صدر تقرير "رفاهية معلّمي المدارس" عن مركز أبحاث الرفاهية في جامعة أكسفورد، في شباط سنة 2024. يناقش التقرير وضع رفاهية المعلّم العالميّ، ويسلّط الضوء على العوامل التي تخلق تحدّيات أمام المعلّمين، وتؤثِّر سلبًا في صحّتهم العقليّة والجسديّة. كما يؤكِّد التقرير على أهمّيّة معالجة رفاهية المعلّم، ويعرض التدخّلات، بما في ذلك الأساليب الشاملة والاستراتيجيّات التي من شأنها أن تحسِّن رفاهيتهم، وخلق بيئة مدرسيّة داعمة. ويقدّم توصيّات بإجراء مزيد من البحوث، لفهم فعّاليّة هذه التدخّلات، وتأثيرها في رفاهية المعلّم تأثيرًا أفضل.
حالة رفاهية المعلّمين العالميّة
كشف التقرير عن تحدّيات تواجه المعلّمين، وتسهم في زيادة مستويات التوتّر لديهم، ومن بين هذه العوامل: التوتّر، والقلق والاكتئاب المرتبطين بالعمل، وسوء الصحّة البدنيّة، وزيادة أعباء العمل، والإرهاق، وصعوبة إدارة أعباء العمل في المدارس، والضغوط المهنيّة، والمشكلات النفسيّة، وانخفاض الرضا الوظيفيّ، والرغبة في ترك المهنة.
كما كان لجائحة كوفيد-19 تأثير كبير في صحّة المعلّمين، ولا سيّما المعلّمات؛ ممّا تسبّب لهنّ بزيادة التوتّر، والقلق، والاكتئاب، وانخفاض الشعور بالرفاهية، وارتفاع مستويات الإرهاق العاطفيّ، وزيادة مستويات الاختراق النفسيّ، فضلًا عن المزيد من العمل المنزليّ ومسؤوليّات رعاية الأطفال. وعليه، أثّر ذلك سلبًا في الوظائف الجسديّة وصحّة المعلّمات النفسيّة، وارتفاع مستويات التوتّر والقلق، مقارنةً بالمعلّمين الذكور، وانخفاض مستوى الإنتاجيّة، وصعوبة تحقيق التوازن بين العمل والأسرة. الأمر الذي دفع عددًا من المعلّمين إلى التحوّل عن مهنة التعليم.
من هنا، كان لمعدّلات تحوّل المعلّمين عن المهنة عدّة تأثيرات سلبيّة في نظام التعليم والمجتمعات، بما في ذلك:
-
- اضطراب في استمراريّة التعليم: يمكن أن يؤدّي انصراف المعلّمين عن المهنة إلى اضطرابات في استمراريّة تعليم الطلّاب؛ ممّا يؤثِّر في نتائج تعلّمهم.
-
- انخفاض فعّاليّة التعليم: يمكن أن يؤثِّر التحوّل المستمر في جودة التعليم والتعلّم في المدارس، إذ قد يحتاج المعلّمون الجدد إلى وقت للتكيّف واكتساب الخبرة.
-
- زيادة التكاليف: يترتّب على توظيف المعلّمين الجدد وتدريبهم تكاليف للمدارس، ويمكن أن يضغط على ميزانيّات التعليم.
-
- الأثر السلبيّ في ثقافة المدرسة: يمكن أن تخلق معدّلات التحوّل العالية عدم استقرار في المدارس، وأن تؤثِّر سلبًا في ثقافة المدرسة، وفي المعلّمين والطلّاب.
-
- فقدان المعلّمين ذوي الخبرة: يمكن أن يؤدّي فقدان المعلّمين ذوي الخبرة إلى فقدان الخبرة القيّمة والإرشاد لدى المعلّمين الجدد.
-
- الأثر في المجتمعات: يمكن أن تؤثِّر معدّلات التحوّل العالية في سمعة المدارس في المجتمعات، وأن تؤدّي إلى تقليل المشاركة، ودعم التعليم.
-
- نقص في المعلّمين: يمكن أن يفاقم التحوّل المستمر نقص المعلّمين الحاليّ، ويجعل من الصعب الحفاظ على مستوى سير العمل في المدارس.
-
- زيادة العبء العمليّ على المعلّمين المتبقّين: عندما ينصرف المعلّمون عن المهنة، قد يزداد العبء العمليّ على المعلّمين المتبقّين؛ ممّا يؤدّي إلى الاحتراق الوظيفيّ، وتقليل الرضا الوظيفيّ.
تعزيز جودة المعلّمين في المدارس
حدّد التقرير تأثير الرفاهية في أداء المعلّمين المدرسيّ بعدّة طرائق:
-
- ترتبط رفاهية المعلّم بانخفاض معدّلات الإرهاق، ودرجة التواصل بين الوالدين والمدرسة، وانخفاض معدّلات الاستنزاف. عندما يشعر المعلّمون بإيجابيّة تجاه المدرسة التي يعملون فيها، فمن المرجّح أن يكونوا منخرطين ومخلصين لأدوارهم المهنيّة؛ ممّا يؤدّي إلى زيادة الرضا الوظيفيّ والرفاهية.
-
- تؤدّي المستويات العالية من رفاهية المعلّمين الذاتيّة إلى نتائج أفضل على المستوى الفرديّ، مثل تحسين الصحّة والتنظيم العاطفيّ وزيادة الإبداع. وهذا بدوره يؤدّي إلى انخفاض مستويات التغيّب عن العمل، والتحوّل الوظيفيّ، فضلًا عن زيادة القدرة على جذب المواهب، والاحتفاظ بها على المستوى التنظيميّ.
-
- حُدِّدت العوامل المتعلّقة بالمعلّم باعتبارها أهمّ العناصر التي تؤثِّر في عمليّة التعلّم في المدارس. تشير الأبحاث إلى أنّ للمعلّمين تأثيرًا كبيرًا في نتائج تعلّم الطلّاب، حيث تؤدّي رفاهية المعلّم دورًا حاسمًا في نجاح الطلّاب الأكاديميّ.
-
- المعلّمون الذين يتمتّعون بمستوى عالٍ من الرفاهية وينخرطون في وظائفهم يكوّنون علاقات قويّة مع طلّابهم؛ ممّا يؤدّي إلى زيادة رفاهية الطلّاب ونجاحهم الأكاديميّ. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤثِّر إجهاد المعلّم وإرهاقه سلبًا في كفاءة التعليم، وإدارة الفصل الدراسيّ، ونتائج الطلّاب.
تدخّلات رفاهية المعلّم
تختلف الأساليب الشاملة والمستهدَفة في تعزيز رفاهية المعلّمين بالطرائق الآتية:
-
- استهداف جميع العاملين داخل المدارس، بغضّ النظر عن حالتهم الصحّيّة أو صحّتهم العقليّة الحاليّة.
-
- تحسين الرفاهية العامّة لجميع العاملين داخل المدارس، بتقديم العلاج السلوكيّ - المعرفيّ، والتدريب على المرونة، وتدخّلات الأنشطة البدنيّة، والتدخّلات القائمة على الأداء، والتدخّلات التي تركِّز على المرأة.
-
- تقديم أدوات موارد لازمة للحفاظ على الرفاهية ضمن وضع جيّد.
-
- تمكين التدابير الوقائيّة لدعم الرفاهية.
-
- تخصيص نصاب ماليّ أكبر لتقديم الدعم الماديّ للعاملين في المدارس.