يقام أسبوع "الموضة" مرّتين في العام في أهمّ عواصم الموضة مثل نيويورك ولندن وميلانو وباريس، ليطّلع الجمهور على أهمّ المستجدّات في عالم تصميم الأزياء، وما الصيحات الجديدة والأقمشة والألوان والموادّ التي يجب اقتناؤها لمواكبة متطلّبات العصر.
قد يستغرب البعض هذه البداية لتدوينة في مجلّة متخصّصة بالتربية والتعليم. لكنّ التدوينة لم تسقط سهوًا في مدوّنة منهجيّات، وتحديدًا مع صدور عدد المجلّة الجديد حول الذكاء الاصطناعيّ. في عالم التربية أيضًا، توجد صيحات وكلمات تُردّد على مسامع التربويّين، لتصبح موضة العصر والزمن أو حتّى السنة الدراسيّة.
في سنة 2020، غزت عالم التربية والتعليم مصطلحات، مثل التعلّم عن بُعد، والتعلّم الافتراضيّ، والتعلم المتزامن، والتعلّم غير المتزامن، وتطبيقات، مثل Zoom، وGoogle Meet، وMicrosoft Teams.
ولا ننسى أيضًا حقبة الصفوف التي تعتمد على iPad، وتحول الكتب الورقيّة إلى منصّات رقميّة لا تُعدّ ولا تُحصى، وكلّ تطبيقات الهاتف المحمول، والتي تحدّث نفسها بنفسها مع نهاية كلّ أسبوع. حتّى إنّ الهاتف المحمول تصدر منه نسخة جديدة، أو معدّلة، تقريبًا، مرّة كلّ عام أو عامين، وتجد طوابير الناس تنتظر خارج المتجر من أجل الحصول على هاتفها الجديد.
وفي السياق ذاته، غزت كلمات جديدة منذ فترة ليست بالبعيدة،عالم المدارس، مثل الذكاء الاصطناعيّ، والذكاء التوليديّ، ومنصّات مثل ChatGPT، وCopilot، وGemini، وغيرها.
وحده المدرِّسُ مدرِّسٌ، وسيظلُّ مدرِّسًا على الرغم من كلّ هذه التغيّرات. دوره تغيّر؟ نعم، ولكنّه جزء لا يتجزّأ من المجتمع ومن المدرسة. مدرّس يركض ليلًا ونهارًا ليؤمّن لقمة العيش ويُعِدّ جيل الغد، جيلًا أصبح على كوكب آخر كما نردد أحيانًا. "كوكب آخر" قد نعني به الكسل والإهمال أو التطوّر الهائل؛ كوكب سبق الزمن.
وبصفتي مدربًا، وأرغب بمواكبة التطوّر، لجأت إلى القراءة والاطلاع على أحدث الكتب المتعلّقة بهذا الموضوع، فاشتريت "أونلاين" الكتب الآتية:
1. AI-Powered Pedagogy: Redefining Education، د. جينيفر واثال.
2. ?Education for the Age of AI: Why, What and How should students learn for the age of Artificial Intelligence، تشارلز فادل.
3. The Teacher’s Guide Tech 2024، جينيفر غونزاليس.
جميع هذه الكتب تشدّد على أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أداتان وليستا الأساس. الأساس نظريّاتٌ تعتمد على التساؤل والمنهج المبنيّ على المفاهيم والمهارات، خصوصًا مهارة "كيف نتعلّم؟". لفت انتباهي أيضًا، هذا النموذج المتوفّر على غلاف الكتاب الثاني، والتركيز على الترابط بين العناصر الأساسيّة: المعرفة، والمهارات، وبناء الشخصيّة، والتفكير بالتفكير، والحافز، والهدف، والقوّة المحرّكة، والهويّة، وبالطبع في الوسط المتعلّم.
من هنا جاء عنوان هذه التدوينة؛ فأنا لا أريد أن أعطيكم سمكة أو اسم تطبيق أو اسم نشاط. أنا أريدكم أن تركّزوا على الأساس، وهو: أيّ نظريّة تطبّقون داخل فصلكم؟ وهل التلميذ هو المحور؟ عندما يكون التلميذ محورًا لعمليّة التعلّم، سيصبح الذكاء الاصطناعيّ جزءًا لا يتجزّأ من عمليّة التعلّم والتعليم لأنّه لغة اليوم، ولأنّ الفصل الدراسيّ الناجح يجب ألّا ينفصل عن الواقع، سيقوم المدرّس بتحضير وحدات تحاول الإجابة على أسئلة عديدة منها:
- - ما دور الذكاء الاصطناعيّ في حياتنا؟
- - هل يُعتبَر استخدام الذكاء الاصطناعيّ حالة من الغشّ؟
- - هل سيسيطر الذكاء الاصطناعيّ على البشر؟
- - كيف نحدّ من الإدمان على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ؟
- - ما الذي يميّزني إنسانًا عن الذكاء الاصطناعيّ؟
- - ما حسنات الذكاء الاصطناعيّ وسلبيّاته؟
- - هل تقبل أن يقوم الرجل الآليّ بإجراء تشخيص وعمليّة جراحيّة لك؟
- - كيف ستبدو المدرسة بلا معلّم؟
- - ما دور الذكاء الاصطناعيّ في الحروب؟
- - هل تتلاعب الشركات بالمستهلك من خلال الذكاء الاصطناعيّ؟
قد تبدو هذه الأسئلة للوهلة الأولى أسئلة فلسفيّة أو جدليّة أو مفتوحة، أو من دون إجابات. ولكنّها أسئلة مهمّة لتطرح داخل الفصول وبين جدران المدرسة.
على فريق القيادة المدرسيّة أن يحضّر أسئلة للمدرّسين، ويواكب هذا التطوّر باستمرار. ومن هنا تأتي أهمّيّة ورش التطوير المهنيّ التي تركز على احتياجات المدرّسين:
- - كيف سيساعد الذكاء الاصطناعيّ في التخطيط وتفريد التعليم؟
- - ما التغيّرات التي يجب أن ندخلها في سياسة التقييم أو الواجبات المدرسيّة؟
- - كيف سنقوم بتوعية الأهالي والإرشاد؟
- - هل يجب أن نكتب سياسة تتعلّق بالذكاء الاصطناعيّ والنزاهة الأكاديميّة؟
- - كيف سيقوم الذكاء الاصطناعيّ بتحليل البيانات ومساعدتنا في تقديم الدعم المناسب لكلّ تلميذ؟
- - كيف سنوازن بين استخدام التكنولوجيا والعودة للطبيعة والرفاهيّة؟
وسأختم تدوينتي بأسئلة على كلّ مدرّس أن يسألها:
- - في حال قام الذكاء الاصطناعيّ بتحضير الحصص للتلاميذ مراعيًا جميع الفروقات الفرديّة ومتطلّبات الدرس الناجح، ما سيكون دوري؟
- - كيف أطوّر مهاراتي بشكل يوميّ لأواكب هذا التطوّر؟
- - كيف أصبح متعلّمًا مدى الحياة؟
- - ما الدروس التي يجب أن أقوم بحذفها من المنهج، لأنّها لا تمتّ للواقع بصِلة، ولا تعدِّ الطالب للمستقبل؟
- - كيف أصبح مصمّمًا للمناهج، وليس فقط ناقلًا للمعرفة ضمن كتاب لا يرتبط بواقع التلاميذ؟
- - كيف أجعل من القراءة عادة لي وللتلاميذ؟
- - كيف أصبح صيّادًا ومتعلّمًا ذاتيًّا لا أعتمد فقط على القوالب الجاهزة والمعلّبة؟
- - ما دوري في ظلّ هذه الثورة التكنولوجيّة: هل أظلّ مستهلكًا أم أصبح منتجًا؟