لن يرتشفَ المرءُ رشفةَ ماءٍ من يدٍ يرتابُ منها ويخافُ. لن نحصدَ القمح إن لم نملأه عنايةً واهتمامًا، وإلّا سيظلُّ شامخًا بلا معنى. وهذا الأمر شديدُ الانطباق على علاقاتنا الإنسانيّة، فكيفِ بعلاقة الطالب بمعلّمه وقدوته؟!
العلم لم يكن في يومٍ من الأيّام سهلًا، إنّه يمتلئُ بالصعاب والتحديات. وتجاوز هذه الصعاب غير ممكنٍ مع عدمِ التقبّل للآخر، من دون غفلٍ للحبّ؛ وهذا يشبه بالتحديد عبورنا أرضًا خطرة من أجل أمرٍ لا نأبه بشأنِه، إن لم يكن الهدف قويًّا ونبيلًا لن نطأ هذه الأرض البتّة.
المعلّم صلة الوصل؛ اليد التي إمّا أن توصل الطالب إلى الوجهة المطلوبة، أو إلى مكانٍ آخر مجهولٍ تمامًا.
وهذا التأثير الذي يملكه المعلّم، لسوء الحظّ ولحسنه معًا، قويّ جدًا، فكم من كلمةٍ خسفت وكم من كلمةٍ رفعت، وما كان صاحبها سوى المعلّم!
النفس الإنسانيّة رقيقة في طبيعتها، هشةٌ في معظمها، فكيف بهؤلاء الصغار الذين لم يتلوّنوا بعد، والذين ما زالوا على سجيّتهم البيضاء؟! ما هم بحاجة إليه هو العطف والكثير من الدعم. ثم إنّ بناء علاقة جيّدة مع الطالب تجعل المعلّم دائمًا في موضع حامي هذه العلاقة الطيّبة، وهذا يضعه في سباقٍ مع نفسه، علمًا أن المعلّم الجيّد يعرّف كيف يفرّق، وبصورةٍ دقيقة، بين هذه العلاقة الطيّبة وكونه معلّمًا لذلك الطالب.