كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
باعتقادي لو لم يكن هناك مدارس لكان التعليم السائد هو التعليم الذاتيّ والمتبادل المتحرّر من القيود، فتتاح فرصة أمام المتعلّم في التعلّم بالوقت الذي يريد، خاصّة لمن لديهم مشاكل صحّيّة تدفعهم على عدم استكمال دراستهم من ناحية، ومن ناحية أُخرى سوف تنشأ سلبيّات كثيرة على النحو الشخصيّ للمتعلّم (الإنماء السليم للمتعلّم) وعلى النحو المجتمعيّ والوظائفيّ.
إنّ تجربة التعليم عن بُعد أثبتت للمدارس مدى أهمّيّتها بسبب وجود فروقات فرديّة بمختلف المراحل، وخاصّة في بناء الشخصيّة وتحمّل المسؤوليّة والانضباط وتحضير المتعلّم ليصبح إنسانًا فاعلًا في مجتمعه.
ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
فكرت كثيرًا في هذا السؤال من باب الأمانة في أداء النّصيحة، ويمكنني القول عندما تقوم بالتحضير لحصّتك التعليميّة ضع نفسك مكان المتعلّم واسأل نفسك: ما هي الطريقة التي أُحبّ أن أتلقّى من خلالها المعلومة، أو التي تحفّزني على الاهتمام بها؟
وأُضيف أنّ تجربة التعليم بحدّ ذاتها وبجميع صعوباتها وبحثك الدائم لإيجاد الحلول هي من تشكّلك لتصبح معلمًا فعّالًا متمرّسًا، لذا اسعى دائمًا لتكون الأفضل في مهنتك!
ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟
الدهشة هي الإحساس أو الشعور الذي يعتريك عند الوصول إلى نتيجة غير متوقّعة، أو عندَ الذّهول من عملٍ ما.
لمست هذا التعريف خلال مرحلة التعليم عن بُعد، ذلك عندما طلبت من التلاميذ القيام بتجربة في المنزل وتصويرها عن طريق فيديو دون إرشاد أو توجيه منّي، فأُصبت بالدّهشة من النتائج، وصراحة لم أكن أتوقّع هذا الكمّ من الاهتمام والإبداع واختيار التطبيق الملائم لهم.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟
مصادر الإلهام متنوّعة؛ أحيانًا أقرأ قصصًا ذات طابع قياديّ، أو أقرأ سيرة ذاتيّة لشخصيّة ملفتة، أو حتى جملة على وسائل التواصل تلمسُ شيئًا في جانبي الشخصيّ، فمثلًا في مجلّة "منهجيّات" قرأتُ جملة "القصص دائمًا تبدأ من مكانٍ ما في المنتصف"، وبكلّ صدق عنت لي الكثير، وهي التي دفعتني للكتابة والاستلهام ممّن سبقوني في التّميُّز في المجال التعليميّ، فأتابع على الدّوام طريقة تفكيرهم وكتاباتهم وأراقب أسلوبهم وأستلهم من خبراتهم لاستمدَّ طاقة لاستمرار والإبداع ولمجاراتهم، فبرأيي النجاح مُعدٍ، ونحنُ بحاجة دومًا لمن يدفعنا نحو الأمام.
من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟
الطّالب المُتميّز مصطلح عظيم. أنا أرى كلّ طلّابي دون استثناء متميّزون، وأنا لا أعني أصحاب العلامات المرتفعة، لماذا؟ لأنّ في كلّ طالب جانب قادر على الإبداع، ومهمَّة المعلّم تسليط الضوء على هذا الجانب وتطويره؛ فمنهم لديه ذكاء المخيّلة، ومنهم لديهم ذكاء البصر والذّاكرة، وآخرون في السمع ومنهم في التحليل...
أعتقد أنّنا عندما نلتفت لهذا الجانب المميّز نرى طلبة متميّزين.
حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟
المُعلّم المُلهم: عندما يكون شغوفًا في مهنته، مُحبًّا في عطائه، غير مباهٍ للصعوبات، يُشعر من هم حوله وطلّابه بالمحبة، وهو من يُثري المعلومات ويدمجها في حياة الطلبة. طموح ومتزن الكلمة وعطوف من جهةٍ، وصارم من جهة أُخرى ونصوح ومرشد ومتحدّث جيّد، ويحترم الآخر ويعدل بين طلّابه.
ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟
بكلّ صدق لا أندم على أيّ موقف حصل خلال مسيرتي التعليميّة سواء كان موقفًا جيّدًا أم سيّئ، كونها جميعها تصبّ في مصلحتي.
لولا الأخطاء لم نستطع البناء، فكلّنا يُخطئ في مرحلة ما أو يتخذ قرارت خاطئة، وهذه الأخطاء هي التي تبني المعلّم، لذا نحن بحاجة لها للتعلّم ولتكوين بنية أساسيّة تعلّميّة صالحة.
برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
الإدارة لها دور فعّال جدًّا؛ لها القسم الأساس في تكوين المعلّم وإبرازه، وأدورها متشعّبة، فهي من تقع عليها مسؤوليّة حثّ المعلّم للتطوير والاهتمام به على مُختلف الأصعدة النفسيّة والمادّيّة والمجتمعيّة.
وبشكلٍ عامّ، جميع المؤسّسات تهتم براحة العامل لإعطاء أفضل نتيجة ممكنة، فكيف هو الحال مع المعلّم حين تتوفّر لديه كلّ الأدوات ومساحته الخاصّة والحريّة الكاملة والتنظيم الكامل، والتي عندما تصبّ في راحة المعلّم تُساهم بتكريس إبداعه.
ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
الأسلوب البحثيّ رائع لكنّه لا يتلاءم مع واقعنا ومناهجنا والوقت المحدّد لإعطاء الدروس، فما تُفيد نظريّة نيوتن في الجاذبيّة إن لم يقم الطالب تجريبيًّا بفحصها، وما قيمة النظريّات على الورق إن لم يفهم الطالب أسبابها ونتائجها.
أتمنّى أن نصل لمرحلة يقوم الطالب هو باختيار المادة التي يريد أن يتعلّمها وأن يغوص في أعماقها، على الأقل في المرحلة الثانويّة. أمّا بالنسبة للتقييم، فلا أُحبّذ فكرة الحفظ الببغائيّ والكتابة على الورقة ونيل علامة فهو يرهق عقل الطالب دون فائدة.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟
حين قرأتُ لأوّل مرّة بحثتُ عن كتاب يشدّني ويلفت انتباهي، فوجدت كتاب "الأجنحة المتكسّرة" لجبران خليل جبران بصيغة pdf، وللهفتي في فهم فكرته في أن الموت يحرّر من عبوديّة الجسد وأن الحياة بعد الموت هي الحياة الحقيقيّة ونسجها من خلال قصّة والحنكة في الكتابة وسرد الأحداث، دُفعتُ لإنهاء القصّة والاستمرار في قراءة الكتب وفهم خفايا السطور.
لهذا الكتاب دور في بداية القراءة بالنّسبة لي، بداية قراءة المزيد من الكتب التي تبثّ وعيًا فكريًّا والتي أثّرت بشكلٍ إيجابيّ على حياتي.