كيف أعرف أنّ أطفالي ضمن بيئة تعلّم فعّالة؟
كيف أعرف أنّ أطفالي ضمن بيئة تعلّم فعّالة؟

نشأنا جميعًا على الاعتقاد بأنّ المدرسة هي المكان الرئيس للتعلّم، والقوّة الدافعة إلى بناء بيئة مثاليّة داعمة للطلّاب، والتي تعدّ عاملًا حاسمًا في تحفيز قدرات المتعلّمين أو تثبيطها. من هنا، تولي المؤسّسات التعليميّة اهتمامًا كبيرًا بتوفير بيئة تعليميّة إيجابيّة، تهدف إلى دعم الطلّاب لتحقيق أفضل النتائج، وتعزيز قدرتهم على اكتساب أكبر قدر من المعرفة.  

في هذا المقال سنعرّف بيئة التعلّم الفعّالة، مع توضيح أبرز أنواعها، وأهمّيّتها، وكيف تؤثّر في الناتج التعليميّ. 

 

بيئة التعلّم الفعّالة

يشمل مصطلح بيئة التعلّم عمومًا المكان الذي يضمّ المتعلّمين، وثقافة المدرسة وروحها وخصائصها الأساسيّة، والثقافات المتعدّدة التي تؤثّر في الطلّاب خلال عمليّة التعلّم، بما في ذلك كيفيّة تفاعل الطلّاب مع بعضهم البعض، والأدوات والتقنيّات المستخدمة في التدريس، والضغوط والتوقّعات التي قد تُفرض على الطلّاب من محيطهم، بالإضافة إلى تفاعل الطلّاب مع معلّميهم في بيئة التعلّم، والطرق التي يستخدمها المعلّمون بهدف تسهيل عمليّة التعلّم. 

يشير هذا التعريف إلى أنّ الطلاب يتعلّمون بطرق متنوّعة وفي سياقات مختلفة، ومع التركيز على توفير تربة خصبة للتعلّم، تتّجه الجهود نحو بناء بيئة تعلّم متكاملة العناصر، تهدف إلى تعزيز قدرة الطلّاب على التعلّم، ما يترك أثرًا إيجابيًّا كبيرًا، ويجعل عمليّة التدريس تجربة ممتعة ومثمرة. 

يسعى طلّاب اليوم إلى بيئة تعلّم أكثر حيويّة، تتجاوز الصورة التقليديّة للصفوف الدراسيّة المزدحمة بالمقاعد والمكاتب والسبّورات. إنّهم يفضّلون بيئة تعليميّة مصمّمة خصّيصًا لتحفيز التفكير وتعزيز الإبداع، تدعم قدراتهم على التعلّم باعتماد استراتيجيّات تدريس مبتكرة ومتجدّدة. يريد الطلّاب أن يكونوا جزءًا من بيئة تعليميّة ملهمة، تُشعرهم بالإنجاز، وتتيح لهم التكيّف، والتفاعل بفعّاليّة مع زملائهم ومعلّميهم. باختصار، يطمح الطلّاب إلى أن يكونوا لاعبين نشطين وشركاء حقيقيّين في العمليّة التعليميّة، وليس مجرّد متلقّين سلبيّين للمعرفة. 

بذلك، تعرّف بيئة التعلّم الفعّالة بأنّها البيئة التي يشعر فيها الطلّاب بالمشاركة والمسؤوليّة عن تعلّمهم، مع الشعور بالراحة الكافية للمشاركة الكاملة في الأنشطة الجماعيّة والفرديّة، والشعور بالدافعيّة إلى الوصول إلى نتائج تعليميّة واعدة. 

 

مكوّنات بيئة التعلّم الفعّالة

هناك العديد من المكوّنات والمواصفات التي تشير إلى إيجابيّة بيئة التعلّم وفعّاليّتها، أهمّها: 

مكوّنات بيئة التعلّم الفيزيائيّة

  • - الموقع: يشمل ذلك الفصول الدراسيّة التقليديّة، والمختبرات، والمكتبات، والمساحات الخارجيّة، أو أيّ مساحة مادّيّة يحدث فيها التعلّم. 

  • - البنية الأساسيّة: إعداد الغرفة، بما في ذلك مساحات الجلوس، والإضاءة، والتهوية، وكفاءة الوصول إلى التكنولوجيا (أجهزة الكمبيوتر والسبّورة الذكيّة) والموارد الأخرى. 

  • - الموادّ: الكتب المدرسيّة والأدوات واللوازم، وأيّ موادّ تعليميّة تسهّل التعلّم. 

 

مكوّنات بيئة التعلّم الاجتماعيّة

  • - التواصل: طبيعة التفاعل بين الطلّاب والمعلّمين، وتشمل أسلوب التواصل، وفرص التعاون بين الطلّاب أنفسهم وبين الطلّاب والمعلّمين، بالإضافة إلى أنظمة دعم الطلّاب. 

  • - المجتمع: الشعور بالانتماء إلى مجتمع، ووجود أهداف مشتركة تجمع أفراده، والاحترام المتبادل الذي يمكن أن يحفّز المتعلّمين، ويشركهم في العمليّة التعليميّة. 

  • - التوقّعات السلوكيّة: القوانين وقواعد السلوك التي تحدّد السلوكيّات المقبولة، وتخلق مساحة تعليميّة آمنة وتحترم أفرادها. 

 

مكوّنات البيئة العاطفيّة

  • - السلامة النفسيّة: خلق جوّ يشعر فيه المتعلّمون بالراحة في التعبير عن أنفسهم، من دون خوف من السخرية أو العقاب. 

  • - الدافع والمشاركة: استخدام استراتيجيّات مخصّصة لإبقاء المتعلّمين مهتمّين، مثل تحديد أهداف واضحة، وتقديم الملاحظات، وتوفير محتوى هادف وذي صلة، يلقى اهتمامًا من الطلّاب. 

  • - أنظمة الدعم: إمكانيّة الحصول على الاستشارة أو الإرشاد أو دعم الأقران، لمعالجة الاحتياجات العاطفيّة والأكاديميّة. 

 

مكوّنات البيئة التعليميّة

  • - مشاركة الأفكار: تشجيع الطلّاب على طرح الأسئلة الفضوليّة، أو النابعة عن رغبتهم بالتعلّم، فمنح الطلّاب حرّيّة التعبير يؤدّي إلى تعزيز حماسهم للتعلّم، ويفتح المجال أمام طموح لا حدود له. 

  • - الإجابة عن الأسئلة: تقدير المعلّم للأسئلة التي توفّر فرصًا لاستكشاف الموضوعات بمزيد من التعمّق، بتشجيع الطلّاب الذين يطرحون الأسئلة بشكل إيجابيّ. 

  • - نماذج التعلّم: يستخدم المعلّم نماذج تعلّم مختلفة، مثل: التعلّم القائم على الاستفسار والتجربة، والتعلّم المباشر، والتعلّم من نظير إلى نظير ومن مدرسة إلى مدرسة، والتعلّم الإلكترونيّ، والفصول الدراسيّة المقلوبة. 

  • - نظام التقييمات: يقدّم المعلّم للطلّاب تقييمات مستمرّة وحقيقيّة وشفّافة، للمساعدة في تطويرهم الشخصيّ، وإعدادهم للفرص المستقبليّة. 

 

مكوّنات البيئة التكنولوجيّة

  • - التكامل الرقميّ: استخدام التكنولوجيا لتعزيز التعلّم، بما في ذلك المحاكاة التفاعليّة، أو البرامج التعليميّة، أو تجارب الواقع المعزّز. 

  • - الأدوات الرقميّة: أدوات مؤتمرات الفيديو، ومنتديات المناقشة، والكتب الإلكترونيّة، والمحاكاة والمحتوى التفاعليّ الذي يدعم التعلّم عبر الإنترنت. 

  • - إمكانيّة الوصول والمساواة: ضمان حصول جميع المتعلّمين على الأدوات اللازمة والوصول إلى الإنترنت، لضمان مشاركة جميع الطلّاب في تجربة التعلّم، بمن فيهم ذوو الإعاقة. 

 

كيف يمكنني إنشاء بيئة تعليميّة إيجابيّة؟ 

هناك العديد من الأمور التي يمكن للأهل والمعلّمين القيام بها، لإنشاء بيئات تعليميّة فعّالة لأطفالهم وطلّابهم. في الآتي بعض النصائح المفيدة: 

في المنزل

يمكن للأهل إعداد مساحة تعليميّة مخصّصة لأطفالهم، حيث يمكنهم التحضير للدروس، أو حتّى حضور الفصول الدراسيّة عن بُعد، مع توفير جميع اللوازم الضروريّة، والمقاعد المريحة، والاتّصال القويّ بالإنترنت.   

على المعلّمين مشاركة خطط الدروس القادمة مع الأهل، بتزويدهم بموادّ الفصل الدراسيّ ومهام القراءة والموارد الأخرى. في حال كان الطالب يواجه صعوبة ما، يمكن للأهل والمعلّمين التعاون في طرق دعمه، سواء باستخدام أساليب التدريس الحديثة، أو الدروس الخصوصيّة الفرديّة، أو الاستشارة. 

يمكن للأهل، بالتعاون مع المعلّمين، أن يجعلوا وقت الدراسة أو قضاء الواجبات المنزليّة أكثر متعة، بتشغيل الموسيقى، أو استخدام الألعاب والمسابقات والتدريبات المحدّدة بوقت، أو روائح تحفّز الذاكرة، أو غيرها من أساليب التعلّم الفريدة. 

 

في الفصل الدراسيّ

يمكن للمعلّمين التفكير في تصميم الفصل الدراسيّ بطريقة مختلفة، تدعم تعلّم الطلّاب بفعّاليّة. مثلًا: التفكير بطريقة لوضع المقاعد بحيث تمكن للجميع رؤية ما يحدث في مقدّمة الغرفة، أو وضعها في أنصاف دوائر بدلًا من الصفوف المتتالية، لخلق المزيد من التفاعل بين الطالب وأقرانه. 

كما يمكن أن يشجّع المعلّمون الطلّاب على المشاركة في إنشاء بيئة التعلّم التي يرغبون فيها، مثل صنع أعمال فنّيّة تزيّن الفصل أو المدرسة، أو المشاركة في جلسات نقاش حول مواضيع يهتمّون بها، وتشجيعهم على التعبير عن آرائهم وطرح الأسئلة. من المرجّح أن يشعر الطلّاب بعد هذه الخطوات بمزيد من الارتباط ببيئتهم، طالما أنّ لهم يدًا في تشكيلها. 

 

*** 

يساعد إنشاء بيئات تعليميّة إيجابيّة وجذّابة للطلّاب في تعزيز قدرتهم على تلقّي المعلومات والاحتفاظ بها، ويزيد من فرص تحقيق الدعم العاطفيّ والتعليميّ الذي يحتاجون إليه للنجاح في المدرسة وخارجها.

 

المراجع

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC9076804/ 

https://msaaq.com/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9/ 

https://e3arabi.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7/ 

https://www.wgu.edu/blog/3-types-learning-environments2111.html