وليد إمبارك- معلّم لغة فرنسيّة- قطر
وليد إمبارك- معلّم لغة فرنسيّة- قطر
2024/08/15

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

إذا كنت طالبًا اليوم، فإنّ شكلي المفضّل من التعليم سيجمع بين أفضل الاستراتيجيّات التقليديّة والحديثة. سأزدهر في بيئة ديناميكيّة تجمع بين التفاعلات المنظّمة في الفصول الدراسيّة، والكتب المدرسيّة، ومرونة الموارد عبر الإنترنت، وتقنيّات التعلّم التكيّفيّة.

يمكن أن يدفع التدريس الكلاسيكيّ بالطرق الأساسيّة المتعلّم أيضًا إلى التعلّم وتطوير دماغه، من خلال التكرار والتمارين التي تظلّ أفضل صيغ التعلّم المستدام. لن يقتصر هذا النهج على التعلّم المختلط الأكثر جاذبيّة وكفاءة فحسب، بل سيعدّني أيضًا لتحدّيات وفرص المستقبل.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

يمكن التوفيق بين المهارات الاجتماعيّة والمعرفة العلميّة في البرامج التعليميّة الحديثة، من خلال مناهج متعدّدة التخصّصات وتعاونيّة. تعزّز المشاريع الجماعيّة والتعلّم القائم على المشاريع (PBL)، والمناقشات حول الموضوعات العلميّة الحاليّة، كلًّا من المهارات الشخصيّة، والفهم العلميّ. ويسهّل استخدام التقنيّات التفاعليّة، مثل منصّات التعلّم الإلكترونيّ والمحاكاة الافتراضيّة، هذا التكامل، ما يجعل التعليم أكثر جاذبيّة وتوازنًا.

 

كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

لا أرى التعلّم خارج صوت المعلّم، فهو المحفّز لعلاقة قويّة ودائمة مع التلاميذ. نتحدّث اليوم عن استراتيجيّات التعلّم، وغيرها من التقنيات الأخرى، لتيسير التعلّم. ولكن بالنسبة إليّ، فإنّ الاستراتيجيّة الحقيقيّة السليمة والفعّالة والفاعلة هي المشاركة العاطفيّة للمعلّم في الفصل الدراسيّ.

إنّ صوت المعلّم مهمّ للغاية، لأنّه يوجّه الطلّاب ويلهمهم، فهو لا ينقل المعرفة الأكاديميّة فحسب، بل أيضًا قيم الحياة ومهاراتها الأساسيّة. يؤدّي المعلّم دورًا رئيسًا في تشكيل التفكير النقديّ والفضول الفكريّ والثقة بالنفس لدى الطلّاب. وبالتالي، فالمعلّم ركيزة أساسيّة في التنمية التعليميّة والاجتماعيّة للأجيال الشابّة.   

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

تشمل الأساليب الأكثر فاعليّة لحلّ النزاعات بين الطلّاب في الفصل، الوساطة بين الأقران، والتواصل المفتوح، والتدخّل المنظّم من قبل المعلّم. تتيح الوساطة بين الأقران للطلّاب المدرّبين على هذه المهمّة، مساعدة زملائهم في العثور على حلول ودّيّة. ويشجّع التواصل المفتوح، والذي يحفّزه المعلّم، الطلّاب على التعبير عن مشاعرهم والاستماع إلى وجهات نظر الآخرين، ما يعزّز الفهم المتبادل. كما يساعد التدخّل المنظّم من قبل المعلّم، والذي يشمل المناقشات الموجهة والأنشطة لحلّ النزاعات، في معالجة المشاكل بشكلٍ بنّاء.

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

ينطوي استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التعليم على العديد من المزايا، بما في ذلك جعل الموارد التعليميّة أكثر سهولة وتفاعليّة، وإضفاء الطابع الشخصيّ على مسارات التعلّم، وتسهيل التعاون والتواصل. ومع ذلك، هناك أيضًا قيود، مثل الوصول غير المتكافئ إلى التكنولوجيا، والتشتّت المحتمل، والحمل الزائد للمعلومات، والاعتماد المفرط على المعلومات التي يمكن أن تعيق تطوير المهارات الأساسيّة. لذلك من الضروريّ تحقيق التوازن بين دمج التقنيّات واستراتيجيّات إدارة هذه التحدّيات، من أجل ضمان التعليم الشامل والفعّال.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

يمكن أن يشكّل تدخّل الوالدين مصدرًا قيّمًا لدعم تعلّم أطفالهم، لكنّ فعاليّته تعتمد على كيفيّة حدوثه وتوقيته. وعندما يشاركُ الوالدان بشكل إيجابيّ وبنّاء، ويتعاونان مع المعلّمين ويخلقان بيئة مواتية للدراسة المنزليّة، يمكنهما تعزيز دافعيّة طفلهما ونجاحه في المدرسة. ومع ذلك، فإنّ التدخّل المفرط أو غير المناسب قد يؤدّي إلى توتّر وقلق لدى الأطفال، أو حتّى الإضرار باستقلاليّتهم وقدرتهم على حلّ المشاكل بأنفسهم. يكون تدخل الوالدين أكثر ملاءمة عندما يهدف إلى التشجيع والدعم، بدلًا من التحكّم أو الانتقاد، وعندما يحترم حدود استقلاليّة الطفل.

بالنسبةِ إليّ، أؤيّد فكرة أنّ دور الوالدين هو أن يحبّا أطفالهما بكلّ ما يعنيه الحبّ. وعلى وجه الخصوص، أن يهتمّا بهم ويستمعا إليهم ويتفهّماهم، ويتحمّلا أصعب لحظاتهم، لأنّ الحبّ يوفّر شعورًا بالراحة النفسيّة والأمان، والذي يمكن أن يؤدّي إلى النجاح الأكاديميّ الذي نبحث عنه.

 

هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

لا أعتقد أن الوقت حان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ تمامًا. وفي حين أنّ التقنيّات الرقميّة توفّر فوائدَ عديدة، مثل الوصول السريع إلى المعلومات والموارد التفاعليّة، ما يزال للكتب المدرسيّة التقليديّة مكان في التعليم. فهي توفّر مصدرًا موثوقًا ومنظّمًا للمعرفة، وخالية من المشتّتات الرقميّة، وتسمح للطلّاب بالعمل من دون الحاجة إلى معدّات إلكترونيّة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدّي القراءة على الورق إلى تحسين الاحتفاظ بالمعلومات وتركيزها. ولذلك، سيكون من الأفضل الجمع بين الكتب المدرسيّة والأدوات الرقميّة للاستفادة من مزايا كلا النهجين، وتوفير تعليم متوازن وشامل للجميع.

 

صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

سأكون مباشرًا للغاية وسأقول إنّني أحبّ وظيفتي التي أعتبرها رحلة لا نهاية لها، وطريقًا مليئًا بالسعادة على الرغم من التحدّيات المختلفة.

الكتاب الذي أختاره، والذي يترجم مسيرتي هو كتاب باولو كويلّو: "الخيميائيّ"، وهي رواية تسلّط الضوء على رحلة سانتياغو؛ الراعي الأندلسيّ الشّاب، في البحث عن كنز مدفون بالقرب من أهرامات مصر. يواجه سانتياغو العديد من التحدّيات، ويتعرّف إلى شخصيّات مختلفة خلال رحلته، ما يثير مواضيعَ البحث عن الذات وتحقيق الأحلام والشجاعة. تعتبر الرواية إلهاميّة وتحظى بشعبيّة كبيرة عالميًّا، ما يجعلها واحدة من أبرز الأعمال الأدبيّة في العصر الحديث. أشعر بأنني مثل سانتياغو، فأنا أسافر بحثًا عن السعادة التي أجدها في صفّي مع طلّابي.