الرئيسية

في هذا العدد

العدد (21) صيف 2025

الكتاب المدرسيّ... ضرورة مشروطة، حين طرحنا ملفّ العدد الحادي والعشرين: "مصادر التعلّم المدرسيّ: أما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا؟" كنّا نطمح فيه إلى أن تقدّم التربويّات والتربويّون العرب نماذج تخطّيهم الكتاب المدرسيّ، وذلك في معرض نقل متعلّميهم من مرحلة التعليم إلى التعلّم. انهالت علينا مشاركات زملائنا، تبحث في الكتاب المدرسيّ أداةً للتعلّم، وتطرح نماذج تطعيمه بمصادر أخرى، ولا سيّما المصادر الرقميّة الجديدة التي تشي بانقلاب في سيرورة التعليم.  من ناحية أخرى، ناقشت بعض المقالات الكتابَ المدرسيّ مفهومًا، ووظيفةً تتخطّى الدور التعليميّ المباشر. ويمكن التعبير عن هذا التوجّه بالآتي: تسقط الأنظمة السياسيّة للدول لأسباب مختلفة، فيكون هنالك نظام بائد ونظام حاليّ. وتُلصق بالأوّل الويلات، ويعِد الثاني بالخيرات. لكن ما يهمّنا، هو أنّ المشترك بين كلّ نظام "حاليّ" - ومع أولى خطوات استتباب وضعه وفرض سلطته - أنّ المجال الأوّل الذي يتحرّك فيه هو تغيير الكتب المدرسيّة! حتّى ليُخال للمراقب أنّ الكتب المدرسيّة كانت من عمدان النظام، ووجب نسفها لتأكيد سقوطه بلا رجعة.

ملفّ العدد القادم

دعوة للكتابة في الأعداد القادمة

للمساهمة والكتابة في أعداد المجلّة القادمة، نستقبل مقالاتكم حول المواضيع التربويّة المختلفة عبر البريد الإلكترونيّ:  [email protected] تعالج مواضيع المقالات العامّة التربويّة في المجلّة قضايا التعليم والإدارة المدرسيّة وتطوير المعلّمين. وقد يكون موضوع المقال منطلقًا من تفكُّر ذاتيّ؛ تأمُّل في تجربة ما أو مراجعة لها أو مُشاركة لتجارب وأفكار مُختلفة، أو قد يكون نتاجًا لورشة أو ندوة أو مؤتمر، وربّما يكون مراجعة لكتاب أو مقالة استطاع الكاتب أن يختبر مقتضياتها في الصفّ، وأن يُدخل عليه ما يتناسب ووضع الصفّ والمدرسة بشكل عامّ، وأن يلمس بيده وروحه ما أدّت إليه في مسار المتعلّمين. المعارف، على أهمّيّتها، موجودة وباتت متاحة بلغات مختلفة، لكن تجربتكم الشخصيّة في تحويل المعرفة إلى ممارسة يوميّة أو استراتيجيّة ناجحة تلائم الواقع، هي الشعلة التي نرغب في نقلها إلى المُمارسين التربويّين في الحقل التعليميّ. للاطلاع على سياسات النشر في المجلّة سياسات منهجيات | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)، وفريق منهجيّات سيكون داعمًا وموجودًا للتواصلِ والمتابعة والمجاورة.  

أخبار تربويّة

الأردن: نحو مليون و600 ألف تلميذ وتلميذة يبدأون عامهم الدراسيّ في المدارس الحكوميّة

انطلق يوم أمس الأحد العام الدراسيّ في الأردن، وتوجّه نحو مليون و600 ألف تلميذ وتلميذة إلى المدارس الحكوميّة في أنحاء المملكة، ويُتوقّع أن يلتحق نحو 600 ألف تلميذ بالمدارس الخاصّة وتلك التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا). بدوره، قال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم الأردنيّة، محمود حياصات: "استعدت الوزارة لاستقبال العام الجديد، وعدد التلاميذ في المدارس الحكوميّة يناهز 1.6 مليون، وهذا رقم قابل للزيادة أو النقصان خصوصًا في حال انتقل تلاميذ من القطاع الخاصّ إلى مدارس حكوميّة". وأوضح أنّه "جرى الانتهاء من إعداد وطباعة الكتب المدرسيّة وأرسلت إلى مستودعات الوزارة، ثم نقِلت إلى المديريّات وبعدها إلى المدارس، وأي تأخير في تسليم الكتب يكون في حال طرأ ظرف معيّن في مدرسة خلال عمليّة النقل". وذكر أنّ "الوزارة وظّفت هذا العام نحو 5000 معلّم جديد، منهم 4000 يحملون دبلوم إعداد وتأهيل. وفي حال وجود نقص في بعض المديريّات سيجري التوظيف من خلال تعيين معلّمين على حساب التعليم الإضافيّ"، أضاف أنّ الوزارة تعمل لتوسيع بناء المدارس وصيانتها، خاصّة في ظلّ الزيادة السكانيّة وانتقال تلاميذ من القطاع الخاصّ إلى الحكوميّ. وأشار إلى أنّ الوزارة تسلّمت مع بداية هذا العام الدراسيّ الجديد 30 مدرسة حكوميّة إضافيّة في مناطق مختلفة من المملكة، وهي تسعى إلى الاستغناء عن المباني المستأجرة. وقد استغنت الوزارة عن نحو 43 مدرسة مستأجرة، وستتسلم 85 مدرسة العام المقبل، كما أحيلت عطاءات لبناء 16 مدرسة وصيانة نحو 900 في أنحاء المملكة". وتحدّث أيضًا عن أنّ وزارة التربية تحاول التخلص من نظام الفترتَين (صباحيّ ومسائيّ) الذي لا يزال معتمدًا في بعض المدارس، ولفت إلى أنّ اللجوء إلى نظام الفترتين ارتبط بالزيادة السكانيّة واللاجئين السوريّين، وبناء المدارس سيُساهم في حلّ هذه المشكلة.   المصدر ( العربي الجديد).

174 ألف طالب و29 ألف معلّم يستعدّون لانطلاق العام الدراسيّ في قطر

تستعدّ وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر لانطلاق العام الدراسيّ الجديد 2025-2026، باستقبال أكثر من 147 ألف طالب وطالبة في المدارس الحكوميّة، إلى جانب مشاركة ما يزيد على 29 ألف معلّم ومعلّمة في مختلف المراحل الدراسيّة. وأكّدت الوزارة أنّ الاستعدادات هذا العام ركّزت على توفير بيئة تعليميّة آمنة ومحفّزة تواكب أعلى المعايير، بما يضمن نجاح العمليّة التعليميّة وتعزيز جودة المخرجات الأكاديميّة. كما شدّدت على أنّ عودة الطلبة والمعلّمين تمثّل ركيزة أساسيّة لدفع عجلة التطوير التعليميّ، وتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنيّة 2030. ويواكب انطلاق العام الدراسيّ الجديد افتتاح 10 مدارس جديدة، لتلبية احتياجات النمو المتزايد في عدد الطلبة وضمان استيعاب جميع الفئات في بيئة تعليميّة متكاملة.   المصدر ( منصّة مشيرب).

لبنان: وزارة التربية تعتمد 4 أيام تعليم في المدارس الرسميّة

كشفت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان عن قرارها القاضي باعتماد أربعة أيام تدريس أسبوعيًّا في التعليم الرسميّ بدلًا من خمسة. أتى ذلك الثلاثاء، بعد اجتماع إداريّ عُقد في الوزارة، مع العلم أنّ التعليم في لبنان تعرّض لخضّات عديدة في السنوات الماضية، ولا سيّما في خلال أزمة كورونا التي أرّقت العالم كلّه، وكذلك في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة الحادّة التي شهدتها البلاد، ووسط الوضع الإنسانيّ المتدهور الذي تسبّبت فيه الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان. والتقت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة ريما كرامي الرئيس اللبنانيّ جوزيف عون في قصر بعبدا الجمهوريّ، يوم الأربعاء الموافق 20 آب/ أغسطس، وتضمّن اجتماعهما عرضًا للواقع التربويّ في لبنان والتحضيرات الجارية لبدء السنة المدرسيّة الجديدة 2025-2026. وصرّحت كرامي بعد ذلك بأنّها وضعت عون "في أجواء الاستعداد لبدء العام الدراسيّ بمراحل التعليم كافة، العام والمهنيّ والعالي، مع شرح للإجراءات التي جرى اتّباعها لهذه التحضيرات". وأفادت كرامي بأنّ "التدبير حول اعتماد التدريس أربعة أيام خلال الأسبوع يطال فقط التعليم الرسميّ، وهو استمرار للإجراء المعتمد في خلال السنتَين الأخيرتين، أي منذ العودة من التعليم عن بُعد (في خلال أزمة كورونا) وخلال الأزمة الاقتصاديّة"، إذ كان ثمّة "توافق بين الوزارة والروابط التعليميّة على ضغط ساعات العمل". وشرحت أنّ هذا "أمر متعلّق بالكلفة التشغيليّة للوزارة والمدارس، وبرواتب الأساتذة لإفساح المجال أمامهم لتأمين دخل إضافيّ، بالإضافة إلى تخفيف المصاريف على الأهالي، خصوصًا بالنسبة إلى نقل التلاميذ من وإلى المدارس". وأشارت كرامي إلى أنّ "كلّ هذه الضغوط أوجبت في خلال الفترة الماضية اتّخاذ هذا الإجراء، وكنّا نأمل أن ننتقل هذه السنة إلى الدوام الكامل أي خمسة أيام في الأسبوع، وحاولت جاهدة التوصّل إلى هذه النتيجة وعقدت اجتماعات عديدة مع روابط الأساتذة في التعليم الأساسيّ والثانويّ، وتواصلنا أيضًا مع وزارة الماليّة في هذا الشأن". وأوضحت أنّ لـ"العام الدراسيّ خصوصيّته من الناحية الماليّة، فهو يبدأ في خضمّ السنة الماليّة، أي أنّنا حاليًّا ما زلنا من ضمن موازنة العام السابق التي تلحظ العمل لفترة أربعة أيام في الأسبوع"، وقد "حاولنا زيادة عدد الأيام لكنّنا لم نستطع". وتابعت: "لذلك، وكي نبدأ العام الدراسيّ بشكل منتظم، جرى الاتّفاق على الاستمرار بدوام الأيام الأربعة في الأسبوع، على أن تكون السنة الأخيرة التي يجري فيها اعتماد هذا الإجراء". وشدّدت على أنّ "كلّنا أمل بأنّ في العام المقبل، في ظلّ الموازنة الخاصّة التي وضعتها الوزارة"، أن "نعود إلى الدوام العاديّ، أي خمسة أيام في الأسبوع، التي تلحظ طرح مصاريف تشغيليّة للأساتذة الذين يجري العمل معهم لتصحيح الرواتب في القطاع العام". وأكّدت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة أنّ "هذه هي حيثيات القرار الذي صدر أمس الثلاثاء، مع الإشارة إلى رفع الحصّة التعليميّة إلى 50 دقيقة"، أي أنّ "موعد مغادرة المدارس الرسميّة سوف يمدّد يوميًّا لنحو نصف ساعة، وإعادة المواد الإجرائيّة والمختبرات وغيرها، على أن ينطلق العام الدراسيّ بزخم قوي وتستعيد المدرسة الرسميّة ثقة الأهالي". وحول كيفيّة تلبية مطالب الأساتذة بزيادة الرواتب في ظلّ عدم توفّر الأموال، قالت كرامي: "نحن مستمرّون في موازنة العام الفائت، وأنا على تواصل دائم مع الأساتذة، من خلال شخص في مكتبي مهمّته فقط الاتصال بالأساتذة وبالروابط التعليميّة والمديرين". وبيّنت: "التقيت الأسبوع الفائت بمديرين من مختلف المناطق اللبنانيّة وبكلّ الروابط، وبالتالي فإنّ مشروعنا في الوزارة هو إعادة تصحيح الأجور (المتعارف عليه باسم سلّم الرتب والرواتب) ولكن فعليًّا نرغب في تصحيح الأجور التي تراجعت"، مضيفةً: "واتّفقنا على وضع خطة موازية بالتنسيق مع وزارة الماليّة. ونحن نعمل (بوصفنا) شركاء، وأنا فخورة بهذا الأمر". من جهة أخرى، وفي ردّ على سؤال حول توفّر خطّة في حال وقوع حرب محتملة في لبنان في المقبل من الأيام، أجابت وزيرة التربية والتعليم العالي أنّ "لا خطّة في حال حصول حرب، بل لكيفيّة متابعة الدراسة في الأحوال العاديّة". لكنّها قالت: "نحن جاهزون إذا لزم الأمر وحصلت حرب لا سمح الله"، مؤكّدةً: "سوف نتّخذ الإجراءات اللازمة". وأكملت كرامي: "حاليًّا، ننطلق في عام دراسيّ، آمل بأن يكون منتظمًا، وحتى المدارس الواقعة في مناطق متضرّرة أو عرضة للاعتداءات تخضع لترتيبات خاصّة لتأمين التعليم الحضوريّ لكلّ تلميذ، وليس الاكتفاء بالتعليم عن بُعد،"، مشدّدةً على أنّ "ثمّة اهتمامًا خاصًّا بهذه المجموعة من التلاميذ، مثلما حصل في خلال الامتحانات الرسميّة التي أُجريت (في نهاية العام الدراسيّ المنصرم 2024-2025)، لأنّنا نعلم مدى قساوة الظروف التي يمرّون بها". على صعيد الترتيبات في المدارس التي تستقبل لاجئين سوريّين في فترة بعد الظهر، قالت كرامي: "هذا ملفّ مختلف وما زال قيد البحث لأنّ أبعاده تتجاوز وزارة التربية". أضافت: "حاليًّا، ما زلنا نعمل وفقًا للمراسيم المتّبعة في العام السابق وسوف نلتزم بها، لكنّه موضوع قيد البحث"، لافتةً إلى أن "ثمّة جهودًا كبيرة ولجانًا في الحكومة تعمل على موضوع عودة النازحين". وكانت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة قد ترأست، أول أمس الثلاثاء، اجتماعًا إداريًّا ضمّ المدير العام للتربية فادي يرق ومديري التعليم والإرشاد والتوجيه، وجرى البحث في خلاله في متابعة التحضيرات لانطلاق العام الدراسيّ 2025-2026. ومن أبرز المواضيع التي جرى البحث بها عدد أيام التدريس ومدّة حصّة التدريس والدوامَان اليوميّ والأسبوعيّ، مع الأخذ في عين الاعتبار المدارس التي تعتمد دوامَين؛ قبل الظهر وبعده. كذلك كانت إشارة إلى إنجاز المناقلات قبل بدء العام الدراسيّ المرتقبة انطلاقته قريبًا، وإعطاء الأولويّة لتأمين أفراد الهيئة التعليميّة للمدارس كافة.   المصدر ( العربي الجديد). 

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

المزاوجة بين الكتاب المدرسيّ والذكاء الاصطناعيّ: نموذج تعليميّ للمستقبل
إنّ تكامل الكتاب المدرسيّ وأدوات الذكاء الاصطناعيّ يُعدّ خطوة مهمّة نحو تطوير الأنظمة التعليميّة، لتلبية احتياجات القرن الواحد والعشرين. ... تابع القراءة
إلى متى سيبقى الكتاب المدرسيّ صامدًا؟
لا أظنّ أنّه يمكننا الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ، وإن كان المعلّم هو قائد العمليّة التعليميّة والعنصر الأوّل فيها؛ فالكتاب مُساعد القائد،... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التعليم النشيط: فكر أم مجرّد تطبيق تقنيّ؟
يتصوّر العديد من الفاعلين التربويّين أنّ التعلّم النشيط أمر بسيط، مرهون ببعض السلوكيّات الانفتاحيّة نمارسها على الطفل وعلى مشاركاته في ال... تابع القراءة
التعلّم بالأجهزة المحمولة: ثورة تربويّة أم فخّ رقميّ للشباب؟
أصبح التعلّم عبر الأجهزة المحمولة (m-learning) وسيلة مبتكرة تسهم في جعل العمليّة التعليميّة أكثر مرونة وتفاعليّة، باستخدام مختلف التطبيقا... تابع القراءة

الندوة القادمة

دعوة إلى ندوة: التعلّم الاجتماعيّ العاطفيّ.. خبرات تطبيقيّة من الصفوف والمجتمع

تدعوكم منهجيّات إلى حضور ندوتها الشهريّة لشهر آب/ أغسطس 2025، بعنوان "التعلّم الاجتماعيّ العاطفيّ: خبرات تطبيقيّة من الصفوف والمجتمع" وذلك يوم الأربعاء، الموافق 27-8-2025، في تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت القدس. محاور النّدوة - الافتتاح والتأطير المفاهيميّ. - عرض التجارب والخبرات. - الاستراتيجيّات والدروس المستفادة. يُمكنكم التسجيل لحضور الندوة عبر الرابط هُنا.

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة.. من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2025 بعنوان: "تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة: من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة".  وركّزت على محاور مختلفة، هي: المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع. المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الأستاذ بول سعيد، نائب المدير في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت؛ الأستاذة رولا عبدالحميد، المديرة الأكاديميّة  ‏في مدرسة البيان، الأردن؛ الأستاذ ربيع المرّ، المدير الأكاديمي في المدرسة الأهليّة، لبنان؛ الأستاذة دلال مشرقي، المدرّبة الأكاديميّة في قسم رياض الأطفال في مدارس الظهران الأهليّة، السعوديّة. وأدار الندوة الأستاذ فهمي رشيد كرامي، محام وشريك مؤسّس في مكتب رشيد فهمي كرامي للمحاماة والاستشارات القانونيّة في طرابلس، لبنان. استهلّ الأستاذ كرامي بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع افتتح الأستاذ كرامي الجلسة مؤكّدًا أنّ الحديث عن "صوت الطالب" حديث عن حقّ إنسانيّ أصيل، لا منّة تُمنح فيه ولا تفضيل يُعطى، مشدّدًا على ضرورة إعادة النظر في دور الطالب، ليس متلقًّا للمعرفة وحسب، بل فاعلًا مشاركًا في صياغة المحتوى التربويّ وأساليب تقديمه. وأشار إلى أنّ هذه الندوة تأتي ضمن جهود أوسع لفهم كيفيّة ترجمة هذا المفهوم إلى سياسات وممارسات داخل المؤسّسات التعليميّة. وفي هذا السياق، طرح الأستاذ كرامي سؤالًا جوهريًّا: كيف تنظر الإدارة التربويّة إلى صوت الطالب؟ وهل هو مجرّد تعبير أم أداة فاعلة في التغيير؟   في ردّه، أوضح الأستاذ بول سعيد أنّ التحوّلات الاجتماعيّة والتكنولوجيّة ألقت بظلالها على طبيعة الأدوار في العمليّة التعليميّة، مؤكّدًا أنّ التعلّم لم يعُد يقتصر على التلقين، بل أصبح تجربة حياتيّة تتطلّب شراكة حقيقيّة مع الطالب. وأضاف أنّ الاعتراف برأي الطالب وإسهامه في قرارات تتعلّق بالمنهج والتقييم والأنشطة، يعزّز من انخراطه ويطوّر قدراته القياديّة، مستشهدًا بمقولة الباحثة ليندا لامبرد: "الطالب القائد هو من وجد صوته.، منوّهًا إلى أنّ بناء ثقافة مدرسيّة تستند إلى صوت الطالب يتطلّب تخطيطًا وتدريبًا، وممارسات واعية تبدأ بالإصغاء الحقيقيّ، وبإشراك الطلّاب في صنع القرارات، بما لا يُضعف دور المعلّم، بل يُعزّز الشراكة التربويّة، معقّبًا بأنّ الطالب القائد هو ذاك الذي وفّرت له المدرسة المساحة ليُسمع صوته، ويشارك من دون خضوع أو تقييد، بل بوصفه شريكًا في التغيير. وفي سياق الحديث عن العدالة التربويّة ودور الطالب شريكًا فعليًّا في قيادة التغيير، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذ ربيع المرّ حول رؤيته إلى علاقة صوت الطالب بكلّ من العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة. قدّم الأستاذ ربيع المرّ مداخلة حول ارتباط صوت الطالب بمفاهيم العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة، مشيرًا إلى أهمّيّة دمج الطلّاب بوصفهم أطرافًا فاعلة في قرارات الإدارة المدرسيّة، بل وفي الأبحاث التربويّة نفسها؛ لا بوصفهم مبحوثين فقط، بل مشاركين في جمع البيانات وتحليلها ونشر نتائجها. وأضاف أنّ إشراك الطلبة في عمليّات التقييم، وحتّى التوظيف، يمثّل تحوّلًا جذريًّا في رؤية المدرسة إلى الطالب. وأوضح أنّ تحقيق صوت الطالب لا يمكن أن يكون هامشيًّا أو رمزيًّا، بل يجب أن يتحوّل إلى جزء جوهريّ من بنية العمل داخل المدرسة. وأكّد أنّ إشراك الطالب في قرارات إدارة المدرسة هو أحد أهمّ المؤشّرات على تحقق هذا الصوت. فصوت الطالب لا يُفعّل بإضافة أنشطة فقط، بل من خلال دمجه في هيكليّة اتّخاذ القرار على مستويات متعدّدة. ومن منظور البحث التربويّ، دعا الأستاذ ربيع إلى إعادة تعريف الطالب باحثًا شريكًا، لا عنصرًا يُدرس أو يُقاس فقط. أي أن يُشرك الطلبة في جمع البيانات وتحليلها ونشرها، ليكونوا جزءًا من عمليّات التقييم والتحسين المؤسّسيّ، ما يعزّز من قدراتهم النقديّة ويُنمّي لديهم الشعور بالمسؤوليّة. وأضاف أنّ صوت الطالب يجب أن يُفعّل على المستويين العموديّ والأفقيّ؛ فعلى المستوى العموديّ، يمكن للطلاب المشاركة حتّى في قرارات محوريّة، مثل تقييم المعلّمين المرشّحين للتوظيف، وإبداء رأيهم بشأنهم. وعلى المستوى الأفقيّ، تتمثّل المشاركة في التوسّع المدرسيّ، وتطوير السياسات، وتنويع أساليب التعليم. واختتم بالقول إنّ صوت الطالب لا يمكن فصله عن مفاهيم التعلّم التشاركيّ، والتعليم الحواريّ، والتعليم التحرّريّ، مؤكّدًا أنّ هذه النظريّات التربويّة، على اختلاف تطبيقاتها بحسب السياق، تفقد جوهرها إن لم تتأسّس على إشراك الطالب في صلب التجربة التعليميّة. وأوضح أنّ صوت الطالب ليس شعارًا، بل ممارسة قائمة على مفاهيم التعلّم الحواريّ، والتعليم التشاركيّ، وتنمية الوعي النقديّ، بما يتلاءم مع خصوصيّة كلّ مدرسة ورؤيتها.   وفي استكمال النقاش، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذة دلال مشرقي حول المفاهيم النظريّة التي يستندون إليها في دعم صوت الطالب، مستعرضًا أيضًا تجربتها في برنامج البكالوريا الدوليّة. استهلّت الأستاذة مشرقي مداخلتها باقتباس ملهم للدكتور غازي القصيبيّ: "إذا أردت أن تبني مجتمعًا واعيًا، فابدأ بالطالب، علّمه كيف يقول رأيه بثقة وكيف يحترم رأي غيره." وأكّدت أنّ هذا هو جوهر ندوة اليوم: فتح المجال أمام صوت الطالب ليُسمع ويُحترم ويُفعّل. وتحدّثت عن التجربة التربويّة في مدارس الظهران - السعودية، والتي تتبنّى برنامج البكالوريا الدوليّة (PYP)، حيث تُبنى الممارسات التربويّة على رؤية تُعزّز من تمكين الطالب ليكون مفكّرًا ومتعلمًا مدى الحياة، ثنائيّ اللغة، ومؤثّرًا محليًّا وعالميًّا. وأوضحت أنّ أحد المفاهيم المركزيّة التي يقوم عليها البرنامج هو مفهوم "القوى المحرّكة"، والتي تتكوّن من ثلاث ركائز مترابطة: الصوت، والاختيار، والملكيّة، حيث يُدرّب الطالب على التعبير عن رأيه، واتّخاذ قراراته، وتحمّل مسؤوليّة تعلّمه، ما يُكسبه إحساسًا بالملكيّة تجاه إنجازاته، ويُطوّر هويّته الشخصيّة. وأضافت أنّ هذه المقاربة تسهم في تطوير مهارات التفكير النقديّ والإبداع والاستقلاليّة. كما تمنح الطلّاب فرصًا واقعيّة لتجربة أثر قراراتهم، والتعلّم من خلال التفاعل والملاحظة والمشاركة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ الهدف هو بناء طالب مبادر، مفكّر، متواصل بفاعليّة.   في سياق مكمّل، طرح الأستاذ فهمي سؤالًا على الأستاذة رولا عبد الحميد، حول مدى قرب مدارسنا وتجاربنا اليوميّة من هذا المفهوم. أشارت الأستاذة رولا إلى أنّ فكرة الطالب القياديّ تتأثر بثقافة المدرسة، والبيئة المحيطة، والأسرة. وأكّدت أنّ تطبيق هذا المفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى. ففي حين يُمارَس في بعض المدارس بشكل فعليّ، يظهر في مدارس أخرى بصورة شكليّة، بحسب عمق قناعة المدرسة وثقافتها بأهمّيّة دور الطالب في القيادة والمشاركة. وأشارت إلى أنّ بناء هذا الدور ليس لحظة عابرة، بل هو سلوك تربويّ يتطلّب سنوات من التأسيس، ما يستوجب وضع برامج واضحة وممنهجة للمهارات القياديّة، تبدأ منذ السنوات الأولى. وأضافت أنّ التباين في تطبيق المفهوم يرتبط بنوع المدرسة (حكوميّة أو خاصّة أو دوليّة)، إذ تختلف الرؤية والأهداف من مؤسّسة إلى أخرى. وقدّمت مدرسة البيان في الأردن مثالًا، حيث تتقاطع سمات الطالب مع البرنامج المنهجيّ في إطار متكامل، يُعزّز شخصيّة الطالب ضمن ثقافة مدرسيّة واضحة ومبنيّة على معايير القيادة. كما أشارت إلى أنّ بعض مدارس البكالوريا الدوليّة، تدمج سمات الطالب داخل ملفّه الأكاديميّ، ما يخلق تجربة تربويّة شاملة ترتكز على الطالب، وتُراعي ثقافته وسياقه. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تحقيق نموذج الطالب القياديّ يتطلب تكامل الرؤية بين الإدارة والمعلّمين والأهل، لضمان تطبيق حقيقيّ وفاعل لهذا النموذج في عالمنا العربيّ، على رغم التحدّيات.   المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. وفي انتقال نوعيّ من الطرح النظريّ إلى التطبيق العمليّ، ناقشت الندوة سؤالًا محوريًا مع الأستاذة دلال مشرقي حول تجربة مدارس الظهران الأهليّة في تعزيز صوت الطالب من مختلف الزوايا. قدّمت الأستاذة مشرقي عرضًا لتجارب ملموسة من المدرسة، موضحة أنّ تعزيز صوت الطالب منذ السنوات المبكّرة يبدأ بأنشطة مثل المكتبات الصفّيّة، حيث يُشارك الطلّاب في ترتيب الكتب وتصنيفها وفقًا للفئات العمريّة والمستويات القرائيّة، بإشراف المعلّمين. كما يُؤخذ رأي الطلبة في نوعيّة القصص التي يُرغب في إضافتها إلى المكتبة، بما يمنحهم إحساسًا بالملكيّة تجاه العمليّة التعليميّ. ومن المبادرات البارزة التي أشارت إليها، استضافة الكاتبة كارولين حمادة في لقاء افتراضيّ مع الطلّاب، قرأت فيه قصصًا بأسلوب تفاعليّ، ثمّ أُضيفت كتبها إلى المكتبات الصفّيّة، ما عمّق العلاقة بين الطالب والكتّاب، وأشعرهم بأنّهم شركاء في إثراء المحتوى. كما تحدّثت عن معرض البكالوريا الدوليّة الذي يُمثّل مشروع تخرّج طلبة الصفّ الخامس، ويقوم فيه الطلبة باختيار مواضيعهم، وتصميم مشاريعهم، وتحمّل المسؤوليّة الكاملة عنها حتّى الإنجاز النهائيّ. كذلك يُتيح لهم البرنامج اختيار مواضيع الكتابة الفرديّة، والتي تُنشر في مكتبة المدرسة، ما يمنحهم منبرًا حقيقيًّا لإبراز صوتهم وتفرّدهم. وأشارت أيضًا إلى احتفاليّة "وحدة القصص"، حيث يقوم الطلبة بتحليل الشخصيّات القصصيّة وتأمّل تأثيرها في حياتهم، ثمّ يعيدون تمثيل القصص أو سردها بأساليب مبتكرة تعبّر عن رؤيتهم، ما يعزّز الخيال النقديّ والتعبير الذاتيّ. كما يُعمَل على تنمية التفكير النقديّ واتّخاذ القرار من خلال مشاريع صفّيّة تطرح مشكلات واقعيّة يُطلب من الطلبة البحث فيها، واقتراح حلول لها. ومن أدوات التقييم اللافتة التي تستخدمها المدرسة، السماح للطلبة بالمشاركة في وضع معايير التقييم، مثل: "ما صفات المتحدّث الجيّد؟" حيث يُنتج الطلّاب مجموعة من المعايير التي تُستخدم لاحقًا لتقييم أنفسهم بأنفسهم. وختمت الأستاذة مشرقي مداخلتها بالإشارة إلى أنّ المدرسة تُشجّع الطلبة على اختيار عمل يشعرون بالفخر به، ليقوموا بعرضه أمام زملائهم، ما يُعزّز الثقة بالنفس واتّخاذ القرار.   وفي مداخلة مكمّلة، أجاب الأستاذ ربيع المرّ عن سؤال حول أدوات تفعيل صوت الطالب داخل الصف، مشدّدًا على أهمّيّة خلق فرص دائمة ومنظّمة تمكّن الطلاب من طرح الأسئلة حول جذور المشكلات داخل بيئتهم المدرسيّة، والمشاركة في تطوير السياسات والممارسات التربويّة. وأشار إلى أنّ جائحة كورونا شكّلت نقطة تحوّل، إذ بدأت المدارس في التساؤل عمّا إذا كانت مناهجها لا تزال تحاكي الواقع. وأوضح أن المعلّمين تعلّموا الكثير من خلال سماع صوت الطلاب. وعرض تجربة بحثيّة أجراها خلال رسالة الدكتوراه، بمشاركة 21 طالبًا، حيث استخدمت أساليب البحث التشاركيّ بين المعلّمين والطلبة. توصّل البحث إلى نتائج مهمّة حول المجالات التي يجب أن تبدأ فيها المدارس التغيير، وأصبح الطلاب جزءًا من وضع خطة تنفيذ حقيقيّة وتقييمها. وأكّد أنّ الطلبة لم يُعامَلوا بوصفهم مشاركين رمزيّين، بل أطرافًا متساوية في اتّخاذ القرار، وهو ما تطلّب التحرّر من الفرضيّة السائدة بأن "المعلّم دائمًا الأعلم بمصلحة الطالب"، وفسح المجال لتعدّد الرؤى.   تقدّم الأستاذ كرامي بالشكر للمشاركين، مؤكدًا أنّ ما طُرح من مبادرات يُجسّد كيف يُمكن لصوت الطالب أن يكون حجر الزاوية في العمليّة التعليميّة، وسأل عن أثر هذه التجارب في بناء شخصيّة الطالب. أجاب الأستاذ بول سعيد بسرد ثلاث تجارب محوريّة في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت: أولًا: مراجعة سياسات الحضور والانضباط، حيث أُشرك الطلاب في مجموعات تركيز لمراجعة الممارسات القائمة واقتراح بدائل. لم تكن المشاركة رمزيّة، بل حقيقيّة، حيث ظهر حرص الطلاب على مصلحة المدرسة، ما عزّز الثقة المتبادلة. ثانيًا: مبادرة "المدرّبون الصغار" في المرحلة الابتدائيّة، التي جاءت استجابةً لشكوى الطلّاب من الملل والتنمّر في الاستراحة، تولّى فيها طلّاب مهمّة تنظيم الأنشطة والألعاب، واختاروا بأنفسهم ما يناسبهم، ما أسهم في تحويل وقت الفرصة إلى مساحة إيجابيّة للتفاعل وبناء الروابط. ثالثًا: رحلة مجتمعيّة إلى تنزانيا نظّمها عدد من الطلّاب، حيث قاموا بالتنسيق مع جمعيّات، وكتبوا المقترح، وجمعوا التبرّعات، ونفّذوا الرحلة بنجاح لخدمة أطفال إحدى القبائل في تنزانيا. لم تكن مجرّد تجربة خارجيّة، بل نموذجًا حقيقيًّا للقيادة الذاتيّة والمسؤوليّة المجتمعيّة. وأوضح الأستاذ بول أنّ المساحة المتاحة للطالب، مهما كانت مختلفة في حجمها وشكلها، تظلّ العامل المشترك لنجاح هذه المبادرات. والثقة بالطالب هي العنصر الجوهريّ الذي يُحدث الفرق. في تعقيبٍ لاحق، شاركت الأستاذة رولا عبد الحميد تجارب مؤثّرة من مدرسة البيان في الأردن، أبرزها: - دور قسم الإرشاد التربويّ في بناء ثقة الطالب، في جلسات حوارية تشاركيّة مع الطلبة وأهاليهم. - مجلس الطلبة الذي يُنظَّم عبر الترشيح والانتخاب وفرز الأصوات، ما يزرع بذور الديمقراطيّة، ويُشعر الطالب بالمسؤوليّة. - تجربة رائدة في إعادة صياغة دليل الانضباط الطلابيّ بعد مشاورات مع الطلبة من مختلف المراحل التعليميّة، إضافة إلى مشاركة أولياء الأمور والمعلّمين، ليصبح هذا الدليل وثيقة حيّة تُناقَش سنويًّا، وتعكس مشاركة الطلّاب بفعّاليّة. - برنامج المهارات الحياتيّة والمناظرة، الذي يُدرّب الطلبة على الإلقاء، والتفكير النقديّ، والمناقشة العلميّة. وأشارت إلى أنّ هذه المهارات تظهر جليًّا في مشاركات الطلّاب في مؤتمرات علميّة وإنسانيّة وفق اهتماماتهم. كما استعرضت تجربة "نموذج الأمم المتحدّة (MUN)" الذي نظّمه بالكامل أربعة طلّاب، بحضور أكثر من 160 طالبًا و13 مدرسة، برعاية مؤسّسات رسميّة، ما شكّل نموذجًا يُحتذى به في القيادة الطلّابيّة. وذكرت مبادرة "أحتفي بتعلّم ابني" التي فتحت فيها المدرسة أبوابها أمام الأهالي ليشاهدوا أداء أبنائهم في تقديم دروس علميّة، ما عزّز فخر الطلبة بأنفسهم، وأظهر قدراتهم التعبيريّة، وهو نشاط سيُعمّم سنويًّا في ضوء نتائجه المبهرة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تعزيز دور الطالب القياديّ غيّر بشكل جوهريّ، سلوك بعض الطلاب الذين كانوا يُصنّفون سابقًا بالمشاغبين أو المهمّشين، إذ أصبحوا فاعلين داخل لجان الانضباط، يحثّون زملاءهم على احترام القوانين، نتيجة شعورهم بالانتماء الحقيقيّ للمدرسة.   المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة. في ختام الندوة، انتقل النقاش إلى عنوان "نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة". وتركّز الحديث على التحدّيات التي تواجه المدارس في تطبيق هذا المفهوم وتفعيله على المدى البعيد. استهل الأستاذ ربيع المرّ هذا المحور بالإشارة إلى أنّ الاعتراف بوجود فجوات في المنظومة التعليميّة، هو أوّل خطوة نحو التطوير الحقيقيّ. وأكّد أنّ إشراك الطالب لا يعني التنازل عن دور الإدارة، بل هو توسيع لدائرة التأثير، وخلق بيئة تعليميّة مشتركة. وطرح تجربة قيّمة تمثّلت في دعوة طلّاب من مختلف المراحل إلى المشاركة في مشروع بحثيّ استمرّ خمسة أشهر، تناول تقييم المدرسة واقتراح سبل تطويرها. اجتمع فيه الطلاب أسبوعيًّا مع مديري المدرسة والإدارييّن، وناقشوا السياسات التعليميّة بشكل مباشر، ما عزّز الشعور بالمسؤوليّة، والقدرة على التأثير في القرار التربويّ. وفي ما يتعلّق بتحدّيات إشراك الأهل، أوضحت الأستاذة دلال مشرقي أنّ أحد المحاور الأساسيّة لتفعيل صوت الطالب، يكمن في تأهيل المعلّمين أوّلًا عبر تدريب مستمرّ، وتطوير خطط التدريس لتكون أكثر مرونة وتكاملًا مع واقع الطالب. وأضافت أنّ المدرسة تعتمد على أدوات مثل الاستبيانات، اللقاءات الفرديّة، والأنشطة المجتمعيّة لتعزيز التواصل مع الأهالي، وربطهم بخطط المدرسة وأهدافها.   من جانبها، أكّدت الأستاذة رولا عبد الحميد أنّ جزءًا كبيرًا من التحدّيات، يكمن في إعادة تعريف النجاح التربويّ، ليشمل المهارات والسلوكيّات القياديّة، وليس فقط النتائج الأكاديميّة. وشدّدت على أهمّيّة شفافيّة المدرسة مع الأهالي في توضيح لماذا يُركَّز على مهارات الحوار والنقاش والمناظرة؟ ولماذا أصبح تقييم الطالب يتجاوز العلامة النهائيّة ليشمل أداءه في الحياة المدرسيّة؟ بدوره، أضاف الأستاذ بول سعيد أنّ النجاح في ترسيخ صوت الطالب يعتمد على بناء شراكات خارج المدرسة أيضًا، مؤكّدًا ضرورة التعاون بين المدارس والجهات الحكوميّة، والقطاع الخاص، والمؤسّسات الأهليّة. وأشار إلى مبادرات تعاونت فيها المدرسة مع مؤسّسة الكويت للتقدّم العلميّ، والهيئة العامّة للبيئة، وشركات خاصّة، حيث قُدّمت تدريبات ميدانيّة للطلبة، ومنافسات تعليميّة مرتبطة بالمنهاج الأكاديميّ، بما يعزّز التعلّم العمليّ، ويمنح الطالب صوتًا حقيقيًّا في بيئته الأوسع. وشدّد في ختام مداخلته على أنّ الأولويّة يجب أن تكون دائمًا للتعليم المرتبط بالحياة الواقعيّة، وأنّ كلّ ذلك يبدأ من تمكين المعلّم ودعمه بالوقت والوسائل لتفعيل هذه الرؤية داخل الصفّ.   واختتم الأستاذ كرامي الندوة بالتأكيد على أنّ صوت الطالب ليس تهديدًا للنظام التعليميّ، بل هو أحد دعائمه. وأنّ تحقيقه لا يعني سحب السلطة من الإدارة، بل إعادة تنظيمها بشكل أكثر إنصافًا وتشاركيّة. واعتبر أنّ الاندماج الحقيقيّ بين الطالب والمعلّم هو ما يُنتج بيئة تعليميّة آمنة ومنتجة ومستدامة، تعود بالنفع على الطالب والأسرة والمجتمع ككلّ.

ندوة: تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيار/ مايو 2025 بعنوان "تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا".  وركّزت على المحاور الآتية: المحور الأوّل: التعليم المفاهيميّ في تعليم الرياضيّات والعلوم. المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة. المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات.  المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الدكتور سهيل حسين صالحة، أستاذ في جامعة النجاح الوطنيّة، فلسطين؛ الأستاذة لمى شوقي دبّوس، مُعلّمة كيمياء لمرحلة الدبلوم وعلوم للمرحلة الثانويّة، قطر – لبنان؛ الأستاذة جنى صبّوح الحاج سليمان، مديرة مدرسة مدينة السلطان قابوس الخاصة، سلطنة عمان – لبنان. أدارت الندوة المستشارة التربويّة في مؤسّسة النيزك، الدكتورة د. ريام كفري - أبو لبن، من فلسطين. استهلّت الدكتورة ريام الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: في معنى تعليم الرياضيّات والعلوم وظيفيًّا افتتحت الجلسة الدكتورة ريام بالتأكيد على أنّ أحد أهم أهداف تعليم العلوم والرياضيّات هو أن يكون تعليمًا وظيفيًا، يثري المتعلّم ويُعدّه للحياة الواقعية. وطرحت في هذا السياق سؤالًا محوريًا: ما معنى تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًا؟ أوضح الدكتور سهيل صالحة أنّ التعليم الوظيفيّ يعني الربط بين المفاهيم العلميّة والحسابيّة والحياة اليوميّة، بهدف تنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعيّ، والقدرة على حلّ المشكلات، الأمر الذي ينعكس إيجابيًّا على كفاءة المتعلّم في المواقف الحياتيّة، الحاضرة والمستقبلية. من جانبها، شدّدت الأستاذة جنى سليمان على أنّ هذا النوع من التعليم ينقل الطالب من مجرد تلقّي المعرفة النظريّة إلى التفاعل مع واقع الحياة، ليصبح مستكشفًا نشطًا للمعرفة بدلًا من متلقٍّ سلبيّ. وأكّدت أنّ جعل الطالب محور ال عمليّة  التعليميّة يتطلّب بالضرورة تعليم العلوم والرياضيّات بأساليب  عمليّة ووظيفيّة . وقدّمت الأستاذة لمى دبّوس رؤية متكاملة حول المفهوم، موضّحة أنّ التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات يرتكز على الفهم العميق للأفكار الكبرى التي تنضوي تحتها المهارات. وأضافت أنّ هذا النوع من التعليم يعزّز التفكير النقديّ، والذي يُعدّ من الأهداف الأساسيّة المرجوّة. وأشارت إلى أنّ طرح الأسئلة العميقة أحد أبرز الاستراتيجيّات لتحقيق هذا الهدف، حيث يسهم في ربط المفاهيم ببعضها البعض، وربطها بسياقات واقعيّة. وضربت مثالًا توضيحيًّا: بدلًا من سؤال الطالب: ما مصادر الطاقة؟ يمكن سؤاله: كيف نستخدم مصادر الطاقة بطريقة مستدامة؟ هذا النوع من الأسئلة، بحسب أ. لمى، يحرّك التفكير، ويقود المتعلّم نحو تطبيق معرفته في مواقف حياتيّة حقيقيّة. وفي السياق ذاته، قدّم الدكتور سهيل صالحة عرضًا معمّقًا سلّط فيه الضوء على أهمّيّة التركيز على الفهم العميق مرتكزًا أساسًا في التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات، موضّحًا أنّ هناك مفاهيم أساسيّة مثل الكتلة والوزن والقوّة والنمط والعلاقات والاقترانات، تشكّل الأساس المعرفيّ الذي تُبنى عليه الخبرات التعليميّة في هذين المجالين. وأشار د. سهيل إلى أن التعلّم المبنيّ على المفاهيم لا يقتصر على معرفة "ماذا"، بل يمتدّ إلى فهم "لماذا" و"كيف"، ما يُمكّن المتعلّم من تطبيق المعرفة في سياقات متنوّعة وجديدة. واستشهد بمفهوم "التناسب" كمثال حيّ، حيث يمكن توظيف الطهو في مجالات مثل الفيزياء أو الاقتصاد، ما يُبرز قيمة نقل المعرفة من سياق إلى آخر. وأكدّ كذلك أنّ هذا النهج يُراعي الفروق الفرديّة وأنماط التعلّم المختلفة، ويُتيح تنوّعًا في طرق التعليم، ما يجعل المحتوى أقرب وأسهل للفهم عند جميع المتعلّمين. وأشار إلى أنّ المفاهيم الكبرى تنمّي لدى الطالب رؤية شموليّة للعلوم والرياضيّات باعتبارها أنظمة مترابطة، لا مواضيع منفصلة، ما يزيد من عمق الفهم ويُعزّز الاستعداد للتعلّم المستقبليّ. واختتم د. سهيل مداخلته بالتأكيد على أنّ التعليم المفاهيميّ بوّابة حقيقيّة لنقل أثر التعليم، وتحقيق نواتج تعلّم ممتدّة وفعّالة.   المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة  في انتقال نوعي من الطرح النظريّ إلى الجانب العمليّ، ناقشت المشاركون سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن تعليم العلوم والرياضيّات في المرحلة الابتدائيّة بشكل فعّال ومرتبط بحياة الأطفال؟ أجابت الأستاذة جنى سليمان بأنّ المرحلة الابتدائيّة تُعدّ مرحلة شديدة الحساسيّة في تكوين شخصيّة الطالب، ما يتطلّب مقاربات تعليميّة تتجاوز التلقين إلى الفهم والاستكشاف. وأوضحت أنّ تعليم العلوم في هذه المرحلة يجب أن يبدأ بربط المفاهيم بالمواقف الحياتيّة اليوميّة، وبالاعتماد على الاستكشاف والاستقصاء، وطرح المشكلات على الطلّاب لإيجاد الحلول بأنفسهم، الأمر الذي يعزّز دور الطالب بوصفه محورًا للعمليّة  التعليميّة، ويجعل المعلم موجّهًا لا ملقّنًا. كما أكّدت أهمّيّة استخدام الحواس في التعلّم، وإضفاء الطابع الممتع على الدروس من خلال الألعاب والحركة والتجارب المسلّية، بهدف خلق بيئة تعلّم محفّزة. وركّزت على ضرورة فهم المفاهيم بدلًا من حفظها، وأن تكون الحصّة مزيجًا من التعليم والمتعة. أما في ما يخصّ الرياضيّات، فشدّدت على ضرورة أن يفهم الطالب سبب استخدام العمليّات الحسابيّة في الحياة قبل حفظ آليّاتها، مثل استخدام الضرب في البيع والبناء أو العدّ. كما دعت إلى الابتعاد عن أسئلة التذكير التقليديّة، والاعتماد على أسئلة تفكير عليا تحفّز النقد والتحليل، حتى إن لم يُجِب الطلّاب عنها مباشرة، فمجرد التفكير بها يُثري عقولهم. عقّبت الدكتورة ريام بأنّ من أهمّ الاستراتيجيّات التي تُنمّي مهارات التفكير العليا، استراتيجيّة الاستقصاء الاستنتاجيّ، حيث لا يُطلب من الطالب تطبيق القانون، بل اكتشافه من خلال التجربة. وبيّنت أنّ هذه المقاربة تقلب التسلسل التقليديّ، فتبدأ من التحليل وصولًا إلى الفهم والتذكّر، ما يعكس فهمًا عميقًا للمفاهيم. وفي السياق، شدّد الدكتور صالحة على أهمّيّة وجود سياسة تعليميّة واضحة من قبل صانعي القرار، تضمن تطبيق التعليم الوظيفيّ في الرياضيّات والعلوم على مستوى المناهج وتدريب المعلّمين، لضمان تحقيق تعلّم حقيقيّ ومستدام لدى الطلبة. أما في ما يخصّ المرحلتين المتوسّطة والثانويّة، فطرحت د. ريام سؤالًا على الأستاذة لمى دبّوس حول المبادئ الأساسيّة لتعليم العلوم والرياضيّات في هذه المراحل، وكيف يمكن ربط المفاهيم بالحياة اليوميّة، مع مراعاة خصوصيّة هذه المرحلة العمريّة. أكدت أ. لمى أنّ الشغف والحب والعطاء هي المحرّكات الأساسيّة التي تدفع المعلّم إلى الاستمرار والعطاء الحقيقيّ داخل الصفّ، مشيرة إلى أنّ قائمة المبادئ التي يجب أن يقوم عليها التعليم تبدأ من الابتعاد عن التلقين، والاتّجاه نحو الأساليب التطبيقيّة، مع ربط المعلومات بالسياقات الواقعيّة، سواء المحلّيّة أو العالميّة، لتعزيز شعور الطالب بالانتماء والدافعيّة نحو التعلّم. أوضحت كذلك أنّ كثيرًا من الطلّاب يطرحون تساؤلات، مثل: "لماذا نتعلّم هذا؟ وأين سنستخدمه؟"، ومتى استطاع الطالب أن يجيب عن هذه الأسئلة وأن يدرك قيمة ما يتعلّمه، يصبح أكثر ارتباطًا بالمعلومة وحرصًا على الاستفادة منها. أضافت أ. لمى أنّ من المبادئ المهمّة في تعليم العلوم في هذه المرحلة، اعتماد الطالب على المنهج العلميّ في التفكير والاستقصاء. وقدّمت مثالًا على ذلك طلبة الدبلوم الذين يُكلّفون بإعداد تحقيق علميّ من 3000 كلمة يعتمد على أفكارهم وتفسيراتهم الخاصّة، ويقومون بتحليله واستخلاص نتائجه، وهو ما يعكس بناءً سليمًا لمهاراتهم البحثيّة منذ المراحل الدراسيّة المبكّرة. من جانبها، عقّبت د. ريام على ما طُرح، مشيرة إلى أنّ الطالب في هذه المرحلة يحتاج إلى وقت أطول وجهد خارج الصفّ، حتّى يكون فعلًا محور العمليّة  التعليميّة، ولا سيّما أنّ المرحلة الثانويّة ترتكز على الاختبارات النهائيّة. وتساءلت: كيف يمكن تحقيق التوازن بين متطلّبات الاختبارات، وخلق فرص تعلّم أصيلة تتمحور حول الطالب؟ أجابت أ. لمى باستعراض أبرز التحدّيات التي تواجه معلّمي المرحلة الثانويّة، مثل ازدحام المناهج وضيق الوقت، وضغط الامتحانات الرسميّة، ما يُضطَّر المعلم إلى التركيز على التدريب على نمط الأسئلة بدلاً من التعلّم الإبداعيّ. كما أشارت إلى تفاوت قدرات الطلّاب داخل الصفّ، وهو ما يجعل من الصعب تصميم تجربة تعليميّة تصلح للجميع ضمن الوقت المتاح. واقترحت مجموعة من الحلول، من بينها مواءمة التعليم الاستقصائيّ مع أهداف المنهج والاختبار، واستخدام التقييمات التكوينيّة والتدريب الذكيّ لتقليل عنصر المفاجأة في الامتحانات. كما شدّدت على أهمّيّة التخطيط العكسيّ، أي تدريب الطالب منذ مراحل مبكرة على مهارات التحليل، واستخدام المصادر، والتوثيق، ما يخفّف الضغط لاحقًا، ويوفّر الوقت والجهد على الطرفين، المعلّم والطالب. هنا، أكّدت د. ريام أنّ طرح هذه التحدّيات والحلول لامس واقع الميدان التربويّ، وأسهم في تسليط الضوء على أهمّيّة خلق فرص تعليميّة حقيقيّة تُثري الطالب وتمنحه تجربة تعلّم ذات معنى.   وفي سياق الحديث عن المناهج التعليميّة الحديثة، انتقل النقاش إلى أحد الاتّجاهات المعاصرة في التعليم، وهو دمج أكثر من مجال علميّ بطريقة تطبيقيّة وتفاعليّة ضمن إطار STEM وSTEAM، حيث سألت د. ريام: هل يُعدّ هذا الدمج نموذجًا واقعيًّا قابلًا للتطبيق، أم إنّه لا يزال في إطار الحلم؟ وهل يناسب السياق العربيّ، أم إنّه محصور في البيئة الغربيّة فقط؟ جاءت إجابة الأستاذة جنى مؤكّدة على أنّ هذا الدمج ليس حلمًا، بل هو واقع ضروريّ وحتميّ، لكنّ تطبيقه بنجاح يتطلّب أوّلًا الإجابة عن عدد من التساؤلات الجوهريّة، مثل: هل المدرسة مهيّأة لتبنّي نظام STEM؟ وهل النظام التعليميّ والمعلّمين مستعدّون لاستيعابه وتطبيقه؟ وعرضت تجربة مدرسة السلطان قابوس الخاصّة في سلطنة عمان، كونها أوّل مدرسة في السلطنة تمتلك مختبر STEM، وجميع معلّميها حاصلين على اعتمادات متخصّصة في هذا المجال، ما يتيح بيئة تعليميّة مؤهّلة لهذا النوع من التعلّم. من جانبها، أضافت أ. لمى أنّ نظام STEAM يمثّل نهجًا حيويًّا وتكامليًّا، حيث يدمج بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيّات. لكنّه في الوقت نفسه، يحتاج إلى تدريب متخصّص، وإمكانات مادّيّة، وميزانيّات داعمة. وعلى رغم هذه التحدّيات، إلّا أنّ نتائجه التربويّة دائمًا ما تكون مبهرة في صقل مهارات الطلبة، وتعزيز تفكيرهم النقديّ والإبداعيّ.   أما د. سهيل، فدعا إلى إدماج هذا التوجّه داخل البنية التعليميّة الرسميّة، واقترح أن يكون هناك كتاب مخصّص لمنهج  STEM، يدمج بين الموادّ المختلفة بشكل منظّم ومنهجيّ، حتّى لا يبقى هذا التوجّه معزولًا عن النظام التعليميّ العامّ، بل يُصبح جزءًا أصيلًا من المناهج، ويسهم في إعادة إحياء العلاقة بين العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا في إطار تربويّ متكامل. وفي هذا السياق، علّقت د. ريام على أنّ الفصل بين التخصّصات لم يكن جزءًا من التاريخ المعرفيّ الإنسانيّ، بل هو ناتج عن الثورة الصناعيّة الأولى، حيث بدأت التخصّصات تنفصل تدريجيًّا. وأوضحت أنّ المعرفة في جذورها كانت تكامليّة: فالفيلسوف كان طبيبًا، والفنان كان عالمًا. وكان العلم والفنّ يسيران جنبًا إلى جنب. وهذا ما يدفعنا اليوم إلى السعي لاستعادة هذا النهج التكامليّ في التعليم، ولا سيّما في مجالات العلوم والرياضيّات.   المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات مع الثورة الصناعيّة الرابعة التي أدخلت الذكاء الاصطناعيّ وسهّلت الوصول إلى المعلومة، جاء المحور الثالث من الندوة ليسلّط الضوء على هذه التقنيّة الحديثة، إذ طرحت د. ريام سؤالًا مهمًّا: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات، وهل من أمثلة على ذلك؟ أجابت أ. لمى بأن الذكاء الاصطناعيّ لا يُعدّ بديلًا من المعلّم، بل هو أداة تعزّز دوره وتوسّع من إمكاناته، بشرط استخدامه بوعي وذكاء. فقد حسّن الذكاء الاصطناعيّ من جودة المعلومة والاستكشاف، وصار يمكن للمعلم إدخال البيانات ليقوم الذكاء الاصطناعيّ بتحليلها وإيجاد المخرجات. فعلى سبيل المثال، في مادّة العلوم، يُمكن استخدامه لتفسير الظواهر المعقّدة بطريقة بصريّة، كشرح الروابط الكيميائيّة والذرّات، باستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ والواقع الافتراضيّ (VR). كما يسهم في طرح أسئلة تراعي الفروقات الفرديّة بين الطلبة ومستوياتهم الدراسيّة المختلفة. وجّهت د. ريام سؤالًا آخر لأ. جنى: هل استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المرحلة الابتدائيّة مهمّ، أم ينبغي تأجيله إلى المراحل اللاحقة؟ أجابت أ. جنى بأنّ استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المراحل المبكّرة أمر مهمّ، بشرط أن يتمّ بشكل مدروس وموجّه، من دون عزل الطالب عن بيئته. وأكّدت على أهمّيّة أن يكون المعلّم على دراية كاملة بالمحتوى الذي يقدّمه من خلال الذكاء الاصطناعيّ، وأن يُحسن اختيار الأدوات المناسبة. وأشارت إلى أنّ الأطفال بطبيعتهم يتفاعلون بشكل بارع مع التكنولوجيا، كما إنّهم يستخدمون الذكاء الاصطناعيّ بالفعل في منازلهم، لذلك لا ينبغي فصلهم عنه في بيئة التعلّم. والذكاء الاصطناعيّ يمكن أن يكون بديلًا آمنًا من التجارب الكيميائيّة الخطرة داخل المختبرات، وقد يُنتج مخرجات يصعب على المدارس تنفيذها أو الوصول إليها بسبب نقص الموادّ أو الموارد في بعض الأحيان. وفي ختام المحور، وجّهت د. ريام سؤالًا للدكتور سهيل: هل يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يستبدل الأنشطة الحسّيّة في العلوم والرياضيّات؟ أشار د. سهيل في إجابته إلى وجود تخوّف من أن يتمّ إدخال الذكاء الاصطناعيّ في العمليّة التعليميّة بشكلٍ متأخّرٍ، ما قد يؤدّي إلى فجوة بين الواقع التكنولوجيّ والمحتوى التعليميّ في المناهج الدراسيّة، حيث تصبح غير قادرة على مواكبة هذا التغيير السريع. وسلّط الضوء على أنّ هناك فرصة واعدة في دمج مفهوم "هندسة الأوامر" ضمن مناهج العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا، موضّحًا أنّ هذا المفهوم امتداد لما كان يُعرف سابقًا بتصميم الخوارزميّات عند تطبيق التكنولوجيا في التعليم، حيث أصبح يُشار إليه في عصر الذكاء الاصطناعيّ بـ"هندسة الأوامر"، وهو تطبيق فيزيائيّ يعتمد على نماذج رياضيّة دقيقة، ويمكن استغلاله لتعزيز مهارات الطلبة العلميّة والتحليليّة. وأكّد ختام مداخلته على أهمّيّة تعليم الذكاء الاصطناعيّ للأطفال منذ المراحل المبكرة، معتبرًا أنّ هذا التوجّه ضروري لتجنّب الوقوع في فجوة معرفيّة مستقبليّة، ولتمكين الأجيال القادمة من التفاعل بفعّاليّة مع التحوّلات الرقميّة المتسارعة.   المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر طرحت د. ريام سؤالًا افتتاحيًّا: ما دور تعليم العلوم والرياضيّات في ظلّ الكوارث التي تحدث، تحديدًا في غزّة في ظلّ الإبادة؟ شدّد الدكتور سهيل على أنّ التعليم يمثّل بارقة الأمل في أحلك الظروف. فهو ليس وسيلة للمعرفة وحسب، بل أداة للابتكار تحت الضغط، وللاستقلاليّة، والتماسك النفسيّ والاجتماعيّ. وأوضح أنّ التعليم هو ما يوفّر للأطفال والشباب والنساء حماية من الاستغلال والضياع، وهو من يصنع بيئة آمنة تُمكّن من المشاركة والتطور، وبناء الجيل القادر على إعادة الإعمار. وأضاف: إذا كان التعليم هو الحياة، فإنّ العلوم والرياضيّات هما أدوات هذه الحياة"، مشيرًا إلى أنّهما الوسيلتان لفهم الواقع، والتخطيط ضمن موارد شحيحة، واتّخاذ قرارات مصيريّة: كيف نوزّع الغذاء؟ كيف نحمي أنفسنا من الأمراض والفيروسات؟ كيف نولّد الكهرباء؟ كيف نبني الملاجئ والخيام؟ وكلّها تساؤلات لا تمكن الإجابة عنها من دون أسس علميّة ورياضيّة. كما أشار إلى الدور الكبير للمؤسّسات المحلّيّة والدوليّة في الحفاظ على العمليّة  التعليميّة في غزّة والضفّة الغربيّة، مؤكّدًا على أهمّيّة تعزيز "عقليّة النمو"  والتي تُؤمن بعدم الاستسلام، وبقوّة الإرادة، والقدرة على حلّ المشكلات، وهي جوهر تعليم العلوم والرياضيّات في الأوقات الاستثنائيّة. من جهتها، اختتمت د. ريام حديثها بأنّ الإصرار الشعبيّ في غزّة على تعلّم العلوم والرياضيّات هو ما يُبقي الأفراد والمؤسّسات قادرين على العمل على رغم التحدّيات. وأضافت أنّنا أمام مسؤوليّة جماعيّة تحتّم علينا الاستمرار وعدم الاستسلام. وأكّدت على ضرورة التكامل بين المدارس الحكوميّة والخاصّة ووزارة التعليم، لتحقيق مخرجات تعليميّة تصبّ في مصلحة الطالب. وشدّدت في الختام على أنّ الخيال يسبق كلّ نظريّات العلوم والرياضيّات، مستشهدة بكلمات ألبرت آينشتاين: "الخيال أهمّ من المعرفة، فالمعرفة محدودة، أمّا الخيال فيحيط بالعالم".

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

التعليم تحت الحرب: لمحة من حياة لانا في غزّة
لانا سلمان، طفلة في الثانية عشرة من عمرها من غزّة، كانت من أفضل طالباتي قبل الحرب. ومؤخّرًا، حين تواصلت لانا لإلقاء التحيّة وطلب الدعم في... تابع القراءة
صرخات المهدي المنجرة المغيَّبة في مقاربة التعليم والقيم
يعجّ العالم العربيّ بالطاقات الكبيرة في العلوم والآداب والاجتماع، وبقامات فكريّة عملاقة أثرت الإنتاج الإنسانيّ في مختلف مجالاته ومصبّاته؛... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

نادرة معمّر قاسمي- باحثة دكتوراه في الفلسفة- تونس

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ في ظلّ تطوّر المناهج التربويّة واختلاف أنماط التعلُّم، تبرز استراتيجيّة التعلُّم النشط واحدةً من أكثر الاستراتيجيّات فعّاليّة في تحسين نتائج الطلبة وزيادة تفاعلهم. تعتمد هذه الاستراتيجيّة على التخطيط الجيّد وتحدّيد الأهداف واختيار الأنشطة المناسبة لكلّ حصّة، وتوفير بيئة آمنة، ثمّ تشجيع الطلبة على مشاركة العمليّة التعليميّة بكلّ ثقة وشجاعة، بدلًا من كونهم مُتلقّين سلبيّين. فالتعلُّم النشط يُقلّل من الملل ويزيد من التفاعل، وهنا نتساءل: كيف يتجاوب الطلبة مع هذه الاستراتيجيّة؟  تختلف استجابة الطلبة حسب الفئة العمريّة والبيئة التعليميّة. لكن وبشكل عامّ، ثمّة إيجابيّات لهذه الاستراتيجيّة كتطوير الثقة بالنفس، وذلك عندما يُعطى الطلّاب فرصة للتعبير عن آرائهم كي يزداد الحماس، وعندما يتحسّن أداؤهم الأكاديميّ عبر الفهم العميق بدل الحفظ، وباستخدام الألعاب أو التجارب.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ مع تسارع استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، يواجه المعلّمون تحدّيًا كبيرًا: كيف نستفيد من هذه الأدوات من دون إضعاف التفاعل البشريّ والعلاقات الإنسانيّة التي تُعدّ جوهر العمليّة التعليميّة؟ من إيجابيّات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم، تعزيز التفاعل البشريّ عبرها، مثال على ذلك المنصّات التفاعليّة التي تخلق تجارب تعاونيّة، ويمكن بواسطتها تدريب الطلّاب على الاستخدام الواعي لها. أمّا سلبيّات التكنولوجيا فتكمن في اعتماد الطلّاب المفرط على الآلة مقابل فقدان المهارات الفرديّة والأساسيّة. لذلك يجب على المعلّم الحفاظ على التوازن في توظيفها مساعدًا بديلًا لإنشاء تمارين إضافيّة. لكن المناقشة والتقييم يجب أن يتمّا وجهًا لوجه.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ الخطأ في بداية المسار المهنيّ للمعلّم ليس عيبًا بقدر ما هو فرصة للنموّ. في بداية رحلة التدريس، يقع العديد من المعلّمين في أخطاء شائعة نابعة من حماسهم وحُسن نيّتهم، ظنًّا منهم أنّ هذه الممارسات تُعزّز التعلُّم. لكن مع الخبرة، يكتشفون أنّ بعضها قد يُعيق النموّ الأكاديميّ أو النفسيّ للطلبة. وأكثر هذه الممارسات شيوعًا، خصوصًا لدى المعلّمين الجُدد، التركيز على الكمّ بدل الكيف، وهنا تُعطى كمّيّات كبيرة من الواجبات أو المحتوى ظنًّا أنّ ذلك يُعزّز التعلُّم. ولكنّ ذلك في الحقيقة، يسبّب إرهاقًا ونفورًا عند الطلبة، ما يقلّل من عمق الفهم.  نجد كذلك الخوف من الفوضى داخل القسم، فيُقمع أيّ نقاش بنيّة ضبط النظام، إلّا أنّ هذا يقتل الإبداع ويُضعف التفاعل الصفّيّ. كيف نكتشف هذه الأخطاء؟ يكون ذلك بملاحظة ردود فعل الطلبة (ملل، توتّر، عدم مشاركة). أو بمقارنة النتائج إذا كان التحصيل العلميّ لا يتناسب مع الجهد المبذول.  ما خطوات التصحيح الفعّالة؟ التخلّي عن المثاليّة الزائدة وتقبّل الفوضى الإبداعيّة (مثل النقاشات الصاخبة) جزءًا من التعلُّم النشط باستخدام آليّات بنّاءة لإدارة النقاش، مثل حلقة المناقشة أو المؤقّت الزمنيّ، وتقسيم المهام بين الطلبة، واستبدال العقاب بالتحفيز الإيجابيّ، وتعزيز السلوك الإيجابيّ عبر أنظمة المكافآت الرمزيّة مثل نقاط، شهادات... إلخ.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ إذا كنتُ أعدّ ورشة عمل للمعلّمين لتنمية مهاراتهم التعليميّة وتفاعلهم مع الطلبة، سأركّز على موضوع أساسيّ لا غنى عنه وهو استراتيجيّات التعلُّم النشط، والتي تحوّل الطالب من متلقٍّ سلبيّ إلى مشارك فعّال. ويتحقّق ذلك بتصميم أنشطة داخل ورشات علميّة، أو بتحليل فيديو لحصص ناجعة أو تقنيّات تكوينيّة تقييميّة، أو استخدام دمج للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ بذكاء. وورشة عمليّة أخرى حول تعديل التدريس لذوي الإعاقة واحترام الاختلاف، واستخدام الرموز بين المعلّم والطالب لتعزيز الثقة بينهما كاستخدام لغة الإشارة.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ ما يتراءى لنا راهنًا أن الواقع الحاليّ للتشبيك بين المعلّمين العرب محدود جدًا، فمعظم المبادرات الفعّالة تقتصر على مجموعات مغلقة على فيسبوك أو واتساب، وهي تفتقر إلى التنسيق المنظّم. أضف إلى ذلك الفجوة الرقميّة التي يعانيها معلّمو المناطق النائية الذين لا يستطيعون الوصول إلى أدوات التشبيك. التشبيك ضروريّ الآن أكثر من أيّ وقتٍ مضى، أمام الأزمات التي تواجه التعليم في البلدان العربيّة، مثل تدنّي نتائج اختبارات PISA في معظم الدول العربيّة، وأيضًا تأثير كوفيد-19 في تفاقم الفجوة التعليميّة. مقترح المبادرة: شبكة المعلّمين العرب Arab Teachers’ Network – ATN  هدف المبادرة يتمثّل في خلق مساحة حوار دائمة بين المعلّمين عبر الدول العربيّة. وتسهيل تبادل الموارد (خطّة درس، استراتيجيّات تدريس، أبحاث). وتمكّين المعلّمين عبر ورش عمل شهريّة (أونلاين) بقيادة خبراء عرب. ويمكن تجاوز حاجز اللهجات بين المعلّمين من خلال لغة حوار مبسّطة باستخدام اللهجة العربيّة المشتركة (الفصحى).   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ يعدّ التعاون بين المؤسّسة التربويّة والأسرة أحد أهم عوامل نجاح العمليّة التعليميّة. وثمّة استراتيجيّات فعّالة لجذب أولياء الأمور. أهمّها بناء جسر الثقة باللقاءات الشخصيّة، والاستماع إلى اهتماماتهم ومخاوفهم حول تعليم أبنائهم، ليكون التواصل واضحًا ومستمرًّا.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ للحفاظ على صحّتي النفسيّة في خضمّ التحدّيات، توجد مجموعة من السلوكيّات التي أقوم بها: تجنّب الشاشات قبل النوم وبعد الاستيقاظ بساعة، إذا يقلّل ذلك من هرمون الكورتيزول (هرمون التوتّر) في الجسم، إضافة إلى عشرين دقيقة مشي يوميًّا، لتحفيز الإندورفين (هرمون الراحة)، وتناول غذاء متوازن، وسماع الموسيقى الهادئة. كما أحمي طاقتي النفسيّة بترتيب أولويّاتي بمهمّ وعاجل، ومهمّ غير عاجل، والتركيز على الراحة والتفكير الإيجابيّ والعلاقات المغذيّة مع تجنّب مصّاصي الطاقة: الأشخاص السلبيّين.    ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ إدارة الوقت داخل الغرفة الصفّيّة أو الفصل الدراسيّ تحت ضغط الأعباء المتزايدة، يتطلّب استراتيجيّات مختلفة عن تلك المستخدمة في العمل المكتبيّ، لأنّك تتعامل مع تفاعل ديناميكيّ مباشر مع الطلبة، في وقت محدّد لمهامّ متعدّدة. إليك الاستراتيجيّات التي تستخدم لتنظيم الوقت داخل الصفّ: تحضير الدروس بطريقة دقيقة ذكيّة وبوحدات مرنة مع تقسيم الحصّة إلى كتل زمنيّة، مثال: 10 دقائق مراجعة، 20 دقيقة شرح، 15 دقيقة تطبيق، 5 دقائق ختام. واستخدام إشارات غير لفظيّة (مثل رفع اليد بشكل معيّن) لضبط التركيز من دون اعتراض تدفّق الحصّة. وتنظيم المكان بترتيب المقاعد بطريقة تسمح الحركة السريعة، مثل شكلّ حرفU  للنقاش، أو مجموعات للعمل التعاونيّ   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم يفرض عليك تطوير قدرتك على الشرح والتواصل مع مختلف الشخصيّات من طلّاب وزملاء وأولياء أمور، ما يعزّز ثقتك بنفسك ويجعلك أكثر مرونة في التعامل مع التحدّيات اليوميّة خارج العمل، مثل حلّ النزاعات العائليّة أو إدارة المشاريع الشخصية بفعّاليّة. إذ تنمو لديك مهارات القيادة والاتّصال، ولكن التداخل بين الحياة العمليّة والأمور الخاصّة، من دون وجود حدود واضحة، سيؤدّي حتمًا بالمعلّمين إلى توصّلهم معضلة عويصة فيتأثّرون سلبًا؛ مثل الاستمرار في التفكير في تحضير الدروس أو مشاكل الطلّاب حتّى خارج أوقات العمل، ما قد يؤثّر في العلاقات الأسريّة أو وقت الراحة الشخصيّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟  أطرف المواقف تلك التي تنتهي بضحكة تُصلح كلّ شيء. ومن أطرف الحوادث التي يرويها الزملاء، والتي قد تتكرّر بأشكال مختلفة في كلّ فصل: أحد الطلّاب هو من الخبراء بالتكنولوجيا. وفي حصّة تعتمد على عرض تقديميّ عبر البروجكتر، فوجئ المعلّم بظهور صور مُضحكة (ميمز) بين الشرائح أثناء الشرح. اكتشف لاحقًا أنّ أحد الطلّاب كان يتّصل بالعرض عن طريق الهاتف الذكيّ، ويضيف الصور بشكلّ مباشر عن طريق تقنية الشاشة المشتركة من دون أن ينتبه المعلّم. فكان ردّ فعله بدل الغضب، أن حوّل الموقف إلى نشاط تعليميّ عن أخلاقيّات استخدام التكنولوجيا، وكافأ الطالب الماهر بدرجة إضافيّة لوضع قواعد أمان للعرض.

محمد جمال صالح محمد - عضو هيئة تدريس بكلّيّة التربية- مصر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ بصفتي عضو هيئة تدريس جامعيّة متخصّصًا في المناهج وطرق التدريس، توصّلت من سنوات خبرتي إلى أنّ استراتيجيّة التعلّم القائم على الاستقصاء تحتلّ مكانة بارزة، بوصفها أكثر طرق التدريس فعّاليّة في تعزيز التعلّم العميق لدى الطلّاب. يتجلّى تأثير هذه الاستراتيجيّة في مستوى الانخراط الفعّال الذي يبديه الطلّاب عند طرح الأسئلة، واستكشاف المصادر، وتصميم التجارب، وتحليل البيانات، والخروج باستنتاجات مبنيّة على الأدلّة. هذا النهج ينمّي لديهم مهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، بالإضافة إلى بناء فهم أعمق للمفاهيم العلميّة بالبحث والتقصي الذاتيّ. إنّ ملكيّة الطلّاب لعمليّة التعلّم بالاستقصاء تزيد من دافعيّتهم وتجعل المعرفة أكثر رسوخًا واستدامة.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟  أوازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ بوصفها أدوات لدعم البحث العلميّ وتوسيع مصادر التعلّم، مع التأكيد على أهمّيّة النقاشات الأكاديميّة والتفاعل المباشر في قاعات المحاضرات والمختبرات. إنّ بناء علاقات مهنيّة وثيقة مع الطلّاب يمثّل جوهر العمليّة التعليميّة الجامعيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟  في بداياتي الأكاديميّة، اكتشفت أنّي كنت أركّز بشكل مفرط أحيانًا، على تقديم النظريّات والمفاهيم بشكل نظريّ بحت. أدركت أهمّيّة ربط هذه النظريّات بتطبيقات عمليّة ودراسات حالة واقعيّة لتفعيل الفهم النقديّ لدى الطلّاب، فقمت بتضمين هذه الجوانب في تصميم المقرّرات.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟  في ورشة عمل لتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، سأركّز على تصميم مناهج قائمة على البحث والاستقصاء، واستخدام استراتيجيّات تدريس تفاعليّة تحفّز التفكير النقديّ، وتوظيف أدوات تقويم متنوّعة تقيس مهارات عُليا، وأهمّيّة بناء بيئة تعلّم محفّزة ومشجّعة للابتكار.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ أرى أنّ التشبيك والحوار بين الأكاديميّين والباحثين في العالم العربيّ في مجال المناهج وطرق التدريس، أمر بالغ الأهمّيّة لمواجهة التحدّيات المعاصرة في التعليم العالي. أقترح مبادرة لإنشاء شبكة بحثيّة عربيّة منظّمة لتسهيل التعاون في المشروعات البحثيّة وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ على الرغم من الجهود المبذولة للتواصل مع أولياء الأمور، ولا سيّما في المراحل الجامعيّة الأوليّة، من خلال فعّاليّات تعريفيّة وتوفير معلومات حول متطلّبات البرامج وأهمّيّة دعمهم، يواجه هذا التواصل تحدّيات جمّة.  غالبًا ما يكون تفاعل أولياء الأمور محدودًا، سواء بسبب انشغالهم أو تصوّرهم بأنّ مسؤوليّة التعليم الجامعيّ، تقع بشكل كامل على عاتق الطالب والجامعة. كما إنّ تشجيعهم على متابعة التطوّرات الأكاديميّة لأبنائهم، والتواصل مع المرشدين الأكاديميّين لا يزال يمثّل صعوبة، ما يستدعي البحث عن آليّات أكثر فعّاليّة لتعزيز هذه الشراكة.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ بصفتي عضو هيئة تدريس جامعيّ، أولي اهتمامًا خاصًّا للحفاظ على عافيتي النفسيّة في ظلّ الضغوط المتزايدة للبحث والتدريس والمسؤوليّات الإداريّة. أجد في تخصيص وقت للبحث العلميّ متعة شخصيّة تتجاوز كونه واجبًا أكاديميًّا، فهو يمثّل لي استراحة فكريّة وتجديدًا للطاقة. بالإضافة إلى ذلك، أحرص على الانخراط في فعّاليّات ثقافيّة واجتماعيّة متنوّعة تسهم في توسيع مداركي وتكوين علاقات إيجابيّة. ولا أغفل عن أهمّيّة ممارسة الأنشطة الرياضيّة بانتظام للحفاظ على صحّتي الجسديّة وانعكاسها الإيجابيّ على حالتي النفسيّة. أؤمن بشدة بأنّ الحفاظ على توازن صحّيّ بين هذه الجوانب المختلفة في حياتي أمر ضروريّ للاستمرار بكفاءة وفاعليّة في مسيرتي الأكاديميّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ في ظلّ الأعباء المتزايدة التي تواجه عضو هيئة التدريس الجامعيّ، أجد أنّ استراتيجيّات تنظيم الوقت تؤدّي دورًا حاسمًا في الحفاظ على الإنتاجيّة والحدّ من الإرهاق. أعتمد بشكل أساسيّ على التخطيط المسبق لكلّ من المهام البحثيّة والتدريسيّة، حيث أقوم بتحديد أهداف واضحة وجداول زمنيّة تفصيليّة لكلّ مشروع ومقرّر دراسيّ. كما أحرص على تحديد مواعيد نهائيّة واقعيّة وقابلة للتحقيق، لتجنّب الشعور بالضغط المستمرّ. وعند الإمكان، لا أتردّد في تفويض بعض المهامّ الإداريّة الروتينيّة للزملاء أو المساعدين لتوفير وقت أثمن للتركّيز على البحث والتدريس. وأخيرًا، أستفيد بشكل فعّال من الأدوات الرقميّة المتاحة لتتبّع التقدّم في المهامّ المختلفة، وتنظيم المواعيد، وتحديد الأولويّات، ما يساعدني على إدارة وقتي بكفاءة أكبر، وتحقيق توازن أفضل بين مسؤوليّاتي المتعدّدة.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. أثّرت مهّنة التدريس الجامعيّ إيجابًا في حياتي الشخصيّة بالتحفيز المستمرّ للتعلّم، وتوسيع آفاقي المعرفيّة بتفاعلي مع الطلّاب والبحث. أما الأثر السلبيّ فقد يتمثّل أحيانًا في الضغط الناتج عن تعدّد المسؤوليّات البحثيّة والإداريّة والتدريسيّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في إحدى المناقشات الأكاديميّة مع زميلي العزيز في الكليّة حول نظريّة تربويّة معيّنة، وبينما كنا نعتقد أنّنا أحطنا بها علمًا، فاجأني بـ"قنبلة" فكريّة تمثّلت في وجهة نظر مبتكرة وغير تقليديّة. كانت رؤيته ثاقبة إلى درجة أنّها أوقفت تدفّق أفكاري، وأجبرتني على التوقّف للحظة، وكأنّ "مصباحًا" جديدًا قد أُضيء في زاوية مظلّمة من فهمي لتلك النظريّة. هذا التفاعل المثير أثمر عن نقاش أكاديميّ حيويّ وممتع، تبادلنا فيه الضحكات والدهشة، وأغنى فهمنا للموضوع بطريقة لم نكن نتوقّعها، مؤكّدًا أنّه حتّى أبسط النظريّات يمكن أن تخبّئ كنوزًا من الأفكار عندما تُناقش بحماس وروح مرحة بين الزملاء.

هندة الدّجبيّ - أستاذة مدرسة إعداديّة - تونس

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ ستوري جامبر story jumper تفاعل معها التلاميذ بطريقة إيجابيّة، لأنّهم استطاعوا بها أن يصنعوا لمسات خاصّة بهم وحدهم، من خلال إنتاج قصصهم الخاصّة. كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ الاعتماد دومًا على القرآن الكريم والتذكير بمنزلة الإنسان من خلال قوله تعالى: "وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، والتأكيد على أنّ التكنولوجيا الحديثة، مهما تطوّرت، فهي ليست إلا أداة من صنع البشر، وأنّ العقل البشريّ يظلّ هو الأرقى لأنّه من صُنع خالق حكيم. ولهذا السبب، يجب أن نتعامل معها بوعي، وألّا نعتبرها أكثر من أداة مُساعِدة لتيسير أعمالنا، وليست رُبّان سفينة، علينا أن نخضع له من دون وعي منّا أو إرادة؛ وإلّا فقدنا القدرة على الخلق والفاعليّة والإنجاز والإبداع، وفقدنا بالتالي ميزة المخلوق الأرقى من بين كلّ المخلوقات. وهنا أقصد استعمال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ للمساعدة على تيسير العمل ومواكبة التطور الحاليّ فقط. مع التأكيد على عدم الاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ أداة لتعويض قدرات التلميذ، وعلى ضرورة اعتماده على نفسه في البحث عن الإجابات المطلوبة سواء في التفاعل مع الدرس أو الامتحان. في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ اكتشفت أنّ تلميذ اليوم ليس هو تلميذ الأمس، وأنّ المعلّم لم يعد صاحب المعلومة الوحيد، وأنّه لا يمتلك كلّ المعرفة. كما اكتشفت أنّ على المعلم أن ينوّع طرائق التعليم ويطوّر في استراتيجيّات التفاعل داخل الفصل الدراسيّ بما يواكب العصر ونماء القدرات الذكائيّة لدى الطلّاب، وعدم قدرتهم على التفاعل مع طرق التعليم التقليديّة. افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ التواصل الفعّال. ويشمل حسن الإصغاء والمرونة، وإدارة الانفعالات والضغوط. وكذلك التعرّف إلى أنماط الشخصيّات. إذ يجب على المدرّس أن يكون مصغيًا جيّدًا إلى تلاميذه، لأنّ في هذا الإصغاء ولوج إلى عالم التلميذ والتعرّف إلى قدراته واهتماماته. وعليه أن يتعلّم كيف يميّز بين أنماط شخصيّات تلاميذه، حتّى يتمكّن من إعداد أنشطته الصفّيّة بطريقة تلائم كلّ الشخصيّات، فتتحقّق فرص الفهم للجميع. وأن يتعلّم كيف يتحكّم في غضبه ويدير انفعالاته داخل الفصل الدراسيّ، ولا سيّما إذا واجه الشغب والنفور من الدراسة، والتنمّر، وعدم الانضباط والعنف. إذا استطاع المدرّس أن يتعلّم كلّ ما سبق عبر ورشات أُعدّت لهذه الأغراض، استطاع أن يبني مع تلاميذه جسرًا للتواصل لا ينقطع. هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم أكيد، لما فيه من فوائد في تبادل الخبرات. كما إنّه يسمح بتبادل الآراء حول آليّات تحسين جودة التعليم وتطوير أساليبه في العالم العربيّ. وأقترح مشروع التوأمة الرقميّة الذي يوفّر مناخًا خصّبًا لتطوير كفاءة المعلّم والتلميذ معًا. كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أنا صديقة لأولياء الأمور، أتحدّث إليهم كلّما طلبوا ذلك، حتّى في الشارع وخارج الوقت المخصّص للزيارة. أخبرهم دومًا أنّنا شركاء في بناء هذا الكائن الصغير الذي علينا أن نتحمّل تمرّده ونستوعب رغبته في بناء شخصيّته، لأنّ المؤثّرات الخارجيّة عليه كثيرة وكبيرة. وطالما هدفنا واحد، وهو بناء المستقبل الأفضل، فعلينا أن نتعلّم كيف نتعامل معه بأسلوبه لا بأسلوبنا. كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ عبر برمجة عقلي على قبول الآخرين كما همّ، وليس كما أريدهم أن يكونوا. والعمل على تغيير ذاتيّ بالدورات التدريبيّة المكثّفة التي استطعت بها أن أحافظ فعلًا على صحّتي النفسيّة. بالإضافة إلى ضرورة الركون إلى الراحة البدنيّة وممارسة رياضة المشي باستمرار. ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ إدارة الوقت: القيام بما هو مهمّ وعاجل، تأجيل كلّ ما هو مهمّ وغير عاجل، وإلغاء كلّ ما هو غير مهمّ كلّيًّا. اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ: التطوير الذاتيّ ودخول عالم التدريب. الأثر السلبيّ: الخوف على مستقبل الشعوب العربيّة في ظلّ تراجع قيمة العلم والعمل لدى الناشئة، والاكتفاء بمنطق الربح السريع في غياب النموذج الحسن. ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ أنا لست من المدرّسين الذين يتغيّبون إلاّ للضرورة القصوى. وحصل مرّة عندما كنت مُتّجهة من مكان بعيد إلى مقرّ عملي، أن تعطّلت وسيلة النّقل لفترة غير قصيرة. ونظرًا إلى أنّي كنت معتادة على الوصول باكرًا، فقد كان تأخّري دليل على غيابي. وعند ولوجي باب المدرسة الإعداديّة وجدت تلاميذي مستبشرين مهلّلين لا تكاد الأرض تسعهم من شدّة السعادة لغيابي عن حصّة الدرس التي كانت تدوم لساعتين. لكنّ عند رؤيتي على باب المدرسة، تراخت الأيادي التي كانت تهلّل، وخفتت الأصوات العالية. والجميع ينظرون إلى بعضهم البعض ويردّدون في أسف: جاءت، لقد جاءت. ابتسمت لهم بحبّ قائلة: عوضكم على الله، وحتّى لا تُطمس فرحتكم مجدّدًا، كونوا على يقين بأنّي لا أتغيّب مطلقًا إلّا لأسباب شخصيّة قاهرة، أو يوم بيداغوجيّ في إطار العمل. ابتسم أغلبهم في يأس، وقالوا: " مرحبًا بكِ سيّدتي، نحن جميعًا نحبّك".

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة... إيجابيّات وسلبيّات

الأعمال المنزليّة جزء من الحياة اليوميّة لكلّ أسرة، وقد تتفاجأ أنّ مسألة ما إذا كان ينبغي مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة أم لا، لطالما أثارت الكثير من الجدل. فمن ناحية، يمكن أن يغرس تكليف الأطفال بالأعمال المنزليّة شعورًا بالمسؤوليّة، ويعلّمهم مهارات الحياة الأساسيّة. ولكن من ناحية أخرى، يزعم البعض أنّ الأعمال المنزليّة قد تنتقص من الأنشطة القيّمة الأخرى، مثل الدراسة الأكاديميّة أو الأنشطة اللامنهجيّة، أو حتّى وقت اللعب الضروريّ في مرحلة الطفولة. إنّ فهم مزايا إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة وعيوبه يمكن أن يساعد الأهل في إيجاد توازن صحّيّ بين المسؤوليّة واللعب.  إيجابيّات إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة  هناك حجّة قويّة لصالح مشاركة الأطفال في الأعمال المنزليّة، مدعومة بالبحث النفسيّ والأدلّة القصصيّة. تمتدّ الفوائد إلى ما هو أبعد من الحفاظ على المنزل مرتّبًا؛  فمشاركة الطفل تسهم في تطوّره الاجتماعيّ والعاطفيّ والإدراكيّ بطرق ذات مغزى.  الأعمال المنزليّة تبني المسؤوليّة والاستقلاليّة  واحدة من الفوائد الأكثر شيوعًا للأعمال المنزليّة أنّها تعلّم الأطفال المسؤوليّة. عندما يُعهد إلى الأطفال بمهامّ مثل غسل الأطباق أو طيّ الملابس أو تنظيف غرفهم، فإنّهم يتعلّمون تحمّل مسؤوليّة مساحاتهم وأغراضهم الشخصيّة في المنزل، وتتوسّع مع الوقت لتشمل تحمّل مسؤوليّات ما هو أكبر من مجرّد المستوى الشخصيّ. فغالبًا ما ينتقل هذا الشعور بالمسؤوليّة إلى جوانب أخرى من الحياة، مثل العمل المدرسيّ والعلاقات الشخصيّة.  وإذا تعلّم الطفل أن يُتمّ المهامّ المطلوبة منه بشكل منفرد، فهو بذلك يطوّر أيضًا شعورًا بالاستقلاليّة. ومعرفة أنّه قادر على إنجاز شيء ما، من دون إشراف مستمرّ يبني الثقة والاعتماد على الذات، وهي المهارات التي تعدّ ضروريّة للتعامل مع مرحلة البلوغ.    تعزّز الأعمال المنزليّة العمل الجماعيّ ووحدة الأسرة  عندما يشارك الأطفال في الأعمال المنزليّة، فإنّهم يختبرون بشكل مباشر ما يعنيه الإسهام في تحقيق هدف مشترك على مستوى الأسرة. فعندما تعمل الأسرة فريقًا واحدًا، بحيث تشرك الأطفال في إتمام بعض المهامّ لصيانة المنزل وتنظيمه. سيساعدهم ذلك في فهم قيمة التعاون والعمل الجماعيّ. يمكن للأعمال المنزليّة أن تعزّز الشعور بالانتماء والوحدة داخل الأسرة، إذ يدرك الطفل أنّ له دورًا مهمًّا في المحافظة على سير أمور المنزل بصورة جيّدة.  على سبيل المثال، يرى الطفل الذي يساعد في إعداد طاولة العشاء أو إخراج القمامة، أنّ جهده له تأثير مباشر في راحة الأسرة وسعادتها. يمكن أن يخلق هذا شعورًا بالفخر، وبالتالي يعزّز السلوك الإيجابيّ.    الأعمال المنزليّة تعلّم مهارات الحياة  المهامّ المنزليّة مثل الطبخ والتنظيف والترتيب مهارات أساسيّة، يحتاج إليها الجميع في مرحلة ما من الحياة. لذلك فإنّ تعلّم الطفل المهامّ المنزليّة في وقت مبكّر، يزوّده بالمعرفة العمليّة التي سيحتاج إليها لإدارة منزله في المستقبل.  يمكن أن يعلّم طهو العشاء مع أحد الوالدين مهارات الطهو الأساسيّة، في حين أنّ تخصيص ميزانيّة شهريّة لشراء حاجيّات المنزل الأساسيّة، يمكن أن يقدّم معرفة في الإدارة الماليّة. مع تقدّم الأطفال في السنّ، يمكن للأعمال المنزليّة الأكثر تعقيدًا، مثل التسوّق أو العمل في الفناء، أن تعدّهم لمسؤوليّات الكبار.    الأعمال المنزليّة تنمّي أخلاقيّات العمل القويّة  تساعد مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة في غرس أخلاقيّات العمل القويّة لدى الطفل، لأنّه سيتعلّم أنّ الجهد المبذول في مكانه الصحيح لا بدّ وأن يؤدّي إلى نتائج. فقد يتعلّم الطفل الذي يرتّب سريره بانتظام، أو يرتّب منطقة اللعب الخاصّة به، قيمة المثابرة والاستمراريّة. بمرور الوقت، يمكن أن تترجم هذه العقليّة إلى نجاح في المدرسة والعمل والمساعي الأخرى.  أشارت دراسة أجراها مارتي روسمان، الباحث في جامعة مينيسوتا، أنّ الأطفال الذين كُلّفوا بأعمال منزليّة في وقت مبكّر من حياتهم، كانوا أكثر قدرة على النجاح في حياتهم المهنيّة، وإقامة علاقات قويّة، بل وكانوا أكثر اكتفاءً ذاتيًّا عندما أصبحوا بالغين.    يمكن أن تعزّز الأعمال المنزليّة مهارات إدارة الوقت  عندما يُطلب من الأطفال إكمال الأعمال المنزليّة جنبًا إلى جنب مع التزامات أخرى، مثل الواجبات المدرسيّة أو ممارسة الرياضة أو تعلّم مهارة ما، فإنّهم يتعلّمون كيفيّة إدارة وقتهم بشكل فعّال. هذه المهارة مهمّة بشكل خاصّ مع تقدّم الأطفال في السنّ، ومواجهتهم لجداول زمنيّة متزايدة الصعوبة، إن كان في مرحلة الجامعة أو في العمل.  وفي هذا، على الوالدين الانتباه إلى عدم إرهاق الطفل إلى الحدّ الذي يجعله غير قادر على التركيز في أيّ من مهامّ يومه. فتكليف الأطفال بالأعمال المنزليّة المناسبة لعمرهم، مع مراعاة جدول مهامّهم الأخرى، سيساعدهم في موازنة مسؤوليّاتهم مع ترك الوقت للراحة والاستجمام.    سلبيّات محتملة لمشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة  على الرغم من وجود العديد من المزايا لإشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة، فمن المهمّ أن ندرك أنّ هناك أيضًا جوانب سلبيّة محتملة. لا تعني هذه العيوب بالضرورة منع الأطفال من القيام بالأعمال المنزليّة، لكنّها تسلّط الضوء على المجالات التي تتطلّب دراسة متأنّية وتوازنًا.    قد تسبّب الأعمال المنزليّة التوتّر أو الإرهاق  إذا كُلّف الأطفال بالعديد من الأعمال المنزليّة أو المهامّ التي تتجاوز قدراتهم التنمويّة، فقد يشعرون بالتوتّر أو الإرهاق. على سبيل المثال، قد تكون مطالبة طفل صغير بتنظيف منطقة كبيرة ومكدّسة من دون إشراف، أمرًا شاقًّا ويؤدّي إلى الإحباط والإرهاق.  من الضروريّ أن يراعي الأهل المهامّ المناسبة للعمر وتقديم المساعدة عند الحاجة، وإلّا فستبدو الأعمال المنزليّة وكأنّها عبء أكثر من كونها فرصة للتعلّم.    قد تخلق الأعمال المنزليّة صراعًا  قد تؤدّي الأعمال المنزليّة أحيانًا إلى التوتّر بين الوالدين والأطفال. قد يقاوم الأطفال القيام بالأعمال المنزليّة، ما يؤدّي إلى الخلافات، ويعود ذلك إلى أنّ الأعمال المنزليّة تؤطّر باعتبارها عقوبات بدلًا من كونها إسهامًا إيجابيًّا، وبالتالي ربطها الطفل بالسلبيّة بدلًا من المسؤوليّة.  لتخفيف هذا الصراع، يمكن للوالدين التعامل مع الأعمال المنزليّة بشكل تعاونيّ، عن طريق تقديم تفسيرات حول أهمّيّتها، وإشراك الأطفال في اختيار المهامّ التي تتوافق مع تفضيلاتهم أو نقاط قوّتهم.    خطر السلامة الشخصيّة  قد يشكّل تكليف الأطفال بمهامّ مثل الطبخ أو المهامّ المتعلّقة بالنار أو رفع الأشياء الثقيلة خطرًا على سلامتهم، إذا لم يعلّمهم الأهل التقنيّات المناسبة ويراقبوهم عن كثب أثناء قيامهم بها لأوّل مرّة، أو إن كُلّفوا بمهامّ تتجاوز قدراتهم البدنيّة. على سبيل المثال، قد يفتقر الأطفال الأصغر سنًّا إلى الوعي الكافي اللازم للتعامل مع الأسطح الساخنة أو الأدوات الحادّة بأمان، ما يزيد من خطر الحروق أو الجروح. وبالمثل، فإنّ رفع الأشياء الثقيلة من دون توجيه مناسب يمكن أن يجهد عضلاتهم المتنامية أو يؤذي ظهورهم. للتخفيف من هذه الأخطار، من الضروريّ تكليف الأطفال بمهامّ مناسبة للعمر، وتقديم تعليمات واضحة، والإشراف عن كثب أثناء تأديتهم الأنشطة التي قد تنطوي على أخطار محتملة. ومن الضروريّ أيضًا تعليم الأطفال تدابير السلامة، مثل استخدام قفّازات الفرن، ورفع الأشياء الثقيلة بركبهم بدلًا من ظهورهم، والحذر من اللهب المكشوف وغيرها.    قد تتداخل الأعمال المنزليّة مع أولويّات أخرى  غالبًا ما يكون أحد المخاوف التي تنتاب الأهل أنّ الأعمال المنزليّة قد تستغرق وقتًا بعيدًا عن الأنشطة المهمّة الأخرى، مثل العمل المدرسيّ أو الهوايات أو الاسترخاء. قد يجد الطفل الذي لديه جدول زمنيّ مزدحم، صعوبة في موازنة الأعمال المنزليّة مع المسؤوليّات الأكاديميّة واللامنهجيّة.  لذلك، ولتجنّب إرهاق الأطفال، من المهمّ أن ينتبه الأهل إلى مقدار ما يُطلب منهم. يمكن أن يساعد تحديد المهامّ الواقعيّة والحفاظ على المرونة في ضمان عدم تقاطع الأعمال المنزليّة أو تأثيرها في الأولويّات الأخرى.    خطر التوزيع غير المتكافئ  في بعض الأسر، قد تُوزّع الأعمال المنزليّة بشكل غير متساوٍ، فيتحمّل بعض الأطفال عبئًا أكبر من غيرهم. قد يؤدّي هذا إلى الاستياء، وخصوصًا إذا كان تقسيم العمل غير عادل أو قائم على أدوار جنسيّة عفا عليها الزمن.  ولمنع ذلك، على الأهل أن يهدفوا إلى تحقيق المساواة في تعيين المهامّ، والتأكّد من أنّ جميع الأطفال يسهمون بطرق مناسبة لأعمارهم وقدراتهم.    ***  قرار إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة في النهاية قرار شخصيّ، ويؤخذ بناءً على القيم والروتين والظروف الخاصّة بكلّ أسرة. ففي حين أنّ هناك فوائد لا يمكن إنكارها - مثل تعليم المسؤوليّة وتعزيز العمل الجماعيّ وتطوير مهارات الحياة - فمن المهمّ التعامل مع الأعمال المنزليّة بطريقة عادلة ومناسبة للعمر، ومتوازنة مع الأولويّات الأخرى.    https://raisingchildren.net.au/preschoolers/family-life/routines-rituals-rules/chores-for-children#:~:text=Doing%20chores%20helps%20children%20learn,%2C%20cleaning%2C%20organising%20and%20gardening.    https://www.gohenry.com/uk/blog/chores/what-are-the-pros-and-cons-of-giving-kids-chores    https://playmatters.org.au/blog/9-reasons-to-involve-children-in-household-chores 

ما أبرز مخاطر الإنترنت على الأطفال؟

يشكّل الإنترنت أداة لا غنى عنها للأطفال في العصر الحديث، إذ يوفّر لهم موارد تعليميّة وترفيهيّة غنيّة، كما يسهّل التواصل مع الأصدقاء والعائلة. لكن، إلى جانب هذه الفوائد، يخبّئ الإنترنت مجموعة من المخاطر التي لا ينبغي تجاهلها. من التنمّر الإلكترونيّ، والتعرّض إلى محتوى غير لائق، إلى تهديدات الخصوصيّة والاستغلال من قبل الغرباء، تظهر الحاجة الملحّة إلى وعي أكبر من قبل الأهل والمربّين. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على أبرز هذه المخاطر، وتقديم خطوات عمليّة لحماية الأطفال، وجعل تجاربهم الرقميّة أكثر أمانًا.    6 مخاطر للإنترنت على الأطفال  1. التنمّر الإلكترونيّ  يُعدّ التنمّر الإلكترونيّ من أكثر التجارب السلبيّة شيوعًا بين الأطفال والمراهقين في بيئة الإنترنت. فمع انتشار تطبيقات المراسلة، ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، والألعاب التفاعليّة، أصبحت فرص التعرّض إلى الإساءة الرقميّة أكبر من أيّ وقت مضى. وقد يكون المعتدون من المحيط القريب، أو من غرباء لا يعرفهم الطفل في الواقع.  تشير دراسة نُشرت في مجلّة JAMA Pediatrics إلى أنّ ما بين 15% و30% من الأطفال والمراهقين تعرّضوا إلى التنمّر الإلكترونيّ، وهو ما يرتبط بزيادة معدّلات القلق والاكتئاب، وحتّى الأفكار الانتحاريّة.  ما التنمّر الإلكترونيّ؟   التنمّر الإلكترونيّ شكل من أشكال الإساءة النفسيّة التي تحدث عبر الأجهزة الرقميّة، مثل الهواتف والحواسيب والأجهزة اللوحيّة، باستخدام الرسائل النصيّة، أو تطبيقات الدردشة، أو منصّات التواصل الاجتماعيّ، أو حتّى الألعاب الإلكترونيّة. وقد يتّخذ هذا التنمّر صورًا مختلفة، مثل إرسال رسائل جارحة، أو نشر محتوى مسيء أو محرج أو كاذب عن الطفل، أو مشاركة معلوماته وصوره الخاصّة من دون إذنه. وتكمن خطورته في أنّه غير مرتبط بزمان أو مكان، وقد يحدث في أيّ لحظة، ويصل بسرعة إلى عدد كبير من الأشخاص، ما يضاعف أثره النفسيّ، ويجعل من الصعب على الطفل الشعور بالأمان بعده، أو التخلّص من تبعاته بسهولة.    2. التعرّض إلى محتوى غير لائق  يعدّ التعرّض إلى محتوى غير لائق أحد أخطار الإنترنت الأساسيّة على الأطفال. يمكن أن يشمل ذلك الموادّ العنيفة، أو الجنسيّة، أو خطاب الكراهيّة، أو المواقع الإلكترونيّة التي تروّج لسلوكيّات ضارّة، مثل تعاطي المخدّرات، أو اضطرابات الأكل، أو إيذاء النفس. ووفقًا لدراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث، أفاد نحو 46٪ من الآباء بأنّ أطفالهم واجهوا محتوى غير لائق أثناء استخدامهم للإنترنت. وقد يخلّف التعرّض إلى مثل هذه الموادّ آثارًا نفسيّة ضارّة على الأطفال، من بينها القلق والخوف وتشكّل تصوّرات مشوّهة عن الواقع.  برغم توفّر ميزات مثل البحث الآمن، وضوابط الرقابة الأبويّة، ومرشّحات المحتوى، لا يزال الأطفال غالبًا عرضة للمحتوى غير المناسب. ويكمن التحدّي الأكبر في أنّ هذه الوسائل قد تفقد فعّاليّتها حين يكون الطفل أكثر إلمامًا بالتكنولوجيا من وليّ أمره، ما يمكّنه من تجاوزها بسهولة.    يُظهر الواقع المؤسف أنّ أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم الثامنة أو التاسعة قد يصادفون محتوى غير مناسب، ما يعرّضهم إلى أخطار نفسيّة وسلوكيّة قد تمتدّ آثارها إلى مراحل لاحقة من حياتهم، منها مثلًا:  - القلق والخوف: قد يشعر الأطفال الذين يتعرّضون إلى صور العنف بالقلق أو الخوف، ويخشون أن تقع لهم أو لأحبّائهم الأحداث المصوّرة.  - وجهات نظر مشوّهة عن الواقع: يمكن أن يؤدّي التعرّض المتكرّر إلى صور غير واقعيّة للعلاقات أو العنف أو السلوكيّات الضارّة، إلى تحريف تصوّر الطفل للواقع، وقد يصعب عليه التمييز بين ما هو حقيقيّ وما هو غير حقيقيّ، ما قد يؤدّي به إلى سلوكيّات غير متكيّفة مع مواقف الحياة الواقعيّة.  - انخفاض مستوى العاطفة: قد يصبح الأطفال الذين يشاهدون محتوى عنيفًا بشكل متكرّر غير حسّاسين، ويظهرون استجابة عاطفيّة منخفضة تجاه هذه الأمور في مواقف الحياة المختلفة. وقد يؤثّر ذلك في قدرتهم على التعاطف مع الآخرين، وعلى ردود أفعالهم في المواقف المؤلمة أو المتضاربة في الحياة الواقعيّة.  - ضعف تطوير العلاقات الصحّيّة: قد يؤثّر التعرّض إلى المحتوى الجنسيّ في سنّ مبكّرة على تطوّر فهم الطفل للجنس والعلاقات. فالأطفال الذين يتعرّضون إلى هذا النوع من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعيّ، يكونون أكثر عرضة لممارسة الجنس في وقت مبكّر من الحياة، إذ غالبًا ما تُطبّع هذه الوسائل التجارب الجنسيّة المبكّرة، وتُصوّر الجنس على أنّه عرضيّ، وخالٍ من العواقب.    3. التحرّش عبر الإنترنت  غالبًا ما يستغلّ المتحرّشون عبر الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعيّ وغرف الدردشة ومنصّات الألعاب، لاستهداف الأطفال الضعفاء، متنكّرين في هيئة أصدقاء، أو مستخدمين أساليب خادعة لكسب ثقتهم. وكما ينبغي على الأطفال أن يكونوا حذرين من الغرباء في الحياة الواقعيّة ممّن قد يشكّلون خطرًا عليهم، فإنّه من الضروريّ أيضًا أن يتحلّوا باليقظة والحذر عند التعامل مع الغرباء على الإنترنت.  قد يسعى هؤلاء المتحرّشون لإشراك الأطفال في محادثات غير لائقة، أو طلب صور صريحة، أو حتّى محاولة ترتيب لقاءات مباشرة. وقد أفاد المركز الوطنيّ للأطفال المفقودين والمستغلّين، بأنّه تلقّى أكثر من 29.3 مليون تقرير يتعلّق بالاستغلال الجنسيّ المشتبه به للأطفال في عام واحد فقط، وهو ما يسلّط الضوء على حجم هذه المشكلة واتّساع نطاقها.    4. أخطار الخصوصيّة وأمن البيانات  غالبًا ما يفتقر الأطفال إلى الوعي الكافي بأهمّيّة حماية معلوماتهم الشخصيّة على الإنترنت، ما يجعلهم عرضة لانتهاكات الخصوصيّة وسرقة الهويّة وتسريب البيانات. وتُعدّ سرقة الهويّة من المشكلات الخطيرة، إذ أتاح الإنترنت فرصًا واسعة للمحتالين لسرقة المعلومات التعريفيّة، وهو ما قد يعرّض الطفل إلى عواقب طويلة الأمد، خصوصًا إذا كانت البيانات المسروقة حسّاسة.  كما يمكن أن يقع الأطفال بسهولة في فخّ هذه الاحتيالات، لا سيّما إذا لم يكونوا على دراية بكيفيّة التصرّف أو ما ينبغي الانتباه له. لذلك، من الضروريّ تعليم الطفل أساليب الاحتيال الشائعة وكيفيّة تجنّبها، والتأكيد على أهمّيّة عدم مشاركة معلومات حساسّة، مثل اسمه الكامل، وعنوانه، وكلمات المرور، ووسائل الاتّصال الخاصّة به.  تقوم العديد من المواقع الإلكترونيّة والتطبيقات بجمع البيانات الشخصيّة، والتي قد يُساء استخدامها إذا وقعت في الأيدي الخطأ. ووفقًا لتقرير صادر عن Common Sense Media، فإنّ نحو 60% من المراهقين لا يدركون كيف يتمّ استخدام بياناتهم، في حين أنّ كثيرًا من التطبيقات لا توفّر سياسات خصوصيّة واضحة، ما يعرّض معلومات الأطفال إلى أخطار حقيقيّة.    5. الإدمان والإفراط في الاستخدام  تُعدّ الطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، ولا سيّما إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ والألعاب الإلكترونيّة، مصدر قلق متزايد. فقد يؤثّر الاستخدام المفرط للشاشات في الأداء الأكاديميّ للطفل، ويقلّل من نشاطه البدنيّ، كما يضعف تفاعلاته الاجتماعيّة المباشرة. وتشير دراسة أجرتها الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال إلى أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًّا في أنشطة قائمة على الشاشة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشكلات نفسيّة، مثل القلق والاكتئاب. يعزى ذلك إلى التنوّع الهائل في خيارات الترفيه المتوفّرة عبر الإنترنت، بما في ذلك منصّات التواصل والألعاب التفاعليّة، والتي تجعل من السهل على الطفل الانغماس فيها لفترات طويلة. وغالبًا ما تُصمّم هذه الوسائط لاستغلال آليّات نفسيّة تُحفّز الإدمان، مثل نظام المكافآت في الألعاب، أو البحث عن القبول الاجتماعيّ بواسطة الإعجاب والتعليقات. ومع الوقت، قد يجد الطفل صعوبة في الانفصال عن عالمه الرقميّ، وقد يُفضّل التفاعل عبر الإنترنت على خوض التجارب الواقعيّة.    6. الأخطار المتعلّقة بالصحّة العقليّة والجسديّة  إن كنت تظنّ أنّ التكنولوجيا قد تكون صديقة جيّدة، فهي مع الأسف ليست كذلك عندما يتعلّق الأمر بصحّتك العقليّة أو الجسديّة؛ فالأطفال على وجه الخصوص معرّضون إلى العديد من المخاطر، مثل إدمان الإنترنت، والآثار المترتّبة عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، مثل القلق والاكتئاب.  وخلال السنوات القليلة الماضية، ازداد الاهتمام بدراسة العلاقة بين الإفراط في استخدام الإنترنت والاضطرابات النفسيّة، وقد صيغ مصطلح "إدمان الإنترنت" (Internet Addiction - IA) في دراسة تعود إلى العام 1998، وعرّف على أنّه اضطراب في ضبط الدوافع لا ينطوي على تعاطي مادّة، بل يتمثّل في اعتماد نفسيّ على الإنترنت. لا يميّز هذا الاضطراب بين نوع الأنشطة التي تتمّ عبر الإنترنت، بل يركّز على الاستخدام المفرط في حدّ ذاته. وقد تمّ إدراج إدمان الإنترنت باعتباره اضطرابًا معترفًا به في الإصدار الأحدث من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات العقليّة (DSM-5)، إذ تتركّز معاييره التشخيصيّة على ضعف قدرات التخطيط والسيطرة، والاستخدام المفرط للإنترنت.  وبالمثل، يمكن أن يؤثّر قضاء وقت طويل على الإنترنت في الصحّة الجسديّة للطفل، ما يؤدّي إلى مشكلات متعدّدة، مثل الإجهاد، وعدم وضوح الرؤية، وآلام الرقبة والظهر، وارتفاع ضغط الدم. وأظهرت إحدى الدراسات أنّ ازدياد الوقت الذي يقضيه الأفراد على الإنترنت يرتبط بزيادة احتماليّة تعرّضهم إلى مشكلات صحّيّة، أو معاناتهم منها.  كما أنّ انخفاض مستوى النشاط البدنيّ يؤدّي بدوره إلى تقليل السعرات الحراريّة المحروقة، وهو ما يُفضي بطبيعة الحال إلى زيادة الوزن. ومع استبدال الأطفال للأنشطة الحركيّة بألعاب الكمبيوتر ومشاهدة التلفاز وتصفّح الإنترنت، باتت ظاهرة السمنة لدى الأطفال أكثر وضوحًا وانتشارًا.    كيف تحمي طفلك من الإنترنت؟  نظرًا للطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، من الضروريّ أن يتّخذ الآباء خطوات استباقيّة للحدّ من هذه المخاطر، وتعزيز عادات صحّيّة في استخدام الإنترنت. وفي الآتي أبرز الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد في حماية الأطفال من أخطار البيئة الرقميّة:  غرس الوعي لدى الطفل  يُعدّ غرس الوعي الدينيّ والأخلاقيّ لدى الطفل من أهمّ الركائز التي ينبغي التركيز عليها منذ سنواته الأولى. فبناء هذا الوعي المبكّر يساعد الطفل في تنمية القدرة على التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضارّ من تلقاء نفسه، ما يعزّز لديه حسّ المسؤوليّة في التعامل مع المحتوى والأفكار التي يواجهها، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة اليوميّة. ولتحقيق ذلك، لا بدّ أن يكون التواصل المستمرّ والحوار المفتوح بين الوالدين والطفل عنصرًا أساسيًّا، إذ يُمكّنه من التعبير بحرّيّة عن المواقف والتجارب التي يتعرّض إليها، ويشجّعه على مشاركة ما يراه أو يتفاعل معه في التطبيقات والمنصّات الرقميّة. فبيئة الحوار والدعم هذه تسهم في تنمية شخصيّة الطفل بشكل متوازن، وتحصّنه ضدّ التأثيرات السلبيّة المحتملة في هذا العصر الرقميّ المتسارع.  تشجيع الأنشطة غير المتّصلة بالإنترنت  عزّز نمط الحياة المتوازن بتشجيع الأطفال على الانخراط في أنشطة لا تتطلّب استخدام الإنترنت، مثل ممارسة الرياضة، أو القراءة، أو الرسم، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. وحرصًا على جذب اهتمام الطفل، حاول أن توفّر له بدائل ممتعة فعليًّا، تحفّزه على تجربتها، وتُسهم في تنمية مجموعة متنوّعة من الهوايات والاهتمامات. إنّ تنظيم أنشطة عائليّة منتظمة لا تشمل استخدام الشاشات، يمكن أن يعزّز قيمة التفاعل الواقعيّ، ويساعد الطفل في إدراك أهمّيّة التواصل الإنسانيّ المباشر في حياته اليوميّة.  كن قدوة في السلوك الصحّيّ  غالبًا ما يقتدي الأطفال بسلوك والديهم، لذا من الضروريّ أن يكون الأهل قدوة في الاستخدام الصحّيّ للشاشات. يبدأ ذلك بالحدّ من الوقت الذي يقضونه أمام الأجهزة، لا سيّما أثناء الجلسات العائليّة. ومن المهمّ أيضًا إظهار قيمة التواجد الحقيقيّ مع العائلة، والتفاعل مع المحيطين من دون انشغال دائم بالأجهزة، ما يرسّخ لدى الطفل أهمّيّة التواصل المباشر والانتباه الكامل للحظات المشتركة.  راقب النشاط عبر الإنترنت  راقب استخدام طفلك للإنترنت، ليس فقط من حيث الوقت الذي يقضيه فيه، بل أيضًا من حيث نوعيّة الأنشطة التي يشارك فيها. واستخدم أدوات الرقابة الأبويّة وبرامج المراقبة لتتبّع سلوكه الرقميّ، وفرض قيود على المحتوى غير الملائم، بما يضمن بيئة أكثر أمانًا أثناء تصفّحه.  علّم طفلك إدارة الوقت وضبط النفس  علّم طفلك أهمّيّة إدارة الوقت، وكيفيّة وضع حدود شخصيّة لاستخدام الشاشات. شجّعه على إعطاء الأولويّة لمسؤوليّاته، مثل أداء الواجبات المدرسيّة، أو المشاركة في الأعمال المنزليّة، قبل الانشغال بأوقات الترفيه أمام الشاشة. كما أنّ توعيته بتأثيرات الاستخدام المفرط للإنترنت على صحّته ورفاهيّته النفسيّة، يمكن أن تعزّز قدرته على اتّخاذ قرارات أكثر وعيًا بشأن عاداته الرقميّة.  تشجيع فترات تنقية من السموم الرقميّة  يمكن توظيف مفهوم التنقية من السموم الرقميّة بتخصيص فترات منتظمة تأخذ فيها الأسرة استراحة جماعيّة من استخدام الشاشات. قد يكون ذلك باعتماد يوم خالٍ من الأجهزة، مثل يوم الجمعة، أو بتقليل استخدام التكنولوجيا أثناء العطلات العائليّة. تتيح هذه الفترات فرصة لإعادة تنظيم العادات الرقميّة، وتخفيف التعلّق المفرط بالتواصل المستمرّ عبر الإنترنت، لا سيّما لدى الأطفال.    ***  برغم ما يقدّمه الإنترنت من فوائد جمّة، فإنّ طبيعته الإدمانيّة تفرض أخطارًا جدّيّة على الأداء الأكاديميّ للأطفال، وصحّتهم البدنيّة، ومهاراتهم الاجتماعيّة، ورفاههم النفسيّ. بوضع حدود واضحة، وتقديم نموذج سلوكيّ صحّيّ، وتشجيع نمط حياة متوازن، يستطيع الوالدان التخفيف من هذه الأخطار، ومرافقة أطفالهم نحو استخدام أكثر وعيًا وسلامة للتكنولوجيا. فالهدف لا يكمن في منع استخدام الإنترنت، بل في تبنّي نهج متوازن يُمكّن الأطفال من الاستفادة من مزايا العالم الرقميّ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على صحّتهم الشاملة.    المراجع   https://me-en.kaspersky.com/resource-center/threats/top-seven-dangers-children-face-online  https://milwaukee-criminal-lawyer.com/what-are-the-dangers-of-using-the-internet-for-kids/  https://www.humanium.org/en/the-risks-for-children-surfing-the-internet/  https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/4885626-%D9%87%D9%84-%D9%86%D8%AD%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%9F  https://www.annajah.net/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85-article-26759 

متى يكون تدخّل الأهل في قرارات الأطفال ضروريًّا؟

تعدّ التربية عمليّة توازن بين الحرص على توجيه الطفل من ناحية، وبين منحه مساحته الخاصّة للنموّ من ناحية أخرى. فالآباء والأمّهات يملكون الخبرة الحياتيّة المطلوبة لمساعدة أطفالهم في تجنّب الأخطاء واتّخاذ قرارات صحيحة، ولكنّ الأطفال من جانبهم يحتاجون إلى فرص لتعلّم الاستقلاليّة، وبناء مهارات الحكم الذاتيّ.  لذا، أصعب ما في الأمر تقدير متى يكون تدخّل الأهل ضروريًّا، ومتى يتجاوز حدوده ويتحوّل إلى سيطرة زائدة. في هذه المقالة سنستكشف متى يجب على الآباء والأمّهات المساعدة في تشكيل قرارات أطفالهم، ومتى عليهم ترك القرار في يد الأطفال، وطرق تحقيق التوازن المطلوب بين التوجيه البنّاء والتحكّم المفرط.     ما أسباب أهمّيّة مشاركة الأب والأمّ في قرارات الطفل؟  الإجابة بسيطة، فالأطفال لا يولدون بالمعرفة أو المهارات اللازمة للتعامل مع الخيارات المعقّدة في الحياة، لذا فهم يعتمدون على الوالدين - خصوصًا في السنوات الأولى - في اكتساب القيم والخبرات، إلى جانب الأمان العاطفيّ والقيم والتوجيه. وهنا تكون مشاركة الوالدين ضروريّة في مجالات عديدة، منها على سبيل المثال:  - النموّ الأخلاقيّ: بما يشمل تعلّم الصواب والخطأ، وبالتالي مساعدة الأطفال في فهم عواقب أفعالهم.  - ضمان السلامة: بما يشمل تعليم عواقب السلوكيّات الخطرة، مثل عبور الشارع بمفردهم، أو ركوب الدرّاجة من دون خوذة الأمان.  - السلامة على الإنترنت: بما يشمل تحديد وقت استخدام الشاشة، وتصفّح الإنترنت تحت إشراف الأب والأمّ.  - اتّخاذ قرارات الرعاية الصحّيّة: بما يشمل تلقّي التطعيمات وتناول الأدوية وزيارات الطبيب.  - توفير الدعم العاطفيّ: بما يشمل توفير النصائح لبناء الصداقات، ومواجهة التحدّيات المدرسيّة، والتعامل مع التغيّرات العاطفيّة.  - تحديد الأهداف: بما يشمل مساعدة الأطفال في اكتشاف اهتماماتهم، وتحديد نقاط قوّتهم، ووضع أهداف واقعيّة للدراسة والحياة.     في هذه السياقات وغيرها، تكون مشاركة الوالدين شديدة الأهمّيّة، للحرص على نموّ الأطفال الصحّيّ، مع الانتباه إلى أنّ حاجة الأطفال إلى مساحة أكبر لبناء آرائهم وممارسة أحكامهم الخاصّة، تزداد مع الوقت، وبالتالي يمكن للوالدين إشراكهم تدريجيًّا في القرارات المختلفة.     متى تتحوّل المشاركة إلى سيطرة؟  تنبع مشاركة الوالدين في حياة أطفالهم من الحبّ والرعاية، إلّا أنّها قد تنزلق أحيانًا لتتحوّل إلى حماية زائدة أو سيطرة مفرطة، مثل ما يحدث عند:  - اتّخاذ جميع القرارات نيابة عن الطفل، من دون إعطائه فرصة للمشاركة.  - التحكّم الدقيق في كلّ تفاصيل يوم الطفل.  - ممارسة ضغوط على الطفل لتحقيق أحلام وتطلّعات الأب والأمّ، والتي تتعارض مع تفضيلاته وميوله.  - تأنيب الطفل أو معاقبته عندما يتّخذ قرارات مستقلّة.  وهنا تكون النتيجة أنّ الأطفال سيعانون تدنّي احترام الذات والقلق، ويصبحون أشخاصًا مهووسين بإرضاء الآخرين، يسعون باستمرار لكبت تميّزهم من أجل التوافق مع الناس، أو أنّهم سيذهبون إلى الاتّجاه المعاكس، ويصبحون أشخاصًا متمرّدين، يقاومون أيّ شكل من أشكال السلطة. فالهدف توجيه الطفل، وتزويده بالأدوات اللازمة ليعيش حياة سعيدة، لا إملاء ما عليه فعله في كلّ المواقف.      متى يجب أن يترك الأب والأمّ حرّيّة الاختيار للطفل؟  تكمن أهمّيّة هذا السؤال من أنّ معرفة متى يتراجع الوالدان ويتركان للطفل مساحة أكبر، لا تقلّ أهمّيّة عن معرفة متى يجب أن يتدخّلا. فكما قلنا، الإفراط في التدخّل قد يعوق نموّ الطفل، ويحرمه من تعلّم مهارات المرونة واتّخاذ القرارات والمسؤوليّة. وسنعرض تاليًا بعض المجالات التي ينبغي على الآباء والأمّهات منح أطفالهم مزيدًا من الاستقلاليّة فيها:  1. الاهتمامات والهوايات الشخصيّة: يجب على الوالدين ترك الأطفال يختارون الأنشطة التي يحبّونها، حتّى لو لم تكن الأنشطة التي يفضّلها الوالدان. على سبيل المثال، قد يريد الوالد الشغوف بالرياضة أن يكون طفله مثله، بينما يفضّل الطفل الفنون أو الموسيقى.  2. الصداقات والخيارات الاجتماعيّة: يجب على الوالدين تقديم التوجيه للطفل بشأن بناء العلاقات مع أقرانه، ولكن ينبغي السماح له باختيار أصدقائه وفهم الديناميكيّات الاجتماعيّة، فمنح الطفل الشعور بالثقة في إدارة هذه الخيارات، يعمل على بناء شخصيّة سويّة على المستوى الفرديّ والاجتماعيّ.  3. القرارات اليوميّة: تكمن أهمّيّة منح الحرّيّة للأطفال في اتّخاذ القرارات اليوميّة، مثل ما يرتدونه، أو كيف يزيّنون غرفهم، أو كيف يمشّطون شعرهم، في أنّها تعمل على تمكين الأطفال، وتمنحهم شعورًا بالاستقلاليّة والاعتداد بالنفس.  4. ارتكاب الأخطاء: يجب على كلّ أب وأمّ السماح للأطفال بارتكاب الأخطاء، البسيطة منها بالتأكيد، واختبار عواقب أفعالهم، لأنّها من أفضل الطرق لتعلّم مهارات الحياة. فبينما يمكن للوالدين تقديم المساعدة في حلّ المشكلات، سيؤدّي التدخّل لإنقاذ الطفل من كلّ إخفاق صغير إلى حرمانه من اكتساب مهارات المرونة والثقة بالنفس.    كيف نوازن بين المشاركة والاستقلاليّة؟  على الوالدين بذل جهد كبير وممارسة وعي ذاتيّ، من أجل تحقيق التوازن الصحّيّ بين التدخّل في قرارات الأطفال ومنحهم الاستقلاليّة. وسنقدم لكم بعض الاستراتيجيّات الفعّالة للوصول إلى حالة التوازن المطلوبة:  1.  ممارسة الاستماع الفعّال: عندما تجد أنّ طفلك قد اتّخذ قرارًا، مهما بدا لك هذا القرار خاطئًا، حاول أن تستمع إليه أوّلًا، واطرح عليه أسئلة مفتوحة لتتمكّن من فهم أفكاره ومشاعره التي جعلته يتّخذ هذا القرار، ليتقبّل منك النصيحة أو الحلّ الذي تقدّمه إليه.  2. قدّم لطفلك خيارات لا أوامر: إذا كنت تريد أن يقوم طفلك بإنجاز أمر ما، قم بصياغته في شكل خيارات وليس أمرًا، مثل: "هل تريد إنجاز واجبك المنزليّ الآن أم بعد الغداء؟" النقطة هنا أنّ إعطاء الطفل خيارات في حدود معيّنة يعزّز استقلاليّته، مع الحفاظ على نظام صحيح لحياته.  3. اشرح أسباب القواعد: يجب أن تدرك أنّ احتمال تعاون الأطفال يزداد، عندما يفهمون الأسباب الكامنة وراء القواعد في المنزل والقرارات التي تتّخذها.  4. تعديل دور الوالدين مع نموّ الطفل: يجب أن تتطوّر مشاركة الأب والأمّ في حياة الطفل مع مرور الوقت، فمثلًا قد يحتاج الطفل في الخامسة إلى إشراف دقيق، بينما يحتاج في الخامسة عشرة إلى مساحة لبناء استقلاليّته. بكلمة أخرى: التراجع التدريجيّ لدورك، يسمح لطفلك بممارسة اتّخاذ القرارات ضمن بيئة آمنة.  5. احترام الفرديّة: يجب إدراك أنّ الطفل ليس امتدادًا لك، حتّى لو كان يشبهك في الشكل والاهتمامات. يجب عليك دعم شخصيّته الفريدة، وتعزيز مواهبه وأحلامه، حتّى لو لم تتوافق مع شخصيّتك.  نستخلص من هذا أنّ التربية لا تعني التحكّم في كلّ قرار يتّخذه طفلك، بل هي عمليّة متدرّجة تهدف إلى إعداده لاتّخاذ قراراته الخاصّة بحكمة. وهذا الأمر يعني معرفة متى تتدخّل بقوّة، ومتى تقدّم توجيهًا بلطف، ومتى تأخذ مقعد المتفرّج وأنت واثق أنّ طفلك سيتّخذ القرار الصحيح.  فتدخّل الآباء والأمّهات بشكل صحّيّ وسليم في حياة أطفالهم، يوفّر لهم الأمان والحبّ، بالتوازي مع إتاحة مساحة مناسبة لهم ليكبروا ويصبحوا أفرادًا واثقين من أنفسهم، وقادرين على إنجاز ما يريدون. وتذكّر دائمًا أنّك باحترام استقلاليّة طفلك، فإنّك تُظهر له ثقتك به وإيمانك بقدراته، ما يُعزّز علاقتكما، ويُجهّزه لمرحلة البلوغ.    المراجع https://digitalcommons.unf.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=2091&context=etd  https://www.hellooha.com/articles/1776-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1  https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC6279730/#:~:text=%E2%80%9CYou%20become%20involved%20and%20informed,of%20their%20child's%20health%20care. 

Double-Digit Addition and Subtraction

تتضمّن الورقة سلسلة من 16 مسألة مُعدّة بعناية؛ حيث تدعو الطلّاب إلى تحريك عضلاتهم العقليّة أثناء التعامل مع تعقيدات جمع وطرح الأعداد المكوّنة من رقمين. للوصول إلى الورقة الرجاء الضغط على الرابط هُنا.

Draw to Make 10 #1

يمكن للأطفال التدرّب على الجمع ورسم الأشكال الثنائيّة الأبعاد، وكل ذلك أثناء تكوين الرقم 10 من خلال ورقة العمل الرياضيّاتيّة الممتعة هذه! في هذه الورقة المبهجة والملونة، سيُعطى الطلّاب بعض الدوائر، ويجب عليهم رسم دوائر إضافيّة لتكوين إجمالي 10. ثم سيستخدم المتعلّمون القالب المُقدّم لكتابة معادلة تتناسب مع مجموعة الدوائر التي رسموها. للوصول إلى أوراق العمل الرجاء الضغط على الرابط هُنا.

Time Practice

في ورقة العمل هذه الخاصّة بممارسة الوقت، سيبدأ الطلّاب بقراءة عقارب الساعة للدقائق والساعات على ساعات مختلفة. ثم، سيكتبون الوقت بالصورة الرقميّة. وأخيرًا، سيتدرّبون على رسم الوقت إلى الربع ساعة على الفراغات. للوصول إلى ورقة العمل الرجاء الضغط على الرابط هُنا.