كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
منذ العصور القديمة، كانت هناك دائمًا هياكل اجتماعيّة مختلفة لعبت دور المدرسة الحديثة الحالية؛ أي المدرسة الإلزاميّة والمجانيّة في معظم دول العالم. بعبارة أخرى، هذه المؤسّسة التي تُقدّم المعرفة والتنشئة الاجتماعيّة للطفل هي حديثة في تاريخ الإنسانيّة بشكل عام، وتحتوي على الكثير من الاختلالات الهيكليّة، مثلًا من خلال تجميع عدد كبير من الأطفال، الذين ليس لديهم بالضرورة نفس وتيرة التعلّم، في نفس القاعة التي يقضون فيها عدّة ساعات بدون حراك، إذ يُجبر الطفل على قضاء 7 أو 8 ساعات في اليوم جالسًا على كرسي، مع العلم أنّ جسده يحتاج للتحرّك والتفاعل وتجربة العالم.
الأزمة الصحّيّة قد سمحت لنا بتذكّر كلّ هذا وأنّ تطبيق نماذج تعليميّة أُخرى أمرٌ ممكن، بتشكيل هياكل تعليميّة صغيرة تتناسب بشكل أفضل مع الإيقاع والاهتمامات الشخصيّة للطفل، وتترافق مع مُعلّم مُدرّب وأدوات تكنولوجيّة.
ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
نصيحة يمكنني تقديمها لمُعلّم شاب هي التسلُّح باللُّطف أو الإحسان؛ benevolence.
إنّ التسلُّح بالحبّ والإحسان أكثر أهميّة من معرفة أصول التدريس. هذا المفهوم دقيق وغالبًا ما يساء فهمه، فهو بالتأكيد ليس تراخيًا أو لطفًا فارغًا، إنّه حالة ذهنيّة يجب أن تكون موجودة كخلفيّة ستوجه جميع أفعالنا. فكلّ طفل هو كالطّين يشكّله سلوك معلّمه وعواطفه.
ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟
إنّ الدهشة والفضول هي بمثابة ملح التعلّم، بمعنى آخر، إذا لم ينجح المُعلّم في إثارة الدهشة من خلال طريقة التدريس، فإنّ كلّ المعرفة التي سينقلها إلى طلّابه لن تكون راسخة حقًّا في دماغهم؛ لن يكونوا قادرين على استخدامها لفهم جوانب أخرى من العالم أو لحلّ مشاكل. الدهشة تعني، ببساطة، تهيئة الشبكات العصبيّة التي تقوم بالتقاط المعلومات وترسيخها. بلا دهشة لا "يلتقط" الطفل ما يقوله معلّمه.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟
أعتقد أنّ مصدر إلهامي هو أطفالي وكذلك طلّابي، فمن خلال الملاحظة والتمعّن، بدأتُ أتساءل عن معنى مهنتي وفائدة المعرفة أو طرق التدريس التي أستخدمها. هذا السؤال قادني إلى البحث الشخصيّ لتحسين نفسي ثمّ كتابة الكتب لمشاركة كلّ ما تعلّمته.
من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟
ليسَ من طالبٍ مميّزٍ بالنسبة لي، كلّ البشر مختلفون، كلّ شخص لديه وتيرته الخاصّة في التعلّم، لديه اهتماماته ومسار حياته الخاصّ، والأهمّ هو أنّ المعرفة مُفيدة ومفهومة للمتعلّم الذي يستقبلها، وهذا يعني أنه يستطيع دمجها في مسار حياته أو حياتها. إنّ طريقة تخزين المعرفة بكثافة ليست فعّالة على الإطلاق، فهي تقطع الشهيّة، تُدمّر الدهشة والفضول والاهتمام.
حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟
المعلّم المُلهم بالنسبة لي هو المعلّم صاحب الإحساس العالي. هذا الإحساس هو الذي يسمح بظهور الإبداع، وهو مورد نادر للغاية يتطلّب بعض الشروط الأساسيّة ليولد.
ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟
بصراحة، ليس لدي ما أندم عليه. لقد قدمت دائمًا كلّ كياني في مهنة التدريس. قد أندم على الأمسيات التي كنت مُتعَبةً جدًّا فيها ولم أتمكّن حتى من التحدّث مع أطفالي بعد يوم شاقّ من العمل.
برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
تلعب الإدارة دورًا مُهمًّا للغاية، لأنّها يجب أن تدعم جهود المعلّم وتضع مصلحة المتعلّم أو التلميذ في مركز تنظيم العمل. يجب تقليل الإجراءات الإداريّة قدر الإمكان لتحرير إبداع المعلّم.
ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
أمحو طريقة التقييم من خلال العلامات، إذ تجعل العلامة الجيّدة الطفل يعتقد أنه الأحسن وأنّه يعرف كل شيء، والعلامة السيئة تجعلهُ يعتقد أنّه أحمق.
العلامات لا تعني الكثير لأنّ الأهمّ هو التقدّم عن طريق المعرفة بشكلٍ عام. في الغالب ما تكون للاختبارات والعلامات قيمة نفعيّة، ذلك بمعنى أن يُصبح هدف عمليّة التعلم هو الحصول على علامة جيّدة فقط.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟
هناك العديد من الكتب التي شدّتني في مجال التعلّم، ولكن إذا اضطررت إلى الاحتفاظ بواحدٍ منها فسيكون كتاب إيفان إليش "مجتمع بلا مدارس".