التعامل مع مشكلات الأطفال النفسيّة بعد الطلاق
التعامل مع مشكلات الأطفال النفسيّة بعد الطلاق

يعدّ الطلاق من أكثر الظواهر الاجتماعيّة المؤلِمة التي يمكن أن تمرّ فيها الأسرة، ولا سيّما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون تأثيراتها المباشرة في نفسيّتهم. وعلى الرغم من أنّ الطلاق قرار صعب، إلّا أنّه قد يكون ضروريًّا عندما تحول الحياة الزوجيّة دون توفير سبل السعادة والسلام للأطفال. في مرحلة ما بعد الطلاق، تتأثّر نفسيّة الأطفال بانفصال الوالدين، ممّا يؤدّي عادةً إلى إصابتهم بالاكتئاب والقلق، إذا لم يُتعامَل مع مشاعرهم بطريقة تربويّة سليمة. الأمر الذي يزيد من احتماليّة تطوير السلوكيّات السلبيّة والمشكلات النفسيّة في المستقبل.  

 

كيف تُصنَّف مشكلات الأطفال النفسيّة بعد الطلاق؟ 

يمكن تصنيف تأثير الطلاق في الأطفال إلى ثلاثة أنواع رئيسة: 

تأثير الطلاق الأوّليّ 

يحدث عندما يتمّ الطلاق في وقت مبكِر من حياة الطفل، ويمكن أن يؤدِّي إلى خلل في نموّ طفلك العاطفيّ والاجتماعيّ. 

تأثير الطلاق الوسطيّ 

يحدث عندما يتمّ الطلاق في الفترة التي يمتدّ فيها عمر الطفل من 6 سنوات إلى 12 سنة، والتي تؤثّر غالبًا في أداء طفلك الدراسيّ وتراجع ثقته بنفسه.  

تأثير الطلاق الأخير 

يحدث عندما يتمّ الطلاق في مرحلة متأخّرة من حياة الطفل، ويمكن أن يؤدّي إلى اضطرابات في سلوكيّاته وعواطفه تجاه من حوله.  

 

ما آثار مشكلات الأطفال النفسيّة بعد الطلاق؟ 

بينما قد يتفاعل بعض الأطفال مع الطلاق بطريقة طبيعيّة، يعاني بعضهم الآخر هذا التغيّر بشكل يؤثِّر في مناحي مختلفة من حياتهم. هنالك آثار عديدة للطلاق قد يعانيها طفلك. أهمّها: 

ضعف الأداء الأكاديميّ

الطلاق صعب على جميع أفراد الأسرة، ولكن بالنسبة إلى الأطفال، قد تؤدّي محاولة فهم الديناميكيّات المتغيّرة للأسرة إلى تشتيتهم وتشويش تفكيرهم. الأمر الذي يؤدّي، بطبيعة الحال، إلى انخفاض قدرتهم على أداء واجباتهم الأكاديميّة كما ينبغي. 

فقدان الاهتمام بالنشاط الاجتماعيّ

أشارت الأبحاث إلى أنّ الطلاق يمكن أن يؤثّر في الأطفال اجتماعيًّا، فقد يواجه الأطفال الذين انفصل والِداهُم صعوبة في التعامل مع الآخرين، فيقلّلون من اتّصالاتهم الاجتماعيّة، وتزداد تساؤلاتهم عن تعرّض زملائهم لموقف مشابه. 

 صعوبة التكيّف مع التغيير 

يتأثّر الأطفال بحاجتهم إلى التكيّف الفوريّ مع التغيير الذي يسبّبه الطلاق، حيث يكون لديناميكيّات الأسرة الجديدة، أو المنزل الجديد، أو الوضع المعيشيّ المختلف، بما يترتّب عليه من تغييرات أخرى، كبيئة المدرسة والأصدقاء الجدد، تأثير في استقرار الطفل النفسيّ.

التأثر العاطفيّ السريع  

يمكن أن يجلب الطلاق العديد من عواطف الأطفال المختلطة، كمشاعر الفقد والغضب والارتباك والقلق والحزن في آنٍ واحد، تاركًا طفلك في دوّامة من المشاعر التي تستنزف من طاقته وتزيد من حساسيّته العاطفيّة. لذلك، تجد طفلك يبحث باستمرار عن متنفّس لمشاعره، وعن شخص قريب يتحدّث إليه ويستمع إلى كلامه العشوائيّ.

الغضب والانفعال 

في بعض الحالات، يشعر الأطفال بالإرهاق ولا يعرفون كيفيّة الاستجابة للتأثيرات النفسيّة التي يشعرون بها أثناء الطلاق، فينفعلون ويغضبون غضبًا غير منطقيّ على أنفسهم ووالديهم ومن حولهم. قد يتبدّد هذا الغضب لدى العديد من الأطفال بعد عدّة أسابيع، ولكن من المهمّ أن تدرك أنّ هذا الغضب قد يؤثِّر تأثيرًا طويل الأمد في طفلك إذا لم تتصرّف معه بالشكل الصحيح. 

الشعور بالذنب 

غالبًا ما يتساءل الأطفال عن سبب حدوث الطلاق في أسرهم، وأثناء تفكيرهم بالأسباب يتساءلون إذا كان الأمر ناتجًا عن خطأ ارتكبوه. هذه المشاعر المرتبطة بالذنب هي من الآثار البالغة التي يتركها الطلاق عادةً في نفوس العديد من الأطفال. وفي حالات متقدّمة، يزيد الشعور بالذنب من الضغط النفسيّ ويؤدّي إلى الاكتئاب والتوتّر ومشكلات صحّيّة أخرى.  

الميل إلى السلوكيّات الخاطئة  

يؤدّي عدم حلّ النزاع بين الوالدين إلى أخطار مستقبليّة تتعلّق بسلوكيّات الطفل، سواءً في مرحلة الطفولة أم في مرحلة أخرى. أظهرت الأبحاث أنّ الأطفال الذين عانوا طلاق والديهم، كانوا أكثر عرضة للمشاركة في الجرائم والتمرّد والتدخين وغيرها. 

المشكلات الصحّيّة 

الأطفال الذين انفصل والداهم أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الصحّيّة الجسديّة وصعوبة النوم. ينبع ذلك من العديد من العوامل، أهمّها الإصابة بالاكتئاب وفقدان الرفاهيّة وتزعزع الاستقرار العائليّ. 

 

كيف تتعامل مع مشكلات الأطفال النفسيّة بعد الطلاق؟ 

هناك العديد من الطرق التي يمكن للوالدين اتّباعها لمساعدة طفلهم على التحكّم بمشاعره بطريقة أفضل: 

دعه يعبِّر عن حزنه 

يحتاج طفلك إلى التعبير عن مشاعره تعبيرًا صريحًا بعد الطلاق، ومن غير المرجّح أن تختفي مشاعره الحزينة بسرعة. لذلك، امنحه المساحة ليعبّر عنها بأريحيّة.

ساعده على تخطّي مشاعر الذنب 

من الضروريّ أن يفهم طفلك أنّه غير مسؤول عن نجاح علاقة والديه، وأنّ انفصالها ليس خطأه، وأنّ واجبه الوحيد هو التركيز على نجاحه الأكاديميّ، وأنّكما ستسعدان فقط إذا تفوّق في دراسته. 

حافظ على علاقة الاحترام مع شريكك السابق

من المهمّ تنمية علاقة صحّيّة مع شريكك السابق، بغضّ النظر عن الخلافات التي دارت بينكما، ومحاولة تعزيز العلاقات الإيجابيّة، حتّى تتعاونا على مساعدة طفلكما على تخطّي المشاعر السلبيّة والحزن الناتج عن فقدان الجوّ العائليّ.

امنحه الحبّ الذي يفتقده 

اختلال مشاعر الحبّ بينك وشريكك السابق قد يزعزع المشاعر التي يكنّها طفلك لكما. لذلك، ذكّره دائمًا بحبّك له، وعدم تأثير اختلاف الأماكن في حبّكما. 

 

* * *

في الوقت الذي يتعرّض فيه الطفل تعرّضًا كبيرًا للإصابة بهذه الآثار، إلّا أنّ الإصابة بها ليست أمرًا مطلقًا، ذلك أنّ الكثير من الآباء يعون مدى الضغط النفسيّ الذي يسبّبه الطلاق لهم ولطفلهم. لذلك، الوعي بهذه الآثار أهمّ من علاجها، لأنّ الوعي يخلق منطقًا تُفهَم به أهمّيّة الوقاية من الآثار الناجمة من الطلاق.

 

اقرأ أيضًا:

كيفيّة التعامل مع الطفل العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6313686/#:~:text=Research%20has%20documented%20that%20parental

https://www.familymeans.org/effects-of-divorce-on-children.html  

https://www.verywellfamily.com/psychological-effects-of-divorce-on-kids-4140170