دردشة عالي حمنا- معلّم- المغرب
دردشة عالي حمنا- معلّم- المغرب
2024/12/17

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

التلميذ يتفاعل إذا أُعطيت له الفرصة لإبداء رأيه، لأنّه إن أحسّ بأنّ حرّيّته مقيّدة، لن يُظهِر كلّ طاقاته، وقد تخبو مع الوقت. أميلُ إلى استراتيجيّة "التعليم الفعّال"، والتي تجعل المتعلّم جزءًا فعّالًا في العمليّة التعليميّة، لا متعلّمًا جامدًا ينتظر المعلومة جاهزة. مكّنت هذه الاستراتيجيّة التلاميذ من المشاركة الفعّالة في عمليّة تعلّمهم، إذ أظهروا نوعًا من الاستقلاليّة والقدرة على البحث عن المعلومة ومشاركتها مع زملائهم.

 

كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

إدخال التكنولوجيا في التعليم فرض نفسه، وتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ أصبحت حديث الجميع. لكنّني أرى أنّ هذه التقنيّات ما هي إلّا وسيلة للتعزيز ومساعدة المدرّس على تيسير المعلومة. كما تتيح للمتعلّم توسيع مداركه من دون انتظار الكثير من الأستاذ. سهّلت التكنولوجيا الوصول إلى المعلومة وبسّطت فهمها، إلّا أنّ إمكانيّة انعزال التلميذ عن محيطه تبقى واردة، إن لم يتدخّل الآباء والمدرّسون للتوجيه.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

اعتقدتُ أنّني كلّما أَطنبتُ في الشرح زادت الاستفادة. لكنّني اكتشفت العكس، فالإطناب يشتّت ذهن المتعلّم. ما قمت به هو أنّني تراجعت عن الاستفاضة في الشرح.

 

افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

كلّ موضوع يساعد على تنمية قوّة الشخصيّة لدى التلميذ، داخل المدرسة وخارجها، يعتبر موضوعًا هامًّا. أعتقد أنّ موضوع تطوير مهارات التواصل سيكون له أثره، لأنّ ربط الاختبار بيوم الامتحان يبقى محدود الأثر، بينما الاختبار الحقيقيّ يتمثّل بمواقف الحياة اليوميّة. كما أنّ موضوعات تدبير الاختلاف والقدرة على إبداء الرأي لها أهمّيّتها أيضًا.

 

هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

للتشبيك أهمّيّته بطبيعة الحال، لأنّه يفتح آفاق التعاون. أدعو إلى القيام بلقاءات عن بُعد في البداية، على أن تعقبها زيارات متبادلة وفق برنامج محدّد للوقوف على تجارب الزملاء. فما هو نظريّ ينتهي أثره بسرعة، أمّا الزيارات فيكون فيها الاحتكاك والوقوف على تجارب الآخرين، وهذا يعزّز أثرها واستدامته.

 

كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

دور أولياء الأمور مُكمّل لدور الأستاذ. لذلك يعجبني ولي الأمر الذي يراقب تطوّر ابنه، ويسألني عن التفاصيل. عكس ذلك الذي يترك مسؤوليّة ابنه كاملة للمدرسة، فهذا الأخير لا نراه إلّا عندما تدعوه الإدارة لاستفساره عن تغيّب ابنه أو تدني مستواه، فيأتي مُلقيًا باللَّوم على المُدرس.

غالبًا ما أدعو الأهل عن طريق أبنائهم إلى زيارة المؤسّسة، كلّما سنحت لهم الفرصة. كما أدعوهم إلى لقاء انفراديّ للوقوف على التفاصيل، وأستقبلهم أثناء وقت الخروج أو الدخول أو وقت الاستراحة، وأُعلمهم بأنّ الزيارة أثناء الحصة غير مُحبّبة لديّ.

 

كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

في مهنة التدريس لا بدّ أن تؤثّر الوظيفة في الصحّة، خصوصًا مع الشرح وكثرة الوقوف على الأقدام. لكن، على المُدرّس أن يبحث عن الأسلوب المناسب له. فأَنْأى عن الخوض في أمور العمل خارج المدرسة، إضافة إلى أنّني اعتدت، غالبًا، على الذهاب إلى المدرسة مشيًا. كما أنّ وقت النوم والاستيقاظ لديّ مُحدّد ولا أحيد عنه إلّا لِمَامًا.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

استراتيجيتي تنبني على تحديد مدّة زمنيّة لكلّ مَهمّة، لأنّ تأثير ذلك سيكون أفضل على المدى البعيد. عكس انتظار اللحظة المناسبة التي قد لا تأتي، أو مواجهة ظروف تحول بيني وبين إنجازها.

 

اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

بالنسبة إلى الشِّقِّ الأوّل من السؤال، أعتقد أنّني صرت قادرًا، إلى حدٍّ بعيد، على الاستماع إلى أيِّ رَأي كيفما كان، لأنّني أتفاعل مع تلاميذ من مختلف الأوساط، وألتقي بأساتذة من مختلف التخصّصات، وأسمع أراء أولياء الأمور من مختلف البيئات، وأناقش المديرين والمفتّشين من مختلف الدرجات. فتولّدت لدي قدرة الاستماع. في السابق لم تكن لدي قابليّة لذلك.

أما ما هو سلبيّ، فيتعلّق بذلك الشعور السلبيّ الذي أُحسُّه حين يعيد أحد تلاميذي السنة الدراسيّة، فأشعر من ذلك بأنّ جهدي ذهب سدًى، وربّما الطريقة التي اعتمدتها معه لم تكن مجدية.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

طرحتُ يومًا سؤالًا، وارتفعت الأصابع للإجابة، وإذا بتلميذة متفوّقة تصرخ عاليًا قائلة: "أبي، أبي". فقلت لها: الحمد لله أنّك لم تقولي "أمّي". ولم أستطع كتم ابتسامتي، فقهقهتْ، وانخرط الجميع في الضحك، ثم عادوا إلى رشدهم بعد هُنيهةٍ.