو ارتفاع الدرجة وظهورها بهذا الشكل. وتحدّث عن أهمّيّة النظر إلى التعليم ضمن هذا السياق، جزءًا من مشروع الوجود الفلسطينيّ، حيث فكّر في مرحلة ما، أنّ التعليم عليه أن يكون ردًّا على الإبادة، ومع التأمّل في المفهوم، نجد أنّنا نعطي الإبادة هُنا نصًّا أساسيًّا في الحكاية، بينما النصّ الأساسيّ هو وجود الشعب الفلسطينيّ، وكشعب يدافع عن هذا الوجود، وبالتالي، تأتي الإبادة كنفي للوجود، وضرب للتعليم كجزء أساسيّ من هذا المشروع، وأشار إلى أنّ مشروع الإبادة في ذروة وضوحه، ومشروع المواجهة في ذروة وضوحه، إذ تمّ، منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر، إعلان الحرب على غزّة، وبشكلٍ خاصّ على التعليم حرفيًّا، وكان الاستهداف واضحًا مع توضيح الأسباب، والتي عندما نقرؤها نعرف جيّدًا أين تقع معركة التعليم الآن.    ما الضغوط التي يواجهها التربويّ الفلسطينيّ في ظلّ هذه الإبادة؟ أشارت د. كفري أنّه من الصعب تسميتها بضغوط، فهي أكثر من ذلك: هي نهج حياة يواجهه التربويّ الفلسطينيّ بشكلٍ دائم ومزمن ومتكرّر لفترة طويلة. بالدرجة الأولى، وعلى المستوى الواسع، نحنُ شعب يواجه الاحتلال والهجمة على المنهاج والمعلّم، وهو الذي، فجأة، بعيون الغرب أصبح من يُنتج جيلًا "إرهابيًّا"، وبات الغرب يُنتج مفاهيمه الاستعماريّة ويصدّرها في حقّ المعلّم الفلسطينيّ. التربويّ الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من المجتمع الفلسطينيّ، وهو أخ وأب ومناضل وأسير وجريح، وهو يحمل هذا الجزء من إنسانيّته إلى الجانب التربويّ. ونستطيع القول إنّ آخر عشرين سنة كانت بمثابة مشكلة كبيرة أمام المعلّم الفلسطينيّ: ما شكل التعليم في فلسطين؟ خصوصًا في ظلّ عدم توافر الحدّ الأدنى من أساسيّات اليوم في التعليم، كراتب جيّد، وعدد الطلبة في الصفّ، وفُرص التطوير المهنيّ، وهي هموم أيّ تربويّ يعيش ظروفًا طبيعيّة، وتُشكّل عبئًا مضاعفًا على الفلسطينيّ بجانب ظروف الحياة ونهجها العصيب الذي يواجهه بشكلٍ يوميّ، منها وصوله إلى مكان عمله بسبب الحواجز، وتقييد حرّيّة الحركة. وأضافت د. كفري أنّ هذا السياق يؤدّي إلى إحساس أنّنا، كتربويّين، دائمًا تحت المجهر، فهناك مسؤوليّة تنشئة الجيل القادم، ومسؤوليّة في هذا المفصل التاريخيّ، متوازية مع إحساس أنّنا فِعلًا وحدنا من دون سند أو مساعدة.   وأضاف أ. صبّاح أنّ كلّ هذا التشويه للعمليّة التعليميّة جزء من الإبادة. فعلى سبيل المثال، بدأت الإبادة التعليميّة في القدس عندما أُغلق مكتب التربية هُناك، ومع تغيير النصوص في المناهج الفلسطينيّة المُقرّرة، وهو كان بمثابة إطار ممنهج لتدمير النظام التعليميّ في فلسطين. أمّا بالنسبة إلى الضغوطات أمام التربويّ، فتبدأ من الأمان الشخصيّ، ومن الانتقال من مدينة إلى مدينة، والاعتقالات المستمرّة على الحواجز، وفي غزّة النزوح المستمرّ من مكان إلى مكان، وهو عكس الاستقرار، لذا فإنّ الأزمات النفسيّة الاجتماعيّة المتلاحقة تجعل الحياة أصعب وأكثر تعقيدًا، وشدّة الأحداث المتلاحقة تجعل التربويّ خاضعًا لضغوطات لنفسيّة لا تترك جانبًا من حياته إلّا وتؤثّر فيه تأثيرًا سلبيًّا، وهُنا، من الضروري الانتباه إلى صحّة التربويّين النفسيّة، في خضمّ رعب وتحدّيات كبيرة جدًّا، قد لا يملكون معرفةً وأدوات للتعامل معها، إلى جانب الفوضى التي ترافق حالة الحرب.   ما الهدف من مناقشة الإبادة التعليميّة في ظلّ إبادة جمعيّة؟ تحدّثت أ. أبو موسى حول أن التعليم في فلسطين بشكلٍ عامّ، يواجه ضربات متلاحقة، وفي غزّة تحديدًا، إذ لم يُترك شيء إلّا وأُبيد، وخصوصًا التعليم؛ فغير قصف المدارس، استهدفوا المعلّمين والمعلّمات، واغتالوهم، واعتقلوهم، ونكّلوا بهم. وتُشير الإحصاءات إلى أنّ 80% من مدارس غزّة نُسفت، وبقي 20% منها تُستخدم مراكز إيواء، وحُطّمت مصادر التعلّم في المدارس بطريقةٍ مُمنهجة ووحشيّة. وأشارت إلى أنّ التعليم في فلسطين مركّبًا أساسًا للهويّة الفلسطينيّة والوجود الفلسطينيّ، وبالتالي فإنّ استهداف الاحتلال لبُنى التعليم يُقرأ ضمن هذا المؤدّى. وشاركتنا أ. أبو موسى هذا السؤال الذي يتكرّر منذ فترة، هل تموت المدارس في غزّة كما يموت الناس؟ وطبعًا من الضروريّ نقاش الإبادة التعليميّة، لرصد المبادرات التي تمثّل صمود الشعب الفلسطينيّ، وأيضًا فهم التغيّرات الصعبة فِعلًا التي تجري مع طلبتنا، ومساعدتهم على حلّها، وشاركت أنّها خلال مبادرة تعليميّة تقوم بها، تلاحظ زيادة نسبة الإعاقة عند الطلبة، فالتعليم فِعل حياة، وفِعل صمود كذلك، وعلينا أن نستمرّ، والتاريخ الفلسطينيّ مليء بتجارب صعبة، إلّا أنّها جميعها شهدت عدم توقّف التعليم.   داخل أ. عاشور أنّ السؤال يقع في إطار أنّ الإنسان أغلى ما نملك، وهو ما يجب أن نُعلّمه لأطفالنا ونعزّزه عندهم. وفي الوقت نفسه، بعد وجود الإنسان، تأتي أهمّيّة وجوده بكرامة. ومن المهم أنّ أيّ فكرة نتحدّث عنها اليوم، عليها أن توظّف بفعل نقوم به لوقف الإبادة الشاملة. ومن المهم فهم أن ما يُقام بهِ جزء من كلّ وعليه أن يستمرّ، لا دور ينتهي، خصوصًا في ظلّ عشرة أشهر من إبادة شاملة بعدنا فيها عن حياتنا بكلّ تفاصيلها. وتحدّث أ. عاشور أنّ من نتائج الإبادة ضرورة إعادة صياغة مفاهيم كثيرة وإعادة التفكير فيها، كمفهوم الصمود مثلًا، وهو جميل كـ"كليشيه"، وقد وظّف المجتمع الفلسطينيّ هذا المصطلح لحماية نفسه. أمّا عن نزوحات كثيرة من مكان إلى آخر، أسبوعًا بعد أسبوع، هل لم تؤثّر في رغبتنا في الحياة؟ ولم تخلق لدينا أفكارًا تُعيد النظر في كلّ شيء؟ وأشار أ. عاشور إلى اقتباس من كارل ماركس هو: "الفقر لا يصنع ثورة، وإنّما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة"، ومن المهمّ أن يكون لدينا وعي في هذه اللحظة التي نعيشها، من دون قوالب جاهزة. بل من المهم التفكير بمفاهيم جديدة، فأنا أعيش اليوم في خيمة، وأرى كيف تظهر القيم التي كنّا ننظر ونعمل جاهدين لتعزيزها في المجتمع الفلسطينيّ، كمفهوم اللُّحمة المُجتمعيّة والنسيج المجتمعيّ الفلسطينيّ القويّ، فأهل غزّة فتحوا بيوتهم وخيمهم لبعضهم، وأنا عشتُ هذا الترابط، واكتشفتُ بأنّ شعبنا يسبقنا بأميال، ولولا قدرة الشعب الفلسطينيّ على التماسك لفنى. وشارك أ. عاشور أنّ المبادرات التعلّميّة التي تحدث في غزّة تعزّز التعلّم لا التعليم، وهي مبادرات تُعزّز التعلّم عبر الحياة، والتعلّم خارج المدرسة، بُنيت أفكارنا ومعتقداتنا سابقًا على التعلّم المُجتمعيّ وكنّا نتخيّله، بينما نحنُ اليوم نعايشه بكلّ تفاصيله، ونرى كيف يحدث. وعلى الرغم من الإبادة، سأستخدم جُملة من زميلي أ. الريماوي وهي "المستقبل يُبنى على الفُرص"، ونحنُ من المهم أن نلحظ أن الفرص الموجودة، منها إعادة بناء شكل المدرسة في ظلّ تهدّم كلّ شيء، خصوصًا في ظلّ محاولات مُختلفة لإعادة تشكيل كلّ شيء. أعتقد أنّ علينا التفكير جيّدًا بالتعليم الذي نريده، لا الذي يحدث منذ سنوات.   ما الأنساق التربويّة التي تغيّرت في توجّهات المعلّمين في ظلّ مُمارسة التعليم في ظروف كارثيّة؟ وداخل أ. الريماوي أنّ مشروع الإبادة بحاجة إلى قراءة عميقة: دُمّرت البيوت ودُفع الناس إلى المدرسة كمكان، بالتالي المدرسة لم تحو الناس فقط، إنّما أيضًا مشاعر الخوف والقلق والفقدان. وهُنا الإبادة أبعدت الطلبة عن التعلّم والتعليم بشكله في المدرسة، ووضعتهم في المدرسة، وخلقت بينهم وبين هذه المدرسة فجوةً هائلةً. والحقيقة أنّ هذه الفجوة موجودة في الضفّة الغربيّة كذلك، وتُعزّز من قِبل الاحتلال عبر مُحاصرة المعلّم، وتهديده بلقمة عيشه وحركته. وأشار إلى أنّ التعليم كفعل يُصبح هُنا ضمن إطار المقاومة، إذ انطلق المعلّمون بمبادرات لحفظ الوجود الفلسطينيّ، وتُمكن قراءة بعض المحاولات التي تستعيد شكل المدرسة في الخيمة، مثلًا، على أنّها مقاومة ورفض للواقع المُعاش. واليوم تقوم مؤسّسات وأفراد بوعي كامل، بالعمل مع الأطفال لتقديم الدعم النفسيّ والاجتماعيّ، ولكنّها في الوقت نفسه، تعمل من أجل الحِفاظ على الوجود والنسيج بأبعاده الاجتماعيّة والمعرفيّة والثقافيّة. بدأت أ. أبو موسى حديثها بالإشارة إلى أنّ عُمر الطالب في غزّة يُقاس بعدد الحروب التي عايشها، إلّا أنّ هذه الحرب كثّفت الألم، والمعلّم الفلسطينيّ وجد نفسه أمام دور كبير عليه أن يقوم به. وشاركتنا مبادرتها الإلكترونيّة مع طالباتها في المدرسة، مع أنّ الإنترنت كان ضعيفًا جدًّا، ولكن كان الهدف البقاء على تواصل على الأقلّ معهنّ. ومن ثمّ سنحت الفُرصة للقائهنّ، ولكنّني انتبهت إلى دوري الذي تغيّر في خضمّ الحرب؛ فدوري صار أن أهوّن عليهنّ، وأهتمّ بصحّتهنّ النفسيّة والجسديّة. ووجدتُ أنّ الطلّاب يفتقدون التعليم، ووجدتُ عندهم حماسًا أعلى من حماس العودة إلى المدارس، وصدق هذا الافتقاد يجعلهم يقبلون على المبادرات التعليميّة، والإنصات جيّدًا، خصوصًا في ظلّ مجموعة متنوّعة من الطلبة، فلا أستخدم المنهاج مثلًا، بل أُعرّج على معارف مختلفة هُم مهتمّون بها.   وتحدّث أ. عاشور على اختلاف الأنساق التربويّة، لأنّ التعليم بات تعليمًا مرتبطًا بالحياة. مثلًا، يستخدم الأطفال الرياضيّات كثيرًا، لديهم مسؤوليّة كبيرة وعليهم القيام بحسابات دقيقة أحيانًا، وأيضًا الأشكال الهندسيّة وكيف علينا التفكير فيها من أجل أن تتّسع. فمن مكانٍ مؤلم، والألم يولّد الإبداع، أصبحت معارف أطفالنا أكثر ارتباطًا بالحياة، ونأمل أنّ هذا الطفل هو من سيحمل التغيير الحقيقيّ. وأعتقد أنّنا يجب ألّا نفكّر بالشكل التقليديّ للمدرسة كفعل مقاومة وبالتالي نُعزّزه. ومع احترامي لكلّ شيء موجود، لكنّنا أمام فُرصة حقيقيّة للتغيير من أجل تعلّم حقيقيّ؛ فمثلًا، ليسَ من داعٍ للطابور الصباحيّ، فقد كان الطالب في طابور ماء لأيّام، بينما علينا، ومن البداية، أن نتحدّث مع أطفالنا حول أنّ الخيمة ليست هي الظرف الطبيعيّ للحياة والتعليم، وبالتالي علينا رفض هذا الواقع. وشارك أ. عاشور سؤالًا يحملُه "كيف بقيت الخيمة رمزًا واقعيًّا مُرافقًا للشعب الفلسطينيّ؟" وأشار إلى أنّنا تساهلنا مع وجود هذه الخيمة في المنطقة العربيّة، وكانت خطًأ كبيرًا المُهادنة مع هذا الواقع، بينما كان الأجدى أن يكون درسًا عربيًّا أنّ هذا مؤقّت وعليه ألّا يستمرّ، وأنّ الصورة التي تُنقل يجب ألّا تتحوّل مصدرًا للتمويل. ومن هُنا، إنّ الأنساق يُعاد تشكيلها وتركيبها، ولكنّنا علينا التفكير بالمضمون والمحتوى أكثر من الشّكل، خصوصًا أنّها فُرصة لإعادة التفكير بكلّ الأشياء.   ما المطلوب لدعم هذا "الصمود" من الفلسطينيّ؟ ومن غير الفلسطينيّ؟ لنرفض سرديّة الخيمة، ولئلّا نعتاد المشهد. تحدّثت د. كفري أنّ المطلوب من الفلسطينيّين دائمًا أن يضعوا إنسانيّتهم أمام هذا العالم، ذلك أنّ مفهوم الصمود عند الفلسطينيّ هو فِعل، ولكن عندما ينتقل إلى العالم الخارجيّ، يصبح الفلسطينيّ بطلًا خارقًا فيُجرّد من مشاعره. ومن هُنا، على أطفالنا، وأتّفق مع أحمد بهذه النقطة، أن يرفضوا الخيمة، وليسَ العاديّ أن يخاف التربويّ من نشر أفكاره، لأنّ هذا هو دور التربويّ. لذا، وبالدرجة الأولى، على الفلسطينيّ أن يُعزّز صموده بإنسانيّته، وبتذكير نفسه أنّ ما يمرّ فيه أكبر من قدرة الإنسان الطبيعيّ، وهو ليسَ طبيعيًّا. ومطلوب من الفلسطينيّ مزيد من الشجاعة لرفض ما يُمليه الغرب، وإعادة التفكير بهويّة المعلّم، وما الذي يحتاج إليه أطفالنا، في ظلّ السياق المُحدّد. أمّا المطلوب من غير الفلسطينيّين، فمن الواضح أنّ الأمر بات أكبر من مناهج لا تعجب الرجل الأبيض في الغرب، إنّما موضوع وجود، وهي نقطة تحوّل لا رجعة عنها في التاريخ، ولا يمكن من العالم أن يُعيدنا إليها بنقاشات سطحيّة حول المناهج، وتمويل مشاريع، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقًا.   استخدم أ. صبّاح جُملة استخدمها الاحتلال الإسرائيليّ هي أنّ "المشكلة مع الفلسطينيّين أنّهم ينتصرون في كلّ مرّة". ونعرف اليوم أنّ الحالة في غزّة لا يُمكن للعقل استيعابها، ولكنّ التعاطف والتضامن في هذه الظروف مهمّ، لكلّ وفقًا لإمكانيّاته وقدراته، وهناك كمّ هائل من الناس الحاضرين للتقديم، وكان لا بدّ من فعل في سياق ما جرى ويجري. ولذا، من الضروريّ الانتباه إلى أنّ المؤسّسات التربويّة بدأت العمل في 20 تشرين الأوّل/ أكتوبر في مراكز الإيواء، والتدخّلات التي حدثت كانت مهمّة في الظروف العصيبة جدًّا التي كانت تحدث وما زالت، وفهمت هذه المبادرات احتياجات الناس، خصوصًا في ظلّ آخر دراسات لها علاقة بالقلق والتوتّر والخوف والضغط النفسيّ، وعلاقتها المُباشرة مع التعليم. وأودّ الإشارة إلى أنّ غزّة كشفت الهياكل الاستعماريّة بشكلٍ واضح، ومن كافّة النواحي، وبالتالي نحنُ نواجه استعمارًا قويًّا، لذا، فإنّ الصمود مهمّ جدًّا، والرسائل الإيجابيّة التي تخرج من غزّة مهمّة جدًّا، نقوى بها، ولا يوجد أمامنا غير خيار واحد أمامنا هو المواجهة. وتحدّث أ. صبّاح عن الإبادة الثقافيّة التي تحدث أيضًا في الضفّة الغربيّة، فيصبح التعليم أداةً لمقاومة الاستعمار، وأداةً للتحرّر وللوعي ولعدم كيّ الوعي، ولمقاومة الإحباط والاكتئاب أيضًا.   الحرب ستتوقّف، فماذا نتوقّع على مستويّين: كيف نُعيد عجلة التعليم في قطاع غزّة؟ وماذا يجب أن نُعلّم؟ داخل أ. الريماوي أنّ جولة الحرب ستستمرّ، فهي معركة شعب وإنسانيّة، فجزء من هذه الحرب هو لخلق واقع أفضل. وتحدّث عن ضرورة أن نُعلّم الأطفال رفض الحرب وآلية ذلك. إذًا، نحنُ بحاجة إلى عمليّة تعلّم دائمة، منبثقة من حاجة الوجود الفلسطينيّ كمجتمع حرّ، وهُنا ينتقل التعليم من أداة تحرّر إلى مشروع تحرّر، ولا يُمكن تحقيق مشروع وطني من دون عمليّة تعلّم في داخله. وشارك أنّ مبادرات المعلّمات والمعلّمين في غزّة والضفّة تُقدّم نماذج تؤكّد على أنّ الإرادة موجودة لاستكمال المشروع الوطنيّ التحرّريّ، ومن هُنا علينا أن نُعرّف التعليم الذي نريده، وعلى أي أرضيّة نريد بناءه؛ إنسانيّة أم تحرّريّة؟ وعلينا أن نُعيد تعريف الإنسان الذي سيبنيه، مُستفيدين من الإرث الفلسطينيّ والعربيّ التربويّ، وتطوير أفضل النماذج والتجارب والمُمارسات. أوضح أنّ هذا الأمر لا يعفي العالم من مسؤوليّته في إعمار غزّة والتعليم، وحتّى لا تُمسك المؤسّسات زمام الأمور، دعا أ. الريماوي المجتمع الفلسطينيّ إلى تشكيل قوى ومواقع وأدوات تحمي التعليم الفلسطينيّ كجزء من حماية الوجود الفلسطينيّ، للدفاع عن التعليم الفلسطينيّ ونوعيّته، من معلّمين وطلّاب وأهالي، فهو في خطر حقيقيّ لن يتوقّف مع توقّف الحرب. وتحدّث حول أهمّيّة الاستثمار في مبادرات التعليم في غزّة، لاستلهام حالة شعبيّة مُجتمعيّة للدفاع عن التعليم، "محميّات مُجتمعيّة لحماية التعليم الفلسطينيّ"، في كلّ محافظة وكلّ قرية، للانتباه إلى الدور المهمّ في حماية التعليم.   شاركت أ. أبو موسى فكرة أنّ المعلّم سيستعيد دوره بعد الحرب، دوره المهمّ في نشر الوعي حول التعليم، والتأكيد على حقوق الطفل في التعليم والعلاج والحياة الكريمة. ولكنّني أودّ الإشارة إلى أنّ المعلّم إنسان أيضًا، فهو بحاجة إلى تدريبات ودعم نفسيّ انفعاليّ، لتزويدهم بأدوات حول كيفيّة مواجهة الضغوط والتحدّيات. ومن المفترض أن نبدأ بالتعليم غير الرسميّ، أن يرتجل المعلّم وفاقًا للبيئة والسياق الذي يتواجد فيه، ولاحقًا نعودُ إلى التعليم الرسميّ، فتكون الصورة قد تمّ التفكير فيها، إضافةً إلى المناهج والتعليم ككلّ، وعلينا أن ننتبه في حينه للفاقد التعليميّ، وذلك باختيار موضوعات تعلّميّة مرتبطة من أجل تعزيز تعلّم الطالب، وهذا لن يتحقّق من دون تكامل المُجتمع التعليميّ، بدءًا بالعائلة.   كيف سنسعى كتربويّين للدفع باتّجاه إنهاء هذه الإبادة الوحشيّة والتأكيد على مركزيّة هذا الهدف؟ شارك أ. عاشور فكرة أنّ التربويّين جزء من كلّ، وعلى سبيل المثال، دور منهجيّات دور مهمّ، وهذه الندوة التي يجب استثمارها من أجل أن تكون خطوة لإنهاء الإبادة، وهذه فكرة أودّ التأكيد عليها، أنّ كلّ خطوة عليها أن تُراكم من أجل إنهاء الإبادة وإنهاء الاحتلال. وللوصول إلى هذه الفكرة، من المهمّ أن نُنشئ جيلًا نقديًّا بالتعاون مع معلّمه يُفكّك واقعه ويُعيد فهمه وإنتاجه، وهذا دور محوريّ ارتباطًا بأحد أهداف الحرب المتمثّل بإعادة إنتاج الوعي، باتّجاه أجندات يسعى لها الاحتلال منذ سنوات. وسلّط أ. عاشور الضوء على أنّنا يجب أن نكون جزءًا من نقاش واقعنا ومصيرنا، خصوصًا في ظلّ تنوّع خطابات مُختلفة بعضها غير مرتبط بالواقع. وأشار إلى أنّ المبادرات التي نتغنّى بها اليوم، أصبحت توجّه ويتمّ تبنّيها من قِبل مؤسّسات أجنبيّة، وأرى من المهم أن نُشارك كفلسطينيّين في كلّ تفاصيل التعليم في المجتمع الفلسطينيّ، وهذا قلق أشاركه مع زملائي ومع المبادرين للانتباه إلى أن يكون السؤال وطنيّ فلسطينيّ دائمًا، كأفراد ومؤسّسات وكجهات رسميّة، كما شارك قلق أنّ الفجوة بيننا كفلسطينيّين تزداد، وأن تصبح الخطط غير قابلة للتطبيق في زمن علينا أن نتساءل فيه عن الأدوات والمفاهيم. وتحدّث أ. عاشور عن دراسة أجرتها منظّمة "إنقاذ الأطفال" سنة 2022، نتائجها أنّ كلّ 4 من 5 أطفال في قطاع غزّة يشعرون بالإحباط والحزن وانعدام الأمل، وطفل من كلّ 5 أطفال يفكّر بالانتحار. وإن كانت هذه الحقائق كلّها غير كفيلة بصحوة وصياغة لوعي جديد، ومبني من أسفل، فلن يكون القادم أجمل بكثير من ماضي غزّة المُحاصر منذ 17 سنة.   وداخلت د. كفري أنّ الفجوة تزداد في ظلّ غياب رؤية واضحة إلى الأطفال في غزّة، وأودّ أن أقدّم مثالًا حول امتحان الثانويّة العامّة، والذي عُقد في الضفّة الغربيّة، وعُقد للفلسطينيّين خارج البلاد، بينما لم يُقدّم ويُطرح كيفيّة علينا مُساعدة طلبتنا في غزّة، خصوصًا في وقت يحتاج فيه الطالب إلى أمل، في حال استطاع أن يخرج من غزّة، بأن يجد جامعة تقبل به. والحقيقة أنا أخاف من المبادرات التي لا تُمفهم الواقع، ولا يُفكّر فيها بشكلٍ كافٍ، وعلينا أن نتذكّر أنّنا شعب واحد، وأنّ هذه الفجوة، بغضّ النظر عن ظروفها، موجودة، وعلينا جسرها اليوم.   شارك أ. صبّاح أنّ شمال الضفّة الغربيّة اليوم يعيش ظروفًا صعبة، وكلّ مبادرة وكلّ فِعل مهمّان جدًّا للناس، لأنّهما يكسران حاجز الخوف. المُبادرات التعليميّة في هذا السياق تكسر الخوف، وتيسّر التعامل مع التحدّيات المُختلفة، في ظلّ رغبة الطلّاب الهائلة في استكمال تعليمهم. أمّا ما بعد الحرب، فالوزارات تُجهّز اليوم خيمًا وغُرفًا للتعليم، بينما علينا الانتباه إلى أنّنا بحاجة إلى منهجيّة جديدة في التدريس. وأشارَ إلى أنّ الناس في الضفّة الغربيّة أوضاعها صعبة جدًّا، وبحاجة إلى أمل، وفِعل صمود يُخرج الناس إلى العمل والفعل.   كلمة أخيرة شاركت أ. أبو موسى أنّ مُبادرتي تقوم على الأمل، وأستمدّ قوّتي من طالباتي اللواتي يأتين بأمل التعلّم. وأنا متفائلة، وأتطلّع إلى نهاية الحرب وعودة التعليم. وأشار أ. عاشور أنّه على الرغم من كلّ شيء، ومن المحاولة اليوميّة للنجاة، إلّا أنّ العمل مع النّاس دائمًا يُعيد شحننا بطاقةٍ إيجابيّة نحتاج إليها للمُضيّ قُدمًا. وتحدّثت د. كفري عن أهمّيّة أن نملك الجُرأة والشجاعة لنسأل أسئلة صعبة، ولبناء حواريّات شفّافة وصادقة، تقوم على رفض الواقع والماضي، والنظر إلى المستقبل كنقطة تحوّل لكلّ القضايا. أمّا أ. الريماوي فقال "التعليم ضدّ الإبادة يعني تعليمًا لأجل الحياة من أجل الحفاظ على الوعي الوطنيّ بالطموح والأمل". وأضاف أنّ بعد الحرب ستكون هناك معركة على التعليم، كما على الوجود، وعلينا أن نمنع أن يتحوّل ما حدث إلى هزيمة في الوعي وفي التعليم، وهذا يحتاج إلى وعي جمعيّ ومشاركة مجتمعيّة في إعادة بناء التعليم والحياة والوعي. وأمّا أ. صبّاح فختم حديثه باقتباس من أحد المُشاركين هو "إن لم نشعر بالمدرسة فهذا مُمكن، ولكن علينا أن نُدركها ولو على جدار خيمة". واختتمت د. الوائلي ندوة الأمل والوعي ومقاومة الإبادة التعليميّة، ونوّهت إلى أنّ سلسلة ندوات "علّمتنا غزّة" ستتوّج بملفّ حول التعليم التحرّريّ، ودعت المُشاركين والجمهور إلى المُشاركة في عدد منهجيّات القادم.

ندوة: الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2024، بعنوان "الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ 2. الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... 3. وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات... استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: د. جنان شيّا، باحثة وأستاذة جامعيّة، لبنان؛ أ. زهرة الشيكلي، معلّمة فيزياء، سلطنة عُمان؛ أ. سوزان أبو هلال، مرشدة تربويّة، فلسطين؛ أ. مهدي بن شعبان، مدير عامّ أكاديميّة قطر، الجزائر؛ أ. فهمي رشيد كرامي، قانوني وخبير إقليميّ في حقوق الطفل، لبنان. أدار الندوة أ. محمود عمرة، المدير العامّ لمدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، وعضو الهيئة التأسيسيّة لمجلّة منهجيّات، وافتتح الندوة بتقديم منهجيّات وهي مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة بمتابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: المعلّم الإنسان كيف يُمكن للمعلّم أن يسيطر على الضغوطات المحيطة بهِ بطريقة تجعله يستمرّ في عمليّة التعليم بشكلٍ فعّال؟ داخلت أ. أبو هلال حول خصوصيّة هذا العام الدراسيّ في فلسطين، إذ أثّرت حرب غزّة في المعلّم والطالب بشكلٍ مستمرّ من شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر، في ظلّ استشهاد أكثر من 264 معلّمة ومعلّم، وأكثر من 5000 طالبة وطالب في غزّة، و50 طالبة وطالب في الضفّة الغربيّة. وأشارت أ. أبو هلال إلى أنّ التحدّيات أمام المعلّم الفلسطينيّ كبيرة، خصوصًا الحواجز بين المدن والمناطق الفلسطينيّة، وتعرّض المعلّمين، في طريقهم إلى المدارس، إلى التفتيش المستمرّ والتحقيق، إلى جانب تأخّر صرف رواتب المعلّمين، ناهيك عن صرف 50% منها بعد التأخّر. وأضافت أنّ التعليم المدمج، بين الوجاهيّ والإلكترونيّ، والذي اعتُمِدَ في مدارس الضفّة الغربيّة منذ تشرين الأوّل، عادَ بالمعلّم إلى تحدّيات ظهرت خلال جائحة كورونا، من فقدان أدوات التكنولوجيا، وانقطاع الطالب عن التعلّم. وداخلت أ. أبو هلال أنّ المعلّم الفلسطينيّ مع هذه الظروف الصعبة، والتحدّيات الكبيرة، وفي فرق من زملائه المعلّمين استطاع تقديم دعم نفسيّ عاطفيّ لبعضهم، خصوصًا بعد تجارب عصيبة مرّ فيها البعض على الحواجز التي حدّت من حرّيّة حركتهم. وقالت إنّ أحد أهمّ دوافع المعلّم خلال هذه المرحلة، كان إحساسه بالمسؤوليّة تِجاه الطلبة، والذي دفعه إلى الاستمرار بالعطاء. وفي الوقت نفسه، صمود الأهل في قطاع غزّة، وصور بعض الطلبة الذين يبحثون عن كتبهم، وإصرار المعلّمين هناك على استكمال التعليم مع ظروف النزوح والفقدان والحصار، شكّل ذلك كلّه حافزًا للصمود والعطاء أيضًا.   وتحدّثت عن عملها الإرشاديّ مع المعلّمين، إذ قدّمت استراتيجيّات مختلفة للمعلّم ركّزت على مجموعة عوامل لتفريغ الضغوط والتخفيف منها، بالشراكة مع مؤسّسات نفّذت مشاريع مختلفة، منها التركيز على العلاقات الاجتماعيّة، والعلاقة مع الذّات، والتأمّل من أجل تفريغ القلق، والتركيز على نظام الاستجابة إلى الضغوطات عند المعلّم، من أجل مساعدته على الاستمرار في أداء رسالته.   عن تجربة شخصيّة حاولتِ فيها مواجهة الضغوطات بطريقة تجعلها لا تؤثّر في سير تجربة التعليم، شاركينا هذه التجربة أ. الشيكلي. استهلّت أ. الشيكلي حديثها بالإشارة إلى الظروف الصعبة الناتجة داخل البيئة المدرسيّة، وقسّمت هذه الظروف إلى قسمين: الأوّل: ظروف بسبب ضغوطات في العمل بسبب كثرة المهام الموكلة إلى المعلّم. والثّاني: سوء التفاهم في البيئة المدرسيّة، إمّا مع الزملاء أو الإدارة أو طالب أو وليّ أمر. وأشارت إلى أنّ حلّ المُشكلة الأولى كان ببساطة تحويل العمل من فرديّ إلى جماعيّ؛ بمعنى تكوين فرق عمل داخل المدرسة، ربما لكلّ مرحلة، تعمل بالتوازي من أجل تخفيف المهام الملقاة على كاهل المعلّم الفرد. أمّا عن حلّ المشكلة الثاني، الناتجة عن سوء فهم، فقسّمت الحلّ إلى قسمين وفقًا للمشكلة: 1. إن كان سوء التفاهم مع الزملاء في مرحلة أوّليّة، فعلى المعلّم هُنا التأمّل في الأمر وفي الشخصيّات التي يتعامل معها، ونصحت بقراءة كتاب "الابتزاز العاطفيّ" للدكتورة سوزان فورورد، كونه ساعدها بشكلٍ شخصيّ في التعافي. 2. إن كان سوء التفاهم متقدّمًا، هناك خطوات ثلاثة للحلّ: - الابتعاد وتقليل الاحتكاك مع الأشخاص الذين حدث معهم سوء الفهم. - التأمّل والتفكّر في الموقف والرجوع إلى مصادر مختلفة لتوسيع الفهم. - الانخراط بدراسة أو إجراء بحوث من أجل التفريغ العاطفيّ للذكريات والمشكلة. وقدّمت أ. الشيكلي نصيحةً للمعلّمات والمعلّمين "مهما كان نوع الظرف الصعب الذي تمرّون فيه، امنحوا أنفسكم راحةً، سواء مع الأسرة أو مع الزملاء خارج المدرسة أو المؤسّسة". وسلّطت د. شيّا الضوء على دور الإدارة المدرسيّة المهمّ في عمليّة تعزيز رفاه المعلّم، وهذا ما تؤكّده الأدبيّات التربويّة. وذكرت مجموعة استراتيجيّات منها، 1. تعزيز ثقافة الرعاية، إذ تخلق مناخًا عاطفيًّا إيجابيًّا في المدرسة، بحيث يشعر كلّ معلّم وكلّ إداريّ في المدرسة بالتقدير والدعم، الأمر الذي يتعزّز بسياسة الباب المفتوح، فيقوم المعلّم بمشاركة أيّ مشكلة مع الإدارة، ويشعر، بالتالي، بالدعم والاحتفاء والاحتفال بالنجاحات والتعاضد عند الصعوبات. 2. تحقيق التوازن بين العمل والحياة، خصوصًا وأنّ أعباء العمل المفرطة من المُمكن أن تؤدّي إلى إرهاق وفقدان الرفاه، وما يوصل إلى هذا النوع من الإرهاق لدى المعلّم هو أسلوب الـ ((Micromanagement؛ الإدارة التي تراقب كلّ التفصيلات، والتي تحدّ المعلّم من اتّخاذ القرار. ومن هُنا، من الضروريّ تمكين المعلّم من اتّخاذ القرار وتوفير الموارد اللازمة لهم لإدارة صفوفهم بكفاءة، وتقديم المساعدة من أجل رسم حدود بين العمل وحياتهم اليوميّة، وتعزيز ترتيبات العمل المرنة. أمّا أ. كرامي فتحدّث عن أهمّيّة إدخال أسلوب الوساطة والتحاور إلى الحرم المدرسيّ؛ تحفيز الحوار الفعّال وتحفيز إيجاد هذا التواصل الفعّال بين عناصر العمليّة التعليميّة يساعد في الرفاه، كونه يخلق وسيلة فعّالة يُمكن توظيفها في حال حدوث سوء تفاهم، وفي الوقت نفسه، يخلق أدبيّات تمسي وسائلَ وقائيّة لتجنّب الكثير من التباين أو الاختلاف في وجهات النظر.   المحور الثاني: الأوضاع القانونيّة للمعلّمين قارب أ. كرامي هذا المحور بنظرة إلى ماهيّة المواكبة القانونيّة التي يجب أن توجد لتؤمّن الرفاه للمعلّم، وتؤمّن الإنتاجيّة المأمولة من عمل المعلّم. وأشار إلى أهمّيّة أن يكون التشريع أو القانون ابن البيئة التي يصدر فيها، والتشريع والقانون يجب أن يوضع لمواكبة الحاجات الاجتماعيّة والسعي إلى الرقيّ الاجتماعيّ. ومن هذه الثوابت، ننظر إلى مهمّة المعلّم، فنجد أنّ مهمّة المعلّم هي رسالة، وعندما ننظر إلى القوانين، نُدرك أنّ على هذه القوانين حماية هذه الرسالة، وهذه أوّل أرضيّة مُشتركة على التشريعات الانطلاق منها. والمعلّم الذي يحمل هذه الرسالة إنسان، وأضعف الإيمان أن تؤمَّن له حقوق الإنسان، سواء ما نصّت عليه المواثيق الدوليّة، أو ما نصّت عليه الحقوق المتعارف عليها. ولأنّ المدرسة جزء من المجتمع والدولة بامتداد تشريعيّ قانونيّ، فإنّ المعلّم، كعنصر في هذه المدرسة، يتأثّر بالحالة التشريعيّة، بما هو أبعد من حقوقه المباشرة كالأجور والتقاعد وساعات العمل والإجازات، إنّما بالواقع والسياسات التشريعيّة للمجتمع والدولة. ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع السياسات للدولة، رسالة هذا المعلّم وحمايته ورفاهه. وبالتالي، فإنّ المشكلة لا تكمن فقط بالتشريع نفسه، إنّما بتحدّيات كبيرة لها علاقة بتطبيق التشريع والاجتهاد في تفسيره، والحرص على حمايته، خصوصًا أنّ معظم البلاد العربيّة تعيش أزمات مختلفة. وهُنا، علينا التساؤل، هل الدولة تُعطي أولويّة لحماية المعلّم؟ وهذا ما علينا الانتباه له خلال الحديث عن التشريعات. وذكر أ. كرامي أنّ خلال الحديث عن رفاه المعلّم، بطبيعة الحال، علينا أن نتطرّق إلى الحديث عن حماية المعلّم، وحقوقه، والدخل، وساعات العمل، والتقاعد، وإجازاته وحقّه في الإجازة، وإجازاته المرضيّة، وعن تأمين هذا الجوّ المريح لهُ، خصوصًا أنّ على التشريع التنبّه للظروف الخاصّة التي يمرّ فيها المعلّم وتسبّب لهُ ضغوطات مختلفة، وتؤمَّن لهُ هذه المساحة من الإجازات من أجل السماح بتخفيف الضغوط عليه. وأكّد أ. كرامي على ضرورة توفير نظام محاسبة مواكِب لدى التشريعات، يمكن أن يلجأ إليه المعلّم، فلا تخضع دعاوي المعلّمين أو نزاعاتهم إلى عجلة القضاء البطيئة والتي ينتج عنها هلاك هذه القضايا ونتائجها. وبالتالي، على الدولة التنبّه لحماية هذه القوانين، ناهيك عن حماية العمل النقابيّ، والتعبير عن الرأي، وهي أمور يجب أن تكون واضحة وصريحة في التشريعات، بالإضافة إلى التطوير المهنيّ للمعلّم وإتاحة المجال له لتطوير عمله. وضمن المحور ذاته، أضاف أ. بن شعبان أهمّيّة وعي المعلّم بهذه التشريعات، وبحقوقه كمعلّم. فمن المهمّ عند تقدّم المعلّم لعمل في مدرسة ما، عليه أن يسأل ويستوضح حول هذه الأمور، وعليها أن تكون واضحة بالنسبة إليه قبل الالتحاق بالمدرسة، لئلّا يتفاجأ هذا المعلّم بقوانين أو تشريعات معيّنة لم يعلم عنها سابقًا. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة وضع تعريف للرفاهيّة، بدلًا من تعريفها بالضدّ، أي بعدم وجودها. ومن خلال العمل وصلنا إلى محاورَ أربعة تُلمّ بتعريف الرفاهيّة: 1. الحالة النفسيّة للمعلّم. 2. الحالة الجسديّة للمعلّم. 3. إحساس المعلّم بفعاليّة دوره. 4. إحساس الانتماء إلى مجتمع المدرسة وبيئتها. وبالتالي، أيّ سياسة تنقص محورًا من المحاور، لن تكون ملمّة بالرفاهيّة كمفهوم وتطبيق. ولاحظنا سياسات في بلدان أوروبّيّة تركّز تركيزًا كبيرًا على الحياة الشخصيّة والحياة المهنيّة للمعلّم، وتدرج أهمّيّة كبيرة لإجازات المعلّم خلال عمليّة التخطيط للعام الدراسيّ، ما يسمح للمعلّم بأن يرتاح وأن يعود إلى مكان عمله بفعاليّة. ورأينا كيف أنّ فنلندا واليابان، وفّرتا دعمًا ببرامج استشاريّة للمعلّمين مع علماء نفس. وأيضًا من الضروريّ الانتباه إلى موضوع المرونة في الدوام، خصوصًا بعد كورونا، إذ أدركت المؤسّسات أن الدوام يُمكن أن يكون مرنًا من دون أن يؤثّر في النتائج. وذكر أ. بن شعبان تجربة سنغافورة، كتجربة مميّزة في وضع السياسات، إذ قرّروا استخدام منهجيّة بحث تقوم على تجميع بيانات بطريقة مستمرّة، وحلّ المشكلات التي تظهر بطريقةٍ مرنة؛ أيّ لا حلول جاهزة مُسبقًا، إنّما قبول لفكرة مرونة التعامل مع المشاكل، وهذه استراتيجيّة طُبّقت على مستوى الدولة. أمّا د. شيّا فأضافت نقاط أُخرى إلى سياسات رفاه المعلّم وعافيته، مثل زيادة الاستثمار بموارد الصحّة الفكريّة كبرامج التأمّل الواعي، وهذا ما طُبّق في المملكة المتّحدة، فبات المعلّمين أنفسهم يُمارسون التأمّل الواعي، ويشجّعون طلبتهم على مُمارسته في الوقت ذاته. نقطة ثانية هي التطوير الوظيفيّ والتقدير، فدول مثل كندا، عملت على سياسة تعزّز مجتمعات التعلّم المهنيّة، والتي تُشجّع على التعاون بين المعلّمين. ونقطة ثالثة هي التقدير الوطنيّ، ففي كندا، تُنظّم جائزة المعلّم الوطنيّ، لتشجيع المُمارسين في المجال التربويّ، وأيضًا لتشجيع الإقبال على مهنة التعليم.   المحور الثالث: وكالة المعلّمين. ما أهمّيّة حرّيّة المعلّم لرفاهه؟ وما دور الإدارات في تعزيز هذه الحرّيّة وتمكين المعلّم؟ ناقشت د. شيّا أهمّيّة ربط الحديث عن رفاه المعلّم بالحديث عن وكالة المعلّم. ووكالة المعلّم هي استقلاليّته، وقدرته على أخذ القرارات التي تؤثّر في ممارساته وتعليم الطلّاب، وبالتالي يحصل على حرّيّة ودعم من أجل أخذ اختيارات مستنيرة ضمن إطار مُحدّد. وذكرت مجموعة مهامّ ضمن هذا السياق، وهي: 1. تصميم المناهج، فمع ثبات المنهج، نعرف أهمّيّة أن يكون المنهج مرنًا، ليتناسب مع مختلف الطلبة بواقع معيّن، ومن هُنا، من الضروري أن يكون المعلّم كفوؤًا وعنده القدرة على تصميم المنهج بما يتناسب والظروف المحيطة به، بطبيعة الحال، ضمن استراتيجيّات تقييم واضحة. 2. إدارة الصفّ، ضرورة تحديد القوانين مع الطلبة، ذهابًا لخلق بيئة تعليميّة إيجابيّة، وفتح قنوات تواصل مع الأهل. 3. مُناصرة السياسات، حيث لا يقتصر دور المعلّم في العمليّة التعليميّة فقط وفقًا للأدبيّات، ومن هُنا، عليه مناصرة السياسات التي تساعده على تطبيق مهامه بطريقةٍ فعّالة.   كيف تعزّز وكالة المعلّم رفاهيّته؟ أضافت د. شيّا أنّ وكالة المعلّم تعزّز من تحفيزه ورضاه الوظيفيّ، خصوصًا عند إحساسه بتطبيق رؤيته بفعاليّة مع الطلبة. وكذلك تقلّل من التوتّر والإرهاق، انطلاقًا من إحساسه بالتحكّم بمجريّات العمل، وقدرته على أخذ قرار من دون أن تطبّق عليه سياسات إداريّة تنتهج الـ ((Micromanagement. وفي الوقت نفسه، تعزّز نموّه المهنيّ، ما يرتبط بشكلٍ واضح بتعزيز رفاهه. وفي الواقع، حتّى يتمتّع المعلّم بهذه الوكالة، عليه أن يؤمن بقدرتهِ كفرد فعّال قادر على إحداث فرق، ولديه القدرة على إحداث تغيير اجتماعيّ، ويتمتّع بمهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات والتواصل والتشبيك والتعاون، وعنده قدر من الثقة بالنفس، ومُدرك لأهمّيّة التأمّل في المُمارسات المختلفة من أجل تقييم الأداء. وتطرّقت د. شيّا إلى التحدّيات، وهي ليست من القيادة المدرسيّة، إنّما أيضًا من النظام التربويّ والذي يفرض اختبارات موحّدة ومناهج صارمة، تخفّف مرونة المعلّم، وتحدّ قدرته على التغيير. ومن التحدّيات: 1. نقص الدعم الإداريّ، وهو ما سيحدّ قدرته على التعرّض إلى تجارب وتدريبات مُختلفة في التطوير المهنيّ تُمكّنه من الابتكار في المُمارسات والمرونة والمواكبة. 2. الاحتراق الوظيفيّ، عدم القدرة على التطوّر، وعدم تحقيق التوازن بين العائلة والعمل، قد تؤدّي بالمعلّم إلى الاحتراق الوظيفيّ. وهُنا داخل أ. عمرة حول الواقع العربيّ في سياق التعليم، وفرض مناهج من خلال كتب مدرسيّة تحتوي على تفاصيل دقيقة، ولا تفتح مجالًا أمام مرونة المعلّم ووكالته، وبالتالي الأثر في رفاه المعلّم يصبح سلبيًّا. وهذا يدلّ على عدم الثقة بالمعلّم، وفتح المساحات أمامه للإبداع والانطلاق في التعليم. تحدّث أ. بن شعبان عن الخارطة التربويّة المحدودة والمفصّلة والتي تعتمد على امتثال المعلّم لقرارات من أعلى، تمثّل وصفة معكوسة لرفاه المعلّم. وأضافَ أنّ موضوع وكالة المعلّم يشمل أيضًا أخذ المعلّم لزمام الأمور في موضوع رفاهيّته، وبالتالي التفكير برفاهه من حيث بيئة العمل وتعديلات مختلفة فيها. وشارك أ. بن شعبان تجربته كمدير مدرسة، وفشل تجربته الأولى، في الرفاهيّة، وكان سبب هذا الفشل هو تفكيره في ظروف واستراتيجيّات لتحسين ظروف عمل المعلّم، كمحاولة تقليل ساعات عمل الدوام، وفرح المعلّمون بهذه المبادرة، إلّا أن الشكوى من ظروفهم استمرّت. وكذلك كان عندما اهتمّت الإدارة بالتأمّل والممارسات الإيجابيّة للمعلّمين، وكذلك استمرّت الشكوى. اختلفت التجربة عندما شكّلنا لجنة من المعلّمين لتمثيلهم وتمثيل صوتهم، وكانت اللجنة على دراية بظروف الإدارة بعلاقتها مع الوزارة مثلًا، وهنا بدأت النتائج الإيجابيّة بالظهور، لأنّ الوكالة هُنا أنتجت الرفاهيّة، وعزّزت الثقة بين الإدارة والمعلّم.   وأشار أ. كرامي إلى نقطتين أساسيّتين: 1. التجربة في فلسطين بشكلٍ عامّ، وغزّة بشكلٍ خاصّ، جعلتنا نعودُ إلى حقوق الإنسان قبل حقوق المعلّم، وهو ما ينبّهنا في خضمّ تأمين رفاه الطفل أو المعلّم، للحقوق الأساسيّة كي تبقى مقدّسة ولا تُمسّ، وألّا تكون عرضة للانتهاكات. 2. على مداخلات وكالة المعلّم ورفاهه أن تُترجم في التشريعات، ويجب أن تُترجم في تعديل القوانين التي تخضع لها المدارس الرسميّة لتشكّل غطاءً للمعلّم الذي يريد أن يُمارس وكالته بطريقةٍ مُثلى، خصوصًا في سياقات ترى أنّ وكالة المعلّم هي خروج عن أدبيّات المدرسة وسياساتها، وتُلقي المعلّم في سلّم المحاسبة واللوائح والقوانين. وهُنا من الضرورة الإشارة إلى أهمّيّة التعديل التشريعيّ، وحماية المناصرة، ويجب توفير الحماية للمعلّم من أجل إيصال صوته بشكلٍ ديمقراطيّ. كما أشار إلى أنّ التغيير الحقيقيّ هو التغيير الذي يأتي من القاعدة، وإضافةً إلى سماع صوت المعلّم، علينا الاستماع إلى صوت الطالب، وهو شريك المعلّم في تحقيق الرفاه.   أسئلة الجمهور - إن كان الضغط على المعلّم ناتج عن مرض أحد أفراد العائلة، فكيف يُمكن للمعلّم مواجهة هذا النوع من الضغط بطريقةٍ لا تؤثّر في عمله داخل الصفّ؟ أجاب أ. كرامي أنّه من منحى تشريعيّ، القانون، على الأقلّ اللبنانيّ، لا يلحظ هذا النوع من الإجازات والتي يُقصد بها الرعاية. أمّا د. شيّا فاقترحت طلب المساعدة من المدير، والحديث عن هذا الظرف، ومن المهم أن تُقدّم الإدارة دعمها، وأيضًا يُمكن الحديث مع الزملاء لتعزيز التعاون. وأجابت أ. الشيكلي أنّه في سياق مدرستها في سلطنة عُمان، الحديث مع الزميلات والزملاء، ومن ثمّ رئيسة القسم التي تقوم بتخفيف نصابها، وتوزيع ذلك على الزميلات. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة الاستثمار بالعلاقات في المؤسّسة، من أجل تحقيق التعاون بينهم في ظلّ تفهّم من الإدارة. وأضافت أ. أبو هلال أنّ مصادر الدعم تشكّل أساسًا في هذا السياق، من أصدقاء وزملاء، وكذلك التدريبات الخاصّة بالرعاية الذاتيّة، من خلال أهمّيّة الحفاظ على بعض العادات الصحّيّة، وممارسات بعض النشاطات الرياضيّة، والتي ستسهم في تجاوز الأمر بطريقةٍ قويمة، من دون أثر سلبيّ. وأيضًا هُنا من الضرورة التعبير عن مشاعره، من أجل التخفيف من الضغوطات، والمحافظة على التأمّل والوجود في الطبيعة، هي أيضًا أمور من شأنها تخفيف الضغط.   - في ظلّ أوضاع اقتصاديّة صعبة في العالم العربيّ، كيف يُمكننا مواجهة ضغط كهذا؟ وكيف يُمكننا الحفاظ على صحّتنا النفسيّة والذهنيّة وقدرتنا على العطاء في مهنتنا بشكلٍ مميّز؟ أجاب أ. كرامي أنّ على أيّ دولة أداء دور خلال الأزمة الاقتصاديّة التي تمرّ فيها، من دون أن تتنازل عن دورها. في لبنان مثلًا، الأزمة تتفاقم لأنّ الدولة تتقاعس عن أداء دورها. تجربة إيجابيّة أودّ ذكرها هي التكافل والتضامن بين المدارس الخاصّة، لإعادة دعم المعلّم خلال مسيرته. أمّا د. شيّا فقالت إنّ الوضع المادّيّ صعب التجاوز، وفي حال غطّى الراتب احتياجات المعلّم الأساسيّة، يُمكن لوكالة المعلّم هُنا دفعه بإحساس إيجابيّ إلى استكمال أداء رسالته. أمّا أ. بن شعبان فأشار إلى أهمّيّة التطوير النفسيّ والمهنيّ لدى المعلّم، فالمعلّم الذي يمتلك الخبرة والتجربة، له القدرة على فتح منافذ دخل جديدة أمامه، كمدرّب واستشاريّ، وهذا لا يظهر بوضوح للمعلّم الذي لا يفكّر بأبعد من يومه. ودعا أ. بن شعبان المعلّمين إلى إعطاء الدورات، كلٌّ في تخصّصه، لأنّ الحاجة أيضًا موجودة لهذه الخبرات.   - هل حقوق المعلّم متوفّرة في دول العالم العربيّ، كما في الغرب؟ قال أ. كرامي إنّ الاهتمام في التعليم متفاوت، ودعم المعلّم أيضًا متفاوت، ولكن ما أودّ قوله هو في النهاية التعليم رسالة، وهو أساس بناء الأوطان، وإن كانت دولنا لم تصل بعد إلى فهم أهمّيّة التعليم، فهذا دليل على أنّها بحاجة إلى مزيد من التطوير والتوعية، وتحسين أسلوبنا في التفكّر في طريقة التعاطي مع المعلّم، وأهمّيّة دوره في المجتمع، وهذا يحتاج إلى عمليّة تجديد شاملة من القاعدة إلى القمّة، انطلاقًا من واقعنا.   في الخِتام شكر أ. عمرة المشاركات والمشاركين على الإسهامات في هذه الندوة، وأكّد على أنّ الموضوع متباين بين الدول وبين المجتمعات، وهو ما يعتمد على سياقات مختلفة، ولكن في النهاية رفاه المعلّم هو أمرٌ أساسيّ وله تأثير كبير في تعلّم الطالب، ونموّ المدرسة، والعمليّة التربويّة بشكلٍ عامّ، ولهُ أثره، كذلك، في الصحّة النفسيّة والجسديّة والذهنيّة للمعلّم ذاته.    

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

تدمير نظام التّعليم في غزّة: جيل في خطر
حجم الدّمار لم تترك حرب الإبادة في غزّة جانبًا من جوانب الحياة، إلّا وأثّرت فيه. ومن بين التأثيرات الأكثر تدميرًا، تلك التي لحقت بالنّظام... تابع القراءة
كيف نعزّز التفاهم والاندماج الثقافيّ في مدارسنا؟
في عصرنا الحديث، أصبحت المدارس بيئة خصبة للتواصل بين الثقافات المختلفة، نظرًا إلى وجود طلّاب من خلفيّات ثقافيّة متنوّعة في الفصول الدراسي... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

شيماء عادل ذكي- معلّمة لغة عربيّة- مصر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ بفضل الله، أحرص على تطبيق استراتيجيّات التعلّم النشط مع طلّابي، وقد نفّذت معظمها تقريبًا. من بين الاستراتيجيّات التي تجاوب معها طلّابي بشكل كبير، استراتيجيّة  XO؛ فقد استخدمتها في الصفّ الثاني الثانويّ مع الطلّاب والطالبات. صمّمت لوحة خاصّة تحتوي على بعض الأسئلة خلف بطاقات XO لتطبيقها على الدرس بعد الانتهاء منه، وقد لاقت استحسان الطلاب، وسارعوا إلى المشاركة فيها. أيضًا، من الاستراتيجيّات التي أثّرت في صفّي، وساعدت الطلّاب على الثقة بالنفس واستيعاب المعلومات بطريقة جديدة، استراتيجيّة لعب الأدوار. كثيرًا ما كنت بعد الانتهاء من شرح الدرس، أنتدب بعض طلّابي لتقمّص شخصيّة المعلّم ونتبادل الأدوار. كانت هذه الاستراتيجيّة محبّبة عند نفوس طلّابي، وكانوا يتنافسون على القيام بدور المعلّم، وإدارة الصفّ، وتوزيع المهام بين الطلّاب الآخرين.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ من الضروري للمعلّم الناجح مواكبة العصر، فنحن في زمن التكنولوجيا. لذلك، حرصت على استخدامها بشكل منضبط وعادل في العمليّة التعليميّة، من خلال العروض التقديميّة وألعاب "الباوربوينت"، وطلبت من طلّابي إجراء بعض الأبحاث باستخدام الإنترنت والذكاء الاصطناعيّ. ومع ذلك، حرصت على ألّا يطغى هذا على شخصيّتي في الصفّ وتفاعلي مع الطلّاب. فالحصّة تسير بشكلها الطبيعيّ، بدءًا من تهيئة الطالب لموضوع الدرس وجعله يستكشف القاعدة بنفسه. استخدامي للتكنولوجيا ليس إلّا أداة لتعزيز تعلّم الطلّاب؛ فهي وسيلة وليست غاية.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ خبرتي في التدريس تجاوزت عشر سنوات، وبالتأكيد إذا قارنت بين شخصيتي المهنيّة والتربويّة الآن وما كانت عليه قبل عشر سنوات، سأجد اختلافًا كبيرًا وبونًا واسعًا. على سبيل المثال، كنت أظنّ في الماضي، أنّ المعلّم يصبح ناجحًا بمجرّد توصيله للمعلومة بطريقة صحيحة، وأن يكون شرحه ممتعًا فقط، وكأنّ الهدف هو التفوّق في الجانب التعليميّ والمادّة الدراسيّة. لكنّني أدركت الآن أن هذه فكرة خاطئة عن المنظومة التعليميّة. هدفي الآن تخريج طلّاب أسوياء نفسيًّا ونافعين مجتمعيًّا، وأن أترك أثرًا ملموسًا وعلامة واضحة وفارقة في شخصيّاتهم.   افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ إذا قمت بإعداد ورشة تفاعليّة للمعلّمين، فإن هناك موضوعات عدّة أودّ تناولها، منها: - ورشة تدريب للتدريس الإبداعيّ. - مهارات إدارة الصفّ والتفاعل مع الطلّاب. - استخدام الذكاء الاصطناعيّ في مهنة التعليم. - إعداد برنامج تأهيلي للمعلّمين الجدد. - استخدام استراتيجيّات التعلّم النشط في التدريس.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، بالطبع، يتطوّر الفرد من خلال تجارب الآخرين، لا سيما في العمليّة التعليميّة. التعليم في العالم العربيّ ما زال متأخّرًا نسبيًّا مقارنةً بالدول الأوروبّيّة. ما يعزّز كفاءته هو الاطلاع على التجارب المختلفة، ومعرفة نقاط الضعف والقوّة، وقراءة تجارب العمليّة التعليميّة في مختلف الأقطار العربيّة. وهذا ما نلاحظه بشكل ملموس في المنهجيات التي نقلت إلينا رؤى المعلّمين من مختلف الدول العربيّة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعيهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ يجب علينا توعية ولي الأمر بدوره في العمليّة التعليميّة، والتعاون معه في مساعدة الطلبة على الارتقاء بمستواهم التعليميّ وحلّ مشكلاتهم. في البداية، كمعلّمة، إذا واجهت مشكلة مع الطلبة وحاولت التغلّب عليها بمفردي من دون أن أجد حلًّا جذريًّا، فإنّني أتّصل بولي الأمر وأعرض عليه المشكلة لنتعاون معًا على حلّها. على سبيل المثال، كنت أعاني مع أحد طلّابي في المرحلة الثانويّة مشكلةَ النوم أثناء الحصّة. في البداية، كنت أجعله يخرج ويغسل وجهه ثمّ يعود إلى الصفّ، ولكن من دون جدوى. وعندما تواصلت مع والدته وأخبرتها المشكلة، تبيّن أنّه كان يسهر مع هاتفه طوال الليل. بدأت الأمّ بحل المشكلة في المنزل، وبالفعل، أصبح الطالب يأتي إلى الصفّ منتبّهًا بعد أن حُلّت المشكلة من البيت.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ المعلّم من أكثر الفئات المجتمعيّة استهلاكًا، صحّيًّا ونفسيًّا. حيث يتعرّض إلى الإجهاد النفسيّ والعصبيّ بشكل كبير. ولكن إذا تعاملت مع التدريس على أنّه رسالة وليس مجرّد مهنة، فإنّ الأمور تصبح أكثر هدوءًا. من الضروريّ الاهتمام بجوانب الحياة المختلفة مثل الأسرة، وتخصيص وقت للأنشطة الرياضيّة. كما تجب الاستفادة من الإجازة الصيفيّة، لأخذ فترة استجمام وفصل مؤقّت من العمليّة التعليميّة، واستغلالها أيضًا لتطوير الذات.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أوّلًا، يجب تحديد الأولويات، أي ما هو الأهمّ ثمّ المهمّ، ووضع أهداف للأعباء المطلوبة. أحاول أخذ استراحة بين المهام الموكلة إليّ، وأضع جدولًا زمنيًّا محدّدًا لانتهاء هذه الأعمال.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ هو شعوري بأنّ حياتي ومهنتي لهما هدف سامٍ، وأنّني أسهم في بناء الأشخاص وأحتسب عملي لله. أمّا الأثر السلبيّ، فهو بالتأكيد في الصحّة العامّة، ويشمل الصداع وغيره من الأمراض المصاحبة للتدريس.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ بعد تخرّجي، وفي أوّل عمل لي، كنت أرتدي عباءة زرقاء، ولم أفطن إلى أنّ هذا الزيّ ليس مناسبًا لأنظمة المدرسة الرسميّة للفتيات. بينما كنت أقف في فناء المدرسة، فوجئت بمعلّم يصرخ في وجهي طالبًا منّي بسرعة التوجّه إلى فصلي. حاولت أن أردّ عليه، لكنّه لم يعطني الفرصة. عندما صعدت إلى مكتبي، تفاجأ المعلّم أنّني زميلته، وظلّ يعتذر لي لمدّة طويلة.  

عبد الله المكحّل- نائب مدير- الأردنّ

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ بدايةً الاستراتيجيّة وسيلة وليست هدفًا، بمعنى أنّها مجرّد وسيلة ناقلة للمهارة أو المعرفة، وما يحدّد نوع الاستراتيجيّة هو الخصائص العمريّة للطلّاب، وطبيعة المنهج والمعرفة والمهارة. لذا، خلال فتري عملي معلّمًا كان تركيزي على مجموعة من البُنى التعاونيّة التي تعزز ثلاثة أمور مقصودة عندي: - اكتشاف المعرفة. - التعبير عنها بلغة الطالب وأسلوبه. - احتفاظ هذه المعرفة في الذاكرة طويلة المدى.  ويتطلّب تطبيق أية استراتيجيّة تدريبًا عليها وصبرًا. ومع الوقت، يتقن المتعلّمون هذه الاستراتيجيّات، ويصبح تطبيقها آليًّا والتفاعل معها حماسيًّا.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ نعاني اليوم بقوّة صلابةً في كسر حواجز العلاقات مع طلّابنا، ويسري كثير من الجمود في الغرفة الصفّيّة. وتحوّلت بعض الغرف الصفّيّة إلى ما يشبه خطّ الإنتاج في المصانع، هذا كلّه من دون وجود تقنية وذكاء اصطناعيّ فما بالك مع وجودها؟ لكنّي أعتقد جازمًا أنّ توظيف التقنية والذكاء الاصطناعيّ سيكون له دور فاعل في بناء علاقات وجوانب إنسانيّة، إذا أحكم التخطيط لها؛ مثل توليد أسئلة تثير دافعيّة الطلّاب، وتوفير بدائل لمعزّزات تثير حماسهم وتفاعلهم، وبناء أنشطة تعطي المتعلّم فرصة ثانية للنجاح وتحقيق الهدف. وهذه جوانب تفاعليّة نسعى لها بقوّة، وهذا ما يسعى له الطلّاب من تحقّق العدالة وتكافؤ الفرص بغضّ النظر عن جنسهم وأصولهم ومستوياتهم، بعيدًا عن تحيّزات بعض المعلّمين في هذا الجانب. لكنّ كلّ هذا يجب أن يتمّ بعد تدريب المعلّمين وتأهيلهم، وليس الاقتصار على مجهودات فرديّة ومحاولات شخصيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ - كنت أشعر بالفوقيّة تجاه الطلّاب، وأنّ فيهم أسوأ الصفات الجهل وسوء الأدب على الرغم من أنّ سبب قدومهم إلى المدرسة كان من أجل أن نعلّمهم ونربّيهم. ولم أنتبه لمعنى أنّهم هنا لأعلّمهم وأربّيهم. - كنت أشعر بالندّيّة مع الطالب المشاغب، وأن سلوكه يستهدفني شخصيًّا. لذا، كان شعاري (يا أنا، يا هوَ)، وكنت أشعر بالحقد والغضب على من يكسر قوانيني. كنت أظنّ أنّ الطالب يعرف المطلوب منه إذا دخل الغرفة الصفّيّة، وعليه فورًا الالتزام من دون تنبيه أو تدريب أو تذكير. - كنت أركّز على التلقين وسرعة إنجاز الدروس. وكنت أظنّ أن وجود الطالب في الغرفة الصفّيّة يعني أنّه منتبه. وكنت أظنّ أنّ الدرس إذا كان واضحًا لي فهو أيضًا واضح للطالب. وكنت أظنّ أنّ عدم سؤال الطلّاب وعدم استفسارهم دليل على أنّهم يفهمون ما أقول. - كنت عندما أغضب من سلوك الصفّ أتوقّف عن الشرح، وأقول "انتهى شرح الدرس، اللي عنده سؤال يسأل". - كنت أتعرّف إلى مستويات الطلّاب فقط من خلال الاختبارات، وقبل ذلك لا أعرف مستوياتهم من خلال تشخيص تفاعلهم خلال الحصص مثلًا. - كنت في غرفة المعلّمين أتحدّث عن الطلّاب لا معهم، وكانت علاقتي بهم تنتهي مع قرع الجرس. - كنت أعتبر أنّ الاجتماع مع الإدارة مضيعة وقت. - كانت المناوبة في الساحة فرصة للدردشة مع زملاء العمل وليس لمتابعة الطلّاب. وأخيرًا، لا شك أنّ هناك الكثير من الأخطاء غير ما ذكرت، يقابلها كثير من النجاحات، عبر الاستفادة من برامج التدريب التي تسّرع الخبرة وتنمّيها وتجوّدها وتحسّن الأداء والعلاقات مع المتعلّمين.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ محور أي تدريب تربويّ لا يخرج عن مواضيع إدارة الصفّ واستراتيجيّات التدريس، لأنّ هذا جوهر عملنا نحن المعلّمين، وما يحدّد موضوع التدريب طبيعة التخصّصات ومستويات الخبرات. ولكن إذا ترك الأمر لي لأختار، فسوف اختار تدريب المعلّمين على الصلابة النفسيّة ومقاومة الضغوطات والتوتّرات، بما يعزّز لديهم القدرة على الحفاظ على الصحّة البدنيّة والنفسيّة، فهذا موضوع تمسّ الحاجة إليه كثيرًا.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ شكرا على هذا السؤال القيّم، أكثر ما نحتاج إليه اليوم هو التواصل من خلال تطبيقات داعمة للتشبيك الخبراتيّ، ويعتبر التشبيك الحيّ أفضل من المسّجل، ولا سيّما عبر تطبيقات البثّ المباشر، ما يعزّز التفاعل وطرح أسئلة واستقبال إجابات.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ تختلف مشاركة أولياء الأمور في تعليم أطفالهم باختلاف مراحل الأطفال العمريّة، لكنّي مع فكرة إنجاز الطالب لجميع متطلّبات العمل في المدرسة، وعد أخذ معه شيئًا للبيت، لأنّ أعباء أولياء الأمور تكاثرت وهناك تغيّر اجتماعيّ ضيّقَ من الخُلق والوقت عند أولياء الأمور، فنشأت مشاجرات بين الأمّهات والآباء وأولادهم بسبب متطلّبات الدراسة، علمًا أنّ الحلّ كان بيدنا معلّمين وإدارة مدرسة.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ هذا سؤال المليون، كانت أعباء العمل في التعليم شيء لا يكاد يذكر، أيّام الكُتّاب وحلقات التعليم، لكن عندما أصبح التعليم مهنة ذات راتب، دخل عليها بعض من ليس أهلًا لها، وأصبح التعليم إلزاميًّا للأطفال، فدخل التعليم من لا يريد التعليم ولا يسعى له. ومع منع رسوب الطلّاب مهما كان مستواهم، ومع ظهور المدارس الخاصّة التي تفوّقت على المدارس الحكوميّة من حيث التجهيزات، ظهرت الأعباء التي تقلّص من جودة حياة المعلّمين. لكنّي سوف أختصر الجواب في جملتين: دومًا التخطيط المسبق يوفّر وقتنا خلال العام الدراسيّ، ويعطينا مساحة لإنجاز بعض التكليفات ذات الأولويّة. ودومًا الإجراءات الوقائيّة لإدارة سلوك الطلّاب أفضل من الإجراءات العلاجيّة، وهذا كلّه يعزّز جودة حياة المعلّمين خلال وقت العمل وخارجه.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ جرّبتُ أمورًا كثيرةً لإنجاز الأعباء، كان أفضلها تدريس الصفوف ذاتها للأعوام التالية. هذا يعطيني فرصة لاستثمار التخطيط وأوراق العمل وخطط الأنشطة في السنوات السابقة، مع التعديل عليها من باب تطويرها والبناء عليها، بما يعزّز كوني في كلّ عام أفضل من سابقه.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. انعكس عملي في التعليم على سلوكي خارج التعليم، ما عزّز عندي ممارسة التربية في سائر شؤون حياتي، سواء في بيتي أو حتّى في الشارع، فلا أسمع كلمة غير مناسبة إلّا وأستوقف الطفل، وأدير معه حوارًا عمّا قاله لغرض إنكار ما سمعته منه. وكذلك عندما أشاهد مشاجرات وتنمّر الأطفال، أسعى فورًا للتدخل، وأعتبر هذا أثرًا إيجابيًّا، لأنّ هذا غرضنا في مهنة التعليم: التغيير في الناس تغييرًا إيجابيًّا، وإحداث فرق في سلوكهم، فلا يكفي أن يكون الإنسان صالحًا، بل يجب أن يكون مُصلحًا.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في حكم خبرة ممتدّة عبر 33 سنة، مرّت بي مواقف كثيرة بعضها لا ينسى، وبعضها غاب مع مرور الأيّام. لكن، لا أنسى أني راقبت في اختبار للصفّ السادس عندما كنت معلّمًا مغتربًا، ووجدت مع طالب ورقة للغشّ، وتبين لي أنّها ليست بخّطه، بل بخطّ شخص كبير. وعندما سألته عنها، قال لي "أمّي كتبتها لي وقالت استخدمها عندما تحتاج إليها".  

وليد إمبارك- معلّم لغة فرنسيّة- قطر

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ إذا كنت طالبًا اليوم، فإنّ شكلي المفضّل من التعليم سيجمع بين أفضل الاستراتيجيّات التقليديّة والحديثة. سأزدهر في بيئة ديناميكيّة تجمع بين التفاعلات المنظّمة في الفصول الدراسيّة، والكتب المدرسيّة، ومرونة الموارد عبر الإنترنت، وتقنيّات التعلّم التكيّفيّة. يمكن أن يدفع التدريس الكلاسيكيّ بالطرق الأساسيّة المتعلّم أيضًا إلى التعلّم وتطوير دماغه، من خلال التكرار والتمارين التي تظلّ أفضل صيغ التعلّم المستدام. لن يقتصر هذا النهج على التعلّم المختلط الأكثر جاذبيّة وكفاءة فحسب، بل سيعدّني أيضًا لتحدّيات وفرص المستقبل.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن التوفيق بين المهارات الاجتماعيّة والمعرفة العلميّة في البرامج التعليميّة الحديثة، من خلال مناهج متعدّدة التخصّصات وتعاونيّة. تعزّز المشاريع الجماعيّة والتعلّم القائم على المشاريع (PBL)، والمناقشات حول الموضوعات العلميّة الحاليّة، كلًّا من المهارات الشخصيّة، والفهم العلميّ. ويسهّل استخدام التقنيّات التفاعليّة، مثل منصّات التعلّم الإلكترونيّ والمحاكاة الافتراضيّة، هذا التكامل، ما يجعل التعليم أكثر جاذبيّة وتوازنًا.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ لا أرى التعلّم خارج صوت المعلّم، فهو المحفّز لعلاقة قويّة ودائمة مع التلاميذ. نتحدّث اليوم عن استراتيجيّات التعلّم، وغيرها من التقنيات الأخرى، لتيسير التعلّم. ولكن بالنسبة إليّ، فإنّ الاستراتيجيّة الحقيقيّة السليمة والفعّالة والفاعلة هي المشاركة العاطفيّة للمعلّم في الفصل الدراسيّ. إنّ صوت المعلّم مهمّ للغاية، لأنّه يوجّه الطلّاب ويلهمهم، فهو لا ينقل المعرفة الأكاديميّة فحسب، بل أيضًا قيم الحياة ومهاراتها الأساسيّة. يؤدّي المعلّم دورًا رئيسًا في تشكيل التفكير النقديّ والفضول الفكريّ والثقة بالنفس لدى الطلّاب. وبالتالي، فالمعلّم ركيزة أساسيّة في التنمية التعليميّة والاجتماعيّة للأجيال الشابّة.      ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تشمل الأساليب الأكثر فاعليّة لحلّ النزاعات بين الطلّاب في الفصل، الوساطة بين الأقران، والتواصل المفتوح، والتدخّل المنظّم من قبل المعلّم. تتيح الوساطة بين الأقران للطلّاب المدرّبين على هذه المهمّة، مساعدة زملائهم في العثور على حلول ودّيّة. ويشجّع التواصل المفتوح، والذي يحفّزه المعلّم، الطلّاب على التعبير عن مشاعرهم والاستماع إلى وجهات نظر الآخرين، ما يعزّز الفهم المتبادل. كما يساعد التدخّل المنظّم من قبل المعلّم، والذي يشمل المناقشات الموجهة والأنشطة لحلّ النزاعات، في معالجة المشاكل بشكلٍ بنّاء.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ ينطوي استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التعليم على العديد من المزايا، بما في ذلك جعل الموارد التعليميّة أكثر سهولة وتفاعليّة، وإضفاء الطابع الشخصيّ على مسارات التعلّم، وتسهيل التعاون والتواصل. ومع ذلك، هناك أيضًا قيود، مثل الوصول غير المتكافئ إلى التكنولوجيا، والتشتّت المحتمل، والحمل الزائد للمعلومات، والاعتماد المفرط على المعلومات التي يمكن أن تعيق تطوير المهارات الأساسيّة. لذلك من الضروريّ تحقيق التوازن بين دمج التقنيّات واستراتيجيّات إدارة هذه التحدّيات، من أجل ضمان التعليم الشامل والفعّال.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ يمكن أن يشكّل تدخّل الوالدين مصدرًا قيّمًا لدعم تعلّم أطفالهم، لكنّ فعاليّته تعتمد على كيفيّة حدوثه وتوقيته. وعندما يشاركُ الوالدان بشكل إيجابيّ وبنّاء، ويتعاونان مع المعلّمين ويخلقان بيئة مواتية للدراسة المنزليّة، يمكنهما تعزيز دافعيّة طفلهما ونجاحه في المدرسة. ومع ذلك، فإنّ التدخّل المفرط أو غير المناسب قد يؤدّي إلى توتّر وقلق لدى الأطفال، أو حتّى الإضرار باستقلاليّتهم وقدرتهم على حلّ المشاكل بأنفسهم. يكون تدخل الوالدين أكثر ملاءمة عندما يهدف إلى التشجيع والدعم، بدلًا من التحكّم أو الانتقاد، وعندما يحترم حدود استقلاليّة الطفل. بالنسبةِ إليّ، أؤيّد فكرة أنّ دور الوالدين هو أن يحبّا أطفالهما بكلّ ما يعنيه الحبّ. وعلى وجه الخصوص، أن يهتمّا بهم ويستمعا إليهم ويتفهّماهم، ويتحمّلا أصعب لحظاتهم، لأنّ الحبّ يوفّر شعورًا بالراحة النفسيّة والأمان، والذي يمكن أن يؤدّي إلى النجاح الأكاديميّ الذي نبحث عنه.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا أعتقد أن الوقت حان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ تمامًا. وفي حين أنّ التقنيّات الرقميّة توفّر فوائدَ عديدة، مثل الوصول السريع إلى المعلومات والموارد التفاعليّة، ما يزال للكتب المدرسيّة التقليديّة مكان في التعليم. فهي توفّر مصدرًا موثوقًا ومنظّمًا للمعرفة، وخالية من المشتّتات الرقميّة، وتسمح للطلّاب بالعمل من دون الحاجة إلى معدّات إلكترونيّة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدّي القراءة على الورق إلى تحسين الاحتفاظ بالمعلومات وتركيزها. ولذلك، سيكون من الأفضل الجمع بين الكتب المدرسيّة والأدوات الرقميّة للاستفادة من مزايا كلا النهجين، وتوفير تعليم متوازن وشامل للجميع.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. سأكون مباشرًا للغاية وسأقول إنّني أحبّ وظيفتي التي أعتبرها رحلة لا نهاية لها، وطريقًا مليئًا بالسعادة على الرغم من التحدّيات المختلفة. الكتاب الذي أختاره، والذي يترجم مسيرتي هو كتاب باولو كويلّو: "الخيميائيّ"، وهي رواية تسلّط الضوء على رحلة سانتياغو؛ الراعي الأندلسيّ الشّاب، في البحث عن كنز مدفون بالقرب من أهرامات مصر. يواجه سانتياغو العديد من التحدّيات، ويتعرّف إلى شخصيّات مختلفة خلال رحلته، ما يثير مواضيعَ البحث عن الذات وتحقيق الأحلام والشجاعة. تعتبر الرواية إلهاميّة وتحظى بشعبيّة كبيرة عالميًّا، ما يجعلها واحدة من أبرز الأعمال الأدبيّة في العصر الحديث. أشعر بأنني مثل سانتياغو، فأنا أسافر بحثًا عن السعادة التي أجدها في صفّي مع طلّابي.    

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

أفضل الطرق لتحسين مهارات التفكير الناقد عند الطفل

يعدّ التفكير الناقد مهارة حيويّة تمكِّن الأفراد من تحليل المعلومات وتفسيرها وتقييمها تقييمًا فعّالًا. وغرس هذه المهارة في الأطفال منذ الصغر يمكّنهم من التعلّم وحلّ المشكلات، حيث يُعدّ تعزيز مهارات التفكير الناقد عند الأطفال جانبًا رئيسًا من تطوّرهم المعرفيّ والعلميّ والاجتماعيّ. في هذا المقال، نستكشف بعض أفضل الطرق لتعزيز مهارات التفكير الناقد عند الطفل.    ما مهارات التفكير الناقد؟  التفكير الناقد مجموعة من المهارات والعادات العقليّة، بما في ذلك القدرة على تحديد المشكلة، وتحديد الافتراضات، وتحليل الأفكار وتقييمها، ثمّ وضع قائمة منهجيّة للأسباب المحتملة المختلفة، أو إنشاء حلول معقولة، أو تقييم صحّتها باستخدام التفكير المنطقيّ. ويتضمّن كذلك القدرة على إنشاء روابط إبداعيّة بين الأفكار من مختلف التخصّصات.    كيف يمكن تحسين مهارات التفكير الناقد عند الطفل؟  يزوِّد التفكير الناقد العقول اليانعة بالقدرة على تحليل المعلومات، وحلّ المشكلات، واتّخاذ قرارات مستنيرة. إليك طرق اتّباع بعض الأساليب لزرع مهارات التفكير الناقد في طفلك:     تشجيع الفضول  الفضول شرارة تشعل التفكير الناقد عند طفلك. لذلك، شجّعه على طرح الأسئلة واستكشاف العالم من حوله، واخلق له بيئة تمكّنه من إشباع فضوله وتوفّر له الفرص للتجارب الحيويّة على أرض الواقع. يمكن للرحلات إلى المتاحف والنزهات الطبيعيّة والتجارب الجديدة أن تحفِّز فضول الطفل الطبيعيّ وتعزِّز حبّ التعلّم.    تعزيز عقليّة النموّ  اغرس خصال التطوّر المعرفيّ في ذهن طفلك، كونها قدرات تُصقَل بالجهد والمثابرة، حيث تعزِّز عقليّة النموّ مرونة طفلك في مواجهة التحدّيات، وتشجِّعه على النظر إلى العثرات بأنّها فرص للنموّ. لذلك، امدح جهود طفلك وركِّز على قيمة العمل الجاد والتفاني في تحقيق النجاح.    المشاركة في النقاشات المفتوحة  شجِّع النقاشات المفتوحة التي تتطلّب أكثر من مجرّد إجابات بسيطة ومحدّدة، لأنّ المشاركة في المحادثات التي تكشف وجهات نظر مختلفة تساعد الأطفال على تطوير القدرة على النظر من زوايا متعدّدة. كما تضع هذه الوسيلة أساس التفكير الناقد، بتعليم الطفل تحليل المواقف من جهات مختلفة.    تقديم أنشطة حلّ المشكلات  اعرض بعض المشكلات المناسبة لعمر طفلك، والتي تشجِّع على التفكير الناقد وإيجاد الحلول، حيث تتحدّى ألعاب الألغاز والمسابقات الذهنيّة والأنشطة التعاونيّة قدرات طفلك المعرفيّة، وتعزِّز تفكيره المنطقيّ. عقِّد له المشكلات تدريجيًّا مع تطوّر مهاراته، ممّا يضمن تقدّمًا تدريجيًّا في قدرات تفكيره الناقد.   قراءة الكتب ومناقشتها  تمثّل القراءة أداة قويّة لتنمية معرفة طفلك. اختر كتابًا يجذب طفلك لقراءته، وأشرِكه في محادثات حول الشخصيّات والحبكة والنهايات البديلة المحتملة، إذ لا يعزِّز ذلك لديه مهارات الفهم فحسب، بل يشجّع قدرته على التفكير التحليليّ والإبداع أيضًا.   تعليم مهارات اتّخاذ القرار  اسمح لطفلك باتّخاذ القرارات ضمن الحدود المناسبة، مثل اختيار الأنشطة أو حلّ المشكلات اليوميّة، حيث يغرس ذلك الشعور بالمسؤوليّة، ويساعد على تطوير مهارات تفكيره الناقد. ناقش أسباب اتّخاذه قرارات معيّنة، وقارن بين إيجابيّاتها وسلبيّاتها لتعزّز قدراته على اتّخاذ القرار.    تشجيع التأمّل الذاتيّ يُعزَّز التأمّل الذاتيّ بتشجيع طفلك، على التفكير في أفكاره وأفعاله. اطرح أسئلة تدفعه إلى التفكير في سبب اختياره قرار معيّن، أو كيفيّة تعامله مع الموقف بطريقة مختلفة. فالتأمّل يعزِّز ما وراء المعرفة، وهو عنصر رئيس في التفكير الناقد.    مساعدة الطفل على تطوير الفرضيّات  يعدّ تخصيص بعض الوقت لتكوين الفرضيّات أثناء اللعب، أو مشاهدة التلفاز والقراءة، وغيرها من الأنشطة التي تؤدّيها برفقة طفلك، بمثابة تمرين لمهارات التفكير الناقد. حاول أن تسأل طفلك: "إذا فعلنا هذا، ما الذي سيحدث في رأيك؟" أو "دعنا نتوقّع ما نعتقد أنّه سيحدث بعد ذلك."    تجنّب التدخّل الفوريّ  نموّ طفلك منوط بالتحدّيات التي يجدها أمامه. لذلك، أمهله بعض الوقت ليحاول أن يتجاوزها بنفسه، وانتظر وراقب قبل أن تتدخّل وتساعد طفلك في حلّ أيّ مشكلة.    دمج التكنولوجيا  في العصر الرقميّ الحاليّ، يمكن أن تكون التكنولوجيا أداة جيّدة لتحسين مهارات التفكير الناقد عند الطفل. يمكن للتطبيقات التعليميّة التفاعليّة والألغاز والألعاب المصمّمة لتحدّي قدرات حلّ المشكلات إشراك الأطفال في بيئة تعليميّة ديناميكيّة. ومع ذلك، من الضروريّ استخدام التكنولوجيا بعناية والتأكّد من أنّ الأنشطة مناسبة لعمره. وعليه، يمكنك تزويد طفلك بفرص متنوّعة لتطبيق مهارات التفكير الناقد في سياق رقميّ، وإعداده لمواجهة تحدّيات عالم تقوده التكنولوجيا، بدمج التكنولوجيا دمجًا استراتيجيًّا.   * * * تنمية مهارات التفكير الناقد عند الأطفال عمليّة متعدّدة الأوجه، تتضمّن تعزيز الفضول ومواجهة التحدّيات. فيمكن للوالدين والمعلّمين خلق بيئة تحفِّز التطوّر المعرفيّ، وتمكِّن الأطفال ليصبحوا نقّادًا ومفكِّرين تحليليّين، بدمج هذه الاستراتيجيّات في التفاعلات اليوميّة.   المراجع https://www.brighthorizons.com/resources/Article/developing-critical-thinking-skills-in-children      

ثمان نصائح فعّالة لتحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة

مع إدراك الوالدين والمعلّمين إدراكًا متزايدًا أهمّيّة إتقان اللغات المتعدّدة في مجتمع عالميّ ومترابط، أصبح تحفيز الأطفال على اكتساب لغة معقّدة مثل اللغة العربيّة مهمّة محوريّة. فأصبح تطوير نهج استراتيجيّ وموجَّه نحو التعليم أمرًا ضروريًّا لضمان المشاركة المستدامة والنجاح في اكتساب اللغة العربيّة. وإذا كنت تودّ تعليم العربيّة لطفلك غير المتحدّث بها، أو تحسينها لطفلك المتحدّث بها، فهناك وسائل عديدة تمكّنك من مساعدته على ذلك. في ما يلي ثمان نصائح تفصيليّة ومهنيّة لتحفيز الأطفال على تعلّم اللغة العربيّة.   بمَ تتفرّد اللغة العربيّة؟  للغة العربيّة، من بين لغات العالم، ميزات فريدة، تجعلها نظامًا لغويًّا رائعًا ومتميّزًا. ويمكن أن يوفِّر فهم هذه الخصائص رؤى قيّمة حول تحدّيات تعلّم العربيّة ومكافآته. إليك أبرزها:   المفردات الواسعة   تتمّيز اللغة العربيّة بمفرداتها الواسعة، مع العديد من الكلمات التي تعبِّر عن معاني دقيقة. علاوة على ذلك، هناك أنواع مختلفة من اللغة العربيّة، بما في ذلك اللهجات القديمة والفصحى الحديثة والعديد من اللهجات الإقليميّة، ويخدم كلّ اختلاف أغراضًا محدّدة، بدءًا من التواصل الكتابيّ الرسميّ، وصولًا إلى التفاعلات المنطوقة اليوميّة، ممّا يضيف طبقات من التعقيد إلى اكتساب اللغة.    المرونة والتطوّر  على مرّ التاريخ، أظهرت اللغة العربيّة المرونة والقدرة على التكيّف، فقد تطوّرت مع الحفاظ على ارتباط قويّ بجذورها. وتتجلّى هذه المرونة في استخدامها المستمرّ، لغةً للعلم والأدب، جنبًا إلى جنب مع التواصل اليوميّ ضمن مساحة جغرافيّة وثقافيّة واسعة.    طريقة الكتابة  يُكتَب النصّ العربيّ من اليمين إلى اليسار، وهو خروج نصّيّ عن الشائع في العديد من اللغات التي تُكتب من اليسار إلى اليمين. كما تضيف طبيعة أحرف العربيّة المتّصلة جانبًا بصريًّا فريدًا من نوعه، بالإضافة إلى الخط العربيّ الفنّيّ والخاصّ باللغة، والذي يزيد من جماليّة النص وأناقته.    الضمائر والتمايز بين الجنسين  في اللغة العربيّة صيغة مزدوجة للأسماء والضمائر، ممّا يسمح للمتحدّثين بالتمييز بين المفرد والمثنّى والجمع. بالإضافة إلى ذلك، يؤدّي الجنس (الجندر) دورًا حاسمًا، حيث تُخصَّص الأسماء والضمائر إمّا للمذكّر أو المؤنّث. من هنا، يشكِّل هذا التمايز بين الجنسين سمة نحويّة تتطلّب الاهتمام بالتفاصيل في التواصل.    كيف يمكن تحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة؟  إليك أهمّ الاستراتيجيّات التي يمكنك اتّباعها لتحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة:    تشجيع تفاعل طفلك بين أقرانه  للتعلّم ضمن مجموعات فوائد تعليميّة ومعرفيّة كثيرة لدى الأطفال، ولا سيّما في تعلّم اللغة. يمكنك تشجيع طفلك على التفاعل مع أقرانه الذين يتعلّمون اللغة العربيّة أيضًا، ويمكن أن يكون ذلك في نوادي اللغة أو منتديات الإنترنت، أو بأنشطة لغويّة مع أصدقائهم المقرّبين. الأمر الذي يسهِّل عمليّة تعلّم العربيّة ويجعلها ممتعة أكثر.   دمج الأنشطة الثقافيّة عرِّف طفلك إلى جمال الثقافة العربيّة وتاريخ استخدامها في الفنّ والأدب والعلم والحضارات المختلفة. فلا تؤدّي المشاركة في الأنشطة الثقافيّة إلى تعميق تقديرهم اللغة فحسب، بل تجعل تجربة التعلّم أكثر شموليّة ومتعة أيضًا.    دمج التكنولوجيا  هناك العديد من التطبيقات وبرامج تعلّم اللغة التي تقدِّم تمارين تفاعليّة مع تقييمات متخصّصة. اختر أنسبها وتأكّد من مدى توافقها مع أهداف طفلك لتعلّم العربيّة. بالإضافة إلى ذلك، عزِّز مشاركة طفلك النشطة في التعلّم الحديث، بدلًا من الاستهلاك السلبيّ للتكنولوجيا.    الاستفادة من المواد التعليميّة القائمة على الأبحاث  استثمر في الموارد التعليميّة، بما في ذلك التي تتضمّن بناء المفردات، وتمارين القواعد، والسياق الثقافيّ. واستخدم الكتب المدرسيّة المعروفة، وبرامج تعلّم اللغة، والمنصّات الرقميّة التي تقدّم مناهج شاملة.    وضع أهداف وتنفيذ تقييمات  ضع أهدافًا واضحة وقابلة للتحقيق لإتقان طفلك اللغة العربيّة، وقيّمها بانتظام باستخدام مقاييس موضوعيّة، مثل اختبارات الكفاءة اللغويّة الموحَّدة أو التقييمات الخاصّة بالمهمّات المنزليّة، حيث توفِّر التقييمات المبنية على الأهداف شعورًا بالإنجاز والتوجيه، ممّا يحفِّز طفلك على السعي من أجل التحسين المستمرّ.   إنشاء روتين تعلّم منظَّم  خصِّص وقتًا لدراسة مهارات اللغة العربيّة وفق جدول تعليميّ متّسق ومنظَّم، وتأكّد من مناسبة الروتين عمر الطفل، ومدى انتباهه، والتزاماته الأكاديميّة الأخرى. فالاتّساق الزمنيّ يعزِّز الانضباط في تعلّم اللغة.    خلق بيئة محفِّزة لتعلّم اللغة العربيّة  أحط طفلك باللغة العربيّة قدر الإمكان، كتسمية الأدوات المنزليّة بمعانيها العربيّة المعروفة، أو تشغيل الموسيقى العربيّة، أو مشاهدة البرامج والعروض العربيّة معه، شريطة أن تكون مناسبة لعمره. وبكلام عام، اجعل اللغة العربيّة جزءًا طبيعيًّا ومتكاملًا من حياة طفلك اليوميّة.    تعزيز المطالعة  من المفيد تعزيز المطالعة بالعربيّة عند طفلك، بل مشاركته في هذا النشاط، حيث تقرأ معه القصص، وربّما المقالات، وتناقشه فيها بما يسمح له باكتشاف قرب القصص العربيّة وأفكارها من حياته اليوميّة واهتماماته.    * * * تذَّكر أنّ تعلّم اللغة ليس مجرّد مهارة، بل بوّابة لفهم العالم بمجالاته المتنوّعة. فتحفيز طفلك على تعلّم لغة جديدة، مثل اللغة العربيّة، يتطلّب مزيجًا من الإبداع والتشجيع وسط بيئة تدعم هذا المسعى. فبجعل تجربة التعلّم أكثر صلة باللغة، ودمج الموارد المتاحة، وتشجيع التفاعل بين طفلك وأقرانه، ودمج الأنشطة الثقافيّة، يمكنك إشعال حماس طفلك للغة والثقافة العربيّة.  

وعي الأطفال البيئيّ: كيفيّة زرع الوعي بالبيئة في نفوس الأطفال

يُعدّ زرع الوعي البيئيّ في الأطفال استثمارًا في مستقبلهم ومستقبل كوكب الأرض عامّةً، إذ يمكِّن الوعي بالبيئة والمخاطر التي تُحدّق بها الجيل القادم من اتّخاذ خيارات بيئيّة صحّيّة، واتّخاذ إجراءات عمليّة قد تسهم في حماية العالم الطبيعيّ.   أهمّيّة التثقيف وزرع الوعي البيئيّ في الأطفال  بصفتهم صانعي القرار في المستقبل، يحتاج الأطفال إلى تطوير عقليّة بيئيّة منذ صغرهم، لمواجهة التحدّيات البيئيّة، مثل تغيّر المناخ والتلوّث وندرة الموارد. لذلك، فزرع الوعي البيئيّ في نفوس الأطفال مفتاحُ خلق عالم أكثر استدامة. ويمكن تلخيص أهمّيّة التثقيف وتوعية الأطفال البيئيّة على النحو الآتي:  - يثير الاتّصال المتكرِّر بالطبيعة والتعرّف إلى عجائبها فضول الطفل الطبيعيّ؛ ممّا ينمّي عنده ثقافة التساؤل والبحث.  - يساعد التعليم البيئيّ الأطفال على تنمية الاتّصال والارتباط بالطبيعة منذ الصغر؛ ممّا يقودهم إلى الرغبة في حماية البيئة في وقت لاحق من حياتهم.  - يساعد تعليم الأطفال حول القضايا البيئيّة والممارسات المستدامة في سنّ مبكرة على تشكيل سلوكاتهم وقيمهم على المدى الطويل، إذ يمتصّ الأطفال العادات البيئيّة التي يتعلّمونها ويطبّقونها. لذلك، من الضروريّ للوالدين والمعلّمين تقديم نموذج وخيارات صديقة للبيئة.  - يعزِّز التعليم البيئيّ تفكير الأطفال النقديّ ومهاراتهم في حلّ المشكلات، ويلهمهم ليصبحوا أكثر انخراطًا في مجتمعاتهم. كما أنّ لزرع الوعي البيئيّ في نفوس الأطفال تأثيرات إيجابيّة في أدائهم الأكاديميّ في موضوعات أخرى، مثل الرياضيّات والعلوم.    كيفيّة زيادة وعي الأطفال البيئيّ السبيل إلى جعل الطفل يولي اهتمامًا بالبيئة، جعلُ الوعي البيئي جزءًا طبيعيًّا من حياته اليوميّة، وذلك بالمناقشة المفتوحة والتعلّم العمليّ عن البيئة. ويمكن تطبيق بعض الاستراتيجيّات لزرع وعي الأطفال البيئيّ، منها: - التعليم بالقدوة: الطريقة الأكثر فعّاليّة لتعليم الأطفال عن الوعي البيئيّ هي نموذج السلوكات المستدامة والصديقة للبيئة. على سبيل المثال، يمكن للوالدين إعادة التدوير، وإطفاء الأنوار غير المستخدمة، واستخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام، مع ضرورة أن يشرحوا لهم سبب القيام بهذه السلوكات.  - إضافة المتعة إلى التعليم: يتعلّم الأطفال تعلّمًا أفضل باللعب والأنشطة العمليّة. لذلك، يُنصَح بدمج الألعاب والتجارب والاستكشاف في الهواء الطلق، لتعليم الأطفال عن الطبيعة وإعادة التدوير بطريقة ممتعة.  - شرح الأسباب الكامنة وراء الإجراءات البيئيّة: لا يكفي إخبار الأطفال بإعادة التدوير فحسب، بل يجب على الوالدين والمعلّمين شرح أين تذهب المواد القابلة لإعادة التدوير؟ وكيف يعاد استخدامها؟ ولمَ يعدّ ذلك مهمًّا للكوكب.  - الرحلات الاستكشافيّة: يساعد قضاء الوقت في الطبيعة الأطفال على تطوير الاتّصال بالبيئة، ويمكن للوالدين والمدارس تنظيم نشاطات في أحضان الطبيعة، مثل المشي لمسافات طويلة، أو زرع حديقة، أو مشاهدة النباتات والحيوانات المتواجدة في بيئة الطفل.  - إشراك الأطفال في صنع القرار: يكون ذلك بالسماح لهم بالتفكير بخيارات أكثر استدامة، مثل المنتجات الصديقة للبيئة التي يجب شراؤها. هذا يساعدهم على الشعور بالتمكين والمسؤوليّة في حماية البيئة.  - تعليم أسس الاستدامة: تقديم مفاهيم مثل الموارد المتجدّدة، مقابل الموارد غير المتجدّدة، يساعد على زرع وعي الأطفال البيئيّ وفهمهم قضايا البيئة فهمًا أفضل.  - استخدام الموارد المتاحة على الإنترنت: هناك العديد من مقاطع الفيديو والتطبيقات والألعاب التعليميّة التي يمكن أن تقدِّم دروسًا حول البيئة تقديمًا ممتعًا وتفاعليًّا.    هوايات تنمّي وعي الأطفال البيئيّ يكمن المفتاح في اختيار الهوايات التي تجعل الأطفال يشاركون بنشاط، في الطبيعة والاستدامة. مع بعض الإبداع، يمكن أن تكون الهوايات الصديقة للبيئة ممتعة وتعليميّة وجيّدة للكوكب. - البستنة وزراعة النباتات: تعدّ زراعة حديقة المنزل، أو زراعة نباتات في الشرفة، أو على الشبّاك، طريقة رائعة للأطفال للتعرّف إلى الطبيعة والبيئة. يمكن للأطفال زراعة الخضروات أو الأعشاب أو الزهور، باستخدام ممارسات البستنة المستدامة. يحبّ الأطفال مشاهدة نباتاتهم تنمو، ويشعرون بالإنجاز عند تناول الخضروات التي نضجت على أيديهم.  - مراقبة الطيور الطبيعة: يساعد تشجيع الأطفال على مراقبة الطيور والحشرات والحياة البرّيّة الأخرى في حديقة المنزل، أو في الحدائق العامّة، إن كانت متوفّرة، على تقدير العالم الطبيعيّ. يمكن للوالدين توفير غذاء للطيور ومشاركة الأطفال في إطعامهم.  - فنون إعادة التدوير وحرفها: يمكن للوالدين والمعلّمين مشاركة الأطفال في صنع مشاريع فنّيّة من المواد المعاد تدويرها، مثل الورق والزجاجات البلاستيكيّة وقصاصات القماش. هذا يعلّمهم إعادة استخدام المواد التي قد ينتهي بها الأمر في سلّة المهملات وتوظيفها. - مغامرات في الهواء الطلق: استكشاف الطبيعة بالمشي لمسافات طويلة والتخييم والسباحة والأنشطة الخارجيّة الأخرى المتاحة، حيث يساعد التواجد في الطبيعة الأطفال على زيادة الوعي البيئيّ.  - مشاريع العلوم: تشجيع الأطفال على المشاركة في مشاريع العلوم التي تنظّمها المدرسة؛ ممّا يسمح للأطفال بالإسهام في البحث العلميّ الذي يُشركهم في الوعي البيئيّ.   أنشطة بسيطة لتعليم الأطفال إعادة التدوير  تعليم الأطفال عن إعادة التدوير يغرس فيهم الوعي البيئيّ والعادات المستدامة. كما يوفِّر لهم فرصًا تعليميّة عمليّة ويشجِّعهم على الإبداع. بالإضافة إلى أنّ سلوكات إعادة التدوير تُعزِّز المواطنة الأخلاقيّة. وهذا ضروريّ لتربية جيل قادم من الأفراد المهتمّين بالبيئة.  يمكن للوالدين أو المعلّمين مشاركة الأطفال في العديد من الأنشطة الإبداعيّة والجذّابة، والتي يمكن أن تساعدهم على فهم أهمّيّة إعادة التدوير وتقديرها. وفي ما يلي بعض الطرق لجعل إعادة التدوير ممتعة للأطفال:  - صناديق إعادة التدوير: تلوين أو تزيين صناديق إعادة التدوير بألوان وملصقات ممتعة، لجعلها جذّابة بصريًّا. يمكن أن يشجِّع ذلك الأطفال على استخدام صناديق إعادة التدوير.  - المشاريع الإبداعيّة: إشراك الأطفال في المشاريع الإبداعيّة باستخدام المواد المعاد تدويرها. على سبيل المثال، صناعة سيّارة لعبة من صناديق ورق مقوى وأغطية زجاجات العجلات البلاستيكيّة، أو صنع فسيفساء من نفايات البلاستيك الملوّنة.  - الحرف المعاد تدويرها: تشجيع الأطفال على صنع الحرف اليدويّة باستخدام مواد معاد تدويرها، مثل صناعة حافظة أقلام مكتبيّة من بقايا لفّافات ورق المرحاض.  - فرز الألعاب: مشاركة الأطفال في ألعاب الفرز، لتعليمهم العناصر التي تمكن إعادة تدويرها، والتي لا تمكن إعادة تدويرها. - البدائل الخالية من النفايات: تعليم الأطفال البدائلَ الخالية من النفايات.  - الأنشطة التعليميّة: استخدام الأنشطة التعليميّة، مثل بناء الروبوتات من صناديق الكرتون وحاويات الزبادي، وقراءة كتب حول إعادة التدوير.  - الرحلات الميدانيّة: تنظيم رحلات ميدانيّة إلى الحدائق المحلّيّة، لجمع المواد القابلة لإعادة التدوير. كما يمكن تنظيم رحلات مدرسيّة إلى مراكز إعادة التدوير إن توفّرت، والتعرّف إلى عمليّة إعادة التدوير.    * * * في النهاية، يشكِّل زرع الوعي البيئيّ في نفوس الأطفال خطوة مهمّة على طريق الحفاظ على البيئة ومنعها من التدهور أكثر، بالإضافة إلى إسهام الأطفال أنفسهم في الحفاظ على البيئة، ليكونوا بعد سنوات أفرادًا فاعلين في مجتمعاتهم، ويمكنهم التأثير في محيطهم وقيادته نحو سلوكات صديقة للبيئة.    المراجع https://naturpac.org/news/why-is-environmental-education-so-important-to-children/  https://naitreetgrandir.com/en/feature/raising-children-environmental-awareness/  https://www.ecoideaz.com/expert-corner/how-to-cultivate-environmental-awareness-in-children  https://bester.energy/en/how-to-create-environmental-awareness-in-our-children/  https://smallandwild.com/blogs/small-wild/5-eco-friendly-creative-activities-for-winter-half-term  https://runwildmychild.com/sustainability-activities-for-kids/  https://naturespath.com/blogs/posts/19-activities-kids-learn-recycling  https://www.howlifeunfolds.com/sustainability/how-teach-kids-make-recycling-habit