مصطفى أمين- معلّم لغة عربيّة للمرحلة الثانويّة- لبنان
مصطفى أمين- معلّم لغة عربيّة للمرحلة الثانويّة- لبنان
2024/09/05

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

استخدمت استراتيجيّة متوازنة تجمع بين التكنولوجيا والتفاعل الشخصيّ، عن طريق إدماج استخدام الأجهزة اللوحيّة أو الحواسيب في الدروس، لتعزيز التفاعل وتخصيص التعلّم لكلّ طالب. كما قمت بتنظيم أنشطة تشجّع على التفاعل الاجتماعيّ داخل الصفّ، مثل المناقشات الجماعيّة والعروض التقديميّة. وقدّمت المزيد من الملاحظات الشخصيّة والإرشاد للطلّاب. كانت ردود الفعل إيجابيّة، إذ استفاد الطلّاب من تنوّع الأساليب التعليميّة، وشعروا بتحفيز أكبر للمشاركة والتفاعل داخل الصفّ.

 

كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

لتحقيق التوازن بين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ، يمكن الحفاظ على تكامل الأنشطة التقنيّة مع الأنشطة الإنسانيّة، مثل المناقشات الجماعيّة والعروض المباشرة للتحفيز الشخصيّ وتعزيز الروح الفريقيّة، إذ من غير الدقيق الاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ وحده، فهو غير كافٍ، بل هو مهارة يعزّزها الأستاذ ويصقلها المناخ المعرفيّ داخل الصّفّ.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

صحيح، اكتشفت أنّ علاقتي مع الطلّاب كانت ودّيّة، فإذا كنت صارمًا لدواعٍ أكاديميّة وتربويّة، حصل الشقاق والانشقاق، فهم لم يعتادوا على هذا الأمر ويفهمونه بسوء نيّة. لذا، فالتوازن ورسم الحدود مطلوب دائمًا من المعلّم، وأهمّ الحدود هو أن يدرك الأستاذ أنّه غير معنيّ بتغيير العالم وليكتفِ فقط بتغيير حصّته؛ أي أن يركّز فقط في الموضوع، دونما الدخول في علاقات مدّ وجزر مع الطلاّب. بشكل أوضح، أن تكون وظيفته مع الطلّاب وظيفة مرجعيّة - إحاليّة وليست اجتماعيّة شخصيّة.

 

افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

ورش عن مهارة التعلّم الذاتيّ، أي القدرة على فصل الطالب أكاديميًّا عن الأستاذ، وجعل المتعلّم مصدر بحث عن المعلومات مع المحافظة على دور الأستاذ كموجّهٍ ومرشد، وليس أكثر من ذلك مثل: أي عدم حصر المعرفة بالأستاذ فقط.

 

هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

نعم أعتقد أنّه مهمّ، لأنّ التعليم في العالم العربيّ يشبه بعضه طالما النُّظم السياسيّة والاقتصاديّة واحدة، وكذلك الظروف الإقليميّة. لذا، من المفيد القيام بمؤتمرات واقعيّة دوريّة ودوّارة بين الدول العربيّة، لتنشيط التعليم وخلق لوبي أكاديميّ يؤثّر في النظم التربويّة ويخترقها أحيانًا كثيرة.

 

كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

في الحقيقة هذا سؤال حسّاس للغاية، فوليّ الأمر في غالب الأمر يأخذ اتّجاهين متضادّين، فمثلًا: هناك وليّ الأمر يلبّي جميع رغبات ابنه، فيأتي الطالب مدلّلًا وسريعَ العطب وكثير الشكوى. ووليّ أمر آخر يستخدم التسلّط والإقصاء والتشدّد فيأتي الطالب محبطًا ومكتئبًا ومتمرّدًا، فيفتعل المشاكل مع الأستاذ والإدارة التربويّة. لذا، عندما تكون هناك جلسة مع ولي أمر، أذكر الإيجابيّات ثمّ السلبيّات بموضوعيّة ودونما شخصنة. هُنا، أضع وليّ الأمور أمام حقائق إنسانيّة، فلكلّ منّا إيجابيّات وسلبيّات، فيفهم وليّ الأمر من خلال السياق ما المطلوب، وأنّ التوازن هو المراد، والمتابعة هي بيت القصيد، فالمدرسة وعلى رغم أنّها البيت الثاني، هي المعلّم والقدوة وليست الأب، والفرق كبير.

 

كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

أحافظ على صحّتي من خلال تخصيص أربع ساعات لأنشطة الرعاية الذاتيّة، فذلك يعيد إليّ طاقتي ويدفعني إلى التأمّل داخل ذاتيّ، لرؤية الأمور من زوايا أخرى.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

أضع تقويمًا "كالندر" منظّمًا جدًّا ومفصّلًا للغاية: على المستوى اليوميّ والأسبوعيّ والشهريّ وحتّى السنويّ. لذا، كلّ مهمّة أقوم بها منظّمة وواضحة المعالم والخطوات، ولم أشعر على الإطلاق بسباق مع الوقت. على العكس، أشعر بفائض من الوقت، فالوقت هو الوقت، ولكن من المهم أن نسأل كيف ننظّم المهام في هذا الوقت.

 

اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

الأثر الإيجابيّ خلقُ تيّار دائم من التأثير في الآخرين وإلهامهم. أمّا الأثر السلبيّ فهو الإجراءات الإداريّة المتزمّتة التي قد تعيق حرّيّة المعلّم، فيصبح أداة بيد الإدارة التربويّة.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

الموقف الطريف كان من خلال المزاوجة بين الفضاء الخارجيّ والغرفة الصّفيّة، فمثلًا: كنت أشرح محور الإنسان والحبّ للصفّ الثاني الثانويّ، فأتيت باقتباس من أغنية لوائل كفوري وافتتحت بها المحور: "بالغرام هالكون ابتدى". في البداية، تفاجأ الطلّاب والطالبات وبدأوا بالضحك والتعليقات الفكاهيّة، ولكن لمّا قمت بشرحها أدبيًّا وفلسفيًّا أعجبوا بهذا الموقف الحداثيّ الذي زاوج بين الحياة الخارجيّة والكتاب المدرسيّ، فاللّغة لغة إن كانت في كتاب أو في أغنية أو في الشارع.