بُني ملفّ العدد الثالث عشر من منهجيّات على خلاصات ورش عمل، قدّمها خبراء مدعوّون في "يوم اللغة العربيّة: مداخل واستراتيجيّات" الذي عُقد في معهد الدوحة للدراسات العُليا بتاريخ 25 شباط/ فبراير 2023، بشراكة بين ترشيد ومعهد التطوير التربويّ. انطلقت الفكرة من تعميم الفائدة على معلّمات اللغة العربيّة ومعلّميها والمهتمّين، على امتداد العالم العربيّ، بتحويل ورش عمل مباشرة إلى مقالات تطرح خلاصات هذه الورش، نقدّمها للقرّاء علّهم يجدون فيها ما يتوافقون عليه، أو ما يضيء، على الأقلّ، فكرة يسعون إلى تطويرها في ممارساتهم العمليّة في صفوفهم.
من الورش العشر، تضمّن الملفّ سبع مشاركات، كانت للقراءة فيها حصّة الأسد: عرضت لينا القوزي مشروع تعزيز القراءة في مقالها "الصالون الأدبيّ للقراءة النقديّة"، وفصّلت غدير حطبة تنفيذ ورش القراءة في الصفوف في مقالها "تنفيذ القراءة الموجَّهة- قراءة التشابك"، وانطلقت كاتبة قصص الأطفال سمر محفوظ برّاج من تجربتها الخاصّة لتعرض خطوات قراءة القصص للمتعلّمين في مقالها "قراءة القصص في تعليم اللغة العربيّة"، وأضافت أمل الحافي ملاحظات مهمّة حول أهميّة علم الأصوات في تعليم العربيّة في مقالها "علم الأصوات وتعليم اللغة العربيّة في المرحلة الابتدائيّة". ومن جهتها، تناولت درصاف كوكي موضوع تعليم العربيّة لغةً ثانية في مقالها "تعليم العربيّة لغةً ثانية، وعناصر تصميم وحداتها التعلّميّة". أمّا محمد الزعبي فتناول مجال التخاطب الشفهيّ، وقدّم مخطّطًا متكاملًا للأنشطة الشفهيّة في مقاله "بناء المنطوق لتحقيق التواصل الفعّال". وفي المجال الكتابيّ، قدّم يسري الأمير اقتراحات تنفيذيّة لتعليم التعبير الكتابيّ في مقاله "المشروع الكتابيّ: محاولة في تعليم التعبير الكتابيّ".
واستكمالًا للملفّ، كانت المحاورة مع الدكتورة هنادي ديّة، المتحدّثة الرئيسة في يوم اللغة العربيّة؛ حيث تناول الحوار مفهومَي الأصالة والتجديد والعلاقة بينهما، ووصف متعلّم اللغة العربيّة اليوم وما يقتضيه هذا الوصف، ومحاولات للإجابة عن سؤال: "من أين نبدأ في تطوير تعليم اللغة العربيّة؟"
في العدد إذًا، ملفّ دسم، فيه مقالات تقدّم خطوات تنفيذيّة مساعدة للمعلّم والمتعلّم على حدّ سواء. لكنّنا نعرف تمامًا أن "يومًا" للّغة العربيّة لا يكفي إزاء واقع الشكوى الدائمة من تعليم العربيّة، والتي لا يعني إنكارها أكثر من اختباء كئيب وراء الإصبع. ومع تفاؤل الدكتورة ديّة في المحاولات الفرديّة التطويريّة، إلّا أنّنا نشير إلى مشاكل تحتاج إلى كيانات رسميّة جمعيّة تحسم بعض المسائل التي لا تشكّل خطرًا أو خللًا في مقاربة تعليم العربيّة؛ فنشير إلى دور وزارات التربيّة، والمجامع اللغويّة التي لم نعد نسمع لها حسًّا، في إقرار بعض الحلول التي توفّر الكثير من الجهد على المعلّم والمتعلّم على حدّ سواء؛ فليس أمرًا خطيرًا أن يُتّفق على شكل موحّد للهمزة مثلًا، يقضي على كارثة كتابة الهمزات، أو تطوير مقاربات نحويّة مثلًا: كمفهوم بناء الفعل الذي نقرّه على ثبات الحركة، فيما الحركات تتطاير على اختلافها فوق الحرف الأخير بحسب ما اتّصل بالفعل من ضمائر؛ أو مفهوم الفاعل الذي هو "مَن فعلَ الفعل"، ثمّ يرنّ في أذاننا الضجيج حين "ينكسر الصحن"، وغير ذلك الكثير ممّا لا يستدعي خلافات جذريّة. نحن لا نطالب بالمستحيل من الدول، أطلقوا العنان وحسب للمجامع اللغويّة لتزيل تفاصيل صغيرة تجعل حياة متعلّم العربيّة كابوسًا.
بالعودة إلى العدد الثالث عشر، تركّزت مقالات العدد العامّة على قضيتين مهمّتين، هما موضوع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم، وموضوع التطوير المهنيّ للمعلّمين، فنقرأ في الموضوع الأوّل: "برامج الذكاء الاصطناعيّ: تحدّيات جديدة في العمليّة التعليميّة" لريام كفري؛ "الاستعانة بالمدوّنات لتطوير فهم المقروء في عصر الإنترنت" لهدى كاعين؛ "المواطنة التعليميّة- التعلّميّة الرقميّة" لحلمي رؤوف حمدان. أمّا في موضوع تطوير المعلّمين، فنقرأ: "أهمّيّة التكوين الذاتيّ في تنمية المهارة التعليميّة" للدكتور حرزالله محمد لخضر؛ "المعلّم الرياديّ يتعلّم مدى الحياة" لعلي عز الدين؛ "التقويم التكوينيّ: أهداف واستراتيجيّات" لسمر زيتون ومَي أبو مغلي. بالإضافة إلى أبواب المجلّة الثابتة.
منهجيّات، المجلّة المجّانيّة – التطوّعيّة، تحاول وسعها أن تسهم في تطوير التعليم في العالم العربيّ. لذلك هي مجّانيّة، ولذلك أيضًا هي تتّكل على تطوّع أصحاب الهمّ التطويريّ ذاته في المشاركة في ملفّاتها ومقالاتها ومدوّنتها ودردشاتها؛ هي شراكة همّ وواجب، فشاركونا.