ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
التعلّم القائم على الاستقصاء" أحد الاستراتيجيّات الأكثر فعّاليّة، والتي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة. كنت أضع الطلاب في موقع الباحثين، ما شجّعهم على التفكير النقديّ والاستقلاليّة في التعلّم.
أما عن كيف قمت بها، فكنتُ أبدأ الدرس بسؤال مثير للاهتمام ومرتبط بالمادّة.
- - طرح سؤال استقصائيّ جذّاب، إطلاق مرحلة البحث: أعطيتهم الموارد (كتب، مقالات، فيديوهات)، وسمحتُ لهم بالبحث، مع توفير الدعم والتوجيه عند الحاجة.
- - مناقشة النتائج: طلبت منهم عرض نتائجهم بشكل إبداعيّ، كالعروض التقديميّة أو الملصقات. وشجّعنا النقاش المفتوح بينهم.
- - الربط بالتطبيق العمليّ: عملتُ على ربط ما تعلّموه بحياتهم اليوميّة.
أمّا عن تجاوب الطلبة، فلاحظت:
- - زيادة الحماس: كانت هناك مشاركة حماسيّة من الطلّاب، إذ شعروا أنّهم أصحاب القرار في عمليّة التعلّم. تعميق الفهم: تعمّق فهمهم لأنّهم اكتشفوا المعلومات بأنفسهم، ولم تُفرض عليهم.
- - تعزيز الثقة بالنفس: الطلّاب الذين كانوا عادةً أقلّ تفاعلًا بدؤوا بالمشاركة، لأنّ الطريقة شجّعت النقاش بدلًا من الإجابات المباشرة.
- - روح الفريق: لاحظت أنّ العمل الجماعيّ والتعاون زادا من الترابط بين الطلّاب.
أكثر ما أدهشني هو كيف بدأ الطلّاب بطرح أسئلة جديدة تتفرّع من الدرس الأساسيّ، ما دَلّ على فضولهم العلميّ المتزايد.
كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
يمكن تحقيق التوازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم، من خلال عدّة استراتيجيّات، منها:
1. التكامل وليس الاستبدال: أي استخدام التكنولوجيا أداةً مساعدةً للمعلّمين، لا بديلًا عنهم.
2. تصميم تعليم مدمج: الجمع بين التعلّم الرقميّ والتفاعل وجهًا لوجه.
3. استخدام التكنولوجيا في المهام الروتينيّة، مثل التصحيح الآليّ للاختبارات، مع إبقاء التوجيه والدعم الشخصيّ للمعلّمين في الأمور الأكثر تعقيدًا.
خلاصة القول: الحلّ الأمثل ليس في المفاضلة بين التكنولوجيا والإنسانيّة، بل في دمجهما لتحقيق تعليم غنّيّ وشامل، يلبّي احتياجات العصر مع الحفاظ على العلاقات الإنسانيّة.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، من الطبيعيّ أن يقع المعلّمون في أخطاء بسبب حماسهم، أو قلّة خبرتهم. وأنا شخصيًّا، لاحظت لاحقًا أنّ إحدى الممارسات التي تحتاج إلى تعديل كانت "التحدّث كثيرًا أثناء الشرح". اعتقدتُ أنّ تقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات في وقت قصير سيُعزّز تعلّم الطلّاب.
ما الذي اكتشفته؟
لاحظت أنّ بعض الطلّاب كانوا يفقدون التركيز، بينما كان الآخرون يكتفون بتلقّي المعلومات من دون المشاركة أو طرح الأسئلة.
ماذا فعلت لتصحيح هذا الخطأ؟
طبّقتُ بعض الاستراتيجيّات، مثل استراتيجيّة التعلّم النشط. بدأت بإشراك الطلّاب في الدرس من خلال طرح أسئلة مفتوحة، والطلب إليهم العمل في مجموعات صغيرة لحلّ المشكلات. وقلّلت وقت التحدّث المباشر، وخصّصت فترات قصيرة لتبادل الأفكار والنقاش.
كما اعتمدت مبدأ الاستماع أكثر؛ بدل التركيز على "ما أريد قوله"، ركّزتُ على "ما يحتاج الطلّاب إلى معرفته"، وأعطيتهم مساحةً ليعبّروا عن آرائهم وتحدّياتهم. كذلك قمت بتنويع أساليب الشرح، واستخدمت أدوات بصريّة، مثل الخرائط الذهنيّة، والعروض التوضيحيّة. وقدّمت الأنشطة العمليّة، والتطبيقات الواقعيّة لتعزيز الفهم. فكانت النتيجة تحسّنًا كبيرًا في تفاعل الطلّاب وحماسهم. وأصبح الطلّاب أكثر انخراطًا في التعلّم، وبات لديهم شعور بأنّهم جزء من العمليّة التعليميّة، وليسوا مجرّد متلقّين للمعارف.
يمكنني مشاركتكم بعض الأفكار، والتي أعتبرها دروسًا مستفادة، أو ممارسات تحتاج إلى تعديل بناءً على تجربتي في التعليم، ومنها: الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا، فقد كنت أعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا لإدارة الدروس. وعدّلت أسلوبي بدمج التكنولوجيا أداةً مساعدةً، مع الحفاظ على الأنشطة التفاعليّة التي تعتمد على التفاعل وجهًا لوجه.
افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
إعداد ورشة عمل للمعلّمين يتطلّب اختيار موضوعات شاملة، تُركّز على تحسين الأداء التعليميّ، وتعزيز التفاعل مع الطلّاب. وفي ما يأتي مجموعة من الموضوعات المهمّة باعتقادي:
1. استخدام التكنولوجيا في التعليم، مثل: استراتيجيّات دمج أدوات التعليم الرقميّة في الدروس. وكيفيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتخصيص التعليم بناءً على احتياجات الطلّاب.
2. استراتيجيّات تطوير مهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، وطرق تشجيع الطلّاب على التعبير عن آرائهم، وإبداء أفكار جديدة.
هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ أمرٌ بالغ الأهمّيّة، خصوصًا في ظلّ الأزمات التي يواجهها التعليم، مثل نقص الموارد، وضغط العمل، والانتشار الواسع للتكنولوجيا. هذه الشبكات ستوفّر بيئة لتبادل الأفكار، وتعزيز الحلول المبتكرة، ومواجهة التحدّيات المشتركة بشكل جماعيّ. ولها فوائد عديدة منها:
1. تبادل المعرفة والخبرات: يعزّز من فرص تبادل الأفكار، والممارسات التعليميّة الناجحة.
2. تعزيز الابتكار: يُمكن أن يؤدّي التواصل إلى ابتكار أدوات وأساليب تدريس جديدة تتناسب والواقع العربيّ.
مبادرة مقترحة
"شبكة المعلّم العربيّ" إنشاء منصّة تربويّة شاملة لتعزيز التواصل والتعاون بين المعلّمين في العالم العربيّ، بهدف تبادل الخبرات، ومواجهة التحدّيات المشتركة، ورفع جودة التعليم.
كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
التعامل مع أولياء الأمور، وتشجيعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم أمر مهم، لتحسين تجربة الطالب الأكاديميّة والاجتماعيّة. ولتحقيق هذا الهدف، يمكن التركيز على الخطوات الآتية:
1. بناء علاقة قائمة على التواصل والثقة، من خلال التواصل المستمرّ، من خلال إنشاء قنوات اتّصال مفتوحة، مثل البريد الإلكترونيّ، أو الرسائل النصّيّة، أو تطبيقات مخصّصة.
2. إرسال تقارير دوريّة توضّح أداء الطالب بشكل إيجابيّ ومتوازن، إضافة الى اللقاءات الشخصيّة، وتنظيم ورش عمل، أو جلسات توعية.
كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
للحفاظ على عافيتي وصحّتي النفسيّة وسط التحدّيات المستمرّة، أتّبع مجموعة من الممارسات التي تقلّل التوتر، وتعزّز التوازن الشخصيّ والمهنيّ، من أبرزها:
1. ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل: التنفّس العميق والتأمّل، والرياضة المنتظمة، ومحاولة الابتعاد عن الشاشات، وتخصيص وقت خالٍ من الأجهزة الإلكترونيّة، لتخفيف الضغط النفسيّ.
2. تعزيز التفكير الإيجابيّ، والاحتفاء بالنجاحات الصغيرة، إضافة إلى التركيز على الإنجازات اليوميّة، مهما كانت بسيطة.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
نواجه نحن المعلّمون تحدّيات متعدّدة، تتطلّب تنظيمًا دقيقًا للوقت. لتحقيق التوازن بين الأعباء المتزايدة من تحضير الدروس، وتصحيح الواجبات، والتواصل مع أولياء الأمور، وغيرها من المهام، أتّبعُ استراتيجيّات محدّدة لتنظيم الوقت بشكل فعّال:
1. تحديد الأولويّات وتقسيم المهام حسب الأولويّة: أبدأ بالمهام الأكثر أهمّيّة، أو التي لها مواعيد نهائيّة قريبة، مثل تصحيح الامتحانات، أو تحضير الموادّ الدراسيّة.
2. استخدام التقنيّات الحديثة سهّل كثيرًا عمليّة تنظيم الأعباء، بما في ذلك استخدام الأدوات الرقميّة، مثل برامج إدارة الوقت كتقاويم جوجل، أو تطبيقات المهام لتنظيم الأنشطة اليوميّة وجدولتها. كما استفدتُ من منصّات التعليم الإلكترونيّة لإرسال الواجبات، وتوزيع الموادّ الدراسيّة، ما يُقلّل الوقت الذي أقضيه في ترتيب الأوراق يدويًّا.
3. التخطيط المسبق والمرن يسهم في التخفيف من الأعباء، كما إعداد خطّة أسبوعيّة: أخصّص وقتًا في بداية كلّ أسبوع لتنظيم المهام الأساسيّة، مثل تحضير الدروس، وتصحيح الواجبات، والتواصل مع أولياء الأمور.
4. التخطيط اليوميّ، أخصّص وقتًا كلّ مساء لتحديد المهام التي يجب إنجازها في اليوم التالي، ما يساعدني على تقليل الضغط أثناء اليوم الدراسيّ.
اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
لمهنة التعليم تأثيرات إيجابيّة عميقة في الحياة الشخصيّة. أحد الآثار الإيجابيّة الواضحة هو الشعور بالإنجاز، والإسهام في المجتمع، إضافةً الى التعلّم المُستمرّ، فالتعليم يجعلني دائمًا في حالة من التعلّم المستمرّ. سواء من خلال التفاعل مع الطلّاب، أو من خلال البحث عن أساليب تدريس جديدة. توفّر لي مهنة التعليم فرصًا يوميّة لتطوير نفسي.
وأجمل ما في التدريس إحساسك بالقدرة على التأثير، مهنة التعليم تمنحني فرصة التأثير في حياة الآخرين بشكل إيجابيّ، ما يعزّز شعوري بالهدف والتقدير الشخصيّ.
وعلى الرغم من الفوائد العديدة لمهنة التعليم، هناك بعض التأثيرات السلبيّة التي تواجهني، ومنها:
الإرهاق النفسيّ والجسديّ والذهنيّ والأعباء المتزايدة، مثل تصحيح الواجبات، وتحضير الدروس، والتفاعل مع الطلاب بشكل مستمرّ. في بعض الأحيان، أجد نفسي مرهقةً للغاية، ما يحدّ من قدرتي على قضاء وقت كافٍ مع عائلتي، أو ممارسة هواياتي.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
الحوادث الطريفة تضيف روحًا مرحة إلى العمليّة التعليميّة، وتخلق ذكريات جميلة تبقى عالقة في أذهان المعلّمة والطالبات. هذه اللحظات تجعل التعليم تجربة أكثر إنسانيّة ومتعة، ولكن عندما يطلب منا تذكّر أطرفها نقف عاجزين عن مشاركة ذكرياتنا، وتتبخّر معظمها، أو ربّما تحفظ في أدراج سرّيّة لا نودّ البوح بها. الحقيقة، لا يحضرني الآن غير الموقف التالي.
في إحدى الحصص طلبتُ من طالبة قراءة فقرة من قصّة، وبدلًا من قراءة النصّ المكتوب، بدأت الطالبة بإضافة كلمات من تأليفها. استغربتُ كثيرًا، فالطالبة من الطالبات المتميّزات بالقراءة الجهريّة، والالتزام بالمعايير. توقّفت وقلت بابتسامة: "هل النصّ يقرأ من الكتاب أم من مخيّلتك؟" ضحكت وقالت: "أستاذة، كنت أحاول تحسينه فقط".
فضحكت بقيّة الطالبات على اعتبار أنّ زميلتهنّ تسخر من أسلوب الكاتب. عندها توقّفت وناقشنا كيف يمكن للطالبات التعبير عن أنفسهنّ، ولكن مع الالتزام بالنصوص الأدبيّة، واحترام إبداعات الآخرين، وعدم التغيير في النصّ الأصليّ، طالما لم يطلب منهنّ ذلك.