ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
أكثر الاستراتيجيّات التي وجدت أنّها تؤثر بعمق في الطلّاب، استراتيجيّة "قصص الحياة". أبدأ الحصّة بقصّة قصيرة تتناول تجربة شخصيّة، أو مواقف عاشها أشخاص في أوقات صعبة، تشبه ما يمرّون فيه. تجد هذه القصص تفاعلًا كبيرًا من الطلّاب، فهي ليست مجرّد كلمات، بل تجسيد لما قد يواجهونه، ما يمنحهم شعورًا بالمشاركة والفهم. استطعت بذلك أن أرى عيونهم تتألّق، وكأنّهم قد وجدوا في هذه القصص نافذة صغيرة تمنحهم أملًا ودافعًا إلى التعلّم على الرغم من الظروف.
كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
أحاول أن أستفيد من التكنولوجيا أداةً لتقريب المسافات وتوسيع مدارك الطلبة، لكنّني أضع في أولويّتي التفاعل المباشر. فأفتح في جلسة التعليم الإلكترونيّ نافذة للدردشة، إذ أستمع فيها إلى مشاعرهم وتجاربهم اليوميّة. أحرص على أن يشعروا بوجودي ليس فقط معلّمةً، بل إنسانةً متواجدة لأجلهم. التوازن بين الجهتين هو أن تُعلّمهم أدوات العصر، ولكن تجعل إنسانيّتك جسرًا لهم.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
اكتشفت في بداياتي أنّني أُفرط في الشرح، فأحاول إيصال كلّ شيء دفعة واحدة، ما كان يُثقل عقول الطلّاب الصغار. تعلّمت، مع مرور الوقت، أن أبسّط الأمور لهم على مراحل؛ فالتعليم ليس سباقًا، بل رحلة متأنّية في كلّ محطّة منها، ويستحقّ الطلّاب فرصة لاستيعاب ما يجري من حولهم. بدأت بتوزيع الدروس على خطوات صغيرة وبنّاءة، وأصبح طلّابي أكثر فهمًا وتفاعلًا.
افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
أعتقد أن تطوير مهارات التواصل الوجدانيّ يجب أن تكون على رأس الأولويّات. كما يجب التطرّق إلى موضوعات، مثل إدارة الصفّ في ظلّ الأزمات، وخلق بيئة تعلّم مرنة. ورشة تعزّز مفهوم الصمود النفسيّ للمعلّمين أنفسهم، وتؤهّلهم للتعامل مع الطلّاب أفرادًا يمتلكون قصصًا وتحدّيات خاصّة تستحقّ الاحترام.
هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
نعم، أراه أساسيًّا؛ فالترابط بين المعلّمين يعزّز الخبرات ويوحّد الرؤى. أقترح إنشاء منصّة تواصل خاصّة تجمع المعلّمين من مختلف البلاد العربيّة، يتبادلون فيها التجارب والنصائح. ويلقون الضوء على حلول قد تساعد في مواجهة التحدّيات المشتركة، فتكون بمثابة مساحة أمان لهم.
كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
أخصّص وقتًا دوريًّا للتواصل مع أولياء الأمور، أحكي لهم ما يجري في الحصص، وأشاركهم بعض قصص أبنائهم الجميلة. أدعوهم إلى الانضمام إلى أنشطة تعليميّة خفيفة. أجدُ أنّ هذا النهج يشجّعهم على التقرّب من أبنائهم، والاطّلاع على مسارهم التعليميّ، ما يشكّل حلقة دعم مهمّة للطفل.
كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
أجدُ متنفّسًا في الكتابة، أستمدُّ القوّة من قلمي. أكتب عن تجاربي الصغيرة واليوميّة، وأفرّغ من خلالها ضغوطات العمل. أستعين بلحظات التأمّل مع نفسي، وأجعل من القراءة نافذة أطلّ بها على عوالم أخرى، لتذكّرني أنّ هناك أملًا يشرق من قلب كلّ أزمة.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
أستخدم ما أسمّيه "قاعدة الأولويّات الثلاث": في كلّ يوم أحدّد ثلاثة أهداف رئيسة فقط، وأضع كلّ جهدي في إتمامها. أوزّع المهامّ بحيث تكون أولويّاتي اليوميّة واضحة. وأتجنّب إرهاق نفسي بمحاولة تحقيق كلّ شيء دفعة واحدة. تقسيم المهام يعينني على الاستمرار بإيقاع متوازن من دون إنهاك.
اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
التعليم جعلني أرى الحياة من زاوية أوسع، أقدّر مشاعر الأطفال وأحلامهم التي تحفّزني على التطوير. لكن في المقابل، جعلني هذا العمل أحيانًا أتجاهل احتياجاتي الشخصيّة، إذ غالبًا ما أضع طلّابي في المقدّمة، متناسيةً أنّ لي نصيبًا أيضًا من الرعاية والاهتمام.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
إحدى أطرف الحوادث التي حصلت معي، كانت عندما كنت أعلّم طلّاب الصفّ الأوّل، عن الجمع بطريقة مبسّطة. كنت أشرح لهم كيفيّة جمع الأرقام باستخدام أصابعهم، فلاحظت طفلًا يرفع أصابعه بشكل عشوائيّ، ويعدُّ بصوت عالٍ، فقلت له: "حسنًا، كم صار معك الآن؟"
نظر إلى يديه بتركيز وقال: "معي خمسة في هذه اليدّ، وأربعة في هذه اليدّ، لكن إذا قلبت يدي هكذا يصير العدد أكثر!" وضحك جميع الطلّاب، ولم أتمالك نفسي من الضحك. هذه الحادثة جعلتني أقدّر براعتهم الفطريّة في إيجاد حلول طريفة وخارجة عن المألوف.