- لو اختفى المعلّمون والمتخصّصون التربويّون من العالم، فإلى من يجب أن توكل مهمّة التعليم؟ لماذا؟ كيف سيكون شكل المدرسة لو تحقّق ذلك؟
لا أعرف كيف سيكون شكل العالم بدون قدوة عليا لنا في أهمّ مكان ينشأ فيه الإنسان بعد بيته، لكن لا شكّ أنّه ستعمّه الفوضى نوعًا ما، وحتى تختفي تلك الفوضى أعتقد أنّ المهمّة يمكن إيكالها إلى الأمّهات بالدرجة الأساسيّة، بسبب قابليّتهن للإدارة والتنظيم والمحبّة التي يمتلكها الأبناء والطلّاب في قلوبهم إليهنّ. إن لم يتوفّر ذلك فقد يكون الطلّاب المتفوّقون والأذكياء الذين يمتلكون شعبيّة وسط أقرانهم هم من يتولّى قيادة الصفوف في تلك المرحلة، وربّما سيكونون الأكثر نجاحًا والأوفر حظًّا، أي أفضل حتى من المتخصّصين أنفسهم بسبب قرب الأعمار بين الأقران من الفئة الواحدة.
- لو ملكتِ القدرة على محو أشياء من ذاكرتك إلى الأبد، ما الذي تودّين محوه؟ وما الموقف الذي تخشين أن يُمحى؟
حتّى الأشياء الأكثر إيلاما وعمقا في حياتنا قد لا نودّ محوها لأنّها علمتنا الكثير، وأوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، لكنّ الثقة بالأشخاص الخطأ هي أمرٌ علينا أن نتريّث ونحذر منه جميعًا، وهو أمر لا أودّ محوه من ذاكرتي حتى يكون منبّهًا لي في القادم من الأيّام.
- ما هي أكثر عشر كلمات تتكرّر على مسمعك يوميًّا بوصفك معلمةً؟
قد يختلف الوضع في العراق عن غيره من الدول، فأكثر الكلمات التي تتكرّر على مسمعي يوميًّا هي "ديري بالچ علينا فدوة، ست ساعدينا، الله يخليچ" بمعنى أعطينا درجة النجاح حتى وإن كنّا لا نستحقّها، بسبب الظروف التي مرّت بنا، وسياسة الحكومات المتعاقبة المهملة لقاعدة التعليم الأساسيّة في بناء أيّ مجتمع من المجتمعات. إذ إنّ أغلب الطلّاب يسعون إلى المكسب الجاهز دون أيّ تعب يذكر أو مجهود، لسبب أو لآخر.
- لديكِ القدرة على التخفّي ليوم واحد، ماذا ستفعلين؟
لو كانت لديّ القدرة على التخفّي ليوم واحد أعتقد أنني سأذهب إلى حيث يجتمع المسؤولون الحكوميّون، لأعرف أين تهدر أموال العراق، ولماذا لا تُنفق على بناء مدارس جديدة، لتستوعب الزياده الهائلة في أعداد الطلاب البالغة في كثير من الأحيان ستّين أو خمسين طالبًا في الصفّ الواحد، الأمر الذي أدّى الى تصدّع العمليّة التربويّة بكلّ مفاصلها في العراق إلى حدّ كبير.
- كيف تردّين على تلميذ يظلّ يطلب منك مزيدًا من الشرح؟
في البداية ذلك يسعدني لأنّه يدل على حرصه، فلا بأس أن أقوم بإعادة المادّة للطالب مرّة أو مرّتين، لكنّ الزيادة في ذلك قد توثّر على الوقت المخصّص للدرس فقد أطلب من الطالب أن أعيد له الشرح في أوقات إضافيّة.
- ما شخصيّة الرواية أو الفيلم أو المسرحية التي تحبّينها؟
قلب شجاع، فشخصيّة القائد الفذّ الذي ضحّى بنفسه من أجل وطنه بعد أن تمكّن من تجميع قلوب قومه معًا في حزمة واحدة، وربطها برباط السعي من أجل نيل الحريّة والاستقلال قد أثّرت فيّ كثيرًا. أيضًا، كيف تعرّض في الوقت ذاته إلى الخيانة من أصحاب المصالح والألقاب، وهم للأسف فئات نجدها في كل وقت ومكان، لكنّنا لا نجد قائدًا مثل "وليم والاس" ليقف بوجههم في أيامنا هذه.
- ما هي مواصفات الصفّ الذي ترغبين في تدريسه؟
أفضّل الأعمار الصغيرة والمتوسّطة، أي بين 10 و15 سنة، وأن يكون الصفّ محتويًا على 25 طالب فقط، لأتمكّن من إيصال المادّة إليهم بصورة أفضل، وإعطاء كلّ طالب الاهتمام والوقت الذي يستحقّهما. أحبّ هذه الأعمار لأنّها أعمار البراءة واللهفة إلى التعلّم، وهو وقت التنشئة الصحيحة لأبنائنا الطلبة الذين يشكّلون ركنًا أساسيًّا من أركان حياتنا، وهم الذين يعطون لحياتنا الطعم والألوان.
- ما هي أغرب نصيحة سمعتِها من زميل عمل؟ ماذا كان الموقف؟
أغرب نصيحة كانت: "نجّحيهم كلهم". أي لا تفرّقي بين عالم وجاهل، أو بين من يؤدّي واجبه ومن لا يؤدّيه، فذلك أفضل لك ولراحتك!
وكان ذلك بسبب اعتراضي على نجاح بعض الطلّاب المهملين جدًّا وإصراري على إعطاءهم حقّهم، لأنّ في ذلك تربيةً جيّدةً لهم تجبرهم على بذل المزيد من الجهود، وعدم الركون إلى أسلوب المساعدة العامّة الذي يؤدّي إلى إنتاج أجيال من الجهلة والأميّين.
- عندما كنتِ طالبة في المدرسة، كيف كان يرى المعلّمون جيلكم؟
لم ينهالوا علينا بالمديح والثناء الدائمين، لأنّه لم تسنح لهم الفرصة لرؤية ما آلت إليه الأجيال اليوم.
- ما عنوان آخر كتاب قرأتِه؟ وعن ماذا يتحدّث؟
آخر كتاب قرأته هو (النوم في حقل الكرز) للكاتب العراقيّ أزهر جرجيس، الذي يتحدّث عن قصّة مهاجر عراقيّ فقد والده، وتعرّض للتهديد في الجامعة في زمن صدّام ممّا اضطرّه إلى العيش وحيدًا بعيدًا عن أمّه في إحدى الدول الإسكندنافيّة بعد رحلة هجرة شاقّة عبر الجبال والبحار، ليبدأ هناك معاناةً جديدةً مع برودة الغربة والوحدة على حدّ سواء.