عبد الرحمن حسنيوي- معلّم مادّتَي التاريخ والجغرافيا- المغرب
عبد الرحمن حسنيوي- معلّم مادّتَي التاريخ والجغرافيا- المغرب
2024/05/24

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

لو كنت طالبًا اليوم، كنتُ لأتمنّى أن أجد نفسي في فصول دراسيّة تحفّز الفضول، وتشجّع على التفاعل والتعلّم التجريبيّ، والتي تتيح لي مناهج متنوّعة ومحفّزة، تحتوي على مواضيع جديدة ومثيرة للاهتمام، ما يشجّعني على التفكير النقديّ وتطوير مهاراتي. سيكون التفاعل مع المعلّمين مفيدًا وملهمًا، حيث سيدعمونني، ويشجّعوني على صقل شخصيّتي، وتطوير مستواي الأكاديميّ، كما سيتيح لي النظام التعليميّ الحديث استخدام التكنولوجيا بشكل فعّال، سواء في الفصول الدراسيّة أو خارجها، لتعزيز تجربة التعلّم، وتوفير فرص للتفاعل مع الموادّ بطرق مبتكرة ومحفّزة. في هذا السياق، أحلم بتجربة تعليميّة تسهم في تنمية مهاراتي، واكتشاف قدراتي، وبناء شخصيّتي.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة في البرامج التعليميّة الحديثة يمثّل تحدّيًا هامًّا، لكنّه يعدّ أمرًا ممكنًا وضروريًّا لتطوير طلّاب متكاملين، يمتلكون المهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في المجتمع الحديث. من خلال البرامج التعليميّة الحديثة، يُجمع بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والعلميّة، بما في ذلك تصميم مناهج شاملة، تجمع بين المفاهيم العلميّة، والموضوعات الاجتماعيّة المهمّة. كما يشجّع التعلّم القائم على حلّ المشكلات، والتعاون بين الطلّاب، على تطبيق المعرفة العلميّة في حلّ المشكلات الاجتماعيّة، ممّا يعزّز المهارات الاجتماعيّة، مثل التعاون والتفكير الإبداعيّ.

بالإضافة إلى ذلك، تقدّم البرامج التعليميّة الحديثة تجارب عمليّة، ومنصّات تعلّم تفاعليّة، تعزّز التواصل والتفاعل الاجتماعيّ بين الطلّاب، بينما توفّر التقييمات الشاملة، والملاحظات القيّمة التي تساعد في تطوير المهارات الاجتماعيّة والعلميّة لدى الطلّاب. كما تسعى البرامج التعليميّة الحديثة إلى تحقيق توازن مثاليّ بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والعلميّة، ممّا يؤدّي إلى تخريج طلّاب متميّزين، يمتلكون المعرفة والمهارات الضروريّة للمساهمة الفعّالة في المجتمع، والنجاح في مختلف جوانب حياتهم.

 

كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

في ظلّ ثورة الذكاء الاصطناعيّ التي نشهدها في عصرنا الحالي، يصبح دوري كمعلّم أهمّ من أي وقت مضى. يتطلّب تقدّم التكنولوجيا وتطوّر الذكاء الاصطناعيّ، منّا كمعلّمين، أن نكون على دراية بالتحدّيات والفرص الجديدة التي تطرحها هذه الثورة، كما يجب فهم أنّ دورنا لم يعد مجرّد نقل المعرفة، بل أصبح مرتبطًا بالتوجيه والإرشاد. وكذلك علينا العمل على تمكين الطلّاب ليكونوا متفوّقين في عصر يتغيّر بسرعة، وأن نشجّع على تطوير مهارات العمل الجماعيّ، وحلّ المشكلات، والتفكير النقديّ. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نكون على استعداد لاستخدام التكنولوجيا بشكل فعّال في التعلّم والتعليم، واستثمارها كأداة لتعزيز تجربة التعلّم وتوسيع آفاق الطلّاب. وأيضًا يجب علينا كمعلّمين أن نكون مرشدين ومحفّزين للطلّاب في رحلتهم التعليميّة، وأن نضمن لهم التحضير الجيّد لمستقبل يتّسم بتغيّرات تقنيّة متسارعة.

 

متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟

يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة عندما يُنفّذ بطريقة فعّالة ومنظّمة. عندما يقدّم المشرف التربويّ التوجيه والدعم المناسبين للمعلّمين، يمكن أن يمثّل أثرًا كبيرًا في تحسين جودة التعليم، وتعزيز الممارسات التعليميّة وتطويرها، خصوصًا عندما يُوفَّر بانتظام؛ ما يتيح للمعلّمين الفرصة للتواصل مع المشرفين، ومناقشة التحدّيات والفرص التي يواجهون في الفصل الدراسيّ. وكذلك، عندما يُنفّذ بطريقة شخصيّة ومحفّزة، حيث يوجّه المعلمين نحو أهدافهم التعليميّة، ويساعدهم على تطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم. وأيضًا عندما يكون مبنيًّا على علاقات تعاونيّة، وثقافة تعليميّة تشجّع على التطوير المستمرّ، وتعزّز النموّ المهنيّ للمعلّمين.

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ، هناك عدّة أساليب ناجعة يمكن اعتمادها: يجب تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم بين الطلّاب، وذلك من خلال تعزيز قيم الاحترام والتسامح والتعاون. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام أساليب تعليميّة، مثل الوساطة، وتنظيم جلسات حواريّة موجّهة، يديرها المعلّمون لمناقشة النزاعات، وإيجاد حلول لها بشكل مشترك. بالنسبة إلى الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة، فهي تشمل المعلّمين الذين يقدّمون التوجيه والدعم، والطلّاب المشتركين في النزاع، وإدارة المدرسة التي تسهر على تطبيق السياسات اللازمة وتقديم الدعم اللازم، بالإضافة إلى تشجيع تعاون أولياء الأمور في عمليّة حلّ النزاعات، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق التفاهم والسلامة داخل البيئة التعليميّة.

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس له جوانب إيجابيّة، ولكن ليس دائمًا. فعلى الرغم من أنّ التكنولوجيا يمكن أن تثري تجربة التعلّم، وتزيد من فعاليّة الدرس، إلّا أنّ هناك حدودًا لاستخدامها. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدّي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى انقطاع التفاعل الشخصيّ بين المعلّم والطلّاب، وبين الطلّاب أنفسهم. كما قد تكون بعض الأدوات التكنولوجيّة مشتّتة، وتسبّب انحراف الانتباه عن الموضوع الدراسيّ. لذلك، ينبغي أن تُستخدم الأدوات التكنولوجيّة بحكمة، وتوجّه نحو تحقيق الأهداف التعليميّة المحدّدة، مع مراعاة الحفاظ على التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الشخصيّ والاجتماعي داخل الصفّ.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

تدخّل الآباء والأمّهات يمكن أن يكون مصدر دعم مهمّ في تعلّم أبنائهم، ولكنّه ليس دائمًا ضروريًّا أو فعّالًا في جميع الحالات. بالطبع، يعتمد تأثير تدخّل الآباء والأمّهات على طبيعة هذا التدخّل وكيفيّة تنفيذه. على سبيل المثال، يمكن أن يكون توفير بيئة دراسيّة مناسبة في المنزل، وتشجيع النقاش والاهتمام بمشاكل التعلّم، مصدرًا قيّمًا للدعم. كما يمكن للآباء والأمّهات تقديم المساعدة الإضافيّة في الواجب المنزليّ، أو التحضير للاختبارات، وهذا يعزّز تجربة التعلّم لدى الأطفال. ومع ذلك، يجب أن يكون هذا التدخّل متوازنًا، حيث يجب عليهم عدم التدخّل بشكل مفرط كي لا يؤثّر سلبًا على استقلاليّة الطالب، وقدرته على حلّ المشكلات بمفرده.

بالنسبة إلى التوقيت المناسب لتدخّل الآباء والأمّهات، فإنّ الدعم المستمرّ والتشجيع في جميع مراحل تعلّم الطفل مهمّ، ولكن قد تكون هناك مراحل خاصّة تتطلّب دعمًا إضافيًّا، مثل فترات الامتحانات، أو المراحل التي يواجه فيها الطفل تحدّيات وصعوبات دراسيّة معيّنة. لذا، يجب على الآباء والأمّهات التدخّل بشكل متوازن، يراعي المزج بين الدعم واحترام استقلاليّة الطفل، وتشجيعه على تطوير مهارات التعلّم الذاتيّ.

 

هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

على الرغم من التطوّر التكنولوجيّ والتحوّلات في أساليب التعليم، إلّا أنّ التخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل قد لا يكون خيارًا مناسبًا في الوقت الحالي. الكتب المدرسيّة ما تزال توفّر مصدرًا موثوقًا ومنظّمًا للمعرفة والموادّ التعليميّة، وتساعد في توجيه الطلّاب، وتوفير هيكل واضح للتعلّم. بالإضافة إلى ذلك، تؤدّي الكتب المدرسيّة دورًا هامًّا في توحيد المناهج التعليميّة وتوفير أساس مشترك للتعلّم بين الطلّاب. ومع ذلك، يمكن استخدام التكنولوجيا بشكل فعّال كأداة تكميليّة للكتب المدرسيّة، حيث توفّر الموارد الرقميّة، والتطبيقات التفاعليّة، مزيدًا من التنوّع والديناميكيّة في عمليّة التعلّم. كما يمكن أن تقدّم التكنولوجيا محتوى معمّقًا وتفاعليًّا، يسهّل استيعاب المفاهيم. بالتالي، يمكن الجمع بين الكتب المدرسيّة التقليديّة والتكنولوجيا الحديثة، لتحقيق تجربة تعليميّة متكاملة وفعّالة. ربما لم يحن الوقت بعد للتخلّي الكامل عن الكتاب المدرسيّ، ولكن يجب أن نستخدم الابتكار التكنولوجيّ لتعزيز وتحسين الطرق التقليديّة للتعليم.

 

كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟

مدّة الدوام المدرسيّ يجب أن تكون موضوعًا للتحقيق والتقييم بناءً على عدّة عوامل، بما في ذلك العمر والمستوى التعليميّ للطلّاب، وطبيعة المنهج الدراسيّ، وظروف المجتمع المحلّيّ، والاحتياجات الصحّيّة والاجتماعيّة للطلّاب. وهناك دراسات عديدة تشير إلى أنّ مدّة الدوام المدرسيّ الأمثل تتراوح بين 4 إلى 6 ساعات في اليوم، بما في ذلك الفترات المخصّصة للاستراحة والتغذية. الهدف الرئيس هو ضمان توفير بيئة تعليميّة مناسبة، تسمح للطلّاب بالتعلّم بشكل فعّال، وتسهم في تطويرهم الشخصيّ والأكاديميّ، مع مراعاة ضرورة توفير وقت كافٍ للراحة والاستراحة للطلّاب والمعلّمين.

 

صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

تجربتي في التعليم تشابهت كثيرًا مع رحلة الشخصيّات في رواية "رجال في الشمس" للكاتب الفلسطينيّ غسّان كنفاني. حيث أنّني واجهت تحدّيات عديدة، وظروفًا صعبة خلال مسيرتي التعليميّة. لكن، مثلما تتميّز الشخصيّات في الرواية بالصمود والتفاؤل، فقد تمكّنت أيضًا من التغلّب على الصعاب، ومواصلة بناء مساري المهنيّ، بإيمان بقوّة التعليم في تغيير الحياة وتحقيق الأمل. باختيار هذا العنوان، أردت تسليط الضوء على الروح القويّة، والإرادة الصلبة التي يمكن أن تدفع الفرد نحو تحقيق النجاح، على رغم التحدّيات والصعوبات.