تعتبر العلاقة بين المدير والمعلّم علاقة ديناميكيّة معقّدة، تتضمّن العديد من الحقائق والنواقض، لا بدّ من إدراكها وفهم وجودها في المؤسّسة التعليميّة. تشكّل العلاقة بين مديري المدارس والمعلّمين ركيزة أساسيّة لعمل أيّ مؤسّسة تعليميّة. ولا يقتصر هذا التفاعل على التسلسل الهرميّ، بل يتميّز بشبكة معقّدة من الاتّصالات والاحترام المتبادل والأهداف المشتركة، والتي تؤثّر بشكل واضح في البيئة التعليميّة. وفهم طبيعة هذه العلاقة أمر بالغ الأهمّيّة، يمكِّن من تقليل الصراعات، وتحقيق توازن أفضل بين الأهداف التعليميّة.
وأظهرت الأبحاث أنّه عندما يتفاعل مديرو المدارس والمعلّمين بشكل إيجابيّ، فإنّ ذلك يؤدّي إلى ثقافة مدرسيّة. وعلى العكس من ذلك، عندما تتعثّر هذه العلاقة، يؤدّي ذلك إلى تقويض فعاليّة التدريس ونتائج الطلّاب.
سنتعمّق من خلال هذه التدوينة، في الاطّلاع على طبيعة العلاقة بين مدير المدرسة والمعلّم بين الحقائق والنواقض، ونستكشف ديناميكيّات الاتّصال التي تشكّلها، وكيفيّة بناء علاقة قويّة بين المدير والمعلّم، والتحدّيات الشائعة في هذه العلاقة.
1. ما حقائق علاقة المدير والمعلّم؟
تحتوي علاقة المدير مع المعلّم العديد من الحقائق، والتي لا بدّ من وجودها، إذ تعكس الصلة الترابطيّة داخل المؤسّسة التعليميّة (المدرسة). ومن هذه الحقائق التي من الضروريّ الاطّلاع عليها، والتأكيد على تواجدها، لأهمّيّتها في زيادة التفاعل والتواصل الصحّيّ، والذي يأتي بثمار إنتاجيّة لا يشوبها خلل:
-
- التعاون الفعّال والتنسيق
المدير والمعلّم يعملان معًا لتحقيق أهداف المؤسّسة التعليميّة. ويتطلّب نجاح العمليّة التعليميّة تواصلًا فعّالًا بين الطرفين، وتناغمًا مستمرًّا يمكّن كلاهما من تحقيق الأهداف المرجوّة، والوصول إلى مستويات النجاح داخل المدرسة وفي نطاق العمل السوي. كما يعزّز التواصل الفعّال من التأثير الإيجابيّ في أداء كلّ منهما.
-
- الدعم والتوجيه
يقدّم المدير الدعم للمعلّمين من خلال توفير الموارد والتدريب في سبيل الارتقاء بالمؤسّسة التعليميّة، وكذلك لمساندة المعلّم والارتقاء به مهنيًّا. كما يمكن للمعلّمين تقديم رؤًى قيّمة حول احتياجات الطلّاب وبيئة العمل، ما يساعد المدير على اتّخاذ قرارات مستنيرة، والإسهام في تقييم المؤسّسة باستمرار، وكذلك المشاركة الفاعلة لتقييم المناهج والطلبة وتطوير جودة التعليم وتحسينها.
-
- المسؤوليّات المتبادلة
يتحمّل المدير مسؤوليّة الإدارة العامّة للمدرسة، بينما يتحمّل المعلّم مسؤوليّة تدريس الطلّاب وتوجيههم ومتابعتهم. وكلاهما مسؤولٌ عن خلق بيئة تعليميّة ناجحة.
-
- التفاهم المتبادل
يقع على عاتق كلّ من المدير والمعلّم فهم تحدّيات بعضيهما، والعمل على حلّها. فكلاهما يتبادلان الأهداف والمشاعر والأفكار والآراء ذاتها، وكلّما بذلا جهدًا في فهم بعضيهما البعض، سعيا لتحقيق التفاهم.
-
- الشفافيّة
على المدير والمعلّم التعامل بصراحة وشفافيّة لبناء علاقة قائمة على الثقة، فهي قوّة دافعة إلى خلق بيئة تعليميّة وبيئة عمل مناسبة في المدرسة، لما لذلك من دور في تعزيز العلاقات والاحترام المتبادل، وحلّ المشكلات وتحقيق الأهداف التعليميّة.
-
- الدعم المتبادل
يجب على المدير والمعلّم تقديم دعمٍ مشترك، وتقديم دعم لازم لتحقيق أهدافهما التعليميّة. يتّفق العديد من التربويّين على أنّ الإدارة عمليّة تحدث ضمن إطار اجتماعيّ تؤثر فيه وتتأثّر به من خلال التفاعل بين الأفراد. ولا يختلف الموضوع عن كون المعلّم بحاجة أيضًا إلى الدعم والإشادة وتعزيز إنجازاته وتثمينها.
2. ما النواقض في علاقة المدير والمعلّم؟
كما هناك حقائق لعلاقة المدير بالمعلّم، هناك أيضًا نواقض، منها:
-
- الاختلاف في الأهداف
قد يركّز المدير على الأهداف الإداريّة والماليّة، بينما يركّز المعلّم على الأهداف التعليميّة والتربويّة. هذا الاختلاف قد يؤدّي إلى صراعات في الأولويّات.
-
- ضغوط العمل
يمكن أن يشعر المعلّمون بضغطٍ من المديرين لتنفيذ سياسات أو برامج قد لا تتماشى وأساليبهم التعليميّة، أو تمتاز بالإشراف الصارم، ما يؤدّي إلى التوتّر والإحباط بين الطرفين.
-
- غياب الثقة
فإذا كان هناك نقص في الثقة بين المدير والمعلّم، سيؤثّر ذلك سلبًا في بيئة العمل. فعدم التواصل الجيّد يمكن أن يؤدّي إلى سوء الفهم وتدهور العلاقات.
-
- نقص التواصل
يمكن أن يؤدّي نقص التواصل بين المدير والمعلّم إلى انعدام التفاهم وتدهور العلاقة بينهما.
-
- تجاهل الآراء الأخرى
يجب على المدير والمعلّم أن يحترما ويستمعا إلى آراء بعضيهما، ويتفاعلا معها بشكل بنّاء. فعدم احترام رأي الآخر لا يثمر، ويحدّ من الإنجاز داخل العمل، ويؤدّي إلى فشل في الوجهة التعليميّة وتحقيق الأهداف.
-
- غياب الدعم
إذا لم يقدّم المدير الدعم الكافي للمعلّم أو العكس، فقد يؤثّر هذا سلبًا في أداء الفريق التعليميّ بأكمله، ويعرقل سير العمل كما ينبغي أن يكون وبصورته المرجوة.
3. كيفية بناء علاقة قويّة بين المدير والمعلّم
-
- التعرف إلى الأهداف المشتركة: يجب على المدير والمعلّم أن يكونا على دراية بأهداف العمل التعليميّ المشتركة، وأن يعملا معًا على تحقيقها.
-
- تحديد الأدوار والمسؤوليّات: يجب أن يكون لكلّ من المدير والمعلّم دور محدّد ومسؤوليّات تنسجم مع أداء المهام بنجاح.
-
- التواصل الفعّال: يجب أن يكون التواصل بين المدير والمعلّم مفتوحًا وصادقًا دائمًا لضمان تبادل المعلومات والردّ على التحدّيات.
-
- بناء ثقافة التقدير: يجب أن تكون العلاقة بين المدير والمعلّم مبنيّة على الاحترام المتبادل والتقدير لدور كلّ طرف في تحقيق النجاح التعليميّ.
-
- التشارك بين المدير والمعلّم في رسم رؤيا المؤسّسة التعليميّة ورسالتها، يعطي مجالًا لتبنّي الأفكار والعمل على تطويرها، ويزيد من ثقة المعلّم من أدائه وأهمّيّة فعّاليّته في المؤسّسة التعليميّة.
4. التحديات الشائعة في علاقة المدير والمعلّم
-
- ضغوط العمل: قد يواجه المديرون والمعلّمون ضغوط العمل وغموض التوقّعات، ما يؤثّر في جودة العلاقة بينهما.
-
- نقص الاستقرار: يمكن أن تتزايد الاضطرابات في البيئة المدرسيّة بأثر النقص في الاستقرار الإداريّ والتعليميّ.
-
- محدوديّة الموارد: يمكن أن يشكّل نقص الموارد الماليّة مصدر توتّر بين المدير والمعلّم.
***
تعكس العلاقة بين المدير والمعلّم توازنًا دقيقًا بين التعاون والتحدّيات. وتعتبر علاقة المدير والمعلّم علاقة حيويّة وإنسانيّة لنجاح عمليّة التعليم وتحسين جودته وتطوير المؤسّسة التعليميّة؛ وذلك من خلال تعزيز التواصل والاحترام المتبادل، ما يمكّن المدير والمعلّم من العمل معًا لتحقيق النجاح التعليميّ وخلق بيئة مدرسيّة تتحلّى بالإيجابيّة والتفاعل، لتحقيق أفضل النتائج التعليميّة.