برأيك، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟
تؤدّي إدارة المدرسة ورؤيتها ورسالتها التّربويّة وإدارتها، دورًا محوريًّا في تحديد طبيعة عمليّة التّعلُّم والتّعليم فيها لمختلف المراحل التّعليميّة، وذلك من حيث مركزية عمليّة التّعلُّم؛ أي مركزية تتحاور بين المتعلّم والمربّي. يترتّب على هذا الأمر تحديد أساليب التّعلُّم والتّعليم واستراتيجيّاتهما المتّبعة، وطبيعة البيئة المادّيّة في الصُّفوف، من حيث تنظيمها وتجهيزاتها، وطبيعة المواد التّربويّة المتوفّرة فيها، بما ينسجم مع أعمار الطّلبة ضمن كُلّ مرحلة تعليميّة، ومتطلّبات التّعلُّم والتّعليم المنسجمة معها. كما أنّ إدارة المدرسة وسياساتها تُحدّد دور المُربّي ومتطلّباته في كُلّ مرحلة تعليميّة، بما يتناسب مع المادّة الدّراسيّة خاصّته ومقرّراتها. وكُلّما اتّجهت سياسات المدرسة نحو مركزيّة دور المتعلّم في تعلّمه، سيساعد ذلك في تكوين مُتعلّم نشط يكتسب المعرفة ذاتيًّا، وسيعين المربّي كميسر لهذا التّعلُّم، وسيساعد ذلك في تحقيق الجوّ الملائم لعمليّة تعلُّم فعّالة ومتكاملة.
بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم عن بُعد وأبقيت عليها الآن؟
اعتمد المعلّمون خلال فترة التّعليم عن بُعد وسائل مُتطوّرة وتقنيّات حديثة، لم تكُن مُتوفّرة لهُم في التّعليم الوجاهيّ بشكل عامٍّ، على الرّغم من كُلّ الصُّعوبات التّقنيّة والمادّيّة وحتّى البشريّة؛ وحيث وجدنا أنفُسنا أمام تحدّيات عديدة دفعت بنا إلى البحث عن وسائل وتقنيّات للتّطوير الذّاتيّ للمعلّم وللمتعلّم. لذا، وبعد العودة إلى التّعليم الوجاهيّ، وجد المعلّمون أنّهُم باتُوا يستخدمون هذه الوسائل في حياتهم اليوميّة والعمليّة، وبالتّالي أصبحت جُزءًا من عملهم، ومن التّقنيّات والوسائل المعتمدة في التّعليم: الأجهزة التّكنولوجيّة التي تُستخدم فيها الوسائل البصريّة والسّمعيّة، واستعمال استراتيجيّات تعليميّة ناشطة: كالتّعلُّم من عمل المجموعات والتّعلُّم المتبادل والمناقشة، والتّعلُّم التّعاونيُّ، وتعلُّم الأقران، والتّعلُّم من خلال الاستقصاء والبحث وغيرها.
كيف تخاطِب الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟
يمتلك العديد من طلبة المدارس مواهب وقدُرات مُختلفة كامنة قادرة على الإبداع، ومثل هؤلاء الطّلبة بحاجة ماسّة إلى توجيه ورعاية لتشجيعهم وبثّ الدّافعيّة فيهم لمزيد من الإبداع، مع ضرورة إبراز هذه المواهب وتنميتها وعدم احتكارها. على الإدارة المدرسيّة منح الفُرص للطُّلّاب الموهوبين لإظهار قُدراتهم وإمكاناتهم، وتكوين بيئة صفيّة تُساعدهم على الابتكار والإبداع، وإعداد برامج إثرائيّة إضافيّة تُلبّي حاجاتهم، وتنمّي مهارات التّفكير لديهم، وتهتمّ بالحوافز المادّيّة والمعنويّة التي تُشجّع العقل والذّكاء، وتنمّي خيالهم، وتؤمّن التّواصل مع أولياء أُمورهم والعمل مع الأُسرة لتحقيق نتائج أفضل، وإرشاد الطُّلّاب الموهوبين إلى استخدام مصادر مُتعدّدة وحديثة للتّزوُّد بالخبرة والمعرفة، واستخدام أساليب تدريس فعّالة تُركّز على الحوار والاستكشاف والتّقصّي والتّعلُّم الذّاتيّ وحلّ المشكلات، وإقامة معارض خاصّة بهم لعرض نتاجهم وأعمالهم.
هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟
لا، ليست مُتابعة مُستجدّات عُلُوم التّربية الشّرط الوحيد ليكون المُعلّم ناجحًا؛ فالمعلّم النّاجح هو المتمكّن من تخصّصه الأكاديميّ، والذي يُوظّف أكثر من استراتيجيّة تعليميّة في الحصّة الصفّيّة، والمستخدم أدوات التّقويم المناسبة لكلّ نتاج تعليميّ.
ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمر هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟
يتشوّق الطلبة ويتحمّسون للدُّروس التي تحتوي على تفاعُل تكنولوجيٍّ؛ لذلك نحرص في حصصنا المباشرة مع الطلّاب، على جذب انتباههم بتقديم عروض تقديميّة. وعلى المُعلم أن يمتلك مهارات التعامل مع الحاسب الآليّ وإعداد المواد العلميّة الإلكترونيّة. وأعتقد أنّ على التّعليم الوجاهيّ والتّعليم عن بعد أن يتكاملا، من دون أن يكون الأخير مُرتبطًا بالأزمات؛ فيتألّف المتعلّمون مع نموذجين من التعلُّم. وبالطّبع من الصّعب تحقيق هذا التّكامل، إلّا بتوافر شُروط مُختلفة، منها اقتصاديّة أو اجتماعيّة.
من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّف هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟
كُلّ مُتعلّم يحصُل على طُرُق تعلُّم تلبّي احتياجاته ورغباته وتطلّعاته، وتكون جاذبة مثيرة للاهتمام، هو متعلّم شغوف، بغضّ النظر عن المادّة التّعليميّة. ويكُون ذلك عن طريق إعطائه أنشطة ومهامًا تُرضي مُتطلّباته وطمُوحه.
ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟
يُعدّ الزّيّ المُوحّد مصدر فخر لأصحابه. ارتداء زيٍّ مُوحّد يُحدّد هُويّة الطّالب ويحدّد شخصيّته؛ فالزّيُّ الموحّد يُعلّم الانضباط، ويُوحّد الغنيّ والفقير، ويلغي الفوارق المادّيّة. هو أحد القوانين الصارمة التي تُعلّمنا الامتثال والالتزام. الزّيُّ المُوحد يضمن حدًّا مُعتدلًا من "الشيّاكة" المبالغ فيها لدى بعض الطلبة، لأنّ هناك تفاوُت كبير بين أذواق النّاس في اختيار الملابس. قد تبدو اختياراتهم مُتناقضة أحيانًا، وغير مُتلائمة مع طبيعة المكان أحيانًا أُخرى، من هنا يُعدّ الزّيُّ الموحّد طريقة لضبط هذا التفاوت، والحصول على حُدود "الشيّاكة" المقبولة التي تُؤثّر في صورة الطالب والمكان. ولا ننسى أنّ الزّيُّ المُوحّد يُوفّر الكثير من المال على الأهل.
ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟
مهنة التعليم من أرقى المهن وأصعبها، فهي مهنة الأنبياء والرُّسل. ولا يقتصر دوري كمعلّم على التعليم فقط، بل يتعدّاه إلى إدخال البهجة والمرح داخل غرفة الدراسة، لإرساء جوّ من السعادة والبهجة. وبناء علاقات صداقة بين المتعلّمين يُشعرهم بالرضا والراحة، ما يزيد من إنتاجيّتهم وأدائهم السليم. وعلى المدارس المساهمة في تأمين الدعم النفسي والمعنويّ والاجتماعيّ عند الحاجة، والمساهمة في إضافة أنشطة لا صفيّة جاذبة تُعزّز ثقة الطالب بنفسه. كما أنّ العلاقة التي تربط المُعلّم بطلّابه، والثقة التي تُبنى بين الطرفين، تُساهمان في الرفاه المدرسيّ، فيأتي الطالب إلى المدرسة بكلّ رغبة وشغف، من دون الشعور بالملل أو الخوف، وبالتالي تُصبح المدرسة بيته الثاني.
ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمح أن تشارك بها؟ لماذا؟
دائمًا ما أرغب في تطوير ذاتي عن طريق تعلّم استراتيجيّات وطرق وأساليب جديدة للتعليم، وفهم طبيعة المتعلّمين ومراحل نموّهم الجسميّ والنفسيّ والاجتماعيّ. وأطمح إلى تنمية القدرة الإبداعيّة للتأثير بشكل إيجابيّ وابتكاريّ في البيئة المدرسيّة.
بماذا تنصح شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟
أن يضع نصب عينيه أنّ هذا التلميذ أمانة، ويستودع عمله عند الله سبحانه.