أنسنة التعليم: تعزيز الإنسانيّة في الفصل الدراسيّ
أنسنة التعليم: تعزيز الإنسانيّة في الفصل الدراسيّ
2025/04/06
مروان أحمد حسن | دكتوراه في المناهج وطرائق التدريس، عضو هيّئة التحرير في منهجيّات- مصر

أنسنة التعليم مصطلح يشير إلى تحسين العمليّة التعليميّة وتطويرها، لتكون أكثر إنسانيّة وفعّاليّة؛ ما يحقّق توازنًا بين الجوانب الأكاديميّة والاجتماعيّة والعاطفيّة في تعليم الطلّاب. ويعتبر تحقيق أنسنة التعليم أمرًا ضروريًّا، لضمان تطوير الطلّاب بشكل شامل ومستدام.

تشمل أنسنة التعليم العديد من الجوانب المهمّة، منها توفير بنية تحتيّة ملائمة ومجهّزة بالتقنيّات الحديثة التي تسهّل عمليّة التعلّم، وتحفّز الطلّاب على الاستكشاف والإبداع. كما تشمل توفير برامج تعليميّة متنوّعة، تلبّي احتياجات الطلّاب المختلفة، وتعزّز قدراتهم ومهاراتهم بما يتناسب مع مستوياتهم العقليّة والعاطفيّة.

بالإضافة إلى ذلك، تتضمّن أنسة التعليم تنمية القيم الإنسانيّة والاجتماعيّة لدى الطلّاب، مثل قيم الاحترام والتعاون والتسامح؛ إذ يجب ألّا يقتصر التعليم على كونه تحصيليًّا فقط، بل يجب أن يسهم في بناء شخصيّة قويّة ومتوازنة، تساعد الطلّاب في التفاعل بشكل إيجابيّ مع محيطهم، ومع المجتمع بشكل عامّ.

 

يعتبر تعزيز الإنسانيّة داخل الصفّ الدراسيّ أمرًا بالغ الأهمّيّة، إذ تعتبر البيئة التعليميّة مكانًا حيويًّا لتنمية هذه القيم الإنسانيّة، وتعزيزها لدى الطلّاب. فالصفّ الدراسيّ هو المكان الذي يمكن فيه تعليم الطلّاب كيفيّة التعامل بإنسانيّة، واحترام مشاعر الآخرين، وبناء علاقات إيجابيّة مع زملائهم ومعلّميهم.

كما يعتبر وسيلة فعّالة لتعزيز التعلّم الاجتماعيّ والعاطفيّ لدى الطلّاب. فعندما يتمّ تعليم الطلّاب كيفيّة التعبير عن مشاعرهم بشكل صحيح، وكيفيّة التعامل باحترام مع الآخرين، يكونون أكثر قدرة على التفاعل مع العالم من حولهم، وفهم مشكلاتهم وحلّها بشكل بنّاء. فضلًا عن المساهمة في بناء شخصيّات قويّة ومتوازنة؛ إذ يتعلّمون كيفيّة التعامل مع التحدّيات والصعوبات بشكل إيجابيّ، ما يساعدهم في تطوير مهارات الصمود، والتحمّل، والتكيّف مع الظروف المختلفة التي قد يواجهونها في حياتهم.

يمكن للمعلّمين تعزيز الإنسانيّة داخل صفوفهم الدراسيّة بعدد من الطرائق، من بينها:

  • - تعزيز التواصل الإيجابيّ: يمكن للمعلّمين دعم الطلّاب في التعبير عن فِكَرهم، ومشاعرهم بطرائق إيجابيّة ومحترمة. كما يجب أن يتواصل المعلّمون مع الطلّاب بشكل فرديّ وجماعيّ، لتعزيز الثقة والانتماء.
  • - التركيز على التعاون: يمكن تنظيم الأنشطة التعليميّة التي تشجّع الطلّاب على العمل معًا، والتعاون في حلّ المشكلات. كما يمكن تشكيل فرق عمل صغيرة من الطلّاب، للعمل معًا في مشروعات تعاونيّة.
  • - تعزيز التفاعل الاجتماعيّ: يمكن تخصيص وقت لمناقشة القضايا الاجتماعيّة المهمّة، والتحدّث عنها في الفصل. كما يمكن للمعلّمين تنظيم جلسات نقاشيّة حول موضوعات مثيرة للاهتمام والتحفيز، لتعزيز التواصل الاجتماعيّ بين الطلّاب.
  • - التعلّم القائم على المشروعات: يمكن تحويل الفصل إلى بيئة تعلّم قائمة على المشروعات، حيث يعمل الطلّاب على مشروعات منفردة أو جماعيّة، تهدف إلى حلّ مشكلات حقيقيّة والإسهام في تطوير المجتمع؛ ما يعزّز الشعور بالمسؤوليّة الاجتماعيّة والتعاون لديهم.
  • - تعزيز الاحترام والتسامح: يجب أن يشجّع المعلّمون الطلّاب على احترام التنوّع والاختلافات الثقافيّة والدينيّة والاجتماعيّة. كما يمكن تنظيم أنشطة تعليميّة تعزّز الوعي بالتنوّع، وتعزّز التسامح والاحترام المتبادل.
  • - التعلّم الخدميّ: يمكن تشجيع الطلّاب على المشاركة في أنشطة خدمة المجتمع، مثل العمل التطوّعيّ، والإسهام في مشروعات تهدف إلى مساعدة الآخرين، وتحسين البيئة المحيطة بهم.

 

تُعتبَر أنسنة التعليم ركيزة أساسيّة في تطوير المجتمعات، وبناء عالم أفضل للجميع. بتعزيز القيم الإنسانيّة في الفصل الدراسيّ، نسهم في تنمية طلّابنا ليصبحوا أشخاصًا مثقّفين، ومتسامحين، ومشاركين في بناء المجتمع. فتعزيز قيم مثل الاحترام والتعاطف والعدالة، يمكن أن يؤثّر بشكل إيجابيّ في تجربة التعلّم، ويعزّز الروح الإنسانيّة بين الطلّاب؛ لذا يجب علينا – نحن المعلّمين – أن نعزّز الإنسانيّة في بيئة التعليم، وأن نكون قدوة إيجابيّة للأجيال القادمة.