لميا أحمد خالد- معلّمة فيزياء- لبنان
لميا أحمد خالد- معلّمة فيزياء- لبنان
2022/02/16

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترين مستقبل المدرسة كمكانٍ؟

اعتقد لو لم تكن هناك مدارس لكان التعليم السائد هو التعليم الذاتيّ والمتبادل بتحرّرٍ دون قيود، فتُتاحُ، من خلاله، الفرصة أمام المتعلّم للتعلّم بالوقت الذي يريد، خاصّة لمن لديهم مشاكل صحّيّة تُجبرهم على عدم المتابعة في المدرسة من ناحية، ومن ناحية أُخرى سوف تخلق سلبيّات كثيرة على النحو الشخصيّ للمتعلّم، على صعيد الإنماء السليم للمتعلّم، وعلى النحو المجتمعيّ والوظائفيّ.

لذلك تحتلّ المدرسة الدور الأبرز في المنظومة التعليميّة لما تُكوِّنه من ضوابط وإيقاعات يعجز المجتمع عن تكوينها، فالمدرسة لا تُستبدل إنما يتم تطويرها ضمن كادرها التعليميّ، وتُوسِّع، في الوقت ذاته، من قدراتها التعليميّة لتؤثّر بشكل مباشر على المتعلّم وإنمائه وإدماجه، وأيضًا، تقويمه، خاصّة أنها مكوّنة من مجموعة حلقات ومسؤوليّات متفرعة ومترابطة.

 

كيف تصفين تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟

لا شك أن كورونا أحدثت تغييرات في فكر الطلاب، لكن لا نستطيع التعميم، فهذا الموضوع يُصنّف بناءً على عدّة مجالات، ويختلف من دولة لدولة.

وبسبب تردّي الأوضاع الاقتصاديّة في بلدي، يمكنني القول إن كورونا ساهمت بتراجع مستوى التعليم عند غالبية التلاميذ لعدم قدرتهم على متابعة التعليم المتزامن وغير المتزامن بشكلٍ قويم، خاصّة تلاميذ التعليم الرسميّ، فحصل تفاوت في كمّيّة وصول المعلومات، خاصّة في صفوف تحمل تنوّعًا وفروقًا فرديّة بين التلاميذ. ومن ناحية أُخرى، وإن أردنا الحديث عن إيجابيّات هذه المرحلة بشكلٍ عامّ، خصوصًا لمن تابعوا المرحلة بشكلٍ جيّدٍ، فنستطيع القول إنّ المرحلة قد خلقت عند المتعلّم أُفقًا في التفكير والمخيّلة، إذ امتلك الطلبة امكانات التعلّم الفردّيّ نوعًا ما، فتجدهم دائمًا يبادرون للبحث والاكتشاف وتنويع الأفكار.

 

اختاري شيئًا واحدًا تودّين تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟

أودّ تغيير الكثير من الأمور.

ولكن أبرز ما يجول في خاطري وأُفكّر فيه هو تسليط الضوء على الأدمغة الشَّابة وتوظيفها في الأماكن الصحيحة، فنحن نُنشئ جيلًا متنوّعًا دون أن نكتشف المواهب داخلهم، فمنهم الكاتب والممثّل والعبقريّ والمحلّل. وأودّ تغيير هذا الأمر لأنني أرى الكثير من حالات الطلبة الذين يواجهونَ صعوبة في الوصول إلى ما يريدون وما يطمحونَ إليهِ، فيقومون، نتيجةً لذلك، بتغيير مسار حياتهم التعليميّة وبناء مستقبل مُختلف كلّيًّا.

 

برأيكِ، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟

في الحصص الأولى، خاصّة في حصص كسر الجليد، أعمد إلى اكتشاف الجانب الآخر من الطالب. وقد اكتشفت الكثير ممّن لديهم أصوات مبدعة، وممّن يعشقون التمثيل ويرغبون في الصعود إلى المسرح. من هُنا، أرى أنّ وجود هذه الحصص أمر مهمّ في اكتشاف المواهب الكامنة، كما أنّ أغلب الطلبة يستطيعون التعبير بشكلٍ جيّد في مثل هذه الحصص، ذلك لأنّ هذه المجالات تقوم على المشاعر والأحاسيس، فيجدون الطلبة ملجأهم للتعبير بحُرّيّة. 

 

إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟

ذلك يختلف حسب الفئات العمريّة والبيئة التعليميّة والمادّة.

سؤال أُفكر فيه منذ مدّة: ماذا إن وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها التقييم التقليديّ له معنى، وما هو البديل؟  كيف نستطيع التقييم مع اختلاف الطلبة (فروقات فردّيّة)؟ اعتقد أنّني، إن فكّرت بطريقة جديدة للتقييم، كنتُ سأستخدم جميع التقنيّات الحديثة والمبتكرة المتوفّرة للطلب من التلاميذ تحضير فكرة إبداعيّة مُبتكرة ضمن هدفٍ ما، وضمن ضوابط مُحدّدة، يتمّ التقييم فيها من خلال التركيز على مبدأ المُشاركة وتبادل الأفكار، ومن ثمّ التقييم الفرديّ على المحتوى المُقدَّم.

 

كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟

من ناحيتي، فإنّ أيّ اقتباس أو أيّ حدث يُمكن أن يُغيّر مجرى حياة، أو يؤثّر في النّفوس، أقوم بمُشاركته مع طلّابي، لإيماني بأنّ التجارب تخلق فرصًا، وهذا ما أُريد أن يتعلّموه، كما أنّ هذه الطريقة تُشكّل فرصةً إيجابيّة، لتعزيز العلاقة بين المعلّم والطالب.

 

ما هو التعبير الذي تُحبّين رؤيته على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّين أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟

تعبير الارتياح والبهجة، خاصّة في حصصي التعليميّة، دائمًا أُراقب نظراتهم وتعابير وجوههم خلال الحصّة وقبل انتهائها، فما لا يمكنك أن تحصل عليه عبر تعبيرهم اللّفظيّ، يمكن أن تحصل عليه من خلال التعابير الظاهرة على وجوههم ونظراتهم إليك.

أرغب أن يشعروا دائمًا بالسّعادة لما حصلوا عليه من معلومات ومهارات يستطيعون بناء حياة سليمة عليها، حياة واقعيّة فاعليّة يقاومون بها مشاكل حياتهم الاجتماعيّة والعلميّة والعمليّة.

 

من هو الطالب المُلهم؟

هو من ترى في عينيه حُبّ الإصرار على امتلاك ما يرغب في الحصول عليه في المستقبل، وهو من يُكسّر كلّ قيوده وحدوده ويجاهد بكلّ فكرهِ ليصل إلى مبتغاه، وهو من يعلّمنا أن التحدّي قوّة وأن النجاح إرادة وأن الاستمراريّة ضرورة حياتيّة لتحقيق الأهداف.

 

كصديقةٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟

دائمًا أُكرّر جملة: لا تخف من الفشل فجميعنا نفشل في مكانٍ ما، ونحن نخطئ دائمًا، لكنّ الفكرة الأساسيّة والهامّة هي كيف نستفيد من الخطأ ونحوّله إلى نجاح ونبني عليه.

 

إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختارين؟

أُفضّل أن تكون الرحلة متنوّعة الأماكن، تجمعُ بين الثقافة والترفيهِ، يكونُ للطلبة دور في اختيارها ضمن ظروف مناسبة وأماكن مُختلفة مُتجدّدة، للمرور بتجارب عديدة تُعزّز لديهم التساؤل وحسّ المسؤوليّة.

 

Tags