الرئيسية

في هذا العدد

العدد (16) ربيع 2024

تستهدف الحروب، في ما تستهدف، مثلّث التعليم: المدرسة مبنى وإدارة ومعلّمين؛ والمتعلّمين؛ والأهل. تصيب أطراف هذا المثلّث بشظايا وندوب، وربّما بأكثر، فتتعطّل العمليّة التعليميّة بنسب كبيرة. وكلّما زاد عمر الحرب، كبرت الخسائر في التعليم، وقلّت أهمّيته الراهنة لحساب مفاهيم الأمن وتأمين سبل الحياة، والتعامل مع المشاكل اليوميّة المباشرة، وتأجيل ما يمكن تأجيله على فداحته وخطورته. ولا يُخفى أنّ الحرب (قل المجزرة) الماثلة أمام أعيننا اليوم في غزّة، كانت من أسباب إعادة طرح هذا الملفّ؛ فما يجري مقتلة وتدمير متعمّد لأشكال الحياة واحتمالاتها المستقبليّة.  من هنا، يأتي العضّ على الجرح، وممارسة التعلّم والتعليم وسط هذا الدمار، فعل مقاومة يجترحه الناس المستهدفون. وبعد الحرب، ومن غير تنظير على الناجين منها، نأمل أنّ الناس ستعيد تدبّر حياتها، والتعليم جزء أساس منها. وهذا يستدعي برأينا: الإبداع في إيجاد الحلول وتحديد مناهج الدراسة، وتبنّي أشكال جذريّة من التعليم كمقاربات التعليم المجتمعيّ والتحرّري والمجاورة. قالت أسماء مصطفى، المعلّمة الغزّاويّة الصابرة، في محاورة العدد المميّزة: نجونا من الموت لكنّنا لسنا بخير! جملة تختصر وحشيّة الحروب على الناس، فالنجاة من الموت لا تعني السلام، والعمل سيكون مضنيًا لإعادة الناس بعد الحرب، إلى أن يكونوا بخير.

ملفّ العدد القادم

دعوة للكتابة في الأعداد القادمة

للمساهمة والكتابة في أعداد المجلّة القادمة، نستقبل مقالاتكم حول المواضيع التربويّة المختلفة عبر البريد الإلكترونيّ:  [email protected] تعالج مواضيع المقالات العامّة التربويّة في المجلّة قضايا التعليم والإدارة المدرسيّة وتطوير المعلّمين. وقد يكون موضوع المقال منطلقًا من تفكُّر ذاتيّ؛ تأمُّل في تجربة ما أو مراجعة لها أو مُشاركة لتجارب وأفكار مُختلفة، أو قد يكون نتاجًا لورشة أو ندوة أو مؤتمر، وربّما يكون مراجعة لكتاب أو مقالة استطاع الكاتب أن يختبر مقتضياتها في الصفّ، وأن يُدخل عليه ما يتناسب ووضع الصفّ والمدرسة بشكل عامّ، وأن يلمس بيده وروحه ما أدّت إليه في مسار المتعلّمين. المعارف، على أهمّيّتها، موجودة وباتت متاحة بلغات مختلفة، لكن تجربتكم الشخصيّة في تحويل المعرفة إلى ممارسة يوميّة أو استراتيجيّة ناجحة تلائم الواقع، هي الشعلة التي نرغب في نقلها إلى المُمارسين التربويّين في الحقل التعليميّ. للاطلاع على سياسات النشر في المجلّة سياسات منهجيات | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)، وفريق منهجيّات سيكون داعمًا وموجودًا للتواصلِ والمتابعة والمجاورة.  

أخبار تربويّة

أونروا: الاحتلال الإسرائيليّ استهدف 69% من مدارس إيواء نازحين في غزّة

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا)، أمس الأحد، أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ قصف 69% من المدارس التي تؤوي نازحين في قطاع غزّة، ما ألحق بها أضرارًا مباشرة. وأورد بيان نشرته على منصة إكس، أنّ "69% من المباني المدرسيّة التي كانت الأسر النازحة تبحث عن مأوى فيها، تعرّضت إلى قصف إسرائيليّ أو أضرار مباشرة". وأضافت: "يجب أن يتوقّف هذا التجاهل الصارخ للقانون الإنسانيّ. نحتاج إلى وقف إطلاق النار الآن". قالت أونروا عبر "إكس" يوم الجمعة الماضي: "تحتاج أكثر من 76% من مدارس غزّة إلى إعادة إعمار أو تأهيل كبير كي تستأنف العمل، بحسب ما تفيد مجموعة التعليم العالميّة". وتعتبر "مجموعة التعليم" آليّة تنسيق مشتركة بين منظّمات تعمل في مجال الاستجابة الإنسانيّة بقطاع التعليم في حالات النزوح الداخليّ. وأنشأتها "اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات"، وتقودها منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وشبكة "حماية الطفولة". ودمّرت الحرب الإسرائيليّة 110 مدارس وجامعات بشكل كلّيّ، و321 مدرسة وجامعة بشكل جزئيّ، وأودت بحياة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وفق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة. واضطر مئات آلاف النازحين داخل غزّة إلى اتخاذ مدارس مأوى لهم في ظل ضراوة القصف الإسرائيليّ، مُعتقدين بأنّ مراكز التعليم بمنأى عن الخطر، لكنّ الجيش الإسرائيليّ استهدف هذه المدارس متجاهلًا التحذيرات الدوليّة. ووفقًا لأحدث تقرير أصدرته المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، أصبح 1.5% من سكّان العالم بأسره الآن في عداد النازحين قسرًا- أي واحدًا من بين كل 69 شخصًا- ويقارب ذلك ضعف ما كان عليه عدد النازحين قسرًا قبل عقد من الزمن، أي واحدًا من كل 125 شخصًا.

فلسطين: امتحانات الثانويّة العامّة تنطلق في الضفّة الغربيّة دون غزّة

بدأ نحو 50 ألف طالب وطالبة، أمس السبت، اختبارات الثانويّة العامّة "التوجيهي" بمحافظات الضفّة الغربيّة والمدارس الفلسطينيّة في الخارج، بينما حرمت الحرب الإسرائيليّة المدمّرة طلّاب قطاع غزّة، البالغ عددهم 39 ألفًا، من أداء الاختبارات. كما يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 37 طالبًا من طلّاب الثانويّة العامّة من الضّفة الغربيّة في سجونه.   طلّاب الثانويّة العامّة رهن الاعتقال وقال نادي الأسير الفلسطينيّ إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تواصل اعتقال 37 طالبًا من طلبة الثانويّة العامّة من الضّفة في سجونه، وذلك بحسب معطيات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينيّة، هذا عدا عن مئات حالات الاعتقال والاحتجاز بين صفوف الطلبة من المدارس والجامعات، منذ بدء حرب الإبادة المستمرّة بحقّ الشعب الفلسطينيّ. ولفت نادي الأسير، في بيان له، إلى أنّ حالات الاعتقال تشمل من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أفرج عنه لاحقًا، مشيرًا إلى أنّ هذا المعطى لا يشمل طلّاب غزّة الذين تعرضوا للاعتقال، ومنهم ما يزال معتقلًا، وهم رهن الإخفاء القسريّ في سجون الاحتلال ومعسكراته. ويتعرّض الطلبة في سجون الاحتلال "إلى جانب الحرمان من التّعليم، واقتلاعهم من بين أحضان عائلاتهم، ومحاولة سلبهم مستقبلهم، فإنّه يفرض عليهم منذ بدء حرب الإبادة الجماعيّة كلّ الإجراءات الانتقاميّة الممنهجة، ومنها عمليات التّعذيب، والتّنكيل، والاعتداءات بكل أشكالها، كما كل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يواجهون جرائم -غير مسبوقة- بمستواها".   حرمان 39 ألف طالب في غزّة من امتحانات الثانويّة العامّة من جانبه، قال الناطق باسم وزارة التربية الفلسطينيّة، صادق الخضور، إنّ امتحانات الثانويّة العامّة تُجرى هذا العام في ظروف غاية في التعقيد، لافتًا إلى أنّ "450 طالبًا كان من المفترض أن يتقدّموا للثانويّة العامّة قتلهم الجيش الإسرائيليّ، بينهم 430 طالبًا في قطاع غزّة، و20 في الضفّة الغربيّة"، مشيرًا لـ"الأناضول" إلى أنّ 50 ألف طالب في الضفّة الغربيّة تقدّموا لامتحانات الثانويّة العامّة، بينما حرم 39 ألف طالب في قطاع غزّة من الامتحانات جراء العدوان الإسرائيليّ.   1100 طالب فلسطينيّ يؤدّون امتحانات الثانويّة في مصر وفي مصر، أدّى قرابة 1100 طالب فلسطيني قادم من قطاع غزّة امتحان الثانويّة العامّة أمس السبت، للمرّة الأولى، بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة. وأشار سفير دولة فلسطين بالقاهرة، دياب اللوح، خلال جولة تفقديّة على لجان الامتحانات، إلى أنّ "إقامة الامتحانات لهذا العدد من أبنائنا وفي ظروف كهذه يجسّد انتصارًا لإرادة الشعب الفلسطينيّ رغم المحن وخسائر القطاع التعليميّ البشريّة والبنيويّة، ويعد رسالة حول تشبّث شعبنا بمستقبل أبنائه وحرصه على بناء غدٍ مشرق"، مشيرًا إلى أنّ حرمان 39 ألف طالب ثانويّة عامّة من أبناء قطاع غزّة "يمثّل خسارة من نتائج هذه الحرب، والذي ستعمل كلّ أطر دولة فلسطين ومؤسّساتها لإيجاد حلول لتعويض هذه الخسائر والمحافظة على حقوقهم وفرصهم في استكمال مسيرتهم التعليميّة".   طلّاب الثانويّة العامّة في غزة بلا اختبارات بدوره، قال رئيس الحكومة الفلسطينيّة، محمّد مصطفى، في كلمة له خلال تفقّد امتحانات الثانويّة العامّة في محافظة الخليل: "أطلقنا امتحانات الثانويّة العامّة لهذا العام من مدينة الخليل لأهمّيّتها، وهي رسالة بأن التعليم هو سلاحنا الأول في مواجهة الاحتلال وتحقيق الاستقلال، تمسكنا بالتعليم هو حبل النجاة الذي من خلاله نستطيع أن نتحدّى كل الصعاب"، مضيفًا "يحرم الاحتلال 39 ألف طالب من تقديم امتحانات الثانويّة العامّة نتيجة استمرار العدوان على قطاع غزّة، ووزارة التربية والتعليم تبذل كل الجهود من أجل تعويضهم خلال الفترة القادمة". ومع انطلاق شرارة الحرب الإسرائيليّة المدمّرة على غزّة في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، جرى تعليق الدراسة في مدارس القطاع وجامعاته؛ حفاظًا على حياة الطلبة في ظلّ القصف الإسرائيليّ العنيف والمكثّف، إذ دمرت الحرب الإسرائيليّة حتى 17 حزيران/ يونيو الجاري 110 مدارس وجامعات تدميرًا كلّيًّا، و321 مدرسة وجامعة جزئيًّا، في حين أودت بحياة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وفق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة. وتُعدّ السنة النهائيّة للمرحلة الثانويّة مفصليّة في حياة الطالب، إذ يتحدّد بناءً عليها مستقبله الجامعيّ وتخصّصه، لذلك يهتمّ بها الأهالي والطلّاب كثيرًا ويتجهزون لها جيّدًا.  

انطلاق "شباك أمل" لدعم الصحة النفسيّة للأطفال العرب في مناطق الحروب

انطلقت "شباك أمل" كمبادرة تضامنيّة تهدف إلى دعم الصحّة النفسيّة للأطفال العرب في مناطق الحروب، بدعم أوّلي من مؤسّسة الجود للرعاية العلميّة. تَجمع المبادرة مجموعة من الشركات والأفراد المتخصّصين في الدعم النفسيّ وتحت إشراف منصة حبايبنا.نت بالتعاون مع منصة تهون وعرب ثيرابي. تهدف "شباك أمل" إلى فتح نوافذ الأمل لأطفال الحروب ومقدّمي الرعاية من حولهم، انطلاقًا من كون الحروب تجربة صعبة للغاية على الأطفال، وخصوصًا تلك التي يفقدون فيها أحباءهم ويضطرون للنزوح والعيش في ظروف صعبة. يشرف على المبادرة عدد من الاستشاريّين المتطوّعين المتخصّصين في الصحّة النفسيّة والإرشاد النفسيّ وعلم النفس، وتعتبر هذه المبادرة إهداء لأطفال غزّة وجميع الأطفال العرب الذين يعيشون تحت وطأة الحروب والمآسي.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

مصطلحات جديدة تقتحم قاموس الطلبة الفلسطينيّين في ظلّ العدوان الإسرائيليّ
ما إن بدأ شبح الحرب يُخيِّم على البقعة الجغرافيّة الصغيرة من هذا العالم في قطاع غزة، حتّى هطل على مسامع الطلبة والأطفال الفلسطينيّين سيلٌ... تابع القراءة
التدخّلات النفسيّة مع جروح الأطفال غير المرئيّة في الحروب
التعليم هو الحلّ الأعظم لأكبر المعضلات التي تواجه البشريّة، والأمل لتحقيق النموّ في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التعليم التحرّريّ: نحو وعي نقديّ يتحدّى منطق القوّة والقهر
تُحتِّم علينا الإبادة الجماعيّة التي تتعرّض لها غزّة أن نعيد النظر في توجّهاتنا التربويّة - الاجتماعيّة، وفي النظم التعليميّة التي أسهمت ... تابع القراءة
أصداء الدردشة:صنّاع العقول ومحو الذكريات.. المعلّمون يكشفون عن تجاربهم الصعبة والمؤثّرة
أصداء الدردشة قراءات في سؤال من أسئلة قسم الدردشة في منهجيّات، تختار فيها هيئة التحرير سؤالًا من نسخة من نسخ الدردشة في المجلّة، بناءً عل... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2024، بعنوان "الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ 2. الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... 3. وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات... استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: د. جنان شيّا، باحثة وأستاذة جامعيّة، لبنان؛ أ. زهرة الشيكلي، معلّمة فيزياء، سلطنة عُمان؛ أ. سوزان أبو هلال، مرشدة تربويّة، فلسطين؛ أ. مهدي بن شعبان، مدير عامّ أكاديميّة قطر، الجزائر؛ أ. فهمي رشيد كرامي، قانوني وخبير إقليميّ في حقوق الطفل، لبنان. أدار الندوة أ. محمود عمرة، المدير العامّ لمدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، وعضو الهيئة التأسيسيّة لمجلّة منهجيّات، وافتتح الندوة بتقديم منهجيّات وهي مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة بمتابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: المعلّم الإنسان كيف يُمكن للمعلّم أن يسيطر على الضغوطات المحيطة بهِ بطريقة تجعله يستمرّ في عمليّة التعليم بشكلٍ فعّال؟ داخلت أ. أبو هلال حول خصوصيّة هذا العام الدراسيّ في فلسطين، إذ أثّرت حرب غزّة في المعلّم والطالب بشكلٍ مستمرّ من شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر، في ظلّ استشهاد أكثر من 264 معلّمة ومعلّم، وأكثر من 5000 طالبة وطالب في غزّة، و50 طالبة وطالب في الضفّة الغربيّة. وأشارت أ. أبو هلال إلى أنّ التحدّيات أمام المعلّم الفلسطينيّ كبيرة، خصوصًا الحواجز بين المدن والمناطق الفلسطينيّة، وتعرّض المعلّمين، في طريقهم إلى المدارس، إلى التفتيش المستمرّ والتحقيق، إلى جانب تأخّر صرف رواتب المعلّمين، ناهيك عن صرف 50% منها بعد التأخّر. وأضافت أنّ التعليم المدمج، بين الوجاهيّ والإلكترونيّ، والذي اعتُمِدَ في مدارس الضفّة الغربيّة منذ تشرين الأوّل، عادَ بالمعلّم إلى تحدّيات ظهرت خلال جائحة كورونا، من فقدان أدوات التكنولوجيا، وانقطاع الطالب عن التعلّم. وداخلت أ. أبو هلال أنّ المعلّم الفلسطينيّ مع هذه الظروف الصعبة، والتحدّيات الكبيرة، وفي فرق من زملائه المعلّمين استطاع تقديم دعم نفسيّ عاطفيّ لبعضهم، خصوصًا بعد تجارب عصيبة مرّ فيها البعض على الحواجز التي حدّت من حرّيّة حركتهم. وقالت إنّ أحد أهمّ دوافع المعلّم خلال هذه المرحلة، كان إحساسه بالمسؤوليّة تِجاه الطلبة، والذي دفعه إلى الاستمرار بالعطاء. وفي الوقت نفسه، صمود الأهل في قطاع غزّة، وصور بعض الطلبة الذين يبحثون عن كتبهم، وإصرار المعلّمين هناك على استكمال التعليم مع ظروف النزوح والفقدان والحصار، شكّل ذلك كلّه حافزًا للصمود والعطاء أيضًا.   وتحدّثت عن عملها الإرشاديّ مع المعلّمين، إذ قدّمت استراتيجيّات مختلفة للمعلّم ركّزت على مجموعة عوامل لتفريغ الضغوط والتخفيف منها، بالشراكة مع مؤسّسات نفّذت مشاريع مختلفة، منها التركيز على العلاقات الاجتماعيّة، والعلاقة مع الذّات، والتأمّل من أجل تفريغ القلق، والتركيز على نظام الاستجابة إلى الضغوطات عند المعلّم، من أجل مساعدته على الاستمرار في أداء رسالته.   عن تجربة شخصيّة حاولتِ فيها مواجهة الضغوطات بطريقة تجعلها لا تؤثّر في سير تجربة التعليم، شاركينا هذه التجربة أ. الشيكلي. استهلّت أ. الشيكلي حديثها بالإشارة إلى الظروف الصعبة الناتجة داخل البيئة المدرسيّة، وقسّمت هذه الظروف إلى قسمين: الأوّل: ظروف بسبب ضغوطات في العمل بسبب كثرة المهام الموكلة إلى المعلّم. والثّاني: سوء التفاهم في البيئة المدرسيّة، إمّا مع الزملاء أو الإدارة أو طالب أو وليّ أمر. وأشارت إلى أنّ حلّ المُشكلة الأولى كان ببساطة تحويل العمل من فرديّ إلى جماعيّ؛ بمعنى تكوين فرق عمل داخل المدرسة، ربما لكلّ مرحلة، تعمل بالتوازي من أجل تخفيف المهام الملقاة على كاهل المعلّم الفرد. أمّا عن حلّ المشكلة الثاني، الناتجة عن سوء فهم، فقسّمت الحلّ إلى قسمين وفقًا للمشكلة: 1. إن كان سوء التفاهم مع الزملاء في مرحلة أوّليّة، فعلى المعلّم هُنا التأمّل في الأمر وفي الشخصيّات التي يتعامل معها، ونصحت بقراءة كتاب "الابتزاز العاطفيّ" للدكتورة سوزان فورورد، كونه ساعدها بشكلٍ شخصيّ في التعافي. 2. إن كان سوء التفاهم متقدّمًا، هناك خطوات ثلاثة للحلّ: - الابتعاد وتقليل الاحتكاك مع الأشخاص الذين حدث معهم سوء الفهم. - التأمّل والتفكّر في الموقف والرجوع إلى مصادر مختلفة لتوسيع الفهم. - الانخراط بدراسة أو إجراء بحوث من أجل التفريغ العاطفيّ للذكريات والمشكلة. وقدّمت أ. الشيكلي نصيحةً للمعلّمات والمعلّمين "مهما كان نوع الظرف الصعب الذي تمرّون فيه، امنحوا أنفسكم راحةً، سواء مع الأسرة أو مع الزملاء خارج المدرسة أو المؤسّسة". وسلّطت د. شيّا الضوء على دور الإدارة المدرسيّة المهمّ في عمليّة تعزيز رفاه المعلّم، وهذا ما تؤكّده الأدبيّات التربويّة. وذكرت مجموعة استراتيجيّات منها، 1. تعزيز ثقافة الرعاية، إذ تخلق مناخًا عاطفيًّا إيجابيًّا في المدرسة، بحيث يشعر كلّ معلّم وكلّ إداريّ في المدرسة بالتقدير والدعم، الأمر الذي يتعزّز بسياسة الباب المفتوح، فيقوم المعلّم بمشاركة أيّ مشكلة مع الإدارة، ويشعر، بالتالي، بالدعم والاحتفاء والاحتفال بالنجاحات والتعاضد عند الصعوبات. 2. تحقيق التوازن بين العمل والحياة، خصوصًا وأنّ أعباء العمل المفرطة من المُمكن أن تؤدّي إلى إرهاق وفقدان الرفاه، وما يوصل إلى هذا النوع من الإرهاق لدى المعلّم هو أسلوب الـ ((Micromanagement؛ الإدارة التي تراقب كلّ التفصيلات، والتي تحدّ المعلّم من اتّخاذ القرار. ومن هُنا، من الضروريّ تمكين المعلّم من اتّخاذ القرار وتوفير الموارد اللازمة لهم لإدارة صفوفهم بكفاءة، وتقديم المساعدة من أجل رسم حدود بين العمل وحياتهم اليوميّة، وتعزيز ترتيبات العمل المرنة. أمّا أ. كرامي فتحدّث عن أهمّيّة إدخال أسلوب الوساطة والتحاور إلى الحرم المدرسيّ؛ تحفيز الحوار الفعّال وتحفيز إيجاد هذا التواصل الفعّال بين عناصر العمليّة التعليميّة يساعد في الرفاه، كونه يخلق وسيلة فعّالة يُمكن توظيفها في حال حدوث سوء تفاهم، وفي الوقت نفسه، يخلق أدبيّات تمسي وسائلَ وقائيّة لتجنّب الكثير من التباين أو الاختلاف في وجهات النظر.   المحور الثاني: الأوضاع القانونيّة للمعلّمين قارب أ. كرامي هذا المحور بنظرة إلى ماهيّة المواكبة القانونيّة التي يجب أن توجد لتؤمّن الرفاه للمعلّم، وتؤمّن الإنتاجيّة المأمولة من عمل المعلّم. وأشار إلى أهمّيّة أن يكون التشريع أو القانون ابن البيئة التي يصدر فيها، والتشريع والقانون يجب أن يوضع لمواكبة الحاجات الاجتماعيّة والسعي إلى الرقيّ الاجتماعيّ. ومن هذه الثوابت، ننظر إلى مهمّة المعلّم، فنجد أنّ مهمّة المعلّم هي رسالة، وعندما ننظر إلى القوانين، نُدرك أنّ على هذه القوانين حماية هذه الرسالة، وهذه أوّل أرضيّة مُشتركة على التشريعات الانطلاق منها. والمعلّم الذي يحمل هذه الرسالة إنسان، وأضعف الإيمان أن تؤمَّن له حقوق الإنسان، سواء ما نصّت عليه المواثيق الدوليّة، أو ما نصّت عليه الحقوق المتعارف عليها. ولأنّ المدرسة جزء من المجتمع والدولة بامتداد تشريعيّ قانونيّ، فإنّ المعلّم، كعنصر في هذه المدرسة، يتأثّر بالحالة التشريعيّة، بما هو أبعد من حقوقه المباشرة كالأجور والتقاعد وساعات العمل والإجازات، إنّما بالواقع والسياسات التشريعيّة للمجتمع والدولة. ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع السياسات للدولة، رسالة هذا المعلّم وحمايته ورفاهه. وبالتالي، فإنّ المشكلة لا تكمن فقط بالتشريع نفسه، إنّما بتحدّيات كبيرة لها علاقة بتطبيق التشريع والاجتهاد في تفسيره، والحرص على حمايته، خصوصًا أنّ معظم البلاد العربيّة تعيش أزمات مختلفة. وهُنا، علينا التساؤل، هل الدولة تُعطي أولويّة لحماية المعلّم؟ وهذا ما علينا الانتباه له خلال الحديث عن التشريعات. وذكر أ. كرامي أنّ خلال الحديث عن رفاه المعلّم، بطبيعة الحال، علينا أن نتطرّق إلى الحديث عن حماية المعلّم، وحقوقه، والدخل، وساعات العمل، والتقاعد، وإجازاته وحقّه في الإجازة، وإجازاته المرضيّة، وعن تأمين هذا الجوّ المريح لهُ، خصوصًا أنّ على التشريع التنبّه للظروف الخاصّة التي يمرّ فيها المعلّم وتسبّب لهُ ضغوطات مختلفة، وتؤمَّن لهُ هذه المساحة من الإجازات من أجل السماح بتخفيف الضغوط عليه. وأكّد أ. كرامي على ضرورة توفير نظام محاسبة مواكِب لدى التشريعات، يمكن أن يلجأ إليه المعلّم، فلا تخضع دعاوي المعلّمين أو نزاعاتهم إلى عجلة القضاء البطيئة والتي ينتج عنها هلاك هذه القضايا ونتائجها. وبالتالي، على الدولة التنبّه لحماية هذه القوانين، ناهيك عن حماية العمل النقابيّ، والتعبير عن الرأي، وهي أمور يجب أن تكون واضحة وصريحة في التشريعات، بالإضافة إلى التطوير المهنيّ للمعلّم وإتاحة المجال له لتطوير عمله. وضمن المحور ذاته، أضاف أ. بن شعبان أهمّيّة وعي المعلّم بهذه التشريعات، وبحقوقه كمعلّم. فمن المهمّ عند تقدّم المعلّم لعمل في مدرسة ما، عليه أن يسأل ويستوضح حول هذه الأمور، وعليها أن تكون واضحة بالنسبة إليه قبل الالتحاق بالمدرسة، لئلّا يتفاجأ هذا المعلّم بقوانين أو تشريعات معيّنة لم يعلم عنها سابقًا. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة وضع تعريف للرفاهيّة، بدلًا من تعريفها بالضدّ، أي بعدم وجودها. ومن خلال العمل وصلنا إلى محاورَ أربعة تُلمّ بتعريف الرفاهيّة: 1. الحالة النفسيّة للمعلّم. 2. الحالة الجسديّة للمعلّم. 3. إحساس المعلّم بفعاليّة دوره. 4. إحساس الانتماء إلى مجتمع المدرسة وبيئتها. وبالتالي، أيّ سياسة تنقص محورًا من المحاور، لن تكون ملمّة بالرفاهيّة كمفهوم وتطبيق. ولاحظنا سياسات في بلدان أوروبّيّة تركّز تركيزًا كبيرًا على الحياة الشخصيّة والحياة المهنيّة للمعلّم، وتدرج أهمّيّة كبيرة لإجازات المعلّم خلال عمليّة التخطيط للعام الدراسيّ، ما يسمح للمعلّم بأن يرتاح وأن يعود إلى مكان عمله بفعاليّة. ورأينا كيف أنّ فنلندا واليابان، وفّرتا دعمًا ببرامج استشاريّة للمعلّمين مع علماء نفس. وأيضًا من الضروريّ الانتباه إلى موضوع المرونة في الدوام، خصوصًا بعد كورونا، إذ أدركت المؤسّسات أن الدوام يُمكن أن يكون مرنًا من دون أن يؤثّر في النتائج. وذكر أ. بن شعبان تجربة سنغافورة، كتجربة مميّزة في وضع السياسات، إذ قرّروا استخدام منهجيّة بحث تقوم على تجميع بيانات بطريقة مستمرّة، وحلّ المشكلات التي تظهر بطريقةٍ مرنة؛ أيّ لا حلول جاهزة مُسبقًا، إنّما قبول لفكرة مرونة التعامل مع المشاكل، وهذه استراتيجيّة طُبّقت على مستوى الدولة. أمّا د. شيّا فأضافت نقاط أُخرى إلى سياسات رفاه المعلّم وعافيته، مثل زيادة الاستثمار بموارد الصحّة الفكريّة كبرامج التأمّل الواعي، وهذا ما طُبّق في المملكة المتّحدة، فبات المعلّمين أنفسهم يُمارسون التأمّل الواعي، ويشجّعون طلبتهم على مُمارسته في الوقت ذاته. نقطة ثانية هي التطوير الوظيفيّ والتقدير، فدول مثل كندا، عملت على سياسة تعزّز مجتمعات التعلّم المهنيّة، والتي تُشجّع على التعاون بين المعلّمين. ونقطة ثالثة هي التقدير الوطنيّ، ففي كندا، تُنظّم جائزة المعلّم الوطنيّ، لتشجيع المُمارسين في المجال التربويّ، وأيضًا لتشجيع الإقبال على مهنة التعليم.   المحور الثالث: وكالة المعلّمين. ما أهمّيّة حرّيّة المعلّم لرفاهه؟ وما دور الإدارات في تعزيز هذه الحرّيّة وتمكين المعلّم؟ ناقشت د. شيّا أهمّيّة ربط الحديث عن رفاه المعلّم بالحديث عن وكالة المعلّم. ووكالة المعلّم هي استقلاليّته، وقدرته على أخذ القرارات التي تؤثّر في ممارساته وتعليم الطلّاب، وبالتالي يحصل على حرّيّة ودعم من أجل أخذ اختيارات مستنيرة ضمن إطار مُحدّد. وذكرت مجموعة مهامّ ضمن هذا السياق، وهي: 1. تصميم المناهج، فمع ثبات المنهج، نعرف أهمّيّة أن يكون المنهج مرنًا، ليتناسب مع مختلف الطلبة بواقع معيّن، ومن هُنا، من الضروري أن يكون المعلّم كفوؤًا وعنده القدرة على تصميم المنهج بما يتناسب والظروف المحيطة به، بطبيعة الحال، ضمن استراتيجيّات تقييم واضحة. 2. إدارة الصفّ، ضرورة تحديد القوانين مع الطلبة، ذهابًا لخلق بيئة تعليميّة إيجابيّة، وفتح قنوات تواصل مع الأهل. 3. مُناصرة السياسات، حيث لا يقتصر دور المعلّم في العمليّة التعليميّة فقط وفقًا للأدبيّات، ومن هُنا، عليه مناصرة السياسات التي تساعده على تطبيق مهامه بطريقةٍ فعّالة.   كيف تعزّز وكالة المعلّم رفاهيّته؟ أضافت د. شيّا أنّ وكالة المعلّم تعزّز من تحفيزه ورضاه الوظيفيّ، خصوصًا عند إحساسه بتطبيق رؤيته بفعاليّة مع الطلبة. وكذلك تقلّل من التوتّر والإرهاق، انطلاقًا من إحساسه بالتحكّم بمجريّات العمل، وقدرته على أخذ قرار من دون أن تطبّق عليه سياسات إداريّة تنتهج الـ ((Micromanagement. وفي الوقت نفسه، تعزّز نموّه المهنيّ، ما يرتبط بشكلٍ واضح بتعزيز رفاهه. وفي الواقع، حتّى يتمتّع المعلّم بهذه الوكالة، عليه أن يؤمن بقدرتهِ كفرد فعّال قادر على إحداث فرق، ولديه القدرة على إحداث تغيير اجتماعيّ، ويتمتّع بمهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات والتواصل والتشبيك والتعاون، وعنده قدر من الثقة بالنفس، ومُدرك لأهمّيّة التأمّل في المُمارسات المختلفة من أجل تقييم الأداء. وتطرّقت د. شيّا إلى التحدّيات، وهي ليست من القيادة المدرسيّة، إنّما أيضًا من النظام التربويّ والذي يفرض اختبارات موحّدة ومناهج صارمة، تخفّف مرونة المعلّم، وتحدّ قدرته على التغيير. ومن التحدّيات: 1. نقص الدعم الإداريّ، وهو ما سيحدّ قدرته على التعرّض إلى تجارب وتدريبات مُختلفة في التطوير المهنيّ تُمكّنه من الابتكار في المُمارسات والمرونة والمواكبة. 2. الاحتراق الوظيفيّ، عدم القدرة على التطوّر، وعدم تحقيق التوازن بين العائلة والعمل، قد تؤدّي بالمعلّم إلى الاحتراق الوظيفيّ. وهُنا داخل أ. عمرة حول الواقع العربيّ في سياق التعليم، وفرض مناهج من خلال كتب مدرسيّة تحتوي على تفاصيل دقيقة، ولا تفتح مجالًا أمام مرونة المعلّم ووكالته، وبالتالي الأثر في رفاه المعلّم يصبح سلبيًّا. وهذا يدلّ على عدم الثقة بالمعلّم، وفتح المساحات أمامه للإبداع والانطلاق في التعليم. تحدّث أ. بن شعبان عن الخارطة التربويّة المحدودة والمفصّلة والتي تعتمد على امتثال المعلّم لقرارات من أعلى، تمثّل وصفة معكوسة لرفاه المعلّم. وأضافَ أنّ موضوع وكالة المعلّم يشمل أيضًا أخذ المعلّم لزمام الأمور في موضوع رفاهيّته، وبالتالي التفكير برفاهه من حيث بيئة العمل وتعديلات مختلفة فيها. وشارك أ. بن شعبان تجربته كمدير مدرسة، وفشل تجربته الأولى، في الرفاهيّة، وكان سبب هذا الفشل هو تفكيره في ظروف واستراتيجيّات لتحسين ظروف عمل المعلّم، كمحاولة تقليل ساعات عمل الدوام، وفرح المعلّمون بهذه المبادرة، إلّا أن الشكوى من ظروفهم استمرّت. وكذلك كان عندما اهتمّت الإدارة بالتأمّل والممارسات الإيجابيّة للمعلّمين، وكذلك استمرّت الشكوى. اختلفت التجربة عندما شكّلنا لجنة من المعلّمين لتمثيلهم وتمثيل صوتهم، وكانت اللجنة على دراية بظروف الإدارة بعلاقتها مع الوزارة مثلًا، وهنا بدأت النتائج الإيجابيّة بالظهور، لأنّ الوكالة هُنا أنتجت الرفاهيّة، وعزّزت الثقة بين الإدارة والمعلّم.   وأشار أ. كرامي إلى نقطتين أساسيّتين: 1. التجربة في فلسطين بشكلٍ عامّ، وغزّة بشكلٍ خاصّ، جعلتنا نعودُ إلى حقوق الإنسان قبل حقوق المعلّم، وهو ما ينبّهنا في خضمّ تأمين رفاه الطفل أو المعلّم، للحقوق الأساسيّة كي تبقى مقدّسة ولا تُمسّ، وألّا تكون عرضة للانتهاكات. 2. على مداخلات وكالة المعلّم ورفاهه أن تُترجم في التشريعات، ويجب أن تُترجم في تعديل القوانين التي تخضع لها المدارس الرسميّة لتشكّل غطاءً للمعلّم الذي يريد أن يُمارس وكالته بطريقةٍ مُثلى، خصوصًا في سياقات ترى أنّ وكالة المعلّم هي خروج عن أدبيّات المدرسة وسياساتها، وتُلقي المعلّم في سلّم المحاسبة واللوائح والقوانين. وهُنا من الضرورة الإشارة إلى أهمّيّة التعديل التشريعيّ، وحماية المناصرة، ويجب توفير الحماية للمعلّم من أجل إيصال صوته بشكلٍ ديمقراطيّ. كما أشار إلى أنّ التغيير الحقيقيّ هو التغيير الذي يأتي من القاعدة، وإضافةً إلى سماع صوت المعلّم، علينا الاستماع إلى صوت الطالب، وهو شريك المعلّم في تحقيق الرفاه.   أسئلة الجمهور - إن كان الضغط على المعلّم ناتج عن مرض أحد أفراد العائلة، فكيف يُمكن للمعلّم مواجهة هذا النوع من الضغط بطريقةٍ لا تؤثّر في عمله داخل الصفّ؟ أجاب أ. كرامي أنّه من منحى تشريعيّ، القانون، على الأقلّ اللبنانيّ، لا يلحظ هذا النوع من الإجازات والتي يُقصد بها الرعاية. أمّا د. شيّا فاقترحت طلب المساعدة من المدير، والحديث عن هذا الظرف، ومن المهم أن تُقدّم الإدارة دعمها، وأيضًا يُمكن الحديث مع الزملاء لتعزيز التعاون. وأجابت أ. الشيكلي أنّه في سياق مدرستها في سلطنة عُمان، الحديث مع الزميلات والزملاء، ومن ثمّ رئيسة القسم التي تقوم بتخفيف نصابها، وتوزيع ذلك على الزميلات. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة الاستثمار بالعلاقات في المؤسّسة، من أجل تحقيق التعاون بينهم في ظلّ تفهّم من الإدارة. وأضافت أ. أبو هلال أنّ مصادر الدعم تشكّل أساسًا في هذا السياق، من أصدقاء وزملاء، وكذلك التدريبات الخاصّة بالرعاية الذاتيّة، من خلال أهمّيّة الحفاظ على بعض العادات الصحّيّة، وممارسات بعض النشاطات الرياضيّة، والتي ستسهم في تجاوز الأمر بطريقةٍ قويمة، من دون أثر سلبيّ. وأيضًا هُنا من الضرورة التعبير عن مشاعره، من أجل التخفيف من الضغوطات، والمحافظة على التأمّل والوجود في الطبيعة، هي أيضًا أمور من شأنها تخفيف الضغط.   - في ظلّ أوضاع اقتصاديّة صعبة في العالم العربيّ، كيف يُمكننا مواجهة ضغط كهذا؟ وكيف يُمكننا الحفاظ على صحّتنا النفسيّة والذهنيّة وقدرتنا على العطاء في مهنتنا بشكلٍ مميّز؟ أجاب أ. كرامي أنّ على أيّ دولة أداء دور خلال الأزمة الاقتصاديّة التي تمرّ فيها، من دون أن تتنازل عن دورها. في لبنان مثلًا، الأزمة تتفاقم لأنّ الدولة تتقاعس عن أداء دورها. تجربة إيجابيّة أودّ ذكرها هي التكافل والتضامن بين المدارس الخاصّة، لإعادة دعم المعلّم خلال مسيرته. أمّا د. شيّا فقالت إنّ الوضع المادّيّ صعب التجاوز، وفي حال غطّى الراتب احتياجات المعلّم الأساسيّة، يُمكن لوكالة المعلّم هُنا دفعه بإحساس إيجابيّ إلى استكمال أداء رسالته. أمّا أ. بن شعبان فأشار إلى أهمّيّة التطوير النفسيّ والمهنيّ لدى المعلّم، فالمعلّم الذي يمتلك الخبرة والتجربة، له القدرة على فتح منافذ دخل جديدة أمامه، كمدرّب واستشاريّ، وهذا لا يظهر بوضوح للمعلّم الذي لا يفكّر بأبعد من يومه. ودعا أ. بن شعبان المعلّمين إلى إعطاء الدورات، كلٌّ في تخصّصه، لأنّ الحاجة أيضًا موجودة لهذه الخبرات.   - هل حقوق المعلّم متوفّرة في دول العالم العربيّ، كما في الغرب؟ قال أ. كرامي إنّ الاهتمام في التعليم متفاوت، ودعم المعلّم أيضًا متفاوت، ولكن ما أودّ قوله هو في النهاية التعليم رسالة، وهو أساس بناء الأوطان، وإن كانت دولنا لم تصل بعد إلى فهم أهمّيّة التعليم، فهذا دليل على أنّها بحاجة إلى مزيد من التطوير والتوعية، وتحسين أسلوبنا في التفكّر في طريقة التعاطي مع المعلّم، وأهمّيّة دوره في المجتمع، وهذا يحتاج إلى عمليّة تجديد شاملة من القاعدة إلى القمّة، انطلاقًا من واقعنا.   في الخِتام شكر أ. عمرة المشاركات والمشاركين على الإسهامات في هذه الندوة، وأكّد على أنّ الموضوع متباين بين الدول وبين المجتمعات، وهو ما يعتمد على سياقات مختلفة، ولكن في النهاية رفاه المعلّم هو أمرٌ أساسيّ وله تأثير كبير في تعلّم الطالب، ونموّ المدرسة، والعمليّة التربويّة بشكلٍ عامّ، ولهُ أثره، كذلك، في الصحّة النفسيّة والجسديّة والذهنيّة للمعلّم ذاته.    

ندوة: التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين.. ثقافة المواجهة والأمل

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيّار/ مايو 2024، بعنوان: "التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين: ثقافة المواجهة والأمل". وهي الندوة الثانية ضمن سلسلة ندوات تعقدها منهجيّات تحت عنوان: "علّمتنا غزّة"، وركّزت هذه الندوة على ثلاثة محاور، وهي: 1. دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ. 2. الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين. 3. تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، وهم: د. جميلة محمود شنان أستاذة علم الاجتماع التربويّ والاختصاصيّة بدور التعلّم في التحرّر؛ ود. مريم محمد صالح حثناوي من فلسطين، المشرفة التربويّة في وزارة التربية والتعليم ونائب رئيس مؤسّسة مجتمعات محليّة؛ ود. محمد الرزّي، أكاديميّ وتربويّ من غزّة، أستاذ محاضر في قسم دراسات الطفولة في جامعة بريستول بريطانيا، وعمل سابقًا في مبادرات الدعم التعليميّ، ومشروع سينما الطفل في غزّة. أدارت الندوة د. نضال الحاج سليمان، الباحثة الأكاديمية في علم الاجتماع التربويّ، وبدأت الندوة بالترحيب بالزملاء المشاركين من قطاع غزّة عبر المداخلات المسجلة، وهم: د. محمد عوض شبير، أكاديميّ مختصّ بالإدارة التربويّة، ومشرف في جامعة الأقصى؛ وميسون أبو موسى، مختصّة بتدريس العلوم الحياتيّة. وأسماء مصطفى، معلّمة لغة إنجليزيّة وباحثة تربويّة. في البداية، عرّفت د. الحاج سليمان بمنهجيّات، المجلة التربويّة الإلكترونيّة الدوريّة ذات الطبيعة التفاعليّة، وبمنصّتها التربويّة التي تتفاعل فيها الأفكار، والمعارف، والتجارب، والمبادرات التربويّة الخلاقة، وتسهم في الارتقاء في التعليم في العالم العربيّ من خلال حوار نقدي يشجع على التساؤل، والخيال، والابتكار. تعمل منهجيّات على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا للأفراد والمؤسّسات. وأشارت د. نضال إلى حلول ذكرى النكبة المستمرّة منذ سنة 1948م، والاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، والأحداث الأخيرة في غزّة، والتي تستهدف البلاد والأرواح والتاريخ، والتعليم بكلّ مظاهره وأركانه. مركّزة على ما نواجهه من معركة الوعي والحرية، وعلى أنّ الفكرة والكلمة والمناصرة أدوات في معركة التحرّر. وأنّنا كمجتمع تربويّ عربيّ أمام فرصة لنستقي دروسًا من زملائنا المعلّمين في فلسطين، ونساندهم، ونعبر من خلال تجاربهم إلى ضفّة التعليم النقدي والتحرّر الإنسانيّ الكامل.   المحور الأول: دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من المعلّمة ميسون أبو موسى في فلسطين، تحدثت فيها على دور المعلّم الفلسطينيّ في ظلّ الإبادة الحاليّة، وأشارت إلى صعوبة الأمر في بداية الحرب في ظلّ اتّساع النزوح والهجرة، وارتفاع أعداد الشهداء؛ ففي بداية الأمر وقف المعلّم مكتوف اليدين عالقًا بين الحرب والقصف من جهة، واستخدام المدارس كمراكز للإيواء، واستعمال الأدوات المدرسيّة وقودًا للطهو. لكن هذا لم يمنع بعض المعلّمين من القيام بمبادرات فرديّة بجمع بعض الطلاب في مخيّمات اللجوء، وتدريسهم بعض المفاهيم الأساسيّة كقواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية، واستخدام الفنّ كنوع من التفريغ الانفعاليّ للأطفال. من غير أن ننسى عن دور المؤسسات الخاصة التي قدّمت مساعدات. كما أشارت إلى دورها كمعلّمة باستغلال أوقات فراغها في تصميم أوراق العمل، في ظلّ الظروف الصعبة كانقطاع الكهرباء، وصعوبة شحن الحاسب النقّال. وإلى تصوّر إستراتيجيّات تعلّم معيّنة، ومحاولة تنفيذها وهميًّا في خيالها لبعض الدروس قدر الإمكان.   كيف يتمكن المعلّم الفلسطينيّ من إنتاج أدوات الصمود وبناء الأمل والإصرار في ظل الاحتلال وحرب الإبادة؟ أجاب د. محمد على هذا السؤال بوجود عدّة أدوات تمثّل الصمود الفلسطينيّ في موضوع التعليم، وهناك شواهد من التاريخ وما يحدث في قطاع غزّة، ومنها الإصرار على البقاء والحياة، والإصرار على التعليم، والمحافظة على السرديّة الوطنيّة، والانخراط في التعليم الرسميّ وغير الرسميّ، مستشهدًا بما قالته أ. ميسون حول المبادرات الفرديّة للمعلّمين. وأشار إلى محاولات المعلّمين الحفاظ على رسالتهم التعليميّة، وإلى ما يتعرّض إليه المعلّمون من ضغوطات سياسيّة مباشرة وغير مباشرة، وإلى أن المضيّقات الحياتيّة التي على كواهلهم لا تمنعهم من الحفاظ على رسالتهم في القيام بمهنة التعليم.   ما أهمّيّة استهداف الاحتلال كلّ أركان التعليم في غزّة؟ أجابت د. جميلة على هذا السؤال باستعراض تاريخ الاستعمار، وقدّمت أمثلة من تجارب الولايات المتّحدة، والاستعمار الصهيونيّ، والاحتلال العسكريّ في الضفة. وتابعت بأنّ الاستعمار يبدأ دائمًا بالمدارس، باعتبارها المؤسّسة الوحيدة الرسميّة التي تعمل كمنبر للثقافة، حيث السيطرة على المدارس تمثّل السيطرة على الفكر. وأضافت أنه لا توجد وسيلة لمواجهة الاحتلال غير التعليم، بمفاهيمه الموسّعة وليس المدرسة كمؤسّسة، كتعليم وتعلّم، ومعرفة البشر. واستشهدت بما قالته أ. ميسون عن اختيار قواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية موادّ تعليميّة في ظلّ ظروف طارئة، لأن المعلّم هو من يقرر ما هو أساسيّ للتعليم، ما يتيح له السرد والتعبير عن الإرث الثقافيّ، وعن القضيّة الفلسطينيّة، وما يمرّون به من مصاعب.   ما الدور المجتمعي للمعلّم والمعلّمة الفلسطينيّين خارج إطار التعليم النظاميّ الرسميّ؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّ المعلّم الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، فقد قاد حركات أدبيّة وثقافيّة من شعراء وكتّاب، وحمل راية التوعية والتثقيف في قضايا المواطنة والحقوق في ظلّ غياب الدولة. وأضافت أنّ المعلّم يقوم بعدّة أدوار فعليّة إلى جانب دوره التدريسيّ؛ ممّا أضاف عليه مزيدًا من الأعباء. وقدّمت أمثلة من الواقع لأدوار المعلّم، ومنها: تقديم الدعم المعنويّ والحماية للطلّاب داخل قاعات المدارس أثناء الامتحانات الثانويّة، إلى جانب التعليم الشعبيّ كتقديم التفريغ النفسيّ للأطفال واللعب معهم في المراكز الموجودة داخل الحارات. ذلك فضلًا عن دور المعلّم في إثارة الوعي الوطنيّ والمجتمعيّ في ظلّ حرب الإبادة، وتعزيزه الهويّة الفلسطينيّة والانتماء إلى الوطن والتعريف بتاريخ فلسطين وثقافتها. وبعد أحداث السابع من أكتوبر، قدّم المعلّم الدعم والأنشطة الإنسانيّة والإغاثيّة وأشرف على دور الإيواء، وعزّز القيم الإنسانيّة والتعايش. فالمعلّم هو الشريك الإنسانيّ في بناء المجتمع، ودوره مهمّ ومحوريّ في تحقيق الأمل، على رغم ما يعيشه من تحدّيات وحروب.   المحور الثاني: الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، تحدّث فيها على أهمّيّة التدخّلات التي تحدث في مراكز الإيواء، واستعادة التعافي التعليميّ من خلال تقديم جرعات تعليميّة تربويّة في الموادّ والمهارات الأساسيّة، من المؤسّسات الرسميّة، وغير الرسميّة، والمتطوّعين، والخرّيجين. وأشار إلى تأثير هذه التدخّلات بأحداثها حراكًا داخل مراكز النزوح، واستجابة عالية من الأطفال والأهالي لحرصهم الكبير على التعليم، وتعويض ما فات على مدار سنة تعليميّة كاملة.   كيف يتشكّل الوعي النقديّ الوطنيّ والاجتماعيّ لدى المعلّم كي يتمكّن من القيام بهذا الدور المهمّ، وكيف ينعكس هذا الوعي على الطلاب؟ أجابت د. جميلة عن هذا السؤال بتشكّل الوعي لدى المعلّم في أوضاع مثل وضع الاحتلال، عندما تصبح المدرسة إحدى ساحات المعارك التي تدور فيها محاولات الاحتلال، والدفاع عنها، وأشارت إلى أنّ المدرّس يتأثّر بهذا الهجوم جسديًّا وماديًّا؛ فالهجوم يكون على المؤسّسة التعليميّة والسيرورة التعليميّة، وقدّمت أمثلة، مثل: الامتناع عن استيراد الكتب، ومنع المعلّمين من حضور المؤتمرات، وقصف الجامعات. كما طرحت سؤالًا مهمًّا: ما الذي يتعلّمه الطفل الفلسطينيّ عن دوره في الحياة؟ وقالت إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلّب ضرورة مناقشة المعلّمين المناهج التي يجب أن يتعلّمها الأطفال؛ إذ إنّ المناهج الحاليّة مموّلة ومفروضة من قِبل الاحتلال. وأكدّت على ممارسة الاحتلال الضغوط السياسيّة، وعلى التعسّر في تقديم تمويل ماليّ للمؤسّسات الفلسطينيّة التي ترفض هذه التدخّلات المفروضة. وأشارت إلى أنّ المناهج الحاليّة تمنع الطلاب من فهم ما يحدث حولهم في فلسطين، وتحديدًا في غزّة، أو تخيّل مستقبلهم. فالاستعمار يجرّد المفهوم التربويّ من بُعديّه السياسيّ والإنسانيّ، ويقلّل حجم المساحات التربويّة "التحرريّة" فتنحصر في بعض الممارسات، ضمن منظار مجتمعيّ عريض ينطبق على المستعمِر ولا يصلح لأهل فلسطين.   ما دور المعلّمين في هذا السياق، وما الذي يحتاج إليه المعلّمون للقيام بهذا الدور، وما دور المجتمع العربيّ والعالميّ والمناصرين للحقّ الفلسطينيّ؟ أجاب د. محمد عن هذا السؤال بأنّ دور المعلّم مركزيّ، وينبع ذلك من مركزيّة التعليم ودوره في المجتمع الفلسطينيّ، وتحديدًا في مراكز اللاجئين. فالتعليم هو القيمة التي يحملها الإنسان، وإن ضاقت به سُبل العيش. وعليه، يولي المجتمع الفلسطينيّ قيمة مهمّة للتعليم، ويظهر ذلك في معدّل تسجيل الفلسطينيّين في المدارس، والجامعات. وهذا ينعكس إيجابيًّا على صورة المعلّم في المجتمع الفلسطينيّ. وأضاف بأنّ المعلّم ذو قيمة في المجتمع الفلسطينيّ نظرًا إلى دوره التعليمي، وهو يحافظ على الرفاه النفسيّ والاجتماعيّ للطلّاب، كما يساعد في قيادة عمليّات توزيع المعونات وإدارة مراكز اللجوء، وتوفير الحاجات الأساسيّة، وينبع ذلك من سلطته الأخلاقيّة على رغم محاولات التهميش وسيطرة الاحتلال على طريقة تفكير المعلّم. ويتّفق د. محمّد مع ما قالته د. جميلة حول التمويل والأجندة المفروضة على المعلّمين، سواء أكانت من منظّمة الأونروا أو المؤسّسة الرسميّة والتعليم الحكوميّ، وعلى أنّ تلك الأجندة قائمة على حقوق الطفل والإنسان من دون أن ندرك أو نفهم ما الذي تعنيه حقوق الإنسان والطفل في السياق الفلسطينيّ؛ فالحرب والإبادة الحاليّة تهدم الإيمان بمنظومة الحقوق ومعناها الحقيقيّ.  وفي الأخير أشار إلى أهمّيّة دور المعلّم في العودة إلى الحالة الطبيعيّة – وهي نسبيّة – في ظلّ الحرب القاسية التي يعيشها الفلسطينيّون. ثمّ عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، تحدّثت على ما يتعرّض إليه الأطفال الفلسطينيّون من سلب لأبسط حقوقهم، وهو تلقّي التعليم والتعلّم داخل المدارس التي أصبحت مراكز إيواء، ونصفها الأخر مدمّر جزئيًّا أو بالكامل. وحكت تجربتها في نزوحها الأوّل إلى وسط قطاع غزّة، والثاني إلى شرق رفح، وإقامتها في المكتبة المدرسيّة المليئة بالكتب والقصص؛ حيث قامت بتقسيم الكتب حسب الفئة العمريّة والدراسيّة للطلّاب، وبدأت بتنفيذ أولى جلساتها التعليميّة مع الأطفال بالحكاية. وعلى رغم تغيّر مكان نزوحها الرابع، إلّا أنّ ذلك لم يمنعها من الاستمرار، فقد اشترت الكتب والقصص، وقدّمت أنشطة تصحبها مناقشات عن الدروس المستفادة، ونظّمت أنشطة تلعيب فرديّة وجماعيّة، وأنشطة رسم وتلوين، ومسابقات ثقافيّة، وأناشيد تراثيّة. كان هدفها الأوّل والأساسيّ تعليم الطفل قيمة حياتيّة، وتعزيز سلوكيّات معيّنة، ومحاولة التخفيف عنهم وسط ما يحدث من قصف ودمار.   من يدعم المعلّم في فلسطين؟ من يعطيه القوة المعنويّة للصمود؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّه لا بدّ للمعلّم من أن يبدأ بنفسه، فقد شكّل الصفوف بنفسه. واستشهدت بمبادرة المعلّمة أسماء كتوفير وسائل تعليميّة خلقت استراتيجيّات ملائمة تواكب الوضع الراهن، ومناسبة للفئة العمريّة للطلّاب. وأشارت إلى الجهود الرسميّة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي المتمثّلة في التدريب، والمساعدة، والتطوّر المهنيّ والدعم. ودور مؤسّسات المجتمع المدنيّ في تنظيم الورش ودعم مبادرات المعلّمين، وتنظيم الفاعليّات، والتدريب وتعزيز مواردهم. فضلًا عن دور المجتمع المحليّ وأولياء الأمور، وتواصلهم مع المعلّمين، وتشجيعهم ورفع معنويّاتهم، ومساعدة المعلّمين والطلّاب على مساءلة المسؤولين عن التعليم في ظلّ الظروف الحاليّة.   المحور الثالث: تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، يقدّم فيها رسالة إلى الطلّاب الفلسطينيّين بضرورة تماسكهم في هذه الأجواء الصعبة، وما يعيشونه من معاناة، وأن المعلّمين سيكونون أوفياء لحقّ الطلّاب في التعليم؛ فالتعليم حقّ لكلّ طفل وللأجيال القادمة. وقدّم تحيّة لأولياء الأمور الحريصين على أن يتلقّى أطفالهم التعليم، والمعارف، والمهارات، والمعلومات، ويحاربون على رغم المعاناة من أجل الحصول على حقّهم في التعليم، بإحضارهم إلى مراكز النزوح والإيواء لتلقّي التعلّم. كما قدّم رسالة إلى كلّ المعلّمين حول العالم، بأنّنا شركاء ونحمل رسالة التعليم، وهي رسالة إنسانيّة من الدرجة الأولى، وعليهم أن يكونوا صوت المعلّمين والأطفال في فلسطين، كيّ يوقظوا ضمير العالم، لأنّ هناك شعبًا يتعرّض إلى الإبادة من قِبل آلة الحرب المسعورة التي لا ترحم أحدًا، والتي أبادت التعليم. وأنهى مداخلته بتمنيّاته لكلّ أطفال العالم العيش في أمان وسلام. ثم عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، أعربت فيها عن رغبتها في تقديم كلّ ما في وسعها لمساعدة الطفل الفلسطينيّ، وعن إيمانها بالطفل الفلسطينيّ ومستقبله. وأنّها تؤمن بدورها كمعلّمة في ظلّ الحرب بتقديم إسعاف أوليّ لقطاع التعليم. وتمنّت انتهاء هذه الأزمة عن قريب، وعودة التعليم إلى أفضل حال. علّقت د. جميلة على هذه المداخلات قائلة: لا يقتصر دور المعلّم الفلسطينيّ على تعليم "موادّ" منهجيّة فحسب؛ بل هو يعلم الحياة لأطفال فلسطين. ولا بد لكلّ المعلّمين حول العالم من تقدير دور المعلّم الفلسطينيّ، وما يقوم به من محاولات دعم الأطفال في فلسطين، وتخفيف معاناتهم. وأشارت إلى أنّ هذا الإيمان الإنسانيّ للمعلّم الفلسطينيّ له دور مهمّ وأساسي، تمكن من خلاله إعادة أحياء ثقافة التربية التي تؤدّي إلى خلق شعب حرّ. أضاف د. محمد بأنّه من المهم إلقاء الضوء على التعليم المقاوم التحرّريّ، وهو الذي يهدف إلى التخلّص من الاحتلال وسلطته المباشرة وغير المباشرة، وأدواته. وتابع بأهميّته في التعليم الفلسطينيّ، فقد مرّ هذا الشعب بالكثير منذ الاحتلال، فلا بدّ للتعليم من أن يكون وسيلة خلّاقة للنظر إلى مستقبل ما بعد الاحتلال. فالنظرة التحرّريّة للمعلّمين في فلسطين تتطلّع إلى المستقبل، وتتمثّل في معاني الأمل، والصمود، والحقوق فجميعها ذات صلّة وثيقة تتعدّى وجود الاحتلال. وتابع بأنّ هناك طرائق للتعليم المقاوم التحرّريّ في السياق الفلسطينيّ، ومنها: قدرة المعلّمين على جمع الشتات الفلسطينيّ. وعلى رغم بناء أنظمة تعليمية بالتوازي، في كافة أماكن التواجد الفلسطينيّ، والتي تذهب إلى توجّهات مختلفة، إلّا أنّها في الأخير متمركزة حول الحقّ الفلسطينيّ، والحقّ في العودة، والحقّ في تقرير المصير. وأكّد ختامًا على ضرورة التعليم الشعبيّ. في سياقٍ متّصل، أشارت د. مريم إلى مبادرة قامت بها جمعيّة مجتمعات محلّيّة في تشرين الثاني / نوفمبر من العام المنصرم، في مدينة جنين الفلسطينيّة، أثناء احتلال المدارس: فقد عقدت لقاءات وتدخّلات لمساعدة الإدارات المدرسيّة والمعلّمين على مواجهة الأزمات وحالات الخطر (ظواهر طبيعيّة أو ناتجة عن الإنسان، أو اجتياحات مدن من قِبل الاحتلال). كما أنّ مركز إبداع المعلّم قدّم العديد من مبادرات الدعم النفسيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ في غزّة. وختمت كلامها بأنّ الجميع يحاول أن يقدّم كلّ المساعدات الممكنة.   أسئلة الجمهور حول مثال تجربة المربيّ الجزائريّ عبد الحميد بن باديس، وأهمّيّة الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة في العالم، علّقت د. جميلة بأنّ هناك بعض الجامعات داخل فلسطين قدّمت مبادرات تعليم إلكترونيّة، وتبحث عن متطوّعين للتدريس. وأشارت إلى أنّ هذه المبادرات تُعدّ فرّصة لتواصل طلّاب غزّة الجامعيّين مع العالم من حولهم، وتنادي بالمشاركة في هذا التواصل وضرورة التطوّع. وحول مستقبل التعليم في غزّة مع تمويله من جهات غربيّة أو منظّمات حكوميّة، وكيف سيتحقّق التعلّم التحرّريّ في ظلّ ذلك؟ أجاب د. محمد بأنّ التعليم الفلسطينيّ في ظلّ اتّفاقيّة أوسلو كانت مناهجه مرتبطة بإرادة المموّل، كما أنّ هذه المناهج لم يتمّ تحديثها مطلقًا، وعزا ذلك إلى ارتباط التعليم بأكمله بالمموّل الدوليّ، فضلًا عن غياب السيادة الفلسطينيّة، ووجود حالة من الفساد. ويمكن مستقبلًا التفكير في روافد عربيّة أو إقليميّة أو فلسطينيّة، سواء من رجال أعمال أو خيرييّن، وذلك سيمثّل استقلالًا وطنيًا.   واختُتِمت الندوة برسالة من الأستاذة أسماء مصطفى لطلبتها. 

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

لا للتّلقين في العمليّة التعلّميّة التعليميّة
لعلّ التعليم هو الطريقة الفضلى لاكتساب المهارات الحياتيّة التي تساعد التّلامذة على تنمية الوطن، والإسهام في ازدهار.، وتسعى الدول كافّة إل... تابع القراءة
الذكاء العاطفيّ في إدارة المدارس: تجربة مدير مدرسة
يؤثّر دور المدير في إدارة المدرسة بشكلٍ كبير، وفي البيئة التعليميّة وأداء الطلّاب والمعلّمين. كما تسهم مهارات الذكاء العاطفيّ لدى مديري ا... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

صهيب حمود زعارير- منسّق ومعلّم مادتي اللغة العربيّة والتربية الإسلاميّة- قطر

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ لو كنت طالبًا اليوم، أريد أن يكون التعليم مزيجًا يجمع بين الماضي التقليديّ المباشر المعتمد على التوجيه من المعلّم، والعصريّ الحاضر المعتمد على التّعليم الفعّال التقنيّ الحديث، والذي يشجّع على استعمال البرامج الإلكترونيّة الحديثة الممتعة التي بدورها تشجّع الطّلبة على التعلّم المستمرّ. أعتقد بأنّني أحتاج إلى هذا النّوع من التّعليم بعد هذه الخبرة الطويلة التي أمضيتها في مهنة التعليم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ التوازن بين المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة أمر حيويّ وضروريّ؛ لأنّهما جانبان متلازمان مرتبطان لا يمكن الفصل بينهما، فنستطيع أن نعطي الطّالب مهمّات تعتمد لحلّها على البحث والاستقصاء وحلّ المشكلات وإثارة التّعاطف في قضايا معيّنة، حيث تساعد هذه المجالات في إثارة دافعيّة الطالب من النّاحيتين الاجتماعيّة والعلميّة.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ دوري مرتبط بالطالب، فمن الواجب عليّ أن أكون في الصف الأوّل في معرفة كلّ جديد ومفيد يدعم العمليّة التعليميّة ويطوّرها ويجعلها أكثر تقدّمًا. ولا بدّ من اتّخاذ موقف واضح وصريح في اعتماد التّوجيه النّاجع لطلبتنا في استعمال التّكنولوجيا بالطّريقة الصحيحة، البعيدة عن مخاطر ثورة الذكاء الاصطناعيّ ومخاطر الاعتماد السلبيّ في إنجاز المهمّات، والتي قد تطلب من الطالب على مدار العام الدراسيّ.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يعتبر الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التّعليميّة عندما يضع معايير واضحة ومحدّدة لجميع الأعمال التي يقوم بها، وخططًا تربويّة مستقبليّة مرتبطة بمدّة زمنيّة لما يُرغب في تحقيقه على مدار الأعوام المقبلة. كما لا يغفل عن أهمّيّة المثلّث التربويّ (الطّالب، المعلّم، المنهاج)، إضافة إلى تقديم الدّعم الكامل من الورش التّدريبيّة وإشراك المعلم والطّالب إشراكًا حقيقًا في إعداد المنهاج. حينها نستطيع أن نقول إنّ الإشراف التربويّ مفيدٌ للممارسة التعليميّة بشكل قويّ ومؤثّر.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ باعتقادي، قبل النظر إلى الأسلوب النّاجع لحلّ النزاعات بين الطلبة، علينا أن ننظر إلى كثير من الأشياء، منها: عمر الطّالب، وجنسه، وظروف النزاع. كلّ هذه الأمور تشخيص لحالة النزاع، والتّشخيص الصحيح نصف الحلّ، وخصوصًا بعد الحوار مع الطّلبة، فتصبح الصورة أكثر وضوحًا، خصوصًا وأنّ المعلّم هُنا يكون قد سمع وجهات نظرهم. وبعدها نبدأ بالطّريقة العلاجيّة ضمن لائحة المدرسة المتّفق عليها مسبقًا، مثل التصالح الاجتماعيّ، الجلوس مع الطرفين بعد الحصّة، وهذا بالتأكيد بالتنسيق مع رائد الصّف والمرشد الطلّابيّ، ولا نغفل عن تعزيز الطّلبة عاطفيًّا واجتماعيًّا، وإظهار أهمّيّة دورهم في المدرسة.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ على ما أظن، إنّ الكلمة الأكثر شهرة في هذا السّياق هي: "الأدوات التكنولوجيّة سلاح ذو حدّين". الأدوات دورها جميل ورائع في الحصة الصفّيّة وفي العمليّة التعليميّة بصورة عامّة، بشرط ألّا تتحوّل إلى مجال لضياع الوقت وإهداره، أو ابتعاد الطّلبة عن الورقة والقلم والتزامهم بتقديم الأعمال إلكترونيًّا من دون الاهتمام بالورقة والقلم أو الكتب الورقيّة. أمّا بالنّسبة إلى حدود الاستعمال، فلا بدّ من وضع المعلّم ضوابطَ وطريقة التحكّم بها كي لا تطغى مهارة على مهارة أخرى.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ يشكّل تدخّل الأهل عنصرًا أساسيًّا في دعم تعلّم الأبناء، على أن يكون دعمًا إيجابيًّا وليس دعمًا "اتّكاليًّا"، فيكون دور الأهل هو المربّي المتابع المشجّع على عمل الأبناء، لا المصدر لحلّ النّشاط للأبناء أو اجتياز الواجب وتسليمه للمعلّم. أمّا عن الوقت المناسب، فالتّعليم في عصرنا الحاضر ممارسة حياتيّة: فالأب يعلّم ابنه في كلّ الأوقات والمناسبات والممارسات، أثناء تناول الطّعام وفي الطّريق إلى المدرسة، والجلوس مع الأهل والأصدقاء وحتّى في شراء أغراض المنزل، والتي يكتسب منها الكثير.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ برأيي لم يئن الأوان للتّخلّي عن الكتاب المدرسيّ الورقيّ، بل يتم دعمه بمصادر متنوعة متعدّدة إلكترونيّة أو أنشطة لا منهجيّة، وهذا يجعل الطّالب في توازن بين الكتاب الورقيّ، وبين الثّورة الإلكترونيّة في هذا المجال، ويغرز في نفس الطّالب مفهومًا ملحًّا وهو أنّنا نستطيع تسخير أيّ شيء في سبيل التعلّم النافع المتطوّر.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ المدّة الزمنيّة للدوام الرسميّ بالنّسبة إلى الطّلبة مرتبطة بحجم المرحلة واحتياجاتها ومدى أهمّيّتها، ولكن بشكل عامٍ نقول بألّا يكون قصيرًا يقطع متعة العلم واللّعب، وألّا يكون طويلًا مرهقًا لعقل الطالب وجسمه.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. أنا معلّم في مجال البكالوريا الدّوليّة، وفيه نعتمد بشكل كبير على الأعمال الأدبيّة من روايات، ومسرحيّات، وقصص. سأختار لكم، على سبيل المثال لا على الحصر، رواية "عائد إلى حيفا" من أعمال الأديب الرّاحل غسّان كنفاني، لقد اختيرت لأنّها تمثّل قضيّة كبرى تشغل بال الكثير من النّاس والمجتمع العربيّ والغربيّ على حدٍّ سواء، التّجربة جدًّا رائعة، لم أكن أتصوّر حجم المشاعر التي يحملها الطّلبة تجاه القضية الفلسطينيّة من مختلف البلاد وطريقة تفاعلهم مع المادّة المقدّمة لهم.  

أماني مصلح- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ ليس هناك شكل محدّد للتعليم، فأسلوب التعليم المستخدم يجب أن يتناسب مع المحتوى التعليميّ الذي سنقوم بتدريسه.  وعلى المعلّم أن يوظّف استراتيجيّات التعليم حسب ما يتوافق وموضوعه، وما يلبّي حاجات طلبته. أنا من مؤيّدي التعلّم النشط والتفكير الناقد والمحاكاة، بما أنّ الطالب هو محور العمليّة التعليميّة، فإنّ أيّ وسيلة للتعليم يجب أن تتمركز حوله، في حين يكون دور المعلّم ميسّرًا وموجّهًا لسير العمليّة التعليميّة. وقد وجدت أنّ الطلبة يميلون كثيرًا للتطبيق، فهم يحبّون التعلّم من خلال تمثيل الأدوار، وتسجيل الفيديوهات، والألعاب التربويّة المختلفة، والمجموعات. فهذه الأساليب تخلق جوًّا من المنافسة النزيهة بينهم، والتي تحثّهم على محاولة الوصول إلى أقصى إمكانيّاتهم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يعدّ اكتساب المهارات الاجتماعيّة أحد أكثر المهارات أهمّيّة، والتي لا يمكن أن ينجح الإنسان من دونها. صحيح أنّ المعرفة العلميّة مهمّة جدًّا، لكنّها لا يمكن أن تنجح من دون مهارات اجتماعيّة؛ فإذا امتلك أحدهم المعارف العلميّة، وكان منطويًا بغير مهارات اجتماعيّة، سنجد أنّه مع الوقت، فشل في النجاح. نحن نعيش في عصر العلاقات الاجتماعيّة، وإذا كنت من الأشخاص الذين لديهم مهارات اجتماعيّة ستكون قادرًا على التواصل مع مختلف الأشخاص باختلاف ثقافاتهم. أعتقد أنّ أحد أكبر الأسباب التي كانت تخرّج لنا جيلًا يمتلك مهارات معرفيّة من دون المهارات الاجتماعيّة، كان ارتكاز التعليم على التلقين: الطالب يُلقّن المعلومة من دون أن تتاح له الفرصة في أن يكون جزءًا منها. في حين أنّ الأساليب التعليميّة الحديثة التي تركّز على جعل الطالب محور العمليّة التعلّميّة، نمّت لديه المهارات الاجتماعيّة.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ المعلّم ليس فقط مصدر المعلومات للطالب، بل هو المربّي والمرشد، وبل الأمّ والأب وقت الحاجة. هو من يزرع القيم ويعلّم الأخلاق، وينمّي شخصيّة الطالب، ويبني جيل المستقبل. مهمّة المعلّم لا تقف عند تلقين معلومة أو تعليم معرفة، بل هي أسمى وأكبر من ذلك. نحن في عصر الذكاء الاصطناعيّ، لكن من يسيّر هذا العصر هو الإنسان نفسه، من يصنع هذه التكنولوجيا هو الإنسان نفسه، لا نستطيع الاستغناء عنه. نستخدم التكنولوجيا بما نحتاج إليه، وبالقدر الذي يساعد في إيصال المعرفة إلى الطالب وفي حين الحاجة إليها، وليس في كلّ وقت.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ عندما تكون العلاقة بين المشرف التربويّ والمعلّم مبنية على الثقة والتعاون والتوجيه، وألّا يكون دور المشرف اصطياد هفوات المعلّمين، بل توجيههم ومساعدتهم في الوصول إلى التميّز.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ الموقف هو الحكم في هذا الأمر. نحن كمعلّمين ومعلّمات نواجه بشكل يوميّ المشاحنات بين الطلبة، أو حتّى بين الطلبة والمعلّمين أنفسهم. يعتمد أسلوب حلّ النزاعات على الموقف نفسه، وأرى بدايةً أنّ أهمّ سلوك هو الحوار. وللمعلّم دور كبير في التأثير في سلوك الطلبة، وكيفية تعامله معهم تساعد في حل النزاعات بينهم، والتي غالبًا ما تكون نابعة من الغيرة، وليست مشاحنات كبيرة، وحلّها يكون في محاولة فهم كلّ طرف وسماعه. ويمكن أن تخصّص جلسات إرشاديّة للطلبة مع المرشد التربويّ، فدوره في متابعة سلوك الطلبة أساسيّ وضروريّ.    هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ لكلّ ما هو موجود في حياتنا إيجابيّات وسلبيّات، لكنّ الأمر يعتمد على كيف نوظّفها، وكيف نستخدمها. الأدوات التكنولوجيّة مهمّة في العمليّة التعلّيميّة، لكنّ استخدامها مرتبط بتحقيق هدف معين، ويجب ألّا تستخدم بعشوائيّة لمجرّد أن نوظّفها.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ أعتبر أنّ جند المرء أهله، هم السند والسدّ الحصين. وإذا ما كنّا نسعى للنجاح، فذلك لأنّنا نريد أن نكبر في عيون ذوينا. وللأهل الدور الأكبر في تعزيز الطفل وتشجيعه، ومتابعته في الأمور التعليميّة والسلوكيّة والاجتماعيّة؛ فالطفل ظلّ والديه، يقلّدهم ويخطو خطواتهم.  لذلك، كأهل علينا أن ننتبه في أيّ طريق نسير.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا يمكن التخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل، فكما نحن بحاجة إلى أن نتعلّم التقنيات والتطبيق والمراحل العمليّة. نحن بحاجة بداية، إلى أن نتعلّم المراحل النظريّة والمعرفيّة، وإلى أن يكون أمامنا شيء ملموس نستطيع أن نبحث من خلاله. وعلى الصعيد الشخصيّ، أستمتع كثيرا حينما أمسك كتابًا بيدي، أتصفّحه وأدرسه، ولا أفضّل أن أقرأه من خلال الشاشات.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ ليست هناك مدّة أو وقت معيّن لعدد ساعات الدوام. فبالنسبة إليّ الأهمّ هو ماذا نقدّم إلى الطالب خلال هذه الساعات، ما المهارات التي سيكتسبها الطالب؟ وما مقدار الفائدة التي حصل عليها؟   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. كشخص يعشق القراءة ويتابع دائمًا الروايات والكتب، يصعب عليّ أن أحدّد رواية أو كتابًا معيّنًا، لكنّي أرى أنّ الخيار الأقرب هو رواية الخيميائيّ لباولو كويلو، والتي تدور حول شاب يريد الذهاب في رحلة استكشاف، لكنّه يكتشف بعدها أمور العالم والحياة والإنسان. ومن الجمل التي لفتت انتباهي في الرواية "ولكن كيف يمكنني التنبّؤ بالمستقبل؟ بفضل إشارات الحاضر، ففي الحاضر يكمن السرّ". وعلاقة هذه الرواية بالتعليم، أنّنا كلّما خضنا في رحاب المعرفة وتوسّعت دائرة البحث لدينا، تعلّمنا أكثر واكتشفنا أكثر. هذه الرواية تعلّمنا الصبر والعمل الجادّ والسعي، والكثير من القيم التي نحتاج إلى أن ندرّسها لطلبتنا.  

مصطفى أمين- معلّم لغة عربيّة- لبنان

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ إذا كنت طالبًا اليوم وأردت التعلّم، فسيكون الشكل الأمثل للتعليم بالنسبة إليّ هو "التعلّم الذاتيّ"، وهو يعني توفير موارد تعليميّة متنوّعة وسهلة الوصول عبر الإنترنت، مثل مقاطع الفيديو التعليميّة، والمقالات والكتب الإلكترونيّة التي يمكن تحميلها وطباعتها. كما أفضّل بيئة تعليميّة تشجّع على الاستقلاليّة والمبادرة، مع توجيه ودعم من المعلّمين والموجّهين عند الحاجة. العنصر الأساسيّ هو توفير فرص للتفاعل مع الموادّ التعليميّة، وتطبيقها عمليًّا في سياقات حقيقيّة.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن توفير التوازن بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة من خلال البرامج التعليميّة الحديثة التي تدمج بين الجوانب العلميّة والاجتماعيّة، أو حتّى تلك المناهج التقليديّة التي يستطيع المعلّم بدوره إدماج هذه المهارات في حصّته التعليميّة، وفق مهارات القرن الحادي والعشرين. يمكن تضمين أنشطة تعاونيّة ومشاريع جماعيّة، ضمن مناهج العلوم والرياضيّات لتعزيز المهارات الاجتماعيّة، مثل التعاون وحلّ المشكلات. كما يمكن تضمين تدريبات الاتّصال والتفاعل الاجتماعيّ في البرامج العلميّة للموادّ الأدبيّة، لتعزيز مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعيّ. هذا التوازن يساعد في تطوير طلّاب متوازنين، يمتلكون المعرفة العلميّة، والمهارات الاجتماعيّة اللّازمة للنجاح في الحياة الشخصيّة والمهنيّة.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ يتطلّب دور المعلّم في عصر الذكاء الاصطناعيّ فهمًا عميقًا للتكنولوجيا، وتأثيرها في المتعلّم وفي العمليّة التعليميّة. بالإضافة إلى تعزيز التفاعل الإنسانيّ، والتركيز على الجوانب الإنسانيّة للتعليم، مثل: التفاعل الشخصيّ، والدعم العاطفيّ الذي لا يمكن أن يقدّمه الذكاء الاصطناعيّ بالطريقة نفسها، وتعزيز التفكير النقديّ والإبداعيّ، بتشجيع الطلّاب على تطوير مهارات التفكير النقديّ والإبداعيّ، وهي المهارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعيّ استبدالها بالكامل.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة عندما يكون موجّهًا نحو تحسين الأداء، وتطوير المهارات، ودعم التطوّر المهنيّ للمعلّمين، وتعزيز التواصل. ويمكن أن يشجّع الإشراف التربويّ على التواصل الفعّال بين المعلّمين والإدارة التعليميّة، ما يعزّز التعاون وتبادل الأفكار، والممارسات التربويّة الجيّدة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ التوسّط والوساطة، حيث يمكن للمعلّم أو الناظر القيام بدور التّوسط بين الطلّاب المتنازعين للمساعدة في الوصول إلى حلّ وسط يرضي الجميع. وقد تشمل أطرافًا أخرى، مثل الوالدين، أو المستشار النفسيّ - الاجتماعيّ للمدرسة، إذا كانت النزاعات تتطلّب تدخّلًا إضافيًّا.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ الأدوات التكنولوجيّة يمكن أن تكون إيجابيّة في التدريس، عندما تستخدم بشكل متوازن وملائم من دون إفراط حتّى لا تشتّت انتباه الطلّاب، وتسهم في نقص التركيز في الحصّة، وعندما تكون متكاملة مع الأهداف والكفايات التربويّة لإشباع حاجات الطلّاب المعرفيّة والتربويّة. كما يجب ألّا يشكّل الاعتماد على التكنولوجيا محاولة لتعويض التفاعل الحقيقيّ بين المعلّم والطلّاب، بل يجب استخدامها كأداة لتعزيز التفاعل، وتحسين تجربة التعلّم.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تدخّل الأهل يمكن أن يكون مصدر دعم قويّ في تعلّم أبنائهم، عندما يتمّ بحكمة وعناية، وعندما يكون متناسبًا مع احتياجات الطلّاب ومستوى استقلاليّتهم. كما يكون تدخّل الأهل أكثر فعاليّة عندما يكون هناك تواصل جيّد بينهم وبين أبنائهم، حيث يتيح ذلك لهم فهمًا أفضل لاحتياجاتهم وتقديم الدعم المناسب.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ يمكن أن يكون الحلّ الأمثل هو الاستفادة من مزيج من الوسائل التعليميّة، بما في ذلك الكتب المدرسيّة والموارد التكنولوجيّة الأخرى، مثل اللّوح الذكيّ بهدف توفير تجربة تعليميّة متوازنة وشاملة، تلبّي احتياجات جميع الطلّاب، وتعزّز عمليّة التعلّم بشكل فعّال. وما يزال يعتبر الكتاب المدرسيّ جزءًا مهمًّا من الوسائل التعليميّة، ويوفّر أساسًا قويًّا للمعرفة في العديد من المواضيع.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ يجب أن تكون متوافقة واحتياجات التعلّم الطلّابيّة، والمتطلّبات الاجتماعيّة والترفيهيّة. برأيي، من الأفضل أن يتراوح الدوام المدرسيّ اليوميّ بين 4 إلى 6 ساعات كحدّ أقصى، وألّا يكون في الصباح الباكر جدًا، على الأقلّ أن يبدأ بين التاسعة والعاشرة صباحًا لضمان توافق نظام صحّيّ وبدنيّ للطالب، إذ يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ متوافقة مع احتياجات الصحّة العامّة للطلّاب، بما في ذلك النوم الكافي، والنشاط البدنيّ. كما أرى أنّه من الضروريّ الموازنة بين العمليّة التعليميّة والترفيهيّة، فمن الأفضل أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ كافية لتلبية احتياجات التعلّم الأكاديميّ والتطوير الشخصيّ، وفي الوقت نفسه يجب أن تترك مساحة للنشاطات الترفيهيّة والاجتماعيّة، وكذلك المتابعة التعليميّة للطالب بعد المدرسة.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. تجربتي في التعليم قد تُشبه بعض الجوانب التي تمثّلها رواية "هكذا تكلّم زرادشت" لنيتشه. فهذه الرواية تتناول الفلسفة والفكر بشكل مُلهم ومحفّز للتفكير العميق، وهو ما يعكس تجربتي في التعليم التي كانت محفّزة للاستكشاف والتحليل. بالإضافة إلى ذلك، تتحدّث الرواية عن مسارات التفكير المختلفة، وتحدّي الافتراضات المسبقة، وهو ما يُشبه تجربتي في التعلّم والتعليم، حيث كنت أبحث دائمًا وطلّابي عن فهم أعمق وأوسع للمواضيع التي درّستها. أمّا بالنسبة إلى سبب اختيار هذه الرواية، فقد جذبني عنوانها البسيط، مع عمق المعنى الذي ينطوي عليه. وتمثّل الرواية تحدّيًا فلسفيًّا مثيرًا، وهو ما دفعني لاختيارها للتعبير عن تجربتي في التعليم ومهارات التفكير.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

مسائل الطفل الرياضيّة: كيف أجعلها التحدّي المفضّل لطفلي؟

غالبًا ما تعدّ مادّة الرياضيّات موضوعًا صعبًا بالنسبة إلى الأطفال، ولكن، مع اتّباع النهج الصحيح، يمكن أن تصبح مسائل الرياضيّات التحدّي المفضّل لطفلك. تشجيع الموقف الإيجابيّ تجاه الرياضيّات منذ سنّ مبكرة لا يعزّز حبّ تعلّم مادّة الرياضيّات فحسب، بل يبني المهارات الرئيسة لحلّ المشكلات أيضًا.   في هذه المقالة، سوف نستكشف استراتيجيّات فعّالة لجعل المسائل الرياضيّة نشاطًا جذّابًا وممتعًا لطفلك.    كيفيّة تقوية قدرة حلّ المسائل الرياضيّة للطفل تحتاج تقوية قدرة طفلك على حلّ المسائل الرياضيّة إلى شحن شغفه تجاه المادّة. يمكنك المساعدة في تغيير وجهة نظر طفلك بتنفيذ هذه الاستراتيجيّات: حاول أن تعرف الأسباب من السهل أن تعرف أنّ طفلك لا يحبّ الرياضيّات، ولكن من المهمّ أن تعرف الأسباب والصعوبات التي يواجهها طفلك في المادّة. لذلك، اجلس مع طفلك وحاول أن تفهم منه المهارات التي يواجه صعوبة فيها، وحاول تبسيط المشكلة الكبيرة أمامه إلى مشكلات صغيرة تحلّاها معًا.  اللجوء للتكنولوجيا  غالبًا ما يشعر الأطفال بالملل من أسلوب التدريس نفسه. لذلك، يمكنك تغيير الروتين قليلًا باستغلال أساليب التعليم التكنولوجيّة، لكسر الرتابة والملل في استقبال المعلومات. هناك العديد من التطبيقات التعليميّة والمنصّات الإلكترونيّة المصمّمة لجعل مادّة الرياضيّات أكثر متعةً للأطفال، باحتوائها صورًا ملوَّنة وأنشطة تفاعليّة وشخصيّات متحرِّكة تجذب انتباه الطفل.  بدِّل الأدوار شجِّع طفلك على اللعب في المدرسة، واسمح له أن يؤدّي دور المعلّم. اختر له مثلًا مهارة حسابيّة يتقنها، واطلب إليه أن يعلّمك المهارة بكلماته الخاصّة واجعل هذا نشاطًا روتينيًّا عند تدريسه الرياضيّات في المنزل. تسهِّل قدرة طفلك على إعادة تدريس مهارة ما للآخرين عليه إتقان المهارة وترسيخها في عقله.   دمج الرياضيّات في الحياة اليوميّة  هناك العديد من الفرص التي تتيح استخدام المهارات الحسابيّة خارج الفصل الدراسيّ، ودمجها مع الأنشطة الروتينيّة، كإشراك طفلك في عمليّة التخطيط لقائمة البقالة، وتشجيعه على عدّ المحالّ أو الأشجار أثناء ركوب السيّارة، والتعرّف إلى أنواع الأشكال المختلفة في البيئة.   ربط الرياضيات باهتمامات الطفل  استخدم اهتمامات طفلك لربطها مع مادّة الرياضيّات. مثلًا، إذا كان طفلك مهتمًّا بالموسيقى، فاطلب إليه تلحين مهارة حسابيّة معيّنة. وإذا كان يحبّ الطبخ، دعه يقوم بقياس مقادير الوصفات بزيادة كمّيّة المكوِّنات أو تقليلها، بناءً على حجم الحصص، وغيرها من الاهتمامات الخاصّة بطفلك. تحدّث إلى معلّم طفلك  لا تنتظر حتّى يجد طفلك صعوبة في معرفة ما يجب أن يتعلّمه في صفّ الرياضيّات، حيث إنّه من الأفضل التحدّث إلى معلّم الرياضيّات، لأنّه على الرغم من أنّ المحتوى لم يتغير كثرًا منذ أن كان أهل اليوم في المدرسة، إلّا أنّ الطرق التي نعلِّم بها قد تغيّرت.  اتّجه للعب  يستمتع طفلك بالتعلّم باللعب، حيث يمكن لألعاب الطاولة وألعاب النرد أن تساعد طفلك على جمع الأرقام وطرحها، من دون الحاجة إلى العدّ. فالمهارات التي يكتسبها طفلك من الألعاب تبني لديه حسًّا رياضيًّا تلقائيًّا.  لا تنقل لطفلك السلبيّة  احرص على عدم نقل أفكارك السلبيّة عن الرياضيّات لطفلك، إذ يتأثّر طفلك برأيك كثيرًا في هذه الأوقات خاصّةً. لذلك، ساعده على تحسين موقفه تجاه مادّة الرياضيّات بإظهار ثقتك عند حلّ المسائل الرياضيّة أمامه وإشعاره بسهولتها. يمكنك أن تدرس مادّته جيّدًا قبل أن تشرحها له.  احتفل بإنجازات طفلك  يساعد التعزيز الإيجابيّ طفلك على قطع شوطٍ طويلٍ في تعزيز ثقته بنفسه، ممّا يسهم بطبيعة الحال في تنمية حبّه الرياضيّات. احتفل بإنجازات طفلك مهما كانت صغيرة، سواء أتعلّق الأمر بحلّ مشكلة صعبة، أم بإتقان مفهوم جديد، أم بإكمال مجموعة من المشكلات إكمالًا مستقلًّا. اعترف بجهوده دائمًا واثنِ عليها.   * * * يتطلّب تحويل مسائل الطفل الرياضيّة إلى التحدّي المفضَّل له الكثير من الصبر والإبداع والرغبة في استكشاف الأساليب المختلفة. فيمكنك تحويل الرياضيّات إلى نشاط ممتع لطفلك، بجعلها متّصلةً بحياته اليوميّة، ودمجها في فترات اللعب، وتخصيص تجارب التعلّم، والاستفادة من التكنولوجيا، والاحتفال بإنجازاته. وعليه، لن تحسّن تنمية موقف إيجابيّ تجاه الرياضيّات في وقت مبكر من حياة طفلك أداءه الأكاديميّ فحسب، بل ستؤسِّس عنده حبّ التعلّم مدى الحياة.   المراجع https://teachthemdiligently.net/blog/7-tips-to-help-your-child-love-math/    

كيف تقدّم الدعم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة؟

تعدّ تربية أيّ طفل مهمّة مليئة بالتحدّيات، وقد تكون هذه التحدّيات أكبر عندما يكون الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة، إذ غالبًا ما يجد أهالي أطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة أنفسهم يبحرون في مياه مجهولة، ويواجهون تحدّيات فريدة. ومع ذلك، تمكّنهم الموارد والاستراتيجيّات المناسبة من تزويد أطفالهم بالدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق النجاح. في هذه المقالة، نستكشف بعض الطرق الرئيسة لدعم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة.     كيف تقدّم الدعم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة؟    في ما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة:      تثقيف النفس  فهم حالة طفلك خطوة أولى نحو تقديم الدعم الفعّال. خذ الوقت الكافي للبحث والتعرّف بالتفصيل إلى تشخيص حالته والتحدّيات والعلاجات المتاحة. تواصَل مع العيادات والمنظّمات المعنية بتلبية احتياجات طفلك والبدء بالعلاج، فكلّما كنت مطّلعًا أكثر على حالة طفلك، كنت جاهزًا أكثر لاتّخاذ قرارات مدروسة بشأن رعايته.     بناء شبكة دعم   قد تكون تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة تحدّيًا عاطفيًّا وبدنيًّا. لذلك، من الضروريّ بناء شبكة دعم قويّة تساندك في هذه المهمّة. قد تشمل هذه الشبكة أفراد الأسرة والأصدقاء والمعلّمين والمعالجين، أو حتّى أهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة. أحط نفسك بأشخاص يفهمون موقفك ويمكنهم تقديم المساعدة العمليّة والدعم العاطفيّ لك.     مراقبة الطفل   راقب تقدّم طفلك باستمرار، وابقِ خطوط التواصل مفتوحة مع المعلّمين والمعالجين واختصاصيّي الرعاية الصحّيّة للبقاء على اطّلاع بتطوّر طفلك، وأيّ تحدّيات قد يواجهها. وكن سبّاقًا في معالجة المشكلات وطلب الدعم أو الموارد الإضافيّة الضروريّة، حيث تُعدّ المتابعة والمراقبة أمرين أساسيّين لدعم احتياجات طفلك المتطوّرة دعمًا فعّالًا مع مرور الوقت.     يمكن أن يكون اللعب علاجيًّا  إشراك طفلك في الأنشطة الجماعيّة، مثل الفنّ، أو المعسكرات، أو الرياضة يمنحه فرصة للتواصل الاجتماعيّ خارج المنزل، وبناء الثقة، وتكوين صداقات دائمة. كما يعدّ تشجيعه على تجديد نشاطه بممارسة التمارين الرياضيّة، أو تعلّم مهارة جديدة، أمرًا قيّمًا لعقل طفلك وجسده في طور نموّه.     الوصول إلى الخدمات المتخصّصة   اعتمادًا على احتياجات طفلك، قد يحتاج إلى الوصول إلى الخدمات المتخصّصة، مثل العلاج، أو الدعم التعليميّ، أو الرعاية الطبّيّة، أو التكنولوجيا المساعدة. اعمل مع اختصاصيّي الرعاية الصحّيّة والمعلّمين والمعالجين، بهدف الوصول إلى الخدمات التي من شأنها أن تدعم نموّ طفلك ورفاهه دعمًا أفضل. كما يمكن أن تكون برامج التدخّل المبكِر مفيدة في معالجة تأخّر النموّ، وتوفير الدعم اللازم خلال سنوات التكوين الأولى.     خلق بيئة منظّمة   غالبًا ما يتحسّن طفل ذو الاحتياجات الخاصّة في بيئة منظَّمة تتميّز بالاتّساق والاستقرار. لذلك، استخدم الوسائل المرئيّة والأدوات الأخرى لمساعدة طفلك على تنظيم أنشطته الروتينيّة والالتزام بها. يمكن أن يساعد هذا الجدول طفلك مساعدة غير مباشرة في تحسين سلوكه، وذلك بتعزيز استقلاليّته.      تشّجيع الاستقلال والدفاع عن الذات   في حين أنّ تقديم الدعم لطفلك أمر ضروريّ، إلّا أنّه من المهمّ كذلك تعزيز قدرته على الدفاع عن نفسه، حيث تزرع هذه المهارة في داخله المرونة والثقة بالنفس؛ ممّا يفيده على المدى الطويل. فتعليم طفلك المهارات المناسبة لعمره، يشجّعه على التعبير عن احتياجاته وتفضيلاته.   الصبر والمرونة تتطلّب تربية طفل ذي الاحتياجات الخاصّة الصبر والمرونة. فقد يكون تقدّم طفلك عمليّة بطيئة نظرًا لاختلافه، ولكن لا يجعلك اختلاف طفلك تتغاضى عن تميّزه. لذلك، احتفل بأبسط إنجازاته، وكن صبورًا على انتكاساته. عدّل منهجك حسب الحاجة، وكن على استعداد لتجربة استراتيجيّات وتقنيّات جديدة لدعم نموّ طفلك وتطوّره.     عدم إهمال الذات  يمكن أن تكون رعاية طفل ذي الاحتياجات الخاصّة عمليّة مرهقة لمقدّمي الرعاية. لذلك، من الضروريّ منح الأولويّة لرفاهك في بعض الأوقات. خذ فترات راحة عند الحاجة، واطلب الدعم من الآخرين، ومارس أنشطة الرعاية الذاتيّة التي تساعدك على إعادة شحن طاقتك والحفاظ على صحّتك الجسديّة والعاطفيّة. فبعنايتك بنفسك تكون أقدر على تقديم الدعم الذي يحتاج إليه طفلك.    * * *  تمثّل تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة تحديًّا فريدًا من نوعه، ولكن مع الصبر والحبّ والدعم، يمكن للوالدين خلق بيئة صحّيّة تمكِّن طفلهم من التطوّر والازدهار. فبتثقيف نفسك، وبناء شبكة دعم قويّة، والوصول إلى الخدمات المتخصّصة، وإنشاء بيئة منظّمة، والتحلّي بالصبر والمرونة، وإعطاء الأولويّة للرعاية الذاتيّة، يمكنك تزويد طفلك بالدعم الذي يحتاج إليه لتحقيق أقصى إمكاناته.      المراجع  https://www.geisinger.org/health-and-wellness/wellness-articles/2018/09/20/16/52/five-tips-for-raising-a-child-with-special-needs    https://www.helpguide.org/articles/family-caregiving/parenting-a-child-with-a-disability.htm     

ثقافة الطفل الجغرافيّة: بوّابة طفلك إلى دول العالم

مع ترابط العالم والانفتاح على الدول، أصبح فهم الثقافات المختلفة وتقدير التنوّع الجغرافيّ أهمّ من أيّ وقت مضى. فتعريف الأطفال بالثقافة الجغرافيّة لا يوسِّع آفاقهم فحسب، بل يعزِّز لديهم التعاطف والتسامح وإدراك الاختلافات أيضًا منذ سنّ مبكِرة. في هذه المقالة، نتعمّق في فوائد تدريس الجغرافيا للأطفال ونكتشف أفضل الممارسات للقيام بذلك.     لماذا عليك تثقيف طفلك جغرافيًّا؟   الثقافة العامّة بحدّ ذاتها مهمّة لطفلك، والثقافة الجغرافيّة جزء لا يتجزّأ من هذه الأهمّيّة. إليك أبرز فوائد تعليم طفلك الثقافة الجغرافيّة:      الوعي الثقافيّ  تساعد الثقافة الجغرافيّة طفلك على الغوص في نسيج غنيّ من الثقافات واللغات والتقاليد وأنماط الحياة من جميع أنحاء العالم. وبهذه المعرفة، يطوّر الطفل فهمًا وتقديرًا أعمق لتنوّع التجارب الإنسانيّة. وبالتعرّف إلى العادات والمعتقدات والقيم المختلفة، يكتسب طفلك نظرة ثاقبة حول تعقيدات الهويّة الثقافيّة، والطرق التي يعبِّر بها الناس عن أنفسهم ضمن أصولهم الثقافيّة الفريدة. وبهذا، يعزِّز هذا الفهم الاحترام والتعاطف، ويشجِّع الطفل على التعامل مع الثقافات غير المألوفة بعقل منفتِح ومتفهّم.      إدراك المنظور العالميّ  يوفّر تعليم الجغرافيا للأطفال رؤية شاملة للعالم، مع التركيز على الترابط بين الأشخاص والأماكن والبيئات في جميع أنحاء المناطق الجغرافيّة. وبالتعرِّف إلى الثقافة الجغرافيّة منذ الصغر، يَسهُل على طفلك فهم شبكات التجارة العالميّة، وأنظمة الاتّصالات، والترابط البيئيّ عند النضج؛ ممّا يسهم في فهمه كيفيّة تأثير أيّ إجراء يحصل في منطقة جغرافيّة ما، في منطقة جغرافيّة أخرى. يشجِّع هذا الوعي الأطفال على النظر في الآثار الأوسع لتصرّفاتهم وقراراتهم؛ ممّا يعزِّز الشعور بالمسؤوليّة تجاه المجتمع العالميّ. من هنا، يتطوّر لدى الأطفال شعور بالتعاطف والتضامن مع الناس من خلفيّات متنوّعة، بالاعتراف بمكانتهم ضمن سياق عالميّ أكبر.    مهارات التفكير النقديّ   يعزِّز تعليم الجغرافيا التفكير النقديّ عند الأطفال بتشجيعهم على تحليل الظواهر الجغرافيّة. وبدراسة الخرائط والرسوم البيانيّة، سوف يطوّر الطفل القدرة على طرح الأسئلة حول العوامل التي تشكِّل المناظر الطبيعيّة الجغرافيّة. يزوّد هذا النهج التحليليّ طفلك بمهارات قيمة في حلّ المشكلات، والتي يمكن تطبيقها في مختلف السياقات الأخرى.     التعاطف والرحمة   يعزِّز الأطفال التعاطف والرحمة تجاه الأفراد الذين يواجهون هذه المصاعب، ويتعلّمون الاعتراف بإنسانيّتهم ​​المشتركة مع أشخاص من خلفيّات مختلفة، بتعلّم الطفل المناطق الجغرافيّة المختلفة، ولا سيّما المتضرّرة من الكوارث الطبيعيّة أو الصراعات أو عدم المساواة الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فالشعور بالمسؤوليّة تجاه المجتمع العالميّ يحفِّز الأطفال على اتّخاذ أدوار تناسب أعمارهم، لتعزيز التغيير الإيجابيّ في العالم.    الاستعداد للمستقبل  يطوِّر الأطفال القدرة على التنقّل في فهم الثقافات المختلفة والتعاون بفعّاليّة مع أشخاص من خلفيّات متنوّعة، بفهم الاختلافات الجغرافيّة. تعمل هذه الكفاءة العالميّة على إعداد الأطفال ليصبحوا في المستقبل مواطنين مسؤولين، وقادرين على الإسهام إسهامًا إيجابيًّا في مجتمع عالميّ سريع التغيّر.     ما وسائل تعليم الطفل الثقافة الجغرافيّة؟  على الرغم من أنّ الثقافة الجغرافيّة متشعّبة، وقد تكون معقّدة في بعض الأحيان، إلّا أنّه من الممكن تبسيطها لطفلك وفق وسائل تعليميّة ممتعة ومثرية. إليك أهمّها:      التعليم بالأنشطة   - مهارات الخرائط: زوِّد طفلك بخرائط مبسّطة، أو مقسّمة على مختلف البلدان والقارّات والمناطق، وعلِّمه كيفيّة قراءة الخرائط وتحديد المعالم الجغرافيّة الرئيسة، وتحديد البلدان والمدن والمعالم.   - استكشاف الكرة الأرضيّة: استخدم الكرات الأرضيّة لمساعدة الأطفال على تصوّر شكل الأرض الكرويّ، وفهم مفاهيم خطوط الطول والعرض وخطّ الاستواء في وقت متقدِّم من مراحل تعليمه.   - صناعة النماذج: شجِّع طفلك على إنشاء نماذج للمعالم الشهيرة، أو المناظر الطبيعيّة أو الجغرافيّة، باستخدام مواد مثل الصلصال أو مكعبّات الليجو.     موارد الوسائط المتعدّدة  - مقاطع الفيديو والأفلام الوثائقيّة: اعرض لطفلك مقاطع فيديو وأفلامًا وثائقيّة تعليميّة تحتوي على ثقافات ومناظر طبيعيّة، وحياة برّيّة مختلفة من جميع أنحاء العالم.   - مواقع الويب التفاعليّة: استكشف مواقع الويب والتطبيقات التفاعليّة المصمَّمة للأطفال، والتي تقدِّم جولات افتراضيّة واختبارات وألعاب تجعل تعلّم الجغرافيا جذّابًا وتفاعليًّا.   - السلسلة الوثائقيّة: عرِّف طفلك بالسلسلة الوثائقيّة التي تركِّز على الجغرافيا، مثل National Geographic Kids، أو Planet Earth، أو The Magic School Bus.     التجارب الثقافيّة -استكشاف المطبخ: اصطحب طفلك إلى مطاعم تقدِّم أطعمة من مناطق جغرافيّة مختلفة، حيث يمكن لطفلك تذوّق الأطعمة من بلدان مختلفة، وفهم الثقافات المختلفة في كلّ منطقة جغرافيّة.    -احتفالات الأعياد: إذا صادفت مع طفلك أيّ مهرجان دوليّ، أشرِكه فيه لتساعد طفلك على التعرّف إلى العادات والتقاليد والطقوس المرتبطة بكلّ منطقة جغرافيّة.   -التبادل الثقافيّ: خذ طفلك إلى جلسات أحداث التبادل الثقافيّ إن توافرت، حيث يمكنه التفاعل مع أفراد من خلفيّات ثقافيّة مختلفة، وتبادل القصص والتقاليد والخبرات.     الرحلات الميدانيّة  - زيارات المتاحف: اصطحب طفلك في رحلات ميدانيّة إلى المتاحف التي تحتوي على معروضات عن ثقافات العالم والجغرافيا والتاريخ، واسمح لهم باستكشاف القطع الأثريّة والخرائط الجغرافيّة المختلفة.   - المراكز الثقافيّة: زر المراكز الثقافيّة أو المجتمعات الدوليّة داخل مدينتك، حيث يمكن لطفلك تجربة المأكولات واللغات والعادات المتنوّعة تجربة مباشرة.  - الرحلات الطبيعيّة: استكشف المعالم الطبيعيّة والجغرافيّة، مثل الجبال والأنهار والغابات مع طفلك، ومحاولة فتح حوار مبسَّط معه حول العمليّات الجيولوجيّة التي شكّلت هذه المناظر الطبيعيّة.     الألعاب والأنشطة   - اختبارات الجغرافيا: اطرح بعض الأسئلة الجغرافيّة البسيطة لاختبار معرفة طفلك بجغرافيا العالم.   - تحدّيات الألغاز: ابحث عن ألغاز ممتعة أو كلمات متقاطعة متعلّقة بالجغرافيا. فيمكن لطفلك حلّها حلًّا فرديًّا أو مع أصدقائه.   - تحدّيات الخريطة: يمكن تعليم طفلك الإحداثيّات بإنشاء خريطة وهمّيّة لنشاط "البحث عن الكنز"، لتتحدّى قدرته على التنقّل إلى مواقع مختلفة بناءً على الأدلّة أو الإحداثيّات.     تشجيع الاستكشاف   - الجولات الافتراضيّة: استفد من تقنيّة الواقع الافتراضيّ (VR) لتقديم جولات افتراضيّة للمعالم الشهيرة، أو المتاحف، أو العجائب الطبيعيّة والجغرافيّة من جميع أنحاء العالم.   - مذكّرات السفر: شجِّع طفلك على الاحتفاظ بمذكّرات أو هدايا تذكاريّة لرحلات سفره، لتوثيق مغامراته الافتراضيّة أو الواقعيّة لخلق ذكريات دائمة عن اكتشافاته الجغرافيّة.     * * *  تعدّ الثقافة الجغرافيّة بمثابة بوّابة الطفل لاكتشاف بلدان العالم، وتعزيز الوعي الثقافيّ والمنظور العالميّ ومهارات التفكير النقديّ. وبدمج أفضل الممارسات مثل التعلّم العمليّ، وموارد الوسائط المتعدّدة، والتجارب الثقافيّة، والتكامل مع موضوعات أخرى، يمكن للآباء والمعلّمين زرع حبّ الجغرافيا في الطفل مدى الحياة، وإعداده ليصبح مواطنًا ناضجًا داخل منطقته الجغرافيّة وخارجها.      المراجع  https://globallytaught.com/blog/geography-for-kids/