الرئيسية

في هذا العدد

العدد (20) ربيع 2025

الأهل والمدرسة: علاقة تكامليّة لم تكتمل بعد، طرحت منهجيّات موضوع الشراكة بين الأهل والمدرسة لخطورته، والتي يشكّل الاعتقاد السائد بأنّ "العلاقة الطبيعيّة" بين الأهل والمدرسة، تكمن في سؤال الأهل عن أبنائهم وتحصيلهم وسلوكهم، وحضور بعض الاجتماعات مع المعلّمين.  في هذا الاعتقاد تنمو إشكاليّتان مقلقتان الأولى تتجسّد في تخلّي الأهل عن حقّهم في مشاركة تخطيط تعلّم أبنائهم، وترك الأمر لإدارات المدارس. وهنا نقع في إشكاليّات نوع المدرسة، وتوجّهها، ومنهجها المُعتمد، وقدراتها، وغير ذلك ممّا يبني شخصيّة المتعلّمين وربّما يتحكّم في مستقبلهم وسلوكهم اللاحق. أمّا الثانية، فتكون في انفصال المدرسة عن محيطها، واختيارها منفردة ما يصل إلى أيديها من توجّهات ومناهج ومقاربات قد لا تكون بالضرورة مرتبطة بالمحيط الاجتماعيّ، ما ينمّي شعور الاغتراب في نفوس المتعلّمين، والذين يطّلعون على عالم مختلف عن بيئاتهم المتنوّعة. أضف إلى ما يشكّل ذلك من هدر لطاقات وتجارب اجتماعيّة يمكن للأهل أن ينقلوها إلى مجموع المتعلّمين، وذلك بورشات عمل ومحاضرات وأنشطة، تربط المتعلّمين بحيواتهم الحقيقيّة لا المتخيّلة، ولا سيّما مع واقع عيش المتعلّمين حيوات افتراضيّة في هواتفهم.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 21: مصادر التعلّم المدرسيّ.. أما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا؟

قضيّة الكتاب المدرسيّ وكونه مصدر التعلّم الأساسيّ والوحيد، قضيّة قديمة، ربّما من عمر إيجاد مفهوم الكتاب المدرسيّ؛ فمن ناحية، شكّل إيمان المعلّمين بالكتاب المدرسيّ عائقًا حقيقيًّا في وجه تطوير التعليم ونقلّه إلى التعلّم، على أساس أنّ الكتاب المدرسيّ ناقل المعرفة الضروريّة، ومعيار التعليم. ومن ناحية أخرى، خرج العديد من المعلّمين عن سطوة الكتاب المدرسيّ، باعتباره نصًّا جامدًا غير متفاعل مع تطوّرات العلوم والمعارف والاستراتيجيّات، والأهمّ متغيّرات الحياة. هذه القضيّة ما زالت مثار جدل اليوم، ولا سيّما أن المصادر البديلة التي كان المعلّمون يلجؤون إليها قد تطوّرت ورُدِفت بالتطوّرات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ والوسائط البصريّة – السمعيّة. من هنا، يعود السؤال: هل الكتاب المدرسيّ أداة كاملة للتعليم، أم جزءًا من أدوات ومصادر؟ وهل استمراره ما زال ضروريًّا؟ ولماذا، بغضّ النظر عن إجابة سؤال الضرورة؟ تطرح منهجيّات في ملفّ عددها الحادي والعشرين موضوع استمرار أهمّيّة الكتاب المدرسيّ في العمليّة التعليميّة - التعلّميّة، مراعية فيه الظروف المختلفة لأوضاع المدارس؛ بين مدارس خاصّة ورسميّة، ومدارس للطبقات الغنيّة والطبقات الأقلّ حظًّا، ومدارس المدن والأرياف، ومدارس محلّيّة ودوليّة... وانطلاقًا من تجارب التربويّات والتربويّين العمليّة، نسعى لرصد التجارب في تعليم الطلّاب بالاعتماد على مصادر التعليم "الراهنة": هل ما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا في عمليّة التعليم – التعلّم؟ تمكن المشاركة في هذا الملفّ بواحد أو أكثر من المحاور الآتية: - الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ طوعًا: سرد تجارب تعليميّة استغنت عن الكتاب المدرسيّ باختيارها، وتفصيل ما البدائل المستخدمة والتي لا تنحصر بالبدائل التكنولوجيّة، بل تمتدّ إلى مصادر أخرى كالأفلام والمجلّات والزيارات الميدانيّة والمشاريع المتداخلة... ورصد النتائج التي أسفرت عنها هذه التجارب. - الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ قسرًا: مع صعوبة استحصال المتعلّمين على الكتاب المدرسيّ لأسباب متعدّدة، ما البدائل التي لجأ المعلّمون إليها؟ وما كانت النتائج التي وصلوا إليها؟ وما تقييم التجربة؟ - هل ما زال الكتاب المدرسيّ ضرورةً؟ التفكير في موضوع كتاب محدود مهما كان حجمه، في مقابل مصادر تعلّم لا متناهية يمكن الوصول إليها؛ وموضوع ديمقراطيّة التعليم التي يمكن أن يحدّها كتاب، في مقابل اتّساع الأفق المفتوح في المصادر المختلفة؛ هل يمكن لكتاب ثابت أن يراعي التطوّرات والمتغيّرات التي تعصف بنا يومًا إثر يوم؟ وفي المقابل، ما الذي يضمن حصول المتعلّمين على حدّ ثابت من التعلّم في حال فتحنا المصادر لاختيارات المعلّمين، أو أن تكون المصادر البديلة في الجمود ذاته للكتب المدرسيّة؟ - هل ما زال الكتاب ضروريًّا مع تطوّرات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ؟ هل يساعد الكتاب في التفكير النقديّ؟ وكيف؟ هل الكتاب المدرسي قادر على مواكبة التطوّر والمعاصرة في عالم متغيّر بشكل يوميّ؟ - كيف ترتبط المرحلة العمريّة للمتعلّمين في خيارات المعلّمين بتدعيم الكتاب المدرسيّ بمصادر أخرى، أو الاستغناء عنه؟ سرد تجارب عمليّة مع خطواتها ونتائجها المختلفة.   سنستقبل مشاركاتكم في واحد من هذه المحاور، أو ربّما غيرها ممّا غاب عنّا في الموضوع، حتّى تاريخ 20 أيّار/ مايو 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

إديوليبيا تُعلن عن ندوة جديدة بعنوان التعليم لتوسيع الآفاق

أعلنت شبكة إديوليبيا (EduLibya) عن أوّل ندواتها، بعنوان: "التعليم لتوسيع الآفاق: إعادة التفكير في دور التعليم في ليبيا". وستُعقد الندوة يوم الأحد الموافق 25 أيّار، عند السّاعة 18:00 بتوقيت ليبيا، 19:00 بتوقيت القدس. ستُناقش الندوة موضوعات مُختلفة، منها تجارب المعلّمين في التدريس، والتخصّصات الأكاديميّة والتطوير المهنيّ، وتفاعل الطلاّب في المدارس، والمباني والتجهيزات التعليميّة وتأثيرها على جودة التعليم. لحضور الندوة، يُمكنك التسجيل عبر الرابط هُنا.

منتدى SWANA للعدالة الاجتماعيّة يعلن عن ندوة حول التعليم في اليمن

أعلَن منتدى (SWANA) للعدالة الاجتماعيّة عن ندوة مفتوحة بعنوان "التعليم في اليمن: تحدّيات وآمال"، وذلك افتراضيًّا عبر زووم، الجمعة الموافق 30 أيّار/ مايو، 5:00 مساءً بتوقيت بريطانيا، 7:00 مساءً بتوقيت القدس. تستضيف الندوة هيلين لاكنر، باحثة وكاتبة عن اليمن، والمعتصم القادحي، باحث في جامعة إكستر في بريطانيا. للمشاركة في الندوة اضغط هُنا.

أوامر إسرائيليّة بإغلاق 6 مدارس تابعة للأونروا في القدس الشرقيّة

قال المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني إنّ مسؤولين إسرائيليّين من بلديّة القدس، برفقة قوات الأمن الإسرائيليّة، اقتحموا ست مدارس تابعة للوكالة في القدس الشرقيّة، وقاموا بتسليم أوامر بإغلاق هذه المدارس خلال 30 يومًا. وفي منشور على منصّة إكس، قال لازاريني إنّ مدارس الأونروا في القدس الشرقيّة المحتلة تعد منشآت تعليميّة تقدّم التعليم لأطفال لاجئي فلسطين. وأضاف أنّ حوالي 800 طالب وطالبة سيتأثرون بشكل مباشر بهذه الأوامر، ومن المرجّح ألّا يتمكنوا من إكمال عامهم الدراسيّ. وأضاف لازاريني أنّ مدارس الأونروا محميّة بموجب امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، ويعد الدخول غير المصرح به وإصدار أوامر الإغلاق انتهاكًا لهذه الحماية، ويمثلان نقضًا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدوليّ. وأشار المسؤول الأمميّ إلى أنّ أوامر الإغلاق غير القانونيّة هذه تأتي في أعقاب تشريعات من الكنيست الإسرائيليّ تهدف إلى تقويض عمل الأونروا. وأكّد التزام الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالبقاء وتقديم التعليم والخدمات الأساسيّة الأخرى للاجئي فلسطين في الضفة الغربيّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، وفقًا لتفويض الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة.   المصدر (الأمم المتحدة).

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

فريق واحد: استراتيجيّات تعاونيّة بين المدرسة والبيت لتعزيز تطوير الطلّاب
يعدّ التوافق بين قيم الأسرة وقيم المؤسّسة التعليميّة، عاملًا رئيسًا في توفير بيئة متكاملة لنموّ الطفل، إذ إنّ تضارب القيم بين المنزل والم... تابع القراءة
"مجالس الآباء" في مصر: صوت الأسرة المؤثّر في قلب المدرسة (مدارس التعليم العامّ نموذجًا)
تُعدّ "مجالس الآباء" في مصر أحد الأطر الهامّة التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة، والتي تسهم بشكل مباشر في تحسين جودة التعلي... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

تأمّلات معلّمة الدراما منهج لتعلّم اللغة العربيّة
تعدّ الدراما وسيلة قويّة لتعزيز التعاون والتواصل، إذ تمتلك القدرة على تغيير طرق التفاعل والتعبير بين الأفراد. كما أنّها جزء أصيل من الثقا... تابع القراءة
التغذية الراجعة البنائيّة: صوت المتعلّم في تطوير تعلّمه
التغذية الراجعة، ببساطة، هي المعلومات المقدّمة من قبل معلّم، بخصوص جوانب الأداء أو الفهم لدى المتعلّم، والتي توفّر له تصوّرًا واضحًا حول ... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: مدير المدرسة في مواجهة التحدّيات.. استراتيجيّة التأقلم والتطوير

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر نيسان/ أبريل 2025، بعنوان "مدير المدرسة في مواجهة التحدّيات: استراتيجيّة التأقلم والتطوير".  وركّزت على محاور مختلفة، هي: المحور الأوّل: الموارد الماليّة ووضع المدرسة وبنيتها. المحور الثاني: ظروف العمل مع العنصر البشريّ (الأهل والطلّاب والموظّفين) المحور الثالث: ظروف العمل مع السلطة والاستجابة للمتغيّرات والسياسات التعليميّة ،من منهاج أو تغيير توجّه في التعليم وغير ذلك.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات، هنّ: أ. عصمت لمعي، رئيسة مجلس إدارة مجموعة مدارس أوازيس الدوليّة، مصر؛ د. أليس عبود، مديرة مدرسة الأهليّة والمطران - الأردن؛ أ. سلافة كركلّا، مديرة ثانويّة بعلبك الرسميّة للبنات- لبنان. أدار الندوة أ. محمود عمرة، مدير عام الأكاديميّة العربيّة الدوليّة في قطر. واستهلّ الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّةً تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: الموارد الماليّة ووضع المدرسة وبنيتها. استهلّ أ. محمود بالقول إنّ من أبرز التحدّيات التي تواجه المدارس، هو التوفيق بين محدوديّة الموارد الماليّة وتغطية النفقات المتعدّدة، مثل الصيانة، والبنية التحتيّة، وتوفير الموارد التعليميّة وغيرها. وانطلاقًا من هذا الواقع، طرح سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن التعامل مع تحدّيات الموارد الماليّة وترشيد الإنفاق؟ في هذا الإطار، شاركت أ. أليس عبود تجربة مدرسة الأهليّة والمطران في الأردن، حيث تُعدّ الأقساط المصدر الرئيس لتمويل المدرسة، ما يشكّل تحدّيًا في ظلّ المنافسة مع المدارس الخاصّة الربحيّة، ولا سيّما في ما يخصّ استقطاب المعلّمين. كما تواجه المدرسة صعوبات تتعلّق بالموقع والبنية التحتيّة، إذ تقع في منطقة تشهد ازدحامًا مروريًّا في مدخل عمّان الغربيّ، ما يصعّب الوصول إليها ويحدّ من إمكانيّة التوسعة. وأضافت أنّ المدرسة تعاني أيضًا قِدمَ بعض مرافقها، وحاجتها إلى بنية تكنولوجيّة متطورّة. وعن استراتيجيّات مواجهة هذه التحدّيات، أوضحت أ. عبود أنّ المدرسة تعتمد خطّة إنفاق مدروسة ومبنيّة على ترتيب الأولويّات لتعزيز الكفاءة التشغيليّة. فعلى سبيل المثال، تُحدَّث الملاعب بشكل تدريجيّ وفقًا لخطّة الإنفاق. كما حرصت الإدارة على بناء علاقات قويّة مع مؤسّسات المجتمع المدنيّ، واستثمار موقع المدرسة لتعزيز الشراكات مع جهات قريبة، مثل المعهد الوطنيّ للموسيقى، ومسرح البلد، والمتاحف، وغيرها. كما سعت المدرسة لتجديد مرافقها بطرق ذكيّة، وبناء بنية تحتيّة تكنولوجيّة قويّة، مع إدماج تدريجيّ وآمن لبرامج الذكاء الاصطناعيّ في العمليّة التعليميّّة. وفي السياق نفسه، أضافت أ. عصمت لمعي أنّ مدرسة أوازيس، خلال السنوات العشر المنصرمة، وقّعت اتّفاقيات مع وزارة التربية والتعليم ومنظّمة البكالوريا الدوليّة (IB)، تهدف إلى إدماج برامج البكالوريا الدوليّة في المدارس الحكوميّة. وقد تبنّت المدرسة مدرسة حكوميّة لضمان التعاون بين القطاعين العامّ والخاصّ، من خلال مشاركة الدورات التدريبيّة، واعتماد برنامج "التربية الإيجابيّة" منهجًا تربويًّا موجّهًا إلى الطلبة وأولياء الأمور والإداريين. وقد أثبت هذا التعاون أنّ المدارس الحكوميّة قادرة على تحقيق أهداف المدارس الخاصّة نفسها، بل ونقل التجربة الناجحة إلى مدارس حكوميّة أخرى. وأسهم القرب الجغرافيّ بين المدرستين في تسهيل التعاون، ما عزّز تطوّر العلاقة بين الطرفين، وأنتج فوائد متبادلة لكليهما.   ماذا عن التحدّي في الجانب المالي والتعامل مع السلطات التعليمية؟ أجابت أ. كركلّا أنّ الرسوم المفروضة من المدرسة تقتصر على رسوم التسجيل فقط، مع توفير الموارد الأساسيّة من قبل الجهات الرسميّة. ويتمثّل التحدّي الرئيس في قدرة مدير المدرسة على تحديد الأولويّات الماليّة وترشيد النفقات، وذلك بالاعتماد على صندوق الأهل وصندوق الثانويّة، واللذَين يُستخدمان لتغطية خدمات متعدّدة، مثل النظافة والخدمات الإلكترونيّة ووسائل التدفئة والتجهيزات الأخرى. ويتمّ ذلك من خلال وضع خطط ماليّة دقيقة، وتقديم موازنات واضحة لوزارة التربية والتعليم مع بداية كلّ عام دراسيّ، لتوفير الاحتياجات الأساسيّة، مع إمكانيّة التقدّم بطلبات إضافيّة خلال العام الدراسيّ في حال ظهور نفقات طارئة.   المحور الثاني: ظروف العمل مع العنصر البشريّ (الأهل والطلّاب والموظّفين) ما التحدّيات المرتبطة بالعنصر البشريّ في المدرسة، وكيف تمّ التعامل معها؟ أشارت أ. عصمت لمعي إلى أنّ التحدّي الأكبر يتمثّل في التغيّرات المجتمعيّة السريعة الناتجة عن التفكّك الأسريّ، والثورة الرقميّة، الأزمات العالميّة، والتغيّر المناخيّ، والتي أثّرت بشكل مباشر في الصحّة النفسيّة للطلّاب. وأوضحت أنّ الدراسات أثبتت تدهور الصحّة النفسيّة بسبب هذه العوامل، حيث أشارت تقارير منظّمة الصحّة العالميّة (أكتوبر 2024) إلى أنّ واحدًا من كلّ سبعة أفراد، بين سنّ 10 و19، يعاني اضطرابات نفسيّة تمثّل نحو 15% من عبء الأمراض في هذه الفئة. ويُعدّ الاكتئاب والقلق من أبرز أسباب المرض والإعاقة، بالإضافة إلى أنّ الانتحار ثالث سبب رئيس للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة. وفي مواجهة هذه التحدّيات، قدّمت المدرسة برنامج "التربية الإيجابيّة"، وهو برنامج يهدف إلى معالجة جذور المشكلات السلوكيّة والنفسيّة، من خلال فهم أسباب الأخطاء بدلًا من الاعتماد على العقاب. وقد شارك الطلاب في فيديو عبّروا فيه عن تأثير البرنامج في حياتهم الدراسيّة، حيث تعلّموا السيطرة على الغضب، وازدادت مشاركتهم الفعّالة في المدرسة. كما شمل البرنامج أولياء الأمور والمعلّمين، ما ساعد في جعل العمليّة التعليميّة أكثر جذبًا وانفتاحًا، حيث يُمنح الطالب حرية اختيار الطريقة التي تناسبه في إنجاز مهامه، الأمر الذي أسهم في تنمية مهارات التواصل الاجتماعيّ لديهم، وجعل المدرسة بيئة تعليميّة مفتوحة.   ما التحدّيات التي تواجهها المدرسة مع المعلّمين؟ أشارت د. أليس عبود إلى أنّ التحوّلات السياسيّة والاقتصاديّة والتكنولوجيّة المتسارعة، إلى جانب تراجع القيم الإنسانيّة، أثرت سلبًا في جميع مكوّنات المجتمع المدرسيّ، من طلبة ومعلّمين وأهالي. وأكدّت أنّ دور مدير المدرسة يتجاوز الإدارة التقليديّة، ليشمل القيادة المجتمعيّة وصناعة ثقافة تربويّة. كما عبّرت عن رؤية مدرسة الأهليّة والمطران التي تهدف إلى تمكين الطلبة من القيَم الإنسانيّة، للتعامل مع تحدّيات القرن الحادي والعشرين، مع التركيز على ربط التعليم بالحياة الواقعيّة. واستشهدت بتقارير اليونسكو لسنة 2021، والتي تسلّط الضوء على الضغوطات النفسيّة والتنظيميّة، والتحوّل الرقميّ المفاجئ، التفاوت الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وضعف التمويل، وتراجع القيم التربويّة، وهي تحدّيات تواجه معظم المدارس. أمّا على مستوى المدرسة تحديدًا، فكان من أبرز التحدّيات عزوف الجيل الجديد عن مهنة التعليم، ما أدّى إلى عدم الاستقرار في الكادر التدريسيّ، وصعوبة تحقيق الأهداف التعليميّة نتيجة الانتقال المتكرّر للمعلّمين بين المدارس. كما أنّ العلاقة المتباينة بين الأهل والمدرسة، والانفتاح على التنوّع الثقافيّ، فرضا الحاجة إلى إعادة تعريف الهويّة المدرسيّة. وللتعامل مع هذه التحدّيات، طوّرت المدرسة رؤية تربويّة متجدّدة، تقوم على ترسيخ قيم العدالة والانتماء والانفتاح، وتهيئة بيئة عمل جاذبة للمعلّمين بفهم التحدّيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي يواجهونها. كما عُزّزت العلاقة مع الأهل من خلال خلق ثقافة حواريّة، وتصميم برامج شاملة للعافية النفسيّة والاجتماعيّة، ترتكز على فلسفة تربويّة إنسانيّة تقبل التنوّع والاختلاف.   كيف تمّت مواجهة تحدّيات العنصر البشريّ في المدارس الحكوميّة؟ من جانبها، أوضحت أ. كركلّا أنّ الرؤية والرسالة التي تتبناهما المدارس الحكوميّة ترتكزان على توجيهات وزارة التربية والتعليم. وأشارت إلى أنّ التحدّي الأساس في هذه المدارس يتمثّل بتطبيق القوانين الصادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي. لذا، ينبغي على المدير أن يكون ملمًّا بهذه القوانين ويلتزم بها، إلى جانب دوره في متابعة المدرسة والإشراف التربويّ، نظرًا إلى أثرها المباشر في المجتمع وفي سير العمليّة التعليميّة. كما بيّنت أنّ كلًّا من وزارة التربية والتعليم ومجالس الأهالي يضطلع بدور مهم في هذا الجانب، حيث تُشكَّل مجلس الأهل بدعوة تُرسل إلى أولياء الأمور الذين لديهم الرغبة والمقدرة على المشاركة. ولفتت إلى وجود صندوق خاصّ يُعنى بدعم المدرسة، ويقوم على مبدأ التعاون مع أولياء الأمور، ويُستخدم لتمويل مشاريع ومبادرات لمواجهة التحدّيات، مثل تقديم مساعدات مادّية توفّر العديد من الاحتياطات والمستلزمات، منها: الألواح البيضاء، أنظمة الصوت داخل الصفوف، شاشات العرض، التدفئة وغيرها من الموارد التشغيليّة، ما يسهم في توفير بيئة سليمة تُساعد على التعلّم. أما بالنسبة إلى الطلبة، فيُدعمون أيضًا بالتعاون مع الجهات المختصّة بالصحّة النفسيّة والاجتماعيّة، وتقديم محاضرات توعويّة في مجالات متنوّعة مثل الدين والأسرة والسلوك والوقاية من الأمراض وغيرها، بالتعاون مع جهات مثل البلديّة.   المحور الثالث: ظروف العمل مع السلطة التعليميّة والاستجابة للمتغيّرات والسياسات التعليميّة كيف هي ظروف العمل مع السلطة التعليميّة؟ وما أبرز التحدّيات؟ أوضحت د. أليس عبود أنّ التحدّيات تتركّز في الجوانب التنظيميّة ومقاومة التغيير والابتكار، بالإضافة إلى صعوبة التعامل مع تعدّد الجهات التي تضع المناهج، مثل الوزارات ومنظّمة البكالوريا الدوليّة. وللتعامل مع هذه التحدّيات، تبنّت المدرسة مبدأ "الشراكة لا التنافس"، مؤكّدة أهمّيّة التعاون مع الجهات الرسميّة بطريقة تحفظ استقلاليّة المدرسة وتحترم رسالتها التربويّة. وعلّق أ. محمود أنّ من أهم ركائز النجاح بناء الثقة بين المدرسة والمجتمع المحليّ، وهو ما يعدّ من مسؤوليّات إدارة المدرسة، لما لهذا التعاون من أثر إيجابي في دعم المدرسة وتحقيق أهدافها التربويّة.   كيف ترسم المدرسة الحدود المناسبة في العلاقة مع أولياء الأمور؟ أجابت أ. عصمت لمعي أنّ تباين أنماط الأهل بين من يتدخّل في كلّ التفاصيل ومن يترك المسؤوليّة كاملة للمدرسة، يتطلّب وضوحًا في سياسة المدرسة. من أبرز الوسائل لتحقيق ذلك، إرسال تقارير دوريّة عن أداء الطلاب، وتنظيم جلسات حواريّة توعويّة تساعد الأهل على فهم أهميّة العلاقة الإيجابيّة مع الأبناء خارج الإطار الأكاديميّ. كما أكّدت د. عبود على أهمّيّة بناء ثقافة حواريّة قائمة على التعاون بين المدرسة والأهل، إذ إنّ نجاح العمليّة التعليميّة يعتمد بشكل كبير على هذا التفاعل الثلاثيّ بين الطالب والأهل والمدرسة. أضافت أ. كركلّا أن التحدّيات تكون أكثر وضوحًا في المرحلة الثانويّة، إذ تتطلّب مشاكل مثل الرسوب أو الغياب المستمرّ، تواصلاً مباشرًا ومكثّفًا مع الأهل، مؤكّدة أنّ مشاركة الأهل أمر ضروريّ لضمان مصلحة الطالب. وأكدّت على دور المدرسة في دعم الطلبة نفسيًّا ومعنويًّا، بمشاركتها في مبادرات ومناسبات مجتمعيّة، مثل: الفوز بجائزة المدرسة العالميّة، المشاركة في مسابقة "العقول المستدامة" بالتعاون مع الجامعة الأمريكيّة، مسابقات تروّج للتعايش المسيحيّ –الإسلاميّ، والاحتفال بأيّام وطنيّة مثل يوم الاستقلال ويوم المرأة، ما ساعد على خلق بيئة تعليميّة أكثر إيجابيّة وتوازنًا. بعد ذلك أجابت المشاركات عن بعض الأسئلة من الحضور: هل تختلف التحدّيات بين المدارس الحكوميّة والخاصّة؟ اتّفق كلّ من أ. لمعي ود. عبود على أنّ التحدّيات متشابهة في جوهرها بين المدارس الحكوميّة والخاصّة، لكن تختلف في بعض التفاصيل مثل أعداد الطلبة، ومرونة تنظيم ورش العمل والتدريب للمعلّمين، حيث تتمتّع المدارس الخاصّة أحيانًا بمساحة أكبر من الحرّيّة في هذا الجانب.   ماذا عن التحدّيات في السياق الفلسطينيّ؟ تحدّثت د. عبود عن خصوصيّة الواقع الفلسطينيّ، مشيرة إلى أنّ التحدّيات في المدارس هناك تتجاوز كلّ ما تواجهه المدارس في الدول العربيّة الأخرى، نظرًا إلى انعدام الأمن والسلم. ورغم ذلك، يُعدّ صمود المدارس الفلسطينيّة مصدر إلهام وأمل لبقيّة العالم العربيّ في مواجهة التحدّيات مهما كانت صعبة.   في ختام الندوة، قدّم أ. عمرة تلخيصًا لأهمّ ما جاء فيها، مؤكّدًا على تنوّع التحدّيات التي يواجهها مدير المدرسة من الجوانب الماليّة والبشريّة والتنظيميّة، كما شكر المشاركات على مداخلاتهنّ القيّمة، والجمهور على تفاعله ومشاركته. كما أشار إلى أنّ أحد التحدّيات الأساسيّة الأخرى، دمج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصّة في البيئة المدرسيّة، والعمل على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، بما يضمن شموليّة التعليم للجميع.

ندوة: الشراكة مع الأهل.. استكشاف مفاهيم، وتجارب وتحدّيات وفرص

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2025 بالتعاون مع شبكة تمام المهنيّة، بعنوان "الشراكة مع الأهل: استكشاف مفاهيم، وتجارب وتحدّيات وفرص". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مفهوم الشراكة مع الأهل. 2. تجارب ميدانيّة. 3. التحدّيات والفرص لبناء الشراكة مع الأهل. استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: أ. رضا العيّاش، مديرة المدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. شيخة الجفيليّة، مديرة مدرسة حيل العوامر، عُمان؛ د. نورة محمّد، اختصاصيّة نفسيّة في مدرسة الظعاين الابتدائيّة الإعداديّة للبنات، مصر/ قطر؛ د. بدر العتيبي، مدير ثانويّة ابن النفيس- السعوديّة. أدارت الندوة أ. ريان قاطرجي، منسّقة ومصمّمة برامج وباحثة في شبكة تمام المهنيّة - لبنان/ الإمارات. استهلّت أ. قاطرجي الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: مفهوم الشراكة مع الأهل قدّمت أ. ريان للمحور بأنّ الشراكة مع الأهل مفهومًا لم يعطَ حقّه قديمًا في مجال الأبحاث والدراسات، ولكن اليوم، ازداد الاهتمام به من قِبل التربوييّن والمختصّين، ومن هُنا، طرحت أ. ريان سؤالًا تأطيريًّا للمحور، هو: ما هو مفهومكم للشراكة الناجحة مع الأهل؟ استهلّت أ. رضا العيّاش حديثها بمشاركة تجربة المدرسة الأهليّة في لبنان، والتي تقوم أساساتها على الشراكة مع الأهل. واعتبرت أنّ مفهوم الشراكة الناجحة يجب أنّ يُبنى على إطار محدّد ذي أسس معيّنة، ومترجم عمليًّا على الأرض. وهو مفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى، إذ يتنوع بين مدارس يقتصر فيه المفهوم على سلوكيّات الطالب وتحصيله العلميّ، أي إنّ الطالب محورُ هذه الشراكة فقط. ومدارس تشارك الأهل في الأنشطة المدرسيّة مثل الفعّاليّات والمناسبات، وصولًا إلى مفهوم الشراكة التي تنفّذه مدارس مثل المدرسة الأهليّة، وهي الشراكة في صنع القرار. وتابعت بأنّ التواصل عنصر أساسيّ في الشراكة الناجحة، ويجب أنّ تكون طرقه متّفقًا عليها بين المدرسة والأهل. وهُنا على المجتمع المدرسيّ الانتباه إلى جاهزيته لهذا التواصل بطريقة مهنيّة، حيث يمكن أنّ تشارك الكوادر التعليميّة بتدريبات تطوّر لديهم مهارة التواصل مع الأهل، من أجل تحقيقه بأفضل طريقة ممكنة. من جانب آخر، على الأهل أن يكوّنوا فهمًا واضحًا للشراكة مع المدرسة، ليكونوا جاهزين.   ما أهمّيّة الشراكة مع الأهل بالنسبة إلى المدرسة؟  أجاب د. بدر العتيبي عن السؤال منطلقًا من أهمّيّة التفاعل الإيجابيّ بين الأهل والمدرسة، ودور استخدام مواقع التواصل في الأغراض التعليميّة، وتقليل المشتّتات التي تواجه الطالب في القرن الحاليّ، ولا سيّما تلك المشتّتات المرتبطة بهذه المواقع. ليصبح دورها تعليميًّا عوضًا عن التسليّة فقط. وأضاف د. العتيبي، أنّ التعاون البنّاء بين الأسرة والمدرسة يواجه التحديّات التي تحدث مع الطالب من بداياتها، إذ يحدث مشاركةً في تعديل السلوك، فكلّما كان هذا التعاون فعّالًا ومندمجًا وفي مراحل مبكرة من المشكلات النفسيّة والسلوكيّة للطالب، كان التعامل مع هذه المشكلات أسهل وأكثر إيجابيّة.   ما أشكال الشراكة الناجحة مع الأهل؟ أشارت أ. شيخة الجفيليّة انطلاقًا من تجربتها، إلى أنّ التقنيّات الحديثة سهّلت كثيرًا الشراكة مع الأهل، إلى جانب فتح المدارس أبوابها لأوليّاء الأمور. كما أشارت إلى وجود لجنة للأمّهات في مدرستها، مع اختيار رئيسة لها. تسهم هذه الرئيسة بوضع الخطّة المدرسيّة لتمثّل صوت الأهالي فيها. وتعقد الاجتماعات الحضوريّة مع الأهالي في بداية الفصل الدراسيّ ونهايته، للتشاور في العمليّة التعليميّة. إلى جانب عقد اللقاءات بشكل فرديّ مع أولياء الأمور خلال العام الدراسيّ. وأكدت أ. الجفيليّة أنّه، في مدرسة حيل العوامر التي تديرها، كان دور الأهل غير محصور بشراكتهم مع المدرسة في تحسين جودة التعلّم، بل امتدّ ليطال دورهم في القضاء على بعض الظواهر السلبيّة في المجتمع، مثل التنمّر. ذلك إضافة إلى أدوار أخرى للأهل، في الفعّاليّات الخاصّة بالمدرسة، مثل يوم المعلّم، والمناسبات الدينيّة، وتكريم الطلّبة المتفوّقين. ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ المدرسة أيضًا كانت عنصرًا مشاركًا في فعّاليّات مجتمعيّة مختلفة، مثل فعّاليّات في الجامعة ووزارة الصحّة، وفعّاليّات أخرى فنيّة وتقنيّة بالتعاون مع مؤسّسات مختلفة. كلّها كانت فعّاليّات تتناول قضايا لها دور مباشر في التأثير في الطالب والمجتمع بشكل عامّ. فكانت العلاقة تبادليّة، والمنفعة مشتركة بين المدرسة ومحيطها.   الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مَن في مدرستكم؟ تحدّثت د. نورة محمّد عن تجربتها في مدرسة الظعاين، وعن أهمّيّة وجود لجان في المدارس تختصّ بالشراكة المجتمعيّة، مؤكّدة على أنّ الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مشتركة بين جميع أطراف العمليّة التعليميّة من إدارة ومعلّمين. كما ذكر د. محمّد توزيع استبيانات للأهالي في بداية العام الدراسيّ لأخذ آرائهم حول المشاركة في الأنشطة، وما لديهم من أفكار في تطوير المدرسة، ومن هُنا يتمّ تحديد الأهالي الراغبين في المشاركة في مجلس الأمّهات.   المحور الثاني: تجارب ميدانيّة كيف يمكن أن تستفيد المدارس من دعم الجهّات الرسميّة لتفعيل شراكتها مع الأهل؟ هل يمكنك اختيار مبادرة تعكس هذا التعاون في السياق المحليّ؟ قالت أ. الجفيلية إنّ أيّ نظام إداريّ واعٍ سيعمل على تحسين العلاقة بين المجتمع والمدرسة، وهذه العلاقة يجب أنّ تعمل على تحقيق ما تصبو إليه المؤسّسة التعليميّة. وانطلقت من تجربتها في سلطنة عُمان، إذ تركّز المؤسّسات التعليميّة على تقديم تعليم عالي الجودة، وتخريج طالب متميّز مغروسة فيه الأخلاق والثقافة العاليّة، ليكون عضوًا فعّالًا ومنتجًا في المجتمع. شاركت أ. الجفيلية تجربتها في سلطنة عُمان، مع وجود نظام البوّابة التعليميّة الإلكترونيّة، وفي هذه البوابة، كلّ ما يخصّ المدارس في مختلف المراحل الدراسيّة. ومن ضمن لجان هذه المدارس في البوّابة، لجنة "مجالس أوليّاء الأمور". ويتمّ تقييم دور هذه المجالس من خلال تنفيذها للشراكة الناجحة مع أوليّاء الأمور والمجتمع. وتنبثق منها مجموعة من اللجان: - اللجنة الماليّة. - لجنة التعليم. - اللجنة الاجتماعيّة. - لجنة الأنشطة. ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ الجهّات الرسميّة في عُمان حاضرة وداعمة لمجالس أوليّاء الأمور في العديد من الأنشطة، ويتمّ تكريم مجالس أوليّاء الأمور الداعمة والمؤثّرة في المدرسة، على مستوى سلطنة عُمان، وعلى مستوى المديريّات. كما ذكرت أ. الجفيليّة تجربة "الاختبار المريح"، وهو أحد مشاريع لجنة التعليم في اللجان المدرسيّة. إنّ فكرة الاختبار المريح تقوم على إبعاد القلق عن الطالب أثناء دخوله الامتحان، حيث خصّصت المدرسة أماكن لتواجد الأمهات لدعم بناتهنّ قبل الامتحان، وتشجيع الطالبات على تقديم أفضل ما عندهنّ. كما توفّر الأمهات وجبات صحّيّة للطالبات في كلّ امتحان، لإعانتهنّ على التركيز والحفاظ على صحّتهنّ العقليّة والجسديّة. من المبادرات أيضًا مبادرة " الحيل تتدبّر"، حيث تقوم إحدى الأمهات بتلاوة آية قرآنيّة في الطابور الصباحيّ، ويرددها كافّة من في الطابور المدرسيّ بمن فيه من معلّمين وطلّاب. ونتدبّر هذه الآية التي نختار موضوعها إمّا عن العلم أو المعرفة، أو غرس القيم الاجتماعيّة الطيّبة، أو غيرها من الموضوعات التي تمسّ الطالبات بشكل مباشر. كما تحدّثت أ. الجفيليّة عن التعاون مع الأمّهات صاحبات المهارات والرياديّات في تدريب الطالبات على ريادة الأعمال، مثل تقديمهنّ ورشًا للتطريز في المدرسة، علّمت فيها الأمهات مهارة التطريز اليدويّ، وأصبح هذا التطريز مصدر دخل لبعض الطالبات.   هل تمكن مشاركة مبادرة تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الأهل والمدرسة؟ ذكر د. العتيبي مبادرة "جسور" وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز قيمة الأسرة ومكانتها في المجتمع المدرسيّ، وتأكيد رعايتها للأفراد في بيئة تحترم دورهم وتلبّي احتياجاتهم عبر شراكات مجتمعيّة نوعيّة، ضمن برامج محفزّة تخدم الأغراض التعليميّة وترفع الوعيّ المجتمعيّ. ووضّح د. العتيبي، خطّة سير هذه المبادرة، حيث بدأت بتوزيع استبيانات على أوليّاء الأمور تبحث في رغبة الأهالي بالمشاركة في مسارات المبادرة المختلفة، والخدمات التي يمكنهم تقديمها خلال هذه المسارات للمدرسة. لتجهيز قاعدة بيانات ضخمة لهؤلاء الأهالي والعودة إليها عند تنفيذ البرامج. من الأمثلة على المسارات التي نفّذتها المدرسة بالتعاون مع الأهالي، المسار المجتمعيّ الذي انبثقت منه البرامج العلميّة والعمليّة التي تدعم المنهج وتجهّز الطلبة للمرحلة الجامعيّة، إذ تمّ في أحد هذه البرامج استقطاب ولي أمر طالب، وهو مُدرّس أكاديميّ في إحدى الجامعات، وقدّم محاضرة علميّة بعنوان "الطاقة والبيئة". ومن هذه البرامج أيضًا تقديم أحد الأساتذة الجامعيّين محاضرة بعنوان "البيئة الجامعيّة ومهارات النجاح". كما نُفذّت المبادرة المسار التوعويّ، والتي أسهمت في رفع الوعي الفكريّ لدى الطلبة، ويقدّمها أولياء الأمور أيضًا. إضافة إلى المسار التطويريّ الذي يعمل على تطوير الطلّبة بالشراكة مع الأهل في جوانب عدّة، ومنها الجانب التجاريّ وجانب ريادة الأعمال. وعلى صعيد المسار الصحّيّ، قدّم أولياء الأمور في القطاع الطبيّ محاضرات في المدرسة تتعلّق بالتغذيّة وسلامة الأسنان والصحّة. ولفت د. العتيبي إلى تنفيذ المسار التشاركيّ مع أولياء الأمور، حيث يشاركون بهجة التخرّج والاحتفال في نهاية العام الدراسيّ. ومن البرامج التشاركية أيضًا، برنامج ربط الأجداد بالأحفاد، حيث يحضر الأجداد إلى المدرسة لمشاركة خبراتهم وتجاربهم مع الطلّاب.   من جهتها شاركت د. محمّد تجربة مدرستها في مبادرة "أسرتي مجتمعيّ"، وترتكز رؤية المبادرة على ترسيخ القيم الأخلاقيّة في الأسرة لبناء مجتمع مدرسيّ رياديّ. وتقوم رسالة المبادرة على تعزيز الشراكة الواعية بين الأسرة والمدرسة، في تنشئة الطالبات على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة وعادات وتقاليد المجتمع القطريّ. وبحسب د. محمّد تكمن أهمّيّة المبادرة في تعزيز الشراكة الواعيّة بين الأسرة والمدرسة في تنشئة الطالبات، وتحقيق الشراكة المجتمعيّة في دعم عمليتَي التعليم والتعلّم. وتأكيد رعاية الأسرة لأفرادها في بيئة تحترم كلّ فرد منها وتلبّي احتياجاته. وتحدّثت د. محمّد عن تنفيذ جوانب متعدّدة لخطّة المبادرة، حيث كان للخطّة جوانب سلوكيّة وصحّيّة وبيئيّة. وكانت لكلّ جانب أنشطة معيّنة على مدار العام، ينفذ هذه الأنشطة أطراف من المدرسة أو أوليّاء الأمور أو مؤسّسات مجتمعيّة خارج المدرسة، وذلك من خلال ورش عمل وأنشطة متنوّعة. وأشارت د. محمّد إلى نشاط بعنوان "فنجان قهوة"، تُدعى فيه الأمّهات إلى المدرسة، وتُعقَد جلسات معهنّ لتوعيتهنّ بوجود اختصاصيين، في ما يتعلّق بالطريقة الأمثل لتعاملهنّ مع أبنائهنّ وبناتهنّ، وتعزيز أدوارهنّ الإيجابيّة في الأسرة بما يدعم الطلّاب والطالبات. كما عرّجت د. محمّد على مجموعة من الأنشطة التي نفّذتها المدرسة ضمن هذه المبادرة، ومنها: - ورشة عمل تفاعليّة للأمّهات قدّمتها اختصاصيّات، حول سبب غياب الطالبات. - في اليوم البيئيّ نشاط أنا أزرع مع أمّي، حيث تقوم الأمّ وابنتها بزراعة نبتة في المدرسة. - في اليوم الرياضيّ تمّ استدعاء الأمّهات للمشيّ مع بناتهنّ حول المدرسة. - تكريم الطالبات المتوفقات والموهوبات بحضور أولياء الأمور.   المحور الثالث: تحدّيات وفرص لبناء الشراكة مع الأهل تأثير الاختلافات الثقافيّة والاجتماعيّة بين بيئة الأهل والمدرسة، في بناء شراكة بين الطرفين أشارت أ. العيّاش إلى أنّ المدرسة الأهليّة، منذ بداية تأسيسها بشراكات بين الأهل والمعلّمين، تحمل رسالة التنوّع. وهي مدرسة علمانيّة تجمع بين كلّ فئات المجتمع. كما قالت إنّها تمثّل صورة مصغّرة عن لبنان، كما نأمل أنّ تكون الحياة في لبنان ذي التنوّع الثقافيّ الكبير. نحاول تنفيذ هذه الآمال بشكل مصغّر في مدرستنا بأسلوب مبنيّ على الاحترام. وتحدثت أ. العيّاش عن مثال نُفّذ في المدرسة، حيث جًهّزت إقامة سكن للطلّاب، جمعت الإدارة فيه طلّابًا من طوائف وأماكن مختلفة، ليكون هذا التنوّع فرصة للتعلّم، إذ لا تقتصر العمليّة التعليميّة على الكتاب أو الأستاذ، أيضًا الطلّاب يتعلّمون من بعضهم. كما يُحتفَل بالمناسبات الاجتماعيّة والدينيّة في هذه البيئة الخصّبة بالتنوّع، من دون أنّ تكون هذه الأنشطة موجهّة لفئة معيّنة، بل يتمّ إشراك الطلّاب كلّهم بهذا الاحتفال. وقالت أ. العيّاش إنّ المدرسة الأهليّة لا تهدف للربح، وإنّ الأقساط التي يدفعها الأهل تذهب إلى تحسين العمليّة التعليميّة وتطويرها، وهذا بحدّ ذاته مشاركة فاعلة لهم في المدرسة. كما يذهب قسم من القسط المدرسيّ إلى تسديد بقيّة أقساط الطلّاب الذين لا يمتلكون القدرة على دفع القسط كاملًّا، ما يضمن التكافل بين الأهالي من مختلف طبقاتهم الاجتماعيّة.   التحديّات التي تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة مع وجود اختلاف الثقافات؟ أكدّت أ. العيّاش على حتميّة وجود تحديّات تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة، في ظلّ التنوّع الثقافيّ. فعند انتقال الطالب من مدرسة تختلف في سياساتها عن مدرستنا، يكون هناك اختلاف في توقّعات الأهل من المدرسة، وتوقّعات المدرسة من الأهل. وهذا الاختلاف في التوقّعات يبدّده التواصل الفعّال من أجل تحديد شكل العلاقة بين الأهل والمدرسة. وذلك من خلال تخصيص اجتماعات - على سبيل المثال - لأهالي الطلبة المنتسبين حديثًا للمدرسة، أو تخصيص لقاءات فرديّة أو تواصل إلكتروني، أو عبر الهاتف، وعلى المدرسة أنّ تفهّم طريقة التواصل التي يفضّلها الأهالي. وقالت أ. العيّاش إنّ هذا التواصل مع الأهالي ليس هدفه الحديث عن أداء الطالب الدراسيّ وحسب، بل أيضًا يهدف إلى أن تتعرّف المدرسة إلى ثقافة الأهل، وخبراتهم وتطلّعاتهم من المدرسة، لبناء فرص للشراكة معهم. من جهتها، قالت أ. الجفيلية إنّ الإدارة متى ما اقتنعت بأهمّيّة شراكة الأهل مع المدرسة، فإنّها تؤثر في المعلّمين وفي الأهل أيضًا، وهذا يحتاج إلى الصبر والتأنّي، لأنّ أوليّاء الأمور من بيئات مختلفة ودول مختلفة، لكنّ الشراكة في هذه الأيام لم تعد صعبة كالسابق، مع وجود وسائل التواصل الكثيرة والمتنوّعة التي بنت جسورًا بين الأهل والطالب. ومتى ما وجد وليّ الأمر أنّ المدرسة تسعى لبناء هذه الجسور، نجد اقترابًا من الأهل منها.   كيف يمكن لاختلاف التوقّعات وفهم الأدوار بين الأهل والمدرسة أنّ يؤدّي إلى تحديّات في بناء الشراكة بينهم؟ أكدّ د. العتيبي في بداية إجابته عن هذا السؤال، أنّ التعليم خدمة تقدّمها المدرسة، ويتلقّاها الطالب والأهل، وكلّ وليّ أمر يتوقّع هذه الخدمة بطريقة مختلفة، ووظيفة المدرسة فهم هذه التوقّعات، والبحث في خلفيّات الأهالي الثقافيّة المختلفة، من أجل الوصول إلى خدمة تتلاءم معهم. وتابع د. العتيبيّ بأنّ التحدّي الثاني هو أنّ أيّ مؤسّسة تعليميّة، دورها الأساسيّ تخريج طالب يمتلك المهارة والمعرفة والسلوك الإيجابيّ، وهذا الدور يجب أنّ توضحه المدرسة للأهل، حتّى لا تكون هناك فجوة بين الدور الذي تقدّمه المدرسة، وتوقّعات ولي الأمر منها.  وأكمل بأنّ على المدرسة أنّ تمتلك خطّة تبدأ بالمدرسة وتنتهي بالأسرة، توضّحها لأولياء الأمور، وتبيّن فيها كيف يكون دور الأهل فاعلًا في تطوير عمليّة التعليم.   ما الفرص التي يمكن استثمارها لتطوير الشراكة بين المدرسة والأهل؟ قالت د. محمّد إنّ من أهمّ الفرص استغلال الأيّام والمناسبات الوطنيّة والعالميّة، من أجل التعرّف بشكل أكبر إلى الأهل، مثل يوم الثقافات، حيث تحضر الأم برفقة ابنتها، مع ارتداء الزيّ الشعبيّ لكلّ دولة، وتشارك الطعام التقليديّ لبلدها.   ما الخطوات المستقبليّة التي يمكن اتّخاذها لتفعيل الشراكة مع الأهل؟ أكدّت أ. العيّاش على ضرورة إكمال الخطوات التي بدأت بها المدرسة لتفعيل الشراكة مع الأهل، وتوسيعها بشكل أكبر وذلك باستغلال كلّ الفرص لبناء الثقة بين المدرسة والأهل، وإشراكهم في اتّخاذ القرارات التي تنفّذها المدرسة، مثل نوعيّة المناهج المعتمدة، لأنّ أوليّاء الأمر هم من سيحافظون على استمراريّة جودة التعليم في المستقبل. الأمر الذي يحتاج إلى عمل دائم وجهد وتخطيط لبناء هذا التواصل الفعّال بما يفهم احتياجات الطالب والأهل. في خِتام الندوة، قدّمت أ. قاطرجي تلخيصًا للندوة التي سلّطت الضوء على شراكة المدرسة مع الأهل، بجوانبها المُختلفة. وشكرَت المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. وأشارت إلى أنّ المبادرة التي ينفّذها مركز تمام حاليًّا، تهدف إلى خلق تناغم بين ثقافة المدرسة وثقافة البيت وتحقيق احترام وتكامل بين أدوار المدرسة والعائلة، وإيجاد سُبل للتعاون والتشارك بينهما، وصولًا إلى رؤية الشراكة الناجحة والحقيقيّة بين المدرسة والأهل.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

الذكاء الاجتماعيّ في عصر التكنولوجيا: تعزيز التواصل والتعاطف والتعاون لتمكين الطلّاب
باتت التكنولوجيا في عصرنا، جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا اليوميّة، وتغيّرت بفضلها العديد من جوانب التعليم والتربية. ومع أنّ هذه التحوّلات تفر... تابع القراءة
معركة التعليم: الإصلاح الزائف
اخترت هذا العنوان لتدوينتي لأنّ التعليم كان، وما زال، ميدانًا لمعركة متّصلة، فيها كلّ عناصر المعارك من هجوم ودفاع وتحصّن وزحف. هذه المعرك... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

أحمد الخليل- تربويّ ومختصّ في تكنولوجيا التعليم وأنماط التعلّم- ليبيا

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ أكثر الاستراتيجيّات الفعّالة عندي استراتيجيّة ثلاثيّة السرد القصصيّ والإسهام والإدماج. نحن البشر لم نعرف وسطًا لنقل سرديّات معلومات أقوى من القصّة. القدرة على السرد القصصيّ، خصوصًا في تاريخ العلوم، من أقوى المهارات في تصوّري، والتي تعزّز التركيز والاندماج وفرصة المشاركة وترسيخ المعلومة.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ الذكاء الاصطناعيّ من أكثر الأدوات التي تسهم في رفع سقف التوقّعات المنجزة في الصفّ. يمكن أن يساعد كلّ من الطلبة والمعلّمين في بناء جسر تواصل بين الأجيال. لكن يجب دائمًا التركيز على الفهم والتفسير. في الصفّ، يجب أن يساعد الذكاء الاصطناعيّ على القيام بالمهام أسرع، وهو ما يتيح وقتًا أكبر للتأمّل والتفكير داخل الصف. التأمّل والتفكّر والتحليل والتفسير صفات إنسانيّة تعزّز الفهم. وأستشهد بعجز بيت للمتنبي لتنبيه المعلّم إلى أنّ الشرح والتفسير يجب أن يكونا: "على قدرِ القرائحِ والعلومِ".   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ من الممارسات التي كنت أعتقد بصحّتها واكتشفت العكس، هي الشرح المستمرّ من دون فواصل. أعتقد أنّ الطلبة بشكل عامّ، يملكون أيّامًا مختلفة، وأنّ السياق يؤثّر في قدرتهم على التركيز والاستيعاب. لذلك، كان عليّ أن أقدّر متى أسترسل في الشرح، ومتى أكسر الروتين بنشاط يحفّز وينشّط.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ طبعًا، في هذه الحالة الورشة ستكون مصمّمة بناءً على مصطلح أندراغوجيا (Andragogy)، وهو فنّ أو أسلوب تعليم البالغين، أو مساعدتهم وتمكينهم من التعليم بشكل فعّال، وستكون في المحورين الآتيين: - القيادة الصفّيّة الفعّالة. - استخدام التكنولوجيا لتعزيز الفهم بشكل إنسانيّ وفعّال.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، بكل تأكيد، خصوصًا في مجال التعليم في حالات الطوارئ. وأيضًا لوضع أُسس مشتركة لرفع قيمة التعلّم، وإصلاح أنظمة التعليم في الدول العربيّة، وتغيير الصورة النمطيّة للتعليم والإدارة المدرسيّة، ورسم سياسات داعمة لحوكمة التعليم وارتباطه بالاقتصاد والقيم العُليا للدول العربيّة والإسلاميّة والعالميّة. أوّلًا، بصفتي مؤسّس فريق "برو-تون"، حاليًّا أعمل مع فريقي على مشروع "برو-تون"، وهو في صُلبه يعمل على مشروع طويل الأمد لإنشاء اختبار "تقرير برو-تون" لتحليل قدرات طالب ما قبل الجامعة. وبناءً على المتغيّرات الآتية: الأداء الأكاديميّ؛ قياس الذكاءات المتعدّدة؛ الميول المهنيّة والشخصيّة؛ المواهب؛ السلوكيّات خارج المدرسة، يُحدّد أفضل أفق للتخصّصات المحتملة المتوافقة مع نتائج التحليل للطالب. هذا باب بحث كبير، ومع المعرفة والتكنولوجيا، أُقترح أن يُعمَل عليه. وأنا مهتمّ جديًّا بهذا النوع من المعرفة، وأرى أنّه مفتاح لفتح باب القدرات والإمكانات لأبنائنا في هذه المنطقة. أُقترح أن نعمل على إنشاء أكاديميّة لتخريج القيادات المدرسيّة، وأن تشمل متطلّبات قبولها السِمات القياديّة، والتعليم المناسب، والأهمّ: الدافع المناسب. أيضًا، أُقترح أن تُنظَّم قمّة سنويّة للمعلّمين والتربويّين، لمناصرة قضيّة التعليم أولويّةً في الدول.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ دائما ما أبدأ بالتركيز على نقاط القوّة، أو المواهب والسمات الجيّدة التي يمتلكها أطفالهم. ومن ثمّ أُحفّزهم على تخيّل أفضل السيناريوهات الممكنة بشأن مستقبل أطفالهم. هذا يخلق رابطًا قويًّا بيني وبينهم. إضافةً إلى العمل معهم في الاجتماعات الدوريّة والمشاريع المشتركة بين الأهل والأطفال، والتي يمكن أن تناسبهم حسب بيئتهم وظروفهم.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أدرك أن الله يضع للإنسان أكثر من دور في الحياة، ولاحظت أنّ فئة من المعلّمين يضعهم المجتمع في صورة المعلّم فقط، وهذا محلّ تقدير؛ لكنّه قد يُشعِر المعلّم أحيانًا بضغط غير ضروريّ وغير مفيد. لذلك، أفضّل أن تكون لي اهتمامات مختلفة، مثل الرياضة والتكنولوجيا والاطّلاع على المجالات الأخرى، وكذلك التدوين ومشاركة التجارب بنَفَسٍ إنسانيّ وبعقليّة صاحب التجربة لا المعلّم، هذا أيضًا ممّا يفيد.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ بشكل عام لا أنجح دائمًا، للأمانة، في وضع خطّة ثابتة والالتزام بها. ولكن أبقي مسار عامّ للأسبوع، وأحاول التركيز على التقدّم المحرز بدلًا من التقييد بالزمن اليوميّ.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. أعتقد أنّ التعليم والتعلّم أضافا إلى وعيي الكثير، وأتاحا لي العمل في مناخ رائع، ووضعا معنى لحياتي يتجاوز الإسهام في مستقبل الطلبة أفرادًا، إلى إيضاح قيمة السعي لهدف نبيل: خلق مجتمع أكثر وعيًا، وأكثر مرونة، وأكثر قدرة على التغيير نحو الأصلح والأنفع. أمّا الجانب السلبيّ، فهو تطلّب بعض الناس التغيير السريع في مستوى أبنائهم، وهو ما يخالف معنى كلمة "تربية" (والتي تعني النمو والتدرّج): "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ"، أي أنّ التأثير غير ملحوظ على المدى القريب. أيضًا، في الأحداث العامّة في بلدي التي تتعلّق بالسياسات، لا أحد يهتمّ فعليًّا بالتعليم، حتّى إنّ الطبقات العليا تعتقد أنّه مهمٌّ للصغار والأسر فقط، وغير مهم على مستوى الدولة، وهو أمرٌ يُشعر به، وهذا يؤثّر في إحساسي بالتفاؤل بشأن المستقبل.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ من أطرف الحوادث التي مرّت، عندما كان لديّ درس في مادّة الفيزياء للصفّ الأوّل الثانويّ، وكان في جيبي - بالصدفة البحتة - تفّاحة. كانت الحصة الخامسة، ولسببٍ ما، كان الطلبة يشعرون بالضجر! المهم، كان الدرس ذلك اليوم عن: الجاذبيّة. فسألتهم: "هل تعرفون نيوتن؟" فردّ أحد الطلبة: "هذاك اللي طاحت عليه تفاحة؟" فقمت فورًا بإخراج التفاحة من جيبي وقلت: "زي هذي؟" فاندهش الطلبة، وضحك البعض من السيناريو غير المُعدّ. واسترسلتُ في الشرح بعدها بشكل سلس جدًّا، بفضل هذه الصدفة غير المرتّبة.

فرح الهبش- معلّمة موسيقى- لبنان

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ من الاستراتيجيّات الفعّالة التي استخدمتها هي التعلّم التعاونيّ. قمت بتقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة للعمل معًا في مشاريع موسيقيّة، مثل تحضير قطعة موسيقيّة، أو أداء جماعيّ. كان الطلّاب يبدعون عندما يتعاونون مع بعضهم، ويتشاركون الأفكار والمهارات. ساعدت هذه الاستراتيجيّة في تعزيز التواصل بينهم، وزيّنت روح التعاون في الصفّ، ما أسهم في خلق بيئة تعليميّة ممتعة ومحفّزة. كما شجّعت الاستراتيجيّة الطلّاب على الاستقلاليّة وتحمُّل المسؤوليّة الجماعيّة، ما جعلهم يشعرون بإنجازاتهم المشتركة.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الشخصيّ يعتمد على استخدام التكنولوجيا أداةً داعمةً لا بديلة. على سبيل المثال، أستخدمُ التطبيقات الموسيقيّة التي تسمح للطلّاب بتسجيل مقاطعهم الموسيقيّة وتحليلها، أو حتّى لابتكار مقاطع موسيقيّة جديدة، ولكن، في الوقت نفسه، أحرص على التفاعل الشخصيّ والشرح وجهًا لوجه، والمناقشة حول كلّ تجربة، لتوفير فهم أعمق وأكبر للطلّاب.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في البداية، اكتشفت أنّني كنت أركّز كثيرًا على تقديم المعلومات، من دون مراعاة إيقاع الطلّاب واحتياجاتهم الفرديّة. أدركت أنّ للطلّاب مستويات مختلفة من الفهم والاستيعاب، وأنّ لكل طالب "مفاتيحه" الخاصّة للفهم أو التفاعل. لذلك، قرّرت تعديل استراتيجيتي بحيث أحرص على إبطاء وتيرة الدروس أحيانًا، وأوزّع الأنشطة وفاقًا لمستوى الطلّاب لضمان وصول الفكرة للجميع.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ أحد المواضيع التي أرى أنّها هامّة، هي دمج الموسيقى مع الموادّ الأخرى، وأثرها الكبير في عمليّة التعلّم. لتوظيف الموسيقى في الموادّ المختلفة، مثل الرياضيّات العلوم واللغة العربيّة، دور كبير في تعزيز الفهم وزيادة التحفيز. على سبيل المثال، يمكن استخدام الأنغام والإيقاعات لتعليم المفاهيم الرياضيّة، مثل الأعداد والكسور، أو حتّى لشرح العمليّات العلميّة المعقّدة بطريقة ممتعة وسهلة. يساعد دمج الموسيقى في تحفيز الذكاء المتعدّد لدى الطلّاب، وخصوصًا الذكاء الموسيقيّ، ما يجعل العمليّة التعليميّة أكثر تنوّعًا ومتعة. كما يعزّز هذا الدمج قدرة الطلّاب على التفاعل مع الموضوعات بشكل إبداعيّ، الأمر الذي يؤدّي إلى تعلّم أكثر فعّاليّة وتواصلًا مع المحتوى.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين في العالم العربيّ أمر هامّ جدًّا، خصوصًا في ظلّ التحدّيات التي يواجهها التعليم. يمكن أن تكون الورش التعليميّة الرقميّة والمنتديات عبر الإنترنت مساحتين مُمتازتين للتبادل المعرفيّ والتعاون بين المعلّمين. يمكننا أيضًا التفكير في تأسيس شبكة تعليميّة موسيقيّة عبر الإنترنت، لربط المعلّمين مع بعضهم، ومشاركة الخبرات واستراتيجيّات التدريس وأساليبه.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحرص على تعزيز التواصل المستمرّ مع أولياء الأمور، من خلال اجتماعات الأهل مع المدرّسين التي تنظّمها المدرسة خلال العام الدراسيّ. هذه الاجتماعات تتيح لي الفرصة للتحدّث مع الأهل عن تقدّم أبنائهم، ومشاركتهم في عمليّة التعلّم. بالإضافة إلى ذلك، أستخدم التطبيق الذي توفّره المدرسة للتواصل المباشر مع الأهل، إذ يمكنني إرسال تحديثات مستمرّة حول الأنشطة والواجبات الموسيقيّة والإنجازات التي يحقّقها الطلّاب. هذا النوع من التواصل المباشر يعزّز التعاون بين المدرسة والأهل، ويشجّعهم على المشاركة الفعّالة في دعم تعليم أطفالهم في المنزل.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ تنظيم وقتي بين العمل والحياة الشخصيّة أهمّ شيء للحفاظ على صحّتي النفسيّة والجسديّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة. أخصّص وقتًا يوميًّا للاستماع إلى الموسيقى التي تساعدني على الاسترخاء وتحسين مزاجي. وأيضًا، أحاول أخذ قسط كافٍ من النوم يوميًّا، فذلك من الأمور الأساسيّة التي تساعدني في تجديد طاقتي، وتحسين قدرتي على التعامل مع الضغوط اليوميّة. بالإضافة إلى مشاركتي في الأنشطة الاجتماعيّة والفنّيّة التي تعزّز حالتي النفسيّة. هذه العوامل جميعها تُسهم في الحفاظ على صحّتي النفسيّة والجسديّة، ما يمكّنني من تقديم أفضل ما لديّ في عملي.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أستخدم تقنيّة تحديد الأولويّات التي تساعدني على تحديد الأهمّ فالأهمّ. كما أقوم بكتابة هذه المهام والأنشطة التي يجب إتمامها بدءًا من الأهمّ إلى الأقلّ أهمّيّة.  وأيضًا أحرص على تقسيم المهام إلى مهام صغيرة يمكن إتمامها على فترات زمنية قصيرة، لتجنّب الشعور بالإرهاق.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ هو الشعور بالإنجاز الشخصيّ عند رؤية تقدم الطلّاب وتطوّرهم في مهاراتهم الموسيقيّة. أمّا الأثر السلبيّ فهو الضغط النفسيّ والتحدّيات اليوميّة التي قد تؤثّر أحيانًا في حياتي الشخصيّة، بسبب التحدّيات المستمرّة في العمل.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ أطرف حادثة حدثت معي كانت أثناء القيام بنشاط إيقاعيّ مع الطلّاب، كنّا نستخدم حركات جسديّة مع الموسيقى. وفي مرحلة معيّنة، شعرتُ بحاجة إلى حكّ جبيني، ففوجئت أنّ الطلّاب بدأوا بتقليد حركاتي الإيقاعيّة بدقّة. لكن، بعد أن حككت جبيني، ظنّ الطلّاب أنّها حركة إيقاعيّة أيضًا، فقاموا جميعهم بحكّ جبينهم معًا في تناغم، ما جعلني أضحك بشدّة. كانت لحظة مرحة للغاية، وتحوّلت إلى نشاط جماعيّ طريف أضفى كثيرًا من المرح على الصفّ.

أسيل عيسى- معلّمة صفّ لغة عربيّة- فلسطين/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ معظم الاستراتيجيّات التي أستخدمها بشكل مستمرّ مع الطلبة تصبح فعّالة على المدى البعيد. أؤمن أنّ استخدام استراتيجيّة واحدة يُشعر الطلبة بالملل، واستخدام استراتيجيّة مختلفة في كلّ مرّة يتعلّم فيها الطالب مفهومًا جديدًا يشكّل نوعًا من الانزعاج لديه. لذا، أستخدم استراتيجيّات متنوّعة بشكل متواصل، بحيث يكون الطالب أكثر ارتياحًا أثناء التعامل معها، ويصبح على دراية بهيكليّتها وطريقة تفاعله معها، كما والهدف/ المخرج النهائيّ منها، وذلك في كلّ مرّة تُستخدم تبعًا لطبيعة الهدف ونوعيّتهِ والمهارة المطلوب تحقيقها. ومن أهمّها، على سبيل المثال لا الحصر، "أنظر، أفكر، أستنتج"، ومخطّط "فنّ"، بالإضافة إلى استراتيجيّة "قبل، أثناء، بعد القراءة"، و"مجموعات التساؤل"، و"معارض التّجول".   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ ممّا لا شك فيه أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أصبحا جزءًا لا يتجزّأ من حياة طلبتنا اليوميّة، ولن يكون بمقدورنا عزلهم عنها بشكل كامل. وأعتقد أنّه من الأفضل تقنين استخدامهم للتكنولوجيا ومتابعته ضمن المعقول وفي إطار ما يمكنهم استخدامها فيه، ذلك بعد التأكّد من إدراكهم للسلبيّات والإيجابيّات المرتبطة بها، والطرق المثلى للاستفادة منها. وربط كلّ ما نتفاعل معه من خلال التكنولوجيا بواقعهم، وبما يتعلّموه بالطريقة العمليّة، ومن خلال دراسات الحالات المختلفة ذات الصلة بالمواضيع التي يدرّسونها.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مسيرتي المهنيّة كنت أعتقد أنّ الطلبة يفهمون ويدركون ما أقوله جيّدًا من دون أيّ تفسير، وأنّ لديهم ذاكرة قويّة يستطيعون الاعتماد عليها في حفظ كلّ ما أقوله، ولكن بعد فترة اكتشفت خطأ فرضيّتي بسبب قيام الطلبة بتنفيذ الأنشطة التفاعليّة، من دون وجود تقييمات مستمرّة وأدلّة واضحة على سير تعلّمهم ونموّه. وأيقنت بعدها ضرورة أن أقوم بوضع كلّ هدف بشكل مكتوب وتحديثه ببطاقات أدلّةً عن عمل الطلبة ومخرجات تعلّمهم، ما يساعد في مواكبة تطوّر الطالب ومتابعتهِ من قبل نفسه وذويه أيضًا. وتعتبر في الوقت نفسهِ مرجعًا لها يمكنه العودة إليها في حال نسيها، أو احتاج إلى إعادة استخدامها.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ من أهمّ ورش العمل التدريبيّة التي قدّمتها كانت حول التقييم، وأهمّيّة التنوّع في الأساليب والأدوات المستخدمة فيه. بالإضافة إلى كيفيّة تقديم التّغذية الراجعة للطالب بطريقة سليمة تساعده على النموّ والتطوّر وليس لغرض الانتقاد. وصولًا إلى أساليب التّبليغ عن التعلّم، والتي تعتبر أيضا جزءًا في غاية الأهمّيّة من عمليّة التّقييم والتّعلُّم.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ التشبيك وتفعيل الاتّصال والتواصل بين العاملين والفاعلين، في قطاع التعليم في العالم العربيّ، من شأنه تعزيز فرص تجاوز كلّ هذه الأزمات، لما يحقّقه التشبيك من تبادل للخبرات والمعارف والتجارب الفرديّة والجمعيّة. وباعتقادي، يمكننا من خلال تجميعها ودراستها والبناء عليها وتحويلها إلى استراتيجيّات وأدوات، التعامل مع احتياجات الفئات المستهدفة، للتعامل مع أزماتها بشكل مدروس فعّال. وممّا لا شك فيه أنّ القياس على فكرة "منهجيّات" في تبادل الآراء والتجارب والبناء عليها من شأنه أن يشكّل مبادرة خلّاقة في هذا المجال.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أؤمن أنّ مسألة التواصل مع أولياء الأمور عمليّة مستمرّة، وليست لحظيّة مرتبطة بقضيّة أو فعّاليّة معيّنة. وباعتقادي، التواصل المستمرّ معهم من أهم أساليب إشراكهم في العمليّة التعليميّة الخاصة بأبنائهم. وممّا لا شكّ فيه، أن تنوّع طرق التواصل معهم من شأنه أن يعتبر حافزًا لهم لزيادة انخراطهم في العمليّة التعليميّة، سواء من خلال الاجتماعات الدوريّة التي تحدث على مدار العام - بين المعلّم والأهل، أو الثلاثيّة التي تضمّ المعلّم والطالب والأهل، أو الاجتماعات التي يقودها الطالب - أو من خلال الساعات المكتبيّة أو وسائل الاتّصال والتواصل الرسميّة المتّبعة في النظام المدرسيّ. وما أحرص عليه دومًا هو أن أكون سبّاقة في التواصل معهم، لتحديثهم حول سير العمليّة التعليميّة لأبنائهم ومنحهم التغذية الراجعة المناسبة لهم. كما أنّ الوضوح في الرسالة الأسبوعيّة الموجّهة للأهل تجعل من عمليّة الاتّصال والتواصل مسألة واضحة ومريحة.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أحاول دائمًا إحاطة نفسي ببيئة ايجابيّة وأصدقاء متفائلين، قادرين على دعمي وخلق الأجواء الإيجابيّة المطلوبة وقت الحاجة إليهم. كما أنّ وجود شريك وعائلة متفهّمة ألجأ إليهم كلّما احتجت، كفيل بمساعدتي على مواجهة التحدّيات المستمرّة كافّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أحاول دائما الانتهاء من المهام الموكلة إليّ أوّلًا بأوّل قدر الإمكان. ومن الاستراتيجيّات التي استخدمها للمساعدة في إنجاح ذلك هي: هناك بعض المهام التي كنت أقوم بها بشكل منفرد، وتتطلّب مني وقتًا طويلًا خلال التحضير للأنشطة مثلًا. وهنا أصبحت أُشرك الطلّبة في المساعدة في تحضيرها. كما أنّ تقسيم المهام بيني وبين زميلاتي بشكل عمليّ ممنهج يساعد على إنجازها بشكل فعّال.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. هنالك الكثير من الآثار الإيجابيّة للتعليم، من أبرزها في حياتي وتجربتي المهنيّة خارج وطني، وفي ظلّ بيئة متنوّعة وغنيّة بالثقافات المختلفة، اكتساب العديد من المهارات التي تمكّنني من التعامل مع الآخر بشكل سلس، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافيّة المتنوّعة، والهويّات المختلفة التي ينتمون إليها. وهذا بسبب المخزون الثقافيّ الواسع الذي استطعت اكتسابه من هذه التجربة الغنيّة. كما أنّ الصبر من أهمّ الصفات التي تطوّرت كثيرًا لديّ خلال رحلتي التعليميّة. أمّا في ما يتعلّق بالآثار السلبيّة التي أعانيها على المستوى الشخصيّ، والتي أعتقد أنّ جُلّ العاملين في قطاع التعليم يعانونها، خصوصًا من لديهم أبناء في الفئات العمريّة التي يدرسونها، فهي شعوري المستمرّ بالتقصير تجاههم في الجوانب المتعلّقة بمتابعتهم أكاديميًّا في المنزل، وتحديدًا بعد انتهاء يوم تدريس طويل وشاقّ، ونفاد الطاقة والقدرة على القيام بذلك كما ينبغي.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ الطرافة شيء مستمرّ في يومي، من خلال تعليقات الطلبة وردود فعلهم على مواقف معيّنة. ولكن أكثر ما أعتبره طريفًا باستمرار محاولتهم المستمرّة للتحدّث باللغة العربيّة الفصحى، واستخدام كلمات جديدة وقيامهم بدون قصد بتغيير مواقع الحروف. تلك من أطرف المواقف اليوميّة التي أتعرّض إليها.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

الصدمة النفسيّة عند الطفل: أعراضها وطرق تجنّبها

من الطبيعي أن تُذكر مصطلحات مثل التعلّم والمرح والاستكشاف، للتعبير عن "مرحلة الطفولة"، لكنّ الأمر قد يبدو مختلفًا بعض الشيء بالنسبة إلى العديد من الأطفال، إذ يمكن أن تشوب بعض التجارب المبكّرة أحداث صادمة، تترك ندوبًا نفسيّة دائمة، تشكّل ما يُعرف بصدمات الطفولة. تؤثّر صدمة الطفولة، الناتجة عن الإساءة، أو الإهمال، أو التنمّر، أو الخسارة، أو التعرّض للعنف، في صحّة الطفل العقليّة وسلوكه وعلاقاته، وغالبًا ما تنتقل هذه التأثيرات إلى مرحلة البلوغ.   يعدّ فهم مقدّمي الرعاية والمعلّمين ومجتمع الطفل للصدمة النفسيّة لدى الأطفال أمرًا مهمًّا، لمعرفة كيفيّة التخفيف من آثارها، وتعزيز العقول الشابّة المرنة والصحّيّة.  في هذه المقالة، سنستكشف أعراض الصدمة النفسيّة لدى الأطفال، والعوامل التي تجعلهم عرضة لها، والاستراتيجيّات الفعّالة للمساعدة في تجنّبها، أو التقليل من أثرها.      ما الصدمة النفسيّة عند الأطفال  الصدمة النفسيّة استجابة عاطفيّة لحدث أو تجربة تفوق قدرة الشخص على التأقلم أو الاستيعاب. يُشار إلى الصدمة في مرحلة الطفولة على أنّها حدث يمرّ به الطفل يثير لديه مشاعر الخوف، وعادةً ما يكون حدثًا عنيفًا أو خطيرًا، وتُسمّى أيضًا تجارب الطفولة السلبيّة، أو ACEs. لسوء الحظّ، تعدّ الصدمة النفسيّة أمرًا شائعًا جدًّا، إذ تشير التقديرات إلى أنّ نحو 46٪ من الأطفال يعانون الصدمة في مرحلة ما من حياتهم.  وعلى الرغم من أنّ الأطفال يتمتّعون بالمرونة والقدرة على التكيّف، إلّا أنّهم ليسوا مصنوعين من الحجر. فكثيرًا ما نسمع البعض يقول عن حادثة ما جملًا مثل: "كانوا صغارًا جدًّا عندما حدث ذلك، ولن يتذكّروه عندما يكبرون"، إلّا أنّ هذا الأمر غير صحيح تمامًا.   تقول المعالجة النفسيّة يولاندا رينتيريا، الاختصاصيّة في الصدمات النفسيّة: "مع نموّ أدمغة الأطفال، يتعلّمون مدى أمان العالم أو عدم أمانه، من تجاربهم. وسيتوجّب على الطفل تطوير طريقة لحماية نفسه من الأشياء التي يعتبرها غير آمنة؛ وبالتالي فالطرق التي يحمي بها الطفل نفسه تشكّل شخصيّته البالغة".  لهذا السبب، من المهمّ أن ندرك متى قد يحتاج الطفل إلى مساعدة مهنيّة للتعامل مع صدمته، إذ يمكن للتدخّل المبكّر أيضًا أن يمنع التأثيرات المستمرّة للصدمة في مرحلة البلوغ.    يمكن أن تنبع الصدمة عند الأطفال من مصادر مختلفة، مثل:  - الإساءة (الجسديّة أو العاطفيّة أو الجنسيّة).  - الإهمال أو الهجر.  - العنف المنزليّ.  - الكوارث الطبيعيّة.  - الحروب والنزوح.   - الانفصال عن مقدّمي الرعاية، بسبب الوفاة أو الطلاق أو الرعاية البديلة.  - التنمّر المزمن أو الرفض الاجتماعيّ.  - مشاهدة العنف أو التعرّض إلى العنف المجتمعيّ.  - الصدمة الطبّيّة، مثل العمليّات الجراحيّة الكبيرة، أو المرض الذي يهدّد الحياة.  لكن، لماذا الأطفال أكثر عرضة إلى الصدمة؟ يعود ذلك إلى أنّ أدمغتهم، وأنظمة تنظيم العواطف لديهم، لا تزال في طور النموّ، فالتعرّض إلى تجارب مؤلمة في هذه المرحلة الحسّاسة سيعطّل هذا التطوّر، ما يؤثّر في كيفيّة معالجتهم للعواطف، وتكوين العلاقات، وإدراك العالم من حولهم.    أعراض الصدمة النفسيّة عند الأطفال  في حين أنّ كلّ طفل قد يستجيب للصدمة بشكل مختلف، فهناك أعراض مشتركة تجب مراقبتها عبر الفئات العمريّة المختلفة. قد لا يكون لدى الأطفال دائمًا لغة للتعبير عن ضائقتهم، لذلك يجب على الأهل والبالغين من حولهم الانتباه إلى التغيّرات السلوكيّة والعاطفيّة.  1. الأعراض العاطفيّة  - القلق والخوف: غالبًا ما يُظهر الأطفال المصابون بالصدمة قلقًا متزايدًا، أو مخاوف غير عقلانيّة. قد يصبحون حذرين بشكل مفرط، أو يظهرون قلقًا شديدًا بشأن الانفصال.  - الاكتئاب والحزن: قد يُظهر الأطفال علامات الحزن المطوّل، أو اليأس، أو حتّى الشعور بالذنب، ويلومون أنفسهم على الحدث المؤلم.  - الغضب والانفعال: يمكن أن تؤثّر الصدمة في الأطفال، وتجعلهم أكثر عرضة إلى نوبات الغضب أو السلوك العدوانيّ، أثناء صراعهم مع المشاعر القويّة.  - الخدر العاطفيّ: قد ينفصل بعض الأطفال، وينسحبون بعيدًا عن أحبّائهم، ويفقدون الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها ذات يوم.  2. الأعراض السلوكيّة  - اضطرابات النوم: غالبًا ما تعطّل الصدمة النوم، ما يؤدّي إلى الكوابيس أو الرعب الليليّ أو الأرق. قد يتجنّب الأطفال الذهاب إلى الفراش، أو يعانون الذعر عند الاستيقاظ.  - التراجع السلوكيّ: قد يعود الأطفال الأصغر سنًّا الذين تعرّضوا للصدمة إلى سلوكيّات معيّنة كانوا قد تجاوزوها، مثل التبوّل اللاإراديّ، أو مصّ الإبهام، أو التحدّث بلغة الأطفال.  - اليقظة المفرطة: قد يكون الأطفال الذين تعرّضوا إلى الصدمة "متوتّرين" باستمرار، ويفحصون بيئتهم، ويدقّقون في أصغر التفاصيل بحثًا عن تهديدات محتملة، وهو سلوك قد يجعل من الصعب عليهم الاسترخاء.  - التجنّب أو الانعزال: قد يتجنّب الأطفال الأماكن أو الأشخاص أو الأنشطة التي تذكّرهم بالحدث الصادم، أو قد ينغلقون عند إثارة مواضيع معيّنة.  3. الأعراض المعرفيّة  - صعوبة التركيز: قد يصل تأثير الصدمة عند الأطفال إلى مواجهة صعوبة في التركيز في المدرسة، أو أثناء المهام التي تتطلّب اهتمامًا وتركيزًا مستمرَّين.  - مشاكل الذاكرة: قد يعاني بعض الأطفال صعوبة تذكّر أجزاء معيّنة من الحدث الصادم، أو قد يعانون مشاكل أوسع في الذاكرة، نتيجة التوتّر المزمن.  - الصورة السلبيّة عن الذات: قد يطوّر الأطفال المصابون بالصدمة صورة ذاتيّة سيّئة، ويرون أنفسهم "سيّئين" أو "عديمي القيمة"، ما قد يؤدّي إلى انخفاض احترام الذات والانسحاب الاجتماعيّ.    التأثير طويل الأمد للصدمة غير المعالجة  إذا لم يتمّ تحديد الصدمة لدى الأطفال ومعالجتها مبكّرًا، قد تستمرّ آثارها حتّى مرحلة البلوغ. ترتبط الصدمة غير المعالجة بمجموعة من القضايا، من بينها:  - اضطرابات الصحّة العقليّة: الحالات مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات الشخصيّة، أكثر شيوعًا بين الأفراد الذين لديهم تاريخ من صدمات الطفولة غير المعالجة.   - تعاطي المخدّرات: يلجأ العديد من البالغين الذين يعانون صدمة في مرحلة الطفولة إلى الكحول، أو المخدّرات، أو السلوكيّات الإدمانيّة، الأخرى، وسيلة للتكيّف.  - صعوبة في العلاقات: يمكن أن تعيق مشكلات الثقة والتعلّق والانفصال العاطفيّ، قدرة الفرد المصاب بالصدمة على تكوين علاقات صحّيّة.  - مشاكل الصحّة الجسديّة: تُظهر الأبحاث أنّ التوتّر، أو الاضطراب الذي تسبّبه صدمات الطفولة، يضع الجسم في حالة مستمرّة من الإجهاد، والذي يؤدّي بدوره إلى ظهور مشاكل صحّيّة، مثل أمراض القلب والسمنة واضطرابات المناعة الذاتيّة، في وقت لاحق من الحياة.    طرق تجنّب الصدمات النفسيّة عند الأطفال أو التخفيف من أثرها  في حين أنّنا لا نستطيع دائمًا منع الصدمات، لكن يمكننا اتّباع طرق لتقليل تأثيرها، ومساعدة الأطفال على تخطّي آثارها. في ما يلي أهمّ الطرق التي تساعد في تخفيف الصدمات النفسيّة عند الأطفال:  تعزيز التواصل المفتوح  شجّع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، وأخبرهم أنّه من المهمّ التحدّث عن التجارب الصعبة. يساعد خلق بيئة تشجّع على التواصل المفتوح الأطفال على الشعور أنّهم مفهومون، وهناك من يدعمهم ويشعر بهم. لذلك، بدلًا من دفعهم إلى التحدّث والإصرار عليهم، قم بتشجيعهم بلطف على التحدّث عندما يكونون مستعدّين لمشاركة ما يجول في دواخلهم، والأهمّ هو الاستماع من دون حكم، لأنّ ذلك سيزيد الوضع سوءًا.    تعليم مهارات التأقلم  قم بتزويد الأطفال باستراتيجيّات التأقلم المناسبة لأعمارهم، لمساعدتهم على إدارة التوتّر والقلق. يمكن لتقنيّات مثل التنفّس العميق وتمارين التأمّل، أن تمكّن الأطفال من تنظيم عواطفهم. على سبيل المثال، تعليم الطفل أن يأخذ أنفاسًا بطيئة وعميقة عندما يشعر بالإرهاق، يمكن أن يمنحه أداة لتهدئة نفسه، ومساعدته على تطوير المرونة في مواجهة التوتّر.  اطلب المساعدة المهنيّة في وقت مبكّر  إذا لاحظت علامات الصدمة لدى طفلك، فكّر في استشارة أخصائيّ الصحّة العقليّة المتخصّص في علاج الأطفال. أثبتت العلاجات، مثل العلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، والعلاج السلوكيّ المعرفيّ المرتكز على الصدمات (TF-CBT)، فعّاليّتها في مساعدة الأطفال على معالجة الأحداث المؤلمة. يمكن للتدخّل المبكّر أن يقلّل بشكل كبير من التأثير طويل الأمد للصدمة، ما يسمح للأطفال بالشفاء والمضيّ قدمًا في حياتهم بشكل طبيعيّ.  تشجيع اللعب والتعبير الإبداعيّ  غالبًا ما يعالج الأطفال المشاعر المعقّدة من خلال اللعب والفنّ ورواية القصص. شجّع الأنشطة التي تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بشكل إبداعيّ، إذ يمكن أن تكون هذه الطريقة خطّة علاجيّة في حدّ ذاتها. يوفّر الرسم، أو تمثيل القصص بالألعاب، أو حتّى كتابة اليوميّات (للأطفال الأكبر سنًّا)، منفذًا آمنًا لمشاعرهم، ويساعد في فهم ما يمرّون به.  كن قدوة في التنظيم العاطفيّ الصحّيّ  يتعلّم الأطفال بمراقبة البالغين، لذلك من المهمّ أن تكون قدوة في التنظيم العاطفيّ الصحّيّ. عندما يتعامل البالغون مع التوتّر والغضب والحزن بشكل بنّاء وإيجابيّ، سيتعلّم الأطفال أنّه من الممكن التعامل مع المشاعر الصعبة من دون فقدان السيطرة. أظهر لهم أنّه من الجيّد طلب الدعم، والتحدّث عن المشاعر، وأخذ الوقت الكافي لتهدئة النفس عند الشعور بالإرهاق.  التواجد في بيئة داعمة  أحد أكبر العوامل الوقائيّة ضدّ الصدمات، وجودُ شبكة دعم قويّة. يمكن للعلاقات الإيجابيّة مع الآباء والمعلّمين والموجّهين وأفراد الأسرة الآخرين، أن تحمي الأطفال من أسوأ آثار قد تخلّفها الصدمة. حاول دائمًا أن تبذل جهدًا لبناء هذه الروابط والحفاظ عليها، إذ غالبًا ما يكون الأطفال الذين يشعرون بالدعم مجهّزين بشكل أفضل للتعافي من التجارب السلبيّة.    ***  يسمح فهم أعراض الصدمة النفسيّة لدى الأطفال للأهل بالاستجابة بالتعاطف والصبر والتفهّم، بدلًا من ترك تلك الجروح الصامتة تتفاقم. يجب ألّا تحدّد الصدمة، أيًّا كان نوعها، مستقبل الطفل، لأنّه يمكن للأطفال الشفاء والنموّ، وأن يصبحوا أقوى من ذي قبل، إذا توفّرت لديهم الظروف والبيئة الداعمة التي تساعدهم على تحويل تجاربهم السيّئة إلى سلاح ثمين، يواجهون به تحدّيات الحياة.   المراجع https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9889  https://www.verywellmind.com/what-are-the-effects-of-childhood-trauma-4147640  https://www.nctsn.org/what-is-child-trauma/about-child-trauma#:~:text=Traumatic%20reactions%20can%20include%20a,acquired%20skills%2C%20attention%20and%20academic  https://www.webteb.com/articles/%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A

كيف تعرف أنّ طفلك يعاني اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟

من الطبيعيّ أن يحرص الوالدان على حماية أطفالهما، والبحث دائمًا عن علامات الضيق، أو التغيّرات السلوكيّة التي قد تشير إلى صراعاتٍ عاطفيّةٍ عميقةٍ؛ فكيف إذا تعلّق الأمر بأحد أكثر حالات الصحّة العقليّة تحدّيًا، وهو اضطراب الشخصيّة الحدّيّة (BPD). غالبًا ما يرتبط اضطراب الشخصيّة الحدّيّة بتقلّباتٍ مزاجيّةٍ شديدةٍ، واستجاباتٍ عاطفيّةٍ قويّةٍ، وعلاقاتٍ مضطربةٍ، وقد يكون من الصعب تشخيصه، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. في هذه المقالة، سنستكشف أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة، وآثاره النفسيّة في الأطفال، وخيارات العلاج المتاحة، لمساعدتهم على التأقلم في نهاية المطاف.    ما اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ صحّيّةٌ عقليّةٌ حادّةٌ، تجعل الفرد يعاني مشاكل في التحكّم في عواطفه وانفعالاته تجاه نفسه والآخرين. تخلق هذه الحالة في كثيرٍ من الأحيان صعوبةً في الحفاظ على علاقاتٍ متوازنةٍ طويلة الأمد، مع أفراد الأسرة والأصدقاء والمحيطين.  غالبًا ما يخشى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة الهجران، ويعانون تقلّباتٍ مزاجيّةً تجعلهم يتصرّفون باندفاعٍ، ما يتسبّب في حدوث صراعاتٍ متتاليةٍ في علاقاتهم. كما يفتقر المصابون بهذا الاضطراب إلى الشعور الواضح بالهويّة، ويغيّرون توجّهاتهم وآراءهم بشكلٍ متكرّرٍ، سواء في تفكيرهم أو في سلوكيّاتهم.  يُظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة نشاطًا متزايدًا في الجهاز الحوفيّ، وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن استجاباتنا السلوكيّة والعاطفيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالسلوكيّات التي نحتاج إليها للبقاء، مثل التغذية والتكاثر، والاستجابة للقتال أو الهروب، أو ما يسمّى بعمليّة الكرّ والفرّ.  على الرغم من أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ خطيرةٌ، تستمرّ مدى الحياة، إلّا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تطوّرًا كبيرًا في خيارات علاجه، فبات يمكن للأطفال والمراهقين بحصولهم على الدعم المناسب، تعلّم إدارة أعراضه بشكلٍ فعّال.    أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين  من الصعب فهم علامات اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين إلى حدٍّ ما، إذ من السهل الخلط بينها وبين السلوكيّات النموذجيّة للمراهقين. ومع ذلك، فإنّ أعراضه عادةً ما تكون أكثر شدّةً وديمومةً، وتؤثّر في كلّ جانبٍ تقريبًا من جوانب حياة الطفل. في الآتي بعض الأعراض الرئيسة التي يجب الانتباه إليها:  تقلّبات مزاجيّة شديدة  غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة تقلّباتٍ مزاجيّةً سريعةً وشديدة. فقد ينتقلون من الشعور بالسعادة إلى الاكتئاب الشديد في غضون ساعاتٍ، والذي غالبًا ما يترافق مع الغضب. قد لا تتناسب هذه التقلّبات المزاجيّة مع الموقف، وتكون أكثر حدّةً ممّا قد يصدر عن الطفل النموذجيّ أو السليم.  الخوف من الهجر  يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة خوفًا شديدًا من الهجر. وقد يصبحون متملّكين، أو معتمدين بشكلٍ مفرطٍ على أحبّائهم، وغالبًا ما يعتقدون أنّ أحبّاءهم سيتركونهم. قد يؤدّي هذا الخوف إلى سلوكيّاتٍ يائسةٍ، مثل المكالمات المتكرّرة، أو الرسائل النصّيّة، للتحقّق من مكان وجود شخصٍ ما، أو توجيه اتّهاماتٍ غير عقلانيّةٍ بالخيانة أو الرفض.  العلاقات غير المستقرّة  غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة علاقاتٌ كثيرةٌ، لكن غير مستقرّة. تجدهم تارةً يمجّدون شخصًا ما، وتارةً أخرى يشعرون تجاهه بالكراهية الشديدة أو خيبة الأمل. يمكن أن يؤدّي هذا التفكير الذي يمكن تشبيهه "بالأبيض والأسود"، أو "الكلّ أو لا شيء"، إلى صراعاتٍ مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء المدرسة، ما يسبّب الشعور بالوحدة والعزلة.  السلوكيّات الاندفاعيّة  الاندفاعيّة هي السمة المميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة. قد يتورّط الأطفال أو المراهقون في سلوكيّاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، مثل إيذاء النفس، أو الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدّرات، أو القيادة المتهوّرة، في محاولةٍ للتخفيف من المشاعر الشديدة، أو التعامل مع مشاعر انخفاض احترام الذات.  صورة ذاتيّة غير مستقرّة  قد يعاني الطفل المصاب باضطراب الشخصيّة الحدّيّة صورةً ذاتيّةً مشوّهةً أو غير واضحةٍ، وغالبًا ما يعاني مشاعر فقدان قيمته الشخصيّة، أو الشعور بالذنب أو الخجل غير المبرّرين. قد يواجهون أيضًا صعوبةً في فهم أنفسهم وقيمهم، ما يؤدّي إلى تغييراتٍ متكرّرةٍ في الأهداف والاهتمامات والتطلّعات.  اضطراب العواطف  يعدّ اضطراب التنظيم العاطفيّ أحد الأعراض الواضحة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة، إذ يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب مشاعر ذات شدّةٍ غير اعتياديّةٍ، حتّى أنّ الأحداث البسيطة يمكن أن تؤدّي إلى حزنٍ شديدٍ، أو غضبٍ، أو خجل. لا تقتصر هذه المشاعر على كونها أكثر حدّةً، بل غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا لتهدأ.  سلوك إيذاء النفس والأفكار الانتحاريّة  يعتبر سلوك إيذاء النفس، بما في ذلك القطع أو الحرق أو الخدش، شائعًا بين المراهقين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة. غالبًا ما تكون هذه الأفعال محاولاتٍ للتعامل مع مشاعر مثل الألم، أو الفراغ، أو الشعور بالذنب، ويتطلّب هذا الجانب من الاضطراب مراقبةً دقيقةً ودعمًا متخصّصًا.    التأثيرات النفسيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة في الأطفال  لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة أبعادٌ مختلفةٌ، وقد يكون ذا تأثيرٍ عميقٍ في نفسيّة الطفل. فالعيش مع هذا الاضطراب يعني تجربة مشاعر مكثّفةٍ وفوضويّةٍ خارجةٍ عن السيطرة، غالبًا ما تجعل الطفل يشعر أنّه "أصعب ممّا يستطيع الآخرون التعامل معه". قد يؤدّي هذا إلى مشاعر مزعجةٍ بسبب الوحدة والرفض، فيشعر الطفل أنّه غير مفهومٍ أو غير محبوبٍ، ما يزيد من مخاوف الهجران لديه، ويضخّم مشاعره السلبيّة عمومًا.  في حين أنّ الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة يعانون نقص احترام الذات، والذي يؤدّي بدوره إلى عدم الاستقرار في علاقاتهم وصورتهم الذاتيّة، فإنّ هذه المشاعر المضطربة تخلق حلقةً مفرغةً ومؤلمةً، لذلك نجدهم يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ أو متهوّرٍ، بسبب شعورهم بعدم الحبّ أو عدم الجدارة، والغربة حتّى أثناء وجودهم وسط أحبّائهم.    تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال  يعدّ تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين معقّدًا بعض الشيء، إذ يتشارك العديد من الأعراض مع اضطراباتٍ أخرى، مثل الاكتئاب، والاضطراب ثنائيّ القطب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). الحقيقة أنّ المتخصّصين في الصحّة العقليّة حذرون جدًّا بشأن تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة قبل سنّ الرشد، لأنّ سمات شخصيّة الطفل أو المراهق لا تزال في طور النموّ. ومع ذلك، عندما تكون الأعراض شديدةً ومستمرّةً، ومتداخلةً مع الحياة اليوميّة، يكون من المفيد التعمّق في التشخيص مع المختصّ.    كيف تساعد في علاج اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند طفلك  من أصعب المواقف التي قد تمرّ فيها كونك أحد الوالدين، مشاهدة ابنك يتخبّط بين مشاعر شديدةٍ وسلوكيّاتٍ اندفاعيّةٍ لا يجد منها مفرًّا. قد تشعر بالعجز، أو الإحباط، أو حتّى الخوف، لكن ضع في حسبانك دائمًا أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة ليس انعكاسًا لشخصيّة طفلك، بل هو حالةٌ مرضيّةٌ سيتمكّن من التغلّب عليها بمساعدتك وتفهّمك لحالته. إليك بعض الطرق للمساعدة:  استيعاب حقيقة مشاعره  ليس مطلوبًا منك أن تفهم المشاعر التي يمرّ فيها طفلك تمامًا، لكن سيكفيه أن "تتفهّمها"، وتعرف أنّه لا يملك خيار التحكّم بها، فهذا سيولّد لديه الشعور بالأمان. لذلك تجنّب عباراتٍ مثل "أنت تبالغ"، أو "اهدأ فقط". بدلًا من ذلك، حاول أن تقول: "أتفهّم أنّ ما تشعر به صعبٌ عليك".  تشجيع الروتين  يساعد وجود جدولٍ يوميٍّ لنشاطات وأوقات الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، في التنبّؤ بأحداث يومهم القادمة، ما يمدّهم بمزيدٍ من الإحساس بالأمان. يمنح الروتين اليوميّ شعورًا بالاستقرار والثبات، وهما أكثر شعورين يفتقد إليهما المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة.  ممارسة الصبر والرحمة  التعافي من اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عمليّةٌ تدريجيّةٌ، قد يرتكب طفلك أخطاءً ويواجه صعوباتٍ على طول الطريق. لذلك من المهمّ أن تظهر الصبر والتعاطف، وتطمئنه أنّه ليس وحيدًا، وأنّه محبوبٌ بغضّ النظر عن سلوكيّاته والتحدّيات التي يواجهها، وأنّك تحبّه حبًّا غير مشروط.    ***  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ معقّدةٌ وصعبةٌ، لكن مع دعم الأهل المناسب، يمكن للأطفال والمراهقين تعلّم إدارة أعراض هذه الحالة، وبناء حياةٍ مُرضية. إذا كنت تشكّ في أنّ طفلك قد يكون مصابًا باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، فإنّ طلب المساعدة المهنيّة من مختصٍّ خطوةٌ أولى مهمّة. تذكّر أنّ العلاج يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ومع الوقت والصبر والتعاطف، تمكنك مساعدة طفلك في الانتقال إلى مسارٍ أكثر استقرارًا وقبولًا للذات.    المراجع   https://www.healthline.com/health/understanding-personality-disorders-in-children#treatment\  https://goodhealthpsych.com/blog/recognizing-the-early-signs-of-bpd-in-children-what-parents-should-know/  https://helpingminds.org.au/supporting-child-with-borderline-personality-disorder/   

أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ للأطفال

يعدّ التواصل المؤثّر أساس التفاعل البشريّ. بالنسبة إلى الأطفال، يعدّ تطوير مهارات الاتّصال القويّة أمرًا بالغ الأهمّيّة بشكلٍ خاصٍّ، لأنّه يؤثّر في قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وبناء العلاقات، والتنقّل في العالم من حولهم. لا تقتصر مهارات الاتّصال الجيّدة على التحدّث بوضوحٍ، بل تشمل الاستماع، وفهم الإشارات غير اللفظيّة، والاستجابة الفعّالة للآخرين.   هل تعلم مثلًا أنّ الأنشطة والألعاب المحفّزة التي تنشّط الدماغ، يمكن أن تنمّي مهارات الاتّصال لدى الأطفال؟ يمكن أن تشجّع المشاركة في الألعاب التفاعليّة صغارك على التعبير عن أنفسهم بسهولة. علاوةً على ذلك، عندما يجد الأطفال هذه الأنشطة ممتعةً وجذّابةً، فمن المرجّح أن يشاركوا فيها، ويطوّروا مهارات التنشئة الاجتماعيّة لديهم. كما يؤثّر الكبار في أسلوب التواصل والمعايير الاجتماعيّة التي يتّبعها الطفل، إذ تتشكّل قواعد الآداب لديه تبعًا لأبويه، وما يعلّمانه إيّاه.    أهمّيّة مهارات التواصل في حياة الأطفال  يجد العديد من الأطفال صعوبةً في صياغة أفكارهم في جملٍ متكاملةٍ ذات معنًى، ويفشلون في التواصل بشكلٍ صحيحٍ، لأنّهم يخافون دائمًا من الحكم عليهم. على الرغم من حرص الآباء على تثقيف أطفالهم حول مجموعةٍ متنوّعةٍ من المواضيع، إلّا أنّهم في مرحلةٍ ما من الطريق، ينسون تعليم الأطفال صغار السنّ مهارات التواصل الضروريّة.  ستكون حياة طفلك أكثر صعوبةً إذا كان يفتقر إلى مهارات التواصل؛ ولهذا السبب قد يكون معظم الأطفال الذين يطوّرون مهارات التواصل أكثر اجتماعيّةً، ويتمكّنون من تكوين علاقاتٍ مفيدة.    تنبع أهمّيّة مهارات التواصل لدى الأطفال في كونها تساعدهم في:   - بناء العلاقات: يعدّ التواصل مفتاحًا لتكوين العلاقات والحفاظ عليها. بالنسبة إلى الأطفال، يساعدهم التعبير عن أفكارهم واحتياجاتهم ومشاعرهم في التواصل مع أفراد الأسرة، وتكوين صداقاتٍ، والتعاون مع الأقران. كما يعزّز التعاطف ما يسمح لهم بفهم وجهات نظر الآخرين واحترامها.  - النجاح الأكاديميّ: تعدّ مهارات التواصل ضروريّةً للتعلّم في الفصل الدراسيّ. يحتاج الأطفال إلى تطوير القدرة على الاستماع، واتّباع التعليمات، وطرح الأسئلة، والمشاركة في المناقشات. يعزّز التواصل الجيّد قدرتهم على استيعاب المفاهيم الجديدة، والسعي للتعبير عن معرفتهم.  - التّطور العاطفيّ: يسمح التواصل للأطفال في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وفهمها، ويمكّنهم من معالجة المشاعر المعقّدة، وبناء الوعي الذاتيّ بالحديث عن تجاربهم. كما يساعدهم التواصل الفعّال على تعلّم كيفيّة إدارة الصراعات، والتعبير عن التعاطف تجاه الآخرين.  - حلّ المشكلات: يعدّ التواصل أداةً بالغة الأهمّيّة في حلّ المشكلات؛ فهو يساعد الأطفال في التعبير عن المشكلات، والتفكير في الحلول، والتفاوض، واتّخاذ القرارات.   - الدفاع عن النفس: تتزايد حاجة الأطفال إلى تعلّم الدفاع عن أنفسهم مع استمرار نموّهم وتطوّرهم، سواء كان ذلك بطلبهم المساعدة، أو تحديد احتياجاتهم، أو التعبير عن آرائهم. تمكّن مهارات الاتّصال القويّة الأطفال من الدفاع عن أنفسهم، وجعل أصواتهم مسموعةً بطريقةٍ إيجابيّة.    أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ بالنسبة إلى الأطفال  مهارات الاستماع  مهارة الاستماع أساس التواصل الفعّال، ولا يقصد بها فقط الاستماع إلى الكلمات، بل الاستماع بقصد الفهم. يتضمّن الاستماع النشط الانتباه، وتمكين التواصل بالعين، وإظهار الاهتمام بما يقوله الشخص الآخر. تساعد هذه المهارة الأطفال على التعلّم من الآخرين، والتقاط الإشارات الاجتماعيّة، والاستجابة بشكلٍ مناسب.    التعبير عن الأفكار بوضوح  من المهمّ أن يتمكّن الأطفال من التعبير عن أفكارهم بطريقةٍ واضحةٍ ومتكاملة. لا ينطوي هذا فقط على اختيار الكلمات المناسبة، ولكن أيضًا تنظيم الأفكار بشكلٍ منطقيّ. يساعد تشجيع الأطفال على مشاركة آرائهم، أو سرد القصص، أو شرح أسبابهم، في ممارسة هذه المهارة.    التواصل غير اللفظيّ   يشكّل التواصل غير اللفظيّ جزءًا كبيرًا من مهارات التواصل الاجتماعيّ المهمّة للأطفال. يجب أن يتعلّم الأطفال فهم لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، والإيماءات، واستخدامها بشكلٍ فعّال. يساعد التعرّف إلى الإشارات غير اللفظيّة الأطفال على الاستجابة بشكلٍ أكثر تعاطفًا مع الآخرين، وتكييف أسلوب التواصل الخاصّ بهم حسب الحاجة.    التعاطف والفهم  يعدّ تعليم الأطفال مراعاة مشاعر الأخرين ووجهات نظرهم أمرًا بالغ الأهمّيّة للتواصل الفعّال. يتضمّن التعاطف الاستماع بقصد الفهم، وليس فقط بهدف الردّ. تعزّز هذه المهارة التفاعلات العاطفيّة النابعة عن الرحمة والإنسانيّة، وتساعد الأطفال في بناء علاقاتٍ أقوى.    طرح الأسئلة  طرح الأسئلة أداةٌ قويّةٌ للتعلّم والتفاعل مع الآخرين، لذا يعزّز تعليم الأطفال طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ، الفضول والفهم العميق للأشياء من حولهم.    الثقة في التحدّث  يحتاج الأطفال إلى الشعور بالراحة والثقة في التحدّث في مواقف مختلفةٍ، سواء أمام مجموعةٍ أو وجهًا لوجه. يساعد تشجيعهم على مشاركة أفكارهم من دون خوفٍ من الحكم عليهم، في بناء احترامهم لذواتهم، ويعزّز براعتهم في التواصل.    إدارة المشاعر أثناء التواصل  غالبًا ما يعاني الأطفال عدم القدرة على إدارة مشاعرهم والتحكّم فيها، خصوصًا عند التواصل تحت الضغط، أو أثناء الصراعات. لذا، من الضروريّ تعليمهم كيفيّة الحفاظ على هدوئهم، والتعبير عن أنفسهم باحترامٍ، والاستماع إلى الآخرين حتّى عندما يكونون منزعجين، فهذه مهارةٌ قيّمةٌ، ستخدمهم جيّدًا طوال حياتهم.    تنمية مهارات التواصل لدى الأطفال  - كن قدوةً في التواصل الفعّال: يتعلّم الأطفال أكثر عن طريق مراقبة البالغين من حولهم. من خلال إظهار الاستماع النشط، والتعبير الواضح، والحوار المحترم، يقدّم البالغون إلى الأطفال نموذجًا ليتّبعوه.  - خلق بيئةٍ آمنةٍ للتعبير: شجّع الأطفال على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بصراحةٍ، من دون خوفٍ من النقد. أخبرهم أنّ مشاعرهم مهمّةٌ وحقيقيّةٌ، وقدّم ردود فعلٍ إيجابيّةً لبناء ثقتهم بأنفسهم.  - المشاركة في محادثاتٍ منتظمة: خصّص وقتًا للمحادثات المنتظمة مع طفلك. اطرح أسئلةً مفتوحةً، وشارك القصص، وناقش يومه. هذا لا يحسّن مهارات التواصل لديه فحسب، بل يقوّي أيضًا علاقتك به.  - القراءة معًا: يمكن أن تعزّز قراءة الكتب ومناقشة القصص مفردات الطفل، وفهمه، وقدرته على التعبير عن أفكاره. كما أنّها توفّر فرصًا لاستكشاف وجهات نظرٍ وعواطف مختلفة.  - سيناريوهات لعب الأدوار: يمكن أن يكون لعب الأدوار وسيلةً فعّالةً لممارسة مهارات الاتّصال، في بيئةٍ ممتعةٍ ومنخفضة الضغط. قُم بإنشاء سيناريوهاتٍ يحتاج فيها الأطفال إلى التعبير عن أنفسهم، أو الاستماع بعنايةٍ، أو حلّ نزاعٍ، أو مشكلةٍ ما.  - تشجيع الأنشطة الجماعيّة: توفّر الأنشطة الجماعيّة، سواء في النوادي، أو في بيئات اللعب الطبيعيّة، فرصةً للأطفال لممارسة التواصل؛ إذ يتعلّمون خلالها التعاون، ومشاركة الأفكار، والتعامل مع الديناميكيّات الاجتماعيّة.    ***  يمكن القول إنّ المهارات الاجتماعيّة التي يكتسبها طفلك في سنواته الأولى، ترسم شخصيّته شيئًا فشيئًا، وتساعده على النجاح في مختلف مجالات الحياة. من الجدير بالذكر أنّ تطوير الأطفال مهارات تواصلٍ قويّةً، تزوّدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها في بناء العلاقات، والنجاح الأكاديميّ، والتنقّل بين مواقف الحياة التفاعليّة. كلّما تمّ تعزيز هذه المهارات في وقتٍ مبكّرٍ، أصبح الأطفال أكثر ثقةً وكفاءةً في التواصل، ما يضع أساسًا متينًا لمستقبلهم.   المراجع https://www.invictus.edu.kh/news/10-ways-to-build-your-childs-communication-skills  https://www.oneeducation.org.uk/communication-skills-for-children/  https://hamadacademy.net/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/  https://www.unicef.org/jordan/ar/%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84-%D9%81%D8%B9%D9%91%D8%A7%D9%84/%D9%82%D8%B5%D8%B5 

Putting It All Together

مجموعة تدريبات رياضيّاتيّة حول العمليّات الحسابيّة المبسّطة. للوصول إلى التدريبات الرجاء الضغط على الرابط هنا.

Solid Shapes All Around Us

مجموعة دروس عن تعلّم الأشكال الهندسيّة واستخدامها في بناء أشكال أخرى. للوصول إلى الدروس الرجاء الضغط على الرابط هنا.