خلال الحجر الصحّيّ، حوّلتْ مبادرةُ "سبّورة وطبشورة" منزلي إلى منصّة تعليميّة لطلبة المدرسة، أقدّم فيها دروس الجغرافيا باستخدام الطباشير واللوح أو "السبّورة" فعلًا، بالإضافة إلى أساليب عديدة أخرى، في محاولة لإعادة الطلبة إلى جوّ الصفّ والمدرسة عبر الشاشات عن بعد، وهي حوّلت أيضًا منازل الطلبة إلى مقاعد رقميّة للدراسة عبر المنصّات التعليميّة.
في هذا المقال سأعرض المبادرة في عناوين سرديّة، لأحاول خلق تصوّر عنها عند القارئ.
جولة سريعة في المبادرة
أنشأتُ غرف تدريس افتراضيّةً لتدريس الجغرافيا للصفوف: العاشر، الحادي عشر، الثاني عشر. وكان ذلك عبر تطبيق MYU الذي عرضت محتوى الدروس عليه، باستخدام أساليب تدمج ما بين التعليم الإلكترونيّ والتعليم التقليديّ.
صمّمت المادّة التعليميّة، إلى جانب أنشطة غير منهجيّة تدمج الطالبة وأولياء الأمور في العمليّة التعليميّة، وقد لجأت في ذلك إلى ما يسمّى "التصميم التعليميّ"، أي إنّني عملت على تصميم المادّة بما يتناسب مع احتياجات طالباتي. تحتوي مادّتي التعليميّة على تصوير حصّة صفّيّة مصغّرة مدّتها 10 دقائق، أشرح خلالها للطالبات محتوى الكتاب باستخدام السبورة والطبشورة. من أجل صناعة الفيديو. ركّبت سبّورةً في مطبخي، لأستخدمها في عمليّة الشرح، ومن ثمّ كنت أكلّف الطالبات بتلخيص الدرس.
عملت على فتح آفاق تفكير الطلبة بسلسلة من النقاشات عبر غرف الحوار، وإثراء المادّة التعليميّة بأوراق عمل، واختبارات إلكترونيّة، وتنشيطهنّ عبر ألعاب إلكترونية. هكذا كنت أساهم في تشجيع الطالبات على التعلّم الذاتيّ، إذ إنّ هذه المادّة تبقى في متناول الأيدي كلّ الوقت، وهو ما يعطي الطالبة مرونةً في التعلّم حسب الأوقات المناسبة لها.
أنشطتنا خارج المنهاج
تحتوي منصّتنا التعليميّة على مجموعة من الأنشطة غير المنهجيّة، التي تحاكي مهارات الطالبات، وتساعدهنّ على استثمار وقتهنّ، وتوجّههنّ نحو التفكير في احتياجاتهنّ، وتشجّعهنّ على ممارسة هواياتهنّ، وتعزّز عدد من القيم لديهنّ، بالإضافة إلى كونها تعمل على إشراك الأهل، وعلى التعاون مع معلّمين ومدرّبين من المجتمع المحلّيّ.
استخدامنا المنهج الوصفيّ في التواصل مع الطالبات لمعرفة احتياجاتهنّ، وآرائهنّ حول مواصلة المسيرة التعليميّة. واستخدامنا المنهج التطبيقيّ في قبول المقترحات، واختيار الطريقة، واليوم المناسب لعرضها.
للإبقاء على حماس المشاركة، تواصلت مع الطالبات فرديًّا على الخاصّ، وتحدّثت معهنّ حول آرائهنّ في سبل زيادة التفاعل، ثمّ قرّرت بعدها كتابة منشور أسبوعيّ باسم "دردشة مسائيّة" نتحدّث فيه سويًّا، بغرض كسر الحاجز النفسيّ بيني وبين الطالبات، وتحفيزهنّ على متابعة الدروس واستثمار الوقت.
وبناءً على طلبهنّ باستثمار مواهبهنّ، مع إيماني بكون الفرصة مناسبةً لتعليم استثمار الوقت، أنشأت برنامجًا لاستثمار الوقت الأسبوعيّ، كلّ يوم فيه يضمّ فقرتين، منها ما هو أنشطة منهجيّة، ومنها أنشطة أخرى غير منهجيّة، لا يستغرق عملها أكثر من نصف ساعة يوميًّا. وكان البرنامج الأسبوعيّ منوّعًا:
حصّة صفّيّة من 10 دقائق/ غرف الحوار والمناقشة/ صناديق الواجبات/ الفقرة الرياضيّة/ الفقرة الإرشاديّة/ الفقرة الورديّة/ فقرة اللغة/ فقرة دردشة مسائيّة/ الفقرة الدينيّة/ فقرة تعزيز القيم/ مشاهدة برنامج مشترك.
عملت أيضًا على رفع مستوى طالباتي من خلال استخدام التكنولوجيا الرقميّة في تنمية المهارات العقليّة العليا لديهنّ، مثل التفكير، والتحليل، والتخيّل، والربط، إذ لم تقتصر المشاركة على الحصص وأوراق العمل والملخّصات. قد طرحت أسئلة العصف الذهنيّ، وشاركنا روابط تتعلق بالدرس، وألحقناها بأسئلة النقاش، وأثرينا المادّة بالعديد من الألعاب، والمسابقات الإلكترونيّة، والاختبارات أيضًا. كنت أرصد مشاركاتهنّ على دفتر المتابعة لتحسين تحصيلهنّ الدراسيّ.
في سبيل دمقراطيّة المبادرة
طبّقنا أيضًا مبدأ (القيادة التشاركيّة)؛ مع أنّني تولّيت قيادة الأنشطة في الأسبوع الأوّل، وذلك ليتسنّى للطالبات معرفة آليّات تطبيقها، كنّا خلال الأسابيع التي تلته نفوّضهنّ لقيادة العمل، وفي مطلع كلّ أسبوع كان يتمّ تغيير قائدة كلّ نشاط، فحصل الجميع على حقّ المشاركة. وللتأكّد من مدى فاعليّة التعليم عن بعد عملت استبانةً لمعرفة آراء الطالبات حول التعليم عن بعد، وأثره في جوانب حياتهنّ المختلفة.
وكي نخلق بيئةً مشجّعة للطالبات، شكّلنا فِرقًا من المجتمع المحلّيّ والمعلّمات من مدرستي، للتواصل مع طالباتي وتقديم الدعم لهنّ، مثلا: عملنا على التشبيك مع مدرّبة رياضيّة لتدريب الطالبات، وإدخال الرياضة إلى نظام حياتهنّ بإعطاء حصص رياضيّة عبر "فيسبوك". كذلك، عملنا على التشبيك مع معلّمة لغة إنجليزيّة لمتابعة الطالبات في دراسة المصطلحات الإنجليزيّة عبر تطبيق MYU، مع مشروع إلصاق ملصق إيجابيّ باللغة الإنجليزيّة على أشياء كثيرة الاستخدام. كذلك، إرشاد الطالبات وتحفيزهنّ، وإضفاء الطاقة الإيجابيّة على نفسيّة الطالبات عن بعد من قبل مرشدة اجتماعيّة.
كان نصب أعيننا...
- خلق بيئة تعليميّة رقميّة غنيّة بالنشاط، والتشارك، والنقاش، والتفكير، والتعبير.
- الإسهام في إبقاء الطالبات على اتّصال بالمنهج الدراسيّ.
- اكتشاف مهارات الطالبات المتعدّدة في مختلف المجالات.
- تكوين شخصيّة واثقة عند الطالبات من خلال القيادة التشاركيّة.
- تطوير قدرات الطالبات التكنولوجيّة.
- المساهمة في تغير أساليب التعليم والتقويم التقليديّة.
- استثمار وقت الطالبات، وتعليمهنّ إدارة الوقت.
- زيادة التواصل بين المعلّمات والطالبات.
- الإسهام في تغيير موقف الطالبات حول التعليم عن بعد.
- توفير المادّة الدراسيّة على قناة في "يوتيوب". هي الآن قائمة وتغطّي مادّة الفصل الأوّل.
شواخص في طريق المبادرة
- عمل صفوف افتراضيّة على تطبيق MYU. شمل هذا المستويات الثلاثة التي أدرّسها.
- صناعة فيديوهات الحصص ونشرها. شمل هذا العديد من الحصص المصوّرة، التي أعدّت باستخدام السبّورة والطبشورة.
- عمل امتحانات شهريّة ويوميّة للطالبات على مواقع مثل: Travinty ، Live Worksheets.
- عمل استبانة إلكترونيّة، وتوزيعها على الطالبات، وأولياء الأمور إلكترونيًّا.
- تصميم ألعاب تفاعليّة. أنجزت ما يقارب 12 لعبةً تفاعليّةً تحاول ترسيخ المادّة في ذهن الطالبات باستخدام برامج مثل: Jigsaw planet، Word wall.
- تصميم الطالبات خرائط مفاهيميّة على برنامج Canova.
- تدريب الطالبات على كثير من التطبيقات التي استعملتها، وطلب مهمّات تتطلّب هذه التطبيقات والبرامج، ليكون التدريب عمليًّا. شمل التدريب والمهمّات برامج كثيرة، منها ما ذكرته سابقًا ممّا استخدمته أنا، بالإضافة إلى عملالاستبانات في "نماذج جوجل"، وموقع Solar System Scope لمعرفة عمر الكواكب، وتحويل الواجبات إلى موادّ رقميّة باستخدام Kinemaster، وvRecorder. وهو ما زاد من المعرفة التكنولوجيّة لدى الطالبات.
- تعميم التجربة بالمشاركة في ندوات رقميّة حول التعليم.
قبل أن أقول إلى اللقاء...
في الختام، لا أرى لنا غنًى عن "السبّورة" في العمليّة التعليميّة، وقد عملت باستخدامها على تحويل مادّة الجغرافيا إلى مادّة ممتعة مشوّقة ميسّرة، معتمدةً طرائق تبتعد عن التلقين، وساهمت بمساعدة الطالبات على تطوير إمكاناتهنّ، واستثمار قدراتهنّ، وتوسيع مداركهنّ، ليشعرن أنّهنّ جزء مهمّ من الصفّ بما يسهم في جعل الطالبة شريكةً في العمليّة التعليميّة، فتلعب الطالبات دورًا إيجابيًّا تفاعليًّا بتولّيهنّ أدوارًا قياديّةً في الأنشطة غير المنهجيّة.