لميا خالد- معلّمة فيزياء- لبنان
لميا خالد- معلّمة فيزياء- لبنان
2024/12/26

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

تختلف الفئات العمريّة التي أتعامل معها، وتشمل طلّاب المرحلتين المتوسّطة والثانويّة. أعتمدُ، مع كلّ فئة، استراتيجيّة مختلفة بناءً على العوامل، وأنواع الطلّاب الموجودين داخل صفّي. ولكنّ الأكثر تداولًا واستخدامًا، والذي يساعدني كثيرًا في إيصال المعلومات، وخصوصًا في مادّة الفيزياء، هو الأبعاد الستّة (PDEODE)، وهي اختصار لـ (Predict, Discuss, Explain, Observe, Discuss, Explain) التي تتّفق مع المادّة العلميّة. بحيث تبدأ بتقديم المعلّم مشكلة واقعيّة مثيرة لتفكير الطالب، يقوم على إثرها بعمل توقّعات، ثمّ يبرّرها، ويقوم بعد ذلك بمجموعة من الأنشطة التي يدخل فيها التفكير المنطقيّ والتحليل وخلاصة النتائج.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

لطالما كانت التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعيّ لم يأتِ ليحلّ مكان التعليم، إنّما لتحقيق أهداف تعليميّة بشكل أوضح. فالتكنولوجيا لا تؤثّر سلبًا في الجوانب الإنسانيّة، بل تزيد من التفاعل والترابط في العمليّة التعليميّة بين جميع مراحلها، إنّ صحّ استخدامها في مكانها الصحيح.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

أتذكّر في السنة الأولى للتعليم، درّست من دون أي خلفيّة تعليميّة. ونحنُ المعلّمون نتخرّج من جامعتنا بمستوى إدارة صفّيّة صفر، أي نعتمد على مجهودنا الذاتيّ للتطوّر. كنت أدرّس الدرس الواحد في حصّة واحدة، أي إنّني لا أجزّئ الأهداف ولا أراعي الفروق الفرديّة. وتعاملت مع الجميع بمستوى واحد، وبقدرة فرديّة تتناسب معي أنا وليس معهم. وفي لحظة نقاش مع زملائي من الخرّيجين الجدد، وضمن سياق الحديث، أبلغني أحدهم بضرورة التخفيف والتعامل مع الطلّاب بسلاسة أكبر، ونوّه بطريقة التعامل وتقسيم الأهداف. وأخذت معي مدّة للتأقّلم وإعادة النظر.

 

افترضي أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

حديث العصر اليوم عن الذكاء الاصطناعيّ وطرق استخدامه وكيفيّة التفاعل معه. أظنّ الموضوع كيفيةُ إدخال هذه الأدوات ضمن اليوم التعليميّ، وكيفية تفاعل الطالب معها.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

لا شك أنّه مهمّ، أستمتع حين أقرأ لزملاء من دول أخرى مقالات مبنيّة على تجاربهم الذاتيّة، بعيدًا عن المصطلحات الفلسفيّة. أشعر أن هناك من يقاسمني دوري مربّيةً ومعلّمةً، ويشعر كما أشعر. وخصوصًا في عدد مجلّة منهجيّات السابع عشر الذي تطرّق إلى العديد من الأفكار التي راودتني (رفاه المعلّمين... عافيتهم، بل ربّما بقاؤهم). مسؤوليّة المعلّمين ليست توصيل معلومة فقط، إنّما أيضًا ضمان استمراريّتها، ويتحقّق ذلك من خلال التشبيك.

ومنهجيّات أوجدت الطريق الأفضل لتحقيق التشبيك عبر سماع صوتنا ونشر أفكارنا وهدم الحدود المفروضة على الكتابة، لتسمع جميع أفكارنا، وهي لطالما كانت على السلّم الصحيح. أقترح أن يكون هناك سفراء للمجلّة في كل الدول لتتّسع وتتعمّم، وليعلم كلّ تربويّ بها. يمكن ذلك عبر وزارات التربية أو من يهتمّون بالشأن التربويّ، مثل الجمعيّات أو الهيئات التربويّة التي تسعى للتشبيك.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

في كلّ اجتماع أهل، أتعمّد خوض نقاش معهم لأصل إلى طريقة تعاملهم مع أبنائهم ومدى رضاهم، وما نظرتهم التقييميّة إلى نجاح أطفالهم وكيفيّة تقييمه. يختلف ذلك بحسب البيئة الاجتماعيّة، وأنا أحاول تغيير النظرة النمطيّة بأنّ العلامة هي التقييم الأخير، وأؤكّد على ضرورة التشاور مع أبنائهم لفهم مشاكلهم، ولا سيّما من هم في المرحلة الثانويّة، وعلى التشارك في أخذ القرار والتوعية.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

شاركتُ سابقًا في إحدى الدورات المرسلة من قبل المدرسة بعنوان "The Mental Health Revolution: Navigating Society 5"، هناك تعرفتُ إلى هرم ماسلو للاحتياجات وكيفيّة التعامل معه. كما أصبحت هناك تطبيقات ذكيّة يمكن أن تساندك في صحّتك النفسيّة، أو الطريقة الاعتياديّة بزيارة اختصاصيّ، أو اعتماد بعض التمارين المنزليّة. والحقيقة، أفضّل الطرق التقليديّة البسيطة ومتعدّدة المستويات. مثلًا، أبتعد أحيانًا عن وسائل التواصل الاجتماعيّ لفترة، وأتمتّع بهوايتي، فأنا من محبّي القراءة. وإن كانت أيّ فكرة تجول في خاطري تختصّ بالمنهج التربويّ، أحبّ التعبير عنها ونشرها في منهجيّات. كما أحبّ مخالطة الطبيعة والهدوء وأخذ استراحة وجيزة تعيد ترميمي. أشارك دائمًا مشاكلي مع من هم على دراية وأخذ بالنصيحة. هناك طرق كثيرة تختلف حسب الشخصيّات.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

أنا من الأشخاص الذين لا يستطيعون العمل من دون تنظيم الوقت. في نهاية كلّ أسبوع، أصنع جدولًا أحدّد فيه أولويّاتي في العمل بالتدرّج من الأهمّ إلى الأقلّ أهمّيّة، وتحديد الأهداف المراد تحقيقها، وأجدولها بحسب الفترات الزمنيّة وإمكانيّة إنجازها. أضع وقتًا لكلّ المهام العمليّة والاجتماعيّة، وإن سنحت لي الفرصة، أنجز أيًّا من المهام الاستباقيّة لتفادي الضغط العمليّ.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

الأثر الإيجابيّ: المرونة في التعامل مع شخصيّات مختلفة وكيفيّة التواصل معها.

الأثر السلبيّ: الردود السلبيّة على المستوى الصحّيّ لما يستنفده المعلّم من وقته ومجهوده في مهنته.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

صدقًا، في كلّ عام تعليميّ لا بد أن أمرّ بحادث طريف. لكنّني أتذكّر في السنة الأولى التي مارست فيها التعليم، كنت أكره حصص الاحتياط، حيث تقوم الإدارة بالاستفادة من المعلّمين المتواجدين ضمن الهيئة التربويّة خلال حصص فراغهم لتغطيتها. في حرم المدرسة يوجد دكان صغير، أذهب إليها أنا وصديقتي، لنختبئ من طلب الاحتياط، ومن ثمّ نأكل ما لذّ وطاب مع صاحب الدكان. لم تستمرّ الخدعة فترة طويلة، لكنّها كانت من أطرف الأحداث التي حصلت.