يمكن لطلّاب المرحلة الابتدائيّة بناء الحس بالروح الجماعيّة، وخلق اهتمام مستدام بالفنون عبر استراتيجيات صفّيّة بسيطة.
بقلم: إليزابيث بيترسن
أصبح جليًّا، مع مرور السنين، أنّ الطلّاب بحاجة إلى الدخول في تفاعلات إيجابيّة مستمرّة مع معلّميهم وأقرانهم، وتنفيذ المهامّ والأنشطة الهادفة التي تسمح لهم بإدراك تفرّدهم والتعبير عنه، واستخدام الوسائل الإبداعيّة التي تُسهم في تعميق معارفهم.
وهنا بالتحديد يظهر دور الفنون؛ فهي مصدر العديد من الأساليب الإبداعيّة والممتعة التي تساعد طلّاب المرحلة الابتدائيّة على تطوير مهاراتهم الاجتماعيّة والعاطفيّة في الفصل الدراسيّ.
الفنّ يعزّز الروح الجماعيّة
إذا لم يشعر طلّابك أنّهم ينتمون إلى مجتمع في الصفّ، فلن يعملوا معًا بشكل جيّد. وسيشعرون كأطفال بأنّهم في المكان الخطأ، ولن يُقدِموا على المُخاطرة لعدم إحساسهم بالأمان. فبيئة التعلّم الجيّدة تحتاج إلى الروح الجماعيّة.
يمكن للتجارب الفنّيّة أن تعزّز الروح الجماعيّة لدى الأشخاص، ومن الجيّد دائمًا أن تسهر، في فصلك الدراسيّ، على تعزيز روح الجماعة.
تقاسُم المنجزات الفنّيّة
إنّ توفير المساحة والوقت للطلّاب لتقاسم منجزاتهم الفنّيّة وتأمّلها، يمكن أن يُمثّل تجربة رائعة تُعزّز الروح الجماعيّة. يمكن للطلّاب التحاور حول أعمالهم الفنّيّة أو أعمال الآخرين، وتأمّلها، أو مناقشة اختياراتهم الموسيقيّة، أو فيلمهم المفضّل، كصفّ كامل، أو كمجموعة صغيرة، أو في فرق من اثنين.
تأكّد من تخصيص وقت للنقاش في الصفّ حتى يتمكّن الطلّاب من إدراك القواسم المشتركة التي تجمعُهم والاختلافات بينهم. وسيشكّل هذا الوقت فرصة رائعة لتوجيه الطلّاب إلى كيفيّة التحدّث مع بعضهم وإجراء محادثة راقية.
العزف على الآلات الموسيقيّة
إنّ جعل الطلّاب يبتكرون أصواتًا ويعزفون الموسيقى معًا، يمكن أن يوطّد علاقاتهم ببعضهم البعض. ولبدء نشاط تعزيز الروح الجماعيّة هذا، يمكنك الاستعانة بدائرة الإيقاع. كلّ ما عليك فعلُه هو الحصول على بعض أدوات الإيقاع البسيطة، أو الأشياء التي يمكن للطلّاب استخدامها لإصدار أصوات إيقاعيّة (يمكنهم حتّى إصدار الأصوات الإيقاعيّة من أجسامهم: التصفيق، والضرب على الجسم، وما إلى ذلك)، والانخراط في إيقاع متواصل، تمتزج فيه الأصوات. وينبغي لكلّ فرد أن يكون له حضور في الدائرة.
تُنمّي دائرة الإيقاع العديد من الكفاءات الاجتماعيّة
مهارات التواصل تنمو حينما يُصغي الطلّاب إلى الآخرين ثم يُموقعون صوتهم بين الأصوات. قد يكتشف بعض الطلّاب أنهم قادة موسيقيّون. وكما أنّ التعاون ضروريّ للحفاظ على عزف الموسيقى، فإنّ الابتسامات والضحك ستجمع طلّابك في رابطة قويّة.
الفنون تُعزّز الوعي الذاتيّ
لا يقتصر دور الفنّ على تعزيز الروح الجماعيّة لدى الناس، بل إنّه، فضلًا عن ذلك، يساعد الطلّاب على إيجاد وقت يقظ وهادئ للتفكير في ذواتهم. يصعب على الطلّاب استيعاب مفهوم الوعي الذاتيّ، لذلك ينبغي علينا، بصفتنا معلّمين، العمل على تطوير هذا المفهوم في بيئة تعليميّة آمنة، كجزء أساسيّ من عملنا. وعلى مدار العام الدراسيّ ستتولّد مشاعر عديدة عند الطلّاب، ومن المهمّ بالنسبة إلينا مساعدتهم على فهم تلك المشاعر.
الأشكال المتكرّرة والخربشات العفويّة
لا تقلّل من فعاليّة الرسم العفويّ؛ فرسمُ أشكال بسيطة ومتكرّرة يمكن أن يهدّئ العقل، ويساعدَ في إدارة الذات. هناك أوقات أشجّع فيها طلّابي فعليًّا على إنجاز إطار الصفحة من خربشاتهم، بهدوء، قبل بدء الحصّة أو عند نهايتها. يمكن أن ترتبط هذه الرسومات العفويّة بالمادّة الدراسيّة، مثل رسم رموز رياضيّة متكرّرة على إطار صفحة ورقة عمل الرياضيّات.
يمكنك أيضا تعليم طلّابك القيام بهذا النشاط في الدقيقتين إلى الدقائق الثلاثة الأخيرة في نهاية الحصّة، ثمّ انظر في النتائج. امنحهم فرصة لرسم خطوط أو موجات متكرّرة على زاوية مخطّطهم أو دفتر ملاحظاتهم، وألق نظرة على تصاميمهم.
القصائد والمونولوجات
إنّ جعل الطلّاب يكتبُون قصيدة أو مونولوجًا عن أنفسهم، يشكّل طريقة رائعة ليزدادوا وعيًا بأنفسهم. إليك أداتان قويّتان لاستكشاف اهتماماتهم ونقاط قوّتهم ومشاعرهم، أثناء مُشاركتهم بعضًا من خصوصيّاتهم مع زملائهم في الصفّ.
قد تقدّم طلبك بأحد الشكلين الآتين:
- - انظُم قصيدة هايكو (أو قصيدة أخرى) تصف هوايتك أو نشاطك المفضّل.
- - اكتب مونولوجًا يشرح لماذا تعتبر (العائلة، وجود أصدقاء، حيوانك الأليف، البيتزا، إلخ) شيئًا مهمًّا لك.
تدعم الفنون التعلّم العميق للمحتوى والتعلّم الاجتماعيّ والعاطفيّ
يتمثّل دورنا في المقام الأوّل، بصفتنا معلّمين، في مساعدة الطلّاب على استيعاب المفاهيم الواردة في مناهجنا الدراسيّة. وإذا واجه الطلّاب صعوبة في ذلك، فإن مسؤوليّتنا تُحتّم علينا تجريب أدوات جديدة، ومقاربات تساعدهم على الفهم.
عندما تُدمِج الفنون في المحتوى الذي تُدرّسُه (بغضّ النظر عن المادّة أو المرحلة الدراسيّة)، سيتذكّر طلّابك المحتوى ويفهمونه على مستوى أعمق بكثير. والأمر الرائع في هذا الدمج أنّه يمكنك أيضًا تضمين المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة في العمل المطلوب.
التمثيل الدراميّ
عندما يمثّل الطلّاب مشهدًا من قصّة ما، فإنّهم لا يقومون فقط بتحليل عميق للحبكة، ولكنهم يضعون أنفسهم مكان الشخصيّات، ويستوعبون بسرعة العواطف والأفكار والدوافع الخاصّة بالشخصيّات في المشهد.
يُعدّ جذب انتباه الطلّاب إلى هذا الأمر أثناء تحضيرهم المشهد وأدائه، طريقة رائعة لجعلهم يفهمون التعاطف ويُعزّزونه فيهم.
الموسيقى والتاريخ
لطالما كان للموسيقى دور كبير في رسم صورة ذهنيّة عن الأوقات التي أُلّفت فيها. حين تُدرّس حدثًا تاريخيًّا معيّنًا أو فترة زمنيّة معيّنة، ضع في اعتبارك إضافة عناصر من الموسيقى التي كانت شائعة خلال تلك الحقبة.
وحين نمنح الطلّاب فرصةَ البحث في الموسيقى والفنّانين الذين ابتكروها، فإنّنا على الأغلب نُكسبهم منظورًا جديدًا متكاملًا يطال الجانب الإنسانيّ من الحوادث التاريخيّة؛ فموسيقى الحرب الأهليّة أو موسيقى الستّينيّات كانت الركيزة في نقل الشعور الذي ساد الناس في تلك الأثناء. تناول التاريخ بهذه الطريقة يمكن أن يثير مناقشات رائعة تحفّز التعلّم العميق.
يمكن لاعتماد طرق أصيلة ومبتكرة في الدمج بين الفنون والتعلّم الاجتماعيّ والعاطفيّ، في فصلك الدراسيّ، أن يشكّل عنصرَ تحوّل للعديد من المعلّمين؛ فمن خلال تعديلات طفيفة وأفكار بسيطة حول نشاط ما، يمكنك جعل طلّابك يُعزّزون، إلى أبعد مدى، تعلّمهم الاجتماعيّ والعاطفيّ في فصلك الدراسيّ.
رابط المقال:
https://www.edutopia.org/article/encouraging-social-and-emotional-learning-through-arts