في عصرنا الحديث، أصبحت المدارس بيئة خصبة للتواصل بين الثقافات المختلفة، نظرًا إلى وجود طلّاب من خلفيّات ثقافيّة متنوّعة في الفصول الدراسيّة لدواعي اللجوء والهجرة إلى دولٍ أكثر أمانًا، ما يعزّز التعايش والتفاهم في ما بينهم، ويُسهم في بناء مجتمع متنوّع ومتكامل. ويعتبر التواصل العابر للثقافات في مجال التعليم، عاملًا مؤثّرًا في بناء جسور التفاهم والتعاون بين الطلّاب القادمين من خلفيّات ثقافيّة متنوّعة، كما يعدُّ وسيلة لتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين الطلّاب والمعلّمين. ومع تزايد التحوّلات الاقتصاديّة والاجتماعيّة، أصبح التواصل العابر للثقافات في التعليم تحدّيًا أساسيًّا يواجه المدارس خاصّة، ولا سيّما أنّ التعليم عنصر أساسيّ لنقل المعرفة، وتشكيل القيم، والمعتقدات للأجيال الناشئة. ومع ذلك، قد تواجه المدارس بعض التحدّيات التي تُعيق تحقيق التواصل العابر للثقافات، وتعزيز التفاهم والاندماج الثقافيّ بين الطلّاب، ونتناولها كما يأتي:
وجود حواجز لغويّة بين الطلّاب من ثقافات مختلفة
تعتبر اللغة وسيلة الاتّصال الأساسيّة بين الطلّاب. وإذا لم تتوفّر الفرص الكافية لتعلّم لغة جديدة، فقد يجدون صعوبة في التواصل والتفاهم مع بعضهم. وقد تتسبّب الحواجز اللغويّة في عدم وضوح المفاهيم الدراسيّة بشكلٍ صحيح، وتؤدّي إلى انخفاض مستوى التحصيل الدراسي للطلّاب، وتقليل اندماجهم الثقافيّ في البيئة المدرسيّة. وباعتقادي، علينا اتّباع حلول مختلفة لمساعدة الطلّاب على تحقيق نجاحهم الأكاديميّ، ومنها:
- توفير برامج تعليميّة، تهدف إلى تعزيز مهارات اللغة لدى الطلّاب من خلفيّات ثقافيّة مختلفة، وتشجّعهم على استخدام اللغة الجديدة في الحياة اليوميّة.
- تنظيم جلسات تبادل الخبرات الثقافيّة، وورش عمل مشتركة تساعد الطلّاب على فهم بعضهم بشكل أفضل، وبناء علاقات اجتماعيّة إيجابيّة في ما بينهم.
صعوبة فهم الطلّاب للثقافات المختلفة
يهدف التفاهم الثقافيّ إلى بناء علاقات صحّيّة وإيجابيّة بين الطلّاب، ويُسهم في تجنب الصراعات والتوتّرات، وينشر ثقافة الوعي بالتنوّع الثقافيّ والاجتماعيّ بالبيئة المدرسيّة. ولتحقيق أهداف التفاهم الثقافيّ، علينا اتّباع الآتي:
- تنظيم فعاليّات ثقافيّة متنوّعة، تهدف إلى تعزيز التفاهم والتقبّل بين الطلّاب من خلفيّات ثقافيّة مختلفة، وتعزيز الوعي بالتنوّع الثقافيّ وقيم الاحترام المتبادل.
- تطبيق برامج تعليميّة متنوّعة وشاملة، تشمل دروسًا في التاريخ والفنّ والأدب والعادات والتقاليد لمختلف الثقافات حول العالم.
- تشجيع الطلّاب على المشاركة في بعض العروض الثقافيّة، وورش العمل، والندوات، والرحلات الميدانيّة، لتعزيز تفاعل الطلّاب مع الثقافات المختلفة، وتعميق فهمهم لها.
- توفير الموارد التعليميّة اللازمة، لتعزيز فهم الطلّاب للثقافات المختلفة، مثل: الكتب والموادّ التعليميّة والأفلام والمواقع الإلكترونيّة التي تُسلّط الضوء على التنوّع الثقافيّ، وتوفير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيّ باعتباره وسيلة فعّالة، لتبادل المعرفة والتفاعل مع الثقافات المختلفة.
انعدام الاندماج الثقافيّ داخل المدارس
يؤثّر انعدام الاندماج الثقافيّ داخل المدارس سلبًا على قابليّة التعلّم والتطوير الشخصيّ للطلّاب، كما يقلّل التواصل والتفاهم بين الطلّاب من خلفيّات ثقافيّة مختلفة، ويضعهم أمام صعوبات في التكيُّف مع بيئة مدرسيّة متنوّعة ثقافيًّا، وانعزالهم وعدم مشاركتهم بشكلٍ فعّال في الحياة المدرسيّة. ولتجنّب ذلك، علينا اتّباع الخطوات الآتية:
- تطبيق بعض الاستراتيجيّات الفعّالة، للتشجيع على التواصل والتفاعل بين الطلّاب من خلفيّات ثقافيّة متنوّعة، مثل: جلسات حواريّة، ومناقشات في الصفّ لتشجيعهم على التفاعل مع بعضهم، وأنشطة تعاونيّة تشجّع الطلّاب على تبادل المعرفة والخبرات بينهم، واستخدام موارد تعليميّة تعكس تنوع الثقافات للطلّاب، وتنظيم فعاليّات ثقافيّة مشتركة وورش عمل تعليميّة تشجّع على التعاون والتفاهم والحوار البنّاء بين الطلّاب.
- الاقتراح على الطلّاب تكوين مجموعات من خلفيّات ثقافيّة مختلفة، ويمكن لهذه المجموعات تنفيذ مشروعات مشتركة تعزّز التعاون والتعاطف بين الطلّاب.
- الإسهام في تطوير المناهج الدراسيّة، لتعكس تنوّع الثقافات، وتعزّز التفاهم المتبادل بين الطلّاب. كما تتضمّن موضوعات ثقافيّة متنوّعة وتاريخيّة، تعكس تراث الطلّاب، وتعزّز احترام الاختلاف.
- توفير مجموعة من البرامج التدريبيّة للمعلّمين حول كيفيّة التعامل مع التنوّع الثقافيّ في الصفوف الدراسيّة، وتكون لدى المعلّمين الأدوات والموارد اللازمة، لدعم الطلّاب وتعزيز الاندماج الثقافيّ داخل المدرسة.