الرئيسية

في هذا العدد

العدد (20) ربيع 2025

الأهل والمدرسة: علاقة تكامليّة لم تكتمل بعد، طرحت منهجيّات موضوع الشراكة بين الأهل والمدرسة لخطورته، والتي يشكّل الاعتقاد السائد بأنّ "العلاقة الطبيعيّة" بين الأهل والمدرسة، تكمن في سؤال الأهل عن أبنائهم وتحصيلهم وسلوكهم، وحضور بعض الاجتماعات مع المعلّمين.  في هذا الاعتقاد تنمو إشكاليّتان مقلقتان الأولى تتجسّد في تخلّي الأهل عن حقّهم في مشاركة تخطيط تعلّم أبنائهم، وترك الأمر لإدارات المدارس. وهنا نقع في إشكاليّات نوع المدرسة، وتوجّهها، ومنهجها المُعتمد، وقدراتها، وغير ذلك ممّا يبني شخصيّة المتعلّمين وربّما يتحكّم في مستقبلهم وسلوكهم اللاحق. أمّا الثانية، فتكون في انفصال المدرسة عن محيطها، واختيارها منفردة ما يصل إلى أيديها من توجّهات ومناهج ومقاربات قد لا تكون بالضرورة مرتبطة بالمحيط الاجتماعيّ، ما ينمّي شعور الاغتراب في نفوس المتعلّمين، والذين يطّلعون على عالم مختلف عن بيئاتهم المتنوّعة. أضف إلى ما يشكّل ذلك من هدر لطاقات وتجارب اجتماعيّة يمكن للأهل أن ينقلوها إلى مجموع المتعلّمين، وذلك بورشات عمل ومحاضرات وأنشطة، تربط المتعلّمين بحيواتهم الحقيقيّة لا المتخيّلة، ولا سيّما مع واقع عيش المتعلّمين حيوات افتراضيّة في هواتفهم.

ملفّ العدد القادم

دعوة للكتابة في الأعداد القادمة

للمساهمة والكتابة في أعداد المجلّة القادمة، نستقبل مقالاتكم حول المواضيع التربويّة المختلفة عبر البريد الإلكترونيّ:  [email protected] تعالج مواضيع المقالات العامّة التربويّة في المجلّة قضايا التعليم والإدارة المدرسيّة وتطوير المعلّمين. وقد يكون موضوع المقال منطلقًا من تفكُّر ذاتيّ؛ تأمُّل في تجربة ما أو مراجعة لها أو مُشاركة لتجارب وأفكار مُختلفة، أو قد يكون نتاجًا لورشة أو ندوة أو مؤتمر، وربّما يكون مراجعة لكتاب أو مقالة استطاع الكاتب أن يختبر مقتضياتها في الصفّ، وأن يُدخل عليه ما يتناسب ووضع الصفّ والمدرسة بشكل عامّ، وأن يلمس بيده وروحه ما أدّت إليه في مسار المتعلّمين. المعارف، على أهمّيّتها، موجودة وباتت متاحة بلغات مختلفة، لكن تجربتكم الشخصيّة في تحويل المعرفة إلى ممارسة يوميّة أو استراتيجيّة ناجحة تلائم الواقع، هي الشعلة التي نرغب في نقلها إلى المُمارسين التربويّين في الحقل التعليميّ. للاطلاع على سياسات النشر في المجلّة سياسات منهجيات | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)، وفريق منهجيّات سيكون داعمًا وموجودًا للتواصلِ والمتابعة والمجاورة.  

أخبار تربويّة

المركز العربيّ الأوروبيّ يؤكّد أنّ تدمير التعليم في غزّة جريمة حرب موثّقة

أصدر المركز العربيّ الأوروبيّ لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ في مملكة النرويج تقريرًا حقوقيًّا خطيرًا تحت عنوان "الإبادة المعرفيّة والتعليميّة في قطاع غزّة"، يكشف فيه عن أبعاد المأساة التعليميّة والكارثة الإنسانيّة التي يعيشها القطاع نتيجة العدوان الإسرائيليّ المستمر. التقرير، الذي يُعدّ من أعمق التوثيقات الحقوقيّة الحديثة، أكّد أنّ ما يتعرض له قطاع التعليم في غزّة يُشكّل إبادة ممنهجة تستهدف محو البنية المعرفيّة والثقافيّة الفلسطينيّة، من خلال تدمير المدارس والجامعات ومراكز التعليم، وتهجير واغتيال المعلمين والطلّاب، إضافة إلى تقييد سبل الحصول على التعليم والمواد الدراسيّة. ووفقًا للتقرير، فإن أكثر من 95% من المنشآت التعليميّة في القطاع تعرضت لأضرار متفاوتة، كما تم تدمير أو إغلاق 88.5% من المدارس بشكل كامل أو جزئيّ. وأشار إلى أنّ نحو 600,000 طالب فلسطينيّ حُرموا من التعليم خلال العام الدراسيّ 2023/2024، في حين يحتاج القطاع إلى إعادة تأهيل ما لا يقل عن 30,000 معلّم ومعلّمة. كما كشف التقرير أنّ حجم الانتهاكات يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة بموجب القانون الدوليّ، مستندًا إلى اتفاقيات جنيف والإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والمواثيق الأمميّة التي تجرّم استهداف المؤسّسات التعليميّة أو حرمان الشعوب من حقها في التعليم.   المصدر (المركز العربيّ الأوروبيّ).

إطلاق كِتاب التعليم في زمن الحرب في جامعة كامبريدج بشراكةٍ بين منهجيّات والدراسات اللبنانيّة

كامبريدج، بريطانيا: أطلقت مجلّة منهجيّات بالتعاون مع مركز الدراسات اللبنانيّة كتابًا جديدًا بعنوان "التعليم في زمن الحرب: فِعلُ حياة"، وذلك أمس الخميس، ضمن فعاليّات مؤتمر "سياسات المعرفة والسلطة والنضال من أجل مستقبل أكاديميّ"، الذي استضافته جامعة كامبريدج. وعُقدت جلسة الإطلاق بمشاركة تربويّات وتربويّين من غزّة، ممن ساهموا في توثيق تجاربهم في التعليم خلال العدوان الإسرائيليّ، من خلال نصوص وشهادات نُشرت تباعًا في مدوّنة غزّة التابعة لمجلّة منهجيّات، تحت شعار "أيّ شيء إلّا الصمت"، ثم جُمعت هذه النصوص مع ترجمات مختارة من ملفّ العدد السادس عشر من المجلة في هذا الكتاب. وسلّطت الجلسة الضوء على الجهد المبذول لتحويل هذه الشهادات من "أدبيّات رماديّة" إلى أدبيّات سائدة، تُدرج في المسارات الأكاديميّة والبحثيّة، بما يُعزّز الاعتراف بدور المعلّمات والمعلّمين في إنتاج المعرفة التربويّة، حتى في أقسى ظروف الحرب والاحتلال. وشارك في الجلسة كلّ من الأستاذة سامية بشارة، المديرة التنفيذيّة لترشيد وعضوة الهيئة التأسيسيّة لمنهجيّات، والدكتورة مها شعيب، مديرة مركز الدراسات اللبنانيّة في كامبريدج، بالإضافة إلى الأساتذة منار الزريعي وأسماء مصطفى ومحمّد شبير، وهم تربويّون وكتّاب من غزّة شاركوا عبر الإنترنت. وأدارت الجلسة الدكتورة رباب تمش. وقالت أ. بشارة في مداخلتها: "لقد بدأت هذه الرّحلة مع عددٍ خاصٍّ من مجلّة منهجيّات، خصّص كاملًا لاستكشاف الكيفيّة التي يستمرّ بها التعلّم في ظلّ الحروب والنّزوح وحالات اللّايقين العميقة. ألهم هذا العدد حواراتٍ وتأمّلاتٍ، وسلّط الضّوء على التزامنا الجماعيّ بفهم الدّور الجوهريّ للتعليم في أزمنة الحرب. واليوم، تتوّج هذه الرّحلة بهذا الكتاب، تكريمًا دائمًا لتلك الجهود، وللحكايات التي يجب ألّا تنسى". وأضافت: "هذا العمل ما كان ليتحقّق لولا الدعم الهائل، والثقة، والتفاني من شركائنا. إلى كلٍّ منكم، نقول: شكرًا. إنّ إيمانكم بأهمّيّة هذا المشروع، وتعاونكم المثابر، والتزامكم الذي لا يلين، هو ما جعل هذا الحلم حقيقة. لقد خلقنا سويًّا شيئًا نأمل أن يلهم، ويعمّق الوعي، ويحرّك الفعل لسنواتٍ قادمة". واختتمت المداخلة بقولها إنّ: "التعليم في زمن الحرب: فعل حياة ليس مجرّد كتاب، إنّه إعلان أنّ التعليم ليس ترفًا، بل شريان حياة. لا يتوقّف عندما ينهار العالم من حولنا. بل يستمرّ، لأنّ الأمل يستمرّ. من خلال هذه الصفحات، نكرّم المعلّمات والمعلّمين، والطّلّاب، والمجتمعات التي أظهرت لنا المعنى الحقيقيّ للشّجاعة، والصّمود، والإنسانيّة". وأمّا د. شعيب فأوضحت في مداخلتها: "يجمع أصوات المعلّمين والمعلّمات في فلسطين المُحتلّة، في غزّة المحاصرة والمُستهدفة بالإبادة، في الضفّة الغربيّة الواقعة تحت الاحتلال، وفي لبنان الذي يتعرّض إلى هجمات متواصلة. هؤلاء المُعلّمون الذين علّموا وواسَوا وقاوموا أمام وجهٍ من أوجه الاحتلال الأكثر وحشيّة في عصرنا. كلماتهم، الصادقة القاطعة، تخترق الخطاب الملوّن المُعقّم لحقل "التعليم في أوقات الأزمات والنزاع". وهو حقلٌ لطالما جرت مناقشته في أروقة أكاديميّة مغلقة، وغرف اجتماعات معقّمة في منظّمات دوليّة، بعيدة عن أصوات الانفجارات ورائحة الدم. يسعى هذا الكتاب لمساءلة "الأرثوذكسيّات" المُهيمنة في الحقل الأكاديميّ، والتي تبنّى معظمها، منطق الهيئات المانحة المُهيمِن ومؤسّساتها التي أنشأت هذا الحقل وتُواصل الاستفادة منه، من دون مساءلة الجذور الأنطولوجيّة والإبستيمولوجيّة التي تكرّس هذا التسلّط". وأضافت: "ما الذي يصير إليه التعليم، حين تتحوّل المدارس إلى مقابر جماعيّة، وحين لا يبقى من الصفوف الدراسيّة سوى شظايا بين الركام؟ عندما يُرغم المعلّمون على أن يكونوا أكثر من مجرّد ميسّرين للتعلّم: حماةً من اليأس، ومهندسين للأمل في عالمٍ يسعى لمحوهم؟ هذا الكتاب شهادة، ورفضٌ للصمت".   وقدّمت أ. مصطفى مداخلة حول تدوينتها "في مدرسة الحرب على غزّة"، وهي شهادة مؤثّرة تصف كيف تحوّلت الحرب إلى مدرسة قسرية يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطينيّ، تجربة تعليميّة لا تُعلَّم في الكتب أو الصفوف. بعد السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، توقّفت الدراسة التقليديّة، وبدأت مرحلة تعلّم جديدة قوامها الألم والخبرة والنجاة. ترصد التدوينة كيف تعلّم أهل غزة، كبارًا وصغارًا، مهارات الحياة من تحت القصف، في مراكز الإيواء، ومن مشاهد الدمار والفقد. فالأطفال باتوا خبراء في التحليل السياسي، والناس صاروا يتقنون التخطيط البديل للحياة، ويجيدون التحمّل والتكيّف مع أقسى الظروف. تعلّموا الصبر، التأدّب في حضرة الموت، وفضيلة مواساة الآخرين، في وقت يفتك القصف فيه بكل مقومات الحياة. وأمّا أ. الزريعي فداخلت حول تدوينتها "كيف يبلغوننا أنّهم بخير هذه المرّة؟"، وهي شهادة شخصيّة، تستعرض فيها الفارق المؤلم بين العدوان الحالي على القطاع والحروب السابقة، لا سيّما في غياب القدرة على التواصل مع الأهل والطلّاب بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء والاتّصالات. في حروب سابقة، وعلى الرغم من القصف والخطر، استطاع المعلّمون تنظيم أنشطة نفسيّة واجتماعيّة لمساعدة الطلّاب على تجاوز الصدمة، مثل مبادرة "أبلغني أنّك بخير"، وتنشيط البرلمان الطلّابي، ومشاركة نصائح ودعم نفسي عبر الإنترنت. وقد تفاعل معها الطلّاب برسائل ورسومات ومقترحات عبّرت عن حاجاتهم ومخاوفهم. أمّا في العدوان الأخير، فالكاتبة تشهد على عجز غير مسبوق؛ فلا اتصال ولا وسيلة للاطمئنان على سلامة من تحبّ، ما يزيد من وطأة الشعور بالفقد والعجز. ومع ذلك، تستدعي الكاتبة من ذاكرتها تلك اللحظات التي استطاعت فيها، برفقة زميلاتها، أن تزرع معنى للوجود وللتعليم في قلب الحرب، مؤكّدة أن تلك التجارب كانت مصدرًا للأمل والصمود، في وقتٍ كان العالم فيه غائبًا. وداخل أ. شبير حول مقاله "مصطلحات جديدة تقتحم قاموس الطلبة الفلسطينيّين في ظلّ العدوان الإسرائيليّ"، والذي يوضّح فيهِ كيف شكّلت المفاهيم والمصطلحات التي خلّفتها الحرب الأخيرة على غزّة تعلّمًا جديدًا للطلبة الفلسطينيّين خارج السياق المدرسيّ، وبات من الضروريّ عليهم التعاطي معها وتوظيفها عمليًّا في السياقات الحياتيّة، مدركين أهمّيّة توظيفها في ممارساتهم اليوميّة. فهي حالة تعلّم جديدة قادتهم إلى حالة من الفعل والحراك اليوميّ مع هذه المصطلحات، لتشكّل حالة من الفاعليّة الإيجابيّة لاستثمار المحنة في زمن الحرب. وبمعنى آخر، حدَّ توقّف العمليّة التعليميّة في غزّة من تلقّي الطلّاب المعلومات والمعارف بإطارها الرسميّ، إلّا أنّ ممارسات الحرب بصورها المختلفة أحدثت تعلّمًا جديدًا بصورة غير نظاميّة، لكنّه تعلّم من الحياة وللحياة في زمن الحرب. وتجدر الإشارة إلى أنّ الكتاب يمثّل ثمرة تعاون بين مركز الدراسات اللبنانيّة ومجلّة منهجيّات. ويهدف إلى إبراز أصوات المعلّمين الذين يُعلّمون الأطفال في ظلّ حرب إبادة متوحّشة. وقد أَعدّت منهجيّات هذه المجموعة من المقالات باللغة العربيّة، ضمن ملفّ عددها السادس عشر بعنوان "التعليم في زمن الحرب". كما يتضمّن الكِتاب مجموعة تدوينات من "مدوّنة غزّة"، وهي، كذلك، منصّة أطلقتها منهجيّات مع بدايات الحرب على غزّة على موقعها الإلكترونيّ، لتجمع شهادات مؤثّرة وتأمّلات نقديّة من تربويّين يواجهون واقع الحرب والتهجير في فلسطين ولبنان. وحظي المشروع بدعم من بروكول لبنان، وجامعة كوليدج لندن (UCL)، ومركز البحث من أجل الوصول العادل إلى التعليم في كامبريدج (REAL Center). الكتاب كاملًا من هُنا.

منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة: إطلاق كِتاب التعليم في زمن الحرب الخميس المُقبل

تُطلق منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة كِتاب "التعليم في زمن الحرب: فِعلُ حياة"، الخميس المُقبل، السّاعة 16:45-18:15 بتوقيت القدس، ضمن فعّاليّات مؤتمر "سياسات المعرفة والسلطة والنضال من أجل مستقبل أكاديميّ". والكتاب هو ثمرة تعاون بين منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة. قام على فكرة ترجمة مقالات ملفّ ومحاورة عدد منهجيّات السادس عشر، بعنوان التعليم في زمن الحرب، وبعض نصوص مدوّنة غزّة، المنشورة على موقع منهجيّات والتي أطلقت مع بداية العدوان الإسرائيليّ على غزّة، لتُعلن شعار "أيُّ شيء إلّا الصّمت"، وتنشر مُباشرةً النصوص التي تصل من المعلّمات والمعلّمين هناك، والإنصات إلى أصواتهم، إذ يواصلون التدريس تحت الحصار، وسط القصف والاحتلال، والإبادة الجماعيّة. ويمثّل المشروع محاولة لتحويل هذه الأدبيّات من أدبيّات رماديّة (Gray literature) إلى أدبيّات سائدة (Mainstream)، بما يخدم الاعتراف الأوسع، كما الدمج في سياقات رسميّة ومعترف بها. تُشارك في الجلسة التي تعقد في جامعة كامبريدج: سامية بشارة، المديرة التنفيذيّة لترشيد، وعضوة الهيئة التأسيسيّة في مجلّة منهجيّات؛ الدكتورة مها شعيب، مديرة مركز الدراسات اللبنانيّة/ جامعة كامبريدج. مُستضيفين من غزّة حضوريًّا: الأستاذة منار الزريعي، كاتبة وتربويّة، مُشاركة في مدوّنة غزّة مع منهجيّات. وعبر الإنترنت: الأستاذة أسماء مصطفى، تربويّة ومعلّمة مؤثّرة، مُشاركة في العدد ومدوّنة غزّة، والأستاذ محمّد شبير، تربويّ وكاتب، مُشارك في العدد ومدوّنة غزّة. وتُدير الجلسة: د. رباب تمش. وأُنجز المشروع بدعمٍ من بروكول لبنان، وجماعة كوليدج لندن (UCL)، ومركز البحث من أجل الوصول العادل إلى التعليم في كامبريدج (REAL Center). للتسجيل في المؤتمر لحضور الجلسات: الرابط هُنا.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

شراكة المدرسة وأولياء الأمور: نموذج تشاركيّ لإعادة تعريف الدور التربويّ
في خضمّ التحوّلات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، تواجه المؤسّسات التعليميّة تحدّيات غير مسبوقة، تدفعها إلى إعادة النظر في أدوارها وو... تابع القراءة
كسر قيود التسلسلات الهرميّة اللغويّة: كيف يمكننا تغيير تصوّرات الأهل حول النزعة الأصليّة للمتحدّثين؟
قرأت شكسبير عندما كان عمري 14 عامًا، لأنّه ما تعلّمناه في المدارس، وأعتقد أنّ هنا تكمن المشكلة: آثار الاستعمار الباقية. لم يكن يسمح لنا ا... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التغذية الراجعة البنائيّة: صوت المتعلّم في تطوير تعلّمه
التغذية الراجعة، ببساطة، هي المعلومات المقدّمة من قبل معلّم، بخصوص جوانب الأداء أو الفهم لدى المتعلّم، والتي توفّر له تصوّرًا واضحًا حول ... تابع القراءة
تأمّلات معلّمة الدراما منهج لتعلّم اللغة العربيّة
تعدّ الدراما وسيلة قويّة لتعزيز التعاون والتواصل، إذ تمتلك القدرة على تغيير طرق التفاعل والتعبير بين الأفراد. كما أنّها جزء أصيل من الثقا... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة.. من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2025 بعنوان: "تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة: من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة".  وركّزت على محاور مختلفة، هي: المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع. المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الأستاذ بول سعيد، نائب المدير في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت؛ الأستاذة رولا عبدالحميد، المديرة الأكاديميّة  ‏في مدرسة البيان، الأردن؛ الأستاذ ربيع المرّ، المدير الأكاديمي في المدرسة الأهليّة، لبنان؛ الأستاذة دلال مشرقي، المدرّبة الأكاديميّة في قسم رياض الأطفال في مدارس الظهران الأهليّة، السعوديّة. وأدار الندوة الأستاذ فهمي رشيد كرامي، محام وشريك مؤسّس في مكتب رشيد فهمي كرامي للمحاماة والاستشارات القانونيّة في طرابلس، لبنان. استهلّ الأستاذ كرامي بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع افتتح الأستاذ كرامي الجلسة مؤكّدًا أنّ الحديث عن "صوت الطالب" حديث عن حقّ إنسانيّ أصيل، لا منّة تُمنح فيه ولا تفضيل يُعطى، مشدّدًا على ضرورة إعادة النظر في دور الطالب، ليس متلقًّا للمعرفة وحسب، بل فاعلًا مشاركًا في صياغة المحتوى التربويّ وأساليب تقديمه. وأشار إلى أنّ هذه الندوة تأتي ضمن جهود أوسع لفهم كيفيّة ترجمة هذا المفهوم إلى سياسات وممارسات داخل المؤسّسات التعليميّة. وفي هذا السياق، طرح الأستاذ كرامي سؤالًا جوهريًّا: كيف تنظر الإدارة التربويّة إلى صوت الطالب؟ وهل هو مجرّد تعبير أم أداة فاعلة في التغيير؟   في ردّه، أوضح الأستاذ بول سعيد أنّ التحوّلات الاجتماعيّة والتكنولوجيّة ألقت بظلالها على طبيعة الأدوار في العمليّة التعليميّة، مؤكّدًا أنّ التعلّم لم يعُد يقتصر على التلقين، بل أصبح تجربة حياتيّة تتطلّب شراكة حقيقيّة مع الطالب. وأضاف أنّ الاعتراف برأي الطالب وإسهامه في قرارات تتعلّق بالمنهج والتقييم والأنشطة، يعزّز من انخراطه ويطوّر قدراته القياديّة، مستشهدًا بمقولة الباحثة ليندا لامبرد: "الطالب القائد هو من وجد صوته.، منوّهًا إلى أنّ بناء ثقافة مدرسيّة تستند إلى صوت الطالب يتطلّب تخطيطًا وتدريبًا، وممارسات واعية تبدأ بالإصغاء الحقيقيّ، وبإشراك الطلّاب في صنع القرارات، بما لا يُضعف دور المعلّم، بل يُعزّز الشراكة التربويّة، معقّبًا بأنّ الطالب القائد هو ذاك الذي وفّرت له المدرسة المساحة ليُسمع صوته، ويشارك من دون خضوع أو تقييد، بل بوصفه شريكًا في التغيير. وفي سياق الحديث عن العدالة التربويّة ودور الطالب شريكًا فعليًّا في قيادة التغيير، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذ ربيع المرّ حول رؤيته إلى علاقة صوت الطالب بكلّ من العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة. قدّم الأستاذ ربيع المرّ مداخلة حول ارتباط صوت الطالب بمفاهيم العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة، مشيرًا إلى أهمّيّة دمج الطلّاب بوصفهم أطرافًا فاعلة في قرارات الإدارة المدرسيّة، بل وفي الأبحاث التربويّة نفسها؛ لا بوصفهم مبحوثين فقط، بل مشاركين في جمع البيانات وتحليلها ونشر نتائجها. وأضاف أنّ إشراك الطلبة في عمليّات التقييم، وحتّى التوظيف، يمثّل تحوّلًا جذريًّا في رؤية المدرسة إلى الطالب. وأوضح أنّ تحقيق صوت الطالب لا يمكن أن يكون هامشيًّا أو رمزيًّا، بل يجب أن يتحوّل إلى جزء جوهريّ من بنية العمل داخل المدرسة. وأكّد أنّ إشراك الطالب في قرارات إدارة المدرسة هو أحد أهمّ المؤشّرات على تحقق هذا الصوت. فصوت الطالب لا يُفعّل بإضافة أنشطة فقط، بل من خلال دمجه في هيكليّة اتّخاذ القرار على مستويات متعدّدة. ومن منظور البحث التربويّ، دعا الأستاذ ربيع إلى إعادة تعريف الطالب باحثًا شريكًا، لا عنصرًا يُدرس أو يُقاس فقط. أي أن يُشرك الطلبة في جمع البيانات وتحليلها ونشرها، ليكونوا جزءًا من عمليّات التقييم والتحسين المؤسّسيّ، ما يعزّز من قدراتهم النقديّة ويُنمّي لديهم الشعور بالمسؤوليّة. وأضاف أنّ صوت الطالب يجب أن يُفعّل على المستويين العموديّ والأفقيّ؛ فعلى المستوى العموديّ، يمكن للطلاب المشاركة حتّى في قرارات محوريّة، مثل تقييم المعلّمين المرشّحين للتوظيف، وإبداء رأيهم بشأنهم. وعلى المستوى الأفقيّ، تتمثّل المشاركة في التوسّع المدرسيّ، وتطوير السياسات، وتنويع أساليب التعليم. واختتم بالقول إنّ صوت الطالب لا يمكن فصله عن مفاهيم التعلّم التشاركيّ، والتعليم الحواريّ، والتعليم التحرّريّ، مؤكّدًا أنّ هذه النظريّات التربويّة، على اختلاف تطبيقاتها بحسب السياق، تفقد جوهرها إن لم تتأسّس على إشراك الطالب في صلب التجربة التعليميّة. وأوضح أنّ صوت الطالب ليس شعارًا، بل ممارسة قائمة على مفاهيم التعلّم الحواريّ، والتعليم التشاركيّ، وتنمية الوعي النقديّ، بما يتلاءم مع خصوصيّة كلّ مدرسة ورؤيتها.   وفي استكمال النقاش، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذة دلال مشرقي حول المفاهيم النظريّة التي يستندون إليها في دعم صوت الطالب، مستعرضًا أيضًا تجربتها في برنامج البكالوريا الدوليّة. استهلّت الأستاذة مشرقي مداخلتها باقتباس ملهم للدكتور غازي القصيبيّ: "إذا أردت أن تبني مجتمعًا واعيًا، فابدأ بالطالب، علّمه كيف يقول رأيه بثقة وكيف يحترم رأي غيره." وأكّدت أنّ هذا هو جوهر ندوة اليوم: فتح المجال أمام صوت الطالب ليُسمع ويُحترم ويُفعّل. وتحدّثت عن التجربة التربويّة في مدارس الظهران - السعودية، والتي تتبنّى برنامج البكالوريا الدوليّة (PYP)، حيث تُبنى الممارسات التربويّة على رؤية تُعزّز من تمكين الطالب ليكون مفكّرًا ومتعلمًا مدى الحياة، ثنائيّ اللغة، ومؤثّرًا محليًّا وعالميًّا. وأوضحت أنّ أحد المفاهيم المركزيّة التي يقوم عليها البرنامج هو مفهوم "القوى المحرّكة"، والتي تتكوّن من ثلاث ركائز مترابطة: الصوت، والاختيار، والملكيّة، حيث يُدرّب الطالب على التعبير عن رأيه، واتّخاذ قراراته، وتحمّل مسؤوليّة تعلّمه، ما يُكسبه إحساسًا بالملكيّة تجاه إنجازاته، ويُطوّر هويّته الشخصيّة. وأضافت أنّ هذه المقاربة تسهم في تطوير مهارات التفكير النقديّ والإبداع والاستقلاليّة. كما تمنح الطلّاب فرصًا واقعيّة لتجربة أثر قراراتهم، والتعلّم من خلال التفاعل والملاحظة والمشاركة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ الهدف هو بناء طالب مبادر، مفكّر، متواصل بفاعليّة.   في سياق مكمّل، طرح الأستاذ فهمي سؤالًا على الأستاذة رولا عبد الحميد، حول مدى قرب مدارسنا وتجاربنا اليوميّة من هذا المفهوم. أشارت الأستاذة رولا إلى أنّ فكرة الطالب القياديّ تتأثر بثقافة المدرسة، والبيئة المحيطة، والأسرة. وأكّدت أنّ تطبيق هذا المفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى. ففي حين يُمارَس في بعض المدارس بشكل فعليّ، يظهر في مدارس أخرى بصورة شكليّة، بحسب عمق قناعة المدرسة وثقافتها بأهمّيّة دور الطالب في القيادة والمشاركة. وأشارت إلى أنّ بناء هذا الدور ليس لحظة عابرة، بل هو سلوك تربويّ يتطلّب سنوات من التأسيس، ما يستوجب وضع برامج واضحة وممنهجة للمهارات القياديّة، تبدأ منذ السنوات الأولى. وأضافت أنّ التباين في تطبيق المفهوم يرتبط بنوع المدرسة (حكوميّة أو خاصّة أو دوليّة)، إذ تختلف الرؤية والأهداف من مؤسّسة إلى أخرى. وقدّمت مدرسة البيان في الأردن مثالًا، حيث تتقاطع سمات الطالب مع البرنامج المنهجيّ في إطار متكامل، يُعزّز شخصيّة الطالب ضمن ثقافة مدرسيّة واضحة ومبنيّة على معايير القيادة. كما أشارت إلى أنّ بعض مدارس البكالوريا الدوليّة، وعلى رأسها مدارس البيان، تدمج سمات الطالب داخل ملفّه الأكاديميّ، ما يخلق تجربة تربويّة شاملة ترتكز على الطالب، وتُراعي ثقافته وسياقه. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تحقيق نموذج الطالب القياديّ يتطلب تكامل الرؤية بين الإدارة والمعلّمين والأهل، لضمان تطبيق حقيقيّ وفاعل لهذا النموذج في عالمنا العربيّ، على رغم التحدّيات.   المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. وفي انتقال نوعيّ من الطرح النظريّ إلى التطبيق العمليّ، ناقشت الندوة سؤالًا محوريًا مع الأستاذة دلال مشرقي حول تجربة مدارس الظهران الأهليّة في تعزيز صوت الطالب من مختلف الزوايا. قدّمت الأستاذة مشرقي عرضًا لتجارب ملموسة من المدرسة، موضحة أنّ تعزيز صوت الطالب منذ السنوات المبكّرة يبدأ بأنشطة مثل المكتبات الصفّيّة، حيث يُشارك الطلّاب في ترتيب الكتب وتصنيفها وفقًا للفئات العمريّة والمستويات القرائيّة، بإشراف المعلّمين. كما يُؤخذ رأي الطلبة في نوعيّة القصص التي يُرغب في إضافتها إلى المكتبة، بما يمنحهم إحساسًا بالملكيّة تجاه العمليّة التعليميّ. ومن المبادرات البارزة التي أشارت إليها، استضافة الكاتبة كارولين حمادة في لقاء افتراضيّ مع الطلّاب، قرأت فيه قصصًا بأسلوب تفاعليّ، ثمّ أُضيفت كتبها إلى المكتبات الصفّيّة، ما عمّق العلاقة بين الطالب والكتّاب، وأشعرهم بأنّهم شركاء في إثراء المحتوى. كما تحدّثت عن معرض البكالوريا الدوليّة الذي يُمثّل مشروع تخرّج طلبة الصفّ الخامس، ويقوم فيه الطلبة باختيار مواضيعهم، وتصميم مشاريعهم، وتحمّل المسؤوليّة الكاملة عنها حتّى الإنجاز النهائيّ. كذلك يُتيح لهم البرنامج اختيار مواضيع الكتابة الفرديّة، والتي تُنشر في مكتبة المدرسة، ما يمنحهم منبرًا حقيقيًّا لإبراز صوتهم وتفرّدهم. وأشارت أيضًا إلى احتفاليّة "وحدة القصص"، حيث يقوم الطلبة بتحليل الشخصيّات القصصيّة وتأمّل تأثيرها في حياتهم، ثمّ يعيدون تمثيل القصص أو سردها بأساليب مبتكرة تعبّر عن رؤيتهم، ما يعزّز الخيال النقديّ والتعبير الذاتيّ. كما يُعمَل على تنمية التفكير النقديّ واتّخاذ القرار من خلال مشاريع صفّيّة تطرح مشكلات واقعيّة يُطلب من الطلبة البحث فيها، واقتراح حلول لها. ومن أدوات التقييم اللافتة التي تستخدمها المدرسة، السماح للطلبة بالمشاركة في وضع معايير التقييم، مثل: "ما صفات المتحدّث الجيّد؟" حيث يُنتج الطلّاب مجموعة من المعايير التي تُستخدم لاحقًا لتقييم أنفسهم بأنفسهم. وختمت الأستاذة مشرقي مداخلتها بالإشارة إلى أنّ المدرسة تُشجّع الطلبة على اختيار عمل يشعرون بالفخر به، ليقوموا بعرضه أمام زملائهم، ما يُعزّز الثقة بالنفس واتّخاذ القرار.   وفي مداخلة مكمّلة، أجاب الأستاذ ربيع المرّ عن سؤال حول أدوات تفعيل صوت الطالب داخل الصف، مشدّدًا على أهمّيّة خلق فرص دائمة ومنظّمة تمكّن الطلاب من طرح الأسئلة حول جذور المشكلات داخل بيئتهم المدرسيّة، والمشاركة في تطوير السياسات والممارسات التربويّة. وأشار إلى أنّ جائحة كورونا شكّلت نقطة تحوّل، إذ بدأت المدارس في التساؤل عمّا إذا كانت مناهجها لا تزال تحاكي الواقع. وأوضح أن المعلّمين تعلّموا الكثير من خلال سماع صوت الطلاب. وعرض تجربة بحثيّة أجراها خلال رسالة الدكتوراه، بمشاركة 21 طالبًا، حيث استخدمت أساليب البحث التشاركيّ بين المعلّمين والطلبة. توصّل البحث إلى نتائج مهمّة حول المجالات التي يجب أن تبدأ فيها المدارس التغيير، وأصبح الطلاب جزءًا من وضع خطة تنفيذ حقيقيّة وتقييمها. وأكّد أنّ الطلبة لم يُعامَلوا بوصفهم مشاركين رمزيّين، بل أطرافًا متساوية في اتّخاذ القرار، وهو ما تطلّب التحرّر من الفرضيّة السائدة بأن "المعلّم دائمًا الأعلم بمصلحة الطالب"، وفسح المجال لتعدّد الرؤى.   تقدّم الأستاذ كرامي بالشكر للمشاركين، مؤكدًا أنّ ما طُرح من مبادرات يُجسّد كيف يُمكن لصوت الطالب أن يكون حجر الزاوية في العمليّة التعليميّة، وسأل عن أثر هذه التجارب في بناء شخصيّة الطالب. أجاب الأستاذ بول سعيد بسرد ثلاث تجارب محوريّة في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت: أولًا: مراجعة سياسات الحضور والانضباط، حيث أُشرك الطلاب في مجموعات تركيز لمراجعة الممارسات القائمة واقتراح بدائل. لم تكن المشاركة رمزيّة، بل حقيقيّة، حيث ظهر حرص الطلاب على مصلحة المدرسة، ما عزّز الثقة المتبادلة. ثانيًا: مبادرة "المدرّبون الصغار" في المرحلة الابتدائيّة، التي جاءت استجابةً لشكوى الطلّاب من الملل والتنمّر في الاستراحة، تولّى فيها طلّاب مهمّة تنظيم الأنشطة والألعاب، واختاروا بأنفسهم ما يناسبهم، ما أسهم في تحويل وقت الفرصة إلى مساحة إيجابيّة للتفاعل وبناء الروابط. ثالثًا: رحلة مجتمعيّة إلى تنزانيا نظّمها عدد من الطلّاب، حيث قاموا بالتنسيق مع جمعيّات، وكتبوا المقترح، وجمعوا التبرّعات، ونفّذوا الرحلة بنجاح لخدمة أطفال إحدى القبائل في تنزانيا. لم تكن مجرّد تجربة خارجيّة، بل نموذجًا حقيقيًّا للقيادة الذاتيّة والمسؤوليّة المجتمعيّة. وأوضح الأستاذ بول أنّ المساحة المتاحة للطالب، مهما كانت مختلفة في حجمها وشكلها، تظلّ العامل المشترك لنجاح هذه المبادرات. والثقة بالطالب هي العنصر الجوهريّ الذي يُحدث الفرق. في تعقيبٍ لاحق، شاركت الأستاذة رولا عبد الحميد تجارب مؤثّرة من مدرسة البيان في الأردن، أبرزها: - دور قسم الإرشاد التربويّ في بناء ثقة الطالب، في جلسات حوارية تشاركيّة مع الطلبة وأهاليهم. - مجلس الطلبة الذي يُنظَّم عبر الترشيح والانتخاب وفرز الأصوات، ما يزرع بذور الديمقراطيّة، ويُشعر الطالب بالمسؤوليّة. - تجربة رائدة في إعادة صياغة دليل الانضباط الطلابيّ بعد مشاورات مع الطلبة من مختلف المراحل التعليميّة، إضافة إلى مشاركة أولياء الأمور والمعلّمين، ليصبح هذا الدليل وثيقة حيّة تُناقَش سنويًّا، وتعكس مشاركة الطلّاب بفعّاليّة. - برنامج المهارات الحياتيّة والمناظرة، الذي يُدرّب الطلبة على الإلقاء، والتفكير النقديّ، والمناقشة العلميّة. وأشارت إلى أنّ هذه المهارات تظهر جليًّا في مشاركات الطلّاب في مؤتمرات علميّة وإنسانيّة وفق اهتماماتهم. كما استعرضت تجربة "نموذج الأمم المتحدّة (MUN)" الذي نظّمه بالكامل أربعة طلّاب، بحضور أكثر من 160 طالبًا و13 مدرسة، برعاية مؤسّسات رسميّة، ما شكّل نموذجًا يُحتذى به في القيادة الطلّابيّة. وذكرت مبادرة "أحتفي بتعلّم ابني" التي فتحت فيها المدرسة أبوابها أمام الأهالي ليشاهدوا أداء أبنائهم في تقديم دروس علميّة، ما عزّز فخر الطلبة بأنفسهم، وأظهر قدراتهم التعبيريّة، وهو نشاط سيُعمّم سنويًّا في ضوء نتائجه المبهرة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تعزيز دور الطالب القياديّ غيّر بشكل جوهريّ، سلوك بعض الطلاب الذين كانوا يُصنّفون سابقًا بالمشاغبين أو المهمّشين، إذ أصبحوا فاعلين داخل لجان الانضباط، يحثّون زملاءهم على احترام القوانين، نتيجة شعورهم بالانتماء الحقيقيّ للمدرسة.   المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة. في ختام الندوة، انتقل النقاش إلى عنوان "نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة". وتركّز الحديث على التحدّيات التي تواجه المدارس في تطبيق هذا المفهوم وتفعيله على المدى البعيد. استهل الأستاذ ربيع المرّ هذا المحور بالإشارة إلى أنّ الاعتراف بوجود فجوات في المنظومة التعليميّة، هو أوّل خطوة نحو التطوير الحقيقيّ. وأكّد أنّ إشراك الطالب لا يعني التنازل عن دور الإدارة، بل هو توسيع لدائرة التأثير، وخلق بيئة تعليميّة مشتركة. وطرح تجربة قيّمة تمثّلت في دعوة طلّاب من مختلف المراحل إلى المشاركة في مشروع بحثيّ استمرّ خمسة أشهر، تناول تقييم المدرسة واقتراح سبل تطويرها. اجتمع فيه الطلاب أسبوعيًّا مع مديري المدرسة والإدارييّن، وناقشوا السياسات التعليميّة بشكل مباشر، ما عزّز الشعور بالمسؤوليّة، والقدرة على التأثير في القرار التربويّ. وفي ما يتعلّق بتحدّيات إشراك الأهل، أوضحت الأستاذة دلال مشرقي أنّ أحد المحاور الأساسيّة لتفعيل صوت الطالب، يكمن في تأهيل المعلّمين أوّلًا عبر تدريب مستمرّ، وتطوير خطط التدريس لتكون أكثر مرونة وتكاملًا مع واقع الطالب. وأضافت أنّ المدرسة تعتمد على أدوات مثل الاستبيانات، اللقاءات الفرديّة، والأنشطة المجتمعيّة لتعزيز التواصل مع الأهالي، وربطهم بخطط المدرسة وأهدافها.   من جانبها، أكّدت الأستاذة رولا عبد الحميد أنّ جزءًا كبيرًا من التحدّيات، يكمن في إعادة تعريف النجاح التربويّ، ليشمل المهارات والسلوكيّات القياديّة، وليس فقط النتائج الأكاديميّة. وشدّدت على أهمّيّة شفافيّة المدرسة مع الأهالي في توضيح لماذا يُركَّز على مهارات الحوار والنقاش والمناظرة؟ ولماذا أصبح تقييم الطالب يتجاوز العلامة النهائيّة ليشمل أداءه في الحياة المدرسيّة؟ بدوره، أضاف الأستاذ بول سعيد أنّ النجاح في ترسيخ صوت الطالب يعتمد على بناء شراكات خارج المدرسة أيضًا، مؤكّدًا ضرورة التعاون بين المدارس والجهات الحكوميّة، والقطاع الخاص، والمؤسّسات الأهليّة. وأشار إلى مبادرات تعاونت فيها المدرسة مع مؤسّسة الكويت للتقدّم العلميّ، والهيئة العامّة للبيئة، وشركات خاصّة، حيث قُدّمت تدريبات ميدانيّة للطلبة، ومنافسات تعليميّة مرتبطة بالمنهاج الأكاديميّ، بما يعزّز التعلّم العمليّ، ويمنح الطالب صوتًا حقيقيًّا في بيئته الأوسع. وشدّد في ختام مداخلته على أنّ الأولويّة يجب أن تكون دائمًا للتعليم المرتبط بالحياة الواقعيّة، وأنّ كلّ ذلك يبدأ من تمكين المعلّم ودعمه بالوقت والوسائل لتفعيل هذه الرؤية داخل الصفّ.   واختتم الأستاذ كرامي الندوة بالتأكيد على أنّ صوت الطالب ليس تهديدًا للنظام التعليميّ، بل هو أحد دعائمه. وأنّ تحقيقه لا يعني سحب السلطة من الإدارة، بل إعادة تنظيمها بشكل أكثر إنصافًا وتشاركيّة. واعتبر أنّ الاندماج الحقيقيّ بين الطالب والمعلّم هو ما يُنتج بيئة تعليميّة آمنة ومنتجة ومستدامة، تعود بالنفع على الطالب والأسرة والمجتمع ككلّ.

ندوة: تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيار/ مايو 2025 بعنوان "تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا".  وركّزت على المحاور الآتية: المحور الأوّل: التعليم المفاهيميّ في تعليم الرياضيّات والعلوم. المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة. المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات.  المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الدكتور سهيل حسين صالحة، أستاذ في جامعة النجاح الوطنيّة، فلسطين؛ الأستاذة لمى شوقي دبّوس، مُعلّمة كيمياء لمرحلة الدبلوم وعلوم للمرحلة الثانويّة، قطر – لبنان؛ الأستاذة جنى صبّوح الحاج سليمان، مديرة مدرسة مدينة السلطان قابوس الخاصة، سلطنة عمان – لبنان. أدارت الندوة المستشارة التربويّة في مؤسّسة النيزك، الدكتورة د. ريام كفري - أبو لبن، من فلسطين. استهلّت الدكتورة ريام الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: في معنى تعليم الرياضيّات والعلوم وظيفيًّا افتتحت الجلسة الدكتورة ريام بالتأكيد على أنّ أحد أهم أهداف تعليم العلوم والرياضيّات هو أن يكون تعليمًا وظيفيًا، يثري المتعلّم ويُعدّه للحياة الواقعية. وطرحت في هذا السياق سؤالًا محوريًا: ما معنى تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًا؟ أوضح الدكتور سهيل صالحة أنّ التعليم الوظيفيّ يعني الربط بين المفاهيم العلميّة والحسابيّة والحياة اليوميّة، بهدف تنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعيّ، والقدرة على حلّ المشكلات، الأمر الذي ينعكس إيجابيًّا على كفاءة المتعلّم في المواقف الحياتيّة، الحاضرة والمستقبلية. من جانبها، شدّدت الأستاذة جنى سليمان على أنّ هذا النوع من التعليم ينقل الطالب من مجرد تلقّي المعرفة النظريّة إلى التفاعل مع واقع الحياة، ليصبح مستكشفًا نشطًا للمعرفة بدلًا من متلقٍّ سلبيّ. وأكّدت أنّ جعل الطالب محور ال عمليّة  التعليميّة يتطلّب بالضرورة تعليم العلوم والرياضيّات بأساليب  عمليّة ووظيفيّة . وقدّمت الأستاذة لمى دبّوس رؤية متكاملة حول المفهوم، موضّحة أنّ التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات يرتكز على الفهم العميق للأفكار الكبرى التي تنضوي تحتها المهارات. وأضافت أنّ هذا النوع من التعليم يعزّز التفكير النقديّ، والذي يُعدّ من الأهداف الأساسيّة المرجوّة. وأشارت إلى أنّ طرح الأسئلة العميقة أحد أبرز الاستراتيجيّات لتحقيق هذا الهدف، حيث يسهم في ربط المفاهيم ببعضها البعض، وربطها بسياقات واقعيّة. وضربت مثالًا توضيحيًّا: بدلًا من سؤال الطالب: ما مصادر الطاقة؟ يمكن سؤاله: كيف نستخدم مصادر الطاقة بطريقة مستدامة؟ هذا النوع من الأسئلة، بحسب أ. لمى، يحرّك التفكير، ويقود المتعلّم نحو تطبيق معرفته في مواقف حياتيّة حقيقيّة. وفي السياق ذاته، قدّم الدكتور سهيل صالحة عرضًا معمّقًا سلّط فيه الضوء على أهمّيّة التركيز على الفهم العميق مرتكزًا أساسًا في التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات، موضّحًا أنّ هناك مفاهيم أساسيّة مثل الكتلة والوزن والقوّة والنمط والعلاقات والاقترانات، تشكّل الأساس المعرفيّ الذي تُبنى عليه الخبرات التعليميّة في هذين المجالين. وأشار د. سهيل إلى أن التعلّم المبنيّ على المفاهيم لا يقتصر على معرفة "ماذا"، بل يمتدّ إلى فهم "لماذا" و"كيف"، ما يُمكّن المتعلّم من تطبيق المعرفة في سياقات متنوّعة وجديدة. واستشهد بمفهوم "التناسب" كمثال حيّ، حيث يمكن توظيف الطهو في مجالات مثل الفيزياء أو الاقتصاد، ما يُبرز قيمة نقل المعرفة من سياق إلى آخر. وأكدّ كذلك أنّ هذا النهج يُراعي الفروق الفرديّة وأنماط التعلّم المختلفة، ويُتيح تنوّعًا في طرق التعليم، ما يجعل المحتوى أقرب وأسهل للفهم عند جميع المتعلّمين. وأشار إلى أنّ المفاهيم الكبرى تنمّي لدى الطالب رؤية شموليّة للعلوم والرياضيّات باعتبارها أنظمة مترابطة، لا مواضيع منفصلة، ما يزيد من عمق الفهم ويُعزّز الاستعداد للتعلّم المستقبليّ. واختتم د. سهيل مداخلته بالتأكيد على أنّ التعليم المفاهيميّ بوّابة حقيقيّة لنقل أثر التعليم، وتحقيق نواتج تعلّم ممتدّة وفعّالة.   المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة  في انتقال نوعي من الطرح النظريّ إلى الجانب العمليّ، ناقشت المشاركون سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن تعليم العلوم والرياضيّات في المرحلة الابتدائيّة بشكل فعّال ومرتبط بحياة الأطفال؟ أجابت الأستاذة جنى سليمان بأنّ المرحلة الابتدائيّة تُعدّ مرحلة شديدة الحساسيّة في تكوين شخصيّة الطالب، ما يتطلّب مقاربات تعليميّة تتجاوز التلقين إلى الفهم والاستكشاف. وأوضحت أنّ تعليم العلوم في هذه المرحلة يجب أن يبدأ بربط المفاهيم بالمواقف الحياتيّة اليوميّة، وبالاعتماد على الاستكشاف والاستقصاء، وطرح المشكلات على الطلّاب لإيجاد الحلول بأنفسهم، الأمر الذي يعزّز دور الطالب بوصفه محورًا للعمليّة  التعليميّة، ويجعل المعلم موجّهًا لا ملقّنًا. كما أكّدت أهمّيّة استخدام الحواس في التعلّم، وإضفاء الطابع الممتع على الدروس من خلال الألعاب والحركة والتجارب المسلّية، بهدف خلق بيئة تعلّم محفّزة. وركّزت على ضرورة فهم المفاهيم بدلًا من حفظها، وأن تكون الحصّة مزيجًا من التعليم والمتعة. أما في ما يخصّ الرياضيّات، فشدّدت على ضرورة أن يفهم الطالب سبب استخدام العمليّات الحسابيّة في الحياة قبل حفظ آليّاتها، مثل استخدام الضرب في البيع والبناء أو العدّ. كما دعت إلى الابتعاد عن أسئلة التذكير التقليديّة، والاعتماد على أسئلة تفكير عليا تحفّز النقد والتحليل، حتى إن لم يُجِب الطلّاب عنها مباشرة، فمجرد التفكير بها يُثري عقولهم. عقّبت الدكتورة ريام بأنّ من أهمّ الاستراتيجيّات التي تُنمّي مهارات التفكير العليا، استراتيجيّة الاستقصاء الاستنتاجيّ، حيث لا يُطلب من الطالب تطبيق القانون، بل اكتشافه من خلال التجربة. وبيّنت أنّ هذه المقاربة تقلب التسلسل التقليديّ، فتبدأ من التحليل وصولًا إلى الفهم والتذكّر، ما يعكس فهمًا عميقًا للمفاهيم. وفي السياق، شدّد الدكتور صالحة على أهمّيّة وجود سياسة تعليميّة واضحة من قبل صانعي القرار، تضمن تطبيق التعليم الوظيفيّ في الرياضيّات والعلوم على مستوى المناهج وتدريب المعلّمين، لضمان تحقيق تعلّم حقيقيّ ومستدام لدى الطلبة. أما في ما يخصّ المرحلتين المتوسّطة والثانويّة، فطرحت د. ريام سؤالًا على الأستاذة لمى دبّوس حول المبادئ الأساسيّة لتعليم العلوم والرياضيّات في هذه المراحل، وكيف يمكن ربط المفاهيم بالحياة اليوميّة، مع مراعاة خصوصيّة هذه المرحلة العمريّة. أكدت أ. لمى أنّ الشغف والحب والعطاء هي المحرّكات الأساسيّة التي تدفع المعلّم إلى الاستمرار والعطاء الحقيقيّ داخل الصفّ، مشيرة إلى أنّ قائمة المبادئ التي يجب أن يقوم عليها التعليم تبدأ من الابتعاد عن التلقين، والاتّجاه نحو الأساليب التطبيقيّة، مع ربط المعلومات بالسياقات الواقعيّة، سواء المحلّيّة أو العالميّة، لتعزيز شعور الطالب بالانتماء والدافعيّة نحو التعلّم. أوضحت كذلك أنّ كثيرًا من الطلّاب يطرحون تساؤلات، مثل: "لماذا نتعلّم هذا؟ وأين سنستخدمه؟"، ومتى استطاع الطالب أن يجيب عن هذه الأسئلة وأن يدرك قيمة ما يتعلّمه، يصبح أكثر ارتباطًا بالمعلومة وحرصًا على الاستفادة منها. أضافت أ. لمى أنّ من المبادئ المهمّة في تعليم العلوم في هذه المرحلة، اعتماد الطالب على المنهج العلميّ في التفكير والاستقصاء. وقدّمت مثالًا على ذلك طلبة الدبلوم الذين يُكلّفون بإعداد تحقيق علميّ من 3000 كلمة يعتمد على أفكارهم وتفسيراتهم الخاصّة، ويقومون بتحليله واستخلاص نتائجه، وهو ما يعكس بناءً سليمًا لمهاراتهم البحثيّة منذ المراحل الدراسيّة المبكّرة. من جانبها، عقّبت د. ريام على ما طُرح، مشيرة إلى أنّ الطالب في هذه المرحلة يحتاج إلى وقت أطول وجهد خارج الصفّ، حتّى يكون فعلًا محور العمليّة  التعليميّة، ولا سيّما أنّ المرحلة الثانويّة ترتكز على الاختبارات النهائيّة. وتساءلت: كيف يمكن تحقيق التوازن بين متطلّبات الاختبارات، وخلق فرص تعلّم أصيلة تتمحور حول الطالب؟ أجابت أ. لمى باستعراض أبرز التحدّيات التي تواجه معلّمي المرحلة الثانويّة، مثل ازدحام المناهج وضيق الوقت، وضغط الامتحانات الرسميّة، ما يُضطَّر المعلم إلى التركيز على التدريب على نمط الأسئلة بدلاً من التعلّم الإبداعيّ. كما أشارت إلى تفاوت قدرات الطلّاب داخل الصفّ، وهو ما يجعل من الصعب تصميم تجربة تعليميّة تصلح للجميع ضمن الوقت المتاح. واقترحت مجموعة من الحلول، من بينها مواءمة التعليم الاستقصائيّ مع أهداف المنهج والاختبار، واستخدام التقييمات التكوينيّة والتدريب الذكيّ لتقليل عنصر المفاجأة في الامتحانات. كما شدّدت على أهمّيّة التخطيط العكسيّ، أي تدريب الطالب منذ مراحل مبكرة على مهارات التحليل، واستخدام المصادر، والتوثيق، ما يخفّف الضغط لاحقًا، ويوفّر الوقت والجهد على الطرفين، المعلّم والطالب. هنا، أكّدت د. ريام أنّ طرح هذه التحدّيات والحلول لامس واقع الميدان التربويّ، وأسهم في تسليط الضوء على أهمّيّة خلق فرص تعليميّة حقيقيّة تُثري الطالب وتمنحه تجربة تعلّم ذات معنى.   وفي سياق الحديث عن المناهج التعليميّة الحديثة، انتقل النقاش إلى أحد الاتّجاهات المعاصرة في التعليم، وهو دمج أكثر من مجال علميّ بطريقة تطبيقيّة وتفاعليّة ضمن إطار STEM وSTEAM، حيث سألت د. ريام: هل يُعدّ هذا الدمج نموذجًا واقعيًّا قابلًا للتطبيق، أم إنّه لا يزال في إطار الحلم؟ وهل يناسب السياق العربيّ، أم إنّه محصور في البيئة الغربيّة فقط؟ جاءت إجابة الأستاذة جنى مؤكّدة على أنّ هذا الدمج ليس حلمًا، بل هو واقع ضروريّ وحتميّ، لكنّ تطبيقه بنجاح يتطلّب أوّلًا الإجابة عن عدد من التساؤلات الجوهريّة، مثل: هل المدرسة مهيّأة لتبنّي نظام STEM؟ وهل النظام التعليميّ والمعلّمين مستعدّون لاستيعابه وتطبيقه؟ وعرضت تجربة مدرسة السلطان قابوس الخاصّة في سلطنة عمان، كونها أوّل مدرسة في السلطنة تمتلك مختبر STEM، وجميع معلّميها حاصلين على اعتمادات متخصّصة في هذا المجال، ما يتيح بيئة تعليميّة مؤهّلة لهذا النوع من التعلّم. من جانبها، أضافت أ. لمى أنّ نظام STEAM يمثّل نهجًا حيويًّا وتكامليًّا، حيث يدمج بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيّات. لكنّه في الوقت نفسه، يحتاج إلى تدريب متخصّص، وإمكانات مادّيّة، وميزانيّات داعمة. وعلى رغم هذه التحدّيات، إلّا أنّ نتائجه التربويّة دائمًا ما تكون مبهرة في صقل مهارات الطلبة، وتعزيز تفكيرهم النقديّ والإبداعيّ.   أما د. سهيل، فدعا إلى إدماج هذا التوجّه داخل البنية التعليميّة الرسميّة، واقترح أن يكون هناك كتاب مخصّص لمنهج  STEM، يدمج بين الموادّ المختلفة بشكل منظّم ومنهجيّ، حتّى لا يبقى هذا التوجّه معزولًا عن النظام التعليميّ العامّ، بل يُصبح جزءًا أصيلًا من المناهج، ويسهم في إعادة إحياء العلاقة بين العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا في إطار تربويّ متكامل. وفي هذا السياق، علّقت د. ريام على أنّ الفصل بين التخصّصات لم يكن جزءًا من التاريخ المعرفيّ الإنسانيّ، بل هو ناتج عن الثورة الصناعيّة الأولى، حيث بدأت التخصّصات تنفصل تدريجيًّا. وأوضحت أنّ المعرفة في جذورها كانت تكامليّة: فالفيلسوف كان طبيبًا، والفنان كان عالمًا. وكان العلم والفنّ يسيران جنبًا إلى جنب. وهذا ما يدفعنا اليوم إلى السعي لاستعادة هذا النهج التكامليّ في التعليم، ولا سيّما في مجالات العلوم والرياضيّات.   المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات مع الثورة الصناعيّة الرابعة التي أدخلت الذكاء الاصطناعيّ وسهّلت الوصول إلى المعلومة، جاء المحور الثالث من الندوة ليسلّط الضوء على هذه التقنيّة الحديثة، إذ طرحت د. ريام سؤالًا مهمًّا: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات، وهل من أمثلة على ذلك؟ أجابت أ. لمى بأن الذكاء الاصطناعيّ لا يُعدّ بديلًا من المعلّم، بل هو أداة تعزّز دوره وتوسّع من إمكاناته، بشرط استخدامه بوعي وذكاء. فقد حسّن الذكاء الاصطناعيّ من جودة المعلومة والاستكشاف، وصار يمكن للمعلم إدخال البيانات ليقوم الذكاء الاصطناعيّ بتحليلها وإيجاد المخرجات. فعلى سبيل المثال، في مادّة العلوم، يُمكن استخدامه لتفسير الظواهر المعقّدة بطريقة بصريّة، كشرح الروابط الكيميائيّة والذرّات، باستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ والواقع الافتراضيّ (VR). كما يسهم في طرح أسئلة تراعي الفروقات الفرديّة بين الطلبة ومستوياتهم الدراسيّة المختلفة. وجّهت د. ريام سؤالًا آخر لأ. جنى: هل استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المرحلة الابتدائيّة مهمّ، أم ينبغي تأجيله إلى المراحل اللاحقة؟ أجابت أ. جنى بأنّ استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المراحل المبكّرة أمر مهمّ، بشرط أن يتمّ بشكل مدروس وموجّه، من دون عزل الطالب عن بيئته. وأكّدت على أهمّيّة أن يكون المعلّم على دراية كاملة بالمحتوى الذي يقدّمه من خلال الذكاء الاصطناعيّ، وأن يُحسن اختيار الأدوات المناسبة. وأشارت إلى أنّ الأطفال بطبيعتهم يتفاعلون بشكل بارع مع التكنولوجيا، كما إنّهم يستخدمون الذكاء الاصطناعيّ بالفعل في منازلهم، لذلك لا ينبغي فصلهم عنه في بيئة التعلّم. والذكاء الاصطناعيّ يمكن أن يكون بديلًا آمنًا من التجارب الكيميائيّة الخطرة داخل المختبرات، وقد يُنتج مخرجات يصعب على المدارس تنفيذها أو الوصول إليها بسبب نقص الموادّ أو الموارد في بعض الأحيان. وفي ختام المحور، وجّهت د. ريام سؤالًا للدكتور سهيل: هل يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يستبدل الأنشطة الحسّيّة في العلوم والرياضيّات؟ أشار د. سهيل في إجابته إلى وجود تخوّف من أن يتمّ إدخال الذكاء الاصطناعيّ في العمليّة التعليميّة بشكلٍ متأخّرٍ، ما قد يؤدّي إلى فجوة بين الواقع التكنولوجيّ والمحتوى التعليميّ في المناهج الدراسيّة، حيث تصبح غير قادرة على مواكبة هذا التغيير السريع. وسلّط الضوء على أنّ هناك فرصة واعدة في دمج مفهوم "هندسة الأوامر" ضمن مناهج العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا، موضّحًا أنّ هذا المفهوم امتداد لما كان يُعرف سابقًا بتصميم الخوارزميّات عند تطبيق التكنولوجيا في التعليم، حيث أصبح يُشار إليه في عصر الذكاء الاصطناعيّ بـ"هندسة الأوامر"، وهو تطبيق فيزيائيّ يعتمد على نماذج رياضيّة دقيقة، ويمكن استغلاله لتعزيز مهارات الطلبة العلميّة والتحليليّة. وأكّد ختام مداخلته على أهمّيّة تعليم الذكاء الاصطناعيّ للأطفال منذ المراحل المبكرة، معتبرًا أنّ هذا التوجّه ضروري لتجنّب الوقوع في فجوة معرفيّة مستقبليّة، ولتمكين الأجيال القادمة من التفاعل بفعّاليّة مع التحوّلات الرقميّة المتسارعة.   المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر طرحت د. ريام سؤالًا افتتاحيًّا: ما دور تعليم العلوم والرياضيّات في ظلّ الكوارث التي تحدث، تحديدًا في غزّة في ظلّ الإبادة؟ شدّد الدكتور سهيل على أنّ التعليم يمثّل بارقة الأمل في أحلك الظروف. فهو ليس وسيلة للمعرفة وحسب، بل أداة للابتكار تحت الضغط، وللاستقلاليّة، والتماسك النفسيّ والاجتماعيّ. وأوضح أنّ التعليم هو ما يوفّر للأطفال والشباب والنساء حماية من الاستغلال والضياع، وهو من يصنع بيئة آمنة تُمكّن من المشاركة والتطور، وبناء الجيل القادر على إعادة الإعمار. وأضاف: إذا كان التعليم هو الحياة، فإنّ العلوم والرياضيّات هما أدوات هذه الحياة"، مشيرًا إلى أنّهما الوسيلتان لفهم الواقع، والتخطيط ضمن موارد شحيحة، واتّخاذ قرارات مصيريّة: كيف نوزّع الغذاء؟ كيف نحمي أنفسنا من الأمراض والفيروسات؟ كيف نولّد الكهرباء؟ كيف نبني الملاجئ والخيام؟ وكلّها تساؤلات لا تمكن الإجابة عنها من دون أسس علميّة ورياضيّة. كما أشار إلى الدور الكبير للمؤسّسات المحلّيّة والدوليّة في الحفاظ على العمليّة  التعليميّة في غزّة والضفّة الغربيّة، مؤكّدًا على أهمّيّة تعزيز "عقليّة النمو"  والتي تُؤمن بعدم الاستسلام، وبقوّة الإرادة، والقدرة على حلّ المشكلات، وهي جوهر تعليم العلوم والرياضيّات في الأوقات الاستثنائيّة. من جهتها، اختتمت د. ريام حديثها بأنّ الإصرار الشعبيّ في غزّة على تعلّم العلوم والرياضيّات هو ما يُبقي الأفراد والمؤسّسات قادرين على العمل على رغم التحدّيات. وأضافت أنّنا أمام مسؤوليّة جماعيّة تحتّم علينا الاستمرار وعدم الاستسلام. وأكّدت على ضرورة التكامل بين المدارس الحكوميّة والخاصّة ووزارة التعليم، لتحقيق مخرجات تعليميّة تصبّ في مصلحة الطالب. وشدّدت في الختام على أنّ الخيال يسبق كلّ نظريّات العلوم والرياضيّات، مستشهدة بكلمات ألبرت آينشتاين: "الخيال أهمّ من المعرفة، فالمعرفة محدودة، أمّا الخيال فيحيط بالعالم".

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

غزّة... الانتظار الأطول
استيقظ العالم صباح الثلاثاء الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2025، على خبر عاجل مفاده أنّ وقف إطلاق النار بين الكيان الإسرائيليّ المحتلّ ... تابع القراءة
مكانة تلامذتنا في خطّة التنمية المستدامة المعتمدة من الأمم المتّحدة لسنة 2030
أوّلًا: التعريف بالوثيقة: (تحويل عالمنا: خطّة التنمية المستدامة لعام 2030) تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

غالية زين الدين- معلّمة صفّ لغة عربيّة- سوريا/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ أرى أنّ هناك العديد من الاستراتيجيّات المفيدة داخل الغرفة الصفّيّة، حيث تنويع الاستراتيجيّات له دور هامّ في دعم العمليّة التعلّميّة. إذا أردت أن أختار إحدى الاستراتيجيّات المفيدة، ربما أميل إلى التعلّم القائم على الاستقصاء، فعندما أطرح سؤالًا بدلًا من تقديم الإجابة، أراهم يفكّرون، يتحاورون، ويكتشفون بأنفسهم. وحين يصلون إلى الحلّ، يبتسمون وكأنّهم فتحوا كنزًا.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ بما أنّه صار من اللازم علينا مواكبة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، لما له من دور كبير في تحسين وتسهيل العمليّة التعليميّة، لذلك أدخل "Magic School AI" كإحدى وسائل الذكاء الاصطناعيّ التي تتيح للمعلّم التحكّم في عمليّة البحث، والتي يقوم بها طلّابه بما يبقيهم ضمن المسار الآمن. وأثناء عمليّة البحث أركّز على النقاشات الصفّيّة، بذلك أجعل التكنولوجيا تساعدني، لا تستبدلني. هي تبهرهم بالمعلومة، وأنا أبهرهم بطريقة فهمها.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ اعتقدت في البداية أنّ إعطاء إجابات لكلّ أسئلة الطلّاب بشكل مباشر يسرّع ويسهّل العمليّة التعليميّة، لكنّ سرعان ما أدركت أنّ الصمت أحيانًا هو ما يجعلهم يفكّرون. فبدأت أترك لهم مساحةً ليكتشفوا مع دعمهم بالمصادر اللازمة.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ - الذكاء الاصطناعيّ مع الحفاظ على التفاعل الشخصيّ في التعليم. - الإدارة الصفّيّة بأساليب تحفيزيّة، كيف نعلّم بلا ملل؟ - كيف نزرع حبّ التعلّم؟ - كيف نكون معلّمين يتركون بصمةً؟   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التعليم يحتاج إلى مشاركة حقيقيّة، لا عزلة. فكلّ معلّم يحمل تجربةً فريدةً في فصله، وكلّ درس يقدّمه هو فرصة للتعلّم والنموّ. أقترح إنشاء منصّة بسيطة تتيح لكلّ معلّم أن يشارك تجربته مع الآخرين، حيث يحكي عن الدروس التي نجح فيها وكيفيّة تطبيقه لأفضل الممارسات، وكذلك الدروس التي لم تنجح بالشكل المتوقّع، ليتمكّن الآخرون من التعلّم من تلك التجارب. بهذه الطريقة، يمكننا أن نضع معًا ملاحظات، ونناقش التحدّيات المشتركة، ونتعلّم من بعضنا البعض. ستكون المنصّة بمثابة مساحة للتطوير المهنيّ المستمرّ، حيث نتبادل الخبرات والأفكار الجديدة لتحسين أدائنا التعليميّ، وبالتالي تصبح عملية التعلّم أكثر فاعليّةً وإبداعًا.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحاول أن أتواصل معهم في أدقّ التفاصيل، حيث أخبرهم بشيء جميل فعله طفلهم، وأرى الفخر في أعينهم. وحينها، يعرفون أنّهم جزء من الرحلة، وليسوا مجرّد متابعين.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أضحك مع طلّابي، أفصل بين العمل والراحة، وأتذكّر دائمًا أنني أعلّم عقولًا. وحين تنتهي ضوضاء اليوم، أبحث عن وقتي الخاصّ، حيث أجدني بين صفحات كتاب يشبهني، أو في لحن موسيقيّ يأخذني إلى عالم هادئ بعيد عن ضجيج المسؤوليّات.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أرتّب المهامّ كما لو كنت ألعب "ترتيب المكعبات". أبدأ بالأشياء الأهمّ أوّلًا، ثم أكمل ما هو أقلّ أهمّيةً. وأترك وقتًا للراحة لالتقاط الأنفاس، حتى أتمكّن من متابعة باقي المهامّ بطاقة جديدة.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الإيجابيّ: تعلّمت ان أرى الأشياء بعيون مختلفة. السلبيّ: أحيانًا أحمل همّ الطلّاب حتّى خارج الصفّ.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في الحقيقة، التعامل مع الأطفال دائمًا يحمل في طيّاته الكثير من المواقف المضحكة التي لا تنسى. لكنّ عندما قرأت السؤال، تذكّرت إحدى طالباتي الصغيرات التي كانت دائمًا ترفع شعار "العدل والديمقراطيّة" في الصفّ. كانت تملك حسًّا دقيقًا جدًّا بالإنصاف، وكلّما اتّخذت قرارًا في الصفّ، كانت تجد فرصةً للتدخّل وإعطائي دروسًا في العدالة! فمثلًا، إذا قمت بتوزيع الطلّاب في مجموعات للعمل الجماعيّ، وكان حظّها السيّئ في مجموعة لا تضمّ صديقاتها المقرّبات، كانت تأتي إليّ مسرعةً، وعيناها مليئتان بالشكوى، وتقول: "أستاذة، أليس من العدل أن نكون مع أصدقائنا؟" كنت أجيبها بابتسامة، ولكنّها كانت تظلّ تشرح لي مدى الظلم في قراري! ومع مرور الوقت، بدأت أشعر بأنّني على وشك أن أتحوّل إلى "قاضي العدل" أمامها. هي لا تحبّ الخضوع للقوانين، وتحبّ الجدال حتى النهاية. كان من الصعب أحيانًا أن أستوعب مشاكساتها في بعض اللحظات. لكن في أحد الأيام، بينما كنت مشغولةً في الحصّة، وزّعت المهامّ على الطلّاب، وفجأةً وجدتها أمامي، مثل زعيمة صغيرة تحاول أن تحاكم قراراتي. قلت لها بسرعة: "أعلم أنّ المهمّة التي منحتك إياها تخالف قواعد الديمقراطيّة التي نلتزم بها في صفّنا، ولكن أرجوك اذهبي إلى مكانك وابدئي في إنجاز المهمّة. في المرة القادمة، سأبذل جهدًا أكبر لتوزيع المهامّ بشكل أكثر عدلًا!" لكنّها، وكما هو معتاد، حاولت مقاطعتي. فتوقّعت أنها ستكمل الجدال كما تفعل دائمًا. ولكن قبل أن أكمل كلامي، كانت قد توقفت وقالت لي: "أستاذة، كنت فقط أريد أن أسألك إذا كان بإمكاني الذهاب لشرب الماء؟" ضحكت من داخلي، وقد انتابني شعور غريب من الراحة... يبدو أنّ الديمقراطيّة لديها حدود، وعطشها كان أكثر إلحاحًا!

فكتوريا مارييفا- معلّمة فنّ- قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ من أكثر الاستراتيجيّات الفعّالة التي استخدمتها في غرفة الصفّ هي التعلّم من خلال التجربة والاستكشاف. أعتمد على توفير بيئة تُشجّع الطلبة على تجربة تقنيّات فنّيّة جديدة بأنفسهم، مثل استخدام أساليب غير تقليديّة كالتنقيط والسحب والقصّ واللصق بموادّ معاد تدويرها. عندما أقدّم إليهم مهمّة فنّيّة، أحرص على طرح أسئلة مفتوحة تحفّز تفكيرهم الإبداعيّ، مثل: كيف يمكن لهذا اللون أن يعبّر عن مشاعرك؟ أو كيف تعكس هذه الأشكال جزءًا من هويّتك؟ تجاوب الطلبة مع هذه الاستراتيجيّة كان رائعًا؛ فقد لاحظت زيادة في تفاعلهم وحماسهم أثناء الدرس. كما أصبحت أعمالهم أكثر تعبيرًا عن أفكارهم الشخصيّة. إضافةً إلى ذلك، شعرت بأنّ منحهم مساحة للاستكشاف عزّز ثقتهم بأنفسهم، وجعلهم أكثر جرأة في التعبير عن إبداعهم الفنّيّ.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ أحرص على تحقيق توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم من خلال استخدام التكنولوجيا أداة داعمة، لا بديلةً عن التفاعل المباشر بيني وبين الطلّاب. على سبيل المثال، أستخدم التكنولوجيا لتوفير مصادر بصريّة ملهمة، مثل عرض لوحات لفنّانين عالميّين، أو استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ لتجربة التراكيب اللونيّة والتقنيّات المختلفة. كما أستعين بمنصّات رقميّة لعرض أعمال الطلّاب بطريقة مبتكرة وتحليلها معًا. لكن في الوقت نفسه، أحرص على أن يظلّ التفاعل الشخصيّ حاضرًا بقوّة من خلال النقاشات الصفّيّة، والتغذية الراجعة المباشرة، والأنشطة العمليّة التي تتطلّب اللمس والتجريب بالموادّ الفنّيّة المختلفة. أؤمن بأنّ الفنّ تجربة حسّيّة وعاطفيّة بالدرجة الأولى، والتكنولوجيا يجب أن تكون وسيلة لتعزيزها، وليس لإلغائها.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مساري المهنيّ في التعليم، كنت أعتقد أنّ تقديم تعليمات واضحة ومحدّدة للطلبة، كفيل بضمان نجاحهم في تنفيذ المهام الفنّيّة. لكنّني اكتشفت أنّ هذا النهج قد يحدّ من إبداعهم ويجعلهم يتبعون نماذج جاهزة بدلًا من التعبير عن أفكارهم. عندما أدركت ذلك، بدأت أغيّر أسلوبي في التوجيه، فبدلًا من إعطاء تعليمات صارمة، أصبحت أطرح أسئلة تحفّز التفكير، مثل: كيف يمكنك أن تجعل عملك الفنّيّ يعكس شخصيّتك؟ أو ما الطريقة التي تودّ تجربتها لتوصيل فكرتك؟ كما صرت أشجّعهم على التجريب والخطأ جزءًا من العمليّة الإبداعيّة، وأوفّر لهم بيئة آمنة تدعم استكشافهم الفنّيّ دون خوف من الفشل. لاحظت بعد هذا التغيير أنّ الطلّاب أصبحوا أكثر انخراطًا في العمليّة الفنّيّة، وأكثر ثقة في التعبير عن أفكارهم بأساليب متنوّعة وفريدة، ما عزّز من تجربتهم التعليميّة وجعلها أكثر عمقًا وإبداعًا.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ ستركز الورشة على تحفيز الإبداع، واستخدام الفنّ وسيلةً للتواصل، ودمج التكنولوجيا من دون إلغاء التفاعل الإنسانيّ. كما ستتناول إدارة الصفّ الإيجابيّة، وتقديم التغذية الراجعة البنّاءة، مع استراتيجيّات تشجيع الطلّاب على التجريب والتعبير الشخصيّ، لتعزيز التفاعل والتعلّم العميق.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين في العالم العربيّ ضروريّ جدًّ، خصوصًا في ظلّ التحدّيات التي تواجه التعليم. تبادل الخبرات يساعد في إيجاد حلول مبتكرة، ويعزّز التطوير المهنيّ. أقترح مبادرة "ملتقى المعلّمين المبدعين"، وهي منصّة رقميّة تجمع المعلّمين لمشاركة التجارب، وتنظيم ورش عمل تفاعليّة، وإطلاق مشاريع تعليميّة مشتركة، ما يخلق بيئة تعاونيّة تدعم التجديد والإبداع في التعليم.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أحرص على بناء علاقة تواصل إيجابيّة مع أولياء الأمور من خلال إشراكهم في العمليّة التعليميّة، من خلال: - التواصل المستمرّ: إرسال تحديثات عن تقدّم الطلّاب وأعمالهم الفنّيّة. - دعوتهم إلى المشاركة: تنظيم معارض فنّيّة وورش عمل يشارك فيها أولياء الأمور. - تحفيز الدعم المنزليّ: اقتراح أنشطة فنّيّة يمكن تنفيذها في المنزل لتعزيز الإبداع. - الاستماع والتعاون: الترحيب بملاحظاتهم ومناقشة سبل دعم تطوّر أطفالهم فنّيًّا وتعليميًّا.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ للحفاظ على عافيتي النفسيّة وسط التحدّيات، أحرص على تنظيم وقتي وتحديد الأولويّات لتقليل الضغط، وأمارس الفنّ هوايةً شخصيّة للاسترخاء. كما أجد الدعم في التواصل مع الزملاء وتبادل التجارب. إضافةً إلى ذلك، أمارس التأمّل والمشي وأخصّص وقتًا للراحة والتوازن بين العمل والحياة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ لمواجهة الأعباء المتزايدة، أستخدم استراتيجيّات تنظيم الوقت بفعّاليّة، مثل: 1. تحديد الأولويّات: أركّز على المهام الأكثر أهمّيّة وأؤجّل غير الضروريّة. 2. التخطيط المسبق: إعداد جدول أسبوعيّ مرن يشمل التدريس والتقييم والراحة. 3. تقسيم المهام: تنفيذ الأعمال الكبيرة على مراحل لتقليل الضغط.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. مهنة التعليم منحتني أثرًا إيجابيًّا عظيمًا، حيث طوّرت مهاراتي في التواصل والصبر والإبداع، ما انعكس على حياتي الشخصيّة في بناء علاقات أعمق وأكثر تفهّمًا. أمّا الأثر السلبيّ، فهو الضغط المستمرّ والتفكير المتواصل في احتياجات الطلّاب، ما يجعل من الصعب أحيانًا تحقيق توازن شخصيّ جيّد.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ إحدى أطرف الحوادث التي مررت فيها كانت عندما طلبت من الطلّاب رسم "مشهد مستقبليّ" باستخدام خيالهم. فجاءني أحد الطلّاب بلوحة فيها روبوتات تُدرّس بدلًا من المعلّمين، وقال مازحًا: "هكذا ستأخذين إجازة!"

حنان كزبر- مدرّبة تعليم رياضيّات- لبنان/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ استراتيجيّات التفكير المرئيّ هي الأكثر فاعليّة في الغرف الصفّيّة، فهذه الاستراتيجيّات (فكّر، زاوج، شارك، ودوائر وجهات النظر) كلّها تساعد المتعلّمين على الخوض في المفاهيم المطروحة بعمق، في سبيل نقلها في الموادّ الدراسيّة وعبرها.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ التكنولوجيا لا تلغي أهمّيّة الجوانب الإنسانيّة في التعليم، بل يجب أن تكون مكمّلًا لها. لذلك، أحرص على استخدام الأدوات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ لتحسين تجربة التعلّم، ولكن من دون المساس بتفاعل الطلّاب الشخصيّ. أركّز على بناء بيئة صفّيّة تشبه ورش العمل التفاعليّة، حيث يتبادل الطلّاب الأفكار، يناقشون، ويتعاونون في إيجاد الحلول. هذا يضمن أن يتطوّر الطلّاب ليس فقط من الناحية الأكاديميّة، بل أيضًا من خلال المهارات الاجتماعيّة التي تظلّ أساسيّة في التعلّم الفعّال.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مساري المهنيّ، اكتشفت أنّني كنت أفصل بين مفاهيم الرياضيّات من دون ربطها ببعضها، أو بالموادّ الأخرى، أو بالحياة اليوميّة. كنت أدرّس كلّ مفهوم بشكل منفصل، ما جعل من الصعب على الطلّاب رؤية كيف تتداخل المفاهيم الرياضيّة مع بعضها من جهة، ومع الموادّ الأخرى من جهة أخرى. بعدما أدركت هذا، قمت بتعديل طريقة تدريسي لربط المفاهيم الرياضيّة ببعضها، وكذلك بربطها بالموادّ الدراسيّة الأخرى مثل العلوم والفنّ، إضافة إلى ربطها بتطبيقات الحياة اليوميّة. هذا التغيير جعل الطلّاب يرون الرياضيّات جزءًا متكاملًا وملموسًا من العالم الذي يحيط بهم.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ في ورشة العمل التي سأعدّها للمعلّمين، سيكون التمايز في تدريس الرياضيّات أحد الموضوعات الأساسيّة التي سأركّز عليها. سأناقش كيف يمكن للمعلّمين تكييف أساليب تدريسهم لتلبية احتياجات الطلّاب المختلفة في فهم المفاهيم الرياضيّة. بما أنّ الطلّاب يتفاوتون في أنماط التعلّم والقدرات، فإنّ التمايز في التعليم يوفّر فرصًا للطلّاب بأن يتعلّموا وفقًا لسرعتهم وطريقتهم المفضّلة.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أرى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمين والمعلّمات في العالم العربيّ أمر بالغ الأهمّيّة، خصوصًا في ظلّ الأزمات التي يمرّ فيها التعليم، سواء كانت أزمات اقتصاديّة أو اجتماعيّة، أو حتّى التحدّيات المتعلّقة بالجائحة. هذا التشبيك يسهم في تبادل الخبرات والمعرفة بين المعلّمين، ويتيح لهم الفرصة لتعلّم استراتيجيّات جديدة في التدريس، ويساعد في تطوير المهارات المهنيّة لكلّ منهم.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ للتعامل مع أولياء الأمور وتشجيعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم، أحرص على بناء علاقة شراكة قائمة على التواصل المستمرّ والمفتوح. أبدأ بتوفير قنوات تواصل، مثل الاجتماعات الدوريّة والتواصل بالتطبيقات المدرسيّة، بحيث يكونون دائمًا على اطّلاع على تقدّم أبنائهم. بالإضافة إلى ذلك، أشجّعهم على المشاركة في الأنشطة الصفّيّة، ما يعزّز دورهم في العمليّة التعليميّة. كما أقدّم إليهم أدوات واستراتيجيّات لدعم التعلّم في المنزل، وأستمع دائمًا إلى ملاحظاتهم لتقديم الحلول المناسبة. وأحرص على تقديم ملاحظات بنّاءة ومشجّعة تسهم في تحفيزهم على دعم أبنائهم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ للحفاظ على عافيتي وصحّتي النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة، أحرص على تخصيص وقت لنفسي بعيدًا عن ضغوط العمل والمهامّ اليوميّة. أبدأ يومي بممارسات تساعدني على الاسترخاء، مثل التأمّل أو ممارسة الرياضة الخفيفة، والتي تسهم في تحسين مزاجي وزيادة طاقتي. كما أحرص على تحديد أولويّاتي بوضوح، ما يساعدني في تجنّب الشعور بالإرهاق أو الضغط المستمرّ. التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة هو المفتاح، لذلك أخصّص وقتًا للأشياء التي أحبّها، مثل القراءة أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، ما يساعدني على تجديد طاقتي.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ لتنظيم وقتي بشكل فعّال عند مواجهة الأعباء المتزايدة، أتبنّى بعض الاستراتيجيّات التي تساعدني على تحقيق التوازن بين المهامّ المختلفة. أوّلاً، أبدأ بتحديد الأولويّات، حيث أركّز على المهامّ الأكثر أهمّيّة وعاجلة، وأترك المهامّ الأقلّ أهمّيّة لاحقًا. ثانيًا، أستخدم تقنيّات إدارة الوقت، مثل طريقة "بومودورو" (العمل لمدّة 25 دقيقة مع استراحة قصيرة)، ما يساعدني على الحفاظ على تركيزي وتجنّب الإرهاق. ثالثًا، أقوم بتقسيم المهامّ الكبيرة إلى أجزاء أصغر، وأحدّد لها أوقاتًا محدّدة للإنجاز، ما يجعلها أكثر قابليّة للإدارة. كما إنّني أحرص على تخصيص وقت للراحة بين فترات العمل، لضمان الحفاظ على طاقتي طوال اليوم. أخيرًا، أتعلّم أن أقول لا عندما تتراكم المهامّ بشكل يفوق طاقتي، ما يساعدني في الحفاظ على جودة العمل وتجنّب الإجهاد.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. أثّرت مهنة التعليم إيجابيًّا في حياتي الشخصيّة، فقد منحتني شعورًا عميقًا بالرضا الشخصيّ. إنّ رؤية الطلّاب يحقّقون النجاح والتطوّر بفضل إرشادي واهتمامي، تمنحني شعورًا بالإنجاز والفخر. كما ساعدتني في تطوير مهارات التواصل وحلّ المشكلات، وجعلتني أكثر صبرًا ومرونة في التعامل مع المواقف المختلفة. أمّا بالنسبة إلى الأثر السلبيّ، فهو أنّ مهنة التعليم قد تؤدّي أحيانًا إلى الإرهاق النفسيّ والبدنيّ، بسبب الأعباء المتزايدة والضغوط المستمرّة. ساعات العمل الطويلة، سواء داخل الفصل أو في التحضير والتصحيح، قد تؤثر في وقتي الشخصيّ وتقلّل من قدرتي على الراحة أو التفاعل مع العائلة والأصدقاء   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ أثناء درس عن الأعداد السالبة، كنت أطلب من الطلّاب تمثيل  -3 على خطّ الأعداد. فجأة، رفعت إحدى الطالبات يدها وقالت بحيرة: "لكنّ مسطرتي ليس عليها أعداد سالبة!" ابتسمت وسألتها: "وأين يبدأ الصفر على مسطرتك؟" فأشارت إلى بدايتها. عندها قلت: "تخيلي أنّ المسطرة تمتدّ إلى اليسار أيضًا، ولكن بأعداد سالبة!" نظرت إلى مسطرتها للحظة، ثمّ ابتسمت قائلة: "آه، إذًا الأعداد السالبة موجودة، لكنّها غير ظاهرة على المسطرة!" كانت تلك لحظة جميلة جعلت الجميع يفكر بطريقة مختلفة، وأدركت حينها أنّ أبسط التساؤلات قد تقود إلى أعمق لحظات الفهم!

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

مشكلات الأطفال السلوكيّة: الأسباب وطرق العلاج

قد يُظهر جميع الأطفال سلوكيّاتٍ يمكن وصفها بالشقاوة أو التمرّد أو الاندفاع من وقتٍ إلى آخر، وهو أمرٌ طبيعيٌّ تمامًا. لكن عندما يزداد معدّل هذه السلوكيّات، أو عندما تتحوّل إلى نمطٍ ثابتٍ، فإنّ هذا يعني الدخول في مرحلة مشكلات الأطفال السلوكيّة. يعدّ اضطراب التحدّي المعارض (ODD)، واضطراب السلوك (CD)، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، من أكثر اضطرابات السلوك المشاغب شيوعًا. تشترك هذه الاضطرابات في بعض الأعراض، لذلك قد يكون التشخيص صعبًا، ويستغرق وقتًا طويلًا. كما قد يعاني الطفل اضطرابَين في الوقت نفسه. ويعدّ تحديد هذه المشكلات ومعالجتها في وقتٍ مبكّرٍ من أهمّ عوامل رفاهيّة الطفل على المدى الطويل، وتحسين نوعيّة حياة الأسرة.  في هذا المقال سنستعرض أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة، وأنواعها، وطرق علاجها.    أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة  غالبًا ما تحدث مشكلات الأطفال السلوكيّة نتيجة تفاعلٍ معقّدٍ بين عوامل بيولوجيّةٍ، ونفسيّةٍ، وبيئيّة. لذا يجب تحديد الأسباب الكامنة بدقّةٍ، لتوصيف طرق العلاج الناجحة. من هذه الأسباب:    العوامل البيولوجيّة  تعود العديد من المشكلات السلوكيّة إلى الوراثة وكيمياء الدماغ وبنيته، إذ قد يولد بعض الأطفال بسماتٍ وراثيّةٍ معيّنةٍ، أو حالاتٍ عصبيّةٍ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو اضطراب طيف التوحّد، والتي تؤثّر في قدرتهم على التعامل مع المعلومات وإدارة مشاعرهم. كما يمكن أن تسهم اختلالات التوازن الكيميائيّ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، في اضطرابات المزاج التي قد تظهر في صورة مشكلاتٍ سلوكيّة.    البيئة الأسريّة  تؤثّر البيئة الأسريّة بشكلٍ كبيرٍ في سلوك الأطفال، فيمكن أن يؤدّي اضطراب العلاقة بين الوالدين، أو البيئة المنزليّة غير المستقرّة بشكلٍ عامٍّ، إلى شعور الطفل بالخوف والارتباك، والذي قد يتجلّى في شكل سلوكيّاتٍ ضارّة.    الصدمة أو خسارة شخص عزيز  يحمل الأطفال حساسيّةً شديدةً للأحداث المؤلمة، ويمكن أن يترك موت أحد الأحبّاء، أو انفصال الوالدين، أو التعرّض للتنمّر أو الإساءة، ندوبًا عاطفيّةً عميقةً لديهم. في الغالب تؤدّي الصدمة إلى تغييراتٍ سلوكيّةٍ، بسبب عدم قدرة الأطفال على التعامل بشكلٍ سليمٍ مع هذه التجارب. كما قد يعبّرون في بعض الحالات عن افتقارهم إلى المفردات العاطفيّة للتعبير عن مشاعرهم، في شكل سلوكيّاتٍ غير مستحبّة.    التأثيرات الاجتماعيّة وضغوط الأقران  يميل الأطفال إلى تقليد سلوكيّات أصدقائهم وزملائهم في المدرسة، وتصدر عنهم سلوكيّاتٌ سلبيّةٌ للتأقلم، أو الشعور بالقبول بين أقرانهم الذين يتصرّفون بهذه الطريقة. كما يمكن أن يسهم رفض الأقران، أو التعرّض إلى التنمّر، في حدوث مشكلات الأطفال السلوكيّة، إذ قد يلجؤون إلى التصرّف بعدوانيّةٍ، أو إلى العزلة، أو إلى القيام بأفعالٍ لجذب اهتمام الآخرين.     التحدّيات الأكاديميّة والتعليميّة  يمكن أن تؤدّي معاناة الطفل صعوباتٍ في التعلّم إلى الإحباط، ونقص احترام الذات. فعندما تتحوّل المدرسة إلى مصدرٍ للمشاعر السلبيّة لدى الأطفال، قد يجعلهم هذا يتصرّفون بوقاحةٍ، أو يحاولون التقوقع للتعامل مع مشاعر الفشل. أي إنّ المشكلات السلوكيّة قد تكون وسيلةً لإخفاء صعوبات التعلّم، والتي قد لا يفهمها الطفل تمامًا، أو لا يعرف كيف يعبّر عنها.     أنواع المشاكل السلوكيّة  تتضمّن مشكلات الأطفال السلوكيّة الشائعة ما يلي:  - اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط: تنتج عن هذا الاضطراب صعوبةٌ في التركيز لدى الأطفال. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنّه اضطرابٌ يرتبط بسلوك الأطفال بشكلٍ مباشرٍ، فيكونون أكثر اندفاعًا من أقرانهم، وقد يتجاهلون ما يقوله الوالدان، أو يثورون أو يصابون بنوبة غضبٍ، أو يقومون بعكس ما يُطلب إليهم. لذا فإنّ أمورًا بسيطةً، مثل إنجاز الفروض المنزليّة، والذهاب إلى الفراش، وارتداء الملابس، وتناول الطعام، قد تكون محلّ شجارٍ.  - اضطراب التحدّي المعارض: من أكثر الاضطرابات انتشارًا لدى الأطفال تحت عمر 12 سنةً. يتضمّن هذا الاضطراب بعض السلوكيّات الدالّة عليه، مثل سرعة الانفعال، وتكرّر نوبات الغضب، والجدال الدائم مع البالغين، وخصوصًا البالغين الأكثر قربًا منهم، مثل الوالدين، ورفض الالتزام بأيّ قواعد، فيبدو الطفل كما لو أنّه يحاول عمدًا إزعاج الآخرين، أو استفزازهم.  - اضطراب السلوك: يعانيه الكثير من الأطفال، ويعدّ أكثر حدّةً من اضطراب التحدّي المعارض، وتتضمّن مؤشّراته الرفض المتكرّر لطاعة الوالدين والشخصيّات ذات السلطة، والسلوك العدوانيّ، والكذب، والسرقة، والميل إلى التدخين، وتعاطي المخدّرات في عمرٍ مبكّر.  -اضطرابات القلق: قد نخلط بين أعراض القلق والخجل لدى الأطفال، لكنّ المصابين منهم باضطراب القلق يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ، عندما يكونون في مواقف تثير قلقهم. فقد يثورون، أو يصابون بنوبة غضبٍ، في محاولةٍ للهروب من هذه المواقف، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسديّ على الآخرين.  -اضطراب طيف التوحّد: غالبًا ما يعتمد الأطفال المصابون بالتوحّد على روتينٍ ثابتٍ يشعرهم بالراحة، وأيّ تغييرٍ غير متوقّعٍ يمكن أن يثيرهم، فهم يفتقرون إلى مهارات اللغة والتواصل للتعبير عن حاجاتهم. من الضروريّ أن نتذكّر أنّ بعض مشكلات الأطفال السلوكيّة، يمكن أن تنجم عن أسبابٍ طبّيّةٍ لم يتمّ التعرّف إليها، والتي قد تشمل الارتجاع المريئيّ، والإمساك، والحساسيّة، والتهابات الأذن، وحتّى الكسور. يتصرّف الأطفال عمومًا بشكلٍ سلبيٍّ عندما لا يشعرون أنّهم على ما يرام، وقد ينفجر الأطفال المصابون بالتوحّد لأنّهم يعانون الألم، ولا يعرفون كيف يعبّرون عنه أو يوقفونه.  يعدّ فهم الفئة التي تنتمي إليها المشكلة السلوكيّة أمرًا بالغ الأهمّيّة، لاختيار طريقة العلاج الصحيحة.     طرق علاج مشكلات الأطفال السلوكيّة  بالرغم من أنّ المشكلات السلوكيّة تبدو صعبةً، ومن العسير معالجتها، إلّا أنّ هناك العديد من طرق العلاج الفعّالة للتعامل معها، علمًا أنّه قد يكون علاجًا متعدّد الأوجه، ويتضمّن مزج أكثر من طريقةٍ من الطرق التالية:   التدخّلات غير الدوائيّة  - العلاج السلوكيّ المعرفيّ: أسلوبٌ مثبت الفعاليّة في علاج الأطفال الذين يعانون القلق، والاكتئاب، والمشكلات السلوكيّة المرتبطة بالمزاج، يركّز على تحديد أنماط التفكير السلبيّة التي تنتج سلوكيّاتٍ غير مرغوبةٍ، وتغييرها. كما أنّه يزوّد الأطفال بآليّات تأقلمٍ للتعامل بشكلٍ أفضل مع المواقف التي تثير لديهم ردّ فعلٍ سلبيّ.  - العلاج باللعب: يمكن أن يكون وسيلةً فعّالةً للتعبير عن المشاعر لدى الأطفال الأصغر سنًّا. فمن خلال اللعب، يتمّ توجيه الأطفال للتعامل مع مشاعرهم الداخليّة، وتعلّم معالجة تجاربهم المختلفة داخل بيئةٍ داعمة.  - العلاج السلوكيّ: أسلوبٌ مفيدٌ لعلاج اضطراباتٍ مثل فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطراب التحدّي المعارض، فهو يتضمّن إعداد روتينٍ منظّمٍ، وتوقّعاتٍ واضحةً، ومكافآتٍ لتدعيم السلوك الإيجابيّ. كما يساعد العلاج السلوكيّ في تطوير الانضباط الذاتيّ لدى الأطفال، وتعلّم الاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة.  - العلاج الأسريّ: يركّز هذا العلاج على تحسين التواصل وحلّ المشكلات داخل الأسرة، أي إنّه يتعلّق بفهم أفراد الأسرة للتحدّيات التي يواجهها الطفل، وتعلّمهم طرقًا فعّالةً للاستجابة إليها، الأمر الذي يخلق بيئةً أكثر دعمًا، ويقلّل من احتماليّة الشجارات وسوء الفهم.    الأدوية  في بعض الحالات، يمكن أن تكون الأدوية مكمّلةً للعلاج، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة، لعلاج اضطرابات المزاج. ولكن يجب التعامل بحذرٍ مع الأدوية، والحرص على استخدامها تحت إشراف طبيبٍ مختصّ. جديرٌ بالذكر أنّ الأدوية غالبًا ما تكون أكثر فعاليّةً عند دمجها مع أشكالٍ أخرى من العلاج.    تدريب الوالدين ودعمهما  للأهل دورٌ كبيرٌ في تصحيح سلوك أطفالهم السلبيّ، فهناك برامج متخصّصةٌ وقيّمةٌ للغاية، تركّز على الانضباط والتواصل وبناء العلاقات، مثل برنامج الأبوّة الإيجابيّة (Triple P)، والعلاج بالتفاعل بين الوالدين والطفل (PCIT)، وهي أساليب منظّمةٌ، تمكّن الأب والأمّ من استخدام تقنيّاتٍ فعّالةٍ للتعامل مع السلوكيّات غير المرغوبة، وتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة.     تعديلات نمط الحياة  يمكن أن تُحدث بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة فرقًا ملحوظًا في سلوك الطفل، مثل تحسين الاستقرار العقليّ، وتقليل الانفعال ونوبات الغضب، ومنها اتّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ، وتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم. كما يمكن أن يساعد تقليل تعرّض الطفل للشاشات الإلكترونيّة، وتعزيز الأنشطة الخارجيّة، في حرق الطاقة الزائدة، وإدارة التوتّر بشكلٍ أفضل.     بناء المهارات الاجتماعيّة  يعدّ التدريب على المهارات الاجتماعيّة فعّالًا في مساعدة الأطفال الذين يعانون صعوباتٍ في إقامة علاقاتٍ مع الأقران، إذ يعلّمهم مهارات التواصل الفعّال والتعاطف. يجب أن تنقل هذه المهارات إلى الأطفال ضمن أنشطةٍ جماعيّةٍ، في بيئةٍ منظّمةٍ، ما قد يخفّف من بعض المشكلات السلوكيّة، الناشئة عن ضعف الثقة بالنفس، أو ضغوط الأقران.    ***  يمكن القول إنّ المشاكل السلوكيّة لدى الأطفال قد تكون معقّدةً ومتعدّدة الأوجه، وتتطلّب نهجًا شاملًا للعلاج. لذا فإنّ فهم الأسباب الجذريّة، وتنفيذ العلاجات المستهدفة، والحفاظ على بيئةٍ أسريّةٍ داعمةٍ ومُحبّةٍ، والتواجد في بيئةٍ مدرسيّةٍ إيجابيّةٍ، سيمكّن الأهل من مساعدة أطفالهم في إدارة سلوكيّاتهم، والازدهار في حياتهم الشخصيّة والاجتماعيّة.  بالصبر والتعاطف والموارد المناسبة، يمكن للأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكيّةٍ، أن يتعلّموا التغلّب على تحدّياتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.    المراجع   https://www.webmd.com/parenting/types-of-behavioral-problems-in-children  https://childmind.org/article/common-causes-of-behavior-problems-in-kids/  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/behavioural-disorders-in-children   

خوف الأطفال من الامتحانات: أسبابه وحلوله

يُعدّ خوف الأطفال من الامتحانات من أكثر الظواهر شيوعًا في المدارس في جميع أنحاء العالم، فبينما تؤثِّر هذه المشكلة في أداء الطفل أكاديميًّا، تؤثِّر سلبيًّا في صحّته النفسيّة في معظم الأحيان. يقلق الطفل عندما يشعر بأنّ نجاحه في الحياة منوط بحصوله على درجات عالية، ويتفاقم هذا القلق لاحقًا ليؤثِّر في أدائه الأكاديميّ وغير الأكاديميّ. يمكنك تفادي تطوّر مشاعر الخوف المفرطة عند طفلك بتدارك هذه المشكلة مبكِرًا، وإيجاد حلول منطقيّة لها، بما يتناسب مع احتياجات طفلك العاطفيّة والنفسيّة.    ماذا يُسمَّى خوف الأطفال من الامتحانات؟  اصطُلِح علميًّا على تسمية الخوف من الامتحانات بـ"الرهاب من الامتحانات"، وهو الشعور بالخوف المفرط غير المبرَّر مع اقتراب موعد الامتحانات. يؤدّي هذا الخوف المفرط وغير العقلانيّ إلى زيادة مستويات القلق عند الطفل، ويزداد سوءًا عندما لا يُقدَّم للطفل التوجيه والمساعدة المناسبين في الوقت المناسب.    ما أسباب خوف الأطفال من الامتحانات؟ عند محاولتك حلّ مشكلة الخوف الذي يسيطر على طفلك أثناء فترة امتحاناته، عليك أن تعود خطوة إلى الوراء لتعرف سبب المشكلة. هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدّي إلى خوف الأطفال من الامتحانات، أهمّها: - الضغط الاجتماعيّ يمكن أن يؤدِّي الضغط الاجتماعيّ وتوقّعات الأهل والمعلّمين العالية إلى زيادة خوف الطفل من الامتحانات. - الخوف من الفشل  يمكن أن يتسبّب الخوف من الفشل في زيادة القلق والتوتّر عند الأطفال، ولا سيّما إذا كانوا يعانون ضغوطات كبيرة لتحقيق النجاح في الحياة.  - عدم الاستعداد الجيّد  إذا لم يُوفَّر الدعم الكافي للأطفال، بما في ذلك الدعم الأكاديميّ والنفسيّ، فقد يصعب عليهم التحضير للامتحانات كما يجب. - عدم الشعور بالثقة بالنفس  يمكن أن يؤدّي القلق والتوتّر إلى تدنّي الشعور بالثقة بالنفس، ممّا يؤثِّر سلبًا في الأداء الأكاديميّ.   كيف تتعامل مع خوف طفلك من الامتحانات؟  باستراتيجيّات بسيطة، تستطيع دفع طفلك دفعًا إيجابيًّا نحو الشعور بالراحة تجاه الامتحانات، وتعزيز ثقته بنفسه، ومساعدته على الاسترخاء وتحسين أدائه في الامتحانات. إليك الطرق الصحيحة في التعامل مع خوف طفلك من الامتحانات: - اِخلق جوًّا إيجابيًّا في المنزل  يحتاج طفلك إلى الهدوء والشعور بالسلام الداخليّ، لجمع أفكاره والتركيز على دراسته. أغلق التلفاز، وأنهِ جميع أعمالك المنزليّة، واجلس معه لتدعمه في دراسة موضوعاته الدراسيّة.   - ساعده في إعداد خطط الدراسة  تساعد الخطط الدراسيّة على تقديم أهداف ملموسة لطفلك. لذلك، دع هذه الخطوة تترأّس قائمة استراتيجيّاتك في ما يتعلّق بمساعدة طفلك على تخطّي الشعور بالخوف من الامتحانات. تضمن بذلك الموازنة بين أوقات مرح طفلك وأوقات دراسته.   - حضّر لطفلك وجبات غذائيّة متوازنة   تأكّد من تناول طفلك وجبات الطعام في الوقت المحدّد، وحصوله على ما يكفي من الكربوهيدرات والبروتينات. امنعه من تناول وجبات تحتوي على الدهون والزيوت الضارّة، وقدّم له، بدلًا من ذلك، المكسّرات والفاكهة على فترات منتظمة. - اصطحبه في نزهات سريعة  قد لا تدرك مدى أهمّيّة الشمس والهواء النقيّ في تجديد نشاط طفلك، إلّا أنّهما أساسيّان في تحقيق توازن طفلك الذهنيّ، وتهيئته قبل قضاء الساعات القادمة في استقبال المعلومات. لذلك، تأكّد من أخذ طفلك في نزهة إلى الحديقة الأقرب إلى منزلك، أو إلى الشارع المقابل حتّى يحصل على جرعته اليوميّة من الهواء النقيّ أثناء فترة امتحاناته، من أجل تصفية عقله قبل بدء العمل الجاد.   - احرص على جعل طفلك ينام ساعات كافية   النوم الجيّد في الليل ضروريّ لصحّة عقل طفلك وجسده. لذلك، من المهمّ جدًّا أن تتأكّد من حصول طفلك على 8 ساعات من النوم كلّ ليلة، حتّى يتمكّن من الاستيقاظ نشطًا للدراسة في اليوم التالي. - ساعده على تحسين خطّ يده  يرتبط خطّ اليد بتحسين فرصة طفلك في تحقيق علامات جيّدة. يميل الطلّاب إلى تجاهل خطوطهم أثناء محاولتهم إنهاء كتابة إجاباتهم في الوقت المحدّد. - اهتم بجميع مواده الدراسيّة على حدّ سواء  خصِّص وقتًا محدّدًا لمراجعة كلّ مادة وموضوعاتها، مهما بلغت درجة صعوبتها أو سهولتها، إذ تضمن، بهذه الطريقة، فهم طفلك المواد التي يستصعبها، وتتأكّد من فهمه الموادّ التي لا يجد فيها صعوبة.    * * * لا يستوجب خوف الأطفال من الامتحانات قلقك، ولكنّه، حتمًا، يستوجب انتباهك. يمكن لخوف طفلك في الصغر أن يتطوّر في مراحل عمريّة متقدّمة من حياته. لذلك، تُعدّ تأدية دورك، أبًا أو أمًّا، أمرًا أساسيًّا في مساعدة طفلك على التغلّب على قلق ما قبل الامتحان، بتطبيق القواعد التربويّة التي ذكرناها، من توفير البيئة المريحة وغيرها، لزيادة احتماليّة تحقيق طفلك أداء أفضل في امتحاناته.     أقرأ أيضًا: الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيف أعلّم طفلي الدفاع عن نفسه بطرق سلميّة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://parenting.firstcry.com/articles/how-to-deal-with-exam-fear-in-kids/   https://bangalore.globalindianschool.org/blog-details/exam-phobia   https://www.careerindia.com/tips/tips-to-help-kids-overcome-fear-of-exams-013849.html  

تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ: أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ

يكتسب الأطفال الذين يحظون بتعزيز الشخصيّة والتطوير الذاتيّ العديد من العادات المميّزة التي تُعزِّز الثقة بالنفس، سواء أكان ذلك على المدى القصير في مرحلة الطفولة والمدرسة، أم على المدى البعيد في مرحلة الجامعة أو دخول سوق العمل.    أهمّيّة تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال  يؤدّي تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ دورًا حاسمًا في تشكيل نجاحهم ورفاهيّتهم في المستقبل، حيث يكتسب الأطفال مجموعة من المهارات والسمات، بما في ذلك الثقة بالنفس، وقدرات التواصل، والذكاء العاطفيّ، والمرونة، وصفات القيادة.    فوائد تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ - تحسين الثقة بالنفس والتعبير عن الذات.  - تعزيز مهارات الاتّصال والمهارات الشخصيّة.  - حلّ المشكلات بطريقة أفضل. - زيادة المرونة والقدرة على التكيّف.  - تعزيز القدرات القياديّة ومهارات العمل الجماعيّ.  - الصحّة النفسيّة.  - ​​تنمية التعاطف والشعور بالمحيطين.​​​    علامات تدنّي الثقة بالنفس عند الأطفال​  في ما يلي بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى انخفاض ثقة الأطفال بأنفسهم، مع الأخذ بعين الاعتبار استشارة المختصّين للحصول على تشخيص دقيق للطفل:​​  ​​​1. الحديث السلبيّ عن الذات​​  غالبًا ما تشيع بعض العبارات عند الأطفال ذوي الثقة المنخفضة بأنفسهم، مثل: "أنا غبيّ"، أو "لا يمكنني فعل أيّ شيء بالطريقة الصحيحة"، أو "لا أحد يحبّني".​​  ​​​2. تجنّب التحدّيات​​  قد يتجنّب الطفل الذي يعاني ثقة متدنّية بذاته، تجربة أشياء جديدة أو مواجهة التحدّيات، خوفًا من الفشل والإحراج.​​  ​​​3. الهرب بسهولة​​  عندما يواجهون صعوبات، يسارعون إلى الاستسلام والابتعاد، بدلًا من الاستمرار في مواجهة التحدّي.​​ ​​​4. الحساسيّة للنقد​​  يأخذ الأطفال الذين يعانون ثقة متدنّية بالذات، النقد البنّاء على محمل شخصيّ للغاية، ويجدون صعوبة في قبول التعليقات.​​  ​​​5. الانسحاب الاجتماعيّ قد ينسحبون من المواقف الاجتماعيّة ويجدون صعوبة في تكوين صداقات.​​  ​​​6. عدم وجود مبادرة​​  قد يكون التردّد في أخذ زمام المبادرة أو التطوّع من علامات تدنّي الثقة بالنفس، ويفضّل هؤلاء الأطفال البقاء في الخلفيّة.​​  ​​​7. الكمال​​  قد يضعون معايير عالية لأنفسهم، وينزعجون من الأخطاء الصغيرة.​​  ​​​8. إلقاء اللوم على الآخرين​​  عندما يفشل الأطفال ذوو الثقة المتدنّية بالنفس، يميلون إلى إلقاء اللوم على العوامل الخارجيّة، بدلًا من تحمّل المسؤوليّة.​​  ​​​9. انخفاض الأداء​​  قد ينخفض أداؤهم الأكاديميّ أو اللامنهجيّ مع تضاؤل ثقتهم بأنفسهم.   أفضل طرق تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتحفيزهم الشخصيّ لتعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ، يمكن للوالدين استخدام العديد من الاستراتيجيّات الفعّالة، حيث تركِّز هذه الاستراتيجيّات على تهيئة بيئة داعمة، وتشجيع الطفل على الاستقلال، والاحتفاء بالإنجازات. في ما يلي بعض أفضل الطرق لتحقيق ذلك:  1. تشجيع الطفل على اكتشاف الذات  يمكن تعليم الطفل كيفيّة اكتشاف ذاته بمشاركته الأحداث والأخطاء الشخصيّة، لجعله يشعر بالثقة وعدم اهتزازها عند تصرّفه تصرّفًا خاطئًا. وتساعدهم هذه العادة على فهم أنّ كلّ شخص يرتكب الأخطاء. كما يبني هذا التصرّف علاقة أبويّة قويّة.    2. الحفاظ على علاقة متوازنة وصحّيّة  الحفاظ على توازن العلاقة مع الطفل بين الجدّ والمُزاح، لتجنّب إرهاق الطفل والحفاظ على مستوى ثقة صحّيّ بينه ووالديه. قد يؤدِّي دفع الأطفال بقوّة نحو أمرٍ ما إلى انخفاض ثقتهم بأنفسهم.    3. التحدّث عن اهتمامات الطفل  تحدّث إلى طفلك عن اهتماماته الحقيقيّة قبل تسجيله في الأنشطة. هذا يسمح له بالسيطرة على جدوله الزمنيّ، والقيام بما يحلو له حقًا؛ ممّا يعزِّز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ.    4. الانتباه إلى مكان التواصل مع الطفل  يمكن أن يؤدّي توبيخ الأطفال في الأماكن العامّة إلى شعورهم بالعار. بدلًا من ذلك، يُنصح الوالدون بمعالجة القضايا مع أطفالهم معالجة شخصيّة، وفي مكان خاصّ.   5. تعويد الطفل على أخذ زمام المبادرة  دع طفلك يأخذ زمام المبادرة في القرارات والمهمّات الصغيرة، حيث يعزِّز ذلك الاستقلاليّة والثقة بالنفس منذ سنّ مبكرة.    6. تفهّم الأخطاء والتعلّم منها  من أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ تفهّم الأخطاء وجعل الأطفال يتعلّمون منها. يساعدهم ذلك على تطوير إيجاد الحلول والثقة بقدراتهم.    7. الاحتفاء بالجهود والنجاح  الاعتراف بجهود الطفل ونجاحاته والاحتفاء بها يغرس الثقة بالنفس واحترام الذات العالي، ويمنح الطفل الحافز لمتابعة الأهداف.    8. التعامل مع الأخطاء على أنّها فرص للنموّ  اعتبار الأخطاء فرصًا للنموّ والتعلّم يساعد الأطفال على النموّ والتطوّر، ويجعلهم يثقون أكثر بقدراتهم.   9. توفير الفرص للقيادة والمسؤوليّة  يُنصح الوالدان بمنح الأطفال فرصًا لتولّي الأدوار والمسؤوليّات القياديّة، حيث يساعدهم ذلك على تطوير مهارات صنع القرار وحلّ المشكلات والتواصل؛ ممّا يعزِّز ثقتهم بأنفسهم.    10. دعم احترام الذات والتفاؤل  يساعد الوالدان الأطفال على تطوير صورة ذاتيّة إيجابيّة عن أنفسهم، بالتركيز على نقاط قوّتهم وإنجازاتهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على الإيمان بقدراتهم والاحتفال بنجاحاتهم.    11. تشجيع الاستقلال والاعتماد على الذات  منح الأطفال فرصة اتّخاذ القرارات وتحمّل مسؤوليّة أفعالهم يعزِّز الشعور بالتمكين والاستقلاليّة.    * * * أخيرًا، يجب على الوالدين الانتباه إلى أنماط مستمرّة من السلوكات المذكورة أعلاه، حيث يظهِر جميع الأطفال بعض هذه العلامات من حين إلى آخر. وقد يشير العرض المتّسق طويل الأمد إلى مشكلة أعمق تتعلّق بالثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ، والتي تجب معالجتها باستشارة المختصّين.    المراجع  https://sydneyinstitute.edu.au/importance-of-personal-development-in-students-life/  https://www.podareducation.org/blog-5-tips-for-parents-to-boost-their-kids-self-confidence  https://beyou.edu.au/fact-sheets/social-and-emotional-learning/building-confidence-in-children  https://www.healthychildren.org/English/ages-stages/gradeschool/Pages/Signs-of-Low-Self-Esteem.aspx  https://www.greatschools.org/gk/articles/low-self-esteem-in-children/ 

Putting It All Together

مجموعة تدريبات رياضيّاتيّة حول العمليّات الحسابيّة المبسّطة. للوصول إلى التدريبات الرجاء الضغط على الرابط هنا.

Solid Shapes All Around Us

مجموعة دروس عن تعلّم الأشكال الهندسيّة واستخدامها في بناء أشكال أخرى. للوصول إلى الدروس الرجاء الضغط على الرابط هنا.