ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
أكثر استراتيجيّة فعّالة كانت في بناء بيئة آمنة يشعر فيها الطلّاب بأنّهم يستطيعون التعبير عن أنفسهم من دون خوف. أبدأ الحصص دائمًا بنشاط بسيط، كالتحدّث عن مشاعرهم، ما يسهم في جعلهم يشعرون بالارتياح والانفتاح. وأستخدم التعزيز الإيجابيّ بشكل متكرّر، ليساعد في تحسين مشاركة الطلّاب الخجولين وتشجيعهم على التعبير.
أتذكّر طالبًا كان يعاني من الخجل المفرط. لكنّه، وبفضل تعزيز مواقفه الإيجابيّة والاحتفاء بأيّ خطوة إيجابيّة يخطوها، بدأ بالمشاركة بثقة أكبر. تجاوب الطلّاب مع هذه الاستراتيجيّة كان ملموسًا، حيث أصبحت ملاحظات التحسّن تأتي من المعلّمين وأولياء الأمور.
كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
أستخدم التكنولوجيا أداةً لدعم التعلّم، ولكن من دون أن تحلّ محلّ التفاعل الشخصيّ. مثلًا، أستعين بتطبيقات لقياس مستوى المشاركة والإنجازات الصغيرة، لكنّني أحرص على تخصيص جلسات وجهًا لوجه، للتفاعل الشخصيّ مع الطلّاب والاستماع إلى أفكارهم ومشاعرهم.
الطلّاب يشعرون بأهمّيّة هذه الجلسات المباشرة، حيث يفضّلون أن يشاركوني أفكارهم وجهًا لوجه، أكثر من أن يكون التعامل محصورًا بالأجهزة. وجدت أنّ هذا التوازن يعزّز انخراطهم في العمليّة التعليميّة، ويسهم في رفع مستوى تفاعلهم.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
في بداية العمل، كنت أعتقد أنّ توجيه النقد المباشر يمكن أن يحفّز الطلّاب على التحسين. لكنّني لاحظت أنّ بعض الطلّاب يشعرون بالإحباط وينسحبون. أدركت أنّ التوجيه الإيجابيّ يعطي نتائج أفضل، حيث بدأت بتقديم ملاحظات بنّاءة تُشجّع الطالب على التقدّم، ما أسهم في رفع ثقتهم بأنفسهم.
أحد المواقف كانت مع طالبة تخطئ في الإجابات أمام زملائها. وعندما بدأت في تعزيز محاولاتها بدلًا من نقد أخطائها، لاحظت أنّها أصبحت تشارك بأريحيّة أكبر ومن دون خوف.
افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
سأركّز على موضوعات مثل "إدارة الضغوط" و"التعاطف مع الطلاب". هذه المواضيع تساعد المعلّمين في فهم احتياجات الطلّاب النفسيّة والعاطفيّة، ما يعزّز من قدرتهم على خلق بيئة صفّيّة داعمة.
يمكن أن تشمل الورشة تدريبات حول كيفيّة التفاعل مع الطلّاب في حالات التوتّر والضغط، وسيناريوهات لتطبيق الاستجابات الوجدانيّة. هذه المهارات تجعل المعلّمين أكثر قدرة على إدارة التحدّيات داخل الصفّ والتعامل مع الطلّاب بمرونة.
هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
التشبيك بين المعلّمين مهمّ جدًّا، فهو يتيح لهم تبادل التجارب والدعم، ولا سيّما في ظلّ التحدّيات المتزايدة. أرى أنّ مبادرة مثل "مجتمع المعلّمين الإلكترونيّ" ستكون فعّالة، إذ يمكن أن تكون منصّة لتبادل الأفكار والموارد التعليميّة، وتقديم استشارات متبادلة.
يمكن لهذه المنصّة أن تجمع المعلّمين من مختلف الدول العربيّة، ما يتيح لهم مناقشة التحدّيات المشتركة وتبادل الحلول، ويفتح المجال لخلق بيئة تعليميّة جماعيّة تدعم الابتكار والتطوير.
كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
أحرص على التواصل المستمرّ مع أولياء الأمور بلقاءات دوريّة وتحديثات عن تقدّم أبنائهم. أشرح لهم كيف أنّ دعمهم في المنزل له أثر كبير، وأوجّههم لبعض الأنشطة التي يمكنهم القيام بها مع أبنائهم لتعزيز التعلّم.
في إحدى الحالات، واجه ولي أمر صعوبة في تحفيز ابنه على الدراسة، فاقترحت عليه طرقًا بسيطة للتشجيع، مثل تخصيص وقت يوميّ لمراجعة الدروس معًا. ولاحظت لاحقًا تقدّمًا في أداء الطفل نتيجة لهذا الدعم المستمرّ.
كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
أخصّص وقتًا يوميًّا للاسترخاء، سواء بممارسة التأمّل أو الخروج للمشي. أحاول دائمًا أن أكون على تواصل مع زملائي للتحدّث عن التحدّيات المشتركة، ما يساعدني على التخلّص من الضغوط.
كما أحرص على تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الشخصيّة، بوضع حدود واضحة لأوقات العمل. هذا الأسلوب يساعدني في الحفاظ على طاقتي واستمراريّة عطائي.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
أعتمد على تنظيم مهامي حسب الأولويّات، وأستخدم تقنيّة "البومودورو" التي تقوم على العمل لفترات محدودة تتخلّلها استراحات. هذا الأسلوب يساعدني في الحفاظ على تركيزي وإدارة الوقت بشكل فعّال.
أتذكّر أنّني في فترة مزدحمة جدًّا، اعتمدت على هذه التقنيّة، فكان لها أثر واضح في تخفيف الضغط وتحسين إنتاجيّتي.
اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
الجانب الإيجابيّ هو أنّني اكتسبت صبرًا وفهمًا أكبر للآخرين، ما جعلني أتعامل بمرونة حتّى في حياتي اليوميّة. أمّا الجانب السلبيّ، فهو أنّني أحيانًا آخذ هموم الطلّاب معي إلى المنزل، ما ينعكس عليّ نفسيًّا.
في أحد المواقف، كنت أتفاعل كثيرًا مع طالب يمرّ بظروف صعبة، ما أثر فيّي عاطفيًّا، وأشعرني بالقلق. تعلّمت مع الوقت، كيفيّة وضع حدود بين مشاعري، والتعامل المهنيّ لأتمكّن من الاستمرار بتوازن.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
في أحد الأنشطة، طلبت من الأطفال أن يعبّروا عن طموحاتهم المستقبليّة، وأحد الطلاب قال إنّه يريد أن يصبح طبيبًا للحيوانات لأنّها لا تشتكي". كان الموقف عفويًّا ومضحكًا، وجعلني أقدّر براءة الأطفال ونظرتهم الطفوليّة إلى الحياة.