لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟
لو كنت طالبًا اليوم، أريد أن يكون التعليم مزيجًا يجمع بين الماضي التقليديّ المباشر المعتمد على التوجيه من المعلّم، والعصريّ الحاضر المعتمد على التّعليم الفعّال التقنيّ الحديث، والذي يشجّع على استعمال البرامج الإلكترونيّة الحديثة الممتعة التي بدورها تشجّع الطّلبة على التعلّم المستمرّ. أعتقد بأنّني أحتاج إلى هذا النّوع من التّعليم بعد هذه الخبرة الطويلة التي أمضيتها في مهنة التعليم.
إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ التوازن بين المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة أمر حيويّ وضروريّ؛ لأنّهما جانبان متلازمان مرتبطان لا يمكن الفصل بينهما، فنستطيع أن نعطي الطّالب مهمّات تعتمد لحلّها على البحث والاستقصاء وحلّ المشكلات وإثارة التّعاطف في قضايا معيّنة، حيث تساعد هذه المجالات في إثارة دافعيّة الطالب من النّاحيتين الاجتماعيّة والعلميّة.
كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟
دوري مرتبط بالطالب، فمن الواجب عليّ أن أكون في الصف الأوّل في معرفة كلّ جديد ومفيد يدعم العمليّة التعليميّة ويطوّرها ويجعلها أكثر تقدّمًا. ولا بدّ من اتّخاذ موقف واضح وصريح في اعتماد التّوجيه النّاجع لطلبتنا في استعمال التّكنولوجيا بالطّريقة الصحيحة، البعيدة عن مخاطر ثورة الذكاء الاصطناعيّ ومخاطر الاعتماد السلبيّ في إنجاز المهمّات، والتي قد تطلب من الطالب على مدار العام الدراسيّ.
متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟
يعتبر الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التّعليميّة عندما يضع معايير واضحة ومحدّدة لجميع الأعمال التي يقوم بها، وخططًا تربويّة مستقبليّة مرتبطة بمدّة زمنيّة لما يُرغب في تحقيقه على مدار الأعوام المقبلة. كما لا يغفل عن أهمّيّة المثلّث التربويّ (الطّالب، المعلّم، المنهاج)، إضافة إلى تقديم الدّعم الكامل من الورش التّدريبيّة وإشراك المعلم والطّالب إشراكًا حقيقًا في إعداد المنهاج. حينها نستطيع أن نقول إنّ الإشراف التربويّ مفيدٌ للممارسة التعليميّة بشكل قويّ ومؤثّر.
ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟
باعتقادي، قبل النظر إلى الأسلوب النّاجع لحلّ النزاعات بين الطلبة، علينا أن ننظر إلى كثير من الأشياء، منها: عمر الطّالب، وجنسه، وظروف النزاع. كلّ هذه الأمور تشخيص لحالة النزاع، والتّشخيص الصحيح نصف الحلّ، وخصوصًا بعد الحوار مع الطّلبة، فتصبح الصورة أكثر وضوحًا، خصوصًا وأنّ المعلّم هُنا يكون قد سمع وجهات نظرهم. وبعدها نبدأ بالطّريقة العلاجيّة ضمن لائحة المدرسة المتّفق عليها مسبقًا، مثل التصالح الاجتماعيّ، الجلوس مع الطرفين بعد الحصّة، وهذا بالتأكيد بالتنسيق مع رائد الصّف والمرشد الطلّابيّ، ولا نغفل عن تعزيز الطّلبة عاطفيًّا واجتماعيًّا، وإظهار أهمّيّة دورهم في المدرسة.
هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟
على ما أظن، إنّ الكلمة الأكثر شهرة في هذا السّياق هي: "الأدوات التكنولوجيّة سلاح ذو حدّين". الأدوات دورها جميل ورائع في الحصة الصفّيّة وفي العمليّة التعليميّة بصورة عامّة، بشرط ألّا تتحوّل إلى مجال لضياع الوقت وإهداره، أو ابتعاد الطّلبة عن الورقة والقلم والتزامهم بتقديم الأعمال إلكترونيًّا من دون الاهتمام بالورقة والقلم أو الكتب الورقيّة. أمّا بالنّسبة إلى حدود الاستعمال، فلا بدّ من وضع المعلّم ضوابطَ وطريقة التحكّم بها كي لا تطغى مهارة على مهارة أخرى.
هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟
يشكّل تدخّل الأهل عنصرًا أساسيًّا في دعم تعلّم الأبناء، على أن يكون دعمًا إيجابيًّا وليس دعمًا "اتّكاليًّا"، فيكون دور الأهل هو المربّي المتابع المشجّع على عمل الأبناء، لا المصدر لحلّ النّشاط للأبناء أو اجتياز الواجب وتسليمه للمعلّم. أمّا عن الوقت المناسب، فالتّعليم في عصرنا الحاضر ممارسة حياتيّة: فالأب يعلّم ابنه في كلّ الأوقات والمناسبات والممارسات، أثناء تناول الطّعام وفي الطّريق إلى المدرسة، والجلوس مع الأهل والأصدقاء وحتّى في شراء أغراض المنزل، والتي يكتسب منها الكثير.
هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟
برأيي لم يئن الأوان للتّخلّي عن الكتاب المدرسيّ الورقيّ، بل يتم دعمه بمصادر متنوعة متعدّدة إلكترونيّة أو أنشطة لا منهجيّة، وهذا يجعل الطّالب في توازن بين الكتاب الورقيّ، وبين الثّورة الإلكترونيّة في هذا المجال، ويغرز في نفس الطّالب مفهومًا ملحًّا وهو أنّنا نستطيع تسخير أيّ شيء في سبيل التعلّم النافع المتطوّر.
كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟
المدّة الزمنيّة للدوام الرسميّ بالنّسبة إلى الطّلبة مرتبطة بحجم المرحلة واحتياجاتها ومدى أهمّيّتها، ولكن بشكل عامٍ نقول بألّا يكون قصيرًا يقطع متعة العلم واللّعب، وألّا يكون طويلًا مرهقًا لعقل الطالب وجسمه.
صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.
أنا معلّم في مجال البكالوريا الدّوليّة، وفيه نعتمد بشكل كبير على الأعمال الأدبيّة من روايات، ومسرحيّات، وقصص. سأختار لكم، على سبيل المثال لا على الحصر، رواية "عائد إلى حيفا" من أعمال الأديب الرّاحل غسّان كنفاني، لقد اختيرت لأنّها تمثّل قضيّة كبرى تشغل بال الكثير من النّاس والمجتمع العربيّ والغربيّ على حدٍّ سواء، التّجربة جدًّا رائعة، لم أكن أتصوّر حجم المشاعر التي يحملها الطّلبة تجاه القضية الفلسطينيّة من مختلف البلاد وطريقة تفاعلهم مع المادّة المقدّمة لهم.