لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟
لو كنت طالبة اليوم لكان الأمر مختلفًا عن السابق. تعلّمنا قديمًا بأسلوب التلقين، كما خلت مدارسنا من كلّ أشكال التكنولوجيا الحديثة ووسائل التعلّم النشط. أمّا الآن، لو كنت طالبة لأحببت التعلّم الذاتيّ، والقائم على المشروعات؛ فالتعلّم القائم على المشاريع يجمع بين الإبداع والتعاون لحلّ المشكلات والمهام الصعبة، ويوفًر اتّصالًا بالعالم الحقيقيّ، وتعاونًا منظّمًا. كما تعمل تكنولوجيا التعليم في المدارس على تحسين المعرفة الرقميّة، إذ تُمكِّن الطلّاب من إتقان المهارات التقنيّة.
إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟
في الأساس، يجب التوفيق بينها، فالطالب ليس مجرّد آلة يجب حشوها بالمعارف العلميّة فقط، بل يجب السعي لإكسابه المهارات الاجتماعيّة. إذًا، علينا، في العمليّة التعليميّة، مراعاة بناء شخصيّة إنسان قادر على التواصل اجتماعيًّا مع غيره.
من هُنا، يجب أن تكون البيئة الصفّيّة أهمّ البيئات التي تُعلّم الطالب المهارات الاجتماعيّة للطالب، بتعامله مع زملائه ومعلّميه. وتشير معظم الأبحاث إلى فعاليّة التعليم في تطوير المهارات الاجتماعيّة لدى الطالب، أثناء وجوده في الصفّ، عن طريق تشجيعه على اتخاذ القرارات الفرديّة، والعمل الجماعيّ. وتقصيرنا في تعليم المهارات الاجتماعيّة للطالب، يظهر في أدائه التعليميّ، مثال ذلك عدم قدرته على طرح الأسئلة في الغرفة الصفّيّة، وعدم قدرته على مشاركة زملائه الأعمال الجماعيّة.
من الضروريّ التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والمعارف العلميّة، عن طريق الأنشطة التعليميّة المُعتمدة على التفكير والمناقشة، وتقبّل آراء الآخرين، وطريقة طرح الأسئلة، والاستماع الجيّد.
كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟
كما أوضحت في السابق، اختلف التعليم عن الماضي، ولذلك تجب مواكبة العصر وسماته، فالذكاء الاصطناعيّ أصبح سمة العصر الحاليّ، فتطوير التعليم وتحسينه بشكل واضح، وتدريب العاملين على التعليم والطلّاب، باتا ضرورة لملائمة التطوّر الكبير الذي أحدثته التقنيّات الحديثة.
متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟
يسعى الإشراف التربويّ إلى رفع كفاءة العمليّة التعليميّة. ولكي يُحقق الإشراف التربويّ الأهداف المرجوّة منه، يتَعيّن على المشرف استخدام أساليب واستراتيجيّات حديثة.
يُعرّف الإشراف التربويّ بأنّه نشاط قياديّ يهدف إلى تحسين العمليّة التربويّة، عن طريق توفير الإمكانات اللازمة للمعلّمين لتطوير أساليبهم التعليميّة، وتوسيع آفاقهم ومعلوماتهم بصورة مستمرّة. وفي سبيل تحقيق مهمّة هذا الإشراف، لا بدّ من رؤية وأهداف واضحة، وتخطيط علميّ، وتنفيذ سليم، وتقويم مستمرّ، وسعي إلى خلق جوّ من الاحترام والتعاطف والثقة والتعاون، وبيئة محفّزة، لتبادل الخبرات بين أعضاء مجتمع التعلّم لتحقيق الأهداف المرجوة.
ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟
المعلّم داخل الصفّ ربّان سفينة حاذق، الهدوء والحكمة من صفاته الأساسيّة مهما كانت العواصف. من المُمكن التغلّب على النزاعات بتحويل المشكلات إلى أنشطة ممتعة، فهي في الغالب نتاج نشاط زائد لدى الطلّاب. والاستفادة من هذا النشاط الزائد، وتوظيفه إيجابيًّا في الغرفة الصفّيّة، ممكنان.
هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟
لكلّ شيء في هذه الحياة سلبيّات مهما كانت درجة إيجابيّته. من سلبيّات هذه التكنولوجيا، مثلًا، وجود محتوى غير لائق عند التعامل معها، وانتشار الغشّ الإلكترونيّ، وغير ذلك من السلبيّات التي لا تتنافى مع الدور الهامّ لها في التعليم.
هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟
بالطبع؛ فالتعليم مسؤوليّة مشتركة بين المعلّم ووليّ الأمر، والتواصل الدائم بينهم يسهم في النهوض بالعمليّة التعليميّة.
ومن أهمّيّة التواصل بين المعلم وأولياء الأمور، اكتشاف المشكلات التي تعيق مراحل التعليم لدى الطالب، كمشاكل تشتّت الانتباه، وفرط الحركة، والتوحّد. وهذه المشكلات تحتاج إلى تواصل دائم بين الطرفين لاكتشاف المشكلة وعلاجها، ومتابعة سلوك الطفل وتطوّراته عند البدء بالعلاج.
لذا، على المعلم أن يُخطِر أولياء الأمور بمستوى طلّابه أوّلًا بأوّل. وأن يقدّم تقريرًا شهريًّا عن سلوك الطفل ومستواه العلميّ والاجتماعيّ. وإن كان لا بدّ من تدخّل، فعليه أن يكون إيجابيًّا لا سلبيًّا، مثلًا، بالقيام بمهمّات الطالب نيابةً عنه.
هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟
لا أدعم هذا الرأي، فقراءة الكتاب الورقيّ أكثر راحة بشكل عامّ. وفي قراءة الكتاب الورقيّ متعة لا يشعر بها إلّا من يقرأ الكتب، ولكن في عصرنا الحاليّ، يجب الدمج بين الكتب الإلكترونيّة والورقيّة.
كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟
الوقت المناسب للدوام الدراسيّ يجب ألّا يتخطّى خمس ساعات، حتّى لا يشعر الطالب بالملل وفقدان التركيز، ويصعّب عليه تأدية واجباته المدرسيّة، أو التحضير لليوم التالي.
وتجب مراعاة الحالة النفسيّة للطلّاب، فلا نثقل عليهم بطول اليوم الدراسيّ الذي يسبّب الإرهاق والتعب، ويفقد الطالب الشغف بالعمليّة التعليميّة كلّها.
صِفي لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمةً عنوان رواية لذلك، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.
رواية "حضرة المحترم" لنجيب محفوظ، والتي تتحدّث بين طيّاتها عن علاقة التعليم بالتدرّج الوظيفيّ، ومن ثمّ بالحراك الاجتماعيّ. هي رواية عن دولة الموظّفين في المجتمع المصريّ، ويعبّر عنوانها عن فئة الموظّفين دون غيرهم. كما أنّ أهمّيّتها التربويّة تتمثّل في تصويرها لعمليّة التعليم الذاتيّ والتعليم اللّا نظاميّ.
هذا يعكس حالة التعليم في بلدي مصر الذي يرتبط بالسلم الوظيفيّ، ويعتمد في طيّاته أكثر على التلقين، ولن يفلت من هذه الحركة الرتيبة إلّا من يتطلّع إلى التطوير والتقدّم.