هويدا خالد مصطفى- معلّمة لغة عربيّة- لبنان
هويدا خالد مصطفى- معلّمة لغة عربيّة- لبنان
2024/11/28

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

وجدت أنّ استراتيجيّة "توارد المفردات"، هي الأكثر فعّاليّة في غرفة صفّي. تطبّق عند شرح مداخل المحاور التعليميّة، أو شرح نصّ جديد. وتتمّ عن طريق استخراج خمس مفردات من النّصّ ووضعها على اللوّح، ثمّ تنظيم الصّفّ في فرق، والطلب إليهم في ثلاث إلى خمس دقائق، أن يقدّموا أكبر عدد من المفردات أو العبارات التي تواردت إلى أذهانهم عندما يقرؤون هذه المفردات، ثمّ كتابتها على اللّوح. تجاوب طلّابي بحماس بالغ، فكلٌّ يريد أن يعبِّر عمّا يتبادر إلى ذهنه، ومنهم من يطلب الإذن أكثر من مرّة ليعبّر.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

التكنولوجيا عامّة، والذكاء الاصطناعيّ خصوصًا، سيف ذو حدّين، وتحديدًا إذا اعتُمد عليهما بشكل كامل. لذا، فإنّني أعتدل في توظيفهما في مادّتي، لأحافظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؛ فقد أستعين بتطبيق copilot، أو أطلب من المتعلّمين استخدامه من أجل تجميع معلومات حول موضوع معيَّن، بشرط صياغة هذه الأفكار والمعلومات بأسلوبهم الشخصيّ. ولا أقبل الأعمال المتشابهة، بل أعيدها إلى أصحابها للتعديل فيها. 

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في بداية مسيرتي التعليميّة كنت أعطي العلامات بسخاء، وذلك كي أجعل الطلّاب يحبّون المادّة. كما كنت أمنح علامات إضافيّة للطلّاب ذوي السلوك الحسن، ما جعل الطلّاب يهملون الدرس ويعتمدون على السلوك، كونهم ينالون العلامات بدون أيّ مجهود، فتراجع مستواهم في المادّة. طبعًا اكتشفت أنّني أخطأت، وغيّرت من أسلوبي؛ فتوقّفت عن منح علامات إضافيّة إلّا لمن يبذل مجهودًا، أو نشاطًا إضافيًّا في المادّة ويقوم بواجباته الكاملة. وبالنسبة إلى ضبط السلوك، أدخلت الحسم، وأبقيت على المكافأة، ووضعت سقفًا محدَّدًا لزيادة العلامات، أي اعتمدت طريقة الثواب والعقاب.

 

افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

الموضوعات المهمّة هي الموضوعات اللّازمة والضروريّة في جعلنا مواكبين علومَ الفترة الراهنة. وأبرز مثال على ذلك، موضوع إدخال الذكاء الاصطناعيّ وتوظيفه في التعليم لتطوير مهارات المعلِّمين التعليميّة، وتعريف الطلبة إلى تطبيقاته ووظائفها وكيفيّة استخدامها، واستثمارها في العمليّة التعليميّة. فلا ننسى أنّ المتعلّمين هم جيل التكنولوجيا، ولا بدّ من محاكاة مهاراتهم لجذبهم وتشويقهم إلى التعلّم.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

التشبيك بمعناه الأصليّ هو البحث الدؤوب عن علاقات، من أجل التعاون لتبادل الخبرات والمعلومات. وهو من المهارات العصريّة، إذ انتهى العمل الفرديّ وحلّ محلّه العمل التعاونيّ. والتشبيك أمرٌ ضروريّ جدًّا لتبادل الخبرات والآراء من أجل حلّ أزمات التعليم في العالم العربيّ. ومن هُنا، أقترح مبادرة إقامة جلسات حوار عبر منصّات، مثل "تيمز" أو "زووم" ، يطرح خلالها المعلّمون المشكلات، ويتبادلون الاقتراحات والآراء.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

بالنسبة إليّ، التواصل مع الأهل من أسس نجاح الطلّاب. وأنا أعتمده، إمّا بالهاتف، أو بحضور الأهل إلى الثانويّة. فأشجّعهم على المشاركة في تعليم أبنائهم، وأُظهِر لهم كم أحدث دورهم فرقًا في تقدّم أبنائهم، وأنَّ الفضل يعود إليهم، وأثني على أبنائهم، وعلى تجاوبهم الإيجابيّ.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

أعطي نفسي وقتًا خاصًّا، فأمارس رياضة المشي، وأهتمّ بعلاقاتي الاجتماعيّة، فأزور بعض الأقرباء، وأتواصل مع الأصدقاء الذين يمدّونني بطاقة إيجابيّة. كما ابتعد عن الأخبار المزعجة التي تسلبني طاقتي وقوّتي. وطبعًا لا أنسى تخصيص وقت للترفيه عن النفس كالقيام بنزهة. والأهمّ من كلّ ذلك، الاهتمام بالجانب الروحيّ كالعبادة والتوكّل على الله.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

عندما تتراكم الأعمال، أوَّلًا أحاول أن أحافظ على هدوئي، ثمّ أتَّبع استراتيجيّة تقديم الأوْلى والأهمّ، فأبدأ بإنجاز العمل الأكثر استعجالًا. وقد أطلب مساعدة ممّن أثق به.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

الأثر الإيجابيّ هو أنّني أحقّق ذاتي وكياني من خلال مهنة التعليم، فأشعر بأنّي أقدّم خدمة إلى الإنسانيّة، وأنّ هناك من ينتظر العون مني لأنوّره وأساعده. إذًا، أنا لست على هامش الحياة. أمّا الأثر السلبيّ، فهو أنّ التعليم وظيفة ليست كالوظائف الأخرى، ينتهي العمل فيها بمجرّد انتهاء الدّوام، فعملي يرافقني إلى بيتي، فتترتب عليّ ساعات عمل إضافيّة قد تكون على حساب عائلتي.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

حدث معي في الصفّ الحادي عشر العلميّ، حيث كنت أمهِّد لشرح مدخل محور "الإنسان والفنّ"، وكنت قد طلبت من المتعلّمين قبل يوم التحضير لهذا المدخل وتحميل أغنية لفيروز على USB. وعندما دخلت الصفّ، تفاجأت بطلّابي يعتمرون الكوفيّات، ويحملون السبحات بأيديهم، ويقفون منتظمين بصفّين مواجهين، وقام أحدهم بتشغيل أغنية "عالعين مولايّتين"، وبدؤوا حلقة الدبكة، ولم يتوقّفوا عن ذلك حتّى انتهت الأغنية. والأمر المستعجب أنّ الناظرة أتت لتطَّلع على مصدر الصوت، فإذا بها أخذت تشجّعهم وتصفّق لهم.