الرئيسية

في هذا العدد

العدد (19) شتاء 2025

كان تصوّرنا عند طرح الموضوع، أنّ مقالات الملفّ ستكتظّ بالتجارب التنفيذيّة اليوميّة حول استعمال الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، انعكاسًا لاكتظاظ الدورات والورش والمؤتمرات حول الموضوع. لكن، في المحصّلة، انصبّت معظم المقالات حول أسئلة - شديدة المشروعيّة – عن استعمال هذه التكنولوجيا في التعليم، ولا سيّما في العالم العربيّ، والقدرة البنيويّة على ذلك. ربّما تنطلق هذه الأسئلة المشروعة من كوننا مستهلكين لمنتج هطل علينا كمثل معظم المنجزات والتحقّقات العلميّة، والنظريّات التربويّة. لذا بادرنا إلى البحث عن إجابات أسئلة الـ"كيف" وأهملنا أسئلة الـ"لماذا". وهذا طبعُ المستهلكين الذين تخلّوا عن حصانة الانتقاء، وانجرّوا نحو ما يُقدّم إليهم بوصفه وصفة النبوغ وترياق النجاح. لكنّ بعض الأسئلة تتجاوز ثنائيّة الإنتاج والاستهلاك، ليخوض في لبّ الموضوع: هل الذكاء الاصطناعيّ إرهاص تطوّرنا الفكريّ، أم انزياح عن الذكاء البشريّ؟ السؤال يخوض في أساس فهمنا الذكاء البشريّ، وتعقيد تكوينه، ودمجه "الذكاء النفعيّ" بالقيم والمفاهيم والعواطف، في مقابل ذكاء اصطناعيّ لا يرى في 1 + 1 إلّا اثنين. هل فعلًا استنفدنا ذكاءنا البشريّ لنحتاج إلى ذكاء اصطناعيّ، أم أنّ الموضوع مرتبط بشركات تبغي الربح على حساب قيم وحسابات أخرى؟

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 20: شراكة المدرسة مع الأهل.. أشكال ومُمارسات وأهداف

العلاقة بين المدرسة والأهل/ المحيط المجتمعيّ موضوع شديد الأهمّيّة، لا يأخذ مداه في البحث والتفكير. الشكل الأوّليّ لهذه العلاقة ينبع من قرار الأهل اختيار المدرسة لأبنائهم، وقبول المدرسة هذا الخيار. بعد ذاك، تصير العلاقة تنفيذيّة/ عمليّة: المدرسة تبلغ الأهل بتطوّر أداء ابنهم الأكاديميّ (ورقة العلامات أو ما يشبهها)، وقد تستدعيهم لطارئ مسلكيّ أو أكاديميّ. والأهل يتواصلون مع المدرسة لشكوى أو ملاحظة تتعلّق بفصل أو معلّم أو أمر مسلكيّ يخصّ ابنهم. هذا الشكل من العلاقة يقزّم دور المدرسة والأهل؛ فمؤسّسة التعليم يجدر بها ألّا تكون جدرانًا خرسانيّة صلبة تمنع ما في داخلها عن الخارج، وهي لا تستجلب العلم والمعرفة من مصادر سرّيّة وعلى الأهل أن يثقوا بها من غير نقاش، ولا سيّما حين تكون مصادر "المعرفة" هذه ترجمات لتجارب مجتمعات بعيدة تختلف عنّا في الظروف والمناخ ونمط الأكل ومفاهيم القيم. وعلى العكس من ذلك، تزدهر المؤسّسات التربويّة كلّما تعانقت جذورها مع مجتمعها ومحيطها، وانكشفت عليه، وتفاعلت معه. والطريق الأوّليّ الأبسط إلى ذلك هو العلاقة التفاعليّة مع الأهل.   يطرح الملفّ مفهوم هذه العلاقة من الطرفين، الأهل/ المحيط المدنيّ/ المجتمع من جهة، والمدرسة قيادة وتوجّهات وسياسات داخليّة، ومعلّمين وإداريّين، والتي تعكس هذا القرار بالانفتاح على المحيط. من هنا نشير إلى بعض القضايا التي يمكن للملفّ متابعتها: 1. ماذا يمكن أن يكون دور الأهل في إعادة التوازن بين المدرسة كمؤسّسة مستقلّة أو "تجاريّة" ودورها كصرح تربويّ قد يمضي فيه الأطفال سنوات طويلة تصبغ نموّهم النفسيّ والعاطفيّ؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الدور...؟ 2. هل النجاح في الامتحانات الرسميّة أو الدوليّة دليلٌ وحيد على نجاح المؤسّسة؟ ما الذي يطلبه الأهل أكثر؟ كيف يمكن للأهل أن يكونوا جزءًا من آليّة صياغة رؤية المؤسّسة وأهدافها؟ وهل من دور للمتعلّمين في هذه العلاقة...؟ 3. العلاقة بين المدرسة ومحيطها، التفاعل والتأثّر والتأثير. الفرق بين علاقة المدرسة بمحيطها بين مدارس الأرياف محدودة العدد، ومدارس المدن التي طلّابها ليسوا بالضرورة من الجوار المباشر... 4. أشكال الشراكة مع الأهل مثل هيئات الأهل وأدوارها: نماذج عمليّة وتجارب ناجحة. وما الشروط الأساسيّة لنجاح هذه الأدوار...؟ 5. القوانين والتشريعات التي تحكم العلاقة بين الطرفين: هل تطبّق؟ هل تمتلك رؤية شاملة لدور الأهل؟ هل من فروقات في هذه القوانين بين المدارس الخاصّة والرسميّة/ العامّة؟ وإلام يؤدّي هذا...؟   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 شباط/ فبراير 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]  

أخبار تربويّة

لبنان: وفد تربويّ يقدم لرئيس الوزراء المكلّف رؤيته للإصلاح التربويّ

سلّم وفد يضمّ أكاديميّين وتربويّين رئيس الحكومة اللبنانيّ المكلّف القاضي نواف سلام، كتاب مبادئ العمل في التربيّة والتعليم العالي للسنوات المقبلة، صباح أمس الإثنين 3 شباط/ فبراير، ضمّنوه رؤيتهم لإصلاح القطاع التربويّ في لبنان. ومن أبرز الشخصيّات الموقّعة على الكتاب الدكتورة مها شعيب (مركز الدراسات اللبنانيّة)، والدكتور عدنان الأمين (الجامعة اللبنانيّة)، والدكتور كمال أبو شديد (جامعة سيدة اللويزة)، والدكتورة ريما كرامي (الجامعة الأميركيّة في بيروت).  وأوصى واضعو الكتاب باعتماد الحكومة المقبلة مبادئ لإجراء تحوّلات جدّيّة في طريقة عمل وإدارة النظام التعليميّ في لبنان. فقد أدّت حوكمة القطاع التربويّ، خلال العقود الماضية، إلى ممارسات جعلت الكثير من المؤسّسات والإدارات التربويّة حقلًا لممارسة النفوذ السياسيّ، حتّى تحوّلت هذه المؤسّسات والإدارات إلى صروح لخدمة القائمين عليها على حساب الطلبة. ما أدّى إلى تنشئة هؤلاء على العقل المُغلَق، وإلى تردّي نوعيّة تعليمهم.  وأبرز ما تناوله الكتاب (يمكن مراجعته كاملًا عبر الرابط) حقوق الطلاب المهدورة. وهي:   - حقّ الطلبة في لبنان، من الروضة إلى التعليم العالي، في الحصول على كلّ فرص التعلّم الجيّد، في جميع أنواع التعليم وفي جميع مكوّناته. - حقّ الطلبة بالتعلّم في بيئة تربويّة صحّيّة تقوم على الإدماج في بيئة تربويّة تقوم على تقدير التنوّع والاختلاط الاجتماعيّ (ما بين الثقافات الفرعيّة، والجنسين والمناطق والطوائف والطبقات الاجتماعيّة)، وعلى الإنصاف (أي أنّ نعطي أكثر لمن يحتاج أكثر). - حقّ الطلبة ببناء معرفتَهم بأنفسهم، ويكون لكلِّ متعلّم طريقة وخصوصيّة في فهم القضايا. - حقّ الطلبة باكتساب المعارف العلميّة والتكنولوجيّة وإتقانها والمهارات التي تساعدهم في حلِّ المشكلات والتفكير النقديّ لاتِّخاذ القرارات المتعلِّقة بالقضايا اليوميّة ذات العلاقة، وفي اكتساب رأسمال لسانيّ متعدّد اللغات. - حقّ الطلبة بالبقاء في بلدهم، والمساهمة في العمل العامّ، وخدمة المجتمع، والحصول على الحماية الاجتماعيّة من البطالة والمنافسة الأجنبيّة والعمل في بيئة آمنة.  وعلى مستوى الحوكمة الرشيدة للتربيّة والتعليم، ومن أجل ضمان هذه الحقوق يجب أن تقوم حوكمة القطاع التربويّ (الوزارة) على خمسة مبادئ: - العدالة في توزيع الموارد البشريّة والماديّة والماليّة، وضمان العيش الكريم للهيئات التعليميّة. ثقافة القانون، أي الحرص على إصدار القوانين والأنظمة والتعاميم والمعايير التي ترعى الحقوق والواجبات.  - التسيير على أساس المعرفة، وهذا يشمل توليد المعلومات والدراسات التشخيصيّة والبحوث العلميّة ونشرها، بما يسمح بالمتابعة وسرعة الوصف والتحليل وتحسين اتخاذ القرارات. - الشراكة ما بين المؤسّسات التربويّة والسلطات المحليّة والهيئات المدنيّة والاقتصاديّة والصحيّة والحقوقيّة والعلميّة، وما بين وزارة التربيّة وسائر الوزارات المعنيّة بالشأن التربويّ وخصوصًا وزارة الشؤون الاجتماعيّة. وحفظ استقلاليّة المؤسّسات التربويّة عن الأحزاب السياسيّة، في تسييرها وفي مناهجها المعلنة أو الخفيّة أو الموازية. - المشاركة، أي دعوة الطلبة والمعلّمين وإدارات المدارس والجامعات وموظّفيها والأهالي وهيئاتهم والهيئات التمثيليّة للتربويّين والهيئات الأكاديميّة، إلى المساهمة في التفكير واتخاذ القرارات في قضايا الشأن التربويّ العامّ. - الفعاليّة، أي إدارة القطاع التربويّ، من خلال إدارة رشيقة تحقّق أفضل النتائج استنادًا إلى الاستثمار الأفضل للموارد المتاحة.   أمّا المؤسّسات التربويّة، من مدارس وجامعات ومعاهد، فتُدعى إلى اعتماد المبادئ نفسها فضلًا عن إجراء عمليّات تقييم ذاتيّ استنادًا إلى معايير متّفق عليها ووضع مشاريع وبرامج تطويريّة وتنفيذها ضمن جداول زمنيّة، مع مشاركة فعّالة من قبل الشركاء وأهل المؤسّسة في التقييم والتنفيذ. المصدر (المُدن).

منهجيّات تشارك في كتاب الفجر في غزّة: قصص من حياة وثقافة الفلسطينيّين

شاركت منهجيّات من خلال مجموعة تدوينات للمعلّمة الفلسطينيّة أسماء مصطفى، في كتاب "الفجر في غزّة: قصص من حياة وثقافة الفلسطينيّين". وكانت أ. مصطفى تنشر تدويناتها التي توثّق الوضع التعليميّ في قطاع غزّة مع منهجيّات خلال الحرب الأخيرة منذ بدايتها في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، برفقة معلّمين ضمن قسم خاصّ بعنوان مدوّنة غزّة. يوثّق قسم مدوّنة غزّة التعليم في القطاع خلال فترة الحرب، وواحدة من أهم الشهادات التي تصف بشكل دقيق الأزمة الشديدة التي مرّ بها الطلّاب والمعلّمين هناك، جرّاء تدمير المدارس وتحويل المتبقي منها إلى مراكز لجوء، إضافة إلى استشهاد الآلاف من المتعلّمين والكوادر التعليميّة على حد سواء. وجاءت مشاركة أ. مصطفى جزءًا من القصص التي جمعها الكاتب البريطانيّ ماثيو تيلر لأكثر من 100 غزّي قبل وأثناء الحرب الأخيرة على غزّة. وترجم المشاركة إلى الإنجليزيّة د. مروان حسن عضو هيئة تحرير منهجيّات، إيمانًا بضرورة إيصال صوت المعلّم الغزّي وتوثيق شهادته لكلّ العالم. وكانت مجلّة منهجيّات قد تعاونت مع 17 معلّمة ومعلّم من غزّة في كتابة عشرات المدوّنات ضمن قسم مدوّنة غزة الذي توثّقت فيه الصعوبات التي مرّ بها قطاع التعليم هناك، كما سجّلت هذه المدوّنات حالات التكافل المجتمعيّ والمبادرات التعليميّة التي قام بها الغزّيون لمواجهة هذه الكارثة الإنسانيّة وتأثيراتها الواسعة على التعليم. وترجمت منهجيّات عددًا منها إلى الإنجليزيّة، وحوّلت عددًا آخر إلى تدوينات صوتيّة (بودكاست). 

توجّهات بعقد امتحانات الثانويّة العامّة في قطاع غزّة الشهر المقبل

أكدّ صادق الخضور، الناطق باسم وزارة التربيّة والتعليم الفلسطينيّة، أن الوزارة ماضية في تنظيم امتحانات الثانويّة العامّة في قطاع غزّة الشهر المُقبل، وذلك بعد إعلان وقفّ إطلاق النار. وأوضح الخضور في تصريح لإذاعة "صوت القدس" أنه رغم المناشدات بتأجيل الامتحانات، فإن الوزارة تسعى جاهدة لاستكمال المسيرة التعليميّة. من جانب آخر، يواجه أكثر من 39 ألف طالب وطالبة في قطاع غزّة تحديّات كبيرة نتيجة لحرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيليّ منذ أكتوبر 2023، حيث حرمت الحرب العديد منهم من التقدّم لامتحانات الثانويّة العامّة، إما بسبب استشهادهم أو انقطاعهم عن التعليم جراء الدمار الشامل الذي طال بنية النظام التربويّ في القطاع. وفي إحصائيّة حديثة، أفادت وزارة التربيّة والتعليم الفلسطينيّة أنّ أكثر من 8 آلاف شهيد من سكان غزّة كانوا في سنّ الدراسة، إضافة إلى 350 شهيدًا من المعلّمين والمعلّمات، إلى جانب آلاف الجرحى والمفقودين. كما يعاني حوالي 630 ألف طالب وطالبة من حرمانهم من التعليم بسبب العدوان. وفي تقرير سابق، أكدّ 19 خبيرًا ومقررًا أمميًا أن الهجمات المستمرة على القطاع أدّت إلى تدمير أكثر من 80% من البنية التحتيّة التعليميّة، مما يعكس محاولات منهجيّة لتدمير التعليم الفلسطينيّ، وهو ما وصفوه بـ "الإبادة التعليميّة"، التي تشمل قتل واعتقال المعلمين والطلاب وتدمير المدارس، مما يهدد مستقبل الجيل الفلسطينيّ.   المصدر (رؤيا الإخباريّ). 

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

المتعلّم بين الذكاءين
عندما جلست لأكتب هذا المقال، أردت أن أبدأ بمثالٍ واقعيٍّ حول تأثير الذكاء الاصطناعيّ في قدرات الإنسان التحليليّة والإبداعيّة. سرعان ما وج... تابع القراءة
الذكاء الاصطناعيّ والتعليم: سباقٌ غير متكافئٍ، أم ضياع الأولويّات؟
في هذا المقال الذي يعكس وجهة نظرٍ شخصيّةً، أسلّط الضوء على التحديّات التي قد تواجه التعليم في عالمنا العربيّ، في ظلّ الثورة التقنيّة. هذا... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

كيف نتعامل مع الروايات التاريخيّة المثيرة للجدل داخل قاعة الصفّ؟
يقال إنّ التاريخ يعيد نفسه، وإنّ الأحداث تتكرّر. ونحن نرى أنّ التشابه، أو ربّما التطابق، بين أحداث الماضي والحاضر، وربّما المستقبل، يأتي ... تابع القراءة
دقائق الصباح الذهبيّة
أنا أؤمن كثيرًا بأهمّيّة البدايات، وأرى أنّها الأساس الذي نبني عليه بقيّة يومنا، وحياتنا أيضًا؛ فالبدايات، بالنسبة إليّ، ليست مجرّد لحظات... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: تقييم أداء المعلّم.. المعايير والأهداف والممارسات

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الثاني/ يناير 2025، بعنوان "تقييم أداء المعلّم: المعايير والأهداف والممارسات". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ 2. وجهات نظر وممارسات في التقييم 3. كي يكون هذا التقييم ناجحًا... استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: أ. ياسمين حسن نائبة مدير للتعليم الخاص، ومدرّبة التخطيط الإستراتيجيّ، مصر؛ أ. منى مجذوب، قائدة ومستشارة تربويّة في منظّمة البكالوريا الدوليّة، لبنان/ قطر؛ أ.رينيه مزاهرة مشرفة أكاديميّة في المدرسة المعمدانيّة/ المرحلة الابتدائيّة، الأردن؛ أ. إياد رفيدي، مدير المدرسة الإنجيليّة الأسقفيّة العربيّة، فلسطين. أدار الندوة أ.يسري الأمير رئيس تحرير مجلّة منهجيات ومستشار تربويّ في تعليم اللغة العربيّة. استهلّ أ.الأمير الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ قدّم أ. يسري الأمير تقييم أداء المعلّم، في بداية الحوار على أنه أداة لتحسين الأداء وفسحة لتطوير، إلا أنّ تنفيذ التقييم على الأرض يصطدم أحيانًا كثيرة بعقبات تزيحه عن هدفه الأسمى وتحوله أداة ضغط وتهديد للمعلّم، ومن هذا السياق طرح أ. الأمير سؤاله الأوّل:   هل يجب الخوض في تقييم أداء المعلّم؟ ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ أكدّت أ. رينيه مزاهرة على أهمّيّة عمليّة تقييم أداء المعلّم باعتبارها عمليّة تنمويّة جادّة، تركّز على تطوير أداء المعلّم الأكاديميّ، وبها يمكن ضبط جودة مخرجات المدرسة بشكل كامل. والهدف من تقييم أداء المعلّم هو البحث في امتلاكه الأدوات اللازمة للقيام بعمليّة التعليم على أكمل وجه، ودراسة عمليّة التطوير المهنيّ اللازم له، لأنّ جودة أداء المعلّم، تنعكس بطبيعة الحال على المتعلّمين. ولفتت أ. منى مجذوب إلى أنّ التقييم ممارسة يوميّة نستخدمها جميعًا، وهي أداة لتحسين كلّ مناحي الحياة. وهذا ينطبق على مكان العمل في المجتمع المدرسيّ، فلا شكّ في عدم قدرتنا على الاستغناء عن تقييم أداء المعلّم لأنّ التقييم هو الوسيلة لتطوير العمليّة التعليميّة وتحسينها. وذكرت أ. مجذوب أنّه عند تأسيس صرح تربويّ، نقوم بإعداد الرؤية والرسالة والمبادئ الأساسيّة لهذا الصرح. والركيزة الأساسيّة التي تترجم كلّ تلك المبادئ إلى ممارسات تعلّمية في الصفوف الدراسيّة هي المعلّم، وهو صاحب القدرة على ضمان تعلّم الطلّاب وتحسينهم أكاديميًّا. وارتكزت أ. مجذوب في كلامها على دراسة للباحث النيوزلنديّ جون هيتي، يعتبرها الكثير من الخبراء من أهمّ الدراسات في مجال التعليم في القرن الحاليّ. جمع هيتي في دراسته بيانات حول العوامل التي تؤثّر في تحصيل الطلّاب. ومن النتائج الرئيسة للدراسة أن ّالمعلّمين بكلّ ممارساتهم، هم الأكثر تأثيرًا، وليس حجم المدرسة أو الظروف الاقتصاديّة أو دعم الأهل. فإذا كان هدفنا رفع مستوى التلميذ العلميّ والأكاديميّ، علينا بشكل أساسيّ تحسين مستوى أداء المعلّم، وذلك باستعمال التقييم، لأنّه يحدّد مدى قدرة المعلّم على توظيف خبراته، والتعليم بشكل فعّال، وخلق بيئة صفيّة داعمة ومحفّزة، وبناء علاقات إيجابيّة مع الطلّاب والزملاء والأهل، ما يعزّز الثقة عند المعلّم وينعكس إيجابيًّا على تحصيل الطلّاب.   هل الهدف من التقييم واحد مع كلّ معلّم، أم يختلف بحسب الخبرة، وفترة وجود المعلّم في المؤسّسة؟ أكدّ أ. إياد رفيدي أنّ معايير تقييم المعلّم القديم والمعلّم الجديد هي ذاتها، لكنّ التوقّعات تكون أعلى من المعلّم القديم؛ على سبيل المثال في مجال الإدارة الصفّيّة، المعلّم صاحب خبرة العشر سنوات قدرته على إدارة الصفّ أكبر بكثير من المعلّم المستجدّ. كذلك الحال في معرفة المعلّم بموضوع تخصّصه، فهي تتطوّر أثناء تدرسيه، إضافة إلى تطوّر نظرته إلى الأهل والبيئة المدرسيّة على مرّ السنين. وأشار أ. رفيدي إلى أنّه عند تقييم المعلّم صاحب الخبرة يتمّ طرح تساؤلات حول تطويره الذاتيّ، هل يحسّن من أدائه ويبحث عن مصادر تحسّن من نوعيّة العمليّة التربويّة؟ وهل يستخدم التكنولوجيا الحديثة؟ وغيرها من الأسئلة المرتبطة بسنين عمله الطويلة والتطوّر المهنيّ الذي يجب أن يرافقها.   ما معايير تقييم المعلّمين؟ هل للمعلّم دور في وضع هذه المعايير؟ عرفّت أ. ياسمين حسن تقيم أداء المعلّم بأنّه مجموعة من المؤشّرات والمعايير التي تهدف إلى تقييم الكفاءة المهنيّة للمعلّم وأدائه، سواء داخل الغرفة الصفّيّة أو خارجها. وهذه المعايير مجموعة من المحاور، هي: - المهارات التدريسيّة للمعلّم: سواء من خلال التخطيط للدرس أو التصميم للأنشطة التعليميّة، بالإضافة إلى تنفيذه بعض الاستراتيجيّات المناسبة للمحتوى العلميّ الذي يقدّمه، ولإمكانيّات المتعلّمين. - الكفاءة الأكاديميّة: وتعني مدى معرفته بالمادة الدراسيّة التي تُدرّس داخل الصفّ، بالإضافة إلى تحديثه للمعلومات والمناهج التي تتماشى مع التطوّرات العلميّة من حوله. - قدرته على التواصل والتفاعل مع الطلّاب وأولياء الأمور: ليتمكّن من بناء علاقات إيجابيّة معهم واستخدام مهارات الاستماع والإقناع لإدارة النقاشات الصفّيّة. - إدارة الصفّ: أنّ تكون لدى المعلّم القدرة الكافية على ضبط النظام داخل الصفّ، وخلق بيئة تعليميّة تشجّع على التعلّم الفعّال.  - التنمية المهنيّة: وتتحقّق بمشاركة المعلّم في الدورات التدريبيّة وورش العمل التي تحسّن من أدائه، بالإضافة إلى اطّلاعه المستمرّ على أفضل الممارسات التربويّة التي يمكن تطبيقها داخل الصفّ. - تقييم الطلّاب: باستخدام المعلّم أدوات تقييم متنوّعة، يتمكّن من خلالها من قياس مدى تعلّم الطلّاب مستعملًا أساليبه التدريسيّة، وبتقديمه التغذيّة الراجعة البنّاءة لتحسين تحصيلهم الأكاديميّ. - القيم الأخلاقيّة والتربويّة: عن طريق التزام المعلّم بأخلاقيّات المهنة، واحترام التنوّع الثقافيّ والاجتماعيّ، وتعزيز قيم التعاون والمسؤوليّة بين الطلّاب. - إمكانيّة استخدام أساليب الإبداع والابتكار: وذلك باستخدام التقنيّات الحديثة، والتطوير على أساليب التدريس، بالإضافة إلى تقديمه أفكارًا ومبادرات تسهم في تحسين العمليّة التعليميّة. هذه المعايير متوفّرة في المراجع التربويّة، والنظريّات والأدبيّات، ويمكن الاطّلاع عليها. لكنّ الأهمّ من ذلك، تطبيقها بصورة واقعيّة ومدروسة. في بعض الأحيان، يمكن أنّ يُعرّض التطبيق غير المدروس المعلّم إلى بعض التحدّيات، مثل: - أن يكون التقييم غير شامل لكلّ المعايير، مثل الاعتماد فقط على النتائج الأكاديميّة للطلّاب، وتجاهل المهارات الشخصيّة للمعلّم. - التحيّز الشخصيّ، والاعتماد على العلاقات الشخصيّة في التقييم. - تعرّض المعلّم إلى ضغط العمل نتيجة للتقييم المكثفّ والمتكرر، ما يشعره بالإحباط والقلق، الأمر الذي يؤدّي إلى تراجع أدائه. - استخدام أدوات تقييم تقليديّة، ما يفقد عمليّة التقييم الناحية الموضوعيّة والحياديّة. ولفتت أ. مزاهرة إلى وجوب أن يكون للمعلّم دور في وضع معايير التقييم، من خلال خطّة استراتيجيّة داخل المدرسة، تشاركها الإدارة مع المعلّمين منذ بداية السنة الدراسيّة، على أنّ يكون التقييم جزءًا من هذه الخطّة. وشاركت أ. مزاهرة تجربتها في المدرسة المعمدانيّة، حيث يشارك قسم الموارد البشريّة في المدرسة معايير التقييم كافّةً مع المعلّمين منذ بداية السنة الدراسيّة، لتكون لديه القدرة على مراجعة هذه المعايير. وإذا كان له رأي في تعديلها أو تغييرها، يُدرَس هذا الرأي. وأكّدت أنّ معايير تقييم أداء المعلّم مستمرّة ومتغيّرة؛ فمع دخول التكنولوجيا، ظهر تطوّر مستمرّ في التعليم، ما يقودنا إلى إضافة بعض المعايير الجديدة أو تغيير القديم منها. لفتت أ. مزاهرة إلى أنّ مشاركة المعلّم هذه المعايير منذ بداية السنة الدراسيّة، تجعله يسأل نفسه التساؤلات التي يطرحها هذا التقييم؛ فبالإضافة إلى المعايير التي ذكرَتها أ. ياسمين، نركّز على مراعاة المعلّم للحاجات الفرديّة للطلّاب، فنحن لا نعمل فقط على تنمية المهارات التعليميّة، بل أيضًا المهارات الحياتيّة عند المتعلّمين. وأشارت أ. مزاهرة إلى ضرورة توفير المداس تدريبات للمعلّمين لرفع كفاءتهم المهنيّة، وذلك بزيارات صفّيّة من قبل الإدارة ورؤساء الأقسام يسجّلون فيها احتياجات المعلّمين لتنمية مهاراتهم المهنيّة. إضافة إلى ذلك، يمكن للمعلّم الشغوف الحصول على تدريبات من منصّات متنوّعة تُعنى بالشأن التربويّ.  وأكدّ أ. رفيدي ضرورة اطّلاع المعلّم على معايير تقييمه في المدرسة، وأن يكون متّفقًا معها؛ إذ قد تغفل بعض الإدارات عن معايير هامّة في عمليّة التقييم، والتي يبذل فيها المعلّم مجهودًا كبيرًا، وعن مشاركته المعايير قبل بدء عمليّة التقييم، والتي قد تتيح له الفرصة للتعبير عن وجهة نظره.   ما أثر التقييم الخارجيّ وممارساته، والذي تقوم به هيئات التعليم الرسميّة من خارج المدرسة؟ أجابت أ. مجذوب أنّ التقييم الخارجيّ الذي تنظّمه هيئات التعليم الرسميّة، عنصر أساسيّ لتحسين جودة التعليم، لأنّه جزء من استراتيجيّة وطنيّة لضمان تكافؤ الفرص، ولضمان التعلّم الفعّال للجميع. وليس هدف التقييم الخارجيّ تربويًّا فقط، بل تكون له أهداف مجتمعيّة ووطنيّة بعيدة المدى. التقييم الخارجيّ يضمن حصول الطلّاب في جميع المدارس، وبكافة اختلافاتها، على تعليم بمستوى متقدّم يحقّق تكافؤ الفرص والمساواة للجميع. هنُا أشارت أ. مجذوب إلى ضرورة التقييم الخارجيّ من الهيئات الرسميّة، لأنّه يساعد على وضع خطط تطويريّة بالاستناد على البيانات التي يتمّ الحصول عليها بهذا التقييم، لتحسين النظام التعليميّ في الدولة بشكل عامّ. وقد أشار العديد من الدراسات في منظّمة التعاون والتنمية الدوليّة والبنك الدوليّ، إلى أنّ التقييمات الخارجيّة تساعد على تحديد نقاط القوّة لدى المدارس، والمجالات التي تحتاج إلى تطوير، ما يدفع الإدارات إلى اعتماد ممارسات أفضل، بسبب تعزيز الشفافيّة والمساءلة. لكن يجب بناء التقييم الخارجيّ على معايير واضحة، مع أخذ سياقات المدارس المختلفة وأوضاعها بعين الاعتبار، وألّا يكون التقييم بهدف المساءلة فقط، بل من أجل إصلاح الأنظمة وتطويرها. وتحدّثت أ. مجذوب عن شقّ آخر من التقييم الخارجيّ، وهو التقييم من جهات دوليّة، التي تعطي الاعتماد للمدارس. وقدّمت منظّمة البكالوريا الدوليّة مثالًا على هذه المؤسّسات، حيث تقوم هذه المنظّمات كلّ خمس سنوات بزيارة المدارس المعتمدة من قِبلها، من أجل مساعدة المدرسة على تقييم نفسها ذاتيًّا، والاحتفال بنقاط القوّة التي تحقّقت، ومساعدتها في وضع خطط وبرامج تطويريّة للسنوات الخمس القادمة. وأكدّ أ. الأمير على أنّ التقييم، حتّى لو كان خارجيًّا، يجب أن تكون له معايير واضحة، وأن يكون أسلوب المشرف أو المقيّم قريبًا من المعلّم ومحترمًا له، وألّا تكون هناك رهبة للتقييم، أو أن يتمّ في حصّة واحدة فقط، لأنّ ذلك لن يكون موضوعيًّا.    المحور الثاني: وجهات نظر وممارسات في التقييم من يقوم بعمليّة تقييم أداء المعلّم؟ تحدّث أ. رفيدي في إجابته عن قيام الجهة صاحبة السلطة في أغلب الأوقات بعمليّة التقييم، إمّا الإدارة مباشرةً، أو من خلال أشخاص منتدبين عنها، أو سلطة أعلى من المدرسة مثل مديريّات التربية التي تشرف على سير المناهج المدرسيّة. وأكّد أ. رفيدي أنّ التقييم يجب ألّا ينحصر في أصحاب السُلطة، فنحن بحاجة إلى أخذ وجهة نظر الطلّاب والأهل والزملاء فيه. ونوّهت أ. مزاهرة إلى أنّ هناك أطراف كثيرة تمارس تقييم أداء المعلّم، بدايةً من تقييم المعلّم لنفسه، بتأمّل ممارساته داخل الغرفة الصفّيّة من أجل الاستثمار في نقاط قوّته، والعمل على تحسين نقاط الضعف لديه، باللجوء إلى التدريبات والمصادر المتنوّعة. كما ذكرت أبرز الأطراف الجوهريّة في عمليّة التقييم، وهم إدارة المدرسة ورؤساء الأقسام من خلال الزيارات الصفّيّة خلال الفصل الدراسيّ، على ألّا يكون هدف الزيارات المراقبة، بل المساعدة في تطوير أداء المعلّمين. وبالاستناد إلى تجربة أ. مزاهرة، تقوم الإدارة باجتماعات متكرّرة مع رؤساء الأقسام، للخروج بتوصيات تُنقل إلى قسم التطوير المهنيّ المختصّ بتوفير تدريبات للمعلّمين. ولم تغفل أ. مزاهرة عن أهمّيّة شهادات الأهل والطلّاب في عمليّة التقييم، لكنّهم ليسوا الطرف الجوهريّ فيها.   ما دور كلّ من الإدارة أو المنتدَب/ المنتدبين منها، والأهل والمتعلّمين، والمعلّمين أنفسهم؟ أشارت أ. حسن إلى مجموعة من الأدوار التي يقوم بها المقيّمون في هذه العمليّة، بحسب كلّ طرف للتقييم، بالآتي: - الإدارة: يقوم دور الإدارة على الإشراف العام، حيث تبدأ بوضع معايير التقييم، وتحاول تطبيقه بصورة عادلة ومنهجيّة. إضافة إلى التنسيق والتوجيه، حيث تعيّن مندوبين مُدربين على معايير التقييم التي حدّدتها. ومن خلالهم نتحصّل على تغذية راجعة بملاحظات بنّاءة على أداء المعلّم، وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين، بالإضافة إلى دعم التنمية المهنيّة للمعلّم عن طريق بناء خطط لتدريب المعلّمين. - الأهل والمتعلّم: أدوارهم متقاربة، ولا سيّما أنّ أولياء الأمور يتأثّرون بوجهات نظر أولادهم، وتحصيلهم الدراسيّ. ويمكن للطالب التعبير عن وجهة نظره في المعلّم من خلال استبيانات تسمح بالاطّلاع على أساليب التدريس التي ينفّذها المعلّم، كما تظهر مدى تفاعل الطلّاب داخل الصفّ، ما يعكس جودة أداء المعلّم. وجدير بالذكر أنّ تقييم الطلّاب للمعلّمين قد يكون غير موضوعيّ بسبب تأثرهم بالعواطف أحيانًا، أو بمواقف شخصيّة تعرضوا إليها مع المعلّم.  - تقييم المعلّم لنفسه: يمكن للمعلّم أن يحلّل أداءه الذاتيّ، وتحسين نقاط الضعف والاستثمار في نقاط القوّة خلال فترة معيّنة، ووضع خطط للحصول على التدريبات التي يحتاج إليها، فهو على دراية باحتياجاته كمعلّم. ويمكن أنّ يحسّن من أدائه بالتغذيّة الراجعة التي يحصل عليها، سواء من الطلّاب أو الإدارة أو أولياء الأمور. إضافة إلى تقديمه اقتراحات للتحسين.   هل التقييم مرحلة واحدة أم خطوات؟ هل كلّ هذه الخطوات أساسيّة؟ أكدت أ. منى مجذوب ضرورة بناء خطوات متتالية هدفها توفير صورة شاملة ودقيقة عن أداء المعلّم، ليكون التقييم عادلًا. وكلّ خطوة لها دور في نجاح عمليّة التقييم، وهذه الخطوات: 1. التخطيط للتقييم: وهو عمليّة تشاركيّة مستمرّة، لأنّ لكلّ معلّم طريقته الخاصّة وخبرته وتحدّياته التي يواجهها. ويجب العمل مع المعلّم منذ بداية السنة لوضع الخطّة والمعايير، لتحديد أهدافه الشخصيّة والمهنيّة التي يرغب بتحقيقها، بما يتناسب مع قدراته ومستواه المهنيّ. 2. إرشاد المعلّم: قبل البدء بالزيارات الصفّيّة، تُنظّم اجتماعات فرديّة مع كلّ معلّم، للتأكّد من فهم المعلّم معايير التقييم، وقبل كلّ زيارة صفيّة يُعلَم بالهدف منها والمعايير التي سيتمّ تقييمها في هذه الزيارة. 3. الزيارات الصفّيّة: ليس بالضرورة أنّ يكون المقيّم في الزيارة مدير المدرسة، بل ممكن أن يكون مشرف القسم أو زميلًا. 4. الاستفسار التقديريّ والتفسيريّ: نطرح على المعلّم أسئلة حول نقاط القوّة في حصّته، ويهدف هذا الاستفسار إلى تحديد مجال نموّه، حتّى لا تكون هناك أوامر مفروضة على المعلّم بطريقة فوقيّة. وعلى المقيّم أيضًا جمع بيانات تفصيليّة، حتّى تكون ملاحظاته مبنيّة على مؤشّرات علميّة تظهر في إدارة المعلّم للصفّ، وتفاعل الطلبة وتحصيلهم العلميّ.    كيف نجعل عمليّة التقييم هذه أبسط وأسهل وأكثر فاعليّة؟ أكدّ أ. رفيدي ضرورة التركيز على نقاط القوّة لدى المعلّمين، لأنّ الإنسان بشكل عامّ من حقّه الحصول على تقدير لإنجازاته واجتهاده، سواء من الإدارة أو الطلّاب. لذلك التشجيع ركيزة أساسيّة في عمليّة التقييم من أجل الاستفادة منه أداةً للتحسين. كما أشار أ. رفيدي إلى اختيار المسمّيات بشكل لطيف وإنسانيّ، كأن لا نقول نقاط ضعف، بل نقاط تحتاج إلى تحسين.   المحور الثالث: كي يكون هذا التقييم ناجحًا... ما آثار عمليّة تقييم سيّئة في المعلّمين وأدائهم؟ نوهت أ. مزاهرة بضرورة ألّا يكون هناك أثر سلبيّ لعمليّة التقييم في المعلّم؛ إذ يجب على المدرسة ممثّلة بالإدارة ورؤساء الأقسام والمعلّمين، العمل بروح فريق واحدة، هدفه تحسين جودة التعليم المقدّمة إلى الطالب. وحتّى لا يكون هناك تأثير سلبيّ في المعلّم أثناء تقييم أدائه، يجب أن يكون هناك تشجيع للمعلّم الذي لديه نقاط قوّة. والمعلّم الذي لديه بعض النقاط التي بحاجة إلى التحسين، يجب أنّ يكون معه مرشد يساعده ويدعمه مهنيًّا. وأكدّت أ. مجذوب على أنّ التقييم السيّئ للمعلّمين يعطّل جميع أهداف التقييم، لأنّه لا يساعد في تطوّر المعلّم، والذي يعتبر العنصر الأكثر تأثيرًا في التحصيل العلميّ للطلّاب، بل على العكس، يقلّل من عزيمة المعلّم ويزيد من توتّره وإحباطه، ويشعره بالخوف من الرقابة. وعندما يظلّ المعلّم في موقف الدفاع عن نفسه، سيرفض التغذية الراجعة، ويتجنّب التفاعل مع الزملاء والإدارة، ما يؤدّي إلى خسارة الكثير من المبادرات التطويريّة، وتحسين أسلوب التعلّم. ونوّهت أ. حسن إلى أنّ التقييم السيّئ للمعلّم يجعله متجنّبًا المخاطرة أو التجديد في التدريس، فيلتزم بالأساليب التقليديّة حتّى يتجنّب الانتقادات. ويؤدّي أيضًا إلى ضعف علاقة المعلّم مع الإدارة والزملاء والطلّاب، ما يولّد صراعات داخل بيئة العمل، وصولًا إلى الهجرة المهنيّة، حيث يترك المعلّم عمله بسبب عدم القدرة على الاستمرار في بيئة يُمارس فيها التقييم السيّئ باستمرار.   ما مخاوف المعلّمين من عمليّة تقييم أدائهم؟ ذكرت أ. ياسمين وجود عدد من المخاوف التي يشعر بها المعلّمون من عمليّة التقييم، وهي: - الخوف من التحيّز: قد يعتمد التقييم على الانطباع الشخصيّ، أو المصالح الشخصيّة. - القلق من العواقب السلبيّة للتقييم: قد يتحوّل التقييم إلى وسيلة عقابيّة، أو وسيلة إرهاب تتسبّب في تقليل الراتب، أو نقله من مكان إلى آخر، أو فقدان ترقيّة. - الضغط النفسيّ بسبب التقييم المستمرّ أو المفاجئ. - الشعور بعدم التقدير. أكّدت أ. مزاهرة على ضرورة تطبيق سياسة الباب المفتوح بين المعلّم والإدارة منذ بداية العام الدراسيّ، يشارك فيها المعلّم مخاوفه والمشاكل التي تواجهه داخل الغرفة الصفيّة، أو أي شيء يؤثر في مسار العمليّة التعليميّة، من أجل التوصّل إلى حلول، والحصول على تقييم عادل في ختام السنة الدراسيّة   كيف نضمن موضوعيّة التقييم؟ شدّدت أ. مجذوب على ضرورة تبنّي المؤسّسات منهجيّات خاصّة للتقييم، وهناك العديد من المنهجيّات العالميّة المدروسة في هذا الخصوص. وعلى المدرسة اختيار المنهجيّة التي تناسب ظروفها والسياقات التي تعمل فيها. إنّ الالتزام بهذه المنهجيّات يضمن الموضوعيّة والعدالة في التقييم. ولضمان الموضوعيّة أيضًا، يمكن توزيع استبيانات على الطلّاب أو الأهل.  كما تجدر الإشارة إلى ضرورة وجود أكثر من شخص في عمليّة التقييم الواحدة، فكل شخص مرتبط بالمجتمع المدرسيّ، له صوت في تحسين عمليّة التعليم. واتّفق أ. رفيدي مع أ. مجذوب على ضرورة عدم الاعتماد على الإدارة في عمليّة التقييم، لأنّ المدير وحده لا يكفي، وبطبيعة الحال هو يأخذ التغذية الراجعة من الطلّاب والزملاء. ولضمان موضوعيّة التقييم، يجب أن تكون اللجنة المنتدبة من الإدارة لجنةً مؤهّلة لأداء هذه المهمّة.   في حال إشراك الأهل والمتعلّمين، كيف نضمن التزامهم بمعايير محدّدة؟ نوهت أ. حسن بضرورة التزام الأهل بمعايير محدّدة لعمليّة التقييم، لتحقيق الموضوعيّة والعدالة فيه، وذلك مرورًا بعدد من الخطوات، وهي: 1. التوعية بالمعايير والأهداف الخاصّة بعمليّة التقييم للأهل والمتعلّمين، من خلال توفير المدرسة جلسات تعريفيّة توضح ذلك، لمحاولة ضبط عمليّة الانحياز، أو أنّ يكون التقييم غير موضوعيّ. 2. أن تُصمّم أدوات واضحة وموجّهة، مثل استخدام الاستبيانات المدروسة. 3. توفير أمثلة عمليّة لنماذج استُخدِمت عمليّة التقييم فيها، مع شرح كيفيّة تطبيقها، ما يمكّن الأهل والمتعلّمين من فهم كيفيّة تقييمهم الأداء بناءً على المعايير المحدّدة للتقييم. 4. تشجيعهم على استخدام عبارات موضوعيّة ومحدّدة، وتجنّب استخدام العبارات العامّة والتحيّز. 5. استخدام نظام رقابيّ، من خلال استخدام آليّات مراجعة داخليّة لمقارنة الملاحظات التي جُمعت من الأهل والمتعلّمين، مع أداء المعلّم في المدرسة. 6. التشجيع على الحوار المستمرّ. اعتبرت أ. مزاهرة أنّ الأهل ليسوا طرفًا رئيسًا في تقييم أداء المعلّم، إذ تعطي شهاداتهم مجرّد تلميحات عن أدائه. أمّا الأطراف الرئيسة فهي الإدارة ورؤساء الأقسام والمعلّم نفسه. بينما أكّد أ. رفيدي على أنّ دور الأهل في عمليّة التقييم يتلّخص في توفيرهم التغذية الراجعة عن شعور الطالب، وتأثير المعلّم فيه.   كيف نقيّم عمل هيئة تقييم أداء المعلّمين؟ تحدثت أ. مجذوب عن أهمّيّة قياس تأثير هذا التقييم في التطوير والتحصيل الأكاديميّ للمتعلّم. من هنا، تمكن معرفة إذا ما كان تقييم هذه الهيئة ناجحًا أم لا. وقياس هذا التأثير يعدّ المؤشّر لالتزام هيئة التقييم بالمعايير والخطوات المحدّدة مسبقًا، وفق منهجيّة متّفق عليها.  وأضافت أ. مجذوب أنّ رضا المعلّمين والطلاب وأولياء الأمور، أداة ناجحة لتقييم هيئة التقييم، ويمكن قياس ذلك باستبيانات دوريّة مدروسة وموضوعيّة، ويمكن تقييم نتائجها. وذكرت أ. مزاهرة أنّه يمكن تقييم أداء هيئة المقيّمين بملاحظة تغيير في أساليب التدريس عند المعلّم، وبحصوله على الدورات والتدريبات، وبتطوّر أدائه المهنيّ، وملاحظة تطوّر في سلوكه داخل الغرفة الصفّيّة. كما تجب ملاحظة التشاركيّة بين الأطراف، وتواجد المقيّم لدعم المعلّم بشكل دائم، واستماعه لملاحظاته واحتياجاته. كما أكدّ أ.رفيدي أنّ المهمّ في عمليّة التقييم هو النتيجة الجيّدة على المعلّم والطلّاب، بغضّ النظر عن التزام المقيّمين بخطوات التقييم بحذافيرها. ونوّهت أ. حسن بضرورة وجود لجنة تقييم هيئة التقييم، لتراجع أعمالها بشكل دوريّ، واستخدام أنظمة إلكترونيّة تحلّل هذه التقييمات لضمان الدقّة وتقليل التحيّز.   أسئلة الجمهور من يحدّد إذا كانت عمليّة التقييم سيّئة؟ أشار أ.الأمير إلى أنّ عمليّة التقييم تكون سيّئة عندما يكون التقييم غير قائم على مناهج علميّة، واطّلاع مستمرّ على أداء المعلّم، أو قائمًا على انطباعات وعلاقات شخصيّة. هل يمكن تقييم أداء المعلّم بشكل موضوعيّ في صفوف متهالكة وظروف غير مناسبة للعمليّة التعليميّة؟ أجابت أ. مجذوب أنّ تقييم المعلّم ليس هدفه النقد، بل الهدف الأوّل هو مساعدته، فالتقييم هُنا لمساعدته في البيئة التي يواجهه فيها الكثير من التحديّات، وتوجيه الدعم له. ما مدى تأثير الراتب المتنبّي في أداء المعلّم؟ أكدّ أ. رفيدي على ضرورة التقييم، بالذات في المدارس المتهالكة ذات الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة، من أجل تحسين العمليّة التعليميّة في هذه البيئات. أمّا بالنسبة إلى الدخل، فيجب أنّ تكون رسالة التعليم واحدة بغضّ النظر عن الدخل. إذا كان أداء المعلّم هو المحدّد لتقييمه، لماذا يختلف التقييم باختلاف المشرِف؟ أرجعت أ. حسن اختلاف التقييم باختلاف المشرف، إلى شكل العلاقة بينه وبين المعلّم، وستؤثّر أيّ خلافات بينهما على التقييم، فالطبيعة البشريّة لا تُطبّق التقييم بشكل موضوعيّ دائمًا. ونصحت أيّ معلّم بأن يقدّم العمل المطلوب منه، وأن يبدعه إذا تمكّن من ذلك، بغضّ النظر عن التقييم. كيف نستفيد من أداء المعلّم الذي وصل إلى درجة الاحتراق الوظيفيّ؟ أكدّت أ. مزاهرة على أنّ وجود فريق متعاون يستمع إلى المعلّم، ويتناقش معه في مشاكله وظروفه داخل الغرفة الصفّيّة، يمنعه من الوصول إلى الاحتراق الوظيفيّ. هل المناهج التعليميّة تؤثر في أداء المعلّمين، وبالتالي في تقييمهم؟ أشارت أ. حسن إلى التأثير السلبي لتغيير المناهج باستمرار، خصوصًا مع عدم وجود الدورات التدريبيّة الكافية أو الخطط الممنهجة، ليتأقلم المعلّم مع هذه المناهج الجديدة، ما يجعل المعلّم أمام مشكلة في تطبيق المنهاج الجديد في المدّة الدراسيّة المحددة.   في خِتام الندوة، قدّم أ. الأمير تلخيصًا للندوة التي سلّطت الضوء على تقييم أداء المعلّم، بجوانبها المُختلفة. وشكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لتحسين عمليّة تقييم أداء المعلّم.  

ندوة: مصادر التعليم المتنوّعة.. تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، بعنوان "مصادر التعليم المتنوّعة: تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم 2. لماذا نستخدم مصادر إضافية؟ ما تلك المصادر؟ 3. دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. استضافت الندوة مجموعة من المتّحدّثين، هم: أ. ألين كرم، معلّمة لغة إنجليزية ودراسات اجتماعيّة في مدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. غادة معلوف مستشارة تربويّة في المدرسة العربيّة الدوليّة، لبنان/ قطر؛ أ. شيرين الجبالي، مديرة ومشرفة تربويّة لقسم التربية والتعليم في بلدة الطيّبة، فلسطين؛ أ. خالد عبده، معلّم لغة عربيّة في مرحلة السنوات المتوسّطة في مدرسة الأهليّة والمطران، الأردن. أدار الندوة أ. محمود عمرة، الحاصل على شهادة الماجستير في الفيزياء من جامعة "لايبزغ" بألمانيا وشهادة الماجستير في التربية من جامعة بيرزيت، وعضو الهيئة التأسيسيّة في منهجيّات. استهلّ أ. عمرة الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر االإساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأول: أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم. بدأ أ. عمرة كلامه بالحديث عن اعتماد الجهات التربويّة في العالم العربيّ على الكتاب المدرسيّ بشكل أساسيّ، وأرجع ذلك إلى الأنظمة المركزيّة. مشيرًا إلى وجود حجج قويّة عند من يرى الإيجابيّات والسلبيّات في الاعتماد على الكتاب المدرسيّ. ومن هنا انطلقت أ.غادة معلوف في حديثها على شكل الكتاب المدرسيّ وتأثير استعماله في العمليّة التعليميّة، وعرّفته بأنّه نصّ ثابت، أي رسالة ثابتة لا بديل منها. تعتمد هذه الرسالة على وجهة نظر معدّي الكتاب، باعتبار وجهة النظر هذه حقيقة مطلقة لا يوجد سواها.   ما سلبيّات الاعتماد على الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ تحدثت أ. معلوف عن الصرامة أثناء الاعتماد على الكتاب المدرسيّ، وهذا النوع من التدريس لا يجعل الطالب منفتحًا على تجارب مختلفة، لأنّه يرتكز على طريقة تعلّم محدودة، تعتمد على مادّة واحدة فقط لا على دمج موادّ مختلفة. فعندما نعتمد على كتاب واحد لكل مادّة، يجزّئ ذلك التعليم، ويحدّ من التفكير العابر للموادّ والربط بينها. واستعمال الكتاب وحده يحرم الطالب من التمييز الحسّيّ والعاطفيّ، وقد أثبتت الدراسات أنّ عمليّة التعلّم لا يمكن أن تكتمل من دون هذين العنصرين. يمنع الكتاب المدرسيّ الطالب من الابتكار، فهو يطلب من المتعلّم الالتزام بنصّ واحد ومهام محدّدة، من غير السماح له بالتفكير النقديّ من أجل الوصول إلى تفكير خاصّ به بعد الاطّلاع على وجهات نظر مختلفة. وعن التعليم العميق قالت أ. معلوف إنّه لا يمكن تنفيذه إلّا من خلال خلق علاقة بين التعلّم وحياة التلميذ. وإذا كان الكتاب مستوردًا من دول أجنبيّة فهذه مشكلة، لأنّ هذا الكتاب لا يعرف تفاصيل البيئة التي يعشيها الطالب، ما يجعل الكتاب منفصلًا عن الحياة اليوميّة. من ناحية أخرى، يتعارض الكتاب الموحّد مع وضع كلّ متعلّم على حدة، فهو يتوقّع مستوى محدّدًا من كلّ المتعلّمين، من غير مراعاة الاختلافات بين المتعلّمين على مستوى الشخصيّة والاحتياجات. وتطرّقت أ.معلوف إلى أثر التكنولوجيا في التعليم وإلى حصول الطالب على معرفة كبيرة خارج إطار الكتاب والمدرسة، ومن خلال وسائل التكنولوجيا المختلفة. وعندما نجبر الطالب والمعلّم عل الالتزام بالكتاب فقط، فنحن نضيّق عليهما، ونمنع المتعلّم من المخاطرة الإيجابيّة. من ناحيتها عبرّت أ. شيرين الجبالي عن تخوّفها من الكتاب المدرسيّ الذي قد يحوّل العلاقة بين المعلّم والطالب إلى علاقة مقهور وقاهر؛ إذ يغيب التفاعل بينهما، وهو واحد من أهمّ العوامل لنجاح عمليّة التعليم، وذلك بدوره يحرم الطالب من الوصول إلى عمليّة التعلّم الذاتيّ والاستقلاليّة، ويحرمه من التواصل مع الأقران لاستكمال عمليّة التعلّم التعاونيّ، ولا ينمّي الجانب الاجتماعيّ عند الطالب. كما يحدّ من استخدامه المهارات الذهنيّة، فلا تتوفّر عنده آليّات للتشبيك بين المعلومات والممارسات اليوميّة في حياته. ولأنّ مناهج الكتب عادةً تكون موحّدة لجميع الطلبة وجميع المدارس، فقلّما نجد فيها مراعاة للفروقات الفرديّة والاجتماعيّة، وبناءً على ذلك سيكون الطالب بحاجة إلى طرق خارجيّة مساعدة لاكتمال العمليّة التعليميّة، فالكتاب ليس المصدر الأساسيّ للمعلومة، بل أحد مراجعها.   المحور الثاني: لماذا نستخدم مصادر إضافيّة؟ وما تلك المصادر؟ أشار أ. خالد عبده إلى عدّة أهداف تدفع إلى تعزيز الكتاب المدرسيّ بمصادر متنوعة، وهي: - مراعاة الفروق الفرديّة والمستويات الأكاديميّة المختلفة - توسيع آفاق ومدارك المتعلّمين وتحفيز خيالهم. - ربط التعلّم بالحياة الواقعيّة. من جانبها استذكرت أ. ألين كرم بدايات مشوارها في مهنة التعليم، مؤكّدة على اعتمادها في ذلك الوقت على الكتاب في تنظيم الحصص الدراسيّة، وبصفتها معلّمة للغة الإنجليزيّة، حدّد الكتاب لها النصوص والأسئلة والأنشطة، وحتّى الأوقات المخصّصة لكل مهمّة. لكنّ هذا الاعتماد رسم حدودًا كثيرة للمعلّم والطالب، وتحوّل دور المعلم إلى ناقل للمعلومة فقط، مع تجاهل دوره في تحفيز المتعلّم على طرح الأسئلة والتفكير الناقد والإبداع. وشاركت تجربتها في تدريس اللغة الإنجليزيّة والدراسات الاجتماعيّة ودمجهما معًا، حيث طلبت من متعلّمي الصفّ السادس ابتكار البلد المثاليّ لهم، وذلك من خلال الاعتماد على روايتين باللغة الإنجليزيّة تتحدّثان عن اليوتوبيا والديستوبيا -المدينة الفاضلة وعكسها. وشجّعت أ.كرم طلبتها على المناقشة والقراءة في الغرفة الصفّيّة، ثمّ الخروج بمشروع نهائيّ هو البلد المثاليّ الخاصّ بكلّ طالب، بعدما تعلّموا في الدراسات الاجتماعيّة معظم الأنظمة الاقتصاديّة المعروفة، واطّلعوا على خرائط دول العالم. جعل هذا المشروع المتعلّمين خلّاقين، حيث عبّروا عن أنفسهم بطرائقهم الخاصّة مع تقبّل الرأي الآخر. ولفتت أ. كرم إلى أنّ مثل هذا النشاط ينمّي عند الطلبة مهارات مختلفة، من بينها القدرة على التعبير، والتفكير النقديّ، وتقبّل الرأي الآخر بل التعلّم منه. ومثل هذه المهارات تساعد الطالب في مختلف مناحي حياته، وتساعده على بناء مستقبل أفضل له.   ما المصادر الأخرى التي يمكن اعتمادها لتعزيز الكتاب المدرسيّ؟ شارك أ. خالده عبده تجربته الخاصّة في استخدام مصادر متنوّعة لعمليّة التعلّم لتعزيز الكتاب المدرسيّ، وتراعي التجربة أنماط التعلّم المختلفة السمعيّة والبصريّة والحركيّة، وهذه المصادر قائمة على ثلاثة محاور رئيسة: 1. تعزيز المحتوى الموجود داخل الكتاب المدرسيّ، وأسقط أ. عبده المثال على درس يتحدّث على الرواية، حيث دعم الكتاب المدرسيّ بالآتي: - نصوص مرئيّة وسمعيّة تراعي أنماط التعلّم (من منصّة يوتيوب). - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل استراتيجيّة فين للتفرقة بين القصّة القصيرة والرواية. - أوراق عمل ومهام إضافيّة (ورقيّة أو رقميّة) تراعي اختلاف مستويات الطلبة. 2. تعزيز الكتاب المدرسيّ بمثال تطبيقي؛ ولهذا شارك أ. عبده متعلّميه لدرس الرواية، نموذج رواية تتحدّث على طفل ضرير ينتقل إلى معهد خاصّ للدراسة، وعزّز هذا المثال التطبيقيّ بأنشطة منهجيّة، مثل: - عرض أمثلة تطبيقيّة ونماذج للمعلومات المذكورة في الروايّة، حيث كانت تتحدّث على لغة برايل للمكفوفين، وأحضر نماذج كتب مكتوبة بلغة برايل. واستخدم الفيديوهات وأوراق العمل والنصوص السمعيّة في الأنشطة المنهجيّة. - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل: استراتيجيّة تقشير الفاكهة لتعزيز الفهم العميق للرواية والوصول إلى لبّ الحدث. 3. تعزيز المثال التطبيقيّ بأنشطة لا منهجيّة، مثل الزيارات الميدانيّة والاندماج في مشاريع خدمة المجتمع، وذكر أ. عبده عددًا من الأنشطة لتعزيز المثال التطبيقيّ، ومنها: - لقاءات مع أشخاص مكفوفين والتعرّف إلى قصص نجاحهم، والتحدّيات التي واجهوها. - زيارة (المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة) للتعرف إلى أبرز احتياجاتهم وطرق تيسير حياتهم، والتحدّيات التي تواجه المكفوفين، والتوعيّة بسبل مساعدتهم والطريقة الأمثل في التعامل معهم. هنا أكّدت أ. معلوف على أنّ استخدام وسائل تعلّم من الحياة تجعل هذا التعلّم أعمق. وذكرت على سبيل المثال استعمال الجريدة وفاتورة السوبر ماركت ووصفة الطبيب في العيادة، فكلّما استعملنا هذه الوسائل ساعد ذلك عمليّة التعليم.  وتطرّقت إلى التكنولوجيا وأهمّيّتها وسيلةً مساعدة. كما لفتت إلى ضرورة الاستفادة من الكتب غير المنهجيّة. ووَضّحت أ. شيرين الجبالي عددًا من أساليب التدريس التي يمكن دمجها مع الكتاب المدرسيّ، والتي تحاكي فئات الطلبة المختلفة، منها: - الصفّ المعكوس: أن يُحَضّر الطالب الدرس في المنزل، ويجمع عنه المعلومات، ثمّ يعرضه على زملائه في الصفّ. - التعلم التعاونيّ: من خلال تقسيم الطلبة إلى مجموعات مختلفة، وكلّ مجموعة تأخذ مهمة مختلفة في الموضوع ذاته. - التعلّم خارج الصفّ: ولا سيّما في المواضيع العلميّة كونها شديدة الارتباط بحياتنا اليوميّة، ويمكن تنفيذ أنشطة خاصّة بهذه المواضيع في الحدائق والشوارع وغيرها. - إدماج التكنولوجيا: داخل الفصل الدراسيّ وخارجه. - التعلّم بالبحث والاستقصاء. - إدماج الفنون وتداخلها في كلّ المواضيع التعليميّة، سواء اللغات أو العلوم أو غيرها، ولا سيّما الفنون الحسيّة والحركيّة، مثل إدماج الدراما بتمثيل دروس مادّة اللغة العربيّة.   المحور الثالث: دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة.    افتتح أ. محمود عمرة المحور بتصوّره مديرًا لمدرسة حكوميّة فيها عدد كبير من الطلبة، وهو يؤمن بضرورة استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. لكنّ هناك عددًا من التحدّيات التي سيواجهها مع الأساتذة في مثل هذه المدرسة، من بينها مستويات المعلّمين المختلفة، وضرورة وصول المعلومات للطلبة بطريقة تضمن اجتيازهم الامتحانات الرسميّة المعتمدة على الكتاب المدرسيّ. وانطلاقًا من هذا المثال طرح أوّل أسئلة المحور:   كيف يمكن تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة مع وجود تحدّيات مختلفة؟  في إجابتها، أكّدت أ. معلوف على ضرورة النظر إلى مصادر العمليّة التعليميّة باعتبار الكتاب المدرسيّ مرجعًا للمادّة الأساسيّة، مع ضرورة التركيز على أهمّيّة المعلّم نفسه وخبراته ومعرفته. وأشارت إلى ضرورة تعاون المعلّمين معًا من أجل تبادل الأفكار والخبرات لتخطيط جماعيّ غنيّ. ثم نوّهت بضرورة الاستفادة من الموارد الحياتيّة التي تساعد في العمليّة التعليميّة، من دون تكاليف باهظة. وفي السياق ذاته شدّدت أ. كرم على ضرورة إعطاء المعلّمين المساحة للتجربة والاختبار، مع وجود هدف واضح للمخرجات التعليميّة. وتجربة المعلّمين هذه في التخطيط والتفكير تنتقل بالضرورة إلى الطلبة، ليكون معلّموهم نموذجًا لهم في الإبداع والعمل الجماعيّ.   ما ردود فعل الأهالي عندما يقوم المعلّم باستخدام مصادر أخرى؟ وهل استخدام المصادر المتنوّعة يشكل عبئًا إضافيًّا على المعلّمين؟ داخل أ. عبده حول ردود فعل الأهالي، ووصفها بأنّها كانت إيجابيّة في أغلبها، والشاهد على ذلك أنّ الطلبة بمختلف مستوياتهم، كانوا يفهمون المعلومة بواحدة من المصادر المختلفة على الأقلّ. أمّا من ناحية المجهود الإضافيّ على المعلم، وضَّح أ. عبده أنّ كثيرًا من المعلمين في أيّامنا هذه أصبحوا يؤمنون بأنّ التعلّيم بات يرتكز على الطلبة أكثر من المعلّم. وأكّد على ضرورة الاستثمار بالمعلّم من خلال الورش التعليميّة والدورات التدريبيّة القادرة على خلق تغيير في عقليّة المعلّمين وطريقة تفكيرهم نحو طرق التدريس.   كيف يمكن أن تشجّع الإدارات المدرسيّة المعلّمين على استخدام المصادر المتنوّعة؟ داخلت أ. الجبالي حول ضرورة العودة إلى صنّاع المناهج في هذا الموضوع، قبل الإدارات المدرسيّة. فهؤلاء الصنّاع ينتمون بالتأكيد إلى أيديولوجيّات وسياسات محدّدة، يرغبون في إدراجها ضمن هذه المناهج. وهذه السياسات تنعكس على مخرجات التعليم بطبيعة الحال. ويجب أن يتبنّى صنّاع القرار اتّجاهات معيّنة، مثل تطوير المناهج وتخطيط البرامج التربويّة والاهتمام بالعاملين في قطاع التعلّيم والعمل على نماء المعلّم ذاتيًا ومهنيًا. وهؤلاء العاملين في القطاع التربويّ، يشملون أيضًا القادة التربويّين، من مديري مدارس ومشرفين. وأضافت أنّ الجدير بالذكر هنا، ضرورة التفات أصحاب القرار إلى تقديم الدعم الكافي لفئات الطلبة المختلفة والمتنوّعة، ومراعاة التمايز بينهم، وتوفير الموارد اللازمة. والقصد بالموارد هنا، تلك التي تسّهم في تحسين البيئة التعليميّة الصفّيّة والمجتمعيّة، وتوفير الموازنات الكافية لتدعيم المدارس بالبرامج اللامنهجيّة التي تساعد في تفعيل الطلّاب حركيًّا واجتماعيًّا. وأشارت أ. جبالي إلى أنّ تمكين كلّ عنصر في هذه المنظومة المتكاملة، يساعد في تجذير الرؤية لتصبح نمط حياة مدرسيّ كامل ومتكامل. من هنا، يجب أن يكون تصميم المناهج على يد صنّاع القرار بروح الرؤية التكامليّة للمنظومة، وأن تدور محاور هذه المناهج حول الأنشطة التفاعليّة بين الطلّاب أنفسهم، وبين الطلّاب ومعلّميهم والمجتمع، وهنا، يكون المعلّم مرشدًا وموجهًا ووسيطًا للمعلومة، وليس مجرّد ملّقن لها. ويكون الطالب فاعلًا، ونشطًا ومتعلّمًا ذاتيًّا ومستقلًّا. وذكرت أ. الجبالي أمثلة على مجموعة من الدول التي لا تعتمد على الكتب المدرسيّة، وإنّما تصمّم مناهج بمحتوى ومضامين تراعي الفئات العمريّة، وخصوصًا في المراحل الأساسيّة، لكنها تهتمّ بتدريب المعلّمين وتأهيلهم على كيفيّة تمرير هذه المناهج. ومن هذه الدول نيوزلندا التي تعتمد مصادر متنوّعة للمعلومات، ويُمكَّن الطلاب فيها من البحث عن هذه المصادر واستقصاء المعلومات بالاعتماد على أساليب تعليم غير نمطيّة، بحيث تسهّل على الطالب تشبيك المعلومات في حياته اليوميّة، وكذلك الحال في بريطانيا. أمّا في فنلندا، فلا يمسك الطالب القلم قبل عامه التاسع، قبل ذلك يُحضَّر عاطفيًّا واجتماعيًّا بأنشطة حركيّة داخل المدرسة وخارجها. وفي سان دييغو، هناك مدارس لا تستخدم الكتب أبدًا، وتعتمد منهاجًا خاصًّا يتمحور حول العدل الاجتماعيّ وتكافؤ الفرص لكلّ طالب. ويُدرّب العاملون في هذه المدارس على كيفيّة تصميم مضامين هذه المناهج وتمريرها للطلبة، بتدريب من الإدارات التربويّة التي تعتمد على هذه الرؤية، والتي تُصمّم برامج تعتمد أسس النماء الذاتيّ والمهنيّ للعاملين في الميادين التربويّة، بحيث يُمكَّنون من الابتكار والخروج عن النمطيّة، وهذا يقع على عاتق أصحاب القرار. عندما يكون أصحاب القرار هم القاهرين والمعلّمون المقهورين، حتمًا الكتاب سيكون آلة للقهر، فيصير الرهان على المعلّمين والمعلمات، وعلى ابتكارهم وإبداعهم الذاتيّ مع طلّابهم.   أسئلة الجمهور - إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعيّ إلغاء الكتب المدرسيّة؟ أجابت أ. معلوف عن هذا السؤال بالتفرقة بدايةً بين الدول التي تستعمل الكتاب المدرسيّ، والمدارس الخاصّة التي تستعمل الكتاب المدرسيّ. فمن ناحية الدول، استعمال الكتب وتوزيعها أسهل بكثير من ناحية التكاليف والتخطيط من استخدام الذكاء الاصطناعيّ. وإذا أردنا استخدام الذكاء الاصطناعيّ، يجب التأكّد من أنّ التكنولوجيا تصل إلى كلّ التلاميذ؛ فعلى سبيل المثال، في وقت جائحة كوفيد 19، لاحظنا أنّ العديد من التلاميذ والمناطق يفتقرون إلى وجودها. وحتّى الذين تتوفّر عندهم التكنولوجيا، لا يتمتعون بالضرورة بالتفكير النقديّ والإبداع لاستعمالها بشكل سليم، فمن دون تفكير نقديّ، لا يختلف الذكاء الاصطناعيّ عن الكتاب. يجب التفكير بالذكاء الاصطناعيّ بكونه مصدرًا يمكن استعماله. وأيّ مصدر نستخدمه، يجب أن نمتلك التفكير النقديّ عند استعماله. وفي الموضوع، أشار أ. عبده إلى أنّ الثابت الوحيد في هذا الكون هو التغيير، ولا بدّ من إيجاد طرق مختلفة خارج الصندوق للقدرة على الاستمرار. وفي ما يتعلّق بالذكاء الاصطناعيّ، لا يمكن أن يحلّ مكان الكتاب، وهو سيكون جزءًا من الأدوات المساعدة. وإذا كان المعلم يركّز على المهارات وليس على المحتوى، هنا نصنع الفرق. من ناحيتها، اتّفقت أ.  كرم مع أ. عبده في ما يخصّ مسؤوليّة المعلّم في التركيز على المهارات التي يمكن أن تعلّم بكافة الطرق، لا أن يركّز فقط على إيجادها في الكتاب المدرسيّ، مع وجود حالة تعلّم دائم بين المعلّم والمتعلّمين، حتى تُطوّر عمليّة التعلّم. وقبل ختام الندوة أشارت أ. الجبالي إلى ضرورة تطوير الكتاب وتخطيطه وتصميمه بطرائق مختلفة، تُقدّم إلى الطالب استراتيجيّات تعلّم مختلفة تساعده على توسيع مداركه، مع الاستعانة بكلّ مصدر يمكن أن يعطي المعلومة. والرهان هنا على العاملين في الميادين التربويّة بالحفاظ على الإبداع والابتكار.  من جهتها، أكّدت أ. معلوف على أنّ المعلّم هو من يقرّر الطريقة التي يستخدم بها الأستاذ الكتاب، فهو من يمتلك القدرة على مساعدة التلميذ في التفكير، ومن واجبه التفكير في الجانبين الحسيّ والعاطفيّ، وتقديم التفكير النقديّ والابتكاريّ، واستعمال استنتاجات تساعد على التفكير، إلى جانب استعمال الكتاب.   في خِتام الندوة، شكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لتطوير مصادر التعلّم المختلفة.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

الريادة في عصر الذكاء الاصطناعيّ: التنقّل في مستقبل التعليم
لم يعد الذكاء الاصطناعيّ مفهومًا مستقبليًّا. إنّه يغيّر الصناعات بسرعة ويعيد تشكيل عالمنا. يقف التعليم أيضًا على مفترق طرق، ويستعدّ للاست... تابع القراءة
سنعودُ يومًا... حتمًا عدنا
تقفُ غزّة على حافة الطرق، وقد لاحت لها مشارف نجاة. يتبعها وقوف على الأطلال، بين فرح منتظَر وحزن مؤجّل، يدوران في قلبها كما تُدير الرحى يد... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

سحر معين درويش- معلّمة مرحلة أساسيّة ومقدّمة خدمات دعم نفسيّ اجتماعيّ- فلسطين

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ أكثر الاستراتيجيّات التي وجدت أنّها تؤثر بعمق في الطلّاب، استراتيجيّة "قصص الحياة". أبدأ الحصّة بقصّة قصيرة تتناول تجربة شخصيّة، أو مواقف عاشها أشخاص في أوقات صعبة، تشبه ما يمرّون فيه. تجد هذه القصص تفاعلًا كبيرًا من الطلّاب، فهي ليست مجرّد كلمات، بل تجسيد لما قد يواجهونه، ما يمنحهم شعورًا بالمشاركة والفهم. استطعت بذلك أن أرى عيونهم تتألّق، وكأنّهم قد وجدوا في هذه القصص نافذة صغيرة تمنحهم أملًا ودافعًا إلى التعلّم على الرغم من الظروف.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ أحاول أن أستفيد من التكنولوجيا أداةً لتقريب المسافات وتوسيع مدارك الطلبة، لكنّني أضع في أولويّتي التفاعل المباشر. فأفتح في جلسة التعليم الإلكترونيّ نافذة للدردشة، إذ أستمع فيها إلى مشاعرهم وتجاربهم اليوميّة. أحرص على أن يشعروا بوجودي ليس فقط معلّمةً، بل إنسانةً متواجدة لأجلهم. التوازن بين الجهتين هو أن تُعلّمهم أدوات العصر، ولكن تجعل إنسانيّتك جسرًا لهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ اكتشفت في بداياتي أنّني أُفرط في الشرح، فأحاول إيصال كلّ شيء دفعة واحدة، ما كان يُثقل عقول الطلّاب الصغار. تعلّمت، مع مرور الوقت، أن أبسّط الأمور لهم على مراحل؛ فالتعليم ليس سباقًا، بل رحلة متأنّية في كلّ محطّة منها، ويستحقّ الطلّاب فرصة لاستيعاب ما يجري من حولهم. بدأت بتوزيع الدروس على خطوات صغيرة وبنّاءة، وأصبح طلّابي أكثر فهمًا وتفاعلًا.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ أعتقد أن تطوير مهارات التواصل الوجدانيّ يجب أن تكون على رأس الأولويّات. كما يجب التطرّق إلى موضوعات، مثل إدارة الصفّ في ظلّ الأزمات، وخلق بيئة تعلّم مرنة. ورشة تعزّز مفهوم الصمود النفسيّ للمعلّمين أنفسهم، وتؤهّلهم للتعامل مع الطلّاب أفرادًا يمتلكون قصصًا وتحدّيات خاصّة تستحقّ الاحترام.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أراه أساسيًّا؛ فالترابط بين المعلّمين يعزّز الخبرات ويوحّد الرؤى. أقترح إنشاء منصّة تواصل خاصّة تجمع المعلّمين من مختلف البلاد العربيّة، يتبادلون فيها التجارب والنصائح. ويلقون الضوء على حلول قد تساعد في مواجهة التحدّيات المشتركة، فتكون بمثابة مساحة أمان لهم.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أخصّص وقتًا دوريًّا للتواصل مع أولياء الأمور، أحكي لهم ما يجري في الحصص، وأشاركهم بعض قصص أبنائهم الجميلة. أدعوهم إلى الانضمام إلى أنشطة تعليميّة خفيفة. أجدُ أنّ هذا النهج يشجّعهم على التقرّب من أبنائهم، والاطّلاع على مسارهم التعليميّ، ما يشكّل حلقة دعم مهمّة للطفل.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أجدُ متنفّسًا في الكتابة، أستمدُّ القوّة من قلمي. أكتب عن تجاربي الصغيرة واليوميّة، وأفرّغ من خلالها ضغوطات العمل. أستعين بلحظات التأمّل مع نفسي، وأجعل من القراءة نافذة أطلّ بها على عوالم أخرى، لتذكّرني أنّ هناك أملًا يشرق من قلب كلّ أزمة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أستخدم ما أسمّيه "قاعدة الأولويّات الثلاث": في كلّ يوم أحدّد ثلاثة أهداف رئيسة فقط، وأضع كلّ جهدي في إتمامها. أوزّع المهامّ بحيث تكون أولويّاتي اليوميّة واضحة. وأتجنّب إرهاق نفسي بمحاولة تحقيق كلّ شيء دفعة واحدة. تقسيم المهام يعينني على الاستمرار بإيقاع متوازن من دون إنهاك.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم جعلني أرى الحياة من زاوية أوسع، أقدّر مشاعر الأطفال وأحلامهم التي تحفّزني على التطوير. لكن في المقابل، جعلني هذا العمل أحيانًا أتجاهل احتياجاتي الشخصيّة، إذ غالبًا ما أضع طلّابي في المقدّمة، متناسيةً أنّ لي نصيبًا أيضًا من الرعاية والاهتمام.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ إحدى أطرف الحوادث التي حصلت معي، كانت عندما كنت أعلّم طلّاب الصفّ الأوّل، عن الجمع بطريقة مبسّطة. كنت أشرح لهم كيفيّة جمع الأرقام باستخدام أصابعهم، فلاحظت طفلًا يرفع أصابعه بشكل عشوائيّ، ويعدُّ بصوت عالٍ، فقلت له: "حسنًا، كم صار معك الآن؟" نظر إلى يديه بتركيز وقال: "معي خمسة في هذه اليدّ، وأربعة في هذه اليدّ، لكن إذا قلبت يدي هكذا يصير العدد أكثر!" وضحك جميع الطلّاب، ولم أتمالك نفسي من الضحك. هذه الحادثة جعلتني أقدّر براعتهم الفطريّة في إيجاد حلول طريفة وخارجة عن المألوف.  

روزان علو- معلّمة صفّ وقائدة فريق مرحلة الروضة الثالثة- سوريّا/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ من الاستراتيجيّات التي أحبّها كثيرًا، والتي أثبتت فعاليّتها في الغرفة الصفّيّة، استراتيجيّة البوصلة. أجد أنّ هذه الاستراتيجيّة ملائمة لمرحلة رياض الأطفال وممتعة في الوقت ذاته، لأنّها تجمع بين اللّعب والحركة والحماس، كما أنّها مرنة وسهلة، ويمكن تكييفها لتناسب المفاهيم والأهداف المختلفة. تتمثّل الاستراتيجيّة في توزيع بطاقات على جميع الطلّاب باستثناء ثلاثة منهم، والذين يتّخذون مواقع مختلفة في زوايا الصفّ حاملين لافتات كبيرة، بعد ذلك يفتح الطلّاب بطاقاتهم ويجري كلّ منهم نحو اللافتة المناسبة لبطاقته خلال عشر عدّات على سبيل المثال، وغالبًا ما تُدمج هذه الاستراتيجيّة بالرياضيّات، إضافة إلى الأهداف التعليميّة الأخرى للتطرّق إلى العدّ ومقارنة الأعداد، من خلال حساب عدد الطلّاب في كلّ مجموعة. يتجاوب الأطفال مع هذه الاستراتيجيّة بشكل إيجابيّ جدًّا، فهي لا تعزّز فقط التفاعل النشط والمشاركة الفعّالة فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز روح التعاون بين الطلّاب. كما أنّ الفرح والحماس الواضحين على وجوه الأطفال يعكس مدى فعاليّتها.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ صارت مواكبة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم جزءًا أساسيًّا في العمليّة التعليميّة، وأمرًا لا مفرّ منه. ولا شكّ طبعًا أنّ هذه الأدوات تسهم في تقديم أساليب جديدة في العمليّة التعليميّة. ونحن في النهاية لا نريد أن ننشئ جيلًا منفصلًا عن الواقع، ولكنّ المحافظة على الجوانب الإنسانيّة ما تزال أمرًا بالغًا في الأهمّيّة، له دور كبير في ضمان تجربة تعليميّة متوازنة. وفي هذا السياق، عندما أخطّط للأنشطة في الصفّ بصفتي معلّمةً رياض أطفال، أحرص على أن تكون بيئة التعليم بيئة متكاملة تراعي تنوّع الأساليب والوسائل التعليميّة. فأقوم بتضمين أركان مختلفة، مثل ركن الأنشطة التكنولوجيّة، وركن الأنشطة الحسّيّة، وركن الأنشطة الحركيّة، وركن الأنشطة الإبداعيّة. ولتعزيز التوازن، أمنح الأطفال فرصة المرور على جميع الأركان بشكل دوريّ. هذا التوزيع يضمن تفاعل الأطفال مع مختلف الأنشطة، ويعزّز من قدرتهم على التوازن بين التكنولوجيا والجوانب الإنسانيّة الغنيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مسيرتي التعليميّة، كنت أُسرع في تغطيّة المعايير والأهداف التعليميّة، من دون تركيز كافٍ على الجوانب الاجتماعيّة والعاطفيّة لنموّ الطلّاب. ومن دون شكّ أحد أسباب ذلك، أنّه عندما كنّا طلّابًا على مقاعد الدراسة لم نحظَ باهتمام كبير في هذه الجوانب، وبالتالي كان من السهل تجاهلها في بداية رحلتنا التعليميّة. أمّا عمّا فعلته حيال ذلك، فقد بدأت بتغذيّة هذه الجوانب بنفسي أوّلًا، من خلال قراءة الكتب والمقالات التي تتناول تطوير الجوانب الاجتماعيّة، وتحرير المشاعر، والتي تركّز بدورها على تنميّة هذه المهارات للإنسان بشكل عامّ. حتّى منصّات وسائل التواصل الاجتماعيّ التي أتابعها، أغلبها يتمحور حول النموّ الاجتماعيّ والعاطفيّ. فكان من السهل لاحقًا دمج هذه الجوانب بشكل فعّال وحقيقيّ في ممارساتيّ التعليميّة.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ من الموضوعات المهمّة التي أحبّ تناولها عند إعداد ورشة عمل للمعلّمين: كيف يمكننا من خلال النشاط القصصيّ، هذا النشاط الذي قد يراه البعض بسيطًا، لكنّه يركّز على جوانب عدّة: تربويّة، وتعليميّة، ونمائيّة، أن نسهم في تطوير مهارات متعدّدة لدى الأطفال وتعزيزها؟ ومنها تحفيز مهارات التفكير وتطويرها، كما تطوير الأداء اللغويّ والتعبير عن المشاعر والتفكير بحلول للمشكلات، إلى جانب تنميّة مهارات الاستماع والخيال، ودعم مهارات القراءة والكتابة. وإضافة إلى عناصر السرد القصصيّ. يجب أن تركز الورشة على الاستراتيجيّات التي سنوظفها ونقوّمها بما يتناسب مع مرحلة رياض الأطفال.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين والمعلّمات في عالمنا العربيّ أمران مهمّان للغاية، وخصوصًا بالنسبةِ إلى الدول التي تتعرّض أو تعرّضت إلى أزمات، فهذا بكل تأكيد سيؤثّر، بشكل مباشر، في مواكبة مناهج هذه الدول للتطوّرات التعليميّة العالميّة، وأيضًا التطورات التكنولوجيّة في مجال التعليم. أمّا بالنسبة إلى المبادرات التي يمكن تنفيذها لتحقيق هذا التشبيك، فالمنصّات التعليميّة والدورات التدريبيّة المشتركة بين المعلّمين عن بعد، والمؤتمرات التعليميّة، تؤدّي دورًا هامًّا. ولكن هذه المبادرات ليست كافية بمفردها؛ نحن بحاجة ماسّة إلى إجراءات تتدخّل فيها الحكومات بشكل مباشر، مثلًا إرسال بعثات ميدانيّة لتبادل الخبرات، مع ضرورة التنسيق مع أعضاء البعثة لنقل المعرفة، وبناء برامج تضمن تكرار هذه البعثات. وأقترح أيضًا فتح فروع لمدارس ذات تجارب ناجحة في بلدان أخرى، ما يسهم في تطوير جودة التعليم ونقل الممارسات بشكل مستمرّ.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من بين الممارسات الجميلة والفعّالة التي تتّبعها مدرسة الأكاديميّة العربيّة الدوليّة التي أعمل فيها، تنظيم جلسات تعريفيّة لأولياء الأمور في بداية كل عام دراسيّ، نشرح فيها برنامج المدرسة وتطلّعاتنا وأهدافنا التعليميّة. هذه الجلسات تسهم كثيرًا في كسر الحواجز، وتبني علاقة لطيفة بين المعلّمين وأوليّاء الأمور في بداية العام الدراسيّ. ومن الممارسات الهامّة أيضًا في هذا السياق مشاركة وليّ الأمر بالتطوّرات التي يحقّقها طفله في مختلف المهارات، من خلال صورة، أو فيديو يوثّق إنجاز الطفل وتقدّمه، يُنشر عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ الرسميّة للمدرسة. هذه المشاركة تعزّز من تفاعل أوليّاء الأمور، وتمنحهم فرصة للاحتفاء بطفلهم بشكل مباشر، وتشجّعهم على الاهتمام أكثر. كما نهتمّ في اجتماعاتنا مع أوليّاء الأمور، بالتركيز على إيجابيّات الطفل. وفي حال كان يواجه تحدّيًا في جانب معيّن، نوضح لوليّ الأمر أنّ هدفنا ليس تقديم ملاحظات سلبيّة عن طفله، إنّما نحن هنا لنتعاون على دعمه، ومساعدته على تحسين أدائه. هذه النقطة عندما تصل لوليّ الأمر ستشعره بالراحة والأمان، ويتحوّل من موقف الدفاع إلى طرف فعّال في العمليّة التربويّة والتعليميّة، وستعزّز الثقة بينه وبين المعلّم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ لا شكّ أنّ التطوّر السريع والتحدّيات المستمرّة في عمليّة التربيّة والتعليم، زادت من ضغوطات العمل والمهامّ الملقاة على عاتق المعلّم، والتي يمكن أن تؤثر في صحّتنا النفسيّة والجسديّة بشكل مباشر أو غير مباشر. نحن بحاجة ماسّة إلى الاهتمام بصحّتنا النفسيّة لضمان الاستمرار في العطاء؛ فالأطفال أوّلًا وأخيرًا يحتاجون إلى معلّم سعيد ومتزّن، وليس معلّمًا مرهقًا ومُسْتَنزفًا. ولتعزيز صحّتي النفسيّة، أخصّص لنفسي وقتًا يوميًّا بعيدًا عن المهام المدرسيّة والمنزليّة، مهما كان هذا الوقت قصيرًا، بحيث أصبح جزءًا أساسيًّا في يومي. أمارس فيه الرياضة التي بدأت فيها مؤخّرًا، فهي تسهم كثيرًا في تجديد نشاطي. كما أمارس بعض تمارين التنفّس البسيطة بين الحين والآخر، والتي تساعدني على الاسترخاء. وأحبّ كثيرًا الاعتناء بالنباتات المنزليّة، فهذا النشاط من الأنشطة التي تمنحني طاقة إيجابيّة كبيرة. أيضًا القراءة في نهاية اليوم، حتّى لو لعشر دقائق، لكتب تكون غالبًا لا تتعلّق بالتربيّة والتعليم. شعاري دائمًا لتهيئة جيل متوازن: ابدأ بنفسك أولًا.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أهمّ استراتيجيّة وأفضلها بالنسبة إليّ لتنظيم الوقت هي: التخطيط والكتابة؛ دفتر ملاحظاتي يلازمني من بداية اليوم، أدوّن فيه جميع المهامّ المطلوبة، مهما كانت بسيطة، مع ضرورة ترتيبها حسب الأولويّة، بما يتيح متابعة ما يجب إنجازه. وأكثر ما يشعرني بالإنجاز شطب المهام التي انتهيتُ منها. أشبّه هذه الاستراتيجيّة بشخص توجد أمامه مجموعة من الأوراق المبعثرة والملقاة بطريقة عشوائيّة، واستراتيجيّة كتابة المهام حسب الأولويّة ترتّب الأوراق أمامه بشكل منظّم.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. ما لا يختلف عليه اثنان أنّ مهنة التعليم من المهن الإنسانيّة السامية، تتمتّع بالكثير من الجوانب الإيجابيّة. ولكن، من منظوري الشخصيّ، أراها من أكثر المهن التي تشعرك بالإنجاز العميق. ففكرة أن نلمس التطوّر الواضح على الأطفال بعد أسابيع قليلة، وأن نلاحظ نموّهم الأكاديميّ والشخصيّ بعد فترة قصيرة، والشعور بالإسهام في بناء مستقبل الأطفال وتنمية مهاراتهم، تجربةٌ إنسانيّة ممتعة لا تقدّر بثمن، تمنحني شعورًا بالرضا لا يضاهيه شعور. حتّى التقدير والامتنان اللذان نتلقّاهما من أولياء الأمور، كوننا نتعامل بشكل مباشر مع أبنائهم، يضيفان قيمة كبيرة إلى مهنة التعليم. أمّا عن السلبيّة، فهناك تحدٍّ أواجهه كأمّ، حيث أشعر أحيانًا بأنّ طاقتي قد استنزفت بالكامل خلال ساعات العمل، وأجد صعوبة في متابعة مهامّ أطفالي المدرسيّة، فتحقيق التوازن هنا يحتاج إلى طاقة كبيرة جدًّا.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في عالم رياض الأطفال تكاد لا تخلو أيامنا من المواقف الطريفة والبريئة، لكن هناك لحظات تظلّ عالقة في الذاكرة دائمًا. أثناء تدريسي مرحلة الروضة الثانيّة في مدرسة بريطانيّة، حيث الأطفال لا يتجاوزون الخامسة من عمرهم، صادفتني حادثة كانت من أطرف اللحظات وأجملها. لغة طفلي يوسف الأولى كانت الإنجليزيّة، واللّغة العربيّة التي تعرّض إليها كانت اللهجة العاميّة لبلده. وكانت لديه رغبة كبيرة بالتحدّث دائمًا بالفصحى، خصوصًا أنّنا في الصفّ نستخدم اللغة العربيّة الفصحى والمبسّطة قدر الإمكان. جاءني يوسف صباح أحد الأيام، ويبدو أنه قد تعرّض إلى حادث بسيط في المنزل، وكان يرفع يده بطريقة غريبة. لاحظت وجود خدش بسيط على ذراعه، فسألته: ما بك يا يوسف؟ ما الأمر؟ صمت لثوانٍ وأجاب: معلّمتي هذه هي "واوتي" (طبعًا كلمة "واوا" يقصد بها مكان الخدش). هنا اختلطت مشاعري بين الضحك والفخر من تعبيره البريء، ومحاولته الدائمة للتحدّث بالفصحى في أيّ موقف. هذا اللحظات كفيلة بأن تذكّرنا بأنّ الأطفال يعبرون عن أنفسهم دائمًا بطرق مبدعة ومؤثّرة، وإنّ لم تسعفهم الكلمات.  

مجد مالك خضر- معلّم- الأردن

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ استخدمتُ كثيرًا من الاستراتيجيّات التعليميّة، ووظّفتها وفقًا لطبيعة الدرس ومتطلّباته. وأرى أن الأكثر فعاليّة كانت استراتيجية (المعلّم الصغير)، إذ أظهر كثيرٌ من الطلّاب في مختلف المراحل الدراسيّة التي درّستها، استعدادًا للمشاركة في شرح الدرس وتوضيحه لزملائهم، ما أسهم في تعزيز التفاعل الإيجابيّ داخل الصفّ.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يعدُّ تحقيق هذا التوازن تحدّيًا لكلّ معلّم، فتُوفّرُ التكنولوجيا فرصًا كثيرة للتعلّم والتعليم. وتُقدِّمُ أدوات تعليميّة مفيدة جدًّا. ولكنّها بالطبع لا تغني عن التفاعل الشخصيّ. حيث أستطيع تحقيق التوازن من خلال توظيف أدوات التكنولوجيا وتطبيقاتها، بما يساند العمليّة التعليميّة، بالتزامن مع استمرار التواصل بيني وبين الطلّاب، حتّى أتمكّن من تحقيق التفاعل المطلوب لإيصال المعلومات إليهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ أي مُمارسة خاطئة ارتكبتها بالتأكيد لم تكن مقصودة، وجاءت نتيجة قلّة الخبرة في بداية مسيرتي الوظيفيّة. وأرى أنّي أخطأتُ عندما بدأتُ عملي معلّمًا باعتماد طريقة التدريس التقليديّة؛ أي التلقين. فكانت الحصّة مملة، وبطيئة، وغير تفاعليّة، ولكن استطعتُ التخلّص من ذلك بعد اكتساب الخبرة والمهارات اللازمة، لتوظيف أدوات التعليم التفاعليّة واستراتيجيّاته بأفضل الطرق والوسائل.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ ستكون ورشة العمل عن استراتيجيّات التقويم وأدواته، فكثيرٌ من المعلّمين، تحديدًا الجُدد منهم، قد يجدون صعوبة في تقييم أداء الطلّاب، أو لا يوظّفون أدوات التقويم المناسبة لكل نتاج من نتاجات الدروس. من هُنا، ستساعد مشاركتهم في ورشة عن التقويم وأدواته، على اكتساب مهارات رصد أداء كلّ طالب بصورةٍ حقيقيّة وواقعيّة.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أرى أنّ التشبيك والتواصل بين المعلّمات والمعلّمين من الأمور الضروريّة جدًّا، إذا إن تبادل الآراء والخبرات بينهم يُقدمُ حلولًا لكثيرٍ من القضايا التربويّة والتعليميّة. ومن الممكن إطلاق مبادرة التشبيك بينهم من خلال عقد لقاءات مستمرّة، باستخدام تقنيّات الاتّصال الرقميّ الحديث وتطبيقاته، وزيادة عدد مجتمعات التعلّم الإلكترونيّة.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحرصُ على استمرار التواصل معهم، سواء من خلال اللقاء المباشر أو الهاتف أو تطبيقات التواصل الاجتماعيّ، ما يُساعدُ في اطّلاعهم على تعليم أطفالهم، وتحديد أوضاعهم الدراسيّة، ومتابعة أيّ ملاحظات على أدائهم. وهكذا يتحقّق التعاون بين أولياء الأمور والمعلّمين، والذي يكون في مصلحة الطلّاب وتعليمهم.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أحرصُ على الفصل بين العمل وحياتي الشخصيّة، إذ أخصّص وقت العمل للقيام بالمهام المتعلّقة به. أما باقي اليوم، فأُنفّذُ فيه نشاطات مختلفة، كالخروج مع الأصدقاء، وقراءة الكتب، ومشاهدة التلفاز أحيانًا، ما يُساعدني في الحفاظ على توازن في صحّتي.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أُوزّعُ الأنشطة والمتطلّبات اليوميّة وفق الأولويّات، بحيث أُنهي المطلوب منّي في العمل، ثم أنفّذ الأنشطة المتبقّية. وأحرصُ على التدوين حتّى لا أنسى شيئًا، وأستطيع تنظيم الوقت بأفضل طريقة.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. من الآثار الإيجابيّة لمهنة التعليم في حياتي عملي معلّمًا، ودوري في تنشئة أجيالٍ من الطلّاب، والمشاركة في إثراء معلوماتهم وثقافتهم. أما الآثار السلبيّة، فتأتي أحيانًا بسبب غياب بعض الوسائل التعليميّة لتنفيذ نتاجات الدروس.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ من الحوادث الطريفة التي حصلت معي، أنّني في بداية عملي في التعليم، كنتُ أكتب أسماء الطلّاب في دفتر العلامات والذي ينتهي عند الرقم 25. وبينما كنت أكتب الأسماء توقفت عند الرقم 25 في الصفحة، وكان عدد طلّاب الصفّ أكثر من ذلك، فارتبكتُ وتوقفتُ عن الكتابة، وسألتُ أكثر من معلّمٍ في وقتٍ واحد عن حلّ هذه المعضلة التي واجهتني، فضحكوا، علمًا بأنّهم كانوا أكبر منّي في العمر، وكنتُ أصغرهم. وأجابوني أنّ الحلّ بسيط، أن أكمل كتابة أسماء الطلّاب على الصفحة التالية، بداية من الرقم 26 إلى أن ينتهي عدد طلاب الصفّ.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

النموّ اللغويّ عند الأطفال: تسلسل زمنيّ وأهمّ النصائح

يعدّ النموّ اللغويّ عند الطفل أمرًا أساسيًّا لمساعدته على التفاعل مع مجتمعه، فهو ما يساعده على التعلّم والاختلاط مع أفراد المجتمع. ومن هنا، تأتي أهمّيّة التعرّف إلى مراحل النموّ اللغويّ عند الأطفال لتحديد المشكلات وتصحيحها مبكّرًا قبل فوات الأوان. فما المقصود بالنموّ اللغويّ عن الطفل؟ وما أهمّيّته؟ وما المراحل التي يمرّ فيها الطفل لينمو لغويًّا؟ لنكتشف ذلك معًا.   ما النموّ اللغويّ عند الطفل؟  النموّ اللغويّ هو العمليّة التي يتمكّن الطفل بها من اكتساب القدرة على معالجة الكلام والتواصل مع الآخرين. خلال هذه العمليّة، قد يبدأ الطفل تدريجيًّا بفهم الأنماط اللغويّة البسيطة، وتوسيع مخزونه من المفردات قبل أن يصل إلى مرحلة الطلاقة اللغويّة. وعلى الرغم من أنّ مراحل النموّ اللغويّ عالميّة وموحّدة، إلاّ أنّ نسبة التقدّم فيها تختلف من طفل إلى آخر، وهنالك العديد من العوامل المؤثِّرة في النموّ اللغويّ عند الأطفال، مثل وجود الحافز أو عدمه، والبيئة المحيطة، وجنس الطفل وتطوّره الجسديّ.    أهمّيّة النموّ اللغويّ عند الطفل  يحتاج الآباء والمعلّمون، ومقدّمو رعاية الأطفال واختصاصيّو علاج النطق واللغة أيضًا، إلى فهم مراحل النموّ اللغويّ الذي يساعدهم على تعزيز نموّ الطفل الصحّيّ، ويمكّنُهم من وضع أهداف تعلُّميّة للأطفال، والتدخّل لتصحيح أيّ خلل قد يحدث في حال لم يحقّق الطفل المعايير المناسبة لعمره.   ليس هذا وحسب، إذ تتمثّل أهمّيّة النموّ اللغويّ عند الأطفال في ما يلي:  - مساعدة الطفل على التفاعل مع مجتمعه.  - تحسين تطوّر الطفل المعرفيّ.  - تعزيز قدرة الطفل على التعبير عن نفسه.  - تطوير مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال.  - رفع مستوى تقدير الطفل ذاته.    ما مراحل النموّ اللغويّ عند الأطفال؟  يختلف أصحاب العلم والاختصاص في تسمية مراحل النموّ اللغويّ، فبعضهم يطلق عليه اسم جدول النموّ اللغويّ عند الأطفال، وآخرون يعرّفونه بمراحل التطوّر اللغويّ عند الأطفال، لكنّهم يتّفقون في تقسيم عمليّة النموّ اللغويّ إلى ستّ مراحل أساسيّة، يمكن تلخيصها في ما يلي:    المرحلة ما قبل اللغويّة Pre-linguistic stage  هي المرحلة الأولى في عمليّة التطوّر اللغويّ عند الأطفال، وتستمرّ عادة منذ ولادة الطفل حتّى عمر 6 أشهر. خلال هذه الفترة، لا يكون الطفل قد تمكّن بعد من تطوير أيّ مهارات لغويّة. لذا، نجد طريقة التواصل الوحيدة عنده بالأصوات، كالبكاء وإصدار أصوات عند الفرح والشبع، وغيرها من الأصوات الناجمة عن تطوّر أوتار الطفل الصوتيّة.  مرحلة المناغاة Babbling stage  تحدث هذه المرحلة في الفترة ما بين 6 أشهر و9 أشهر من عمر الطفل، والتي يبدأ خلالها بتدريب أوتاره الصوتيّة وإصدار مقاطع صوتيّة لا تشكّل كلمات بعد. وفي هذه المرحلة، تنمو أعضاء الفم والأسنان لدى الطفل لتجهّز الطفل للكلام الأكثر تقدّمًا.  مرحلة الكلمة الواحدة Holophrastic stage  تبدأ المرحلة الثالثة من مراحل النموّ اللغويّ عند الطفل بين سنّ الـ 9 و18 شهرًا. وهنا تكون مهارات الطفل قد تطوّرت بما فيه الكفاية ليتمكّن من قول كلمات مفردة ومنفصلة تصف الأشياء، أو تعبّر عن احتياجاته الأساسيّة. على سبيل المثال، قد يقول الطفل كلمات مثل "دادا" أو "ماما" لجذب انتباه والديه.  مرحلة الكلمتين Two-word stage  خلال هذه المرحلة، يكون الطفل قادرًا على تشكيل جمل تتكوّن من كلمتين، حيث يقوم بتجميع كلمات تعلّمها خلال المرحلة السابقة (مرحلة الكلمة الواحدة)، ليقول جملة ذات معنى واضح تعبّر عن احتياجاته ومشاعره. من الأمثلة على الجمل ذات الكلمتين:  - "أريد أكل" أثناء الجلوس إلى طاولة الغداء.  - "كلب صغير" لوصف كلب أو حيوان أليف.  - "شكرًا ماما" للتعبير عن الشكر والامتنان.  من الجدير بالذكر أنّ هذه المرحلة تبدأ في عمر السنة والنصف، وتستمرّ حتّى عمر السنتين عند معظم الأطفال.  مرحلة الجملة Telegraphic stage  تبدأ هذه المرحلة في عمر السنتين وتستمرّ حتّى عمر سنتين ونصف. وهنا يصبح الطفل قادرًا، ليس فقط على تشكيل جمل أطول، وإنّما على تشكيل جمل معقّدة نوعًا ما. على سبيل المثال، قد يقول: "قطّة على الطاولة واقفة". ونلاحظ هنا أنّ الطفل يشكّل جملاً غير صحيحة تمامًا من ناحية القواعد اللغويّة، ولكنّها تؤدّي المعنى. فنحن نفهم بالمثال السابق أنّ هناك قطّة تقف على الطاولة.   خلال هذه المرحلة يصبح الطفل قادرًا على فهم إرشادات بسيطة ورئيسة، أو أوامر تتألّف من قسمين، مثلًا: "اذهب إلى الطاولة وأحضِر كتبك".  مرحلة الكلمات المتعدّدة Multi-word stage  بعد عمر السنتين والنصف، يدخل الأطفال مرحلة الكلمات المتعدّدة. وهنا، يصبحون أقدر على بناء جمل معقدّة تتيح لهم التعبير عن أفكارهم وإيصالها إلى الآخرين. خلال هذه المرحلة يبدؤون بتطبيق القواعد اللغويّة الصحيحة من دون فهمها. فمثلاً، يبدؤون باستخدام كلمة "قطط" بدلاً من قط أو قطّة عند التعبير عن أكثر من قطّ، وهكذا.    نصائح لتحسين النموّ اللغويّ عند الأطفال  يحرص الآباء بطبيعة الحال على تطوير قدرات أطفالهم اللغويّة. وكما سبق أن ذكرنا، تؤثّر عوامل البيئة المحيطة أو التحفيز الخارجيّ في تطوير مهارات الطفل اللغويّة.   وبعد أن تعرّفنا إلى مراحل النموّ اللغويّ عند الطفل، نعرض بعض النصائح التي تساعد الآباء والمربّين على تحسين تطوّر أطفالهم اللغويّ:  قراءة القصص والكتب قراءةً جهريّة تساعد قراءة الكتب والقصص في مرحلة الطفولة المبكرة الأطفالَ على تعلّم كلمات جديدة، وتركيبات مختلفة للجمل، ممّا يحسّن مهاراتهم ويسرّع عمليّة اكتسابهم اللغة. احرص على تخصيص وقت لقراءة القصص مع طفلك قراءة جهريّة، وحاول قدر الإمكان استخدام تعابير ونبرات مختلفة لزيادة استفادته، وتطوير قدراته اللغويّة.   يمكنك أيضًا أن تطلب إلى طفلك تكرار بعض الكلمات التي تقرؤها له، لاختبار مدى استفادته من جلسات القراءة.  تحدّث إلى طفلك باستمرار  يسهم التواصل المستمرّ مع الأطفال في تطوير مهاراتهم اللغويّة. فإن لم يتمكّن الطفل من الردّ مباشرة أو فهم كلّ ما يُقال له، فتكرار العبارات والمفردات في سياقات متنوّعة يساعده على التعرّف إلى الكلمات ومعانيها وربطها بسياقات ومواقف محدّدة. وهكذا، عندما يسمع الطفل على سبيل المثال جملة "هل تريد الماء؟" بشكل متكرّر، يتمكّن بعد بعض الوقت من استيعابها واستخدامها استخدامًا صحيحًا. شجّع طفلك وحفّزه باستمرار  يؤدّي التحفيز والتشجيع دورًا مهمًّا في تحسين قدرات الطفل اللغويّة، حيث يعزّز ثقته بنفسه، ويجعله أكثر قابليّة للتعلّم، بل ويسرّع عمليّة التعلّم لديه.  عندما يرتكب طفلك خطأً في اللغة، صحِّح الخطأ بأسلوب تشجيعيّ، وكرّر على مسامعه طريقة اللفظ الصحيحة أو طريقة التعبير عن فكرته، ثمّ كافئه بعبارات تشجيعيّة عندما يصحّح الخطأ.  قلّل الوقت الذي يقضيه طفلك خلف الشاشات  نعم، البقاء أمام شاشات التلفاز أو الأجهزة الذكيّة قد يؤثّر سلبًا في تطوّر الأطفال لغويًّا، حتّى وإن كان ما يشاهدونه تعليميًّا، أو متخصّصًا في تعليم اللغة، ذلك أنّ مثل هذه الأجهزة تفتقر إلى التفاعل، وهي مجرّد ملقّنة للطفل ولا تتيح له التفاعل معها.   من الأفضل، إذًا، مراقبة الوقت الذي يقضيه طفلك أمام الأجهزة الذكيّة، والحرص على تقديم تجربة تفاعليّة له عند مشاهدة فيديوهات تعليميّة.   مثال ذلك، شاهد الفيديو التعليميّ معه، وتحدّث إليه أثناء المشاهدة، وناقش معه ما يشاهده من محتوى. فحتّى وإن لم يفهم حديثك تمامًا، يساعده ذلك على التعرّف إلى الكلمات وربطها بسياقاتها الصحيحة، كما سبق أن أوضحنا.  امنح طفلك السيطرة على الحديث  أثناء التحدّث إلى طفلك، امنحه الحرّيّة وزمام القيادة لإدارة الحديث. دعه يعبّر عن مشاعره وأفكاره وناقشه فيها بدلاً من أن تطرح عليه الأسئلة، وتقترح الموضوعات في البداية. كن مستمعًا إليه، وسِر معه في الحوار حتّى يتمكّن من تشكيل أفكاره وجمله بمفرده.  * * * وهكذا، نجد أنّ فهم مراحل النموّ اللغويّ عند الأطفال أمرٌ حاسم لضمان تطوّرهم السليم في التواصل والتعلّم. فبفهم هذه المراحل المختلفة ومعرفتها، نتمكّن، كوننا آباءً ومدرّسين ومتخصّصين، من تقديم الدعم اللازم لأطفالنا في كلّ مرحلة، وتحديد أيّ مشكلات يواجهونها، وحلّها مبكّرًا قبل أن تتفاقم وتؤثّر في نموّ الطفل السليم.    المراجع https://www.indeed.com/career-advice/career-development/stages-of-language-development  https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7236655/  https://www.tappytoesnursery.com/stages-of-language-development/  https://raisingchildren.net.au/babies/development/language-development/language-development-0-8   

كيف أنجح في تعويد الطفل على النوم بمفرده؟

لعلّ الأبوة والأمومة من أصعب الأدوار في الحياة وأكثرها نُبلًا، فمنذ اللحظة الأولى لولادة الطفل تبدأ التحدّيات، من تجهيز مكان مناسب له، والاهتمام بصحّته، ومراقبته ليلًا ونهارًا، وتلبية احتياجاته. ومع ذلك، لا بدّ أن تتقلّص هذه المسؤوليّات مع نموّ الطفل، عندما يصبح قادرًا على تحمّل بعض المسؤوليّات، ومنها النوم بمفرده. لكنّ بعض الأطفال يتعلّقون بوالديهم ويرفضون الابتعاد عنهم، وأحد أشكال هذا الارتباط هو عدم رغبتهم في النوم وحدهم.  يُعدّ النوم المستقلّ إنجازًا مهمًّا، يعزّز الاعتماد على الذات، ويحسّن جودة النوم. إلّا أنّ الأطفال الصغار غالبًا ما يقاومونه لأسباب مختلفة. لذا، فإنّ فهم هذه الأسباب، وتنفيذ استراتيجيّات مناسبة، يمكن أن يسهّل هذه العمليّة لكلّ من الآباء والأطفال. ستتناول هذه المقالة الصعوبات الشائعة التي يواجهها الأطفال عند النوم بمفردهم، وأسبابها، بالإضافة إلى نصائح عمليّة تساعدهم في الانتقال إلى النوم المستقلّ.    لماذا يرفض الأطفال النوم بمفردهم؟  قبل التطرّق إلى النصائح، من الضروريّ فهم الأسباب التي تجعل بعض الأطفال يواجهون صعوبة في النوم بشكل مستقلّ، ومنها:  1. قلق الانفصال: يشعر بعض الأطفال بقلق الانفصال، خصوصًا عند تركهم بمفردهم في غرفة مظلمة. وعلى الرغم من أنّ قلق الانفصال جزء طبيعيّ من تطوّر الطفل، إلّا أنّه يجعل من الصعب عليه الابتعاد عن والديه، لا سيّما وقت النوم. كما أنّ الأطفال الصغار لا يزالون يتعلّمون كيفيّة تنظيم مشاعرهم، ما يتسبّب في صعوبة شعورهم بالاسترخاء، وبالتالي صعوبة النوم من دون وجود أحد والديهم.  2. الخوف من الظلام أو الكوابيس: يمكن أن يكون الخوف من الظلام، أو الوحوش الخياليّة، أو الكوابيس، سببًا في تردّد الأطفال في النوم بمفردهم، إذ تخلق مخيّلتهم الواسعة سيناريوهات مخيفة، تجعل وقت النوم صعبًا بالنسبة إليهم.  3. الاعتياد على النوم المشترك: إذا كان الطفل قد اعتاد على النوم مع والديه، أو في الغرفة نفسها، أو كان لديه روتين يتضمّن هزّه للنوم، فإنّه يتوقّع استمرار هذا الروتين. لذلك، عندما يحاول الأهل تغيير هذا النمط، فمن الطبيعيّ أن يواجه الطفل صعوبة في التأقلم.  4. التغيّرات المصاحبة للنموّ: في بعض المراحل، مثل التسنين، أو التدريب على استخدام الحمّام، قد تضطرب أنماط نوم الطفل، ما يصعّب عليه التكيّف مع ترتيبات النوم الجديدة.  5. بيئة النوم غير المستقرّة: إذا مرّ الطفل بتغيير كبير، مثل بدء الحضانة، أو ولادة شقيق جديد، أو الانتقال إلى منزل جديد، فقد يزيد ذلك من اضطرابه، ويجعله أكثر تعلّقًا بوالديه أثناء النوم.  6. التعب المفرط: عندما يكون الطفل مرهقًا للغاية، فإنّه قد يواجه صعوبة في النوم بمفرده. كما أنّ التعب الزائد قد يؤدّي إلى زيادة مستويات الكورتيزول (هرمون التوتّر)، ما يعيق الاستغراق في النوم بسهولة، ويؤدّي إلى اضطرابات في النوم.  يساعد فهم هذه الأسباب الآباء في التعامل مع تعويد الطفل على النوم بمفرده بتعاطف وصبر. الآن، دعنا نستكشف بعض النصائح العمليّة، لمساعدة الأطفال في تعلّم النوم بمفردهم.    8 نصائح تساعد على تعويد الطفل على النوم بمفرده  1. تأسيس روتين ثابت لوقت النوم  يساعد الروتين الثابت على تهيئة الطفل نفسيًّا وجسديًّا للنوم. ومن الأنشطة التي يمكن أن يتضمّنها:  - الاستحمام: يساعد على الاسترخاء، وإعداد الجسم للنوم.  - الأنشطة الهادئة: مثل قراءة قصّة، أو غناء تهويدة، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة.  - تنظيف الأسنان وارتداء البيجاما: يكمل الروتين، ويشير إلى الانتقال من النهار إلى الليل.    2. إنشاء بيئة صديقة للنوم  تؤدّي بيئة النوم دورًا مهمًّا في مساعدة الطفل على النوم بهدوء. لتحقيق ذلك:  - تأكّد من أنّ الفراش مريح، ومناسب لحجم الطفل واحتياجاته.  - حافظ على درجة حرارة الغرفة معتدلة.  - استخدم إضاءة ليليّة خافتة، لتخفيف الخوف من الظلام، ومساعدة الطفل في الاسترخاء.  - اسمح للطفل بأخذ بطانيّته أو لعبته المفضّلة إلى السرير، للشعور بالأمان.    3. استخدام تقنيّات الانتقال التدريجيّ  بدلًا من فرض النوم المستقلّ فجأة، يمكن استخدام استراتيجيّات تدريجيّة، مثل:  - تشجيع الغفوات المستقلّة: شجّع الطفل على النوم بمفرده أثناء فترة القيلولة، إذ يكون أقلّ إجهادًا، وأكثر استعدادًا لبناء الثقة.  - الجلوس بالقرب: في البداية، يمكن للوالدين الجلوس بجانب الطفل إلى أن ينام، ثمّ الابتعاد تدريجيًّا كلّ ليلة.    4. تشجيع مهارات التهدئة الذاتيّة  تعليم الطفل تقنيّات الاسترخاء، مثل التنفّس العميق أو عناق لعبته المفضّلة، يساعده في تهدئة نفسه. كما أنّ التعزيز الإيجابيّ عند تحقيق أيّ تقدّم، مهما كان بسيطًا، يعزّز ثقته بنفسه، ويشجّعه على الاستمرار في المحاولة.    5. معالجة المخاوف والقلق الليليّ  يمكن التحدّث مع الطفل عن مخاوفه، وطمأنته أنّه في أمان. يمكن استخدام أفكار إبداعيّة، مثل "رذاذ الوحش"، (زجاجة رذاذ فيها ماء) لطمأنته، أو تفحّص الغرفة معه، أو تحويل السرير حيث ينام إلى منطقة ممتعة للتواجد فيها.    6. التحلّي بالصبر والمثابرة  يحتاج الطفل إلى الوقت للتكيّف مع النوم المستقلّ. من المهمّ أن يتحلّى الوالدان بالصبر، وأن يكونا داعمَين له، وعدم إجباره على النوم بمفرده بطريقة مفاجئة.    7.  تجنّب الارتباطات السلبيّة بالنوم  يجب جعل وقت النوم تجربة إيجابيّة، والابتعاد عن استخدامه وسيلة للعقاب، حتّى لا يربط الطفل بين النوم والمشاعر السلبيّة.    8. مراقبة الأنشطة النهاريّة  تؤثّر الأنشطة النهاريّة في جودة نوم الطفل، لذا من المهمّ:  - التأكّد من أنّ الطفل يحصل على قسط كافٍ من النشاط البدنيّ أثناء النهار.  - تجنّب الشاشات قبل ساعة على الأقلّ من النوم، لأنّ الضوء الأزرق يعطّل إنتاج الميلاتونين.  - تجنّب الوجبات الثقيلة، أو الغنيّة بالسكّر، قبل النوم.    ***  قد يبدو تعويد الطفل على النوم بمفرده مهمّة مرهقة، خصوصًا في نهاية اليوم، عندما يكون الأهل متعبين. لكنّ فهم الأسباب التي تدفع الأطفال إلى مقاومة النوم المستقلّ، وإنشاء روتين ثابت، وتوفير بيئة مناسبة للنوم، يمكنها تسهيل هذه العمليّة. تذكّر أنّ كلّ طفل يختلف عن الآخر، وما ينجح مع أحد الأطفال، قد لا ينجح مع آخر. ومع المثابرة والصبر، سيتعلّم طفلك النوم بمفرده، ما يسهم في راحته وراحة جميع أفراد الأسرة.   المراجع https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D9%A4-%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%85-4282  https://mysleepingbaby.com/how-to-teach-a-toddler-to-sleep-without-mom/  https://www.parents.com/kids/sleep/tips/how-do-i-teach-my-child-to-sleep-alone/  https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%85-%D8%A8%D9%85%D9%81%D8%B1%D8%AF%D9%87 

7 خطوات لتحضير الأطفال للعودة إلى المدرسة

مع انتهاء العطلة الصيفيّة، تبدأ أجواء العودة إلى الدراسة، إذ يختبر الآباء والأمّهات - تمامًا مثل أطفالهم - مزيجًا من مشاعر السعادة والتوتّر. وسواء كان طفلك يدخل المدرسة لأوّل مرّة، أو ينتقل إلى صفّ أعلى أو مدرسة جديدة، فإنّ هذه التغييرات تتطلّب إعدادًا جيّدًا لمساعدته في التكيّف، وضمان بداية ناجحة للعام الدراسيّ. ومع ذلك، من المهمّ ألّا يشعر الطفل بالتوتّر أثناء هذه التحضيرات، فالأمر يحتاج إلى تخطيط بسيط واستراتيجيّات عمليّة، تجعل الانتقال من الإجازة إلى الدراسة سلسًا قدر الإمكان.  في هذا المقال، نستعرض سبع خطوات لتحضير الأطفال للعودة إلى المدرسة، والتي تناسب جميع الأعمار.    خطوات تحضير الأطفال للعودة إلى المدرسة  العودة إلى روتين المدرسة غالبًا ما يستمتع الأطفال بروتين مرن خلال الصيف، مثل السهر لأوقات متأخّرة وكثرة اللعب. ومع اقتراب العام الدراسيّ، تصبح العودة إلى نظام يوميّ منتظم أمرًا ضروريًّا. لذلك، من المهمّ ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ قبل أسبوع أو أسبوعين من بداية المدرسة، ما يساعد جسم طفلك في التكيّف تدريجيًّا مع الجدول الجديد. يمكنك تعزيز هذا التغيير بأنشطة مهدّئة، مثل القراءة قبل النوم، وإبعاد الأجهزة الإلكترونيّة قبل ساعة أو ساعتين من موعد النوم. كما يمكنك تشجيع طفلك على الاستيقاظ مبكّرًا وممارسة الروتين المدرسيّ، مثل ارتداء ملابس المدرسة، وتجهيز حقيبته، وإعداد شطائره المفضّلة. بهذه الطريقة، سيتحمّس طفلك تلقائيًّا لبدء العام الدراسيّ، بل وسيكون متشوّقًا للذهاب إلى المدرسة.    تجهيز قائمة المستلزمات المدرسيّة استكمالًا للخطوة السابقة، يُعدّ أحد شراء المستلزمات المدرسيّة أهمّ الأنشطة التي تجعل طفلك متحمّسًا للمدرسة، وإشراكه في هذه العمليّة. قم بإعداد قائمة بالأغراض التي يحتاج إليها طفلك، مثل الدفاتر والأقلام وصندوق الغداء، ودعه يختار بنفسه بعض هذه الأغراض، والألوان والتصميمات التي يفضّلها. هذا الأمر يمنحه إحساسًا بالملكيّة، ويشعره بالاستعداد والثقة، ويزيد من تشوّقه إلى المدرسة.    التواصل المفتوح مع الطفل:  يمكن أن يساعد الحوار حول التوقّعات والأهداف في العام الدراسيّ القادم على تخفيف قلق طفلك. إذا كان في المراحل الدراسيّة المبكّرة، يمكنك أن تصف له شكل اليوم المدرسيّ الاعتياديّ، وتحدّثه عن الأصدقاء الجدد الذين سيلتقي بهم، والمعلّمين الذين سيهتمّون به، وأوقات اللعب خلال الفسحة. أمّا إذا كان طفلك أكبر سنًّا، فتحدّث معه عن الأهداف الأكاديميّة، والأنشطة اللامنهجيّة، والمسؤوليّات الجديدة التي سترافق ارتقاءه إلى صفوف أعلى، مثل المشاركة في المسابقات أو الأنشطة الرياضيّة.  شجّع طفلك على التعبير عن مشاعره تجاه العودة إلى المدرسة، سواء كانت إيجابيّة أو سلبيّة، واعمل على معالجة أيّ مخاوف لديه، وطمئنه أنّ الشعور بالتوتّر قبل التجارب الجديدة أمر طبيعيّ تمامًا.    اصحب طفلك في زيارة إلى المدرسة بالعودة إلى بداية المقال، فالتوتّر الناتج عن التغييرات التي يواجهها الطفل في صفّ جديد أو مدرسة جديدة، سيكون أقلّ وطأة إذا قام بزيارة المدرسة قبل بداية الدراسة، إذ تقيم العديد من المدارس فعّاليّات تعريفيّة للأطفال وأولياء الأمور، قبل أيّام من بدء العام الدراسيّ. هذه فرصة للتجوّل في المدرسة، ورؤية الصفوف، وربّما لقاء المعلّمين، وهي تساعد طفلك في تخطّي الرهبة، والتآلف مع المكان. إذا لم تكن مدرسة طفلك تنظّم مثل هذه الفعّاليّات، يمكنك ترتيب زيارة سريعة بشكل فرديّ لطفلك، ما سيكون له أثر كبير في تهدئته، وتجهيزه لما هو مقبل عليه.    تشجيع العادات الصحّيّة يعد التمتّع بصحّة بدنيّة وعقليّة جيّدة، أمرًا لا غنى عنه للنجاح الدراسيّ. لذا، يجب أن تحرص على بناء عادات صحّيّة لدى طفلك، وأن تدعم رفاهيّته بشكل عامّ، ومنها:  - النوم الكافي: تأكّد من حصول طفلك على قدر النوم المناسب لعمره. الأطفال في عمر المدرسة يحتاجون إلى ما بين 9 إلى 12 ساعة من النوم يوميًّا، وكلّما كان عمر الطفل أصغر، احتاج إلى ساعات نوم أطول.  - التغذية المناسبة: قدّم لطفلك وجبات متوازنة، تحتوي على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتين، لتوفير الطاقة والتركيز اللازمَين للتعلّم.  - النشاط البدنيّ: شجّع طفلك على ممارسة النشاط البدنيّ، سواء كان اللعب في الهواء الطلق، أو ممارسة الرياضة في النادي، أو المشي مع العائلة. النشاط البدنيّ يعزّز التركيز، ويقلّل من التوتّر، ويحسّن الحالة المزاجيّة.  إلى جانب ما سبق، علّم طفلك طرقًا لمواجهة المواقف المقلقة في المدرسة، مثل التنفّس العميق، أو التعامل بحكمة مع الأطفال المتنمّرين.    ممارسة الروتين الصباحيّ يمكن أن يكون اليوم الأوّل من المدرسة صعبًا، خصوصًا إذا لم يعتَد طفلك على الروتين اليوميّ. لذلك، يُفضّل التدرّب على هذا الروتين خلال العطلة الصيفيّة؛ بدءًا بالاستيقاظ في الوقت المناسب، وتنظيف الأسنان، ثمّ تناول وجبة الإفطار، وممارسة الأنشطة التي تُحاكي يومه الدراسيّ العاديّ. بالنسبة إلى الأطفال الأصغر سنًّا، يمكنك تدريبهم على المشي إلى مكان حافلة المدرسة، أو أيّ نشاط مشابه لروتينهم اليوميّ.    الحماس مُعدٍ غالبًا ما يتلقّى الأطفال إشارات من آبائهم وأمّهاتهم، تترك فيهم أثرًا كبيرًا.  لذا، فإنّ إحساسهم بحماسك للعام الدراسيّ الجديد، يمكن أن يؤثّر بشكل كبير في موقفهم من المدرسة. تحدّث إلى طفلك عن الجوانب الممتعة للمدرسة، مثل تكوين صداقات جديدة، وتعلّم موضوعات مثيرة للاهتمام، والحصول على التقدير عند التفوّق.  يمكنك أيضًا إخبار طفلك بقصص حول تجاربك المدرسيّة، ليشعر أنّك مررت بكلّ ما يمرّ فيه، وأنّك تفهمه، حتّى لو كان يحاول التهرّب من المدرسة أو يكرهها، فإنّ هذا سيساعده على رؤيتها مكانًا ممتعًا.     خطوة إضافيّة خطّط شيئًا مميّزًا لطفلك في يومه الأوّل من المدرسة، ليكون يومًا لا ينساه، فيربط المدرسة بأمور جذّابة. يمكنك أن تُعدّ وجبة خاصّة يحبّها للإفطار، أو أن تقدّم له هديّة لا علاقة لها بالمدرسة، أو أن تلتقط له صورة بملابس المدرسة وتعلّقها في البيت. هذه اللحظات الصغيرة يمكنها أن تحوّل اليوم الأوّل من المدرسة إلى نقطة انطلاق لطيفة، تجعل طفلك أكثر حماسًا.      ***  ينطوي تحضير الأطفال للعودة إلى المدرسة على جوانب أعمق من مجرّد شراء المستلزمات، فهو يتعلّق بدعمهم، وجعلهم يشعرون بالثقة والاستعداد لخوض تجارب جديدة. يمكنك من خلال خطوات بسيطة، أن تتعامل مع مخاوف طفلك، وتمهّد له الطريق ليبدأ عامًا دراسيًّا ناجحًا. تذكّر أنّ لطفلك شخصيّته الفريدة، وقد تختلف احتياجاته عن احتياجات أقرانه. لذا، تحلَّ بالصبر والمرونة، واهتمّ بمشاعره وهو يتعرّف إلى العالم من خلال المدرسة، وساعده في التطلّع إلى العام الدراسيّ الجديد بسعادة.   المراجع https://www.healthychildren.org/English/ages-stages/gradeschool/school/Pages/back-to-school-tips.aspx  https://payit.ae/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9/%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84-10-%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B6%D9%8A%D8%B1-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85/  https://www.peacefulparenthappykids.com/read/Preparing-kids-child-New-School-Year