لا يخفى علينا جميعًا أن العمليّات التعليميّة تشاركيّة بالدّرجةِ الأولى، وتكامليّة بالأساس، لا سيما إن تحدّثنا عن أيّة منظومة تعليميّة في العالم، فنجدها مرتّبة تسلسليًّا بأدوارٍ مُختلفة متنوّعة تُراعي توزيعَ المسؤوليّات بين أفرادها، ذلك من أجل بلوغ الأهداف المنشودة. وفي الأزمات، تزداد الحاجة إلى التعاون والتفاني أكثر من الوضع العاديّ، إذ لمسنا ذلك بشكلٍ واضحٍ ومباشرٍ في ظلّ تفشّي جائحة كورونا، التي قادت الأنظمة التعليميّة إلى إمعان النظر والتفكير مليًّا في كيفيّة إدارة النظام داخليًّا من أجل تحقيق أهدافها.

ويقفُ على رأس أولويّات العمليّات التطويريّة، والتي يتعيّن على أنظمة التعليم الرسميّة القيام بها من أجل النهوض بقطاع التعليم، ما يُعرف بتنمية المُعلّمين مهنيًّا وإكسابهم ما يلزم من مهارات رقميّة تضمن الاستمرار في عمليّات التعليم المختلفة قدر المستطاع، خصوصًا في أوقات الطوارئ والأزمات، مثل: مهارات توظيف المحتوى التعليميّ الرقميّ في عمليّات التعلّم. ويفضّل أن تكون هذه التدريبات من مؤسّسات لها مصداقيّة في التدريب مثل الجمعيّة الدوليّة للتكنولوجيا في التعليم (ISTE)، ذلك بهدف إنتاج محتوى تعليميّ رقميّ موثوق، وهو الأمر الذي بات يُعرف بمفهوم دمج التكنولوجيا في التعليم.

يلجأ كثير من المعلّمين إلى ما يسمّى "التصميم التعليميّ" (Instructional Design)، ذهابًا لإعداد مادّة تعليميّة تُحقّق الأهداف بكفاءة عالية. وتتكون العمليّة من تحديد حالة واحتياجات المتعلّم، وتحديد الهدف النهائيّ من التعليم، وخلق بعض التّدخلات للمساعدة في دمج التكنولوجيا في التعليم. وهناك العديد من نماذج التصميم التعليميّ، التي يعتمد العديد منها على نموذج "ADDIE"، إذ يقوم هذا التصميم عمومًا على دراسة الاحتياجات التعليميّة للطلّاب، وتحديد الأهداف والوسائل المناسبة لتحقيقها، وأدوات لقياس مدى التعلّم والتغذية الراجعة.

ووفقًا لهذا النموذج فإنّ التدريب يقوم أساسًا على أربع خطوات، هي:

1. تصميم المحتوى: تقسيمه إلى كائنات تعليميّة وتصاميم الوسائط المُتعدّدة.
2. تطوير المحتوى.
3. تنفيذ المحتوى الذي تمّ تصميمه وتطويره، وتقييمه.
4. تحليل المتطلّبات والمهام.

من النماذج الأخرى المستخدمة نموذج "ASSURE"، وغيرها الكثير ممّا نحنُ بحاجة إلى تطبيقهِ في نظام التعلّم الإلكترونيّ، والذي بات يعتمدُ بشكلٍ واضحٍ على إنتاج المحتوى التعليميّ الرقميّ كضرورةٍ ملحّة في أوقات الطوارئ والأزمات.

إنّ اختيار الوسائل التعليميّة يشكّل تحدّيًا في التصميم التعليميّ التقليديّ والإلكترونيّ، إلّا أنه في الأخير أكبر، لا سيما مع الحاجة الماسّة لتوظيف التعلُّم التفاعليّ الذي يُشرك الطلبة مُباشرةً كمساهمين لا كمتلقّين، ما سيزيد من عامل التحفيز وسيحقّق نتائج أفضل. وهُنا يجب أن يبذل المعلّم جهدًا لتحديد الوسائل التفاعليّة المُناسبة لكلِّ هدفٍ، فعمليّة إشراك الطلبة الموجودين في أماكن مختلفة، والمحافظة على انتباههم عبر الأجهزة، ليست بالأمر اليسير ولكنّها، في الوقت ذاته، بالتأكيد ليست أمرًا مستحيلًا.

ويُشار إلى أنّ التنوّع في إنتاج المحتوى الرقميّ يتطلّبُ الاستعانة بالعديد من الأدوات الرقميّة، التي تشمل تطبيقات الهواتف الذكيّة ذات العلاقة بالتعليم ومنصّات التعليم عن بُعد، وبرامج الحاسوب التي تخدم عمليّات إنتاج المحتوى الرقميّ التعليميّ، وتطبيقات توظيف الألعاب في التعليم، وبرامج مساندة كثيرة قد يكون لا حصر لها.

ومن هُنا، سأقوم بالتعريجِ على المسؤوليّات التي تقع على عاتق المؤسّسات التعليميّة، من أجل تحقيق توظيف التكنولوجيا في التعليم، ذلك بدءًا من إنتاج المحتوى الرقميّ التعليميّ إلى مساندة المُعلّمين للقيام بذلك، في ما يلي بعض هذه المسؤوليّات:

1. تنمية مهارات المعلّمين والمتعلّمين لاستعمال المحتوى.
2. توظيف مصادر المعرفة المختلفة بمراكز مصادر التعلّم التابعة لأنظمة التعليم الرسميّة، إذ تتولّى هذه المراكز مَهمّة تدريب المعلّمين على إنتاج وسائل تعلّم رقميّة.
3. تفعيل استعمال قاعات التعلّم الرقميّ.
4. توفير الدعم التكنولوجيّ للمحتوى التعليميّ الرقميّ، ويتمثّل ذلك في:
5. توفير أدوات الدعم التكنولوجيّ لتحقيق أهداف المحتوى التعليميّ الرقميّ.
6. استعمال البرامج الداعمة البسيطة للمتعلّمين.
7. تدريب المتعلّمين على أنظمة التكنولوجيا المستعملة في التعلّم.
8. تخصيص وقت كافٍ لتطوير المحتوى التعليميّ الرقميّ.