فداء عمران فاتوني- معلّمة لغة عربيّة ودراما- فلسطين
فداء عمران فاتوني- معلّمة لغة عربيّة ودراما- فلسطين
2024/07/04

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

أحبّ التعليم القائم على الاكتشاف والبحث، والذي يعطي مساحة للمتعلّم في المشاركة في العمليّة التعليميّة. وأحبّ استخدام الأفلام والرحلات التعليميّة والنقاشات ولقاء شخصيّات معيّنة، بهدف الحصول على المعلومة.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

من المفترض أن تكون البرامج التعليميّة قائمة في بنائها على تعليم المهارات الاجتماعيّة، أن تكون كلاهما مكملة للأُخرى، لبناء طالب متكامل، قادر على استخدام المعرفة ضمن مهارات اجتماعيّة، وهذا أهمّ سبب من أسباب النجاح؛ التكامل المعرفيّ والاجتماعيّ.

 

كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

الذكاء الاصطناعيّ بات سلاحًا ذا حدّين، في جميع مجالات الحياة. أنا كمعلّمة استخدم التكنولوجيا مع طلّابي كوسيلة للتأثير فيهم اجتماعيًّا وسلوكيًّا، وأن أكون قدوة لهم. ومن خلال حساباتي على مواقع مختلفة ومتابعة طلّابي لي، بدأ عدد منهم محاكاتي في الكتابة والتصوير، ومشاركة يوميّات لطيفة تحملُ محتوى وهدفًا، على عكس ما كانوا عليه في السابق، هناك من بات منهم مهتمًّا بنوعيّة الأفلام والمسلسلات التي أشاهدها وأتحدّث عليها على صفحاتي. أعتقد أنّنا بحاجة إلى معلّمين ومؤثّرين خارج حدود المدرسة، لأنّ من السهل الوصول إلى المعلومات، ولكنّ طلّابنا بحاجة حقيقيّة إلى مستمع جيّد، ومحاور متفهّم، وقدوة سليمة.

 

متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟

عندما يكون المشرف لديه خبرة وتجربة، وعندما يكون الهدف من الإشراف التعاون لتصحيح جانب معيّن، أو المساعدة في بناء فكرة أو خطوة مختلفة. الإشراف التربويّ في مدارسنا قائم على وضع علامات للمعلّم، بناءً على أعمال كتابيّة يقوم بها الكثير من المعلّمين خوفًا من تقييم المدير أو المشرف التربويّ، وهي أعمال لا تُسمن ولا تغني من جوع.

لا يوجد دور واضح وفعّال للإشراف التربويّ؛ هو مجرّد مسمّى استُحدث في التربية، وفي كثير من الأحيان يكون المشرف التربويّ معلّمًا سابقًا لا يملك من الخبرة والثقافة ما يؤهّله ليكون موجّهًا وميسّرًا لمعلّمين آخرين.

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

تعودُ وفقًا لنوع النزاع وشكله، وأطراف النزاع. أنا أستخدم أسلوب العقاب في حال كانت ردود أفعال الطلّاب غير مهذّبة، خصوصًا خلال التعامل معي أثناء مشاركتي في حلّ النزاع. ولكن في الغالب أتّبع أسلوب الحوار والنقاش، وأراعي الخلفيّة الدينيّة والثقافيّة لكلّ طالب. وأعتقد أنّه من الجيّد حلّ النزاع من دون تدخّل أيّ طرف آخر إن استطاع المعلّم، ولكن أحيانًا نكون بحاجة إلى تدخّل المرشد، أو معلّم يمتلك قبولًا عند الطلاب، وفي النهاية من الممكن أن يتدخّل المدير.

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

التكنولوجيا باتت شرًّا لا مهربَ منه، فلا أستطيع كمعلّمة لطلّاب حياتهم قائمة على التكنولوجيا، تجاهل دورها أو عدم استخدامها بين الحين والآخر. والحقيقة أنّني أستخدمها في عرض قصائد أو أفلام معيّنة، وأحيانًا في عرض صور لفكرة يناقشها الدرس.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

الأولاد في المدارس في كثير من الأحيان هم مرآة أهلهم، وتدخّل الأهل، في الغالب، يكون في منتصف الرحلة، أي عندما يكون المعلّم والمدرسة حاولوا مساعدة الطالب، أكاديميًّا أو سلوكيًّا. وفي كثير من الأحيان، لتدخّل الأهل أثر جيّد، وأحيانًا أُخرى يكون عديم الفائدة، لأنّ هناك من يعتقد، وخصوصًا في المدارس الخاصّة، أنّ مقابل هذا المبلغ الكبير الذي أدفعه للمدرسة، على المدرسة حلّ جميع المشاكل، وعلى المعلّم أن يكون ساحرًا وخارقًا في التعامل مع الطالب مهما كان حجم المشكلة أو نوعها.

 

هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

لا أعتقد، بل على العكس، نحنُ بحاجة إلى إعادة توجيه هذا الجيل إلى اقتناء الكتب، والحديث بطريقة مليئة بالدراما عن المكتبات والكتب وعلاقة الكتاب السليمة من ناحية صحّيّة ونفسيّة مع الإنسان، لأن بديل الكتاب هو "الآيباد" أو الهاتف المحمول، وكم لهذه الأجهزة من تأثير سلبيّ في صحّة الطلّاب الجسديّة والنفسيّة.

 

كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟

خمس ساعات. لأنّ وضع الطالب مقيّدًا بين أربعة جدران، ضمن قائمة من القوانين، وفي مساحة مكانيّة صغيرة (الطاولة والكرسيّ) لحوالي ثماني ساعات، هو أوّل سبب لنفوره من المدرسة، وعدم قدرته على استقبال المعلومات. الطالب بحاجة إلى الحرّيّة الجسديّة والفكريّة ليحلّق عاليًا.

 

صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

رواية "كائن لا تحتمل خفّته"، للكاتب ميلان كونديرا.

شعرت في الرواية أنّ الكاتب يطرح الكثير من الأسئلة، ولا يعطينا إجابات تؤكّد على أيّ شيء، بل يبحث عن أسئلة ويطرحها.
وأنا في التعليم لا أعطي أجوبة، بل أقدّم أسئلة، وفي كثير من الأحيان أكتفي بسماع الإجابات من دون تصحيحها.