يعدُّ نقد المناهج التعليميّة اليوم، والتي يتعرّض إليها الطلبة ويعرضها المعلّمون، نقدًا شائعًا اليوم في الأوساط التربويّة والتعليميّة بصفةٍ عامّة. يعود توسّع النقد إلى تركيز المناهج على نموذج نقل الحقائق وتبادلها بغية حفظها، في تعامل لا يتفاعل ويتحاور بشكلٍ منهجيّ مع تعقيدات وعُمق عمليّة التدريس؛ فهي عمليّة مُركّبة من مناحٍ ديناميكيّة واجتماعيّة وثقافيّة وفكريّة، ومن مناحٍ أُخرى مُتعلّقة ببُنى الأهداف التربويّة، والوقت اللّازم لتحقيق تلك الأهداف.
من هُنا، يطرح كتاب "التدريس والمنهاج القائمان على المفاهيم"، نموذجًا مفاهيميًّا يُركّز على دمج الحقائق ضمن أُطر ومفاهيم غنيّة تُساعد على فهم العالم. وهو إذ يحاور التعقيدات المُختلفة في عمليّة التدريس، لتحقيق غرف صفّيّة مفكّرة، فإنّهُ يركّزُ على ذلك من خلال الانتقال من منهج ثنائيّ الأبعاد مبنيٌّ على نقل المعرفة، إلى منهجٍ ثلاثيّ الأبعاد يهدف إلى تعزيز الاستيعاب المفاهيميّ، بالتركيز على المهارات والمفاهيم والحقائق والقواعد، والتفاعل بينها.
يُصبح الكتاب، ضمن هذا السياق، مصدرًا قيّمًا للقرّاء في المجال التربويّ للشروع في عمليّة تحويل المناهج الدراسيّة؛ فالأفكار التي تشكّل هذه الرحلة في أفكار دقيقة ومترابطة وصعبة. ويقدّم هذا الكتاب مصادر وتأمّلات ونصائح وأسئلة تُسهّل عمليّة التحويل، وتجعل منها عمليّة مُمتعة وتعلّميّة، علمًا أنّ مؤلّفات الكتاب لم يخفين حقيقة مفادها أنّ العمليّة ليست رحلة سريعة، إذ سوف يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكنّه سينتهي برفع قدرة المعلّم على التدريس، وأيضًا رفع مستوى التعلّم في الغرفة الصفّيّة، والمدرسة كَكُلّ.
ولأهمّيّة هذا الكتاب مصدرًا مُلهمًا في تحويل عمليّة التدريس، ورفع مستوى التعلّم، أطلقت إصدارات ترشيد التربويّة كتاب "التدريس والمناهج القائمان على المفاهيم" والكتاب من تأليف: هــ لِنْ إريكسون، ولويس أ. لانِنغ، ورايتشل فرنش. ومن ترجمة: هيفاء أبو النادي، وعبد الله بيّاري. ومن مراجعة: د. ريام كفري. ليكون ثامن كتب إصدارات ترشيد التربويّة في الوطن العربيّ مُتاحًا للمُمارسين التربويّين، أداةً تُساعدهم وتدعم عملهم وتُدخلهم، برفقةٍ طلبتهم، في مغامرة تعلّميّة تُبنى على إعداد الطلبة للعيش والعمل في هذا العالم التفاعليّ المعقّد، كونهم؛ أيّ المعلّمين، من يحملون هذا العبء، ويكافحون واقعًا كبيرًا من التحدّيات التعليميّة.
لغرفٍ صفّيّة مفكّرة
يقدّم هذا الكتاب إجابات عديدة على أسئلة وتحدّيات مُختلفة، ولكنّه يتطلّب تحوّلًا في التفكير في الطرائق التقليديّة للنظر في تصميم المناهج الدراسيّة والبيداغوجيا؛ إنّه يتطلّب تحوّلًا نحو نموذج "التدريس والمناهج القائمان على المفاهيم" أو (CBCI)، وهو منهاج ثلاثي الأبعاد ونموذج تصميم تدريسيّ يؤطّر الحقائق والمهارات في مجالات موضوعيّة تتعلّق بمفاهيم الفروع المعرفيّة وتعميماتها. ويختلف هذا المنهاج عن النموذج التقليديّ ثنائيّ الأبعاد للموضوعات والحقائق ومهارات المستوى المتدنّي؛ إذ يرتفع المستوى ليشمل التصوّرات المفاهيميّة بوصفها أهدافًا تعلّميّة أساسيّة.
ويركّز تركيزًا خاصًّا على دعم المعلّمين في الصفوف من مرحلة ما قبل المدرسة حتّى المدرسة الثانويّة، أثناء استمرارهم في رحلاتهم القائمة على المفاهيم. ويحتوي على العديد من الأمثلة الجديدة والمفصّلة لمساعدة المعلّمين على القراءة ذات المعنى، ووضع التصاميم موضع التنفيذ. وترتكز الأفكار الواردة فيه على العلوم المعرفيّة ونظريّة التعلّم والتحليل المنطقيّ، وهو مبنيّ على تجارب مؤلّفاتهِ لأكثر من 30 عامًا، ركّزن فيها على رؤى عميقة في بُنى المعرفة، وفي العلاقات بين تصميم المناهج والتعليم وتطوير الذكاء.
يقع الكتاب في 352 صفحة من القطع المتوسّط، ضامًّا خمسة فصول، هي: الصفّ المدرسيّ المفكّر، وبنيتا المعرفة والعمليّة؛ وتصميم وحدات التدريس القائمة على المفاهيم، والتعلّم بالاستقصاء في الدروس القائمة على المفاهيم، والتقويمات الذاتيّة والمعلّم الناشئ المعتمد على المفاهيم. ويعدُّ هذا الكتاب ثامن إصدارات ترشيد التربويّة، بعد الإصدارات التالية: "عقليّة التساؤل" 2022، و"حلول مبتكرة لمشكلات سلوك الطلّاب في المدرسة" 2022، و"نحو معلّم فاعل في التعليم الوجاهيّ والإلكترونيّ" 2022، و"الممارسات المهنيّة للمدرّسين: بين النظريّة والتطبيق" 2023، و"ما الذي يحدث داخل المدرسة؟" 2023، و"التعليم الدامج للطلّاب ذوي الإعاقتين: البصريّة والسمعيّة" 2023، و"تطوير برامج التربية العمليّة لمعلّمي ما قبل الخدمة في ضوء المدخل التأمّليّ السرديّ" 2023.
و"إصدارات ترشيد التربويّة" برنامج يهدف إلى نشر كتب متخصّصة في الحقل التربويّ العربيّ، وهو أحد برامج "ترشيد" التي أنشئت من قِبل المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، لتقديم الدعم الفنّيّ للمبادرات والمنظّمات التي تساهم في تنفيذ الخطّة الوطنيّة لقطر لعام 2030، وذلك لزيادة فعاليّة الخدمات وضمان استدامتها، واستجابةً لمسيرة التطوّر والنموّ التي تمرّ بها دولة قطر بما يتماشى مع تحقيق رؤية 2030.
لمزيد من التفاصيل عن توزيع الكتاب تابعوا إصدارات ترشيد التربويّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ: