نهيل عبد القوي شديد- معلّمة وباحثة في المجال التربويّ- مصر
نهيل عبد القوي شديد- معلّمة وباحثة في المجال التربويّ- مصر
2025/02/19

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

أستخدم في أغلب الأحيان العصف الذهنيّ. يحبُّ الطلبة البدء بالكلام عن الموضوع الذي سنتحدّث فيه، مع استخدام استراتيجيّة KWL (ماذا أعرف؟ ماذا أريد أن أعرف؟ ماذا تعلّمت؟). أنظر إلى عيون الطلبة في الفصل لأرى، هل هم مستمتعون؟ وهل هم يستمعون أم لا؟ وأحاول أن أجد دائمًا أنشطة للشرح، سواء بألعاب أو بأغانٍ. وأستخدم أنشطة منهج المونتيسوري الحسّيّة. ففكر منهج المونتيسوري يعتمد على أنّ الطفل هو محور العمليّة التعليميّة؛ أي أنّ عملي يقوم على تحديدي لمستوى الطفل، وكأنّه منهج لكلّ طفل على حسب قدراته.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

استخدامي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ يقع ضمن إطار المساعدة في تحضير الدرس، أو ترتيب الأفكار، أو البحث عن أفكار جديدة، أو تصميم بعض الأفلام التي تقرّب لهم فكرة درس ما. ما زلت لا أميل إلى استخدام الذكاء الاصطناعيّ كلّما سنحت الفرصة. أريد أن نقرأ في الكتب ونبحث ونقارن بينها. أخاف خوفًا شديدًا كلّما زاد استخدام الذكاء الاصطناعيّ، خصوصًا عندما يلجأ إليه الطلّاب في كلّ صغيرة وكبيرة حتى أصبح صديقًا لهم. وأشعرُ أنّ واجبي معلّمةً، أن أتابع ذلك التطوّر ليكون عندي من المعلومات ما أستطيع به أن أجاريهم، وأساعدهم في حال احتاجوا إلى ذلك.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في بداية مشواري التعليميّ كنت أحاول أن استمع إلى كلّ سؤال من الطلاب أثناء الشرح، وكان ذلك مجال تشتّت كبير؛ إذ اعتقدتُ أنني بذلك أساعدهم. ولكن، استطعتُ بعد ذلك أن أجعل الطالب يصبر على سؤاله، أو يكتبه حتّى أنتهي من الشرح. فمن الوارد أن تأتي الإجابة خلال الشرح، وإن لم يحدث فعنده فرصة للسؤال بعد انتهائي من الشرح.

 

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

من أهمّ المعلومات التي يجب أن يعرفها المعلّم، سماتُ كلّ مرحلة عمريّة يُدرّسها، واحتياجاتها والمتوقّع منها. وأيضًا سمات المعلّم الشخصيّة أو الجسمانيّة. ومن الموضوعات المهمّة أيضًا، معرفة الاستراتيجيّات المختلفة المستخدمة في التدريس. ومن المهمّ تعليم المدرّس كيف يستطيع أن يحافظ على سلامته النفسيّة والقلبيّة بعد يوم طويل من التعامل مع الطلبة، عن طريق كتابة اليوميّات، أو عمل شغل يدويّ يفرّغ بهِ طاقته السلبيّة. وعلى المعلّم أن يعرف أنّه في حالة مستمرّة من التعلّم وتزكية نفسه ليستطيع بناء الإنسان.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

أن تكون هناك وسائل اتّصال وتواصل بين المعلّمين، سواء في دولة واحدة أو من دول عدّة، أمر له فوائد كثيرة جدًّا، ليس فقط بسبب الأزمة التي نواجهها الآن، ولكن لتعليم جيل عنده مشاكل معروفة في كلّ مكان. بالتحاور تكون هناك فرصة لتبادل الأفكار.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

أحاول أن يكون هناك دائمًا تواصل سواء عن طريق اجتماع أولياء الأمور، أو منشورات قصيرة تُرسل على وسائل التواصل بين المدرسة وولي الأمر، ونصائح تربويّة.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

على المعلّمين مراجعة أهدافهم، وتجديد نواياهم في ما يقومون به من رسالة مهمّة في تنشئة الأجيال القادمة وتربيتها. فهي رسالة الأنبياء يحملها المعلّمون. كما يجب أن تكون هناك هواية يقوم بها المعلّم، ليستعيد نشاطه النفسيّ والذهنيّ.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

أحاول أن يكون هناك جدول أعمال فيه ما أريد أن أقوم به، وما يطلب منّي. فالتدريس مهنة تحتاج إلى تنظيم الوقت، لأنّ عملي لا ينتهي برجوعي من المدرسة، بل يستمرّ طوال اليوم، حتّى في المنزل. ولذلك، أحاول أن أحدّد ما عليّ فعله وترتيب الأولويّات، حتّى لا أتوه وسط ما أتمنّى تحقيقه وما أقوم به فعليًّا.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

أثره الإيجابيّ أني كنت مستوعبة جدًّا لأولادي، ومستمتعة برحلتي التربويّة والتعليميّة معهم. وفي أيّ تجمّع عائليّ، كنت أنا من يقوم بتنظيم الأطفال، والسيطرة عليهم، والاستعداد بالألعاب والأنشطة كي يمضوا وقتًا ممتعًا مفيدًا. والأمر السلبيّ، أنّني أتعامل كمعلّمة في الحياة عامّة، حتّى لو كنّا مثلًا في الشارع أو في المحل، أبدأ بتوجيه كلّ طفل أجده أمامي "لا تلمس ذلك"، "اجلس هُنا".

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

المواقف الطريقة كثيرة، ولكن الممتع منها عندما تقول طالبة: "معلّمتي أنت تبدين أصغر من سنّك الذي تقولين". وردود أفعال الأطفال دائمًا تكون مسليّة، وفي كثير من الأحيان تكون هي ما يهوّن على المعلّم ما يقوم به، عندما يرى ابتسامة طالب ولمعة عينيه، أو يتلقّى حضنًا كبيرًا منه.