يمكن للمعلّمين إعداد دروس تُشرِك الطلّاب في الدرس، وتُحوِّلهم إلى متعلّمين نشطين، من أجل تحسين فهمهم آليّةَ عمل اللغات.
بقلم: أليساندرو ديجياكومو
يتحوّل الطلّاب، بفضل النهج الاستقرائيّ لتدريس لغة أجنبيّة، إلى متعلّمين نشطين، يوظِّفون ما اكتسبوه من معارف قبليّة ومعلومات ثقافيّة، فضلًا عن مهارات الاستنتاج والاستدلال. يفهمون، نتيجة ذلك، فهمًا أفضل، آليّة عمل اللغة.
تتحدّد هذه المنهجيّة في ستّ مراحل أو لحظات، تتمثّل في: التحفيز، والتوسيع، والتحليل، والتركيب، والتفكير، والتحقّق. سأوجّهك بإسهاب في كلّ مكوِّن، وأقدّم لك مقترحات طريقة تنفيذه.
ستّ مراحل لتعلّم اللغة العالميّة الاستقرائيّ
1. التحفيز
تخيَّر نصًّا (مرئيًّا أو مكتوبًا أو مسموعًا) ليكون محور الدرس. ليكنْ نصًّا موثوقًا، مثل مقتطف من كتاب، أو مقالة من مجلّة، أو قصيدة. يمكنك تعديله قدر الإمكان ليُناسِب طلّابك.
ابدأ الحصّة الدراسيّة بنشاط إحماء لتكسير الجمود وجعل الطلّاب يفكّرون ويتحدّثون، ثمّ ابدأ باستخلاص معارفهم العامّة وطريقة فهمهم الأمور. ليس الهدف من هذه المرحلة تقديم إجابات صحيحة أو غير صحيحة، وإنّما إثارة اهتمام الطلّاب وحثّهم على المشاركة.
لنفترض أنّك اخترت مقتطفًا من كتاب ضمن سلسلة هاري بوتر (Harry Potter)، أظهِر صورةً لشخصيّة هاري بوتر على السبّورة باستخدام الـ"بروجكتر"، واسأل الطلّاب عمّا يعرفونه عن تلك الكتب أو عن أجناس الخيال العلميّ والفنتازيا. إذا كان النصّ الذي اخترته يصف كيفيّة إعداد لون من ألوان الطعام، استخدم صورًا لأطعمة مختلفة، واطلب إلى الطلّاب ذِكرَ بعض الأطعمة من ثقافاتهم. ستساعد هذه الخطوة في تطوير سياق النصّ الذي سيقرأه جميع الطلّاب لاحقًا.
2. التوسيع
في مرحلة التوسيع، ينتقل الطلّاب من الأنشطة التمهيديّة إلى معالجة النصّ، ما يعني أنّهم يتعاملون مع النصّ جزءًا من كلّ. بعد قراءة النصّ، أو الاستماع إليه عدّة مرّات، يجيب الطلّاب على أسئلة الفهم. الهدف هو نقل الطلّاب من الفهم السطحيّ للنصّ إلى فهم أدقّ وأعمق.
تعدّ أسئلة صحيح/ خطأ، أو أسئلة الاختيار من متعدّد، وتمارين المطابقة، وملء الفراغات، من بين أنشطة البدء التي قد يُطلَب إلى الطلّاب إنجازها. يُكلَّف الطلّاب بعد ذلك بمهمّات أصعب، مثل إعادة ترتيب المعلومات، وكتابة النصّ الذي يسمعونه، وتحرير الملخّصات. على سبيل المثال، بعد قراءة وصفة الطعام بصوت عالٍ، اطلب إلى الطلّاب تدوين الخطوات بالترتيب الصحيح، أو كلّفهم بمهمّة تدوين سلسلة الأحداث التي ينطوي عليها مقتطف أدبيّ. من الأهمّيّة بمكان أن يفهم الطلّاب النصّ ليطبّقوا ما تعلّموه في الخطوات الآتية.
3. التحليل
يجب على الطلّاب، في هذه المرحلة، استخدام معرفتهم المرتبطة بالسياق، للغوص أكثر في نصّ البداية، وتحديد البُنى النحويّة والصرفيّة. يحتوي نصّ البداية على القواعد التي سيتعلّمها الطلّاب في الدرس. لا تُقدِّمها لهم تقديمًا مباشرًا، وإنّما يجب عليهم استنتاجها. سيبدؤون بتخمين البُنى التركيبيّة.
كلّف الطلّاب بمهمّات، مثل ملء الفراغات في الفقر، أو إعادة صياغة نصّ، أو إجراء الإملاء، أو قراءة النصّ بتمعّن وتلخيصه، أو تحديد خصائص النصّ الرئيسة. اسأل، بعد ذلك، مثلًا، عن سبب استخدام بنية نحويّة محّددة في جملة معيّنة، ثمّ قيِّم مدى استيعاب الطلّاب بمناقشة صفيّة جماعيّة.
4. التركيب
في مرحلة التركيب، يُكَلَّف الطلّاب بمهمّات تتطلّب منهم تطبيق قواعد النحو، وتصريف الأفعال التي تعلّموها من نصّ البداية. يمكن توظيف نشاط ملء الفراغات ليتمرّن الطلّاب على استخدام صيغ الفعل نفسها المستعمَلة في وصفة الطعام. اطلب إلى الطلّاب تغيير أسلوب المقتطف الأدبيّ من الأسلوب الوصفيّ إلى الرسميّ أو العاميّ، لبيان فهمهم كيفيّة استخدام اللغة، لأجل غرض معيّن أو في موقف تواصليّ محدّد.
5. التفكير
يسمح هذا الجزء من الدرس للطلّاب بالتفكير في المحتوى، وتعميق فهمهم له في الفصل الدراسيّ. يمكن أن يُطلَب إليهم شرح وظيفة الجمل البلاغيّة في وصفة الطعام. قد تُقدَّم لهم مجموعة من الجمل ويُطلَب إليهم تحديد ما يحتوي منها على معلومات أو توجيهات أو نصائح. يمكن أن يُطلَب إلى الطلّاب المقارنة بين طريقة استخدام اللغة في كلّ نصّ، بمشاهدة المشهد الذي يصفه المقتطف الأدبيّ في اقتباس سينمائيّ.
يكتسب الطلّاب فهمًا أعمق بالتفكير، بدلًا من التعلّم عن ظهر قلب، وفق تدريب أنموذجيّ على قواعد النحو، لأنّه يتوجّب عليهم استعمال المعارف السياقيّة، بالموازاة مع قواعد اللغة التي تعلّموها.
6. التحقّق
تحقَّق، في هذه المرحلة، من فهم الطلّاب الدرس، بالسماح لهم بتبادل أفكارهم حول الحصّة الدراسيّة. دوِّن النقاط الرئيسة، وصحِّح كلّ فهم مغلوط بشأن الدرس، وامنحهم فرصة لتوسيع نطاق تعلّمهم. يمكن تكليف الطلّاب بمهمّات، مثل كتابة وصفة الطعام المفضّل لديهم، أو إتمام القصّة حيث توقّف السرد في النصّ المقتطف.
* * *
يعدّ النهج الاستقرائيّ لتعلّم اللغة بديلًا عن الإلقاء في الصفّ التقليديّ، ذلك أنّ النهج الاستقرائيّ يؤمن بدور الثقافة الحاسم في تعليم اللغة. هو نهج متعدّد الأوجه، لا يعتمد على المعلّم لتزويد الطلّاب بالمعرفة، وإنّما يشجّعهم على اكتشاف الأشياء بأنفسهم، ويحفّز أعدادًا من المتعلّمين للانخراط في أنشطة الفصل الدراسيّ.
رابط المقال:
An Inductive Model for Teaching World Languages in Middle and High School | Edutopia