الرئيسية

في هذا العدد

العدد (18) خريف 2024

خريفنا الرابع... ونزداد شبابًا العدد الثامن العشر من منهجيّات هو خريفنا الرابع، الذي بدأت به دورة وجود مجلّة تربويّة عربيّة، حدّدت منذ البداية أفقها: نحو تعليم عربيّ معاصر. ولأنّنا نؤمن أنّ مستقبلنا سيصنعه أبناؤنا، على رغم غبار الدمار والقتل الذي يلفّنا، كان ملفّ عددنا بعنوان "التعليم التحرّري: بدائل واستراتيجيّات". عن التعليم التحرّريّ: لماذا نعلّم أطفالنا؟ في حين ننشغل بأحسن الطرق لشرح كذا، وأهمّ الاستراتيجيّات لضمان فهم المتعلّمين هذه المعادلة، يغيب عن بالنا سؤال الغاية، خصوصًا أنّ إتقان الموادّ الدراسيّة والمعادلات المعقّدة ليس بالضرورة أمرًا لطيفًا، فمن بنى أسلحة الدمار الشامل كانوا من العباقرة! من هنا، ينطلق التعليم التحرّريّ من الربط بين الإنسان وظروفه، وقدرته على فهم المحيط، وتدريبه على إيجاد الإجابات والحلول بناء على ما هو موجود. إنّه ربط عمليّة التعليم بالغاية من جعل الإنسان متعلّمًا، أي عارفًا بعلمه، وعارفًا أنّ المعرفة أداه تغيير يطال المجتمع. وبغير ذلك يصير التعليم وسيلة تُشيّئ الروح الجميلة الحرّة الكامنة في صدور الصغار، ليكبروا غير مهتمّين إلّا بخلاصهم الذاتيّ، ولا تعنيهم إلّا المنافسة لوصول الـ"أنا" بغير احتساب الكلفة على المحيط الذي حضنها. هل نعلّم أطفالنا ليصيروا براغي في أنظمة لم ينشئوها؟ أو لنعدّهم للتصدير بحيث نُحرم ممّا عندهم من طاقات وقدرات فاعلة؟ 

ملفّ العدد القادم

دعوة للكتابة في الأعداد القادمة

للمساهمة والكتابة في أعداد المجلّة القادمة، نستقبل مقالاتكم حول المواضيع التربويّة المختلفة عبر البريد الإلكترونيّ:  [email protected] تعالج مواضيع المقالات العامّة التربويّة في المجلّة قضايا التعليم والإدارة المدرسيّة وتطوير المعلّمين. وقد يكون موضوع المقال منطلقًا من تفكُّر ذاتيّ؛ تأمُّل في تجربة ما أو مراجعة لها أو مُشاركة لتجارب وأفكار مُختلفة، أو قد يكون نتاجًا لورشة أو ندوة أو مؤتمر، وربّما يكون مراجعة لكتاب أو مقالة استطاع الكاتب أن يختبر مقتضياتها في الصفّ، وأن يُدخل عليه ما يتناسب ووضع الصفّ والمدرسة بشكل عامّ، وأن يلمس بيده وروحه ما أدّت إليه في مسار المتعلّمين. المعارف، على أهمّيّتها، موجودة وباتت متاحة بلغات مختلفة، لكن تجربتكم الشخصيّة في تحويل المعرفة إلى ممارسة يوميّة أو استراتيجيّة ناجحة تلائم الواقع، هي الشعلة التي نرغب في نقلها إلى المُمارسين التربويّين في الحقل التعليميّ. للاطلاع على سياسات النشر في المجلّة سياسات منهجيات | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)، وفريق منهجيّات سيكون داعمًا وموجودًا للتواصلِ والمتابعة والمجاورة.  

أخبار تربويّة

لبنان: تمديد تعليق الدراسة وفتح المدارس لاستقبال النازحين

أعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال اللبنانيّة عباس الحلبيّ، أمس الثلاثاء، تمديد تعليق الدراسة في البلاد حتى نهاية الأسبوع الجاري، وفتح المدارس الرسميّة لاستقبال النازحين وتقديم المساعدة لهم. جاء ذلك في بيان صدر عن وزارة التربية والتعليم، قال فيه: "نظرًا لاستمرار الظروف التي اقتضت إقفال مؤسّسات تربويّة ومهنيّة وجامعيّة في مناطق محدّدة، وتعليق الدروس في مناطق أخرى، يمدّد إقفال المدارس والثانويّات والمعاهد والمدارس المهنيّة الرسميّة والخاصّة، حتى نهاية هذا الأسبوع في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك الهرمل وفي الضاحية الجنوبيّة، ويمدد كذلك وقف الدروس في محافظات بيروت وجبل لبنان والشمال وعكّار". كما أصدر الوزير تعميمًا "بفتح مباني المدارس والثانويّات الرسميّة لاستقبال النازحين ووضعها تحت تصرّف لجنة الطوارئ المركزيّة بالتنسيق مع خليّة الأزمة في الوزارة، والتعاون مع الجهات المكلّفة رسميًّا بتوزيع النازحين وتقديم الدعم والمساعدة لهم"، وفق البيان. وفي سياق متصل، أصدر وزير الصحّة اللبنانيّ فراس الأبيض، قرارًا بـ"إغلاق جميع حضانات الأطفال في كلّ أنحاء البلاد حتى نهاية الأسبوع الجاري". ويشنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ منذ صباح الإثنين، عدوانًا هو "الأعنف والأوسع" على لبنان، أسفر عن 558 شهيدًا بينهم 50 طفلًا و94 امرأة، و1835 جريحًا، وفق أحدث بيانات وزارة الصحّة اللبنانيّة. ومع موجة التصعيد هذه، نزح آلاف اللبنانيّين من منازلهم الواقعة في المنطقة الجنوبيّة من الغارات الإسرائيليّة العنيفة.

قطر الخيريّة تؤهّل 8 مدارس في اليمن

أعلنت قطر الخيريّة، في بيان، أمس الاثنين، الانتهاء من تأهيل 8 مدارس متوقّفة عن العمل في قرى نائية بمحافظتي حجة وإب باليمن، إضافة إلى تقديم حوافز لمئات المعلّمين والمعلّمات، وتوزيع الحقائب المدرسيّة على آلاف الطلّاب مع بدء العام الدراسيّ. المشروع، الذي بدأ العام الماضي واكتمل هذا العام، يأتي في وقت تشهد فيه الأوضاع التعليميّة في اليمن تدهورًا كبيرًا بسبب الحرب المستمرّة منذ أكثر من تسع سنوات. ووفقًا لتقارير منظّمات إنسانيّة دوليّة، تأثّرت العمليّة التعليميّة تأثّرًا سلبيًّا نتيجة تدهور المرافق المدرسيّة، ونقص الاحتياجات الأساسيّة، وانقطاع رواتب المعلّمين، ما أدّى إلى تفاقم ظاهرة التسرّب المدرسيّ بين الطلّاب. ويهدف المشروع، بحسب البيان، إلى تعزيز فرص التعليم والعودة إلى المدارس، من خلال تحسين البيئة التعليميّة ودعم المعلّمين والطلّاب في المحافظتين. وقد شملت عمليّات التأهيل بناء فصول جديدة، وترميم الفصول القائمة، وتجديد دورات المياه، بالإضافة إلى توفير كراسي مدرسية حديثة، ما سيساهم في توفير بيئة تعليميّة أفضل للطلّاب. وأوضحت قطر الخيريّة أنّ المشروع قدّم حوافز ماليّة لأكثر من 300 معلّم ومعلّمة، لتحسين أوضاعهم المعيشيّة في ظلّ انقطاع الرواتب، بالإضافة إلى توزيع حوالي 4,100 حقيبة مدرسيّة تحتوي على الأدوات الضروريّة لدعم الطلّاب وتشجيعهم على العودة إلى الدراسة والاستعداد للعام الدراسيّ الجديد.

العراق يُطلق حملة واسعة لإعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة

أطلقت الحكومة العراقيّة حملة واسعة هي الأولى من نوعها تستهدف الأطفال المتسرّبين من الدراسة ودمجهم ضمن المدارس الحكوميّة، وذلك قبيل أسبوع واحد من بدء العام الدراسيّ الجديد، الذي يتوقّع أن يلتحق به أكثر من 11 مليون طالب من كلا الجنسين في المراحل الابتدائيّة والمتوسّطة والإعداديّة. ونقلت صحيفة الصباح الرسميّة العراقيّة، الأسبوع الماضي، عن مستشار الحكومة لشؤون التربية والتعليم، عدنان السراج، إعلانه انطلاق مبادرة "العودة للتعليم" التي تستهدف أكثر من 151 ألف متسرّب في عموم البلاد. وتستمرّ الحملة لمدّة 45 يومًا وتشمل جميع مدن العراق ومحافظاته، أكّد بشأنها وزير التربية العراقيّ إبراهيم الجبوري، أنّها "أهم خطوات الاستدامة"، في إشارة إلى البرنامج الحكوميّ لرئيس الوزراء محمّد شياع السودانيّ. وقال السراج إنّ مبادرة "العودة إلى التعليم"، تهدف إلى "معالجة ظاهرة التسرُّب من المدارس وإعداد برامج تربويّة خاصّة بذلك قبيل بدء العام الدراسيّ الجديد. مضيفًا أنّ المبادرة تستمرّ لمدّة 45 يومًا، بتنسيق مع منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسف) التي أسهمت بإعداد الخطط الكاملة وتدريب ألف و688 موظّفًا من الملاك التربويّ لتنفيذ المبادرة، مع تشكيل نحو 180 لجنة فرعيّة في عموم البلاد. ولفت السراج إلى أن المبادرة تستهدف أكثر من 151 ألفًا و920 متسرّبًا من مختلف الأعمار في جميع محافظات البلاد، حيث يُسعى من خلال المبادرة لإعادتهم إلى مقاعد الدراسة. وستكون، وفقًا للسراج، مديريات التربية في بغداد والمحافظات هي المسؤولة عن تنفيذ الحملة بالتعاون مع "يونيسف" ومساندة الجهات ذات العلاقة، كذلك ستُطلَق حملة إعلاميّة لتثقيف أهالي الطلبة المتسرّبين وتوعيتهم على مخاطر تسرُّب أولادهم من المدارس والعمل على ضرورة التحاقهم من جديد. وستخصّص الحكومة العراقيّة برامج إعلاميّة واسعة للتوعية على ضرورة الحملة، بالتعاون مع "يونيسف" وتشمل إنتاج البرامج التوعويّة القصيرة الهادفة إلى حثِّ الأهالي من أجل إعادة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة، حيث هناك سلسلة حلقات ضمن 26 مقطعًا ومشهدًا ترشد من خلال مضامينها المتسرّبين إلى طريق العلم والمعرفة ضمن المبادرة.  

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

التعليم الدوليّ في ظلّ الإبادة الجماعيّة
تلك كلمات أغنية فرقة كايروكي المصريّة "تلك قضيّة"، والتي تمثّل بجدارة ما يعانيه التعليم في المدارس، ولا سيّما تلك التي تقدّم برامج دوليّة... تابع القراءة
تحرّر العقول قبل الحدود: التعليم التحرّري أداةً لإعادة بناء المجتمعات
في ظلّ الحروب والنزاعات المسلّحة، حيث تتعرّض المنظومة التعليميّة التقليديّة للتدمير باستهداف المدارس وتعطيل العمليّة التعليميّة، تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

النهضة التعليميّة اليابانيّة الجديدة: تحوّل نموذجيّ في تعليم العلوم الإنسانيّة
في مبادرة جريئة وبعيدة النظر إلى تنمية التفكير النقديّ وتشكيل مواطنين متكاملين، شرعت اليابان في رحلة تحويليّة في مجال تعليم العلوم الإنسا... تابع القراءة
أثر التنمّر في البيئة الدامجة: كيف نحمي طلّابنا؟
البيئة المدرسيّة مهمّة للتطوّر العقليّ والمفاهيميّ والعاطفيّ والاجتماعيّ عند الأطفال والشباب. لذلك، علينا أن نؤمِّن بيئة مدرسيّة آمنة ودا... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: الذكاء الاصطناعيّ

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيلول/ سبتمبر 2024، بعنوان "الذكاء الاصطناعيّ". وركّزت على محاور مختلفة، هي:  المعلّم والذكاء الاصطناعيّ: تجارب في استخدام البرامج والمنصّات المختلفة. المتعلّم والاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ: تجارب واستخدامات متعدّدة. أخلاقيّات استعمال الذكاء الاصطناعيّ، ودور التعليم بترسيخها.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. رانيا حمّودة، مديرة قسم تكنولوجيا التعليم في مدرسة الأهليّة والمطران، الأردن؛ أ. خالد المصري، معلّم مادّة العلوم، لبنان؛ د. نضال قرعان، منسّق برنامج الدبلوم في مدرسة الفريندز، فلسطين؛ د. فرزدق ناهض، مؤلّف مناهج الحاسوب في وزارة التربية، العراق. أدارت الندوة أ. دلال حمّودة، مديرة المرحلة الثانويّة في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر، والتي عرّفت بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها. ووجّهت أ. دلال رسالة أنّ قلوبنا جميعًا مع أهلنا وشعوبنا العربيّة، والتي تعاني ظروفًا عصيبة، وأشارت إلى أنّنا نبدأ من نقطة الأمل، ونلتقي في هذه الندوة، للحديث عن مُستقبل تعليم أطفالنا، ليخرج منهم قادة وروّاد يغيّرون واقع البلاد بصوتهم وفعلهم. ملاحظة: في نهاية التقرير تجدون مجموعة مصادر لأدوات الذكاء الاصطناعيّ للمعلّمين.   المحور الأوّل: المعلّم والذكاء الاصطناعيّ: تجارب في استخدام البرامج والمنصّات المختلفة افتتحت أ. رانيا هذا المحور بمشاركتها تجربة في مدرسة الأهليّة والمطران، حيث البحث عن أدوات تكنولوجيّة جديدة مهمّة مستمرّة في المدرسة، ذلك من أجل دعم المعلّم. وقبل سنتين، تعرّفت إلى أدوات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّة، مثل ChatGPT، وأصابتني حالة ذهول عندما اطّلعت عليها، إذ كان من الواضح أنّها ستكون أدوات استثنائيّة، تنقل عالم التعليم إلى مكانٍ آخر. من هُنا، فكّرت بضرورة تقديم هذه الأدوات للمعلّمين، وبدأنا بتدريبات مع المعلّمين حول هذه الأدوات، وكيفيّة توظيفها في الحصص التعليميّة، وما هي إيجابيّاتها وسلبيّاتها، وكيف سيساعدون الطلبة على فهمها واستخدامها بطريقةٍ مُناسبة. وأشارت أ. رانيا إلى أنّ هذه الأدوات موجودة، وهي ليست موجة عابرة، بل تتطوّر يومًا بعد يوم، وبالتالي، هي جزء من الواقع، ومن واجبنا تِجاه طلبتنا تقبُّل هذا الواقع، وفهم هذه الأدوات وعلاقتها المركّبة مع الواقع، خصوصًا أنّ وصول الطلبة إليها مفتوح ومتاح. من هُنا، علينا التوقّف عن مقاومة هذه الأدوات، بل فهمها واستخدامها وتوظيفها. وتحدّثت عن دور الإدارة في خضمّ هذه العمليّة، لأنّ دورها محوريّ في دعم المعلّمين لفهم هذه الأدوات واستخدامها. وعرّجت على دور المعلّم في استكشاف هذه الأدوات وعدم انتظار الدورات التدريبيّة، خصوصًا أنّ نوعيّة الدورات تختلف بسرعة استجابةً لتطوّر هذه الأدوات. وذكرت أنّه من المهمّ حوار المعلّمين، من مدارس مختلفة، من أجل التفكير في سياسات لضبط إطار استخدام هذه الأدوات، وتوجيه الطلبة إلى استخدامها. هذه السياسات تُطوّر بالشراكة مع مجتمع المدرسة، ويُشارك الجميع، بما في ذلك الطلبة، في وضعها ونقاشها. وشاركت أ. رانيا أنّه من المهمّ فهم الظرف الملائم لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ وتوظيفه، وعدم استخدامها بشكلٍ اعتباطيّ، فهذا يضيّع المعنى ويشتّت القصد.   شاركت أ. دلال تجربة حول ضرورة نظر المعلّم إلى هذه الأدوات كشريكٍ في التفكير، وأيضًا في طريقة التخطيط، حيث سنجد أنّ الموضوع سهل، ولكنّ هذا يقوم على مجموعة مهارات على المعلّم أن يطوّرها باستمرار، على غرار مهارة طرح السؤال، أو استخدام الذكاء الاصطناعيّ من أجل بعض الترجمات البسيطة. وأشارت إلى أهمّيّة إضافة عناصر التسلية في خضمّ التدريبات على هذه الأدوات، ذهابًا إلى تطوير مهاراتنا، وصقل مهارات جديدة، مثل التفكير الناقد، والتفكير الإبداعيّ. أشار د. قرعان إلى أنّ التجربة شبيهة إلى حدٍّ كبير بين مدرسة الفريندز والأهليّة والمطران، ولكنّه أشار إلى تحدٍّ ظهر عند مراجعة سياسة "النزاهة الأكاديميّة"، والتي عكست رفضًا قطعيًّا لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ في أيّ شكل من الأشكال. ومع مرور الوقت، كانت هناك تجارب فرديّة من معلّمين وطلبة، أبرزت ضرورة توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ في عمليّة التعليم. هُنا، بدأنا حوارات بين المعلّمين من أجل استخدام هذه الأداة للمُساعدة في التعليم القائم على المفاهيم، وعصف الذهن مع هذه الأدوات من أجل تعليم تكامليّ بين الموادّ. مثال آخر هو طرح الأسئلة، والتي يقوم عليها تطبيق ChatGPT، فيجيب، وبالتالي يقوم المعلّم بتأمّل هذه الإجابة ومراجعتها. مثال آخر، يُمكننا توظيف هذه الأدوات للمساعدة في بناء أوراق عمل، تدعم التمايز بين الطلبة. وركّز د. قرعان على نقطة أنّ هذه الأدوات أقحمت نفسها وسيلةً في عمليّة التعليم، وما زلنا، بسبب قلّة المراجع عن الموضوع، نصوغ ونعدّل بالسياسة، وما اتّفقنا عليه؛ مثلًا، أن يوثّق أيّ نصّ مُستخدم من ChatGPT. وأضاف نقطة هي ضرورة وضوح التعليمات من قِبل المعلّمين، حول متى يكون استعمال هذه الأدوات فعّالًا، وتحديدًا داخل الوحدات التعليميّة، فهي أداة لا شكّ تخدم المعلّم والطالب.   المحور الثاني: المتعلّم والاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ: تجارب واستخدامات متعدّدة قدّم د. ناهض وجهةَ نظر حول تأثير أدوات الذكاء الاصطناعيّ على محوري العمليّة التعليميّة: المعلّم والطالب. وأشار إلى وجود تأخّر في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، من كونه سيصبح في القريب، أداةً أساسيّة ومهارة ضروريّة. وتحدّث عن أهمّيّة التفريق بين حاجة توظيف الذكاء الاصطناعيّ في المراحل الأساسيّة عن المراحل الثانويّة؛ إذ في المراحل الأساسيّة، يحتاج الطلبة إلى تثبيت مهارات أساسيّة، كالكتابة والخطّ إلخ... بينما في المراحل الثانويّة، يُمكن أن يبدأ الطلبة العمل على إنتاج البحوث، لتأسيس بُنية أساسيّة ينطلقون منها إلى العمليّة البحثيّة. وأشار د. ناهض إلى ضرورة الانتباه والنقد لنتائج النصوص التوليديّة من محرّكات الذكاء الاصطناعيّ، ومراجعتها وتحريرها وتعديلها، لتُتناسب والغرض البحثيّ منها، لا الاكتفاء بالاعتماد عليها استسهالًا وكسلًا. وعرّج على ضرورة مراعاة دعم الطلّاب في وضع بُنى البحوث بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعيّ، ومراعاة الفروق الفرديّة، وخصوصًا الطلبة من ذوي الهمم، فمن المُمكن أن تشكّل هذه الأدوات ساندًا ومُساعدًا لتحقيق تعليمٍ نشطٍ دامج. وفي الموادّ العلميّة، كالكيمياء والفيزياء، من المُمكن أن تفتح منصّات الذكاء الاصطناعيّ أمام الطلبة، مُختبرات لاختبار تجارب عمليّة مُعيّنة، ومراقبة وملاحظة النتائج. هُنا داخلت أ. دلال حول أهمّيّة هذه الأدوات والمنصّات في إمكانيّة الوصول إلى جميع الطلبة، مهما كانت احتياجاتهم، ومنها القلم الإلكترونيّ الذي يقرأ للطالب، ومنها بعض المنصّات التي تُساعد الطلبة الذين يواجهون تحدّيات معيّنة، وهي استخدامات ضروريّة بهذا المعنى لتسهيل عمليّة التعليم، سواء داخل المدارس أم خارجها. وانضمّ أ. المصري متأخّرًا نتيجة مشاكل تقنيّة، فطرحَ سؤالًا افتتاحيًّا هو: ما خطّتي في الغرفة الصفّيّة؟ وما الأدوات التي أستخدمها لتحويل المنهاج التعليميّ التقليديّ إلى تعليم حديث يتضمّن تقنيّات حديثة، تقوم على مبادرة المعلّم من أجل تعريض الطلبة لتجارب بغرض اكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين. وأشار أ. المصري إلى أنّ مشوار توظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ طويل، وعليه أن يكون تمهيديًّا. على سبيل المثال، قمنا بتوظيف المختبرات الافتراضيّة في التعليم، وفحصنا عبر أسئلة ونماذج استفادة الطلبة من هذه الأداة، وكانت استفادة إيجابيّة. وتحدّث عن فكرة مشروع المختبرات الافتراضيّة بدلًا من النصّ، كون المشروع يدفع الطلبة إلى تقمّص عالم ما مثلًا، وتشجيعهم بمجموعة أسئلة للمُضيّ بتجربة تعلّميّة مُمتعة، تنمّي مهارات التفكير الإبداعيّ لديه، بطريقةٍ تدريجيّة. وأضاف أ. المصري نقطة مُهمّة هُنا، هي أنّ الذكاء الاصطناعيّ موجود، وبالتالي حتّى إن كانت هنالك مدرسة ما لا تريد توظيفه، عليها تمكين الطلبة من مهارات القرن الحادي والعشرين، لضمان تمكين الطالب من مهارات تجعله قادرًا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، انطلاقًا من فكرة أنّ التقييم اليوم هو ما كسب الطالب من مهارات في المدرسة، يُمكنهُ استخدامها وتوظيفها في الحياة. وقدّم أ. المصري مداخلةً حول أخلاقيّة التعليم، فهو مهمّة سامية، علينا أن نقاوم كي تكون مُتاحة للجميع، وبهذا نكون نقاوم ظواهر مختلفة، مثل التسرّب المدرسيّ. كما أكمل حديثه حول اليوم العاديّ في الصفّ المدرسيّ، وكيفيّة الاستفادة من مواقف عادةً ما تُسبّب أجواء مشحونة بين الطلبة والمعلّم، وتوظيف هذه المواقف، من أجل فهم ظواهر علميّة، أو تركيبات كيميائيّة، ربطًا بين العلوم من أجل تمكين الطالب من مهارات مختلفة.   المحور الثالث: أخلاقيّات استعمال الذكاء الاصطناعيّ ودور التعليم في ترسيخها تحدّثت أ. رانيا حول الاستسهال الذي يجده بعض الطلبة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، بل وهناك محاولات غشّ كذلك. وهناك طلبة آخرون يوظّفون هذه الأدوات بطريقة منهجيّة تعزّز تعلّمهم. في النهاية، المشكلة ليست مُشكلة أداة، هي مشكلة سلوك، كون الغشّ كان موجودًا قبل الأداة. بالتالي، علينا التفكير كمعلّمين ومعلّمات بكيفيّة توظيف هذه الأدوات، وتغيير عمليّة التقييم، ونشر ثقافة مهارات التفكير والبحث. إذًا هي حاجة إلى نشر ثقافة البحث والسؤال والتحقّق في الغرفة الصفّيّة، لأنّ الأدوات ستتوالد باستمرار، وفي نظرةٍ إلى الماضي القريب، ننظر إلى الحاسوب والإنترنت والآلة الحاسبة، كأدوات تخوّف منها النّاس، بينما أنقذت الطلبة في ظروف معيّنة، مثل جائحة كورونا. داخل هُنا د. قرعان حول أهمّيّة تمكين المعلّم من هذه الأدوات، ليكون مواكِبًا للطالب في مسيرة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ. وأكّد على نقطة هي ضرورة استخدام عمليّة التوثيق الأكاديميّ لأيّ نصّ أو فكرة يولّدها الطالب من ChatGPT على سبيل المثال. وتحدّث على غياب السياسات، كسبب للغشّ غير المقصود من قِبل الطلبة، كونه غير واعٍ لحدود استخدامها وتوظيفها. ودعا إلى الانفتاح على هذه الأدوات وغيرها، لأنّها تتطوّر بطريقةٍ مُستمرّة.   هل استخدام هذه الأدوات مُمكنٌ مع الطلبة في السنوات الابتدائيّة؟ عقّب د. ناهض أنّ هذا مُمكن، ولكن ضمن حدود ومعايير. وأشار إلى أنّه لا يُمكن استثناء أيّ أحد من هذا الواقع، ولكنّ المعايير عليها أن تُصاغ بناءً على إمكانيّات المتعلّمين، وشروط المرحلة العمريّة المُناسبة. في هذا السياق، التعامل مع المراحل الابتدائيّة وعلاقتها بهذه الأدوات عليه أن يكون حذرًا، لنضمن الابتعاد عن الأخطار التي تؤثّر في صحّتهم أوّلًا، والحاجة إلى تعزيز مهارات الكتابة والقراءة ثانيًّا، ذلك كونها مهارات أساسيّة للتفكير من حيث البدء. أو اللجوء إلى التعليم الذي يمزج بين التعليم وهذه الأدوات، في حين يكون المعلّم مُيسّرًا لهذه العمليّة مع الطلبة. وأضافت هُنا أ. دلال أنّه من الضروريّ أن يمتلك مهارات أساسيّة، أساسًا لاستخدام هذه الأدوات. وفي حال كان الطالب غير مُتمكّن من مهارات معيّنة، على سبيل المثال التفكير الناقد والتحليل، سيُقاد إلى تصديق "هلوسات" هذه الأدوات، وبالتالي، سيقدّم عملًا غير مفيد، ولا يقوده إلى تحسين مهاراته المُختلفة. بينما إن استخدمها الطالب المُتمكّن من مهارات أساسيّة، سيكون هو المحور وهو المُتحكّم بالأداة، والذي يقودها نحو خدمة مسيرة تعلّمه.   بعض أسئلة الجمهور - الإشكاليّة المطروحة لدى المعلّمين تكمن في المحتوى التعليميّ ونقص المحتوى الرقميّ ضمنها، أو وجود محتوى رقميّ أُعدّ بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعيّ، كيف من المُمكن أن يعرف المعلّم المحتوى المُناسب للاستخدام؟ قالت أ. رانيا إنّه ليس هناك من طريقةٍ واضحةٍ لذلك، بل يعتمد الأمر على خبرة المعلّمين ومعرفته بالأدوات الموجودة، وبالتالي، ستكون هذه مهمّة صعبة على معلّم غير متمكّن، وسهلة على معلّم متمكّن يُمكنه ربطها بوحدة أو موضوع معيّن. من هُنا، ومن كون العالم متغيّر بشكلٍ سريع، على المعلّم أن يكون مواكبًا لكلّ هذه التغيّرات والتحديثات التي تطرأ.   - كيف يُمكن للمعلّم بناء محتوى باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، لتسهيل حصول الطلبة على المعلومات، من دون الخروج عن المنهاج؟ أجاب أ. المصري، مُجدّدًا أنّه من الضروريّ تحديد الهدف في البداية، هذا الهدف سيُسهّل تحديد الأداة المُناسبة. وتدريجيًّا، قد تُتاح هذه الأدوات مجّانًا، ولكنّ المهم، أن أعرف أيّ جانب سأنمّي للطالب، كتابيًّا أو صوريًّا أو صوتيًّا، ولكنّني أقترح تطبيق "CoPilot" لأنّه مهمّ ومفيد جدًّا. وأمّا د. ناهض، فأشار إلى أنّه على المحتوى مراعاة الفئات العُمريّة، وهُنا علينا تعزيز هذا المحتوى أحيانًا بألعاب إلكترونيّة تُساعد على جذب انتباه الطلبة، ودمجهم في عمليّة التعليم، وتعزيز المحتوى بأدوات الذكاء الاصطناعيّ، من أجل أن يكون الطالب مرتاحًا. ومن المهمّ مراعاة مسألة الملل؛ جلوس الطلّاب لساعات أمام التطبيقات، وخلق أدوات تعزّز اندماج الطلّاب مع المحتوى واستخدامها.   - هل بأدوات الذكاء الاصطناعيّ يُمكننا الاستغناء عن المعلّم؟ أم إنّها طريقة لتطوير التعليم، وكيف يُمكن تطوير التعليم من أجل التركيز على التعلّم مدى الحياة. أجابت أ. دلال أنّ الهدف ليس الاستغناء عن المعلّم، بل على العكس، تمكين المعلّم من أجل التركيز على الإبداع البشريّ. فمهما تطوّر الذكاء الاصطناعيّ سيبقى يستلهم من المعرفة الموجودة، والتي راكمها الإنسان. بالتالي، الهدف هو البدء من النقطة التي يقف عندها الذكاء الاصطناعيّ من أجل تنمية التفكير خارج الحدود الموجودة حاليًّا.   - هل بالضرورة أن يكون المعلّم محترفًا لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ؟ داخلت أ. رانيا بأنّه ليس بالضرورة أن يكون المعلّم محترفًا لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعيّ. المطلوب من المعلّم فهم هذه الأدوات، وفهم آليّة تشغيلها، ومن أين تولّد المعلومات، والتي ليسَ بالضرورة أن تكون صحيحة، وأن تكون محايدة، بالتالي لفهم من أين سيبدأ بالعمل مع الطلبة.   - هل نُركّز على تعليم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ، أم تعليم الذكاء الاصطناعيّ؟ تحدّث أ. المصري عن أهمّيّة فهم التغيير، ومواكبته من أجل البقاء على اطّلاع على ما يحدث. وأضافت أ. رانيا أنّه من المهمّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، ولكنّ لا شكّ أنّه من الأهمّ تعليم الطلبة كيفيّة ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعيّ وآليّاته، وتكوين تطبيقات مختلفة. علينا التركيز إذًا، على الجهتين، التعليم من خلال هذه الأدوات، والتعليم عن هذه الأدوات.   - هنالك بعض الدول، مثل السويد، ارتأت أن تعود إلى الأدوات التقليديّة للتعليم، فهل هذا معناه أنّ السلبيّات أكثر من توظيف الأدوات الحديثة؟ تحدّث د. قرعان أنّه مع دمج الأدوات، وعدم الاستغناء عن واحدة لصالح الأُخرى، وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أنّه حتّى التحوّل في الأدوات، عليه ألّا أن يكون دفعة واحدة. وأضافت أ. دلال أنّه من أهداف عمليّة التعليم، تخريج جيل قادر على مواكبة العصر، وأن يرتقي بنفسه وبمجتمعه من خلال استخدام الأدوات التكنولوجيّة الموجودة، بالتالي، علينا إيجاد مرحلة التوازن الضروريّة للاستفادة من جميع الأدوات، وتوظيفها في مسيرة تعلّمهم.   في الخِتام، ما توصياتكم بالنسبة إلى العمل مع الذكاء الاصطناعيّ؟ تحدّثت أ. رانيا أنّ الذكاء الاصطناعيّ هو آليّ يقوم ببعض المهام بطريقة فعّالة ومفيدة، وعلى المعلّم أن يركّز على الجانب الإنسانيّ العاطفيّ للتعلّم، وهذا ما لن يستطيع الذكاء الاصطناعيّ الوصول إلى تقديمه. ودعت إلى استغلال وجود الذكاء الاصطناعيّ لتطوير قدراتنا البشريّة التي لن تستطيع الآلة القيام بها. وداخل د. قرعان أنّ التكنولوجيا لن تكون بديلًا عن المعلّم إطلاقًا. ولذا، على المعلّم التعامل معها بانفتاح وتقبّل، فهي فُرصة لبناء حوارات مع الطلّاب والاستمتاع بتيسير الحصص الصفّيّة، ومواكبة ما هو جديد. وأمّا د. ناهض، فتحدّث عن توصية للمعلّمين: من الضروريّ البحث عن أدوات ذكاء اصطناعيّ تقوم بتحليل لبيانات أداء المتعلّمين وتفضيلاتهم، كونها ستعزّز خطط المعلّمين بإنشاء دروس وتقويمات تُراعي وتُحاكي نقاط القوّة والضعف الفريدة لدى كلّ طالب. ومن الضروريّ، أن يكون لكلّ بلد استراتيجيّة وطنيّة للتعامل مع الذكاء الاصطناعيّ، وعلينا ألّا ننسى تعزيز المهارات التربويّة قبل التعليميّة، وهي ستؤدّي دورًا أساسًا في هذا السياق. واختتمت أ. دلال بشكرها للمتحدّثات والمتحدّثين والجمهور، وخصوصًا أ. المصري الذي ينضمّ في سياق عصيب. وذكرت أنّها كانت ندوة أثرتها مداخلات الجمهور، وقدّمت توصيتها بأهمّيّة تمكين المعلّم، ورفع الوعي من أجل إعداد متعلّم واعٍ بما هو الذكاء الاصطناعيّ، بكلّ مركّباته، وعناصره، وآليّة عمله، وطرق الاستفادة منه، وسياسات التعامل معه أداةً ستساعدنا على استخدامهِ بالشكل الأمثل.     فيما يلي: مجموعة مصادر لأدوات الذكاء الاصطناعيّ للمعلّمين حضّرتها الأستاذة رانيا حمّودة، وشاركتها مع حضور الندوة:   Language Tools 1. Grammarly: Grammarly – A tool for checking grammar, punctuation, and clarity to enhance writing quality. يعمل بشكل جيد في تصحيح القواعد اللغوية والكتابة 2. Quillbot: Quillbot – Offers grammar correction, paraphrasing, and summarizing tools to streamline writing tasks. أداة لإعادة الصياغة والتلخيص 3. Google Translate: Google Translate – A free service for translating text between numerous languages. للترجمة وتحليل النصوص   Math Tools 1. Photomath: Photomath – Use your camera to solve math problems step-by-step with explanations. يتيح للطلاب حل المسائل الرياضية عن طريق تصويرها بالكاميرا 2. Microsoft Math Solver: Microsoft Math Solver – Provides solutions for a variety of mathematical problems, including algebra and calculus. يوفر حلولاً تفصيلية للمعادلات الرياضية 3. Wolfram Alpha: Wolfram Alpha – A powerful computational engine for solving equations and providing detailed explanations. أداة قوية لحل المعادلات وتقديم تفسيرات رياضية   Science Tools  1. Labster: Labster – Simulated lab experiments for chemistry, biology, and physics. يتيح 2. PhET Interactive Simulations: PhET – Interactive science simulations for physics, chemistry, and more. محاكاة تفاعلية للعلوم، الفيزياء، الكيمياء، والرياضيات 3. Google Science Journal: Google Science Journal – Helps in collecting and analyzing scientific data. يساعد في تسجيل وتحليل البيانات العلمية   History Tools 1. Timetoast: Timetoast – Create interactive timelines to visualize historical events. لإنشاء جداول زمنية تفاعلية للأحداث التاريخية 2. Historypin: Historypin – Allows users to explore and share historical images and stories about locations. يتيح للطلاب مشاركة واستكشاف تاريخ الأماكن عبر الصور 3. MindMeister: MindMeister – A tool for creating mind maps to analyze historical events. يساعد في إنشاء خرائط ذهنية للأحداث التاريخية وتحليلها   Art Tools 1. DeepArt: DeepArt – Uses AI to transform photos into artwork by mimicking famous art styles. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل الصور إلى أعمال فنية باستخدام أنماط معينة 2. Canva: Canva – A design platform for creating artwork, posters, and presentations. لإنشاء تصاميم رسومية وأعمال فنية 3. Autodesk Sketchbook: Autodesk Sketchbook – A digital drawing tool for artists. تطبيق للرسم الرقمي يدعم الابتكار الفني     Physical Education Tools 1. HomeCourt: HomeCourt – AI-powered app to analyze sports performance, particularly in basketball. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء الطلاب في الرياضة مثل كرة السلة 2. Fitbod: Fitbod – Generates personalized workout plans based on your fitness data. يعطي توصيات بتمارين مخصصة لكل فرد بناءً على بياناته الشخصية     Lesson Planning & Presentations 1. Curipod: Curipod – A tool to create interactive lessons for engaging students. أداة لإنشاء دروس تفاعلية تهدف إلى إشراك الطلاب 2. Canva: Canva – A great for designing presentations and educational resources. أداة رائعة لتصميم العروض التقديمية والموارد التعليمية 3. ChatGPT: OpenAI ChatGPT – Assists with content generation, lesson planning, and brainstorming ideas. يساعد في إنشاء المحتوى، تخطيط الدروس، والعصف الذهني للأفكار 4. Copilot: Microsoft Copilot – Integrated within Microsoft 365, Copilot helps with tasks in Word, Excel, and PowerPoint. مدمج ضمن Microsoft 365، حيث يساعد Copilot في المهام المتعلقة بـ Word و Excel و PowerPoint و انشاء محتوى 5. Perplexity: Perplexity – AI-powered tool for answering questions and research.  أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة عن الأسئلة وإجراء الأبحاث 6. MagicSchool: MagicSchool – AI tools designed specifically for educators to assist with teaching tasks. أدوات ذكاء اصطناعي مصممة خصيصًا لمساعدة المعلمين في مهام التدريس. 7. Mizou: Mizou: Create AI Chatbot based on your instructions, resources, and rubrics, while protecting student data.  أداة لإنشاء روبوتات دردشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي بناءً على تعليماتك، مواردك، ومعاييرك، مع الحفاظ على حماية بيانات الطلاب.     Resources & Research 1. https://www.researchgate.net/publication/373108877_The_Future_of_AI_in_Education_13_Things_We_Can_Do_to_Minimize_the_Damage 2. https://www.aiforeducation.io/ 3. https://learn.microsoft.com/en-us/training/educator-center/topics/ai-for-education 4. https://grow.google/intl/mena/courses-and-tools/?category=career&topic=ai 5. https://www.coursera.org/specializations/generative-ai-for-educators-teachers  

ندوة: الإبادة التعليميّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تمّوز/ يوليو 2024، بعنوان "الإبادة التعليميّة". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. الإبادة التعليميّة في فلسطين. 2. غزّة والتعليم في مواجهة الإبادة. 3. هل سنعودُ بعد الحرب إلى ما قبلها؟ استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. ميسون أبو موسى، معلّمة العلوم الحياتيّة من غزّة؛ أ. أحمد عاشور، مدير مكتب مؤسّسة تامر في قطاع غزّة؛ د. ريام كفري- أبو لبن، مستشارة تربويّة في مؤسّسة النيزك وواحة الإبداع المقدسيّة؛ أ. رفعت صبّاح، رئيس الحملة العالميّة للتعليم، ومؤسّس ومدير عامّ مركز إبداع المعلّم؛ أ. مالك الريماوي، باحث ومُستشار تربويّ في مؤسّسة القطّان ومركز التعليم المُستمرّ- جامعة بيرزيت. أدارت الندوة د. جمانة الوائلي، باحثة ما بعد الدكتوراه، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات، والتي عرّفت بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها. كما قدّمت للندوة بقولها "إنّنا الآن أمام سؤال جوهريّ عن جدوى مناقشة التعليم في ظلّ إبادة وحشيّة لم يعرف لها التاريخ الحديث مثيلًا، لكنّنا في منهجيّات نؤمنُ بأنّ التعليم فعل حياة ومقاومة وصمود، وأنّ الإبادة التعليميّة والمعرفيّة ما هي إلّا جزء لا يتجزّأ من مُمارسات الاستعمار الاستيطانيّ الوحشيّة، والتي يستميت فيها للقضاء على كلّ ما هو فلسطينيّ، بل ولمحو فلسطين من الذاكرة والحاضر والمُستقبل. ومن هُنا، أصبحَ لزامًا أن نناقش أوجه الإبادة التعليميّة التي عايشها المعلّمون والمتعلّمون في فلسطين منذ بداية الاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، وتتجسّد الآن ومنذ 10 أشهر في أكثر أشكال الوحشيّة في قطاع غزّة.   ما المقصود بمصطلح الإبادة التعليميّة؟ وكيف حاولت سلطات الاحتلال تنفيذ هذا التوجّه في عموم فلسطين، وفي غزّة تحديدًا؟ استهلّ أ. صبّاح الإجابة بأنّ مصطلح الإبادة موجود تاريخيًّا في فلسطين، وهو يمثّل كلّ الإجراءات والمُمارسات المُمنهجة التي سعى الاحتلال من خلالها لتدمير النظام التعليميّ وتقويضه مادّيًّا ومعنويًّا، وجعل قابليّة التعليم مستحيلة. وأشار إلى أنّ التاريخ الفلسطينيّ مليء بمحاولات للقضاء حتّى على قابليّته للتعافي من هذه المُمارسات. وأشار إلى أنّ مصطلح الإبادة التعليميّة (Educide)، هو الاستهداف المقصود والمباشر لتقويض النظام التعليميّ بكلّ جوانبه وعناصره، سواء كان الاستهداف للمعلّم أم للمناهج أم للبُنية التحتيّة، وركّز على ضرورة الانتباه إلى التفكير والمنهجة المقصودة لتقويض النظام التعليميّ. وهُنا أشارت الوائلي إلى مداخلة سريعة من الجمهور، تذكر أنّ ما حصل في غزّة أيضًا هو تشويه للتعليم. وعلّقت الوائلي أنّ هذا التشويه هو بحدّ ذاته جزء من تعريف الإبادة التعليميّة.   أمّا أ. عاشور، فتطرّق إلى أهمّيّة اللقاء نظرًا إلى تقاطعه مع اللحظة التاريخيّة التي تمرّ فيها القضيّة الفلسطينيّة، والتي ستؤسّس لتفكير ومنطق وواقع جديد على مستويات مختلفة، وستترك صراعًا بما يتعلّق بالمستقبل الذي لا نملكه كما نريد كفلسطينيّين. وتحدّث أنّ ما يحدث في غزّة اليوم إبادة شاملة كاملة، والتعليم جزء من هذه الإبادة. والحقيقة أنّنا كنّا ندعو دائمًا لأن يكون التعليم جزءًا من كلّ، وجزءًا من الواقع ومن الحياة، وأن يكون مرتبطًا بالتاريخ وجغرافيّة المنطقة، ومن هُنا، علينا أن ننظر إلى الأمر بشكلٍ أشمل. وبرأيي، إنّ ما يحدث في غزّة إبادة للتاريخ، حيث دُمّرت الأماكن التاريخيّة الأثريّة كافّة في قطاع غزّة، 3000 سنة على الأقل من التاريخ دُمّر، إلى جانب تاريخنا الشخصيّ، وكلّ ما نملك من ذكريات مرتبطة بالمكان. فجأة اليوم، أصبحنا بلا بيوت وبلا شوارع وبلا حارات، ولا نستطيع الانتقال من مكان إلى مكان عبر الطريق نفسه، وكلّ من عاد من الأصدقاء من أهل خانيونس بعد انسحاب جيش الاحتلال منها، كلّهم من دون استثناء، بكوا ذكرياتهم، وبكوا حياتهم، وبكوا هذه المدينة التي وُجدوا فيها، وفيها كلّ ذكرياتهم وحياتهم. وأضاف أ. عاشور أنّه من الصعب الحديث عن التعليم، من دون الحديث عن سياقه، فالسياق أيضًا يُباد في غزّة، ككلّ شيء، ونعلم أنّ هذا ليسَ نهجًا جديدًا، إنّما الطريقة جديدة، ومن الضرورة الانتباه إلى أنّ ما يحدث في غزّة كارثة إنسانيّة، وله دلالات تاريخيّة ومقاربات قامت بها مؤسّسات عالميّة كبيرة، وقارنته بالحرب العالميّة الثانية، إذ أطلقت الأمم المتّحدة في حينه ميثاق حقوق إنسان جديدًا، فماذا سيكون شكل هذا الميثاق بعد الإبادة في غزّة؟   وأطّر أ. الريماوي الإبادة التعليميّة بكونها جزءًا من الإبادة التي تحدث بوجه عامّ، وهي إفراز وتعبير عن طبيعة الاستعمار الصهيونيّ الكولونياليّ. وهذه العمليّة جزء من طبيعته لنفي الشعب الآخر، وهو لا يستهدف التعليم كتعليم، إنّما جزءًا من المكان والتاريخ والجغرافيا والطبيعة، والنقطة الثانية أنّ هذا ليسَ جديدًا على الاحتلال الإسرائيليّ؛ الجديد هو ارتفاع الدرجة وظهورها بهذا الشكل. وتحدّث عن أهمّيّة النظر إلى التعليم ضمن هذا السياق، جزءًا من مشروع الوجود الفلسطينيّ، حيث فكّر في مرحلة ما، أنّ التعليم عليه أن يكون ردًّا على الإبادة، ومع التأمّل في المفهوم، نجد أنّنا نعطي الإبادة هُنا نصًّا أساسيًّا في الحكاية، بينما النصّ الأساسيّ هو وجود الشعب الفلسطينيّ، وكشعب يدافع عن هذا الوجود، وبالتالي، تأتي الإبادة كنفي للوجود، وضرب للتعليم كجزء أساسيّ من هذا المشروع، وأشار إلى أنّ مشروع الإبادة في ذروة وضوحه، ومشروع المواجهة في ذروة وضوحه، إذ تمّ، منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر، إعلان الحرب على غزّة، وبشكلٍ خاصّ على التعليم حرفيًّا، وكان الاستهداف واضحًا مع توضيح الأسباب، والتي عندما نقرؤها نعرف جيّدًا أين تقع معركة التعليم الآن.    ما الضغوط التي يواجهها التربويّ الفلسطينيّ في ظلّ هذه الإبادة؟ أشارت د. كفري أنّه من الصعب تسميتها بضغوط، فهي أكثر من ذلك: هي نهج حياة يواجهه التربويّ الفلسطينيّ بشكلٍ دائم ومزمن ومتكرّر لفترة طويلة. بالدرجة الأولى، وعلى المستوى الواسع، نحنُ شعب يواجه الاحتلال والهجمة على المنهاج والمعلّم، وهو الذي، فجأة، بعيون الغرب أصبح من يُنتج جيلًا "إرهابيًّا"، وبات الغرب يُنتج مفاهيمه الاستعماريّة ويصدّرها في حقّ المعلّم الفلسطينيّ. التربويّ الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من المجتمع الفلسطينيّ، وهو أخ وأب ومناضل وأسير وجريح، وهو يحمل هذا الجزء من إنسانيّته إلى الجانب التربويّ. ونستطيع القول إنّ آخر عشرين سنة كانت بمثابة مشكلة كبيرة أمام المعلّم الفلسطينيّ: ما شكل التعليم في فلسطين؟ خصوصًا في ظلّ عدم توافر الحدّ الأدنى من أساسيّات اليوم في التعليم، كراتب جيّد، وعدد الطلبة في الصفّ، وفُرص التطوير المهنيّ، وهي هموم أيّ تربويّ يعيش ظروفًا طبيعيّة، وتُشكّل عبئًا مضاعفًا على الفلسطينيّ بجانب ظروف الحياة ونهجها العصيب الذي يواجهه بشكلٍ يوميّ، منها وصوله إلى مكان عمله بسبب الحواجز، وتقييد حرّيّة الحركة. وأضافت د. كفري أنّ هذا السياق يؤدّي إلى إحساس أنّنا، كتربويّين، دائمًا تحت المجهر، فهناك مسؤوليّة تنشئة الجيل القادم، ومسؤوليّة في هذا المفصل التاريخيّ، متوازية مع إحساس أنّنا فِعلًا وحدنا من دون سند أو مساعدة.   وأضاف أ. صبّاح أنّ كلّ هذا التشويه للعمليّة التعليميّة جزء من الإبادة. فعلى سبيل المثال، بدأت الإبادة التعليميّة في القدس عندما أُغلق مكتب التربية هُناك، ومع تغيير النصوص في المناهج الفلسطينيّة المُقرّرة، وهو كان بمثابة إطار ممنهج لتدمير النظام التعليميّ في فلسطين. أمّا بالنسبة إلى الضغوطات أمام التربويّ، فتبدأ من الأمان الشخصيّ، ومن الانتقال من مدينة إلى مدينة، والاعتقالات المستمرّة على الحواجز، وفي غزّة النزوح المستمرّ من مكان إلى مكان، وهو عكس الاستقرار، لذا فإنّ الأزمات النفسيّة الاجتماعيّة المتلاحقة تجعل الحياة أصعب وأكثر تعقيدًا، وشدّة الأحداث المتلاحقة تجعل التربويّ خاضعًا لضغوطات لنفسيّة لا تترك جانبًا من حياته إلّا وتؤثّر فيه تأثيرًا سلبيًّا، وهُنا، من الضروري الانتباه إلى صحّة التربويّين النفسيّة، في خضمّ رعب وتحدّيات كبيرة جدًّا، قد لا يملكون معرفةً وأدوات للتعامل معها، إلى جانب الفوضى التي ترافق حالة الحرب.   ما الهدف من مناقشة الإبادة التعليميّة في ظلّ إبادة جمعيّة؟ تحدّثت أ. أبو موسى حول أن التعليم في فلسطين بشكلٍ عامّ، يواجه ضربات متلاحقة، وفي غزّة تحديدًا، إذ لم يُترك شيء إلّا وأُبيد، وخصوصًا التعليم؛ فغير قصف المدارس، استهدفوا المعلّمين والمعلّمات، واغتالوهم، واعتقلوهم، ونكّلوا بهم. وتُشير الإحصاءات إلى أنّ 80% من مدارس غزّة نُسفت، وبقي 20% منها تُستخدم مراكز إيواء، وحُطّمت مصادر التعلّم في المدارس بطريقةٍ مُمنهجة ووحشيّة. وأشارت إلى أنّ التعليم في فلسطين مركّبًا أساسًا للهويّة الفلسطينيّة والوجود الفلسطينيّ، وبالتالي فإنّ استهداف الاحتلال لبُنى التعليم يُقرأ ضمن هذا المؤدّى. وشاركتنا أ. أبو موسى هذا السؤال الذي يتكرّر منذ فترة، هل تموت المدارس في غزّة كما يموت الناس؟ وطبعًا من الضروريّ نقاش الإبادة التعليميّة، لرصد المبادرات التي تمثّل صمود الشعب الفلسطينيّ، وأيضًا فهم التغيّرات الصعبة فِعلًا التي تجري مع طلبتنا، ومساعدتهم على حلّها، وشاركت أنّها خلال مبادرة تعليميّة تقوم بها، تلاحظ زيادة نسبة الإعاقة عند الطلبة، فالتعليم فِعل حياة، وفِعل صمود كذلك، وعلينا أن نستمرّ، والتاريخ الفلسطينيّ مليء بتجارب صعبة، إلّا أنّها جميعها شهدت عدم توقّف التعليم.   داخل أ. عاشور أنّ السؤال يقع في إطار أنّ الإنسان أغلى ما نملك، وهو ما يجب أن نُعلّمه لأطفالنا ونعزّزه عندهم. وفي الوقت نفسه، بعد وجود الإنسان، تأتي أهمّيّة وجوده بكرامة. ومن المهم أنّ أيّ فكرة نتحدّث عنها اليوم، عليها أن توظّف بفعل نقوم به لوقف الإبادة الشاملة. ومن المهم فهم أن ما يُقام بهِ جزء من كلّ وعليه أن يستمرّ، لا دور ينتهي، خصوصًا في ظلّ عشرة أشهر من إبادة شاملة بعدنا فيها عن حياتنا بكلّ تفاصيلها. وتحدّث أ. عاشور أنّ من نتائج الإبادة ضرورة إعادة صياغة مفاهيم كثيرة وإعادة التفكير فيها، كمفهوم الصمود مثلًا، وهو جميل كـ"كليشيه"، وقد وظّف المجتمع الفلسطينيّ هذا المصطلح لحماية نفسه. أمّا عن نزوحات كثيرة من مكان إلى آخر، أسبوعًا بعد أسبوع، هل لم تؤثّر في رغبتنا في الحياة؟ ولم تخلق لدينا أفكارًا تُعيد النظر في كلّ شيء؟ وأشار أ. عاشور إلى اقتباس من كارل ماركس هو: "الفقر لا يصنع ثورة، وإنّما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة"، ومن المهمّ أن يكون لدينا وعي في هذه اللحظة التي نعيشها، من دون قوالب جاهزة. بل من المهم التفكير بمفاهيم جديدة، فأنا أعيش اليوم في خيمة، وأرى كيف تظهر القيم التي كنّا ننظر ونعمل جاهدين لتعزيزها في المجتمع الفلسطينيّ، كمفهوم اللُّحمة المُجتمعيّة والنسيج المجتمعيّ الفلسطينيّ القويّ، فأهل غزّة فتحوا بيوتهم وخيمهم لبعضهم، وأنا عشتُ هذا الترابط، واكتشفتُ بأنّ شعبنا يسبقنا بأميال، ولولا قدرة الشعب الفلسطينيّ على التماسك لفنى. وشارك أ. عاشور أنّ المبادرات التعلّميّة التي تحدث في غزّة تعزّز التعلّم لا التعليم، وهي مبادرات تُعزّز التعلّم عبر الحياة، والتعلّم خارج المدرسة، بُنيت أفكارنا ومعتقداتنا سابقًا على التعلّم المُجتمعيّ وكنّا نتخيّله، بينما نحنُ اليوم نعايشه بكلّ تفاصيله، ونرى كيف يحدث. وعلى الرغم من الإبادة، سأستخدم جُملة من زميلي أ. الريماوي وهي "المستقبل يُبنى على الفُرص"، ونحنُ من المهم أن نلحظ أن الفرص الموجودة، منها إعادة بناء شكل المدرسة في ظلّ تهدّم كلّ شيء، خصوصًا في ظلّ محاولات مُختلفة لإعادة تشكيل كلّ شيء. أعتقد أنّ علينا التفكير جيّدًا بالتعليم الذي نريده، لا الذي يحدث منذ سنوات.   ما الأنساق التربويّة التي تغيّرت في توجّهات المعلّمين في ظلّ مُمارسة التعليم في ظروف كارثيّة؟ وداخل أ. الريماوي أنّ مشروع الإبادة بحاجة إلى قراءة عميقة: دُمّرت البيوت ودُفع الناس إلى المدرسة كمكان، بالتالي المدرسة لم تحو الناس فقط، إنّما أيضًا مشاعر الخوف والقلق والفقدان. وهُنا الإبادة أبعدت الطلبة عن التعلّم والتعليم بشكله في المدرسة، ووضعتهم في المدرسة، وخلقت بينهم وبين هذه المدرسة فجوةً هائلةً. والحقيقة أنّ هذه الفجوة موجودة في الضفّة الغربيّة كذلك، وتُعزّز من قِبل الاحتلال عبر مُحاصرة المعلّم، وتهديده بلقمة عيشه وحركته. وأشار إلى أنّ التعليم كفعل يُصبح هُنا ضمن إطار المقاومة، إذ انطلق المعلّمون بمبادرات لحفظ الوجود الفلسطينيّ، وتُمكن قراءة بعض المحاولات التي تستعيد شكل المدرسة في الخيمة، مثلًا، على أنّها مقاومة ورفض للواقع المُعاش. واليوم تقوم مؤسّسات وأفراد بوعي كامل، بالعمل مع الأطفال لتقديم الدعم النفسيّ والاجتماعيّ، ولكنّها في الوقت نفسه، تعمل من أجل الحِفاظ على الوجود والنسيج بأبعاده الاجتماعيّة والمعرفيّة والثقافيّة. بدأت أ. أبو موسى حديثها بالإشارة إلى أنّ عُمر الطالب في غزّة يُقاس بعدد الحروب التي عايشها، إلّا أنّ هذه الحرب كثّفت الألم، والمعلّم الفلسطينيّ وجد نفسه أمام دور كبير عليه أن يقوم به. وشاركتنا مبادرتها الإلكترونيّة مع طالباتها في المدرسة، مع أنّ الإنترنت كان ضعيفًا جدًّا، ولكن كان الهدف البقاء على تواصل على الأقلّ معهنّ. ومن ثمّ سنحت الفُرصة للقائهنّ، ولكنّني انتبهت إلى دوري الذي تغيّر في خضمّ الحرب؛ فدوري صار أن أهوّن عليهنّ، وأهتمّ بصحّتهنّ النفسيّة والجسديّة. ووجدتُ أنّ الطلّاب يفتقدون التعليم، ووجدتُ عندهم حماسًا أعلى من حماس العودة إلى المدارس، وصدق هذا الافتقاد يجعلهم يقبلون على المبادرات التعليميّة، والإنصات جيّدًا، خصوصًا في ظلّ مجموعة متنوّعة من الطلبة، فلا أستخدم المنهاج مثلًا، بل أُعرّج على معارف مختلفة هُم مهتمّون بها.   وتحدّث أ. عاشور على اختلاف الأنساق التربويّة، لأنّ التعليم بات تعليمًا مرتبطًا بالحياة. مثلًا، يستخدم الأطفال الرياضيّات كثيرًا، لديهم مسؤوليّة كبيرة وعليهم القيام بحسابات دقيقة أحيانًا، وأيضًا الأشكال الهندسيّة وكيف علينا التفكير فيها من أجل أن تتّسع. فمن مكانٍ مؤلم، والألم يولّد الإبداع، أصبحت معارف أطفالنا أكثر ارتباطًا بالحياة، ونأمل أنّ هذا الطفل هو من سيحمل التغيير الحقيقيّ. وأعتقد أنّنا يجب ألّا نفكّر بالشكل التقليديّ للمدرسة كفعل مقاومة وبالتالي نُعزّزه. ومع احترامي لكلّ شيء موجود، لكنّنا أمام فُرصة حقيقيّة للتغيير من أجل تعلّم حقيقيّ؛ فمثلًا، ليسَ من داعٍ للطابور الصباحيّ، فقد كان الطالب في طابور ماء لأيّام، بينما علينا، ومن البداية، أن نتحدّث مع أطفالنا حول أنّ الخيمة ليست هي الظرف الطبيعيّ للحياة والتعليم، وبالتالي علينا رفض هذا الواقع. وشارك أ. عاشور سؤالًا يحملُه "كيف بقيت الخيمة رمزًا واقعيًّا مُرافقًا للشعب الفلسطينيّ؟" وأشار إلى أنّنا تساهلنا مع وجود هذه الخيمة في المنطقة العربيّة، وكانت خطًأ كبيرًا المُهادنة مع هذا الواقع، بينما كان الأجدى أن يكون درسًا عربيًّا أنّ هذا مؤقّت وعليه ألّا يستمرّ، وأنّ الصورة التي تُنقل يجب ألّا تتحوّل مصدرًا للتمويل. ومن هُنا، إنّ الأنساق يُعاد تشكيلها وتركيبها، ولكنّنا علينا التفكير بالمضمون والمحتوى أكثر من الشّكل، خصوصًا أنّها فُرصة لإعادة التفكير بكلّ الأشياء.   ما المطلوب لدعم هذا "الصمود" من الفلسطينيّ؟ ومن غير الفلسطينيّ؟ لنرفض سرديّة الخيمة، ولئلّا نعتاد المشهد. تحدّثت د. كفري أنّ المطلوب من الفلسطينيّين دائمًا أن يضعوا إنسانيّتهم أمام هذا العالم، ذلك أنّ مفهوم الصمود عند الفلسطينيّ هو فِعل، ولكن عندما ينتقل إلى العالم الخارجيّ، يصبح الفلسطينيّ بطلًا خارقًا فيُجرّد من مشاعره. ومن هُنا، على أطفالنا، وأتّفق مع أحمد بهذه النقطة، أن يرفضوا الخيمة، وليسَ العاديّ أن يخاف التربويّ من نشر أفكاره، لأنّ هذا هو دور التربويّ. لذا، وبالدرجة الأولى، على الفلسطينيّ أن يُعزّز صموده بإنسانيّته، وبتذكير نفسه أنّ ما يمرّ فيه أكبر من قدرة الإنسان الطبيعيّ، وهو ليسَ طبيعيًّا. ومطلوب من الفلسطينيّ مزيد من الشجاعة لرفض ما يُمليه الغرب، وإعادة التفكير بهويّة المعلّم، وما الذي يحتاج إليه أطفالنا، في ظلّ السياق المُحدّد. أمّا المطلوب من غير الفلسطينيّين، فمن الواضح أنّ الأمر بات أكبر من مناهج لا تعجب الرجل الأبيض في الغرب، إنّما موضوع وجود، وهي نقطة تحوّل لا رجعة عنها في التاريخ، ولا يمكن من العالم أن يُعيدنا إليها بنقاشات سطحيّة حول المناهج، وتمويل مشاريع، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقًا.   استخدم أ. صبّاح جُملة استخدمها الاحتلال الإسرائيليّ هي أنّ "المشكلة مع الفلسطينيّين أنّهم ينتصرون في كلّ مرّة". ونعرف اليوم أنّ الحالة في غزّة لا يُمكن للعقل استيعابها، ولكنّ التعاطف والتضامن في هذه الظروف مهمّ، لكلّ وفقًا لإمكانيّاته وقدراته، وهناك كمّ هائل من الناس الحاضرين للتقديم، وكان لا بدّ من فعل في سياق ما جرى ويجري. ولذا، من الضروريّ الانتباه إلى أنّ المؤسّسات التربويّة بدأت العمل في 20 تشرين الأوّل/ أكتوبر في مراكز الإيواء، والتدخّلات التي حدثت كانت مهمّة في الظروف العصيبة جدًّا التي كانت تحدث وما زالت، وفهمت هذه المبادرات احتياجات الناس، خصوصًا في ظلّ آخر دراسات لها علاقة بالقلق والتوتّر والخوف والضغط النفسيّ، وعلاقتها المُباشرة مع التعليم. وأودّ الإشارة إلى أنّ غزّة كشفت الهياكل الاستعماريّة بشكلٍ واضح، ومن كافّة النواحي، وبالتالي نحنُ نواجه استعمارًا قويًّا، لذا، فإنّ الصمود مهمّ جدًّا، والرسائل الإيجابيّة التي تخرج من غزّة مهمّة جدًّا، نقوى بها، ولا يوجد أمامنا غير خيار واحد أمامنا هو المواجهة. وتحدّث أ. صبّاح عن الإبادة الثقافيّة التي تحدث أيضًا في الضفّة الغربيّة، فيصبح التعليم أداةً لمقاومة الاستعمار، وأداةً للتحرّر وللوعي ولعدم كيّ الوعي، ولمقاومة الإحباط والاكتئاب أيضًا.   الحرب ستتوقّف، فماذا نتوقّع على مستويّين: كيف نُعيد عجلة التعليم في قطاع غزّة؟ وماذا يجب أن نُعلّم؟ داخل أ. الريماوي أنّ جولة الحرب ستستمرّ، فهي معركة شعب وإنسانيّة، فجزء من هذه الحرب هو لخلق واقع أفضل. وتحدّث عن ضرورة أن نُعلّم الأطفال رفض الحرب وآلية ذلك. إذًا، نحنُ بحاجة إلى عمليّة تعلّم دائمة، منبثقة من حاجة الوجود الفلسطينيّ كمجتمع حرّ، وهُنا ينتقل التعليم من أداة تحرّر إلى مشروع تحرّر، ولا يُمكن تحقيق مشروع وطني من دون عمليّة تعلّم في داخله. وشارك أنّ مبادرات المعلّمات والمعلّمين في غزّة والضفّة تُقدّم نماذج تؤكّد على أنّ الإرادة موجودة لاستكمال المشروع الوطنيّ التحرّريّ، ومن هُنا علينا أن نُعرّف التعليم الذي نريده، وعلى أي أرضيّة نريد بناءه؛ إنسانيّة أم تحرّريّة؟ وعلينا أن نُعيد تعريف الإنسان الذي سيبنيه، مُستفيدين من الإرث الفلسطينيّ والعربيّ التربويّ، وتطوير أفضل النماذج والتجارب والمُمارسات. أوضح أنّ هذا الأمر لا يعفي العالم من مسؤوليّته في إعمار غزّة والتعليم، وحتّى لا تُمسك المؤسّسات زمام الأمور، دعا أ. الريماوي المجتمع الفلسطينيّ إلى تشكيل قوى ومواقع وأدوات تحمي التعليم الفلسطينيّ كجزء من حماية الوجود الفلسطينيّ، للدفاع عن التعليم الفلسطينيّ ونوعيّته، من معلّمين وطلّاب وأهالي، فهو في خطر حقيقيّ لن يتوقّف مع توقّف الحرب. وتحدّث حول أهمّيّة الاستثمار في مبادرات التعليم في غزّة، لاستلهام حالة شعبيّة مُجتمعيّة للدفاع عن التعليم، "محميّات مُجتمعيّة لحماية التعليم الفلسطينيّ"، في كلّ محافظة وكلّ قرية، للانتباه إلى الدور المهمّ في حماية التعليم.   شاركت أ. أبو موسى فكرة أنّ المعلّم سيستعيد دوره بعد الحرب، دوره المهمّ في نشر الوعي حول التعليم، والتأكيد على حقوق الطفل في التعليم والعلاج والحياة الكريمة. ولكنّني أودّ الإشارة إلى أنّ المعلّم إنسان أيضًا، فهو بحاجة إلى تدريبات ودعم نفسيّ انفعاليّ، لتزويدهم بأدوات حول كيفيّة مواجهة الضغوط والتحدّيات. ومن المفترض أن نبدأ بالتعليم غير الرسميّ، أن يرتجل المعلّم وفاقًا للبيئة والسياق الذي يتواجد فيه، ولاحقًا نعودُ إلى التعليم الرسميّ، فتكون الصورة قد تمّ التفكير فيها، إضافةً إلى المناهج والتعليم ككلّ، وعلينا أن ننتبه في حينه للفاقد التعليميّ، وذلك باختيار موضوعات تعلّميّة مرتبطة من أجل تعزيز تعلّم الطالب، وهذا لن يتحقّق من دون تكامل المُجتمع التعليميّ، بدءًا بالعائلة.   كيف سنسعى كتربويّين للدفع باتّجاه إنهاء هذه الإبادة الوحشيّة والتأكيد على مركزيّة هذا الهدف؟ شارك أ. عاشور فكرة أنّ التربويّين جزء من كلّ، وعلى سبيل المثال، دور منهجيّات دور مهمّ، وهذه الندوة التي يجب استثمارها من أجل أن تكون خطوة لإنهاء الإبادة، وهذه فكرة أودّ التأكيد عليها، أنّ كلّ خطوة عليها أن تُراكم من أجل إنهاء الإبادة وإنهاء الاحتلال. وللوصول إلى هذه الفكرة، من المهمّ أن نُنشئ جيلًا نقديًّا بالتعاون مع معلّمه يُفكّك واقعه ويُعيد فهمه وإنتاجه، وهذا دور محوريّ ارتباطًا بأحد أهداف الحرب المتمثّل بإعادة إنتاج الوعي، باتّجاه أجندات يسعى لها الاحتلال منذ سنوات. وسلّط أ. عاشور الضوء على أنّنا يجب أن نكون جزءًا من نقاش واقعنا ومصيرنا، خصوصًا في ظلّ تنوّع خطابات مُختلفة بعضها غير مرتبط بالواقع. وأشار إلى أنّ المبادرات التي نتغنّى بها اليوم، أصبحت توجّه ويتمّ تبنّيها من قِبل مؤسّسات أجنبيّة، وأرى من المهم أن نُشارك كفلسطينيّين في كلّ تفاصيل التعليم في المجتمع الفلسطينيّ، وهذا قلق أشاركه مع زملائي ومع المبادرين للانتباه إلى أن يكون السؤال وطنيّ فلسطينيّ دائمًا، كأفراد ومؤسّسات وكجهات رسميّة، كما شارك قلق أنّ الفجوة بيننا كفلسطينيّين تزداد، وأن تصبح الخطط غير قابلة للتطبيق في زمن علينا أن نتساءل فيه عن الأدوات والمفاهيم. وتحدّث أ. عاشور عن دراسة أجرتها منظّمة "إنقاذ الأطفال" سنة 2022، نتائجها أنّ كلّ 4 من 5 أطفال في قطاع غزّة يشعرون بالإحباط والحزن وانعدام الأمل، وطفل من كلّ 5 أطفال يفكّر بالانتحار. وإن كانت هذه الحقائق كلّها غير كفيلة بصحوة وصياغة لوعي جديد، ومبني من أسفل، فلن يكون القادم أجمل بكثير من ماضي غزّة المُحاصر منذ 17 سنة.   وداخلت د. كفري أنّ الفجوة تزداد في ظلّ غياب رؤية واضحة إلى الأطفال في غزّة، وأودّ أن أقدّم مثالًا حول امتحان الثانويّة العامّة، والذي عُقد في الضفّة الغربيّة، وعُقد للفلسطينيّين خارج البلاد، بينما لم يُقدّم ويُطرح كيفيّة علينا مُساعدة طلبتنا في غزّة، خصوصًا في وقت يحتاج فيه الطالب إلى أمل، في حال استطاع أن يخرج من غزّة، بأن يجد جامعة تقبل به. والحقيقة أنا أخاف من المبادرات التي لا تُمفهم الواقع، ولا يُفكّر فيها بشكلٍ كافٍ، وعلينا أن نتذكّر أنّنا شعب واحد، وأنّ هذه الفجوة، بغضّ النظر عن ظروفها، موجودة، وعلينا جسرها اليوم.   شارك أ. صبّاح أنّ شمال الضفّة الغربيّة اليوم يعيش ظروفًا صعبة، وكلّ مبادرة وكلّ فِعل مهمّان جدًّا للناس، لأنّهما يكسران حاجز الخوف. المُبادرات التعليميّة في هذا السياق تكسر الخوف، وتيسّر التعامل مع التحدّيات المُختلفة، في ظلّ رغبة الطلّاب الهائلة في استكمال تعليمهم. أمّا ما بعد الحرب، فالوزارات تُجهّز اليوم خيمًا وغُرفًا للتعليم، بينما علينا الانتباه إلى أنّنا بحاجة إلى منهجيّة جديدة في التدريس. وأشارَ إلى أنّ الناس في الضفّة الغربيّة أوضاعها صعبة جدًّا، وبحاجة إلى أمل، وفِعل صمود يُخرج الناس إلى العمل والفعل.   كلمة أخيرة شاركت أ. أبو موسى أنّ مُبادرتي تقوم على الأمل، وأستمدّ قوّتي من طالباتي اللواتي يأتين بأمل التعلّم. وأنا متفائلة، وأتطلّع إلى نهاية الحرب وعودة التعليم. وأشار أ. عاشور أنّه على الرغم من كلّ شيء، ومن المحاولة اليوميّة للنجاة، إلّا أنّ العمل مع النّاس دائمًا يُعيد شحننا بطاقةٍ إيجابيّة نحتاج إليها للمُضيّ قُدمًا. وتحدّثت د. كفري عن أهمّيّة أن نملك الجُرأة والشجاعة لنسأل أسئلة صعبة، ولبناء حواريّات شفّافة وصادقة، تقوم على رفض الواقع والماضي، والنظر إلى المستقبل كنقطة تحوّل لكلّ القضايا. أمّا أ. الريماوي فقال "التعليم ضدّ الإبادة يعني تعليمًا لأجل الحياة من أجل الحفاظ على الوعي الوطنيّ بالطموح والأمل". وأضاف أنّ بعد الحرب ستكون هناك معركة على التعليم، كما على الوجود، وعلينا أن نمنع أن يتحوّل ما حدث إلى هزيمة في الوعي وفي التعليم، وهذا يحتاج إلى وعي جمعيّ ومشاركة مجتمعيّة في إعادة بناء التعليم والحياة والوعي. وأمّا أ. صبّاح فختم حديثه باقتباس من أحد المُشاركين هو "إن لم نشعر بالمدرسة فهذا مُمكن، ولكن علينا أن نُدركها ولو على جدار خيمة". واختتمت د. الوائلي ندوة الأمل والوعي ومقاومة الإبادة التعليميّة، ونوّهت إلى أنّ سلسلة ندوات "علّمتنا غزّة" ستتوّج بملفّ حول التعليم التحرّريّ، ودعت المُشاركين والجمهور إلى المُشاركة في عدد منهجيّات القادم.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

نحن المدرسة، وبلا محايثة
تقرع المدرسة أبوابنا، وهكذا يكون دورها الطبيعيّ والطليعيّ المفروض في فلسطين؛ باب النسيان والتلاشي الأبتثيّ المفعول سياسيًّا. إنّ تجزئة ال... تابع القراءة
القيادة المدرسيّة: إدارة دفّة التغيير
يملك أيّ قائد أو مدير تجربة مع التغيير، ويعرف بعض العناصر التي أسهمت في نجاح التغيير الذي أحدثه في المؤسّسة ذات مرّة. كما يعرف المعوّقات ... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

مرسال حطيط- أستاذة في التعليم الثانويّ الرسميّ- لبنان

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ تتعدّد الاستراتيجيّات والطرائق المُعتمدة في التعليم، ولا سيّما مع التطوّر التقنيّ الذي نشهده اليوم في ظلّ عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ. ومن هذه الاستراتيجيّات الملائمة للتعلّم النشط نستعرض ما يلي: استراتيجيّة التعلّم التعاونيّ أو المجموعات؛ استراتيجيّة لعب الأدوار؛ استراتيجيّة حلّ المشكلات؛ استراتيجيّة العصف الذهنيّ؛ استراتيجيّة الصفّ المعكوس، وغيرها من الاستراتيجيّات التي تخلقُ حيويّة داخل الغرفة الصفيّة، وتعزّز مهارات التفكير والإبداع والابتكار لدى الطلبة، كما تزيد من دافعيّتهم للتعلّم، وتزوّدهم بأساليب البحث والتقصيّ وحلّ المشكلات. ومن أكثر الاستراتيجيّات فعاليّة من حيث تجاوب الطلبة، وبعد استخدام العديد منها في الصفّ، استراتيجيّة التعلّم التعاونيّ أو المجموعات، ويعود ذلك إلى عدّة اعتبارات، ومنها: - مشاركة جميع الطلبة من خلال تقسيم الصفّ إلى مجموعات متكافئة. - تنظيم العمل داخل المجموعة، بحيث يقوم كلّ طالب بالمهمّة المطلوبة منه. - اكتساب الطلبة مهارات التواصل والإصغاء، وتبادل المعلومات والمعارف، ومهارات التقديم والعرض. - تنوّع الإنتاج المعرفيّ والمهاراتيّ، وحتّى السلوكيّ. كما تعمل على خلق مساحات واسعة من التفكير القائم على تبادل الآراء بين أعضاء المجموعة. واعتمدت هذه الاستراتيجيّة مرارًا لتعزيزها التفاعل لدى الطلبة، ولا سيّما في مخرجات الدرس وإنتاج المعرفة. وأثمرت في جعل التعلّم أكثر فائدة، ومتعة داخل الغرفة الصفّيّة، وتحديدًا في إغناء قدرة الطلبة على تبادل المعلومات واكتشافها من قبلهم.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يجب أن نسعى لتحقيق التوازن بين التقنيّة والإنسانيّة. وعليه، علينا أن نستخدم التكنولوجيا لتحقيق التقدّم ولتسهيل حياتنا. وفي الوقت نفسه، نحافظ على القيم الإنسانيّة والتواصل الحقيقيّ. يمكننا ذلك من خلال تعزيز التعليم والوعي حول كيفيّة الاستخدام السليم للتكنولوجيا، وتشجيع الابتكارات، ولا سيّما كيفيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتنفيذ المشاريع العلميّة من جهة، أو لاستخدامه في التطبيقات العمليّة داخل الصفّ. وهذا ما يضعنا أمام مسؤوليّة كبيرة ويحتّم علينا كمعلّمين، وضع برامج توجيهيّة وتربويّة حول كيفية استخدام هذه التقنيّات، مع التركيز على مراعاة الجوانب والقيم الإنسانيّة المُعزِّزة للتواصل بين الطلّاب داخل الصّف وخارجه. يجب أن تكون التكنولوجيا وسيلة لتحسين جودة التعليم وتعزيز الرفاه المدرسيّ، لا بديلًا عن المعلّم أو وسيلةً للهو لدى الطلّاب.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ لطالما اعتبرت مهنة التعليم مهنة إنسانيّة، تهدف إلى بناء الإنسان وتطوير المجتمع. ومثل الكثير من المعلّمين، اعتقدتُ أنَّ من واجبي العمل على إدارة العمليّة التعليميّة - التعلّميّة، وكلّ ما يرتبط بها من دون الأخذ بأهمّيّة المتعلّم شريكًا في تلك العمليّة، والمحور الرئيس فيها. لذا، كنت أشرحُ الدرس بشكل تلقينيّ، وأطلب من الطلّاب إعادة الأهداف بعد كتابتها من قبلي على السبورة. وبعد عدّة سنوات، وجدت نفسي أكرّر الأمر برتابة والطلّاب يستمعون من غير أيّ حماسِ أو تفاعل. واكتشفت بعد تلك السنوات والتجارب، أنَّ العمليّة التعليميّة - التعلّميّة تحتاج إلى تفاعل بين المعلّم والمتعلّم، وهذا ما دفعني إلى تطوير مهاراتي من خلال الدورات التدريبيّة، والاطّلاع على استراتيجيّات التعليم الحديثة، والتي تعتبر المتعلّم محورًا للعملية التعلّميّة، وركيزة أساسيّة في التعليم، معتمدة طرائق حديثة محفزّة للطلبة. تعمل هذه الطرائق على تطوير مهاراتهم الشخصيّة والفكريّة والسلوكيّة، عبر تصميم أنشطة لا صفّيّة وتنفيذها، تلك التي تعزّز دافعيّتهم إلى التعلّم، ليس فقط من خلال الكتب المدرسيّة، بل أيضًا من خلال التجارب الشخصيّة، واكتساب المهارات اللازمة للحياة.   افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ أهمّ الموضوعات المقترحة لتطوير مهارات المعلّمين التعليميّة يمكن أن تتضمّن ما يلي: - الطرائق الحديثة التي تعتمد استراتيجيّات محفّزة، كالتعليم القائم على البحث والاستكشاف وحلّ المشكلات، واتّخاذ القرارات. - البرامج التقنيّة الحديثة، منها: إعداد الأفلام الوثائقيّة؛ تقنيّة المؤثّرات الصوتيّة والمرئيّة؛ كيفيّة استخدام المنصّات الإلكترونيّة. - كيفيّة إعداد الدروس الرقميّة والكتاب الرقميّ. - التعلّم المتمايز وكيفيّة التخطيط الجيّد، لإعداد الدروس المُراعية لاهتمامات الطلّاب وميولهم وقدراتهم. - برامج تمكين قدرات المعلّمين المهنيّة والنفسيّة والتربويّة، بهدف متابعة تطوّر مستوى الطلّاب الأكاديميّ والمهاراتيّ. - التدريب على أساليب التقييم المستمرّ، والتقويم العام لمخرجات التعلّم.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ لقد مرّ العالم، كما العالم العربيّ، بأزمات عديدة انعكست على أوضاعه بشكلِ عام، ولا سيّما أزمة وباء كورونا، والتي وضعتنا أمام تحدّيات كبيرة. وقد عانى القطاع التعليميّ كما باقي القطاعات، صعوبات جمّة، وأكثرها تعقيدًا تجلّى في التعليم "من بعد"، والذي وضع المؤسّسات التعليميّة أمام تحدّيات جديدة لمواجهة هذه الأزمة، فتسارعت المؤسّسات ولا سيّما الخاصّة منها، إلى وضع برامج وإنشاء شبكات ومنصّات تعليميّة إلكترونيّة، تقوم على تبادل المعارف والتقنيّات من خلال التشبيك والتواصل الالكترونيّ. وهذا ما حتّم على المؤسّسات التربويّة مدّ الجسور لتشبيك العلاقات سواء على الصعيد الداخليّ، أم الإقليميّ، بالإضافة إلى محاولات التشبيك مع مؤسّسات خارجيّة، خصوصًا مع افتقاد الكثير منها إلى برامج وتقنيّات حديثة. كما استحدثت برامج لتدريب المعلّمين وتمكينهم، وتطوير مهاراتهم. وهذا ما دفع العديد من الوزارات والمؤسّسات التربويّة للعمل على إعداد منصّات تعليميّة بهدف تأمين موارد تعليميّة للمعلّمين من جهة، وللمتعلّمين من جهة مقابلة. وضمن هذا الإطار يمكن العمل على إنشاء منصّة عربيّة مشتركة تهدف إلى بناء شبكة من الموارد التعليميّة تحت مسمّى"مواردي"، حيث يتّم من خلالها تبادل المعلومات والموارد، والندوات العلميّة، والدورات التدريبيّة بهدف تطوير المبادرات الفرديّة والمؤسساتيّة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ تعتبر العلاقة بين الأسرة والمدرسة، علاقة تكامليّة تبادليّة، وتُبنى على قدرِ من الاحترام والتعاون لما فيه من مصلحة لأبنائهم، ولحسن سير العمليّة التربويّة في المدرسة، بهدف تطوير أدائهم وسلوكيّاتهم، وتعزيز قدراتهم الشخصيّة، ومعارفهم الأكاديميّة، ومهاراتهم الحياتيّة. ولتحقيق هذه الأهداف نعمل على: - إقامة شبكة مدرسيّة مع أولياء الأمور، تهدف إلى التواصل الدائم معهم، وذلك للحصول على معلومات تتعلّق بتحصيل الطلبة، وسلوكيّاتهم، وميولهم، وأدائهم الدراسيّ. - عقد لقاءات " اليوم المفتوح"، والذي يُخصّص للتداول في شؤون الطلبة التربويّة والسلوكيّة. - تبادل الآراء حول الدعم المنزليّ، والذي يقدّمه الأهل إلى أبنائهم في أداء الواجبات المدرسيّة، ومتابعتهم اليوميّة، وإرشادهم إلى الطرق والاستراتيجيّات التي تمكّنهم من استخدامها لتعليم الأبناء. - بناء علاقة تشاركيّة قائمة على الاحترام المتبادل بين الفريقين، تقوم على تبادل المعلومات حول أساليب التربية والتنشئة الإيجابيّة، وتقديم النصح والوعي بأهمّيّة التعليم، والقيم الأخلاقيّة. - تشجيع أولياء الأمور على تطوير قدراتهم التقنيّة لمواكبة أبنائهم، ولتأمين الحماية والرقابة والأمان لهم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ تعتبر مهنة التعليم من المهن التي تتطلّب الكثير من العمل والجهد والتطوير، وهذا ما يدفعنا كمعلّمين إلى تنظيم حياتنا بشكل يتكيّف مع ما تسلتزمه من أمور قد تفوق قدرتنا الجسديّة والنفسيّة، وتحديدًا في ظلّ التطوّرات العلميّة المستمرّة من جهةٍ، والأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة من جهةٍ أُخرى. لذا، على المعلّم أن يوازن بين حياته العمليّة وحياته الشخصيّة من خلال القيام بأنشطة رياضيّة، ورحلات مدرسيّة، وبحضور لقاءات ثقافيّة، والعمل على تنظيم وقته داخل المدرسة، واستغلال حصص الفراغ للقيام بأعمال التصحيح أو التحضير والتنسيق، وذلك بهدف كسب المزيد من الوقت لحياته الشخصيّة والعائليّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ تساعد عمليّة ترتيب الأولويّات على التركيز على المهام الأهمّ لإنجازها، بحيث نضعُ في اهتماماتنا ترتيب المهام بحسب أهمّيتها. وفي ضوء ذلك، نصنّفُ المهام إلى مستويات من حيث الأهمّيّة ما بين عالية، متوسّطة، منخفضة. وبهذا تندرج المهام من الأكثر إلى الأقلّ أهمّيّة، بالإضافة إلى جدولتها إلى فترات زمنيّة، وتنفيذ كلِ مهمّة بحسب ترتيبها دونما تأجيل إحداها.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم مهنة إنسانيّة بكلّ ما في الكلمة من معنى، وتتنوّع فيها المواقف الإيجابيّة والسلبيّة. ومن أكثر الجوانب الإيجابيّة لمهنة التعليم التي اكتسبتها خلال خبرتي الطويلة، وتركت لدّي أثرًا ايجابيًّا ألخّصها في اكتساب المرونة وفنّ التواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى تقبّل الاختلاف واحترام الرأي الآخر. أمّا الأثر السلبيّ، والذي حملته معي بعد مسار طويل من أعمال التحضير والتدريس والتصحيح، هو إصابتي بضعف النظر نتيجة الإجهاد المتواصل.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ نتعرّض خلال حياتنا العمليّة إلى الكثير من المواقف الطريفة، كوننا نتعامل مع فئات مختلفة من المجتمع، أهالي، وطلّاب، وزملاء. ومن الطبيعي أن تختلط علينا الأمور في بعض الأحيان، ومن المواقف الطريفة التي حدثت معي وما زالت منطبعة في ذاكرتي، ذلك عندما كنت اتفقّد الطلّاب وكنت حينها ناظرة طابق، لفتني شاب خارج الصّف عند قرع الجرس للحصّة التالية، فتوجّهت إليه وصرخت به: "ماذا تفعل خارج الصّف، أُدخل بسرعة قبل أن يحضر المعلّم وإلّا سأرسلك إلى الناظر العامّ". تبسّم الشاب وأجابني بهدوء: "أنا الأستاذ إبراهيم يا حضرة الناظرة". ومن المضحك أنّني وبختّه مرّة ثانية، وللأمر نفسه بعد عدّة أسابيع، وأصبح في كل مرّة عندما يحضر يمرّ على النظارة ويلقي التحيّة ويقول: "لقد حضرت أنا الأستاذ إبراهيم".  

محمّد لخضر حرز الله- أستاذ التعليم الثانويّ وأستاذ مشارك بالجامعة- الجزائر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ في الحقيقة، التعليم عمليّة حيويّة وتفاعليّة تتطلّب من الأستاذ أن يكون متمكّنًا من العديد من المداخل والاستراتيجيّات التعليميّة، وأن ينوّع توظيفها خلال المواقف التعليميّة المختلفة. من بين هذه الاستراتيجيّات، نجد "التعليم البنائيّ" الذي يرتكز إلى بناء المهارات الحياتيّة ودمج المعارف مع التجارب الميدانيّة، عبر إسقاطها على واقع الحياة، ما يمكّن المتعلّم من حلّ المشكلات والتفكير بإيجابيّة، فضلًا عن امتلاكه القدرة على التحليل والتركيب والاستنباط. ومن المقاربات التعليميّة الهادفة، نجد "العصف الذهنيّ" الذي يتيح للمتعلّمين مساحة للتفكير حول محور معيّن أو مشكلة ما، من خلال استثارات ذهنيّة تحفّزهم على استحضار الأفكار والمعارف السابقة. ومن الطرق المفيدة في هذا السياق، العمل في شكل مجموعات، وهو أسلوب إيجابيّ وملهم للعديد من المتعلّمين، مع ضرورة ضبطه تنظيميًّا من قبل الأستاذ.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ تعتبر التكنولوجيا رافدًا أساسيًّا في العمليّة التعليميّة، لكنّها لا يمكن أن تحلّ محلّ الدور التعليميّ والتربويّ والنفسيّ للأستاذ. تُسهم التكنولوجيا في توضيح العديد من المفاهيم التجريديّة، خصوصًا في مجالات العلوم الطبيعيّة والتكنولوجيا والكهرباء والهندسة المدنيّة. كما تُساعد في خلق الدافعيّة نحو التعلّم وتجاوز السآمة والروتين القاتلين في العمليّة التعليميّة. ومع ذلك، تظلّ المهارات التعليميّة للأستاذ المحور الرئيس في إدارة العمليّة التعليميّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ من بين الأخطاء التي اكتشفتها، كان الإطناب في الشرح واستخدام لغة أدبيّة معقّدة، ما أدّى إلى التوسّع في شرح المفاهيم وعدم التحكّم في الحيّز الزمنيّ للحصّة. هذا الأمر كان يسبّب إرهاقًا للمتعلّم، ويُغرقهُ بكمٍّ معرفيّ كبير. بعد فترة، أدركت أنّ السبيل الأفضل للتعليم هو الدّقة والاختصار، وتبسيط المفاهيم من خلال التحضير الجيّد والمسبق للدرس. يتعيّن أيضًا تنويع الأمثلة القريبة من ذهن المتعلّم، وإشراكه في بناء الدرس، مع انتقاء الأسئلة التي تستهدف الحصول على إجابات دقيقة، مع الإيجاز في الإملاء، تحت شعار: "نكتب قليلًا ونفهم كثيرًا".   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ من الموضوعات التي أعتبرها في غاية الأهمّيّة والأولويّة، تطوير مهارات المعلّمين في مجال البيداغوجيا بمختلف اختصاصاتها. فلا يمكن أن يصبح الشخص معلّمًا بمجرّد الحصول على التكوين الجامعيّ، مهما بلغت رُقيّ الدرجات العلميّة. إذ إنّ التكوين البيداغوجيّ المتخصّص هو الوحيد القادر على صقل المهارات التعليميّة، وإرساء الكفاءات المطلوبة في الأستاذ. ومن الاختصاصات الضروريّة في هذا المجال: تعليميّة الموادّ؛ علم النفس البيداغوجيّ؛ علم النفس المعرفيّ؛ التقويم والتقييم؛ الاتّصال التعليميّ؛ طرائق التدريس.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، لا بدّ من ذلك لتوسيع الاستشارات، وتكوين قاعدة بيانات واسعة ومتنوّعة من الخبرات والمهارات والتجارب من بيئات ثقافيّة واجتماعيّة متباينة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم ملتقيات حضوريّة وعبر الإنترنت، وتنظيم زيارات ميدانيّة، وإيجاد فضاءات للتلاقي والحوار والاستفادة البينيّة. مثال على ذلك هو التجربة الرائدة لمجلّة "منهجيات"، التي توفّر فضاء خصبًا للكتابة واستعراض التجارب الشخصيّة، وطرح مقاربات متنوّعة حول مناهج التعليم وتحدّياته المعاصرة. كما يجب تنظيم لقاءات دوريّة بين أساتذة ومعلّمين من مختلف أنحاء البلدان العربيّة، لمعالجة إشكالات ومحاور تصبّ في صميم القضايا التربويّة، والتباحث حول الآفاق المنظورة.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من خلال التواصل الدائم مع المؤسّسة التعليميّة، متابعة أبنائهم في علاقاتهم مع أساتذتهم وزملائهم ومع الإدارة. مع ضرورة التشارك والتعاون والتجاوب البنّاء والإيجابيّ مع المؤسّسة، في ما يخصّ متابعة تعلّم أبنائهم وسلوكهم داخل المؤسّسة، والتعاطي بشكل جدّيّ وإيجابيّ مع توجيهات الأساتذة والإدارة وملاحظاتهم، حتّى ولو كانت سلبيّة.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ من خلال تنويع النشاطات عبر ممارسة الرياضة والسفر والمداومة على القراءة والكتابة وتطوير المهارات.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ إتمام كل عمل في أجله وتجنب مراكمة الأعمال، لأنّ هذا يؤدّي إلى الارتجال والإخلال بجودة العمل، مع ضرورة التخطيط الجيّد للوقت وللمهام وتحديد الأولويات بدقّة، مع الحرص الدائم على تطوير المهارات الذاتيّة وتعلّم أساليب جديدة في إنجاز الأعمال، واستغلال التكنولوجيا الحديثة في تنمية الأداء الوظيفيّ والتعليميّ.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ: حبّ مساعدة الآخرين، والصبر على التربية والتعليم، والقدرة على فهم السلوك البشريّ، لا سيّما في شقّه التعليميّ والتربويّ. أما الأثر السلبي: فهو الإرهاق الذهنيّ، والأتعاب الصحّيّة الناجمة مع إدامة التفكير والتحضير والتركيز، وتحمّل الاختلافات البشريّة في السلوك والأخلاق والاستعدادات الذهنيّة والفوارق الفرديّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ كثيرة هي الحوادث الطريفة، ولعلّ أبرزها ما أجده في نهاية ورقة الامتحان من عبارات الاستجداء من طرف بعض التلاميذ الذين لم يتمكّنوا من الحصول على المعدل الكافي للانتقال، أو بعض الإجابات المستغربة خلال تصحيح امتحان شهادة البكالوريا، خصوصًا في مادّتَي التاريخ والجغرافيا.  

د. مروان حسن- معلّم مادّتَي الدراسات الاجتماعيّة والتاريخ- مصر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ في واقع الأمر، اختياري للاستراتيجيّة ليس مبنيًّا على مدى فعّاليّتها فحسب، بل هناك عوامل تفرضها عليّ، مثل: كثافة عدد الطلّاب، وضيق وقت الحصّة الدراسيّة، فضلًا عن ضخامة المحتوى، وكثرة العطلات الرسميّة التي تعوق تنفيذ خطّة المنهاج. لذا، رأيت من الأفضل تقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة (أربع مجموعات، كلّ منها تضمّ 20 طالبًا)، للعمل على مهام محدّدة، بدلًا من محاولة التفاعل مع 80 طالبًا في الوقت ذاته. بعد ذلك، كنت أعطي كلّ مجموعة مهمَّة معيّنة للعمل عليها خلال الحصّة، مع تقديم التوجيه والإرشاد اللّازميْن لضمان فهم الطلّاب للمهمَّة وتنفيذها. كانت استجابة الطلّاب لهذه الاستراتيجيّة إيجابيّة بشكلٍ عامّ. لم تعد كثافة عدد الطلّاب في الصفّ عائقًا بعد تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة، وتمكّنت من توجيههم ودعمهم بشكل أفضل. كما أنّ الطلّاب استفادوا من التعلّم التعاونيّ والعمل الجماعيّ، ما زاد من حماسهم ومشاركتهم في الحصّة.   كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ في رأيي، تُعدّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أدوات تعليميّة مساعدة لتعزيز تجربة التعلّم للطلّاب. وهي تتيح فرصًا تفاعليّة وتعليميّة محسّنة. لذا، يجب التنويع بينها وبين الوسائل التقليديّة، لكي يحافظ المعلّمون على التفاعل الشخصيّ مع الطلّاب، وعلى الجوانب الإنسانيّة في التعليم، من خلال إجراء النقاشات، وتوجيه الطلّاب، وتقديم الدعم العاطفيّ والاجتماعيّ.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ الاستماع إلى نصائح المعلّمين الزّملاء الأقدم وتنفيذها من دون مراجعتها قد يكون غير مُجدٍ. اكتشفت أنّ بعض الزملاء قد يكونون غير مستعدّين لمشاركة تجاربهم الخاصّة، ويميلون إلى الحفاظ على معلوماتهم وخبراتهم ميزةً تنافسيّة. لذا، كان من الضروريّ القيام بالتحليل النقديّ لكلّ نصيحة، واتّخاذ القرارات المناسبة بناءً على ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاعتماد على تجربتي الشخصيّة والتصرّف وفق قيمي ومبادئي، مع الاهتمام بتنميتي المهنيّة الذاتيّة.   افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ الأمر يعتمد على احتياجات المعلّمين وبيئة عملي، إذ نحتاج إلى تعلّم فنون التواصل الفعّال مع الطلّاب، وكيفيّة التعامل مع التحدّيات السلوكيّة. كما أنّ أساليب العمل الجماعيّ والتعاون بين المعلّمين، لتبادل الخبرات والممارسات الناجحة، تُعتبر ضروريّة. وهذا ما نفتقده حقًّا.   هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ أرى أنّه الوقت المناسب لتفعيل التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين، ولا سيّما في ظلّ التحدّيات التي يمرّ فيها التعليم في فلسطين والسودان. يمكن أن يساعد هذا النوع من التبادل في تطوير أساليب التدريس، وإيجاد حلول للمشكلات التعليميّة التي تواجه المعلّمين والطلّاب في البلدين، كما يعزّز المرونة والقدرة على التكيُّف مع التغييرات الحاصلة. أقترح تنظيم ورش ومحاضرات تدريبيّة مشتركة، بالإضافة إلى إنشاء منصّات تواصل اجتماعيّ خاصّة بالمعلّمات والمعلّمين لمشاركة الخبرات والأفكار. كما يمكن تنظيم فعّاليّات ومناسبات اجتماعيّة تجمعهم وتعزّز التواصل بينهم.   كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ يُعتبر التواصل الفعّال المنتظم بين المعلّمين وأولياء الأمور ضروريًّا، من خلال دعوتهم إلى المشاركة وحضور الاجتماعات والفعّاليّات المدرسيّة. يساعدهم ذلك على التعرّف إلى البيئة التعليميّة التي يتعرّض إليها أطفالهم. ومع ذلك، تجب الإشارة إلى أنّ العديد من أولياء الأمور لا يولون اهتمامًا كافيًا لهذه الأمور، فالبعض قد ينشغلون بسبب ضغوط الحياة، بينما يعتقد كثيرون أنّ التعليم مسؤوليّة المعلّم والمدرسة فقط، كما هو الحال في الاعتقاد بأنّ العلاج مهمّة الطبيب وحده.   كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أحاول الاهتمام بنفسي خلال عطلة نهاية العام، حيث يكون هذا الوقت خاصًّا للاسترخاء واستعادة الطاقة. أخصّص وقتًا لممارسة أنشطة تساعدني على الاسترخاء، مثل القراءة، وممارسة الرياضة، وقضاء وقت ممتع مع عائلتي. هذا الانفصال الإيجابيّ عن بيئة العمل يساعدني على استعادة التوازن والتفكير بإيجابيّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أقوم بتحديد أولويّاتي الأساسيّة والمهامّ الضروريّة التي يجب إنجازها، وأنشئ جدولًا زمنيًّا يوميًّا يساعدني على تحديد الأوقات المخصّصة لكلّ نشاط، مثل الإعداد للدروس، والاجتماعات، والمراجعة. أخيرًا، أحاول تقسيم الوقت بين العمل والاستراحة والنشاطات الشخصيّة التي تساعدني على الاسترخاء.   اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأمر الإيجابيّ هو الفرصة التي أتاحها لي التعليم للتأثير الإيجابيّ على حياة طلّابي. من خلال تقديم المعرفة والإرشاد والدعم، أساعدهم على تحقيق أهدافهم، وتطوير إمكانيّاتهم. والحقيقة، يُسعدني تواصل طلّابي معي حتّى اليوم، على الرغم من ارتيادهم الكلّيّات وانتهاء المرحلة المدرسيّة، فهم ما يزالون يودّون التواصل معي. ومن جانب آخر، تمكن كتابة دواوين عن السلبيّات، لكنّني أكتفي بالإشارة إلى الضغط النفسيّ الناجم عن الأعباء الوظيفيّة، سواء أكانت تدريسيّة أو إداريّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ أتذكّر موقفًا طريفًا يميل إلى الكوميديا السوداء خلال امتحان الصفّ الأوّل الثانويّ، حيث توقّفت خدمة الإنترنت أثناء استخدام الطلاب للأجهزة اللوحيّة "التابلت" لأداء الاختبار. حاولنا طباعة الامتحان على ورق كبديلٍ تقليديّ، لكن في الوقت نفسه انقطعت الكهرباء فجأة، ولم نتمكّن من طباعة أي شيء، وبالتالي لم نستطع إجراء الامتحان.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

ما عواقب تدليل الطفل الزائد وآثاره؟

يسعى العديد من الوالدين في أيّامنا لتوفير حياة مثاليّة لأطفالهم، ويحرصون على تلبية كافّة احتياجاتهم ورغباتهم، إلاّ أنّ الاهتمام المفرط قد يؤدّي إلى نتائج غير متوقّعة تؤثِّر سلبًا في شخصيّة الطفل وتطوّره. يُعدّ تدليل الطفل الزائد أحد أهمّ القضايا التي تواجه الأسرة خلال رحلتها في تربية أطفالها، حيث يمكن أن تترتّب عليه آثار طويلة الأمد تمتدّ إلى مراحل متقدّمة من حياة الطفل.  في مقالة اليوم، نعرض مفهوم تدليل الطفل الزائد وصفات الطفل المدلّل، كما نتطرّق إلى طريقة التعامل مع الطفل المدلّل والعنيد.    ما صفات الطفل المدلّل؟  هناك العديد من الصفات التي تتجلّى في الطفل المدلّل والعنيد، والتي يمكنك التعرّف إليها بسهولة، حيث يتّسم الطفل المدلّل في كثير من الأحيان بالعناد، وبرغبة مستمرّة في الحصول على كلّ ما يريد من دون اعتبار أيّ قيود، أو احترام أيّ قواعد. بالإضافة إلى ذلك، نجد أنّ مثل هؤلاء الأطفال يتّصفون بما يلي:  لا يتقبّلون سماع إجابة "لا" عندما تخبر الطفل المدلّل بأنّه لا يمكنه الحصول على شيء ما، أو تمنعه من القيام بتصرّف معيّن، تجد أنّه لا يتقبّل هذا الرفض، ويُصاب بنوبة بكاء أو غضب حادّة، وقد يستمرّ في الصراخ والنواح إلى أن تُلبّى طلباته.  وفي الوقت الذي قد يكون فيه هذا التصرّف طبيعيًّا لدى الأطفال، ولكنّه ينتشر بكثرة وحدّة لدى الأطفال المدلّلين، ويستمرّ ظهوره حتّى عندما يكبرون في السنّ.  لا يشعرون بالرضا إطلاقًا  قد يمتلك الطفل المدلّل مئات الألعاب، ولكنّه يرغب في المزيد والمزيد. مثل هؤلاء الأطفال لا يقدّرون ما لديهم ولا يشعرون بالرضا إطلاقًا مهما قدّمت لهم. وبدلاً من قول "شكرًا" عندما تقدّم إليهم شيئًا، تجدهم غير مهتمّين، ويبدؤون بالفعل بالتركيز على الشيء التالي الذي يريدون الحصول عليه.  يعتقدون أنّهم محور الكون  غالبًا ما يكون اهتمام الطفل المدلّل وتركيزه منصبًّا على ذاته فقط. فهو يفكِّر في نفسه أكثر ممّا يفكّر في الآخرين. ويشعر دائمًا أنّ له الحقّ في الحصول على اهتمام الآخرين وعنايتهم، بل ويتوقّع منهم أن يكونوا دائمًا في خدمته، وعلى أهبّة الاستعداد لتلبية جميع طلباته في الحال.  لا يتحمّلون الخسارة  واحدة من أهمّ صفات الطفل المدلّل افتقاره إلى الروح الرياضيّة، وعدم قدرته على تقبّل الخسارة. قد يظهر ذلك في إحدى الصور التالية:  - إلقاء اللوم على الآخرين عند التقصير.  - توقّع المدح على كلّ شيء يقوم به.  - الصراخ على الآخرين إذا لم يقوموا بالأمور وفق طريقته الخاصّة.  - يرفض تقبّل نجاح منافسيه.  يرفضون إتمام المهمّات مهما كانت بسيطة يرفض الطفل المدلّل إتمام المهمّات البسيطة عندما تطلب إليه ذلك للمرّة الأولى. قد يرفض غسل أسنانه أو ترتيب سريره، وقد يتجاهل كلّ واجباته ويرفض القيام بها إلاّ بعد أن تتوسّل إليه، أو تعده بمكافأة مقابل أداء المهمّة.     آثار تدليل الطفل الزائد يؤثّر تدليل الطفل الزائد في صحّته النفسيّة ورفاهيّته العامّة. عندما يحصل الطفل باستمرار على كلّ ما يريده من دون أن يبذل جهدًا أو يتلقّى رفضًا، وعندما يخطئ من دون أن يواجه عواقب أفعاله، يولد لديه شعور بالاستحقاق المزيّف. وهذا الشعور يؤدّي بدوره إلى عدم تقدير جهود الآخرين، ويجعل من الصعب على هذا الطفل فهم قيمة العمل الجادّ والمثابرة. بالإضافة إلى ذلك، تتجلّى آثار تدليل الطفل الزائد في علاقاته مع أقرانه، ولا سيّما في المدرسة. نذكر منها:  صعوبة التكيّف مع القواعد  يتعيّن على الأطفال عامّةً الالتزام بقواعد محدّدة في المدرسة، مثل الانتظار في الطابور أو المشاركة في الأنظمة الجماعيّة، واحترام حقوق الآخرين. لكنّ الطفل المدلّل الذي اعتاد أن تُلبَّى جميع رغباته فورًا، قد يجد صعوبة في التكيّف مع هذه القواعد؛ ممّا قد يؤدّي إلى مشكلات سلوكيّة وخلافات مع المعلّمين والأقران.  الطفل المدلّل قد يفشل في بناء صداقات مع الأقران  يواجه الأطفال المدلّلون صعوبة في بناء صداقات متينة مع أقرانهم، بسبب ميلهم إلى التسلّط أو محاولة فرض آرائهم حول الآخرين؛ ممّا يسبّب نفور أقرانهم منهم، ويؤدّي إلى شعورهم بالعزلة الاجتماعيّة والوحدة.  تدليل الطفل الزائد يعوق تطوّر مهاراته  بالإضافة إلى ما سبق، يؤثّر تدليل الطفل الزائد في تطوّر مهاراته الحياتيّة الأساسيّة. لن يكون الطفل المدلّل قادرًا على التعامل مع خيبة الأمل والإحباط وتأخّر تحقّق الرغبات. وهي مهارات لا بدّ من اكتسابها في سنّ مبكّرة لتطوير القدرة على التحمّل.  نتيجة ذلك، يجد الطفل المدلّل صعوبة في التعامل مع النكسات، ويكون معرّضًا أكثر لتقلّبات المزاج وعدم الاستقرار العاطفيّ، وحينما يكبر سيواجه صعوبات بالغة في علاقاته الشخصيّة والمهنيّة.  تراجع الأداء الدراسيّ قد يؤثِّر تدليل الطفل الزائد في تراجع أدائه الدراسيّ، حيث يكون مشتّتًا في المدرسة بسبب عدم حصوله على الاهتمام الذي اعتاد عليه في المنزل، ولن يتمكّن من التركيز على دراسته. ليس هذا وحسب، فعدم قدرة الطفل على الاندماج مع أقرانه يجعل من الصعب عليه التعاون معهم في إنجاز المهمّات والواجبات الدراسيّة المشتركة؛ ممّا يؤثِّر في نهاية المطاف في تحصيله الأكاديميّ.   توقّعات خياليّة ونظرة مشوّهة إلى العالم  يؤدّي تدليل الطفل الزائد إلى خلق توقّعات غير واقعيّة ونظرة مشوّهة للعالم لديه. قد يعتقد الطفل المدلّل أنّه يستحقّ معاملة خاصّة دائمًا، وأنّ الحياة يجب أن تلبّي رغباته، ولكن، عندما يصطدم بحقيقة العالم الواقعيّ، يشعر بالإحباط وخيبة الأمل، ويجد صعوبة في التكيّف مع متطلّبات هذا العالم؛ ممّا يقلّل من تقديره ذاته، ويسبّب له الكثير من المشكلات النفسيّة الأخرى.    طريقة التعامل مع الطفل المدلّل والعنيد  يحتاج التعامل مع الطفل المدلّل إلى الكثير من الصبر، والثبات والتفهّم. ومن الصعوبة بمكان تغيير أسلوب الدلال في التربية. لكن، بعد أن عرضنا مضارّ تدليل الطفل المفرط وآثاره، بات من الضروريّ تغيير نهج التربية، واتّباع أساليب تربويّة أكثر إيجابيّة.  في ما يلي عشرة طرق تساعدك على التعامل مع الطفل المدلّل:  1. ضع حدودًا وتوقّعات واضحة ومحدّدة  الخطوة الأولى للتعامل مع الطفل المدلّل وضع حدود واضحة. يجب على الوالدين توضيح القواعد والعواقب المترتّبة على سلوك الطفل غير الصحيح. ويجب عليهما أيضًا الالتزام بتطبيق هذه الحدود وتعزيزها. عندها، يتعلّم الطفل أنّ بعض السلوكات غير مقبولة، وتؤدّي إلى عواقب سيّئة سبق توضيحها من قبل. ويتعلّم تدريجيًّا تجنّبها وإظهار سلوكات أكثر إيجابيّة.  2. امدحه وشجِّعه في الأوقات المناسبة  عندما يُظهر طفلك المدلّل سلوكًا إيجابيًّا، احرص على الإشادة به وتقديره. دعه يتعلّم أنّ السلوك الجيّد يبقى محطّ تقدير واحترام. وادعم المدح بالمكافآت والجوائز أحيانًا (من دون مبالغة). قد يشجّع ذلك الطفل على الاستمرار في إظهار المزيد من السلوكات الإيجابيّة.  3. شجّع طفلك على التعاطف والامتنان  علّم طفلك المدلّل معنى التعاطف والامتنان كي تساعده على تطوير نظرة تراعي الآخرين وتقدّرهم. يمكنك، مثلاً، مشاركة طفلك في محادثات حول مشاعر الآخرين، وقراءة قصص أو مشاهدة أفلام وبرامج حول ذلك.   شجِّعه أيضًا على إظهار الامتنان لما يمتلكه، بل والتعبير عن امتنانه عندما يقدّم له أحدهم شيئًا أو يعامله بلطف. يبدأ طفلك تدريجيًّا بفهم مشاعر الآخرين ويتعلّم شيئًا فشيئًا كيف يقدّرها.  4. عاقبه على السلوكات السلبيّة  كما سبق أن ذكرنا في النقطة الأولى، لا بدّ من أن يعرف الطفل أنّ هناك عواقب لسلوكه السلبيّ، وهذا لا يتحقّق إلّا بالالتزام بتطبيق العقوبة دائمًا في حال تصرّف الطفل تصرّفًا سلبيًّا. كما من المهمّ أن تكون العقوبة فوريّة ومتناسبة مع الفعل، ومرتبطة بالسلوك الخاطئ. تجنّب العقوبات القاسية أو التي لا تتلاءم مع سلوك الطفل الخاطئ. فبالالتزام بهذا الأمر، يفهم الطفل شيئًا فشيئًا تأثير أفعاله؛ ممّا يشجعّه على اتّخاذ قرارات أفضل في المستقبل. 5. كن قدوة حسنة لطفلك  يمثّل الوالدون ومقدّمو الرعاية قدوة للسلوك الذي يتعلّمه الطفل. وعليه، فإظهار صفات مثل اللطف والاحترام والصبر، يساعد الطفل على فهم أهمّيّة هذه الصفات. لذا، احرص على إظهار سلوك إيجابيّ في تعاملاتك اليوميّة، أو عند مواجهة التحديّات، لأنّ أطفالك سيقلّدون سلوكاتك على الأرجح.  6. عزّز لدى طفلك شعور الاستقلاليّة وحسّ المسؤوليّة  من أهمّ طرق التعامل مع تدليل الطفل الزائد تعزيز استقلاليّته وحسّه بالمسؤوليّة. امنح طفلك مهمّات ومسؤوليّات مناسبة عمره، حيث يُشعره ذلك بالإنجاز والاعتماد على الذات، ويعلّمه أنّ الامتيازات والمكافآت تأتي مرفقة بالمسؤوليّة، وليست استحقاقًا بديهيًّا. 7. قلّل من المكافآت المادّيّة  غالبًا ما يكون اهتمام الطفل المدلّل منصبًّا على كلّ ما هو مادّيّ، ونادرًا ما يولي أيّ أهمّيّة للأمور ذات القيمة المعنويّة. لذا، فإحدى أهمّ الطرق لمعالجة الدلال في التربية تقليل الهدايا المادّيّة، والتركيز، بدلاً من ذلك، على التجارب المعنويّة، كقضاء وقت جيّد مع طفلك، أو عيش مغامرات مميّزة... بهذه الطريقة، يبدأ طفلك تدريجيًّا بتقدير الأمور غير المادّيّة، ويدرك أخيرًا أنّ السعادة لا ترتبط بما هو مادّيّ فحسب، بل يمكن تحقيقها بالعديد من الأشياء الأخرى.  8. تواصل مع طفلك  يسهم تشجيع التواصل المفتوح والصادق مع الطفل في خلق بيئة داعمة. استمع إلى مشاعر طفلك ومخاوفه، فهذا يمكّنه من التعبير عن نفسه ويعزّز ثقته بك؛ ممّا يؤدّي إلى سلوك أفضل، ويسهم في حلّ المشكلات بفعّاليّة أكبر.  9. اقضِ وقتًا ممتعًا مع طفلك  غالبًا ما يريد الطفل المدلّل أن يكون وقت والديه له فقط، فنجد أنّه يطلب الاهتمام دائمًا عندما يرى والديه منشغلين عنه، وتزداد حدّة هذا السلوك عندما يتجاهل الوالدان حاجة طفلهم إلى الاهتمام والانتباه.  لذا، احرص على تخصيص وقت تقضيه مع طفلك، وحدكما، بحيث تمنحه كامل اهتمامك وانتباهك، وتجرّب معه ألعابًا أو أنشطة ممتعة. يسهم هذا الأمر في تقوية العلاقة بينكما، ويساعده تدريجيًّا على تقبّل انشغالك عنه في أوقات أخرى، لأنّه سيدرك أنّ له وقته الخاصّ.  10. كن صبورًا  التعامل مع طفل مدلّل عمليّة تتطلّب الصبر والاستمراريّة، إذ ليس من السهل تغيير سلوك واستبداله بآخر. التزم بالاستراتيجيّات التي اخترتها للتعامل مع طفلك، وكن صبورًا خلال هذه الفترة، ولا تنسَ دعمه وتشجيعه، لتحفيزه على تطوير سلوكات أكثر إيجابيّة.  * * * من الطبيعيّ أن يرغب أيّ والد أو والدة في تقديم الأفضل لأطفالهم. ومع ذلك، فالاستجابة لرغباتهم وأهوائهم، حتّى وإن لم تكن لمصلحتهم، قد تؤدّي إلى الكثير من المشكلات مستقبلًا. من المهمّ دائمًا خلق توازن بين تأديب الطفل وتربيته وإسعاده، ومن المهمّ التوعية بأنّ الأطفال المدلّلين ليسوا دائمًا سعداء وراضين بحياتهم. لذا، فالتدليل الزائد ليس الحلّ لإسعاد طفلك.    المراجع https://www.mindshiftwellnesscenter.com/spoiled-children/  https://www.medicinenet.com/how_do_you_know_if_your_child_is_spoiled/article.htm  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/2642617/#:~:text=The%20spoiled%20child%20syndrome%20is,to%20spoiling%20as%20properly%20understood.  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/2642617/#:~:text=The%20spoiled%20child%20syndrome%20is,to%20spoiling%20as%20properly%20understood.   

ما أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه؟

من المهمّ لصحّة الطفل العقليّة والنفسيّة أن يكون قادرًا على الاندماج في منزله ومدرسته، ومع أقرانه. ومع ذلك، نجد أنّ بعض الأطفال يشعرون كما لو أنّهم غرباء في محيطهم، وينتابهم الشعور بعجزهم عن الانتماء إلى البيئة المحيطة بهم، بل نجدهم يجزمون بأنّهم لن يتمكّنوا من الانتماء في حياتهم.  في مقال اليوم، نتعرّف إلى أهمّ أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه، وآثار هذا الشعور، بالإضافة إلى أهمّ النصائح والأفكار التي تساعده على تكوين صداقات مع أقرانه وأبناء جيله.    ما الذي يترتّب على شعور الطفل بأنّه غير محبوب؟  يمكن أن يؤثّر شعور الطفل بأنّه غير محبوب سلبًا في نموّه العاطفيّ والنفسيّ، وقد تترتّب عليه عدّ نتائج سلبيّة، منها:  انخفاض الثقة بالنفس  عندما يكون الطفل غير قادر على الاندماج مع أقرانه، يتنامى في داخله تصوّر سلبيّ عن نفسه؛ ممّا يؤثّر في تقديره ذاته ويُضعف ثقته بقدراته وإمكاناته.  صعوبة تكوين الصداقات وبناء العلاقات  استمرار شعور الطفل بأنّه غير محبوب يجعل من الصعب عليه تكوين علاقات صحّيّة مع الآخرين مستقبلًا، سواء مع أقرانه أم مع البالغين. وذلك بسبب شعوره بالخوف من الرفض وتراجع ثقته بنفسه.  القلق والاكتئاب  نعم، عدم اندماج الطفل مع أقرانه، وعجزه عن تكوين صداقات معهم قد يطوّر لديه مشاعر القلق والتوتّر التي، إن استمرّت لفترات طويلة، قد تتحوّل إلى اكتئاب.  تزايد السلوكات العدوانيّة قد يلجأ الطفل إلى إظهار سلوكات عدوانيّة للتعبير عن ألمه وإحباطه نتيجة عدم قدرته على الاندماج مع أقرانه، أو قد يلجأ إلى الانسحاب والعزلة، لحماية نفسه من الشعور بمزيد من الألم والرفض.  ظهور ميول إرضاء الآخرين  عندما يفشل الطفل في تكوين صداقات مع أقرانه، قد يبدأ بتطوير ميول إرضاء الآخر على حسابه، معتقدًا أنّ ذلك هو الحلّ الأمثل لكسب الأصدقاء والشعور بالتقبّل.    ما أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه؟  اختلافات في البيئة المحيطة بالطفل  تتعدّد أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه وتختلف باختلاف البيئات والأشخاص والظروف. على سبيل المثال، في بعض الدول نجد الأطفال ذوي البشرة الغامقة يواجهون صعوبات في الاندماج مع أقرانهم. كذلك حال الأطفال المغتربين الذين ينتقلون إلى بلدان أخرى، تختلف كلّ الاختلاف في اللغة والثقافة عن بلدانهم الأصليّة.   قد يكون اختلاف مستوى العائلة الاجتماعيّ والماديّ أحد أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه، ولا سيّما إن كان الطفل من عائلة ذات مستوى أدنى بكثير من المجتمع المحيط به، أو المدرسة التي يرتادها.   بمعنى آخر، الاختلاف الكبير بين الطفل وبين البيئة المحيطة به قد يؤدّي إلى عدم اندماجه مع الأقران، سواء  أكان هذا الاختلاف خَلقيًّا (كما في حالة الأطفال ذوي البشرة المختلفة)، أم اجتماعيًّا، أم ثقافيًّا. المراحل الانتقاليّة الأكاديميّة  سبب آخر من أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه، يتمثّل في المراحل الانتقاليّة الأكاديميّة، كانتقال الطفل من مدرسة إلى أخرى، أو من المدرسة الابتدائيّة إلى المرحلة المتوسّطة أو الثانويّة.   الممارسات التربويّة الخاطئة  عندما يكبر الطفل وينمو في بيئة أسريّة تعزِّز لديه الشعور بالتفوّق على أقرانه، سواء بالتلميح المستمرّ بأنّه أغنى أو أذكى منهم، أم بالتدليل الزائد، فذلك يؤدّي إلى انعزاله عنهم وصعوبة الاندماج وبناء صداقات معهم. فبدلاً من رؤية أقرانه أصدقاء وشركاء في اللعب والتعلّم، يراهم منافسين أقلّ قيمة منه؛ ممّا يخلق حاجزًا نفسيًّا بينه وبينهم، ويحول دون بناء علاقات ذات مغزى معهم.   المشكلات الصحّيّة واضطرابات الشخصيّة  قد لا تعود عدم قدرة الطفل على الاندماج إلى شخصيّة الطفل، وإنّما إلى مشكلات أو اضطرابات صحّيّة ونفسيّة تعوق تفاعله مع أقرانه. على سبيل المثال:  - اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD): يفتقر الأطفال المصابون بهذا الاضطراب إلى السيطرة على الذات، فهم مفرطو النشاط، وكثيرو الكلام، ويتحدّثون من دون تفكير، ولا ينتبهون لما يقوله الآخرون؛ ممّا يجعل من الصعب الاندماج معهم.  - مشكلات الأداء التنفيذيّ: فالأطفال المصابون بذلك غالبًا ما يواجهون صعوبة في المشاركة واتّخاذ الأدوار والتحكّم في عواطفهم، أو قبول وجهات نظر الآخرين. ولا يستطيعون بالتالي بناء صداقات مع أقرانهم.  - اضطرابات التعلّم غير اللفظيّ (NVLD): يعجز هذا النوع من الأطفال عادة عن ملاحظة لغة الجسد والتعبيرات ونبرة الصوت، فنجد أنّهم قد لا يفهمون الدعابة أو السخرية، وقد يأخذون ما يقوله لهم الآخرون حرفيًّا؛ ممّا يسبّب لهم مشكلات في علاقاتهم، ويصعّب اندماجهم مع الأقران.  - اضطرابات اللغة: عندما يعاني الطفل من اضطرابات اللغة، فقد لا يفهم قواعد المحادثة، أو ربّما يواجه صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة. وبالتالي، قد يتجنّب التحدّث عندما يكون مع أطفال آخرين.  - اضطراب معالجة السمع (APD): في هذه الحالة، يصبح من الصعب على الطفل معالجة ما يسمعه من الآخرين، وتتبّع التعليمات في الألعاب مثلاً؛ ممّا يؤثِّر في تواصله مع الأقران واندماجه معهم.    كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات والاندماج مع الأقران؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ كلّ أمّ وأب يريدان لطفلهما أن يكون اجتماعيًّا ومحبوبًا، وقادرًا على بناء علاقات إيجابيّة مع أقرانه. لذا، إن كنت تتساءل: كيف أساعد طفلي على الاندماج مع الأطفال؟ أو كيف أساعد طفلي على بناء صداقات؟ فالنصائح الآتية قد تكون مفيدة لك، بل وقد تمنحك أفكارًا أخرى لتحقيق هذا الأمر:  أشرك طفلك في النشاطات التي تهمّه  يعود أحد أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه إلى اختلافه الكبير عنهم، كما سبق أن ذكرنا، فربّما لطفلك اهتمامات فريدة مختلفة عمّا هو شائع من حوله. حاول اكتشاف هذا الاهتمام وأشرك صغيرك في نشاطات جماعيّة متعلّقة بهوايته، حيث يتعرّف بذلك إلى أطفال آخرين يشبهونه ويشاركونه شغفه، وتكون لديه فرصة أكبر للاندماج معهم وتكوين صداقات جديدة.  تواصل مع طفلك بفعّاليّة  تحدّث بصراحة مع طفلك، واشرح له أنّه ليس الوحيد الذي يواجه مثل هذا النوع من الصعوبات، وأنّ ذلك أمر اعتيادي حتّى عند الكبار. لكن، سِر معه في رحلة لتكتشفا معًا سبب ما يحدث معه، وبالتالي البحث عن طرق لعلاج هذه المشكلة.   يمكنك أن تقول له مثلًا: "هذا ليس خطأك، ولكن يمكننا أن نعرف المزيد عن أنفسنا بالتجارب السيّئة التي نمرّ فيها، وهكذا نتحسّن ونصبح أشخاصًا أفضل". طوّر لدى طفلك مهارات حلّ المشكلات  ضع طفلك في مواقف جديدة خارج منطقة الراحة الخاصّة به، وكن حاضرًا لمساعدته إن احتاج إلى المساعدة، ثمّ شجّعه على التعامل مع الموقف بمفرده مع التأكّد من دعمه إن احتاج. بهذه الطريقة تتحسّن ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وهما أمران جوهريّان لبناء علاقات صحّيّة مع الآخرين مستقبلًا.  ثقّف طفلك حول ما تعنيه الصداقات الحقيقيّة وضّح لطفلك أنّ المهمّ ليس امتلاك عدد كبير من الأصدقاء، والاندماج مع كلّ الأقران من حولنا؛ بل ما يهمّ حقًا هو تلك الصداقات التي نشعر فيها بالراحة مع الآخرين، ونحسّ خلالها أنّنا أشخاص جيّدون.  شجّعه أيضًا على الابتعاد عن الأشخاص الذين يشعرونه بالسوء، وألّا يسعى إلى إرضائهم أو كسب محبّتهم على حساب حاجاته ورغباته وسعادته. توعية الطفل منذ سنّ مبكرة بهذا الأمر مهمّة جدًّا ليتجنّب الغوص في تصرّفات إرضاء الآخرين أو التملّق لهم.  تعاطف مع طفلك  شارك طفلك بعض المواقف التي واجهتك وشعرت فيها بصعوبة في الاندماج مع أقرانك، وحدّثه كيف تعاملت مع الأمر، وكيف واجهت هذه المشكلة. من المهمّ لطفلك أن يعرف أنّ هنالك أملاً للمستقبل، وأنّ هذه المواقف طبيعيّة لكي نكبر ونتعلّم ونصبح أوعى.  عوّد طفلك على التواضع وتجنّب المقارنات  علّم طفلك أن يكون متواضعًا، ووضحّ له أنّه، على الرغم من تميّزه وتفرّده، فإنّ ذلك لا يمنحه الحقّ بالتكبّر على الآخرين. عزّز لديه فكرة أنّ العلاقات تُبنى على الاحترام المتبادل، وأنّ أصدقاءه هم شركاؤه في اللعب، قد يتنافسون في بعض الأحيان، لكنّهم يبقون أصدقاء في نهاية المطاف، تجمعهم المحبّة والألفة. اغرس لديه فكرة أنّ كلّ شخصٍ مختلف ومتفرّد بطريقته؛ ممّا يجعلنا كلّنا متساوين ومتماثلين.  اطلب مساعدة مختصّ تربويّ إذا تبيّن لك أنّ السبب وراء عدم تفاعل طفلك مع أصدقائه يعود إلى أحد اضطرابات الشخصيّة الموضّحة سابقًا، يصبح التواصل مع الاختصاصيّين أمرًا لا بدّ منه. هنالك دائمًا علاج سلوكيّ لهذه الاضطرابات، ومع المتابعة المتخصّصة والصبر والتفهّم والدعم المعنوي، يتحسّن طفلك تدريجيًّا، ويصبح بإمكانه تكوين صداقات وعلاقات مع مجتمعه المحيط.  * * * خلاصة القول، إنّ أسباب عدم اندماج الطفل مع أقرانه قد تختلف بين عوامل بيئيّة محيطة وأخرى مرتبطة بمشكلات أو اضطرابات في شخصيّة الطفل. وعلى رغم أنّ هذا الأمر قد يكون مثيرًا للقلق، إلاّ أنّه من المهمّ أن نتذكّر أنّ مثل هذه الصعوبات شائعة بين الأطفال. وبالتوجيه السليم والتواصل المفتوح مع طفلك، قد يتحوّل هذا التحدّي إلى فرصة لتعزيز ثقته بنفسه وتنمية مهاراته الاجتماعيّة. تذكّر دائمًا أنّ صبرك ودعمك المستمريّن يمكن أن يحدثا فرقًا كبيرًا في حياة طفلك، ويمنحانه أساسًا قويًّا لبناء علاقات صحيّة ومثمرة مستقبلًا.   المراجع https://kidsmentalhealthfoundation.org/mental-health-resources/relationships/helping-children-who-feel-like-they-do-not-fit-in  https://goodmanpsych.com/why-cant-my-child-make-friends/  https://www.understood.org/en/articles/the-best-way-to-help-when-your-child-just-doesnt-fit-in  https://www.theyarethefuture.co.uk/when-child-doesnt-fit-in/   

كيف تمكن معالجة إدمان الأطفال على الهواتف؟

في عالم اليوم الرقميّ، أصبح إبقاء الأطفال بعيدًا عن الشاشات تحدّيًا كبيرًا للأهالي والمربّين. وعلى الرغم من فوائد الهواتف الذكيّة التي لا يمكن إنكارها، كونها أداة مهمّة لتعليم الأطفال حاليًّا، لكنّها، في الوقت ذاته، قد تتسبّب بالكثير من الأضرار إذا أساء الأطفال استخدامها، وفي مقدّمتها الإدمان الذي ينجم عنه العديد من السلوكات السلبيّة، والذي يؤثِّر في نموّ الطفل وتطوّره. لنعرض في هذه المقالة أهمّ أعراض إدمان الهاتف عند الأطفال، وطرق معالجته والوقاية منه.    ما أعراض إدمان الطفل على الهاتف؟ من أشهر أعراض إدمان الطفل على استخدام الهاتف ما يلي:  - حرصهم الشديد على إبقاء هواتفهم أو أجهزتهم اللوحيّة قريبة منهم، ومعهم في كلّ الأوقات.  - تغيّرات في السلوك.  - صعوبة في إدارة مشاعرهم وتنظيمها.  - إظهار ردود فعل قويّة ومبالغ فيها عند إبعاد الطفل عن الهاتف أو الجهاز اللوحيّ، مثل الصراخ أو البكاء الشديد من دون توقّف، أو نوبات غضب… - صعوبات في إدارة علاقاتهم الاجتماعيّة، مثل الانعزال اجتماعيًّا، والخجل المبالغ فيه، والانطوائيّة، وسلوكات عدوانيّة عند التعامل مع الآخرين… - صعوبات في جوانب الحياة اليوميّة، مثل قلّة الصبر، وتعكّر المزاج، والقلق والتوتر، وتدنّي القدرة على التركيز، وتراجع الأداء المدرسيّ. - اضطرابات النوم والشعور بالأرق الدائم.  - التنقّل بين الأجهزة الذكيّة، وعدم الابتعاد عنها، مثل الذهاب لمشاهدة فيديوهات على الجهاز اللوحيّ عند الانتهاء من اللعب بالهاتف.     كيف يؤثّر إدمان الهاتف في دماغ الطفل؟  يتطوّر الدماغ البشريّ باستمرار، ولا سيّما في مراحل الطفولة والمراهقة، مكوّنًا اتّصالات عصبيّة تؤدّي دورًا حيويًّا ومهمًّا للغاية في الوظائف المعرفيّة والعاطفيّة والاجتماعيّة.   ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات والبحوث التي تدرس مدى تأثير إدمان الهاتف في دماغ الطفل، وقد خلُصت هذه الدراسات إلى أنّ الأمر معقّد للغاية ويعتمد على عوامل كثيرة، أبرزها مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل في استخدام الهاتف الذكيّ.  أشارت دراسة نُشِرت في مجلّة Child Development إلى أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًّا في استخدام الأجهزة الإلكترونيّة، بما فيها الهواتف الذكيّة، يحصلون على درجات أقلّ في الاختبارات المعرفيّة واللغويّة، مقارنةً بالأطفال الذين يقضون وقتًا أقلّ على هذه الأجهزة. كما أظهرت دراسة أخرى نُشرت في مجلّة Nature أنّ استخدام الهواتف الذكيّة المفرط قد يؤدّي إلى تغييرات في كيمياء الدماغ، بما في ذلك انخفاض حجم المادّة الرماديّة (gray matter) في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكّم المعرفيّ وتنظيم العواطف واتّخاذ القرارات.  ومن العوامل الأخرى التي تؤثّر في مدى إدمان الطفل على استخدام الهاتف عمر الطفل. أشارت دراسة نُشِرت في مجلّة الجمعيّة الطبيّة في الولايات المتّحدة إلى أنّ الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكيّة قبل عمر السنتين، يعانون عادة اضطرابَ فرط الحركة، وتراجعًا في النموّ المعرفيّ.    كيف نقلّل من استخدام الأطفال الهاتف؟  هذه الآثار السلبيّة السابق ذكرها، والتي قد تؤثّر تأثيرًا دائمًا في نموّ الطفل وصحّته العقليّة والنفسيّة، تدعونا، بلا شكّ، إلى البحث عن طرق لحمايتهم وضمان عافيتهم، من دون حرمانهم الكامل من استخدام الأجهزة الذكيّة. فكيف يمكن للوالدين علاج إدمان الأطفال على الهواتف والوقاية منه؟  إليك بعض النصائح لتحقيق ذلك:  التوعية والتثقيف  ابدأ بتوعية طفلك وتثقيفه منذ مرحلة مبكرة حول فوائد الأجهزة الذكيّة وأضرارها. لكن، اجعل عمليّة التثقيف ممتعة ومشوّقة لطفلك بدلاً من إلقاء محاضرات نظريّة عليه، فذلك نادرًا ما يأتي بأيّة نتائج إيجابيّة.  يفضّل في الواقع أن تبدأ عمليّة التوعية في مرحلة ما قبل المدرسة، عندما يبدأ الطفل بملاحظة الهواتف الذكيّة والأجهزة الإلكترونيّة. ولكنّ ذلك لا يعني أنّ التثقيف والنصح يتوقّفان بعد دخول الطفل إلى المدرسة، بل على العكس، لا بدّ أن يستمرّ ذلك مع تقدّم الطفل في العمر.   بمعنى آخر، تدرّج مع طفلك في عمليّة التوعية بما يتناسب مع احتياجاته ومرحلته العمريّة. ابدأ بإعطائه معلومات عامّة حول الأضرار والمنافع في مرحلة ما قبل المدرسة، ثمّ قدّم له معلومات أكثر، واذكر أضرار الاستخدام المفرط على نظام نومه، وأدائه الأكاديميّ عندما يبدأ المدرسة، وهكذا.  حدّد مدّة زمنيّة لاستخدام الأجهزة الذكيّة  إحدى الطرق الفعّالة لعلاج إدمان الأطفال على الهاتف، تحديد وقت استخدام الأجهزة الذكيّة بأنواعها. بهذه الطريقة يتمكّن الأطفال من استعمال الهاتف للعب أو مشاهدة البرامج المسلّية، ولكن بمجرّد انتهاء المدّة المسموحة لهم، لا يمكنهم الاستمرار في استخدامه. وهنا قد تتساءل:    كم ساعة يمكن للأطفال استخدام الهاتف؟ حسنًا، بحسب موقع OSF Health Care، فإنّ أنسب فترة زمنيّة لاستخدام الهاتف هي:  - تحت عمر سنتين: يُمنع إعطاء الهاتف لهم بتاتًا، ولا يُستخدم بالقرب منهم إلاّ للتحدّث مع العائلة والأصدقاء.  - من 2-5 سنوات: ساعة واحدة يوميًّا، كحدّ أقصى، من المشاهدة المشتركة مع أحد الوالدين، أو مع شخص بالغ.  - من 5-17 سنة: ساعتان إلى ثلاث ساعات يوميًّا كحدّ أقصى، إلاّ في حال أداء الواجبات والمهمّات المدرسيّة. وهنا، لا بدّ من التنويه إلى أنّ طريقة استخدام الهاتف تختلف باختلاف عمر الطفل، ففي عمر الخمس سنوات يكون الهاتف وسيلة ترفيهيّة بحتة، ولكن مع تقدّم الطفل في العمر يتحوّل الهاتف تدريجيًّا إلى وسيلة أساسيّة للتواصل مع الأقران، سواء عبر الرسائل النصّيّة أم عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ. لكن مع ذلك، يجب ألّا تتجاوز مدّة استخدام الهاتف ثلاث ساعات كحدّ أقصى.    ضع خطّة للأوقات التي يُسمح فيها باستخدام الهاتف  ضع حدودًا صحّيّة للعائلة بما يتعلّق باستخدام الهواتف والأجهزة الذكيّة، وحدّد الأوقات والأماكن التي يُسمح أو يُمنع استخدام الهواتف فيها. على سبيل المثال، من الأوقات التي يُفضّل منع استخدام الهواتف فيها:  - أوقات الوجبات الرئيسة: الفطور والغداء والعشاء.  - قبل الخلود إلى النوم.  - أثناء أداء الواجبات المدرسيّة، أو الأعمال المنزليّة.  - خلال الاجتماعات العائليّة.  من الجدير بالذكر أنّ هذه القواعد يجب أن تنطبق على جميع أفراد العائلة، كبارًا وصغارًا، فأفضل طريقة لحثّ أطفالك على الالتزام بالقواعد أن تكون قدوة لهم، ومثالاً يحتذون به.    شجّع أطفالك على القيام بالأنشطة الخارجيّة  إحدى أهمّ طرق التخلّص من إدمان الأطفال على الهاتف، تشجيعهم على القيام بالأنشطة الخارجيّة ومشاركتهم فيها. من الطبيعيّ أن يشعر الأطفال بالملل عند بقائهم في المنزل لفترات طويلة؛ ممّا يجعلهم يصرّون على استخدام الهواتف الذكيّة لفترات أطول بحجّة أنّها وسيلتهم الوحيدة للتسلية.  لكن، عندما تُشرك أطفالك في نشاطات خارجيّة، كالمشي أو ركوب الدرّاجة أو التنزّه مع الحيوان الأليف أو اللعب في الحديقة، يلهو تلقائيًّا عن الهاتف، ويقلّ استخدامه له تدريجيًّا.   لا تعطي الهاتف طفلك في مرحلة مبكرة  الكثير من الآباء يقدّمون الهواتف الذكيّة لأطفالهم في سنّ مبكرة للغاية، كوسيلة لتهدئتهم والارتياح من بكائهم ومطالبهم الكثيرة، غير مدركين أنّهم، ومقابل هذه اللحظات القصيرة من الهدوء، يعرّضون أبناءهم إلى خطر الإدمان!  من المهمّ جدًّا ألاّ يًعرَّض الطفل للهاتف قبل أن يكون واعيًا بما فيه الكفاية، وقادرًا على فهم أنّ لاستخدام هذا الجهاز لفترات طويلة آثارًا سلبيّة ومضرّة.   حاول قدر الإمكان أن تؤخِّر استخدام طفلك الهواتف الذكيّة إلى ما بعد عمر السنتين. لا يعني ذلك هذا أن تحرمه تمامًا من استخدام الهاتف، وإنّما يعني ألاّ تعطيه الجهاز وتتركه بين يديه.    أشرِك أطفالك في الأعمال الإبداعيّة  استخدام الهاتف لأوقات طويلة قد يجعل الأطفال ضعفاء ذهنيًّا؛ ممّا ينجم عنه ضعف الأداء الأكاديميّ، وغيرها من الأضرار التي سبق أن ذكرناها.   لذا، احرص على أن تشرك طفلك في أنشطة إبداعيّة متنوّعة تحفّز خياله، وتعزّز نموّه الذهنيّ. من الأمثلة على هذه الأنشطة: الرسم، وقراءة القصص، والكتابة وألعاب التخيّل، والأعمال اليدويّة وغيرها.    شجّع الأطفال على المشاركة في الأنشطة العائليّة  طريقة أخرى لنقلّل من استخدام الأطفال الهاتف، تتمثّل في إشراكهم في الأنشطة العائليّة المتنوّعة؛ ممّا يلهيهم عن الهاتف ويجعلهم يركّزون أكثر على التسلية والمتعة مع عائلاتهم.   الألعاب العائليّة المتنوّعة، أو إشراك الطفل في عمليّة الطبخ، أو في أعمال الترتيب المنزليّ، أو التسوّق، تعزّز التواصل مع الطفل، وتطوّر مهاراته الاجتماعيّة، وتحميه من خطر إدمان الهواتف والأجهزة الذكيّة.   كن قدوة لأطفالك  يتعلّم الأطفال من سلوكات والديهم وأفراد عائلتهم القريبين منهم. فإن كان البالغون في العائلة يقضون جُلّ وقتهم في استخدام الأجهزة الذكيّة، يكون من الصعب حماية الطفل من استخدام الهاتف أو الجهاز اللوحيّ، لأنّه يقلّد أفراد عائلته تلقائيًّا.  احرص على أن تبني روتينًا صحّيًّا لنفسك أيضًا في ما يتعلّق باستخدام الأجهزة الذكيّة. حدّد أوقاتًا لاستخدامها، وأوقاتًا وأماكن أخرى لوضعها بعيدًا، والتركيز على العلاقات الاجتماعيّة مع أفراد العائلة وأطفالك. * * * نعيش اليوم في عالم رقميّ يمثّل فيه الهاتف والأجهزة الذكيّة جزءًا كبيرًا من حياتنا، ومهما حاولنا التقليل من استخدامه، تبقى الحاجة إليه ملحّة.   وفي الوقت الذي يكون فيه البالغون واعين بأضرار استخدام الجهاز المفرط، فإنّ إدمان الهاتف يتزايد لدى الأطفال؛ ممّا يؤثّر في نموّهم وتطوّرهم. لذا، من المهمّ مراقبتهم والإشراف على استخدامهم الأجهزة الذكيّة، بل والحرص على توفير بدائل صحّيّة لملء أوقات فراغهم، بدلاً من اللجوء إلى الهواتف الذكيّة حلًّا سريعًا وفعّالًا.    المراجع https://tswerplat.com/the-effect-of-smartphones-on-brain-development-in-children/#:~:text=This%20addiction%20can%20affect%20brain,the%20age%20of%20the%20child.  https://www.parents.com/kids/teens/phone-addiction-signs-and-risks/#:~:text=Signs%20of%20Phone%20Addiction,-Common%20signs%20of&text=Difficulty%20with%20emotional%20regulation,Increased%20social%20challenges  https://www.osfhealthcare.org/blog/kids-screen-time-how-much-is-too-much/#:~:text=Yousuf%20said%20pediatricians%20generally%20recommend,per%20day%2C%20except%20for%20homework  https://www.osfhealthcare.org/blog/kids-screen-time-how-much-is-too-much/