يعدّ تعليم طفلك المسؤوليّة الماليّة أحد أهمّ المهارات الحياتيّة التي تفيده. فهو يزوّده بالمعرفة والعادات التي يحتاج إليها لاتّخاذ قرارات ماليّة مستنيرة في المستقبل. وبغرس هذه القيم في وقت مبكِر من حياة طفلك، فإنّك تمكنّه من أن يصبح شخصًا بالغًا يتمتّع بالذكاء الماليّ. من هنا، عليك أن تعلِمه بقيمة المال بمجرّد أن يتمكّن من العدّ، لأنّ طفلك يجب أن يكون حذرًا في ما يتعلّق بالمال. نناقش في هذه المقالة استراتيجيّات ونصائح فعّالة لمساعدتك في توجيه طفلك نحو طريق المسؤوليّة الماليّة.
ما أهمّيّة تعليم الطفل المسؤوليّة الماليّة؟
يُعدّ غرس عادات ماليّة جيّدة في وقت مبكِر من حياة طفلك، أي منذ دخوله المدرسة الابتدائيّة وحصوله على مصروفه الشخصيّ، جانبًا تربويًّا يبقى معه حتّى مرحلة البلوغ. من المهمّ إجراء هذه الأنواع من المحادثات والسماح لطفلك بطرح الأسئلة حولها، حتّى يتمكّن في النهاية من بدء الإسهام في نجاحه الماليّ.
تسهيل المحادثات الماليّة مع الطفل في المستقبل
بالنسبة إلى العديد من الوالدين اليوم، يعدّ المال موضوعًا محظورًا قبل سنّ الرشد، فلم يعرف الكثير منّا مقدار الأموال التي كسبها والدونا أو أنفقوها، وفي ما كانوا يدّخرون أو يستثمرون، أو مقدار الأموال التي استهلكوها حتّى وصلوا إلى سنّ التقاعد. الشيء الوحيد الذي كنّا نعرفه هو أنّ والدينا كانا يجنيان ما يكفي لرعاية عائلتنا، لكن لم يكن لدينا أدنى فكرة عن حالتهما المالّيّة. لذلك، يكسر الحديث عن الجوانب الماليّة مع طفلك منذ الصغر الجليد ويسهّل النقاش معه في المستقبل.
مساعدة الطفل على اتّخاذ قرارات ماليّة أفضل
يمكن أن يساعد تعليم الأطفال أسس إدارة الأموال على تطوير المهارات اللازمة، لتحقيق النجاح الماليّ في وقت لاحق من الحياة. يمكن للدروس الماليّة المبكِرة أن تمنح طفلك الدعم عندما يحين الوقت لاتّخاذ قرارات ماليّة أكثر أهمّيّة، من الادّخار والاستثمار إلى إنشاء ميزانيّة والالتزام بها.
تقليل تكرار الطفل الأخطاء الماليّة السابقة
من المحتمل أنّك ارتكبت أخطاءً في إدارة أموالك في الماضي، وفي مرحلة النقاش مع طفلك تتحوِّل هذه الأخطاء إلى دروس مستفادة لمساعدته على اتّخاذ خيارات أفضل. قد لا يواجه طفلك الصغير قرارات ماليّة تغيّر حياته، لكنّه سيواجهها مع تقدّمه في السنّ، بما في ذلك تعلّم استخدام بطاقات الائتمان بمسؤوليّة وتجنّب الديون.
قد لا يتعلّم الطفل بطريقة أخرى
إذا كنت تعتقد أنّ المدرسة ستعدّ طفلك للعديد من القرارات الماليّة التي سيواجهها عندما يصبح شابًّا بالغًا، فأنت مخطئ. لذلك، إذا لم تجد الوقت الكافي لتعليمه المهارات الماليّة، فمن المهمّ جدًّا أن تلحِقه بإحدى الدورات الماليّة.
كيف تغرس في طفلك المسؤوليّة الماليّة؟
كلّما بدأت في تعليم طفلك كيفيّة إدارة الأموال في وقت مبكِر، أصبح أكثر ذكاءً ماليًا عندما يبلغ. لست بحاجة إلى أن تكون خبيرًا ماليًّا لتحدث فرقًا في مستقبل طفلك، ولكن بخطوات بسيطة يمكنك وضعه على الطريق الصحيح في ما يتعلّق بالمسؤوليّة الماليّة:
استخدم المواقف اليوميّة
استفد من الفرص العاديّة للتحدّث عن المال مع طفلك. سواء كنت تدفع فاتورة المياه الخاصّة بك أو تخطّط ميزانيّتك الشهريّة، استخدم المهمّات الشائعة فرصًا لمشاركة الأفكار، أو طرح الأسئلة، أو حتّى الحصول على مداخلات حول كيفيّة إنفاق أموالك.
استفد من التكنولوجيا
تساعد العديد من تطبيقات الهاتف المحمول والموارد الأخرى في تعليم الثقافة الماليّة لجميع الأعمار. نحن نعيش في عالم رقميّ، فلماذا لا تستخدمه لتعليم أطفالك عن المال؟ حيث يوفّر الإنترنت ألعابًا تناسب الأطفال حول المال والحساب وشراء الممتلكات، بالإضافة إلى التطبيقات التي تساعد على إنشاء ميزانيّة.
اتّبع الوسائل المرحة
حوّل سيناريوهات الحياة الواقعيّة إلى ألعاب ممتعة مع طفلك. على سبيل المثال، عندما تصطحب طفلك إلى متجر البقالة امنحه ميزانيّة صغيرة واسمح له بالتخطيط والتسوّق لتناول وجبة عائليّة. واسمح له أيضًا بالمشاركة في تحديد الأنشطة التي ستخطّطون لها في الإجازة العائليّة القادمة. دعه يقارن التكاليف ويجد أفضل عرض. نعلم أنّ الكلمة الأخيرة ليست لطفلك، ولكنّ السماح له بالمشاركة في القرارات الماليّة العائليّة الصغيرة يمنحه شعورًا بالأهمّيّة باتّباع طرق تربويّة ممتعة.
استخدم الحصّالات الشفّافة
تشير الأبحاث إلى أنّ الحصّالات الشفّافة حافز أفضل للادّخار للعديد من الأطفال. اشترِ لطفلك حصّالة شفّافة وشجّعه على وضع مدّخراته داخلها، حيث يستطيع طفلك، بجدران وعاء الادّخار الشفّاف، رؤية الأموال التي ادّخرها جانبًا ومشاهدتها وهي تزداد بمرور الوقت، فتكون دليلًا حيًّا على إنجازه في جمع المال.
علّمه الفرق بين الحاجات والرغبات
يقودنا هذا إلى جانب آخر من أسلوب التربية الماليّة الذي تحتاج إلى وضعه بعين الاعتبار، حيث يحتاج طفلك إلى معرفة الفرق بين الحاجات والرغبات قبل إجراء عمليّة الشراء. ثقّف طفلك حول الاختلاف بين الحاجات والرغبات، ثمّ علّمه كيفيّة الوثوق في غريزته والسماح له باتّخاذ قرارات الشراء، سواء كانت جيّدة أم سيّئة. وإذا قرّرت تحميله المسؤوليّة الماليّة، عليك في الوقت ذاته إعلامه بعواقب قراراته.
علّمه الخدمات المصرفيّة
تُعدّ زيارة البنك تجربة أساسيّة لتعليم طفلك المسؤوليّة، ليدرك أنّ الأموال ليست مجرّد ورق، وإنّما نظام بأكمله. عليك أن تعرّف طفلك بالأعمال المصرفيّة وخدماتها منذ سنّ مبكِرة، بالسماح له بالذهاب معك عند قيامك بأيّ إجراء بنكيّ، إذ من الممكن أن تكون إجراءات البنك معقّدة إذا لم تكن لديه خبرة سابقة.
اصطحب طفلك إلى التسوّق
زيارة متجر البقالة من الأنشطة المفضّلة لطفلك. لذلك، اصطحب طفلك إلى متجر البقالة وحدّد الميزانيّة له وأعلمه بها. وعليه، سيختار طفلك معك البقالة ضمن الميزانيّة التي حدّدتها، ما يعلّمه معنى الميزانيّة وأهمّيّة الالتزام بها.
امنحه كمّيّة من المال لإدارتها
لا شيء يتفوّق على دروس الحياة على أرض الواقع. فبإشراك طفلك بالتعاملات الماليّة البسيطة ورحلات التسوّق، لا يتعلّم كيفيّة هذه التعاملات وحسب، وإنّما يشعر أيضًا بالثقة عند تأدية ذلك. أعطِ طفلك مبلغًا محدّدًا عند خروجه في رحلة مدرسيّة مثلًا، وراقب كيف يدير هذه الكمّيّة من المال، ووجّهه عند اقترافه أيّ خطأ.
* * *
يعدّ تعليم طفلك المسؤوليّة الماليّة هدية قيّمة ستخدمه جيّدًا طوال حياته. فيمكنك مساعدته على تطوير المعرفة والعادات التي يحتاج إليها لاتّخاذ قرارات ماليّة حكيمة وتأمين مستقبله الماليّ، بالبدء مبكِرًا وزيادة مسؤوليّاته الماليّة تدريجيًّا. تذكّر أنّ الصبر والمحادثات المستمرّة مفتاح بناء طفل مسؤول ماليًّا.
المراجع
https://www.ramseysolutions.com/relationships/how-to-teach-kids-about-money
https://www.merrilledge.com/article/teaching-kids-about-money-financial-responsibility
https://www.realsimple.com/work-life/money/how-to-teach-financial-responsibility