الرئيسية

في هذا العدد

العدد (18) خريف 2024

خريفنا الرابع... ونزداد شبابًا العدد الثامن العشر من منهجيّات هو خريفنا الرابع، الذي بدأت به دورة وجود مجلّة تربويّة عربيّة، حدّدت منذ البداية أفقها: نحو تعليم عربيّ معاصر. ولأنّنا نؤمن أنّ مستقبلنا سيصنعه أبناؤنا، على رغم غبار الدمار والقتل الذي يلفّنا، كان ملفّ عددنا بعنوان "التعليم التحرّري: بدائل واستراتيجيّات". عن التعليم التحرّريّ: لماذا نعلّم أطفالنا؟ في حين ننشغل بأحسن الطرق لشرح كذا، وأهمّ الاستراتيجيّات لضمان فهم المتعلّمين هذه المعادلة، يغيب عن بالنا سؤال الغاية، خصوصًا أنّ إتقان الموادّ الدراسيّة والمعادلات المعقّدة ليس بالضرورة أمرًا لطيفًا، فمن بنى أسلحة الدمار الشامل كانوا من العباقرة! من هنا، ينطلق التعليم التحرّريّ من الربط بين الإنسان وظروفه، وقدرته على فهم المحيط، وتدريبه على إيجاد الإجابات والحلول بناء على ما هو موجود. إنّه ربط عمليّة التعليم بالغاية من جعل الإنسان متعلّمًا، أي عارفًا بعلمه، وعارفًا أنّ المعرفة أداه تغيير يطال المجتمع. وبغير ذلك يصير التعليم وسيلة تُشيّئ الروح الجميلة الحرّة الكامنة في صدور الصغار، ليكبروا غير مهتمّين إلّا بخلاصهم الذاتيّ، ولا تعنيهم إلّا المنافسة لوصول الـ"أنا" بغير احتساب الكلفة على المحيط الذي حضنها. هل نعلّم أطفالنا ليصيروا براغي في أنظمة لم ينشئوها؟ أو لنعدّهم للتصدير بحيث نُحرم ممّا عندهم من طاقات وقدرات فاعلة؟ 

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 19: الذكاء الاصطناعيّ في التعليم.. استراتيجيّات ومقاربات

منذ جائحة كورونا انزاحت وجهة الأسئلة عن ضرورة استعمال التكنولوجيا في التعليم، من سؤال الـ"لماذا" إلى الـ"كيف". وبات المعلّمون المتردّدون في تبنّي الوسائل التكنولوجيّة في التعليم، على عجلة من أمرهم لتغطية تأخّرهم في منحى أساسيّ من مناحي التعليم. لكنّ تقنيّات التكنولوجيا تتطوّر بشكل لا يسمح بالتقاط الأنفاس، فجاءت تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ التفاعليّة لتجعل الوسائل التكنولوجيّة السابقة "outdated"، ولتفرض على المعلّمين تحدّيات جديدة وأسئلة لا تجد الوقت الكافي لطرحها.  وقد بدا هذا الأمر واضحًا في ندوة منهجيّات حول الذكاء الاصطناعيّ، من حيث مداخلات المنتدين، وحجم الحضور الكبير وأسئلتهم الكثيرة، ما حتّم علينا تخصيص ملفّ العدد التاسع عشر لهذا الموضوع. واستعمال هذه التطبيقات التي تنشر الكثير من النسخ المجّانيّة، ليس متاحًا للمدارس المقتدرة وحسب، بل يمكن للمدارس المهمّشة التي لا تحظى بالدعم الكافي أن تستفيد منها، كونها لا تحتاج إلى معدّات وتجهيزات خاصّة؛ فالأمر منوط برغبة المؤسّسات وتوجّهاتها، وباستعداد المعلّم في هذه المدارس لخوض تجربة تضمين هذا الشكل التكنولوجيّ الجديد في العمليّة التعليميّة مع طلّابه، وطموحه ألّا يكونوا بعيدين عن ركب تطوّر يجتاح العالم. ولأنّ الكثير نُشر وينشر حول تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ المختلفة، والمقارنة بينها، فإنّنا نطمح إلى ملفّ يتخطّى إطار التعريف بهذه التطبيقات، والارتقاء بالموضوع إلى ما يفيد التربويّات والتربويّين العرب في الجوانب الآتية:   استراتيجيّات وتجارب فعّالة في استعمال الذكاء الاصطناعيّ في التحضير للتعليم تجارب وخبرات تطال المواضيع الآتية: ما الاستراتيجيّات التي استُعمِلت في استعمال تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ في عمليّة التحضير للدروس في الموادّ المختلفة؟ ما الأمور التي يسّرها استعمال هذه التطبيقات في المادة المستهدفة؟ هل كان الذكاء الاصطناعيّ مفيدًا في عمليّة التقييم...؟   استراتيجيّات وتجارب فعّالة في استعمال المتعلّمين الذكاء الاصطناعيّ كيف أدار المعلّم استعمال طلّابه الذكاء الاصطناعيّ في الصفّ مباشرة، أو في المشاريع المطلوبة؟ كيف أضمن أنّ استعمال طلّابي الذكاء الاصطناعيّ يصبّ في مصلحة تطوير تعليمهم لا استسهالهم التنفيذ؟ كيف تتم الموازنة بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إنتاج أعمال مميزة والمحافظة في الوقت ذاته على النزاهة العلمية؟ كيف أحافظ على الدافعيّة إلى التعلّم والتفكير الناقد مع استعمالهم الذكاء الاصطناعيّ؟   الضوابط والهواجس هل يجب استعمال الذكاء الاصطناعيّ في التعليم حقًّا، أم الاكتفاء بإضافته مادّة تعليميّة في المدارس؟ ما الأثر الذي سيفرضه استعمال الذكاء الاصطناعيّ في بنية المدرسة التي اعتدناها: شكل التعليم؛ الصفوف؛ ضرورة وجود المعلّمين؛ أهداف التعليم؛ مفهوم القيم... هذه الأسئلة تطال كلّ الموادّ: العلوم والرياضيّات واللغات والآداب والفنون والرياضة والاجتماعيّات.     يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 25 تشرين الثّاني/ نوفمبر، 2024. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]  

أخبار تربويّة

لبنان: دعمٌ من اليونيسف لإعادة 387 ألف طفل إلى المدارس رغم الحرب

أعلنت اليونيسف دعمها لوزارة التربية والتعليم العالي في لبنان لإعادة حوالي 387 ألف طفل إلى المدارس تدريجيًّا. ويشمل هذا الدعم الأطفال الذين يعيشون في مراكز الإيواء والمجتمعات المضيفة. وتشكّل هذه المبادرة جزءًا من خطّة الاستجابة للطوارئ التي تهدف إلى فتح وتشغيل 326 مدرسة رسميّة لم تُستخدم لإيواء النازحين، ما يضمن حصول جميع الأطفال في سنّ الدراسة في لبنان على التعليم. وفي بيان لها بداية هذا الأسبوع، أكّدت اليونيسف أنّ خطّة الاستجابة صمّمت لتوفير الدعم التعليميّ الأساسيّ لجميع الأطفال خلال هذه الأوقات الصعبة ولتعزيز تشغيل المدارس الرسميّة. وستتلقّى هذه المدارس تمويلًا ماليًّا من الصندوق الائتمانيّ للتعليم (TREF) التابع لوزارة التربية والتعليم العاليّ واليونيسف، لضمان توفير الموادّ التعليميّة الضروريّة، مثل الكتب المدرسيّة، وتقديم خدمات الدعم النفسيّ والاجتماعيّ، والفحوصات الطبّيّة لمساعدة الأطفال في التعامل مع آثار الحرب. من جهته، أشار ممثّل اليونيسف في لبنان، إدوارد بيجبيدر، إلى أنّ "التأثير السلبيّ للنزاع على الأطفال والمعلمين والمدارس كارثيّ بالفعل. ويجب مواجهته لمنع ضياع عام دراسيّ قد يعرّض رفاهية الأطفال، وسلامتهم، وآفاقهم المستقبليّة وتعافي البلاد للخطر". وأضاف أنّ "العودة إلى المدرسة ليست ضروريّة فقط لتعليم الطفل ونموه، بل لتساعده أيضًا على الشعور بالاستقرار الاجتماعيّ والنفسيّ الذي تشتدّ الحاجة إليه خلال هذه الأوقات الصعبة". وكان من المقرّر أن يبدأ العام الدراسيّ الجديد في الأسبوع الأول من تشرين الأوّل/ أكتوبر، لكنّ الحرب الإسرائيليّة المدمّرة على لبنان أدّت إلى تأجيله. ويواجه استئناف التعليم في المدارس الرسمية تحدّيات كبيرة، حيث تقع حوالي 60% من مراكز إيواء النازحين داخل المدارس، ما أجبر العديد من المعلّمين والطلّاب على الانتقال بعيدًا عن مدارسهم الأساسيّة. وبدعم من اليونيسف، ستوفّر 326 مدرسة رسميّة فرصًا تعليميّة حضوريّة ومختلطة عالية الجودة، لمساعدة الأطفال والشباب على تعويض ومواصلة رحلاتهم التعليميّة. كما سيتاح التعلّم عبر الإنترنت، من خلال المنصّة الرقميّة لوزارة التربية والتعليم العالي. وسيكون من المهم دمج التدخّلات الخاصّة بالأطفال ذوي الإعاقة، والفتيات، واللاجئين، لضمان حصول كل طفل على فرصة التعليم. وأدّى العدوان الإسرائيليّ على لبنان إلى "قلب حياة الأطفال رأسًا على عقب، ما يتسبّب بإصابات جسديّة خطيرة وندوب نفسيّة عميقة"، وفقًا لبيان سابق من اليونيسف. وفي آخر تحديث صادر عن وزارة الصحة اللبنانيّة، سُجّل استشهاد 185 طفلًا وجرح 1202 آخرين منذ تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 حتى 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الحاليّ. وأفادت اليونيسف بأنّه "منذ 4 تشرين الأوّل/ أكتوبر من هذا العام، يُقتل طفل واحد على الأقل كل يوم ويُصاب 10 آخرون. كما يعاني آلاف الأطفال الذين نجوا جسديًّا من أشهر من القصف المستمر من ضيق نفسيّ حادّ نتيجة تصاعد العنف والفوضى المحيطة بهم".

استشهاد 11 ألفًا و825 طالبًا في غزّة والضفّة منذ 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023

قالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينيّة، أمس الثلاثاء، إنّ 11 ألفًا و825 من طلبة المدارس والجامعات في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة المحتلّة استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيليّ على الفلسطينيّين في السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023. جاء ذلك في معطيات نشرتها الوزارة (مقرّها رام الله وسط الضفّة)، تتضمّن الانتهاكات الإسرائيليّة بحقّ والمدارس والجامعات في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة وطلبتها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023 وحتى أمس الثلاثاء. وقالت الوزارة: "عدد الشهداء من طلبة مدارس غزّة تجاوز 11 ألفًا و57، إضافة إلى أكثر من 16 ألفًا و897 جريحًا". وأضافت: "عدد الشهداء من طلبة جامعات غزّة بلغ 681 إضافة إلى أكثر من 1468 جريحًا". أما في الضفّة الغربيّة، فأفادت معطيات الوزارة بـ"استشهاد 79 وإصابة 464 واعتقال 232 من طلبة المدارس، واستشهاد 35 وإصابة 130 واعتقال 218 من طلبة الجامعات". وعن محصلة الشهداء والجرحى في صفوف الكوادر التعليميّة، أفادت معطيات الوزارة بـ"استشهاد 441 وإصابة 2491 من كوادر المدارس بغزّة، واستشهاد اثنين وإصابة 17 واعتقال 139 من مدارس الضفّة"، مُضيفةً أنّ "117 أكاديميًّا من كوادر الجامعات بغزّة استشهدوا". وبخصوص الاعتداءات على المدارس والجامعات، ذكرت المعطيات أنّ 406 مدارس في قطاع غزّة، بما فيها 65 مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا)، تعرّضت إلى أضرار، منها 77 دمّرت شكل كامل، في حين تعرّضت 84 مدرسة بالضفة إلى التخريب. كذلك تعرّضت 20 من مؤسّسات التعليم العالي في غزّة إلى أضرار بالغة، ودُمّرَ أكثر من 51 مبنى جامعيًّا بشكل كامل، و57 مبنى تابعًا للجامعات بشكل جزئيّ، وفق ذات المعطيات. وأشارت الوزارة إلى أن 88 ألفًا من الطلبة في غزّة محرومون من الذهاب إلى جامعاتهم، ونحو 700 ألف من الذهاب إلى مدارسهم. يشنّ الاحتلال الإسرائيليّ منذ 7 أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعيّة على غزة خلّفت أكثر من 144 ألف شهيد وجريح فلسطينيّين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانيّة بالعالم. وبالتوازي وسّع جيش الاحتلال الإسرائيليّ عمليّاته في الضفّة، كما وسّع المستوطنون اعتداءاتهم، ما أسفر عن 763 شهيدًا ونحو ستّة آلاف و300 جريح، و11 ألفًا و400 حالة اعتقال، وفق معطيات رسميّة فلسطينيّة.  

حكومة الوحدة الليبيّة تعلن بناء 230 مدرسة

أعلنت حكومة الوحدة الوطنيّة الليبيّة، تنفيذ 230 مدرسة منذ العام 2023 حتى أيلول/ سبتمبر الماضي، بواسطة جهاز تنمية وتطوير المراكز الإداريّة، منها 77 مدرسة مسلمة لمراقبات التعليم بمختلف المناطق. وحسب بيان صحفيّ، يصل إجمالي المدارس المستهدفة خلال العام 2024 الجاري إلى 124 مدرسة، ومن المقرّر تسليم 47 منها قبل نهاية العام. وقال البيان، إنّ هذه الإنشاءات تأتي بهدف توفير بيئة تعليميّة حديثة ومتطورة وضمن خطة عودة الحياة. ويستهدف المشروع إنهاء مدارس الصفيح في ليبيا، والمساهمة في تحسين جودة التعليم في جميع المناطق. وفي أواخر العام 2022، قال وزير التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنيّة، موسى المقريف، إنّ الوزارة خطّطت لتشييد مدارس بديلة لمدارس الصفيح ضمن مشروع لإنشاء 1500 مدرسة، مشيرًا إلى تحديد مراقبي الوزارة بمختلف البلديات للمدارس التي تحتاج إلى تشييد.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

متى تصير المأساة فرصة للتغيير؟
تغلغلت الحروب والفوضى في عالمنا وأصبحت جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا اليوميّة. بالطبع، لن نناقش هنا موضوع الحروب ببعده السياسيّ، تابع القراءة
تربية التعليم التحرّريّ وتراتيب علاقات القوّة
لم يكن ارتباط التعليم التحرّريّ بالشعوب المقهورة أكثر من غيرها وليدًا عضويًّا متلازمًا؛ ففكرة التحرير فكرة مستمرّة في كلّ مجتمع، سواءً أك... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

يوميّات معلّم
يوم المعلّم مليء بالأحداث المختلفة، منها السعيد، ومنها الحزين، ومنها مواقف فيها من التحدّيات التي يجب أن يتعامل معها المعلّم بأفضل طريقة ... تابع القراءة
أثر التنمّر في البيئة الدامجة: كيف نحمي طلّابنا؟
البيئة المدرسيّة مهمّة للتطوّر العقليّ والمفاهيميّ والعاطفيّ والاجتماعيّ عند الأطفال والشباب. لذلك، علينا أن نؤمِّن بيئة مدرسيّة آمنة ودا... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: العدوان على لبنان.. عن الأطفال والتعليم

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024، بعنوان "العدوان على لبنان: عن الأطفال والتعليم". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. العائلات والطلّاب في قلب الصدمة: كيف نتعامل مع التحديّات؟ 2. دور المعلّم واستراتيجيّات التعاطي مع الطّلاب في حالة صدمة. 3. التّعليم وسط الحرب بين التحديّات والمواجهة.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات: أ. نانسي قارووط، اختصاصيّة علم النفس ومعالجة نفسيّة لجميع الفئات العُمريّة؛ أ. رنا قبيسي، مديرة ثانويّة الكوثر؛ ميس غيث، مرشدة المرحلة الثانويّة في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة. أدارت الندوة د. مي أبو مغلي، باحثة يتركّز عملها على مناهج تعليم حقوق الإنسان، والتطوير المهنيّ للمعلّمين في الأزمات وحالات الطوارئ وتعليم اللاجئين، وأستاذة مساعدة في معهد الدوحة للدراسات العُليا في برنامج حقوق الإنسان. استهلّت د. أبو مغلي الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها. وأضاءت د. أبو مغلي على أهمّيّة المساحات كمنهجيّات في زمن الإبادة، إذ تُحرّر التعبير والتفكير والتعليم النقديّ والحرّ، أكثر من أيّ وقت مضى، لتشكيله فسحة أمل، نستطيع بها الاستمرار والمحافظة على قدراتنا على التجريب والتخيُّل والابتكار والإبداع، بغضّ النظر عن الظروف الإنسانيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة الصعبة. وأشارت إلى إخطارات الإخلاء التي وجّهها الاحتلال لإخلاء مدينة بعلبك اليوم، 30 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024، والتي يعيش فيها أكثر من 100 ألف إنسان، في مدينة يعودُ تاريخها إلى أكثر من 9000 عام. كما تحدّثت على التدمير المُمنهج الذي يُمارسه الاحتلال في لبنان منذ تشرين الأوّل 2023، والذي أدّى إلى تهجير السكّان واستشهاد أكثر من 2500 إنسان. والأمر لم يقتصر على تهجير الإنسان وتشريده وحسب، إنّما يتضمّن التدمير المنهجيّ لتاريخ شعب وهويّته. وذكرت د. أبو مغلي أنّ نصف المدارس الرسميّة في لبنان تحوّلت إلى ملاجئ للنازحين قسريًّا، ما أدّى إلى تعطيل تعليم الأطفال، وزيادة التهديد لسلامتهم البدنيّة والنفسيّة والعقليّة. وقالت وزارة التعليم اللبنانيّة إنّ غارات الاحتلال الإسرائيليّ الجوّيّة أجبرت حوالي 40% من تلاميذ لبنان، أي مليون ونصف طالب وطالبة، على ترك منازلهم، وإرجاء بداية العام الدراسيّ للمدارس الرسميّة. كما ذكرت أنّ هنالك 500 مدرسة رسميّة باتت ملاجئ في أعقاب تصاعد العدوان الإسرائيليّ على لبنان منذ 23 أيلول 2024، ما أدّى إلى نزوح خُمس سكّان لبنان. وفي ظلّ هذه الظروف غير المسبوقة، والإبادة في غزّة، والعدوان على لبنان، وفقدان الأمن ومصادر الرزق، علينا أنْ نفكّر في دور التعليم ودور المؤسّسة التربويّة في هذا السياق، وكيف علينا أن نتعامل كأهل ومعلّمين مع الطلّاب الذين يمرّون بهذه الظروف القاسية؟ وما التأثيرات النفسيّة والمجتمعيّة للعدوان المستمرّ، والذي يستهدف التعليم؟ وكيف ننظر إلى المنخرطين في هذا القطاع؟ وما الدور المنوط بهم؟   المحور الأوّل: العائلات والطلّاب في قلب الصدمة: كيف نتعامل مع التحديّات؟ أشارت أ. غيث إلى أنّ صمود الناس ومُشاركتهم في هذه الندوة مثالًا، وحرصهم على الحفاظ على أمان عائلاتهم خلال هذه الأوقات الصعبة يدعوان إلى الاحترام. وداخلت حول التنوّع في الظروف المعيشيّة تحت وطأة الحرب، فالعائلات في لبنان تمرّ بتحدّيات كبيرة وظروف معيشيّة متباينة. بعض العائلات تُقيم في خيام بجانب الطرقات، وأُخرى تلجأ إلى المدارس، أو تعتمد على التعليم عبر الإنترنت، أو تجد مأوًى مؤقّتًا في منازل الأصدقاء أو الغرباء. وهناك عائلات تعيش في مناطق تتعرّض إلى ضربات جوّيّة ومجازر، ما يُضيف تحدّيات وأخطارًا يوميّة. ولفتت أ. غيث الانتباه إلى أنّ تأثير الصدمة سيكون عميقًا وطويل الأمد، فالصدمة ليست مجرّد حدث، بل أثر داخليّ يشمل التغييرات العميقة التي تحدث في نفسيّة الأطفال وأجسادهم. وأشارت إلى أنّ التأثيرات نفسيّة وجسديّة واجتماعيّة، تقود إلى معاناة الطلّاب المتأثّرين بالصراع المستمرّ، من مشاعر القلق الشديد والخوف والشعور المستمرّ بالخطر. ويؤدّي ذلك إلى سلوكات ظاهرة، مثل العدوانيّة، أو الانسحاب، أو نوبات غضب متكرّرة، أو ردود فعل غير متوقّعة. وشدّدت على أنّ الصدمة قد تبان في مشاكل في الصحّة الجسديّة، كصداع متكرّر في الرأس، وآلام حادّة في المعدة، وفي أعراض جسديّة متنوّعة بدون سببٍ طبّيّ واضح. ونوهّت أ. غيث بأنّ التأثير في التعليم يأتي ضمن أشكال مختلفة، منها: صعوبة التركيز والتعلّم. فالقلق المستمرّ والشعور بعدم الأمان يجعلان من الصعب على الطلّاب التركيز على دراستهم، خصوصًا عندما تكون الدراسة عبر الإنترنت، أو في بيئات مؤقّتة. وأشارت إلى أنّه من الطبيعي شعور الأهل بالخوف والقلق، والأطفال غالبًا يستشعرون ذلك. وهُنا، أكّدت على أهمّيّة تقديم الأمان بقدر المستطاع، حتّى في الأوقات العصيبة؛ أي محاولة لخلق لحظات بسيطة من الأمان أو الطمأنينة، مهما كانت صغيرة، قد تساعد في تخفيف مشاعر الخوف أو عدم الأمان عند الأطفال. كما شاركت أهمّيّة الانتباه إلى التغيّرات الاجتماعيّة والسلوكيّة، فقد يواجه الأطفال صعوبة في بناء الثقة بالآخرين، فيبتعدون عن محيطهم، أو يظهرون سلوكات نكوصيّة استجابةً لشعورهم بعدم الأمان، وهو ما يدفع بالأطفال إلى حاجة ضروريّة للتواجد بالقرب من الأهل، في خضمّ بحثهم عن شعور الأمان. وأمّا عن تقديم الدعم العاطفيّ والأمان النسبيّ، فشاركت أ. غيث بعض النصائح في سبيل ذلك، مثل توفير مساحة آمنة للتعبير عن المخاوف من غير إصدار أحكام، وإتباع نهج حسّاس وداعم، وتقدير مشاعرهم، والحفاظ على الهدوء. وأكّدت على أهمّيّة إعطاء الأطفال المساحةَ للتعبير عن مشاعرهم بحرّيّة، فمن المهمّ أن يُمنح الأطفال مساحة تعبيريّة من خلال الرسم؛ اللعب؛ الكتابة، كونها وسائلَ تُتيح لهم التعبير عن أنفسهم، وتخفيف شعورهم بالعبء. ونبّهت إلى ضرورة الانتباه إلى فهم الانفصال العاطفيّ وآثاره، كالشعور بالعزلة والوحدة النفسيّة، وصعوبة التعبير عن المشاعر، وتجنّب المواقف العاطفيّة، والشعور بالفراغ الداخليّ. وذكرت خطوات بناء التواصل العاطفي، على غرار تطوير الوعي بالمشاعر الذاتيّة، وتعلّم لُغة المشاعر والتعبير عنها، ومُمارسة التعاطف مع الذات والآخرين، وبناء الثقة تدريجيًّا في العلاقات. ومن باب أهمّيّة الانتباه إلى بناء التواصل العاطفيّ، كونه وسيلة ستُخفّف من الصدمة، وستسهّل لاحقًا عودتهم إلى الحياة الطبيعيّة، ذكرت أ. غيث مجموعة استراتيجيّات لعمليّة التواصل، منها: الإصغاء النشط والتواجد، والتعبير عن المشاعر بصدق وانفتاح، والمشاركة في أنشطة جماعيّة هادفة، وطلب المساعدة المهنيّة عند الحاجة. كما أشارت إلى مؤشّرات التحوّل الإيجابيّ، وهي زيادة القدرة على التعبير العاطفيّ، وتحسّن جودة العلاقات الشخصيّة، والشعور بالراحة في المواقف العاطفيّة، وتطوّر مهارات التواصل العاطفيّ. وتحدّثت أ. غيث عن دعم الأطفال اللبنانيّين خارج لبنان خلال الأوقات الصعبة، والذين تظهر عليهم علامات التأثّر، ومنها الاهتمام المتزايد بالأخبار ووسائل التواصل الاجتماعيّ، والشعور بالذنب أو العجز، أو الحماية المفرطة كاستجابة للشعور بالخطر. وذكرت خطوات دعم الأطفال خارج لبنان، منها الاستماع وتفهّم المشاعر، وتشجيع الأطفال على التحدّث على مشاعرهم وقلقهم، وتعزيز الشعور بالاحتواء والطمأنينة.   وهُنا، افتتحت أ. قارووط باقتباس من كِتاب الراحل د. مصطفى حجازي "التخلّف الاجتماعيّ: مدخل إلى سيكولوجيّة الإنسان المقهور" وهو: "التعلّم هو ممارسة للحرّيّة ووسيلة للتمكين والوعي وأداة لمقاومة الجهل وتحرير العقول، مع التشديد على ضرورة خلق فرص تعلّميّة في أصعب الظروف لأنّ الحرب تؤدّي إلى تدمير البُنية التعليميّة وتخلق بيئة من الخوف والقلق". وأكّدت على ضرورة الانتباه إلى التفكير النقديّ، خصوصًا في أوقات الأزمات، كونه يساعد الأفراد على فهم واقعهم ومواجهته بشكلٍ فعّال، وهو فرصة لكي يواجه المعلّمون والمتعلّمون معًا القهر، ولتخطّيه من أجل تفعيل صوت المقهورين. وقدّمت أ. قارووط مجموعة إرشادات حول تعامل الأهل مع الأطفال في هذه الفترة، مُشيرةً إلى ضرورة فهم أنّنا ما زلنا في خضمّ الأزمة. وفي هذا الصدد، على الدعم النفسيّ أن يقتصر على الإسعافات النفسيّة الأوّليّة والتعبير عن المشاعر، وهذا دور المرشدين النفسيّين لمُمارستهِ على الأرض أو عبر الإنترنت. وأشارت إلى أنّ الأهل مصدر للأمان بالنسبة إلى الأطفال. لذا، فمن الضروريّ، بقدر المستطاع، أن يسيطر الأهل على انفعالاتهم أمام الأطفال. تحدّثت أ. قارووط حول أهمّيّة عدم الكذب على الأطفال، وأهمّيّة التعبير الصادق عن حمايته، وذكر أنّ هناك خطّة بديلة، من دون قمع مخاوف الطفل، بل تشجيعه على التعبير عنها. وأشارت إلى أهمّيّة إشغال الطفل باللعب أو بمساعدة الأهل في الأعمال المنزليّة، أو الأعمال التطوّعيّة بطبيعة الحال إن كان متواجدًا في منطقة آمنة. كما أكّدت على ضرورة المحافظة على روتين الطفل، فذلك يُشعره بالأمان. ووجّهت أ. قارووط نصيحة إلى الأهل، هي عدم متابعة الأخبار في كلّ الأوقات أمام الطفل، خصوصًا إن احتوت على مشاهد صعبة. ولإبقاء الطفل في السياق، يُمكن بناء حوارات معه حول السياق التاريخيّ للأزمات، مع التركيز على أنّ الأزمات تنتهي من أجل منحه أملًا. كما يُمكن الحديث مع الطفل حول أهمّيّة الصمود، وأنّ كلّ أزمة نمرُّ فيها تجعلنا أكثر قوّة وصلابة. وأشارت إلى أنشطة مختلفة للتركيز على منح الطفل الأمل، منها سؤال: ما أوّل شيء ستفعله عندما تنتهي الحرب؟ وشدّدت أ. قارووط على ضرورة اللجوء إلى اختصاصيّ نفسيّ في حال ظهرت مؤشّرات عند الطفل، مثل عدم النوم؛ التبوّل اللّا إرادي؛ رجفة؛ اصفرار؛ اضطراب الأكل. كما أشارت إلى ضرورة تخفيف التوقّعات من الذات في هذه المرحلة، "فلا تتوقّع أن تكون مثاليًّا في الحرب"، ومن المتوقّع عدم القدرة على الالتزام بأيّ فكرة من هذه الأفكار أو الاقتراحات في خضمّ الحرب. وتحدّثت على أنّنا، كأهل، نتصرّف أحيانًا بفطرتنا وقد تكون هذه المُمارسات الفطريّة أفضل من أيّ مُمارسات أُخرى، مع الإشارة إلى ضرورة التخفيف عن الذات، فنحنُ نبذل جهودنا من أجل تجاوز الأزمة معًا.   وأكّدت أ. قبيسي، في خِتام المحور الأوّل، أنّنا من الضروريّ دائمًا أنّ نتحدّث بلغة الأمل، ولغة الغد الأجمل، من دون أن نحصر أنفسنا وأطفالنا في جوّ الحرب والأزمات، بل التساؤل عن الغدّ، وما الذي سنفعله معًا بهذا الغدّ؟ والتشديد على أنّ الأزمة ستمرّ. وأشارت إلى أنّ هذا خطاب ضروريّ مع الأطفال.   المحور الثاني: دور المعلّم واستراتيجيّات التعاطي مع الطّلاب في حالة صدمة داخلت هُنا أ. قبيسي حول دور المعلّم، فهو المعلّم المربّي في الأزمات، وعليه أن يتغلّب على تحدّي التكيّف، حتّى لا ينقل ظروفه وانطباعاته ومشاعره ويسقطها على الطلبة. وتحدّثت عن تواصل المعلّم والطالب عن بُعد، إذ على المعلّم، في هذا السياق، أن يتفاعل مع الطالب من خلال وسائط، ما قد يدفعه إلى التخلّي عن بعض الأهداف التعليميّة من أجل التركيز على سلامة الطالب النفسيّة العاطفيّة، بالتركيز على أنشطة التفريغ النفسيّ، والتي تفتح مساحةً أمام الطالب من أجل التعبير، وبناء حوارات معهم، وأن يجعلهم يقودون هذه الحوارات وبالتالي سنتعرّف إلى طريقة تفكيرهم، ومساعدتهم بطريقةٍ إيجابيّة. أمّا أ. غيث فتحدّثت على أنّ المعلّم أو المرشد أو أيّ شخص يتعامل مع الأطفال، أن يعرف أنّ الصدمة تؤثّر في كلّ طفل بطريقةٍ مختلفة. وبالتالي، يجب على تعاملنا مع الأطفال أن يكون واعيًا جدًّا، وعدم الحُكم عليهم بناءً على التوقّعات، بل بناءً على فهم السياقات التي مرّوا فيها، وبالتالي مساعدتهم على التجاوز وعلى الانخراط. كما أشارت إلى أهمّيّة التواصل مع الأهل، والاطمئنان عليهم، وعلى الطفل في المنزل، وتقديم الدعم النفسيّ حتّى للأهل، فهم شركاء المعلّم من أجل مصلحة الطالب، وصحّته وشعوره بالأمان وتعافيه. وشاركت أ. قارووط بأنّ المعلّم والطالب يمرّان في ظروف مُتشابهة، ولكنّ المعلّم بخبراته المتراكمة أكثر قدرةً على التكيُّف مع ظرف الأزمة. ومن الضروريّ أنّ ينتبه المعلّم إلى صحّته النفسيّة، وصحّة زملائه النفسيّة، خلال عمليّة التعلّم أو قبل ذلك، حتّى يتمكّن من أداء دوره في ظلّ الأزمة. وأشارت إلى ضرورة أن تكون الدروس التي يحضّرها المعلّم مرتبطة بالواقع، باستغلال مرونة المناهج، من دون أن يتعامل في سياق الأزمة، كما يتعامل في السياق الطبيعيّ العاديّ. كما عليه تحديد الأولويّات والأهداف التي سيعمل عليها خلال الأزمة، والتركيز على التعلّم المجتمعيّ والعمل التطوّعيّ، وبالتالي الانتباه إلى المعاني اليوميّة التي يتعرّض إليها الطلبة، إذ تسمح الفرصة في هذا السياق إلى تعزيزها وتكوين معاني مُشتركة حولها. وأكّدت أ. قبيسي على أهمّيّة التواصل مع الأهل، خصوصًا عند التواصل مع الأطفال عن بُعد. وبالتالي، نحنُ بحاجة إلى حوارات مستمرّة داعمة وتثقيفيّة مع الأطفال، حتّى نستطيع بناء مجتمع قويّ يُحيط بالطفل من أجل حمايته، وتحرير تعبيره. وداخلت د. أبو مغلي حول أهمّيّة التفكير باستراتيجيّات، تبني على التعامل مع الصدمات بدلًا من التعامل بردّة فعل مع الأحداث، خصوصًا في منطقة تمرّ بأزمات باستمرار. وأشارت أ. قبيسي إلى أنّ تعزيز الدعم النفسيّ للأطفال بات موجودًا ضمن أدلّة واستراتيجيّات واضحة وفريق عمل مُمكّن، ذلك نتيجةً لمرور المنطقة بأزمات من سنة 2000 إلى اليوم. لكنّ الأزمات لا تُشبه بعضها، إذ تفرض كلّ منها تحدّيات جديدة، فأزمة اليوم مركّبة أكثر، والأدوات موجودة في هذا السياق، ولكنّنا بحاجة إلى التفكير بالأسلوب والطريقة باستمرار.   المحور الثالث: التّعليم وسط الحرب بين التحديّات والمواجهة تحدّثت أ. قبيسي أنّنا نعقد ندوةً وسط الحرب، وهو ما يختلف عن ندوة بعد الحرب تستخلص دروسًا مستفادة. أمّا في خضمّ الحرب، فنحاول فهم ما هي الأزمة، وما طبيعة العدوان؛ فالعدوان اليوم يقتل ويهجّر أناسًا، ويهدّم بيوتًا. وفي الحرب يُفتقد أهمّ عنصر، وهو الحياة، وبالتالي انعدام الأمن والأمان. وهُنا، هل علينا التفكير في التعليم؟ هذا هو السؤال الجوهريّ، ففي خضمّ الحرب والأزمة، على التربويّين أن يحرصوا على عدم انقطاع الطلبة عن التعليم، من دون التمسّك بشكله التقليديّ، ولكن بمرونة كما ذكرنا سابقًا. وخلال إدارة هذه العمليّة، قمنا بالتنسيق بين مدارسنا ومدارس أُخرى، قمنا بمرحلة أولى أطلقنا عليها اسم "مرحلة الاطمئنان"، نطمئن على الطلبة والأهل والمعلّمين، من أجل فهم بداية العمل؛ فعلينا العمل مع المعلّمين، مثلًا، لتمكينهم من التعامل مع الطلبة. وقد استغرقت المرحلة الأولى وقتًا طويلًا، ذلك لوحشيّة العدوان، والاستراتيجيّة والمنهجيّة من أجل الاطمئنان، عبر استبيانات من أجل قراءة الظروف والواقع، والانتقال في الوقت المُناسب إلى مرحلة ثانية. وقد قادت المرحلة الأولى من البحث والتقصّي والحوار، إلى مجموعة من ثلاثة مسارات تعلّميّة، قد تختلف في ظروفها التعليميّة، ولكنّنا في خضمّ المرحلة الأولى كنّا قد تواصلنا تواصلًا عميقًا مع الأهل، مؤكّدين أنّنا كمعلّمين عندنا رسالة أخلاقيّة واضحة، الآن بعدم انقطاع الطلبة عن التعليم، ولاحقًا بردم الفاقد التعليميّ عندهم. والمسارات الثلاثة هي: 1. التعليم الحضوريّ في مركزين، وبُني على أسئلة واستجوابات مع الأهل. 2. تعليم غير متزامن، بحيث نرسل موادّ للطلبة، غير مرتبطة بزمنٍ أو وقت، يُمكّن الطلبة من التفاعل مع هذه الموادّ أينما كانوا. 3. التعليم المتزامن المُباشر، عبر الإنترنت. وأشارت أ. قبيسي إلى أنّ الضابط للمسارات هو الأهداف التعليميّة، بناءً على الظروف وبمرونة، وبدخول الدعم النفسيّ مادّة أساسيّة، مرتبطة برزمة تحتوي على مجموعة أنشطة مع الطلبة والأهل. وأشارت أ. قبيسي إلى وجود دور اجتماعيّ للمؤسّسات التربويّة، يتمثّل بمساعدات لمراكز النازحين وتقديم الدعم النفسيّ في هذه المراكز.   وفي ختام الندوة، عولجت مجموعة من الأسئلة المحوريّة التي تتعلّق بتعامل الأطفال مع الأزمات النفسيّة والسلوكيّة الناتجة عن الحرب، بالإضافة إلى دور مؤسّسات المجتمع المدنيّ. كما نوقش دور المعلّمين وقدرتهم على التعامل إيجابيًّا مع التحدّيات الحاليّة، ما يستدعي تعزيز مهاراتهم ودعمهم في هذه الأوقات الصعبة. كما نوقشت آليّات وخبرات للتعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة خلال الحرب، والتي تعتمد على نوع الإعاقة، ومكان تواجد الشخص، وبالتالي تصميم برامج تتكيّف مع هذه الفئة، وأيضًا الحوار مع الأهل وزيارتهم من أجل تأمين أنشطة وبرامج مُناسبة. وأيضًا أكّدت المُشاركات على أهمّيّة التكافل الاجتماعيّ، وهو يمثّل قيمة من القيم التي علينا التفكير فيها في عمليّة التعليم، كون هذه الظروف تمثّل فرصة لتعزيز قيم مهمّة في هذا السياق.

ندوة: الذكاء الاصطناعيّ

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيلول/ سبتمبر 2024، بعنوان "الذكاء الاصطناعيّ". وركّزت على محاور مختلفة، هي:  المعلّم والذكاء الاصطناعيّ: تجارب في استخدام البرامج والمنصّات المختلفة. المتعلّم والاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ: تجارب واستخدامات متعدّدة. أخلاقيّات استعمال الذكاء الاصطناعيّ، ودور التعليم بترسيخها.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. رانيا حمّودة، مديرة قسم تكنولوجيا التعليم في مدرسة الأهليّة والمطران، الأردن؛ أ. خالد المصري، معلّم مادّة العلوم، لبنان؛ د. نضال قرعان، منسّق برنامج الدبلوم في مدرسة الفريندز، فلسطين؛ د. فرزدق ناهض، مؤلّف مناهج الحاسوب في وزارة التربية، العراق. أدارت الندوة أ. دلال حمّودة، مديرة المرحلة الثانويّة في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر، والتي عرّفت بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها. ووجّهت أ. دلال رسالة أنّ قلوبنا جميعًا مع أهلنا وشعوبنا العربيّة، والتي تعاني ظروفًا عصيبة، وأشارت إلى أنّنا نبدأ من نقطة الأمل، ونلتقي في هذه الندوة، للحديث عن مُستقبل تعليم أطفالنا، ليخرج منهم قادة وروّاد يغيّرون واقع البلاد بصوتهم وفعلهم. ملاحظة: في نهاية التقرير تجدون مجموعة مصادر لأدوات الذكاء الاصطناعيّ للمعلّمين.   المحور الأوّل: المعلّم والذكاء الاصطناعيّ: تجارب في استخدام البرامج والمنصّات المختلفة افتتحت أ. رانيا هذا المحور بمشاركتها تجربة في مدرسة الأهليّة والمطران، حيث البحث عن أدوات تكنولوجيّة جديدة مهمّة مستمرّة في المدرسة، ذلك من أجل دعم المعلّم. وقبل سنتين، تعرّفت إلى أدوات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّة، مثل ChatGPT، وأصابتني حالة ذهول عندما اطّلعت عليها، إذ كان من الواضح أنّها ستكون أدوات استثنائيّة، تنقل عالم التعليم إلى مكانٍ آخر. من هُنا، فكّرت بضرورة تقديم هذه الأدوات للمعلّمين، وبدأنا بتدريبات مع المعلّمين حول هذه الأدوات، وكيفيّة توظيفها في الحصص التعليميّة، وما هي إيجابيّاتها وسلبيّاتها، وكيف سيساعدون الطلبة على فهمها واستخدامها بطريقةٍ مُناسبة. وأشارت أ. رانيا إلى أنّ هذه الأدوات موجودة، وهي ليست موجة عابرة، بل تتطوّر يومًا بعد يوم، وبالتالي، هي جزء من الواقع، ومن واجبنا تِجاه طلبتنا تقبُّل هذا الواقع، وفهم هذه الأدوات وعلاقتها المركّبة مع الواقع، خصوصًا أنّ وصول الطلبة إليها مفتوح ومتاح. من هُنا، علينا التوقّف عن مقاومة هذه الأدوات، بل فهمها واستخدامها وتوظيفها. وتحدّثت عن دور الإدارة في خضمّ هذه العمليّة، لأنّ دورها محوريّ في دعم المعلّمين لفهم هذه الأدوات واستخدامها. وعرّجت على دور المعلّم في استكشاف هذه الأدوات وعدم انتظار الدورات التدريبيّة، خصوصًا أنّ نوعيّة الدورات تختلف بسرعة استجابةً لتطوّر هذه الأدوات. وذكرت أنّه من المهمّ حوار المعلّمين، من مدارس مختلفة، من أجل التفكير في سياسات لضبط إطار استخدام هذه الأدوات، وتوجيه الطلبة إلى استخدامها. هذه السياسات تُطوّر بالشراكة مع مجتمع المدرسة، ويُشارك الجميع، بما في ذلك الطلبة، في وضعها ونقاشها. وشاركت أ. رانيا أنّه من المهمّ فهم الظرف الملائم لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ وتوظيفه، وعدم استخدامها بشكلٍ اعتباطيّ، فهذا يضيّع المعنى ويشتّت القصد.   شاركت أ. دلال تجربة حول ضرورة نظر المعلّم إلى هذه الأدوات كشريكٍ في التفكير، وأيضًا في طريقة التخطيط، حيث سنجد أنّ الموضوع سهل، ولكنّ هذا يقوم على مجموعة مهارات على المعلّم أن يطوّرها باستمرار، على غرار مهارة طرح السؤال، أو استخدام الذكاء الاصطناعيّ من أجل بعض الترجمات البسيطة. وأشارت إلى أهمّيّة إضافة عناصر التسلية في خضمّ التدريبات على هذه الأدوات، ذهابًا إلى تطوير مهاراتنا، وصقل مهارات جديدة، مثل التفكير الناقد، والتفكير الإبداعيّ. أشار د. قرعان إلى أنّ التجربة شبيهة إلى حدٍّ كبير بين مدرسة الفريندز والأهليّة والمطران، ولكنّه أشار إلى تحدٍّ ظهر عند مراجعة سياسة "النزاهة الأكاديميّة"، والتي عكست رفضًا قطعيًّا لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ في أيّ شكل من الأشكال. ومع مرور الوقت، كانت هناك تجارب فرديّة من معلّمين وطلبة، أبرزت ضرورة توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ في عمليّة التعليم. هُنا، بدأنا حوارات بين المعلّمين من أجل استخدام هذه الأداة للمُساعدة في التعليم القائم على المفاهيم، وعصف الذهن مع هذه الأدوات من أجل تعليم تكامليّ بين الموادّ. مثال آخر هو طرح الأسئلة، والتي يقوم عليها تطبيق ChatGPT، فيجيب، وبالتالي يقوم المعلّم بتأمّل هذه الإجابة ومراجعتها. مثال آخر، يُمكننا توظيف هذه الأدوات للمساعدة في بناء أوراق عمل، تدعم التمايز بين الطلبة. وركّز د. قرعان على نقطة أنّ هذه الأدوات أقحمت نفسها وسيلةً في عمليّة التعليم، وما زلنا، بسبب قلّة المراجع عن الموضوع، نصوغ ونعدّل بالسياسة، وما اتّفقنا عليه؛ مثلًا، أن يوثّق أيّ نصّ مُستخدم من ChatGPT. وأضاف نقطة هي ضرورة وضوح التعليمات من قِبل المعلّمين، حول متى يكون استعمال هذه الأدوات فعّالًا، وتحديدًا داخل الوحدات التعليميّة، فهي أداة لا شكّ تخدم المعلّم والطالب.   المحور الثاني: المتعلّم والاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ: تجارب واستخدامات متعدّدة قدّم د. ناهض وجهةَ نظر حول تأثير أدوات الذكاء الاصطناعيّ على محوري العمليّة التعليميّة: المعلّم والطالب. وأشار إلى وجود تأخّر في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، من كونه سيصبح في القريب، أداةً أساسيّة ومهارة ضروريّة. وتحدّث عن أهمّيّة التفريق بين حاجة توظيف الذكاء الاصطناعيّ في المراحل الأساسيّة عن المراحل الثانويّة؛ إذ في المراحل الأساسيّة، يحتاج الطلبة إلى تثبيت مهارات أساسيّة، كالكتابة والخطّ إلخ... بينما في المراحل الثانويّة، يُمكن أن يبدأ الطلبة العمل على إنتاج البحوث، لتأسيس بُنية أساسيّة ينطلقون منها إلى العمليّة البحثيّة. وأشار د. ناهض إلى ضرورة الانتباه والنقد لنتائج النصوص التوليديّة من محرّكات الذكاء الاصطناعيّ، ومراجعتها وتحريرها وتعديلها، لتُتناسب والغرض البحثيّ منها، لا الاكتفاء بالاعتماد عليها استسهالًا وكسلًا. وعرّج على ضرورة مراعاة دعم الطلّاب في وضع بُنى البحوث بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعيّ، ومراعاة الفروق الفرديّة، وخصوصًا الطلبة من ذوي الهمم، فمن المُمكن أن تشكّل هذه الأدوات ساندًا ومُساعدًا لتحقيق تعليمٍ نشطٍ دامج. وفي الموادّ العلميّة، كالكيمياء والفيزياء، من المُمكن أن تفتح منصّات الذكاء الاصطناعيّ أمام الطلبة، مُختبرات لاختبار تجارب عمليّة مُعيّنة، ومراقبة وملاحظة النتائج. هُنا داخلت أ. دلال حول أهمّيّة هذه الأدوات والمنصّات في إمكانيّة الوصول إلى جميع الطلبة، مهما كانت احتياجاتهم، ومنها القلم الإلكترونيّ الذي يقرأ للطالب، ومنها بعض المنصّات التي تُساعد الطلبة الذين يواجهون تحدّيات معيّنة، وهي استخدامات ضروريّة بهذا المعنى لتسهيل عمليّة التعليم، سواء داخل المدارس أم خارجها. وانضمّ أ. المصري متأخّرًا نتيجة مشاكل تقنيّة، فطرحَ سؤالًا افتتاحيًّا هو: ما خطّتي في الغرفة الصفّيّة؟ وما الأدوات التي أستخدمها لتحويل المنهاج التعليميّ التقليديّ إلى تعليم حديث يتضمّن تقنيّات حديثة، تقوم على مبادرة المعلّم من أجل تعريض الطلبة لتجارب بغرض اكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين. وأشار أ. المصري إلى أنّ مشوار توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ طويل، وعليه أن يكون تمهيديًّا. على سبيل المثال، قمنا بتوظيف المختبرات الافتراضيّة في التعليم، وفحصنا عبر أسئلة ونماذج استفادة الطلبة من هذه الأداة، وكانت استفادة إيجابيّة. وتحدّث عن فكرة مشروع المختبرات الافتراضيّة بدلًا من النصّ، كون المشروع يدفع الطلبة إلى تقمّص عالم ما مثلًا، وتشجيعهم بمجموعة أسئلة للمُضيّ بتجربة تعلّميّة مُمتعة، تنمّي مهارات التفكير الإبداعيّ لديه، بطريقةٍ تدريجيّة. وأضاف أ. المصري نقطة مُهمّة هُنا، هي أنّ الذكاء الاصطناعيّ موجود، وبالتالي حتّى إن كانت هنالك مدرسة ما لا تريد توظيفه، عليها تمكين الطلبة من مهارات القرن الحادي والعشرين، لضمان تمكين الطالب من مهارات تجعله قادرًا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، انطلاقًا من فكرة أنّ التقييم اليوم هو ما كسب الطالب من مهارات في المدرسة، يُمكنهُ استخدامها وتوظيفها في الحياة. وقدّم أ. المصري مداخلةً حول أخلاقيّة التعليم، فهو مهمّة سامية، علينا أن نقاوم كي تكون مُتاحة للجميع، وبهذا نكون نقاوم ظواهر مختلفة، مثل التسرّب المدرسيّ. كما أكمل حديثه حول اليوم العاديّ في الصفّ المدرسيّ، وكيفيّة الاستفادة من مواقف عادةً ما تُسبّب أجواء مشحونة بين الطلبة والمعلّم، وتوظيف هذه المواقف، من أجل فهم ظواهر علميّة، أو تركيبات كيميائيّة، ربطًا بين العلوم من أجل تمكين الطالب من مهارات مختلفة.   المحور الثالث: أخلاقيّات استعمال الذكاء الاصطناعيّ ودور التعليم في ترسيخها تحدّثت أ. رانيا حول الاستسهال الذي يجده بعض الطلبة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، بل وهناك محاولات غشّ كذلك. وهناك طلبة آخرون يوظّفون هذه الأدوات بطريقة منهجيّة تعزّز تعلّمهم. في النهاية، المشكلة ليست مُشكلة أداة، هي مشكلة سلوك، كون الغشّ كان موجودًا قبل الأداة. بالتالي، علينا التفكير كمعلّمين ومعلّمات بكيفيّة توظيف هذه الأدوات، وتغيير عمليّة التقييم، ونشر ثقافة مهارات التفكير والبحث. إذًا هي حاجة إلى نشر ثقافة البحث والسؤال والتحقّق في الغرفة الصفّيّة، لأنّ الأدوات ستتوالد باستمرار، وفي نظرةٍ إلى الماضي القريب، ننظر إلى الحاسوب والإنترنت والآلة الحاسبة، كأدوات تخوّف منها النّاس، بينما أنقذت الطلبة في ظروف معيّنة، مثل جائحة كورونا. داخل هُنا د. قرعان حول أهمّيّة تمكين المعلّم من هذه الأدوات، ليكون مواكِبًا للطالب في مسيرة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ. وأكّد على نقطة هي ضرورة استخدام عمليّة التوثيق الأكاديميّ لأيّ نصّ أو فكرة يولّدها الطالب من ChatGPT على سبيل المثال. وتحدّث على غياب السياسات، كسبب للغشّ غير المقصود من قِبل الطلبة، كونه غير واعٍ لحدود استخدامها وتوظيفها. ودعا إلى الانفتاح على هذه الأدوات وغيرها، لأنّها تتطوّر بطريقةٍ مُستمرّة.   هل استخدام هذه الأدوات مُمكنٌ مع الطلبة في السنوات الابتدائيّة؟ عقّب د. ناهض أنّ هذا مُمكن، ولكن ضمن حدود ومعايير. وأشار إلى أنّه لا يُمكن استثناء أيّ أحد من هذا الواقع، ولكنّ المعايير عليها أن تُصاغ بناءً على إمكانيّات المتعلّمين، وشروط المرحلة العمريّة المُناسبة. في هذا السياق، التعامل مع المراحل الابتدائيّة وعلاقتها بهذه الأدوات عليه أن يكون حذرًا، لنضمن الابتعاد عن الأخطار التي تؤثّر في صحّتهم أوّلًا، والحاجة إلى تعزيز مهارات الكتابة والقراءة ثانيًّا، ذلك كونها مهارات أساسيّة للتفكير من حيث البدء. أو اللجوء إلى التعليم الذي يمزج بين التعليم وهذه الأدوات، في حين يكون المعلّم مُيسّرًا لهذه العمليّة مع الطلبة. وأضافت هُنا أ. دلال أنّه من الضروريّ أن يمتلك مهارات أساسيّة، أساسًا لاستخدام هذه الأدوات. وفي حال كان الطالب غير مُتمكّن من مهارات معيّنة، على سبيل المثال التفكير الناقد والتحليل، سيُقاد إلى تصديق "هلوسات" هذه الأدوات، وبالتالي، سيقدّم عملًا غير مفيد، ولا يقوده إلى تحسين مهاراته المُختلفة. بينما إن استخدمها الطالب المُتمكّن من مهارات أساسيّة، سيكون هو المحور وهو المُتحكّم بالأداة، والذي يقودها نحو خدمة مسيرة تعلّمه.   بعض أسئلة الجمهور - الإشكاليّة المطروحة لدى المعلّمين تكمن في المحتوى التعليميّ ونقص المحتوى الرقميّ ضمنها، أو وجود محتوى رقميّ أُعدّ بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعيّ، كيف من المُمكن أن يعرف المعلّم المحتوى المُناسب للاستخدام؟ قالت أ. رانيا إنّه ليس هناك من طريقةٍ واضحةٍ لذلك، بل يعتمد الأمر على خبرة المعلّمين ومعرفته بالأدوات الموجودة، وبالتالي، ستكون هذه مهمّة صعبة على معلّم غير متمكّن، وسهلة على معلّم متمكّن يُمكنه ربطها بوحدة أو موضوع معيّن. من هُنا، ومن كون العالم متغيّر بشكلٍ سريع، على المعلّم أن يكون مواكبًا لكلّ هذه التغيّرات والتحديثات التي تطرأ.   - كيف يُمكن للمعلّم بناء محتوى باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، لتسهيل حصول الطلبة على المعلومات، من دون الخروج عن المنهاج؟ أجاب أ. المصري، مُجدّدًا أنّه من الضروريّ تحديد الهدف في البداية، هذا الهدف سيُسهّل تحديد الأداة المُناسبة. وتدريجيًّا، قد تُتاح هذه الأدوات مجّانًا، ولكنّ المهم، أن أعرف أيّ جانب سأنمّي للطالب، كتابيًّا أو صوريًّا أو صوتيًّا، ولكنّني أقترح تطبيق "CoPilot" لأنّه مهمّ ومفيد جدًّا. وأمّا د. ناهض، فأشار إلى أنّه على المحتوى مراعاة الفئات العُمريّة، وهُنا علينا تعزيز هذا المحتوى أحيانًا بألعاب إلكترونيّة تُساعد على جذب انتباه الطلبة، ودمجهم في عمليّة التعليم، وتعزيز المحتوى بأدوات الذكاء الاصطناعيّ، من أجل أن يكون الطالب مرتاحًا. ومن المهمّ مراعاة مسألة الملل؛ جلوس الطلّاب لساعات أمام التطبيقات، وخلق أدوات تعزّز اندماج الطلّاب مع المحتوى واستخدامها.   - هل بأدوات الذكاء الاصطناعيّ يُمكننا الاستغناء عن المعلّم؟ أم إنّها طريقة لتطوير التعليم، وكيف يُمكن تطوير التعليم من أجل التركيز على التعلّم مدى الحياة. أجابت أ. دلال أنّ الهدف ليس الاستغناء عن المعلّم، بل على العكس، تمكين المعلّم من أجل التركيز على الإبداع البشريّ. فمهما تطوّر الذكاء الاصطناعيّ سيبقى يستلهم من المعرفة الموجودة، والتي راكمها الإنسان. بالتالي، الهدف هو البدء من النقطة التي يقف عندها الذكاء الاصطناعيّ من أجل تنمية التفكير خارج الحدود الموجودة حاليًّا.   - هل بالضرورة أن يكون المعلّم محترفًا لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ؟ داخلت أ. رانيا بأنّه ليس بالضرورة أن يكون المعلّم محترفًا لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ. المطلوب من المعلّم فهم هذه الأدوات، وفهم آليّة تشغيلها، ومن أين تولّد المعلومات، والتي ليسَ بالضرورة أن تكون صحيحة، وأن تكون محايدة، بالتالي لفهم من أين سيبدأ بالعمل مع الطلبة.   - هل نُركّز على تعليم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، أم تعليم الذكاء الاصطناعيّ؟ تحدّث أ. المصري عن أهمّيّة فهم التغيير، ومواكبته من أجل البقاء على اطّلاع على ما يحدث. وأضافت أ. رانيا أنّه من المهمّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، ولكنّ لا شكّ أنّه من الأهمّ تعليم الطلبة كيفيّة ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعيّ وآليّاته، وتكوين تطبيقات مختلفة. علينا التركيز إذًا، على الجهتين، التعليم من خلال هذه الأدوات، والتعليم عن هذه الأدوات.   - هنالك بعض الدول، مثل السويد، ارتأت أن تعود إلى الأدوات التقليديّة للتعليم، فهل هذا معناه أنّ السلبيّات أكثر من توظيف الأدوات الحديثة؟ تحدّث د. قرعان أنّه مع دمج الأدوات، وعدم الاستغناء عن واحدة لصالح الأُخرى، وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أنّه حتّى التحوّل في الأدوات، عليه ألّا أن يكون دفعة واحدة. وأضافت أ. دلال أنّه من أهداف عمليّة التعليم، تخريج جيل قادر على مواكبة العصر، وأن يرتقي بنفسه وبمجتمعه من خلال استخدام الأدوات التكنولوجيّة الموجودة، بالتالي، علينا إيجاد مرحلة التوازن الضروريّة للاستفادة من جميع الأدوات، وتوظيفها في مسيرة تعلّمهم.   في الخِتام، ما توصياتكم بالنسبة إلى العمل مع الذكاء الاصطناعيّ؟ تحدّثت أ. رانيا أنّ الذكاء الاصطناعيّ هو آليّ يقوم ببعض المهام بطريقة فعّالة ومفيدة، وعلى المعلّم أن يركّز على الجانب الإنسانيّ العاطفيّ للتعلّم، وهذا ما لن يستطيع الذكاء الاصطناعيّ الوصول إلى تقديمه. ودعت إلى استغلال وجود الذكاء الاصطناعيّ لتطوير قدراتنا البشريّة التي لن تستطيع الآلة القيام بها. وداخل د. قرعان أنّ التكنولوجيا لن تكون بديلًا عن المعلّم إطلاقًا. ولذا، على المعلّم التعامل معها بانفتاح وتقبّل، فهي فُرصة لبناء حوارات مع الطلّاب والاستمتاع بتيسير الحصص الصفّيّة، ومواكبة ما هو جديد. وأمّا د. ناهض، فتحدّث عن توصية للمعلّمين: من الضروريّ البحث عن أدوات ذكاء اصطناعيّ تقوم بتحليل لبيانات أداء المتعلّمين وتفضيلاتهم، كونها ستعزّز خطط المعلّمين بإنشاء دروس وتقويمات تُراعي وتُحاكي نقاط القوّة والضعف الفريدة لدى كلّ طالب. ومن الضروريّ، أن يكون لكلّ بلد استراتيجيّة وطنيّة للتعامل مع الذكاء الاصطناعيّ، وعلينا ألّا ننسى تعزيز المهارات التربويّة قبل التعليميّة، وهي ستؤدّي دورًا أساسًا في هذا السياق. واختتمت أ. دلال بشكرها للمتحدّثات والمتحدّثين والجمهور، وخصوصًا أ. المصري الذي ينضمّ في سياق عصيب. وذكرت أنّها كانت ندوة أثرتها مداخلات الجمهور، وقدّمت توصيتها بأهمّيّة تمكين المعلّم، ورفع الوعي من أجل إعداد متعلّم واعٍ بما هو الذكاء الاصطناعيّ، بكلّ مركّباته، وعناصره، وآليّة عمله، وطرق الاستفادة منه، وسياسات التعامل معه أداةً ستساعدنا على استخدامهِ بالشكل الأمثل.     فيما يلي: مجموعة مصادر لأدوات الذكاء الاصطناعيّ للمعلّمين حضّرتها الأستاذة رانيا حمّودة، وشاركتها مع حضور الندوة:   Language Tools 1. Grammarly: Grammarly – A tool for checking grammar, punctuation, and clarity to enhance writing quality. يعمل بشكل جيد في تصحيح القواعد اللغوية والكتابة 2. Quillbot: Quillbot – Offers grammar correction, paraphrasing, and summarizing tools to streamline writing tasks. أداة لإعادة الصياغة والتلخيص 3. Google Translate: Google Translate – A free service for translating text between numerous languages. للترجمة وتحليل النصوص   Math Tools 1. Photomath: Photomath – Use your camera to solve math problems step-by-step with explanations. يتيح للطلاب حل المسائل الرياضية عن طريق تصويرها بالكاميرا 2. Microsoft Math Solver: Microsoft Math Solver – Provides solutions for a variety of mathematical problems, including algebra and calculus. يوفر حلولاً تفصيلية للمعادلات الرياضية 3. Wolfram Alpha: Wolfram Alpha – A powerful computational engine for solving equations and providing detailed explanations. أداة قوية لحل المعادلات وتقديم تفسيرات رياضية   Science Tools  1. Labster: Labster – Simulated lab experiments for chemistry, biology, and physics. يتيح 2. PhET Interactive Simulations: PhET – Interactive science simulations for physics, chemistry, and more. محاكاة تفاعلية للعلوم، الفيزياء، الكيمياء، والرياضيات 3. Google Science Journal: Google Science Journal – Helps in collecting and analyzing scientific data. يساعد في تسجيل وتحليل البيانات العلمية   History Tools 1. Timetoast: Timetoast – Create interactive timelines to visualize historical events. لإنشاء جداول زمنية تفاعلية للأحداث التاريخية 2. Historypin: Historypin – Allows users to explore and share historical images and stories about locations. يتيح للطلاب مشاركة واستكشاف تاريخ الأماكن عبر الصور 3. MindMeister: MindMeister – A tool for creating mind maps to analyze historical events. يساعد في إنشاء خرائط ذهنية للأحداث التاريخية وتحليلها   Art Tools 1. DeepArt: DeepArt – Uses AI to transform photos into artwork by mimicking famous art styles. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل الصور إلى أعمال فنية باستخدام أنماط معينة 2. Canva: Canva – A design platform for creating artwork, posters, and presentations. لإنشاء تصاميم رسومية وأعمال فنية 3. Autodesk Sketchbook: Autodesk Sketchbook – A digital drawing tool for artists. تطبيق للرسم الرقمي يدعم الابتكار الفني     Physical Education Tools 1. HomeCourt: HomeCourt – AI-powered app to analyze sports performance, particularly in basketball. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء الطلاب في الرياضة مثل كرة السلة 2. Fitbod: Fitbod – Generates personalized workout plans based on your fitness data. يعطي توصيات بتمارين مخصصة لكل فرد بناءً على بياناته الشخصية     Lesson Planning & Presentations 1. Curipod: Curipod – A tool to create interactive lessons for engaging students. أداة لإنشاء دروس تفاعلية تهدف إلى إشراك الطلاب 2. Canva: Canva – A great for designing presentations and educational resources. أداة رائعة لتصميم العروض التقديمية والموارد التعليمية 3. ChatGPT: OpenAI ChatGPT – Assists with content generation, lesson planning, and brainstorming ideas. يساعد في إنشاء المحتوى، تخطيط الدروس، والعصف الذهني للأفكار 4. Copilot: Microsoft Copilot – Integrated within Microsoft 365, Copilot helps with tasks in Word, Excel, and PowerPoint. مدمج ضمن Microsoft 365، حيث يساعد Copilot في المهام المتعلقة بـ Word و Excel و PowerPoint و انشاء محتوى 5. Perplexity: Perplexity – AI-powered tool for answering questions and research.  أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة عن الأسئلة وإجراء الأبحاث 6. MagicSchool: MagicSchool – AI tools designed specifically for educators to assist with teaching tasks. أدوات ذكاء اصطناعي مصممة خصيصًا لمساعدة المعلمين في مهام التدريس. 7. Mizou: Mizou: Create AI Chatbot based on your instructions, resources, and rubrics, while protecting student data.  أداة لإنشاء روبوتات دردشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي بناءً على تعليماتك، مواردك، ومعاييرك، مع الحفاظ على حماية بيانات الطلاب.     Resources & Research 1. https://www.researchgate.net/publication/373108877_The_Future_of_AI_in_Education_13_Things_We_Can_Do_to_Minimize_the_Damage 2. https://www.aiforeducation.io/ 3. https://learn.microsoft.com/en-us/training/educator-center/topics/ai-for-education 4. https://grow.google/intl/mena/courses-and-tools/?category=career&topic=ai 5. https://www.coursera.org/specializations/generative-ai-for-educators-teachers  

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

فلسفتي في التعليم
ستّة وخمسون عامًا في التعليم: رحلة عبر المدارس المختلفة أمضيتُ ستّة وخمسين سنة من حياتي في مجال التعليم، متنقلةً بين المدارس الحكوميّة وا... تابع القراءة
دور المعلّم في توظيف التّمايز في التّخطيط والتّدريس والتّقييم
التّمايز في مجمل العمليّة التّعليميّة ليس وليد اللّحظة، بل هو متطلب فطريّ جبلت النّفس البشريّة عليه. دعا إليه أبرز المفكرين، على غرار توم... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

عائشة مشهور صنوبر- معلّمة وباحثة تربويّة- فلسطين

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ التعليم التعاونيّ القائم على التجريب عند تدريس طلبة الصفّ السابع درس المحاليل على سبيل المثال، يمكننا استخدام استراتيجيّة التعليم التعاونيّ المشترك. نقومُ بتوزيع المهام على الطلبة، مثل: تنفيذ التجربة، عرض المفاهيم الأساسيّة، ورصد الملاحظات والنتائج. كما يمكننا استخدام استراتيجيّة التعليم التعاونيّ المبنيّ على البحث والتقصّي، خصوصًا في تعليم الموادّ المتعلّقة بالكائنات الحيّة الدقيقة. في هذه الحالة، يُوزّع الطلبة ضمن مجموعات لجمع معلومات إثرائيّة حول كل مجموعة، ويعرضونَ هذه المعلومات بشكل تعاونيّ منظّم.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ من خلال استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ كأدوات لتعزيز وتعميق تجارب التعلّم. يمكن توظيف هذه التكنولوجيا لتوفير موارد تعليميّة غنيّة ومتاحة بسهولة للجميع. يستطيع المعلّمون والطلّاب استخدام التكنولوجيا وسيلةً لزيادة التفاعل الاجتماعيّ، وتعزيز التواصل الفعّال بأيقونات وتطبيقات تعليميّة تفاعليّة تُفعَّل أثناء العمليّة التعليميّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ اكتشفت أهمّيّة التروِّي في استخدام مهارات التفكير العليا وزيادة اهتمامي بالجوانب العمليّة المخبريّة، ما جعل الطلبة مشاركين أساسيّين في تنفيذ التجارب العلميّة. بنيت خطة تدريبيّة ونفّذتها مع الطلبة، للتدرُّج في الوصول إلى مهارات التفكير العليا، وتدريبهم بشكل تدريجيّ على استخدام المختبر العلميّ.   افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ دمج المباحث الدراسيّة بالجوانب الحياتيّة يعتمد على نهج تبسيط التعليم. على سبيل المثال، يمكن ربط أحداث الحرب والاحتلال الإسرائيليّ بانتشار الأمراض، والتلوّث البيئيّ، ونقص العناصر الغذائيّة، وتأثيرها في أنواع معيّنة من الأمراض، وعلاج الجرحى والمصابين من خلال زراعة الأعضاء. كما يجب استخدام التقنيّات المحوسبة، وتطبيق المهارات العمليّة في تجارب العلوم، مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم مهم: وأقترح مبادرة إنجازيّ السنويّ تتضمن المبادرة تنظيم لقاء إلكترونيّ يهدف إلى الاستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم. في هذا اللقاء، يقدّم كلّ معلّم أفضل إنجاز تعليميّ له من خلال عرض مختصر. ملاحظة: جميع الفعاليّات موجودة عبر قناة يوتيوب.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من خلال إشراك الطلبة في أنشطة منهجيّة. قمنا بتنفيذ نشاط علميّ حول التكيُّف لدى الحيوانات، مستندين إلى آيةٍ من القرآن الكريم. يقوم كلّ طالب بالتعاون مع أحد والديه لاختيار حيوان ورد في القرآن، مع توثيق الآية والتدرّب على قراءتها مع الأهل. بعد ذلك، يقوم الطلبة برصد مظاهر التكيُّف كما وردت في كتاب العلوم. كما شجّعنا الأهل على مساعدة الطلّاب في تقديم العرض عبر منصّة "تيمز"، وشارك أولياء الأمور في تقييم أداء الطلبة. علاوة على ذلك، أجرينا حلقة بحثيّة حول علم الأرض، كما ورد في كتاب الصفّ السادس. لخّص الطالب المادّة من الكتاب، بينما ساعده الأهل في إحضار موادّ إثرائيّة.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أشارك في أنشطة متعدّدة ومبادرات تطوعيّة تُعزّز وجودي في القطاع المجتمعيّ والتربويّ. وأعزّز علاقتي مع الآخرين بأنشطة ترفيهيّة خارج أسوار المدرسة. على صعيد التشارك مع الطلبة - شاركت أنا وطلّابي في مؤتمر التنوّع الحيويّ في الأنثروبويسين المقام في جامعة بيت لحم الأهليّة، إذ عقدنا ورش علميّة صفّيّة مرتبطة بمبحث العلوم والحياة وجانب التنوّع الحيويّ. - عقدنا مسابقة في البحث العلميّ مع الطالبات في المرحلة الأساسيّة العليا، تحت عنوان "قبسات علميّة"، وجمعنا الأعمال في كتاب. - نظّمنا مؤتمرًا علميًّا مع طلبة الصفّين السادس والسابع، فأعددنا أوراقًا بحثيّة مصغرة حول المستقبلات الحسّيّة وعلوم الأرض بشكل فرق تعاونيّة. - شاركت في مسابقة "كن باحثًا" مع طلبة الصفّ التاسع، في إعداد هرمونات طبيعيّة للنباتات وإنتاجها. على الصعيد الشخصيّ - شاركت في مسابقة أفضل بحث تاريخيّ "القدس هنا"، وفزت بالمرتبة الأولى على مستوى الوطن. - قدّمت ورقة بحثيّة في مؤتمر "تحدّيات اللغة والتعليم الرقميّ الأوّل" مع جامعة الاستقلال الفلسطينيّة. - شاركت بورقة بحثيّة في مؤتمر جامعة الأندلس حول التعليم الإلكترونيّ والمختبرات الافتراضيّة. - شاركت في نادي "ستيم" الصيفيّ.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ استراتيجيّة تجزئة المهام والجدولة الزمنيّة أخصّص وقتًا محدّدًا لأداء العمل المدرسيّ، بالإضافة إلى المهام الشخصيّة، مثل إنجاز البحوث في إجازة نهاية الأسبوع. كما أحرص على رصد أجندة عمل أسبوعيّة قدر الإمكان، لضمان تنظيم الوقت وتحقيق الأهداف بكفاءة.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ كوني أدرس الذكور، لاحظت تأثيرًا إيجابيًّا يتمثّل في محبّة الطلبة والمجتمع المحليّ لي. تلقّيت تكريمًا من قبل الأهالي والطلبة، حيث تركوا عبارات جميلة على دفاتر الطلبة وأوراق العمل. كما كُرّمتُ من قبل الإدارة المدرسيّة بشهادة تقدير أو شكر عبر الإذاعة. الأثر السلبيّ ومع ذلك، أواجه بعض الضغوط النفسيّة المهنيّة. أجد صعوبة في التعامل مع جهات الإشراف في بعض الأحيان. كما أنّ هناك قلّة مرونة في بعض السياسات التربويّة المرتبطة بالنقل. بالإضافة إلى ذلك، ألاحظ نقص الدعم والمساندة الكافية لإنجاز بعض الأبحاث التربويّة.

نسرين محمّد آدم- معلّمة- السودان

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة في الغرفة الصفّيّة هي التعليم التعاونيّ. قمتُ بتقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة متجانسة من ناحية المستوى التعليميّ. وكلّفت كلّ منها بمهمّة مُحدّدة تتطلّبُ تعاونًا وتفاعلًا بين أفرادها. تجاوب الطلّاب مع هذه الاستراتيجيّة بشكلٍ إيجابيّ ملحوظ. ولاحظت زيادة في مستوى التفاعل والحماس لديهم. كما ساعدهم العمل ضمن مجموعات، على تبادل الأفكار وتطوير مهارات التواصل وحلّ المشكلات بشكل جماعيّ، ما أسهم في تحسين فهمهم المادّة الدراسيّة، وتعزيز العلاقات بينهم.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ التوازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ يعتمد على مجموعة من المهارات الأساسيّة. يجب استخدام التكنولوجيا أداةً لتعزيز تجارب التعلّم وتحسينها، من دون الاعتماد الكلّيّ عليها. وينبغي أن تشكّل التكنولوجيا جزءًا من العمليّة التعليميّة، لا الهدف النهائيّ منها. كما يجب تعزيز التفاعل الشخصيّ بين المعلّم والطلّاب، وبين الطلّاب أنفسهم. ويمكن تحقيق ذلك من خلال جلسات مناقشة مباشرة، وتفاعلات في الفصل الدراسيّ، وإرشادات فرديّة. علاوة على ذلك، يجب تضمين تطوير المهارات الإنسانيّة، مثل التعاون، وحلّ المشكلات، والاتّصال الفعّال، في المنهج التعليميّ، ما سيسهم في تعزيز العلاقات البينيّة والتفاعل الشخصيّ. يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتحليل بيانات الطلّاب، وتقديم توجيهات تعليميّة مخصّصة، ولكن يجب الحفاظ على دور المعلم وسيطًا بين التكنولوجيا والطلّاب. ويجب أن نُعزّز تواصلًا دوريًّا، وشفافيّةً بين المعلّمين والطلّاب وأولياء الأمور بشأن كيفية استخدام التكنولوجيا في التعلّم، لضمان تحقيق التوازن المطلوب. من خلال تطبيق هذه الإجراءات، يمكن تحقيق توازن مثاليّ بين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم، مع الحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ، ما يؤدّي إلى تجارب تعلّم فعّالة ومتوازنة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ واحدة من الأخطاء التي اكتشفتها في بداية مساري المهنيّ في التعليم، هي الاعتقاد السائد بأنّ التدريس يتمّ بشكل فعّال من خلال نقل المعرفة فقط، من دون التركيز على تطوير مهارات التفكير النقديّ، والمهارات الحياتيّة الأخرى لدى الطلّاب. ولاحقًا، أدركت أنّ التعليم الفعّال يتطلّب تشجيع الاستقلاليّة والابتكار لدى الطلّاب، وتوجيههم نحو التفكير النقديّ وحلّ المشكلات.   افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ في ورشة عمل مفترضة للمعلّمين، هناك مجموعة من الموضوعات المهمّة التي يجب تضمينها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، وتعزيز تفاعلهم مع الطلّاب: 1. تطوير استراتيجيّات التعلم النشط: تعليم المعلّمين كيفيّة تحفيز الطلّاب ليكونوا نشطين في عمليّة التعلّم. وتفعيلهم في المناقشات والأنشطة العمليّة. 2. تعزيز المهارات الحياتيّة والتعليميّة الأساسيّة: تدريب المعلّمين على كيفيّة تضمين تطوير المهارات الحياتيّة، مثل التعاون، والاتّصال، وحلّ المشكلات في المنهج الدراسيّ. 3. تعزيز الثقة والتواصل الفعّال: تقديم استراتيجيّات لبناء الثقة بين المعلّمين والطلّاب، وتحسين التواصل الفعّال بينهم. 4. استخدام التقنيّات التعليميّة الحديثة بشكل فعّال: توفير تدريب على كيفيّة استخدام التكنولوجيا والوسائط المتعدّدة بشكل فعّال في عمليّة التعلّم، لتحفيز المشاركة وتحقيق الفهم العميق. 5. تحفيز التفكير النقديّ والإبداعيّ: تعليم المعلّمين كيفيّة تحفيز التفكير النقديّ والإبداعيّ لدى الطلّاب، من خلال استخدام أساليب التدريس والأنشطة المناسبة. تطوير هذه المهارات سيساعد المعلّمين على تحسين تفاعلهم مع الطلّاب، وتحقيق تجارب تعلّم أكثر فعاليّة وإثراءً للطرفين.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أعتبرُ أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ أمرًا مهمًّا للغاية، في ظلّ ما يمرّ فيه التعليم من أزمات. من خلال التشبيك، يمكن للمعلّمين تبادل الخبرات والممارسات الناجحة، وتطوير استراتيجيّات جديدة لمواجهة التحدّيات. لتحقيق التشبيك بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ، يمكن اقتراح مبادرة تشمل الخطوات التالية: 1. إنشاء منصّة إلكترونيّة للتشبيك: تطوير منصّة إلكترونيّة تسمح للمعلّمين بالتواصل وتبادل الخبرات والأفكار عبر الإنترنت، من خلال منتديات منفصلة لمواضيع التعليم المختلفة. 2. تنظيم ورش عمل ومؤتمرات تعليميّة: تنظيم ورش عمل ومؤتمرات تعليميّة منتظمة تجمع المعلّمين لمناقشة التحدّيات، وتبادل الأفكار والممارسات الناجحة. 3. إنشاء شبكات محلّيّة للمعلّمين: تشجيع إنشاء شبكات محلّيّة للمعلّمين في كلّ منطقة، تُسهم في تعزيز التواصل المباشر، وتبادل الخبرات والدعم المتبادل. 4. تنظيم برامج تدريبيّة مشتركة: تنظيم برامج تدريبيّة مشتركة تجمع المعلّمين من مختلف المدارس والمناطق، وتهدف إلى تطوير مهاراتهم التعليميّة وتبادل الخبرات. 5. تشجيع التعاون في إعداد الموادّ التعليميّة: تشجيع المعلّمين على التعاون في إعداد الموادّ التعليميّة، وتبادل الخطط الدراسيّة والأنشطة الفعّالة. تحقيق التشبيك بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ سيسهم في تعزيز الجودة التعليميّة وتطوير مهاراتهم، ما سيؤدّي إلى تحسين تجربة التعلّم للطلّاب، ومواجهة التحدّيات التي يفرضها التعليم بفاعليّة وفعّاليّة أعلى.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ للتعامل مع أولياء الأمور وتشجيعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم، يجب اتّباع الخطوات الآتية: 1. التواصل المستمرّ: فتح قنوات اتّصال مستمرّة مع أولياء الأمور عبر الرسائل، والبريد الإلكترونيّ، والاجتماعات الدوريّة. يجب أن يكونوا على اطّلاع دائم بتطوّرات أطفالهم ومستوى تقدّمهم. 2. الشفافيّة والوضوح: تقديم تقارير دوريّة وواضحة عن أداء الأطفال. أؤمن بمبدأ التعاون والشراكة، ما يتطلّب إشراك أولياء الأمور في وضع الأهداف التعليميّة، وخطط تحسين الأداء. يجب الاستماع إلى اقتراحاتهم ومناقشتها بجدّيّة. 3. تقديم الدعم والإرشاد: توفير موارد وأدوات تعليميّة لأولياء الأمور، يمكنهم استخدامها في المنزل لدعم تعلّم أطفالهم. يمكن تنظيم ورش عمل أو جلسات تدريبيّة لتعريفهم إلى طرق التدريس الفعّالة. 4. تشجيع المشاركة في الأنشطة المدرسيّة: دعوة أولياء الأمور إلى المشاركة في الأنشطة المدرسيّة، مثل الاجتماعات، والفعّاليّات، والأنشطة اللاصفّيّة. هذا يعزّز العلاقة بين المدرسة والأسرة.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ للحفاظ على عافيتي وصحّتي النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة، أتبعُ الخطوات الآتية: 1. ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد التمارين على تخفيف التوتّر وتحسين المزاج. 2. اتّباع نظام غذائيّ متوازن: تناول غذاء صحّيّ يدعم الصحّة الجسديّة والنفسيّة. 3. الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم الجيّد ضروريّ للتعافي الذهنيّ والجسديّ. 4. التواصل الاجتماعيّ: احرص على قضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة لدعمك النفسيّ. 5. التأمّل والاسترخاء: مارس التأمّل أو اليوغا لتخفيف التوتّر وزيادة الاسترخاء.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أبدأ بتحديد المهام الأكثر أهمّيّة وإلحاحًا. أستخدم مصفوفة لتصنيف المهام إلى فئات: "مهمّ ومستعجل"، "مهمّ وغير مستعجل"، "غير مهمّ ومستعجل"، و"غير مهمّ وغير مستعجل". أركّز أوّلًا على المهام في فئة "مهمّ ومستعجل". وإن أمكن، أفوّض المهام إلى الآخرين. فقد وجدت أنّه من الأفضل التركيز على المهام التي يمكنني القيام بها بشكل أفضل، والسماح للآخرين بالتعامل مع المهام التي يمكنهم إنجازها بفاعليّة. وأخصّص أوقاتًا محدّدة في يومي لمهام معيّنة. على سبيل المثال، قد أخصّص ساعة واحدة في الصباح للردّ على رسائل البريد الإلكترونيّ، وساعتين في فترة ما بعد الظهر للعمل على مشروع مهمّ. من خلال اتّباع هذه الاستراتيجيّات، وغيرها، تمكّنتُ من إدارة أعباء عملي المتزايدة بفعاليّة أكبر مع الحفاظ على التوازن في حياتي الشخصيّة.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. أثر إيجابيّ التأثير في حياة الآخرين: يمنحني التدريس شعورًا كبيرًا بالهدف والوفاء. فأنا أعلم أنّني أصنع فرقًا في حياة طلّابي، وأساعدهم على تحقيق إمكاناتهم. أثر سلبيّ ضغوط العمل: يمكن أن يكون التدريس مهنة مرهقة، حيث تتطلّب ساعات عمل طويلة ومسؤوليّات كبيرة. قد يؤدّي ذلك إلى التوتّر والإرهاق، ما يؤثّر سلبًا في حياتي الشخصيّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في إحدى المرّات، كنت أدرّس درسًا في الأدب لطلّاب الصفّ الثاني الثانويّ حول مسرحيّة "المؤامرة الكبرى". كنت أشرح للطلّاب خطّة المتآمرين للتخلّص من النبي محمّد صلى الله عليه وسلم، وكيف اجتمعوا في دار الندوة لمناقشة مؤامرتهم الشريرة. وبينما كنت أستعرض الخطّة، لاحظت أنّ أحد الطلاب يضحك بصوت منخفض. التفتُّ إليه وسألته عمّا يضحكه، فقال: "أستاذة، تخيّلي لو أنّ المتآمرين استخدموا تطبيق واتساب للتخطيط لمؤامرتهم. سيكون من السهل جدًّا القبض عليهم". ضحك الفصل بأكمله، بما فيهم أنا. كان من الممتع التفكير في كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تؤثّر في الأحداث التاريخيّة. لقد حوّلت هذه الحادثة درسًا جادًّا إلى لحظة مرحة وممتعة، وذكّرتني بأنّ الطلّاب قادرون دائمًا على إيجاد طرق غير متوقّعة لإضفاء البهجة على التعلّم.  

مرسال حطيط- أستاذة في التعليم الثانويّ الرسميّ- لبنان

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ تتعدّد الاستراتيجيّات والطرائق المُعتمدة في التعليم، ولا سيّما مع التطوّر التقنيّ الذي نشهده اليوم في ظلّ عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ. ومن هذه الاستراتيجيّات الملائمة للتعلّم النشط نستعرض ما يلي: استراتيجيّة التعلّم التعاونيّ أو المجموعات؛ استراتيجيّة لعب الأدوار؛ استراتيجيّة حلّ المشكلات؛ استراتيجيّة العصف الذهنيّ؛ استراتيجيّة الصفّ المعكوس، وغيرها من الاستراتيجيّات التي تخلقُ حيويّة داخل الغرفة الصفيّة، وتعزّز مهارات التفكير والإبداع والابتكار لدى الطلبة، كما تزيد من دافعيّتهم للتعلّم، وتزوّدهم بأساليب البحث والتقصيّ وحلّ المشكلات. ومن أكثر الاستراتيجيّات فعاليّة من حيث تجاوب الطلبة، وبعد استخدام العديد منها في الصفّ، استراتيجيّة التعلّم التعاونيّ أو المجموعات، ويعود ذلك إلى عدّة اعتبارات، ومنها: - مشاركة جميع الطلبة من خلال تقسيم الصفّ إلى مجموعات متكافئة. - تنظيم العمل داخل المجموعة، بحيث يقوم كلّ طالب بالمهمّة المطلوبة منه. - اكتساب الطلبة مهارات التواصل والإصغاء، وتبادل المعلومات والمعارف، ومهارات التقديم والعرض. - تنوّع الإنتاج المعرفيّ والمهاراتيّ، وحتّى السلوكيّ. كما تعمل على خلق مساحات واسعة من التفكير القائم على تبادل الآراء بين أعضاء المجموعة. واعتمدت هذه الاستراتيجيّة مرارًا لتعزيزها التفاعل لدى الطلبة، ولا سيّما في مخرجات الدرس وإنتاج المعرفة. وأثمرت في جعل التعلّم أكثر فائدة، ومتعة داخل الغرفة الصفّيّة، وتحديدًا في إغناء قدرة الطلبة على تبادل المعلومات واكتشافها من قبلهم.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يجب أن نسعى لتحقيق التوازن بين التقنيّة والإنسانيّة. وعليه، علينا أن نستخدم التكنولوجيا لتحقيق التقدّم ولتسهيل حياتنا. وفي الوقت نفسه، نحافظ على القيم الإنسانيّة والتواصل الحقيقيّ. يمكننا ذلك من خلال تعزيز التعليم والوعي حول كيفيّة الاستخدام السليم للتكنولوجيا، وتشجيع الابتكارات، ولا سيّما كيفيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتنفيذ المشاريع العلميّة من جهة، أو لاستخدامه في التطبيقات العمليّة داخل الصفّ. وهذا ما يضعنا أمام مسؤوليّة كبيرة ويحتّم علينا كمعلّمين، وضع برامج توجيهيّة وتربويّة حول كيفية استخدام هذه التقنيّات، مع التركيز على مراعاة الجوانب والقيم الإنسانيّة المُعزِّزة للتواصل بين الطلّاب داخل الصّف وخارجه. يجب أن تكون التكنولوجيا وسيلة لتحسين جودة التعليم وتعزيز الرفاه المدرسيّ، لا بديلًا عن المعلّم أو وسيلةً للهو لدى الطلّاب.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ لطالما اعتبرت مهنة التعليم مهنة إنسانيّة، تهدف إلى بناء الإنسان وتطوير المجتمع. ومثل الكثير من المعلّمين، اعتقدتُ أنَّ من واجبي العمل على إدارة العمليّة التعليميّة - التعلّميّة، وكلّ ما يرتبط بها من دون الأخذ بأهمّيّة المتعلّم شريكًا في تلك العمليّة، والمحور الرئيس فيها. لذا، كنت أشرحُ الدرس بشكل تلقينيّ، وأطلب من الطلّاب إعادة الأهداف بعد كتابتها من قبلي على السبورة. وبعد عدّة سنوات، وجدت نفسي أكرّر الأمر برتابة والطلّاب يستمعون من غير أيّ حماسِ أو تفاعل. واكتشفت بعد تلك السنوات والتجارب، أنَّ العمليّة التعليميّة - التعلّميّة تحتاج إلى تفاعل بين المعلّم والمتعلّم، وهذا ما دفعني إلى تطوير مهاراتي من خلال الدورات التدريبيّة، والاطّلاع على استراتيجيّات التعليم الحديثة، والتي تعتبر المتعلّم محورًا للعملية التعلّميّة، وركيزة أساسيّة في التعليم، معتمدة طرائق حديثة محفزّة للطلبة. تعمل هذه الطرائق على تطوير مهاراتهم الشخصيّة والفكريّة والسلوكيّة، عبر تصميم أنشطة لا صفّيّة وتنفيذها، تلك التي تعزّز دافعيّتهم إلى التعلّم، ليس فقط من خلال الكتب المدرسيّة، بل أيضًا من خلال التجارب الشخصيّة، واكتساب المهارات اللازمة للحياة.   افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ أهمّ الموضوعات المقترحة لتطوير مهارات المعلّمين التعليميّة يمكن أن تتضمّن ما يلي: - الطرائق الحديثة التي تعتمد استراتيجيّات محفّزة، كالتعليم القائم على البحث والاستكشاف وحلّ المشكلات، واتّخاذ القرارات. - البرامج التقنيّة الحديثة، منها: إعداد الأفلام الوثائقيّة؛ تقنيّة المؤثّرات الصوتيّة والمرئيّة؛ كيفيّة استخدام المنصّات الإلكترونيّة. - كيفيّة إعداد الدروس الرقميّة والكتاب الرقميّ. - التعلّم المتمايز وكيفيّة التخطيط الجيّد، لإعداد الدروس المُراعية لاهتمامات الطلّاب وميولهم وقدراتهم. - برامج تمكين قدرات المعلّمين المهنيّة والنفسيّة والتربويّة، بهدف متابعة تطوّر مستوى الطلّاب الأكاديميّ والمهاراتيّ. - التدريب على أساليب التقييم المستمرّ، والتقويم العام لمخرجات التعلّم.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ لقد مرّ العالم، كما العالم العربيّ، بأزمات عديدة انعكست على أوضاعه بشكلِ عام، ولا سيّما أزمة وباء كورونا، والتي وضعتنا أمام تحدّيات كبيرة. وقد عانى القطاع التعليميّ كما باقي القطاعات، صعوبات جمّة، وأكثرها تعقيدًا تجلّى في التعليم "من بعد"، والذي وضع المؤسّسات التعليميّة أمام تحدّيات جديدة لمواجهة هذه الأزمة، فتسارعت المؤسّسات ولا سيّما الخاصّة منها، إلى وضع برامج وإنشاء شبكات ومنصّات تعليميّة إلكترونيّة، تقوم على تبادل المعارف والتقنيّات من خلال التشبيك والتواصل الالكترونيّ. وهذا ما حتّم على المؤسّسات التربويّة مدّ الجسور لتشبيك العلاقات سواء على الصعيد الداخليّ، أم الإقليميّ، بالإضافة إلى محاولات التشبيك مع مؤسّسات خارجيّة، خصوصًا مع افتقاد الكثير منها إلى برامج وتقنيّات حديثة. كما استحدثت برامج لتدريب المعلّمين وتمكينهم، وتطوير مهاراتهم. وهذا ما دفع العديد من الوزارات والمؤسّسات التربويّة للعمل على إعداد منصّات تعليميّة بهدف تأمين موارد تعليميّة للمعلّمين من جهة، وللمتعلّمين من جهة مقابلة. وضمن هذا الإطار يمكن العمل على إنشاء منصّة عربيّة مشتركة تهدف إلى بناء شبكة من الموارد التعليميّة تحت مسمّى"مواردي"، حيث يتّم من خلالها تبادل المعلومات والموارد، والندوات العلميّة، والدورات التدريبيّة بهدف تطوير المبادرات الفرديّة والمؤسساتيّة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ تعتبر العلاقة بين الأسرة والمدرسة، علاقة تكامليّة تبادليّة، وتُبنى على قدرِ من الاحترام والتعاون لما فيه من مصلحة لأبنائهم، ولحسن سير العمليّة التربويّة في المدرسة، بهدف تطوير أدائهم وسلوكيّاتهم، وتعزيز قدراتهم الشخصيّة، ومعارفهم الأكاديميّة، ومهاراتهم الحياتيّة. ولتحقيق هذه الأهداف نعمل على: - إقامة شبكة مدرسيّة مع أولياء الأمور، تهدف إلى التواصل الدائم معهم، وذلك للحصول على معلومات تتعلّق بتحصيل الطلبة، وسلوكيّاتهم، وميولهم، وأدائهم الدراسيّ. - عقد لقاءات " اليوم المفتوح"، والذي يُخصّص للتداول في شؤون الطلبة التربويّة والسلوكيّة. - تبادل الآراء حول الدعم المنزليّ، والذي يقدّمه الأهل إلى أبنائهم في أداء الواجبات المدرسيّة، ومتابعتهم اليوميّة، وإرشادهم إلى الطرق والاستراتيجيّات التي تمكّنهم من استخدامها لتعليم الأبناء. - بناء علاقة تشاركيّة قائمة على الاحترام المتبادل بين الفريقين، تقوم على تبادل المعلومات حول أساليب التربية والتنشئة الإيجابيّة، وتقديم النصح والوعي بأهمّيّة التعليم، والقيم الأخلاقيّة. - تشجيع أولياء الأمور على تطوير قدراتهم التقنيّة لمواكبة أبنائهم، ولتأمين الحماية والرقابة والأمان لهم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ تعتبر مهنة التعليم من المهن التي تتطلّب الكثير من العمل والجهد والتطوير، وهذا ما يدفعنا كمعلّمين إلى تنظيم حياتنا بشكل يتكيّف مع ما تسلتزمه من أمور قد تفوق قدرتنا الجسديّة والنفسيّة، وتحديدًا في ظلّ التطوّرات العلميّة المستمرّة من جهةٍ، والأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة من جهةٍ أُخرى. لذا، على المعلّم أن يوازن بين حياته العمليّة وحياته الشخصيّة من خلال القيام بأنشطة رياضيّة، ورحلات مدرسيّة، وبحضور لقاءات ثقافيّة، والعمل على تنظيم وقته داخل المدرسة، واستغلال حصص الفراغ للقيام بأعمال التصحيح أو التحضير والتنسيق، وذلك بهدف كسب المزيد من الوقت لحياته الشخصيّة والعائليّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ تساعد عمليّة ترتيب الأولويّات على التركيز على المهام الأهمّ لإنجازها، بحيث نضعُ في اهتماماتنا ترتيب المهام بحسب أهمّيتها. وفي ضوء ذلك، نصنّفُ المهام إلى مستويات من حيث الأهمّيّة ما بين عالية، متوسّطة، منخفضة. وبهذا تندرج المهام من الأكثر إلى الأقلّ أهمّيّة، بالإضافة إلى جدولتها إلى فترات زمنيّة، وتنفيذ كلِ مهمّة بحسب ترتيبها دونما تأجيل إحداها.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم مهنة إنسانيّة بكلّ ما في الكلمة من معنى، وتتنوّع فيها المواقف الإيجابيّة والسلبيّة. ومن أكثر الجوانب الإيجابيّة لمهنة التعليم التي اكتسبتها خلال خبرتي الطويلة، وتركت لدّي أثرًا ايجابيًّا ألخّصها في اكتساب المرونة وفنّ التواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى تقبّل الاختلاف واحترام الرأي الآخر. أمّا الأثر السلبيّ، والذي حملته معي بعد مسار طويل من أعمال التحضير والتدريس والتصحيح، هو إصابتي بضعف النظر نتيجة الإجهاد المتواصل.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ نتعرّض خلال حياتنا العمليّة إلى الكثير من المواقف الطريفة، كوننا نتعامل مع فئات مختلفة من المجتمع، أهالي، وطلّاب، وزملاء. ومن الطبيعي أن تختلط علينا الأمور في بعض الأحيان، ومن المواقف الطريفة التي حدثت معي وما زالت منطبعة في ذاكرتي، ذلك عندما كنت اتفقّد الطلّاب وكنت حينها ناظرة طابق، لفتني شاب خارج الصّف عند قرع الجرس للحصّة التالية، فتوجّهت إليه وصرخت به: "ماذا تفعل خارج الصّف، أُدخل بسرعة قبل أن يحضر المعلّم وإلّا سأرسلك إلى الناظر العامّ". تبسّم الشاب وأجابني بهدوء: "أنا الأستاذ إبراهيم يا حضرة الناظرة". ومن المضحك أنّني وبختّه مرّة ثانية، وللأمر نفسه بعد عدّة أسابيع، وأصبح في كل مرّة عندما يحضر يمرّ على النظارة ويلقي التحيّة ويقول: "لقد حضرت أنا الأستاذ إبراهيم".  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق: تعزيز صحّة الأطفال البدنيّة والعقليّة

في الوقت الذي أصبحت الشاشات فيه المهيمن الرئيس على أنشطة الطفل، أصبح لا بدّ من إيجاد مساحة من الوقت يمارس فيها الطفل أنشطة جديدة في الهواء الطلق. فاللعب الخارجيّ ليس مجرّد وسيلة للتسلية، بل هو أمر أساسيّ للنموّ الشامل لطفلك ورعاية صحّته الجسديّة والعقليّة والعاطفيّة. فمن تسلُّق الأشجار إلى اللعب بالكرة وغيرها، توفِّر الأماكن الخارجيّة الرائعة عددًا لا يحصى من الفرص للاستكشاف والإبداع والنموّ. في هذا المقال، نتعمّق في الدور المحوريّ للعب في الهواء الطلق في تعزيز صحّة طفلك وسعادته.    أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق للطفل تؤدّي الأنشطة الخارجيّة دورًا أساسيًّا في تحقيق رفاهية الطفل الصحّيّة من النواحي الجسديّة والعقليّة والنفسيّة. إليك أهمّ الأسباب التي تجعل اللعب في الهواء الطلق ضرورة لا بدّ منها:    الصحّة البدنيّة  من أبرز فوائد اللعب في الهواء الطلق التأثير الإيجابيّ في صحّة الأطفال البدنيّة، حيث توفِّر البيئات الخارجيّة مساحة واسعة للأطفال للتحرّك والجري والقفز والمشاركة في الأنشطة البدنيّة المختلفة. فاللعب في الهواء الطلق يشجِّع الطفل على التحرّك بنشاط، ويعزِّز صحّة قلبه وأوعيته الدمويّة وقوّة عضلاته، سواء أكان الأمر يتعلّق بركوب الدرّاجة أم اللعب أم مجرّد الركض في الحقل. علاوة على ذلك، يسهم التعرّض لأشعة الشمس الطبيعيّة في الحصول على كمّيّة كافية من فيتامين "د" الضروريّ لصحّة العظام وتقوية الجهاز المناعيّ.     الصحّة العقليّة  بالإضافة إلى مزاياه البدنيّة، يُعدّ اللعب في الهواء الطلق نشاطًا في غاية الأهمّيّة لتعزيز صحّة الأطفال العقليّة، حيث ثبت أنّ الوقت الذي يقضيه الطفل في الطبيعة يقلّل من التوتّر والقلق وأعراض الاكتئاب. يساعد التأثير المهدِّئ للمحيط الطبيعيّ على تخفيف التعب العقليّ؛ ممّا يسمح للأطفال بالاسترخاء وإعادة شحن طاقتهم وسط الجمال الطبيعيّ الهادئ.  علاوة على ذلك، يعزِّز اللعب في الهواء الطلق الإبداع والخيال، على عكس البيئات الداخليّة التي غالبًا ما تأتي بقواعد وقيود محدّدة. توفِّر الأماكن الخارجيّة الرائعة مساحة واسعة للأطفال للاستكشاف وإنشاء مغامراتهم الخاصّة، سواء كان ذلك بناء مجسّمات صغيرة بالحجارة، أم الحفر في التراب، أم لعب دور المستكشف؛ ممّا يخلق فرصًا لا حصر لها لتحفيز التفكير الخياليّ ومهارات حلّ المشكلات.    المهارات الاجتماعيّة  بالإضافة إلى فوائده الفرديّة، يساعد اللعب في الهواء الطلق في تنمية مهارات الطفل الاجتماعيّة، حيث توفِّر البيئات الخارجيّة فرصًا للأطفال للتفاعل والتعاون مع أقرانهم في مساحات غير محكومة بقيود. يتعلّم الطفل، باللعب وتبادل الخبرات ومشاركة النشاطات، مهارات اجتماعيّة قيِّمة. علاوة على ذلك، يشجِّع اللعب في الهواء الطلق على الاستقلاليّة والمرونة، لأنّ التغلّب على التحدّيات الجسديّة، والتحدّيات التي تترافق مع الأنشطة الخارجيّة يساعد الطفل على تنمية الثقة في قدراته والشعور باستقلاليّته.    التطوّر المعرفيّ  يحفِّز اللعب الخارجيّ التطوّر المعرفيّ للطفل، وذلك بإشراكه في تجارب تثري حواسه، من مشاهدة الألوان المتغيّرة للأوراق، والاستماع إلى أصوات الطبيعة، إلى لمس الأسطح المختلفة. توفِّر البيئات الخارجيّة فرصًا لا حصر لها للاستكشاف، بحيث تعمل على تعزيز مهارات الإدراك والوعي المكانيّ وفهم العالم من حولهم.    التنظيم العاطفيّ  يرتبط قضاء الوقت في الهواء الطلق بتحسين التنظيم العاطفيّ لدى الأطفال، حيث توفِّر الطبيعة تأثيرًا مهدِّئًا ومستقرًّا؛ ممّا يساعد الأطفال على التحكّم بالتوتّر والقلق والمشاعر المتقلّبة. يتيح اللعب في الهواء الطلق للأطفال إطلاق الطاقة المكبوتة بطريقة إيجابيّة وطبيعيّة؛ ممّا يعزِّز شعورهم بالراحة والمرونة العاطفيّة.   تعزيز الأداء الأكاديميّ تشير الأبحاث إلى أنّ اللعب في الهواء الطلق يمكن أن يكون له تأثير إيجابيّ في الأداء الأكاديميّ، وذلك لارتباط الطبيعة بتحسين مدى الانتباه والتركيز والذاكرة. فالموازنة بين الوقت الأكاديميّ ووقت النشاطات الخارجيّة للطفل يعزِّز حبّ الطفل للتعلّم، لأنّه يدرك أنّ لكلّ واجب ينجزه هناك وقت من المتعة سيحصل عليه.  في عالم يتّسم بالتقدّم التكنولوجيّ وأنماط الحياة المستقرّة، لا يمكن التأكيد بما يكفي على أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق في تعزيز صحّة الأطفال ورفاههم، من تعزيز اللياقة البدنيّة إلى تعزيز المرونة العقليّة، وتعزيز المهارات الاجتماعيّة.   * * * يقدِّم اللعب في الهواء الطلق نهجًا شاملًا لتنمية الطفل. فبتسهيل الفرص أمام طفلك للمشاركة في الأنشطة الخارجيّة، تسهم في تحقيق سعادته وصحّته، وتزرع بداخله حبّ المعرفة تجاه العالم الطبيعيّ. لذلك، شجِّع طفلك على الخروج واستنشاق الهواء النقيّ وخوض مغامرات تثرِ عقله وجسده وروحه.     المراجع https://wohum.org/the-benefits-of-nature-play-how-outdoor-exploration-helps-children-thrive/?gad_source=1&gclid=Cj0KCQjwqpSwBhClARIsADlZ_Tn0w9NwEcWi0L8N6WeDzSMQ2Hqn1q1ub1cFi5_Voydu-PuJ_3-A3fYaArjNEALw_wcB    

كيف تقدّم الدعم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة؟

تعدّ تربية أيّ طفل مهمّة مليئة بالتحدّيات، وقد تكون هذه التحدّيات أكبر عندما يكون الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة، إذ غالبًا ما يجد أهالي أطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة أنفسهم يبحرون في مياه مجهولة، ويواجهون تحدّيات فريدة. ومع ذلك، تمكّنهم الموارد والاستراتيجيّات المناسبة من تزويد أطفالهم بالدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق النجاح. في هذه المقالة، نستكشف بعض الطرق الرئيسة لدعم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة.     كيف تقدّم الدعم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة؟    في ما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة:      تثقيف النفس  فهم حالة طفلك خطوة أولى نحو تقديم الدعم الفعّال. خذ الوقت الكافي للبحث والتعرّف بالتفصيل إلى تشخيص حالته والتحدّيات والعلاجات المتاحة. تواصَل مع العيادات والمنظّمات المعنية بتلبية احتياجات طفلك والبدء بالعلاج، فكلّما كنت مطّلعًا أكثر على حالة طفلك، كنت جاهزًا أكثر لاتّخاذ قرارات مدروسة بشأن رعايته.     بناء شبكة دعم   قد تكون تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة تحدّيًا عاطفيًّا وبدنيًّا. لذلك، من الضروريّ بناء شبكة دعم قويّة تساندك في هذه المهمّة. قد تشمل هذه الشبكة أفراد الأسرة والأصدقاء والمعلّمين والمعالجين، أو حتّى أهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة. أحط نفسك بأشخاص يفهمون موقفك ويمكنهم تقديم المساعدة العمليّة والدعم العاطفيّ لك.     مراقبة الطفل   راقب تقدّم طفلك باستمرار، وابقِ خطوط التواصل مفتوحة مع المعلّمين والمعالجين واختصاصيّي الرعاية الصحّيّة للبقاء على اطّلاع بتطوّر طفلك، وأيّ تحدّيات قد يواجهها. وكن سبّاقًا في معالجة المشكلات وطلب الدعم أو الموارد الإضافيّة الضروريّة، حيث تُعدّ المتابعة والمراقبة أمرين أساسيّين لدعم احتياجات طفلك المتطوّرة دعمًا فعّالًا مع مرور الوقت.     يمكن أن يكون اللعب علاجيًّا  إشراك طفلك في الأنشطة الجماعيّة، مثل الفنّ، أو المعسكرات، أو الرياضة يمنحه فرصة للتواصل الاجتماعيّ خارج المنزل، وبناء الثقة، وتكوين صداقات دائمة. كما يعدّ تشجيعه على تجديد نشاطه بممارسة التمارين الرياضيّة، أو تعلّم مهارة جديدة، أمرًا قيّمًا لعقل طفلك وجسده في طور نموّه.     الوصول إلى الخدمات المتخصّصة   اعتمادًا على احتياجات طفلك، قد يحتاج إلى الوصول إلى الخدمات المتخصّصة، مثل العلاج، أو الدعم التعليميّ، أو الرعاية الطبّيّة، أو التكنولوجيا المساعدة. اعمل مع اختصاصيّي الرعاية الصحّيّة والمعلّمين والمعالجين، بهدف الوصول إلى الخدمات التي من شأنها أن تدعم نموّ طفلك ورفاهه دعمًا أفضل. كما يمكن أن تكون برامج التدخّل المبكِر مفيدة في معالجة تأخّر النموّ، وتوفير الدعم اللازم خلال سنوات التكوين الأولى.     خلق بيئة منظّمة   غالبًا ما يتحسّن طفل ذو الاحتياجات الخاصّة في بيئة منظَّمة تتميّز بالاتّساق والاستقرار. لذلك، استخدم الوسائل المرئيّة والأدوات الأخرى لمساعدة طفلك على تنظيم أنشطته الروتينيّة والالتزام بها. يمكن أن يساعد هذا الجدول طفلك مساعدة غير مباشرة في تحسين سلوكه، وذلك بتعزيز استقلاليّته.      تشّجيع الاستقلال والدفاع عن الذات   في حين أنّ تقديم الدعم لطفلك أمر ضروريّ، إلّا أنّه من المهمّ كذلك تعزيز قدرته على الدفاع عن نفسه، حيث تزرع هذه المهارة في داخله المرونة والثقة بالنفس؛ ممّا يفيده على المدى الطويل. فتعليم طفلك المهارات المناسبة لعمره، يشجّعه على التعبير عن احتياجاته وتفضيلاته.   الصبر والمرونة تتطلّب تربية طفل ذي الاحتياجات الخاصّة الصبر والمرونة. فقد يكون تقدّم طفلك عمليّة بطيئة نظرًا لاختلافه، ولكن لا يجعلك اختلاف طفلك تتغاضى عن تميّزه. لذلك، احتفل بأبسط إنجازاته، وكن صبورًا على انتكاساته. عدّل منهجك حسب الحاجة، وكن على استعداد لتجربة استراتيجيّات وتقنيّات جديدة لدعم نموّ طفلك وتطوّره.     عدم إهمال الذات  يمكن أن تكون رعاية طفل ذي الاحتياجات الخاصّة عمليّة مرهقة لمقدّمي الرعاية. لذلك، من الضروريّ منح الأولويّة لرفاهك في بعض الأوقات. خذ فترات راحة عند الحاجة، واطلب الدعم من الآخرين، ومارس أنشطة الرعاية الذاتيّة التي تساعدك على إعادة شحن طاقتك والحفاظ على صحّتك الجسديّة والعاطفيّة. فبعنايتك بنفسك تكون أقدر على تقديم الدعم الذي يحتاج إليه طفلك.    * * *  تمثّل تربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة تحديًّا فريدًا من نوعه، ولكن مع الصبر والحبّ والدعم، يمكن للوالدين خلق بيئة صحّيّة تمكِّن طفلهم من التطوّر والازدهار. فبتثقيف نفسك، وبناء شبكة دعم قويّة، والوصول إلى الخدمات المتخصّصة، وإنشاء بيئة منظّمة، والتحلّي بالصبر والمرونة، وإعطاء الأولويّة للرعاية الذاتيّة، يمكنك تزويد طفلك بالدعم الذي يحتاج إليه لتحقيق أقصى إمكاناته.      المراجع  https://www.geisinger.org/health-and-wellness/wellness-articles/2018/09/20/16/52/five-tips-for-raising-a-child-with-special-needs    https://www.helpguide.org/articles/family-caregiving/parenting-a-child-with-a-disability.htm     

اللعب الفوضويّ فرصة فريدة للتعلّم والتطوير

في عالم التعليم في مرحلة الطفولة المبكِرة، هناك كنز من الأنشطة التربويّة التي غالبًا ما يُتغاضى عنها أو يُستهان بها. أهمّها اللعب الفوضويّ الذي يشمل مجموعة واسعة من التجارب الغنيّة بالحواس التي لا تُثير اهتمام الأطفال فحسب، بل توفِّر لهم فرصًا استثنائيّة للتعلّم والتطوير أيضًا.    بمَ يتميّز اللعب الفوضويّ عن غيره من طرق اللعب؟   قد يبدو اللعب الفوضويّ للوهلة الأولى نشاطًا عشوائيًّا، ولكن في باطنه يحمل عددًا لا يُحصى من الفوائد التي تسهِم في نموّ الطفل المعرفيّ والجسديّ والاجتماعيّ والعاطفيّ. ومن الواجب هنا التنويه إلى الفرق بين اللعب الفوضويّ والأنشطة المؤذية، حيث يتضمّن اللعب الفوضويّ أنشطة عشوائيّة تنطوي على اتّساخ الأيدي والملابس، إلّا أنّه يختلف اختلافًا واضحًا عن الأنشطة التي تسبِّب الضرر. صُمِّم اللعب الفوضويّ ليكون آمنًا ومفيدًا للأطفال، وذلك باستخدام موادّ غير مؤذية، حيث يُجرَى تحت إشراف مناسب لضمان سلامة الطفل.     الآن، دعونا نتعمّق في الأسباب التي تجعل من اللعب الفوضويّ فرصة تعليميّة لا تعوّض:     الاستكشاف الحسّيّ  يشغّل اللعب الفوضويّ عدّة حواس في وقت واحد؛ ممّا يوفِّر للطفل تجربة حسّيّة غنيّة بالتجارب المعرفيّة، سواء أكان ذلك اللعب بالطين أم رشّ المياه، حيث يُعدّ ذلك فرصة للأطفال لاستكشاف ملمس المواد المختلفة وطبيعتها. يضع هذا الاستكشاف الحسّيّ أساس التكامل الحسّيّ والقدرة على معالجة المعلومات الحسّيّة وفهمها، وهي مهارة تنمويّة رئيسة.     الإبداع والخيال   لا توجد قواعد أو قيود في عالم اللعب الفوضويّ. لذلك، يتمتّع الأطفال بحرّيّة غير محدودة لإطلاق العنان لخيالهم في تحويل كومة من الرمل إلى قصر، أو جعل لوحة كانفاس تحفة فنّيّة. تعزِّز هذه الحرّيّة إبداع الطفل، وتسمح له بالتجربة والتعبير عن نفسه بطرق جديدة وفريدة. فعند انخراط الطفل في أنشطة اللعب المفتوح، يتعلّم التفكير خارج الصندوق، بالإضافة إلى تطوير مهارات التفكير الإبداعيّ الأساسيّة لحلّ المشكلات والابتكار.     المهارات الحركيّة الدقيقة والإجماليّة   تتطلّب أنشطة اللعب الفوضويّة من الأطفال استخدام مجموعة متنوّعة من المهارات الحركيّة لتأدية الأنشطة المتنوّعة. سواء أكان الرسم أم الحفر في الرمل أم غير ذلك، حيث يطوِّر الأطفال تنسيقًا ذكيًّا بين اليد والعين، وقوّة القبضة، والوعي المكانيّ. لا تُعدّ هذه المهارات الحركيّة ضروريّة لمهمّات، مثل الكتابة وربط أربطة الحذاء وحسب، بل تضع أساس الأنشطة البدنيّة الأكثر تعقيدًا مع نموّ الطفل.    المهارات الاجتماعيّة والتنظيم العاطفيّ  غالبًا ما يحدث اللعب الفوضويّ في مجموعات؛ ممّا يوفِّر فرصًا قيّمة للتفاعل الاجتماعيّ والتعاون. عندما ينخرط الأطفال في أنشطة تعاونيّة مثل بناء القلاع الرمليّة أو مزج الألوان معًا، حيث يتعلّمون التواصل والتفاوض والعمل معًا لتحقيق هدف مشترك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون اللعب الفوضويّ بمثابة منفذ للتعبير العاطفيّ؛ ممّا يسمح للأطفال بإطلاق طاقاتهم المكبوتة بطريقة آمنة وصحّيّة. يطوِّر الأطفال، بهذه العمليّة، المهارات الاجتماعيّة الرئيسة ويتعلّمون كيفيّة تنظيم عواطفهم. وهو ما يُعدّ جانبًا حاسمًا من النموّ الاجتماعيّ والعاطفيّ.    حلّ المشكلات والتفكير الناقد  لا يسير كلّ شيء وفق تخطيط طفلك، ولكن، بدلاً من رؤية هذه المشكلات كعقبات، يتعلّم الأطفال في هذه السنّ المبكِرة النظر إليها فرصًا للابتكار وإيجاد الحلول بذكاء. ذلك لأنّهم يتعلّمون بالأنشطة التي يحبّونها فعلًا، وليس بالكتب والأوراق. يشجِّع اللعب الفوضويّ الأطفال على التفكير الناقد، والتكيّف مع المواقف الجديدة، وعدم الاستسلام أمام التحدّيات.     تعزيز تطوير اللغة   تُشكِّل بيئات اللعب الفوضويّة فرصًا مثاليّة لتطوير اللغة، فعندما ينخرط الأطفال في أنشطة مختلفة، يبدؤون بوصف ما يرونه ويشعرون به ويفعلونه. علاوة على ذلك، تسهِّل جلسات اللعب الجماعيّة الفوضويّة التواصل والمحادثة بين الأقران، وتعزِّز توسيع المفردات، وبناء الجمل، ومهارات سرد القصص والأحداث.     تشجيع الاستقلاليّة والتعبير عن الذات   يمكِّن اللعب الفوضويّ الأطفال من الشعور بالثقة النابعة من إنجازاتهم التعليميّة، بالإضافة إلى التعبير عن أنفسهم بحرّيّة. في بيئة اللعب الفوضويّة، يُشجَّع الأطفال على اتّخاذ خياراتهم الخاصّة. تعزِّز هذه الحرّيّة الشعور بالاستقلاليّة والثقة بالنفس لدى الطفل، حيث يتعلّم بهذه الأنشطة، كيفيّة الوثوق بغرائزه واستكشاف اهتماماته. كما يوفِّر اللعب الفوضويّ كذلك منصّة فريدة للتعبير عن ذاتهم، ونقل أفكارهم ومشاعرهم وخيالهم بالفنّ والاستكشاف. فبتبنّي اللعب الفوضويّ، لا يطوِّر الأطفال المهارات الرئيسة فحسب، بل يطوِّرون كذلك حدسًا قويًّا وشغفًا للتعلّم مدى الحياة.     * * *  في الختام، يتعدّى اللعب الفوضويّ كونه مجرّد هواية عشوائيّة، فهو أداة قويّة للتعلّم والتطوير. يوفِّر اللعب الفوضويّ مجموعة كبيرة من الفوائد التي تسهِم في نموّ الطفل ورفاهيّته، من الاستكشاف الحسّيّ والإبداع، إلى المهارات الاجتماعيّة وحلّ المشكلات. لذلك، في المرّة القادمة التي ترى فيها طفلك يقوم بأيّ نشاط عشوائيّ، شجِّعه ولا تمنعه، واعلم أنّه يتعلّم وينمو بطريقته الاستثنائيّة.     المراجع  https://www.twinkl.jo/blog/five-benefits-of-messy-play#:~:text=Messy%20play%20helps%20your%20child,a%20needle%20or%20tie%20shoelaces.