وصال مرعي- معلّمة ومدرّبة معتمدة دوليًّا- لبنان
وصال مرعي- معلّمة ومدرّبة معتمدة دوليًّا- لبنان
2024/06/06

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

 لو كنت طالبًا، خصوصًا في مرحلة الطفولة المبكرة، كنت سأختار حتمًا التعليم بمنهج مونتيسوري؛ وذلك كونه المنهج الأكثر تطوّرًا، ويعالج معظم الأخطاء المتبّعة في طرق التربية والتعليم التقليديّة وأساليبها. أهمّ ما في هذا المنهج تأكيده على ضرورة تنمية شخصيّة الطفل بصورة تكامليّة، من مناحٍ نفسيّة وذهنيّة وجسديّة وغيرها. تعتمد فلسفة هذا المنهج على أنّ كلّ طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكونه في المستقبل.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

تنمية المهارات الاجتماعيّة مع المعارف العلميّة تؤدّي دورًا حاسمًا في تمكين الطلّاب، فمن خلال برامج تدريب المهارات وتعزيزها، يمكننا إطلاق العنان لإمكاناتهم، وتمكينهم من الإسهام في نموّ مجتمعاتهم. المهارات الاجتماعيّة أساس النجاح الشخصيّ والمهنيّ في عصرنا هذا، وخصوصًا في ظلّ التطوّر التكنولوجيّ الحاصل، إذ أصبحت المهارات الاجتماعيّة أمرًا لا غنى عنه للنجاح في الحياة. تشمل هذه المهارات التفاعل بنجاح مع الآخرين، بالتواصل الفعّال، والإنصات الفعّال، وباعتقادي هي مهارات توازي في أهمّيّتها تنمية المعارف العلميّة.

 

كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

يؤدّي المعلّم الدور الأساس، إذًا فعليه العمل على تطوير نفسه ومهاراته، بما يتناسب مع ما يشهده عصرنا من تطوّر للذكاء الاصطناعيّ، ويتوجّب على المعلّم وضع خطط تعليميّة مناسبة ومواكبة لهذا التطوّر.

يساعد الذكاء الاصطناعيّ المعلّمين في وضع برامج تدريبيّة وتوعويّة، تناسب كلّ طالب، وذلك استنادًا إلى تقييم قدراتهم الفرديّة. كما يوفّر مصادر تعليميّة موثوقة، وهو الدور الأهمّ، كونها تساعد المعلّمين على الحصول على أفضل المصادر التعليميّة الموثوقة.

 

متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟

يكون الإرشاد التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة عندما يكون المرشد التربويّ محايدًا، ويعدّل ويصحّح ما ظهر له من أخطاء. إنّ الهدف من الإشراف التربويّ هو رفع مستوى المعلّم إلى أفضل درجة ممكنة. كما يهدف إلى اكتشاف وفهم أهداف التعليم، ومساعدة المعلّم ليتقبّل هذه الأهداف ويعمل على تحقيقها. ويؤدّي الإشراف دورًا مهمًّا في تنظيم العمليّة التربويّة. عندما يحقّق الإشراف التربويّ هذه الأهداف يكون مفيدًا، وفائدته تتمثّل بتحسين بيئة التدريس والتعليم، وإعطاء التوجيه، والإدارة، وتطوير أهداف المدرسة.

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

برأيي، الاستماع والاعتراف والاعتذار، هي مفاتيح لحلّ النزاعات، فقد يحتاج الطلّاب إلى وقت للهدوء بعد النزاع. وأعتقد أنّنا بحاجة إلى إنشاء لجنة مختصّة داخل كلّ مدرسة، موكلة بحلّ النزاعات ومعالجتها. عندما تحصل نزاعات بين الطلّاب. علينا، كمعلّمين، الاستماع بهدوء إلى الطالب، وبعده تحديد الأسلوب المناسب للموقف، ومساعدة الطلّاب على التواصل بفعاليّة، والتعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم باحترام، مع تشجيعهم على الاستماع إلى بعضهم بإنصات وتعاطف. ثمّ علينا دراسة أسباب المشكلة، وتحديد جذورها، والانتقال إلى البحث عن حلول متعدّدة، وتقويمها، فاختيار الحلّ الأمثل، ووضع خطّة لتنفيذ الحلّ.

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

في معظم الأحيان يكون استخدام هذه الأدوات إيجابيًّا، إذ يمكن للطالب الوصول بشكل أسرع إلى المعلومة. لكن مع ذلك، اعتمادنا الزائد وإدماننا عليها يعتبر سلبيًّا جدًّا. يمكن أن يؤثّر استخدام التكنولوجيا بشكلٍ سلبيّ في الطلّاب والمعلّمين، من حيث الأثر العقليّ والجسديّ الذي يحدثه في حال استخدمت بشكل كبير. 

وبرأيي، قد يؤدّي استخدام التكنولوجيا في التعليم إلى انخفاض مستوى المهارات الأساسيّة عند الطلّاب. ويؤدّي استبدال الأقلام والكتب بالهواتف والحواسيب إلى الحدّ من مهارات أخرى، كالكتابة الجيّدة مثلًا. كما أنّه يؤثّر بشكل سلبيّ في عمليّة التفكير، ويؤدّي إلى تهميش دور المعلّمين في العمليّة التربويّة. أيضًا تُسهم سلبًا في انخفاض نسبة التفاعل بين المعلّم والطلّاب، إضافةً إلى أنّها ستُشكّل عبئًا مادّيًّا على الأهل، وتكاليف أخرى تخصّ التطبيقات، ممّا يعتبر عائقًا أمام الأهالي غير المقتدرة مادّيًّا.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

على الأهل مسؤوليّة مشتركة ومتكاملة مع المعلّمين والإداريّين، لتحقيق الأهداف التعليميّة، وتشجيع نموّ المتعلّم. ويشكّل اهتمام الأهل محفّزًا أساسيًّا للطالب كما للمعلّمين. أمّا التوقيت المناسب فهو متعلّق بحاجة الطالب، والسبب الذي يدعو إلى تدخّل الأهل. برأيي. التعاون بين الأهل والمدرسة بات أمرًا ضروريًّا من أجل نجاح العمليّة التربويّة والتعليميّة، لأنّ حياة التلميذ المدرسيّة لا تنفصل عن حياته اليوميّة في البيت، وتعدّ المدرسة شريكًا أساسيًّا في عمليّة التنشئة الاجتماعيّة للتلميذ، بل وتعتبر الفاعل الأكثر أهمّيّة في حياته.

 

هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

برأيي، هناك ضرورة للعمل على تطوير المناهج وتقليصها، بما يتناسب مع العصر وتطوّره. ولكنّني لا أشجّع فكرة التخلّي الكامل عن الكتاب المدرسيّ، لأثره ودوره في العمليّة التعليميّة. أثق بأنّ أيّ دولة في العالم لا تستطيع الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ، وأعتقد بأنّ المعلّم سيعجز عن إيصال المعلومة من دون وجود كتاب لدى الطالب، وإن استطاع إيصالها فإنّها لن تقف كثيرًا عند الطالب، وسرعان ما سيتخلّى عنها عقله.

 

كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟

برأيي، حسب المرحلة، فمثلًا مرحلة رياض الأطفال، والصفوف الابتدائيّة، يجب أن يكون الدوام المدرسيّ لها أربع ساعات كحدّ أقصى، على أن يبدأ الدوام في الساعة التاسعة صباحًا. برأيي نحن بحاجة إلى خطّة استثمار لهذا الوقت، وتقليصه بدلًا من زيادته. وتكون خطّة الاستثمار اليوميّ الدراسيّ من خلال التنويع بالأنشطة، والابتعاد عن أسلوب التلقين طوال الوقت، وتخفيف الواجبات المنزليّة، وتقليص المدّة الزمنيّة لكلّ حصّة، ودمج التعليم الإلكترونيّ بشكل أكبر، وتخصيص الجزء الأخير من الحصّة لأداء الواجبات.

 

صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

مقالة "التربية الحرّة" من كتاب "المساواة"، للأديبة اللبنانيّة ميّ زيادة، إذ قدّمت تعريفًا للتربية الحرّة والتربية الناقصة، كما أجرت مقارنة بينهما. ووضّحت الأسس السليمة للتربية الناجحة، والأساليب الخطأ والشائعة عند تربية الطفل، وقالت فيه: "إنّ التربية ترمي إلى غاية واحدة، وهي توسيع دائرة الحياة ". تكلّمت في المقالة عن بناء الشخصيّة من خلال التربية، ومدى أهمّيّتها في غرس الثقة في النفوس، وأكّدت على أهمّيّة التربية الصالحة، وأثرها في بناء شخصيّة قويّة، وذكرت مخاطر الإهمال والجهل في التربية الناقصة. ومن أساليب التربية الحرّة تعويد التلاميذ على المصارحة والصدق، وإدراك أهمّيّة التعلّم من أخطائهم، والاستفادة من تجاربهم في الحياة.