زين العابدين الكنتاوي- معلّم مشرف– المغرب
زين العابدين الكنتاوي- معلّم مشرف– المغرب
2020/12/03

 

لو اختفى المعلّمون والمتخصّصون التربويّون من العالم، فإلى من يجب أن توكل مهمّة التعليم؟ لماذا؟ كيف سيكون شكل المدرسة لو تحقّق ذلك؟

للشعراء والكتاب، هؤلاء لديهم القدرة الفنية الكبيرة على ذلك. سنكون حينها أمام ورشات لصناعة إنسان مبدع خلاق.

 

لو ملكت القدرة على محو أشياء من ذاكرتك إلى الأبد، ما الذي تودّ محوه؟ وما الموقف الذي تخشى أن يُمحى؟

سأمحو لحظات الفراغ التي لا أتذكر الآن أني فعلت فيها شيئًا. أما الموقف الأجمل الذي أخشى أن يمحى فهو فرحُ أبي بنجاحي في التوظيف.

 

ما هي أكثر عشر كلمات تتكرّر على مسمعك يوميًّا بوصفك تعمل في مدرسة؟

شعر، مسودة، كتاب، أزهار، صباح، غروب، موسيقي، أستاذ، عزيزي، جرس.

 

لديك القدرة على التخفّي ليوم واحد، ماذا ستفعل؟

سأزور قبور كتابي وشعرائي المفضلين، سأقرأ على حضراتهم الفاتحة والكثير من الشعر. الشعر نداء الوجدان، إنه أشبه بالدعاء، إشباع روحي أبدي لا ينتهي.

 

كيف تردّ على تلميذ يظلّ يطلب منك مزيدًا من الشرح؟

ليس مهمًا يا عزيزي أن تفهم كل شيء الآن، مادامت هناك أسئلة تقلقك فهذه غايتي الأهم. الذي يسأل عادة هو الأكثر فهمًا، ضعيفو الفهم ومتوسطوه يكتفون بالحد الأدنى من الشرح، بما يؤهلهم للانخراط في وضعيات تعليمية آنية أو قادمة. الأكثر نبوغًا لا يشفي غليلهم الجاهز، فطرحهم للسؤال يعبّر عن تجاوز لحدود البسيط السهل، هنا لا يكون للإجابة دور كبير، ما دامت جذوة القلق قد انقدحت في دواخلهم.

 

ما شخصيّة الرواية أو الفيلم أو المسرحيّة التي تحبها؟

حائر أنا بين شخصيتين لا أستطيع الاستئثار بواحدة: سعيد مهران في رواية اللص والكلاب، وإيدي (تيم روبنس) في فيلم ( الخلاص من شاوشانك)، كلاهما منبوذ بفعل القانون والقيم الاجتماعية، وبالمقابل كلاهما شخص ذو رؤيا ملهمة للعالم، بينهما نقاط اشتراك قوية يضيق المجال عن التفصيل فيها. سعيد في أول خروجه من السجن يتوجه لبيته لاسترجاع ابنته فيفشل، فيلح في استرجاع كتبه (سؤال المعرفة). تيم في أول فرصة تتاح له في مكتب مدير السجن، ينتهز فرصة دخول الأخير للمرحاض فيشغّل  سمفونية marrriage of fiagro  لتصدح عبر مكبرات الصوت، اللقطتان تعكسان فلسفة عظيمة جدًا، لايمكن أن يتبناها شخص عادي.

 

ما هي مواصفات الصفّ الذي ترغب بتدريسه؟

صف يتوفر فيه الحد الأدنى من الحس الفني العالي، حيث تكون هناك قابلية فطرية من عناصره لإدراك الجمال المحسوس والملموس في نص، أغنية، لوحة، نبتة... أي عنصر يعكس جمالًا في الكون، وهذه هي الوظيفة الأسمى التي أجدني مطالبًا بالانخراط فيها.

 

ما هي أغرب نصيحة سمعتها من زميل عمل؟ ماذا كان الموقف؟

في بداية تخرجي لممارسة التعليم، كان من الضروري ملازمة الزملاء الأقدم في المهنة قصد الاستفادة منهم، استفدت الكثير، وأثار استغرابي الكثير أيضًا مما تلقيته، مرة قال لي زميل في تلك البدايات: لا تفتح مجالًا للمتعلمين خارج الدرس والفصل. ابتسمت. كان الأمر أشبه بنصيحة عكسيّة، أطروحة مضادة لا يمكن بالمطلق تبنيها.

 

عندما كنت طالبًا في المدرسة، كيف كان يرى المعلّمون جيلكم؟

على الأرجح : جيل نزق متهور، لكن له اهتمام كبير بالمعرفة. كنّا ما بين منحيين: منحى التأنيب والعتاب، ومنحنى الإشادة والتحفيز من طرفهم، تزعجهم سلوكاتنا ويعجبهم تميّزنا المعرفي، لقد كانوا عظماء إذ صنعونا، وساهموا في بنائنا. أبعث لهم التحية والإجلال الخالدين.

 

ما عنوان آخر كتاب قرأته؟ وعن ماذا يتحدّث؟

المعلقات السبع بشرح أبي عبد الله الحسين بن أحمد/الزوزني، وجدتني بحاجة لإعادة قراءة هذه النصوص المجيدة. أما عن ما تتحدث: عن كل شيء. الشاعر الجاهليّ فهم مبكرًا الإشكالات الأنطلوجية/ الوجودية التي حيّرت وتحّير الإنسان أزلًا وأبدًا، فصاغها غناءً في قالب فنيّ رفيع. هكذا يكون خلود المعلقات، خلودًا جديرًا بالفعل، كأيّ إنتاج إنسانيّ فريد.