دور أولياء الأمور في العودة إلى المدارس- آراء ومواقف
دور أولياء الأمور في العودة إلى المدارس- آراء ومواقف

 

في ندوتها التاسعة بتاريخ الحادي والعشرين من أيلول، استكملت "منهجيات" تقصي مسألة العودة للمدارس التي بدأتها من الندوة السابقة. ما ميّز هذه الندوة والتي جاءت بعنوان: "دور أولياء الأمور في العودة للمدارس- آراء ومواقف"، هو أن جميع من شارك بالندوة وكذلك إدارتها لم يكتفوا بصفتهم المهنية والتربوية، وإنما اعتمدت مشاركاتهم على دورهم كآباء وأمهات أيضًا، مطلوب منهم لعب دور ثنائي مهني وأسري، وبخاصة  في وقت الجائحة الذي اتسم بعدم اليقين إزاء الظروف العامة بما فيها التعليم. أدارت الندوة: أ. نضال الحاج سليمان- الباحثة الأكاديمية في جامعة يو سي إل لندن، وعضو اللجنة الاستشارية بمنهجيات. استضافت الندوة ثلاثة ضيوف من ثلاث دول عربية، هم: السيد. مهند سليمان- أستاذ لغة إنجليزية في التعليم الثانوي والجامعة اللبنانية- لبنان، السيد. فيصل القدسي- خبير في البرامج والمناهج الدولية- فلسطين، السيدة. سارة النجار- طبيبة وكاتبة - مصر، وأخيرًا السيد. وليد يوسف- أستاذ مساعد بجامعة سوسة- تونس.

 

افتتحت "سليمان" الندوة بقولها: "المدرسة بالشكل الذي نعرفه اليوم هى ظاهرة مستمرة منذ أكثر من قرن من الزمن. تطورت وازدهرت وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات الحديثة. تعلّم فيها أهلنا، ونحن وأبناؤنا دون أن يحدث في بنيتها تغيير جوهري. في مجتمع ما بعد الحداثة، ازدهرت الخدمات المدرسية، أصبحت المدرسة تقدم لأبنائنا وبناتنا العلم والترفيه والرياضة والثقافة والدين والسلوك الحسن ومهارات بناء الشخصية، ومهارات الحياة وأكثر." ثم سلطت الضوء على ما أحدثته الجائحة من تحديات بقولها: "جاءت جائحة كوفيد 19، وتوقف الزمن وعاد الأبناء إلى البيوت بعد ان كانوا يتعاملون معها كفنادق ووجدنا أنفسنا نستعيد دورًا لم نكن قد مارسناه من قبل إلا لمامًا. فعدنا نتعرّف إلى ما يتعلمه أبناؤنا وكيف يتعلمون، وعدنا نمضي معهم وقتًا كنا قد افتقدناه".

 

اتسمت الندوة بتنوع الآراء والمواقف حول ما يمكن لأولياء الأمور تقديمه لأبنائهم بعد العودة للمدارس، فمن فلسطين، أوضح "القدسي" أن الجائحة أجبرت المجتمع الفلسطيني على ثقافة جديدة من نوعها، ثقافة تحتّم على أفراد المجتمع أن يعيدوا النظر في ممارسات اعتيادية مثل طريقة السلام المعتادة، التجمعات البشرية، وكيف يمكن للمجتمع بأكمله أن يكسر نمط العادات القديمة تحت وطأة الخوف من انتشار الفيروس من جراء تلك الممارسات . كما أوضح "القدسي" بصفته عضو المجلس المركزي الموحد لأولياء الأمور بفلسطين، الدور الذي تلعبه مجالس أولياء الأمور في بناء حلقة وصل بين وزارة التربية والتعليم والمدرسة، كما أشار إلى ما يواجههم من تحديات وصعوبات تعيق التواصل الفعّال مع المدرسة.

 

من ناحية أخرى أشار "سليمان" إلى أن هناك ثلاثة رؤوس للعملية التربوية: المدرسة- البيت والمتعلم، ومن وجهة نظره، وعي الأسرة هو ما يصل بالأبناء إلى بر الأمان. اتفق معه "يوسف" موضحًا أن "هناك نوعين من الأسر، أسر تؤمن بإمكانية التطوير لإمكانيات أبنائها تحت أي ظروف مهما ساءت. هذا النوع لديه قدرة كبيرة على التأقلم والتشجيع على التكيف مع المتغيرات واعتبار الجائحة فرصة جديدة للاستفادة والإثراء. وهناك الأسر المتوجسة والقلقة التي تجعل المهمة أصعب، وتراها تتحدث طيلة اليوم عن الجوانب السلبية. هذه الأسر تعكس نظرتها التشاؤمية على قابلية أبنائها للتعلم".

 

التقطت "النجار" طرف المحادثة وقدمت عدة توصيات هامة تتعلّق بالتعامل الذكي والواعي داخل كيان الأسرة، خاصة وقت الأزمات، نذكر منها: تقليل حجم التوقعات الأكاديمية التي ينتظرها أولياء الأمور من أبنائهم، ووضع الصحة النفسية والتماسك العائلي على قمة الأولويات وليس التحصيل الأكاديمي فحسب، وتجنب القلق والتوتر بقدر الإمكان وضبط النفس لأن ما نمر به جميعًا لم نتعرض له من قبل، وأخيرًا وجّهت توصية لا يُلتفَت لها في خضم تراكم المسؤوليات والأعباء، ألا وهي أن يمنح الآباء والأمهات لأنفسهم الحق في الترفيه على أنفسهم، وفي ممارسة بعض الأشياء البسيطة الخاصة بهم بعيدًا عن مهمات الأبوة أو الأمومة، حتى يستعيدوا توزانهم النفسي بما يمكّنهم من قيادة سفينة أسرهم بمرونة إلى بر الأمان.