استراتيجيّات تربويّة لتشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ
استراتيجيّات تربويّة لتشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ

يُعدّ تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ من أكثر التحدّيات الشائعة التي تتطلّب جهدًا كبيرًا في سنواته الأولى، ولا سيّما إن كان طفلك من الشخصيّات العنيدة التي لا تستسلم بسهولة. ولأنّ الوجبة الصحيّة رفيق لا غنى عنه في رحلة طفلك، فلا بدّ من اتّباع طرق إبداعيّة لبناء علاقة قويّة بين طفلك والأكل الصحّيّ وتضمين العناصر الغذائيّة التي تساعد على بناء جسده في هذه المرحلة العمريّة الحسّاسة. في هذا المقال، نقترح عليك بعض الأساليب التي يمكنك استخدامها لتغيير قناعات طفلك تجاه الأكل الصحّيّ وجعله جزءًا من حياته.

 

ما استراتيجيّات تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ؟

من الأهمّيّة بمكان تزويد طفلك بالأدوات والاستراتيجيّات، لاتّخاذ خيارات مستنيرة بشأن تغذيته. ويتطلّب ذلك بعض الأساليب الفعّالة. إليك أهمّها:  

ابدأ معه منذ الصغر 

هناك قاعدة تقول إنّ ما تعوّد عليه طفلك في الصغر يبقى معه في الكبر. عوّد طفلك في صغره على الأكل الصحّيّ، كالموز المهروس أو الأفوكادو أو البطاطا الحلوة. فعندما يعتاد طفلك في صغره على هذا النوع من الأطعمة يُسهِّل عليك مهمّة تشجيعه على الالتزام بنظام غذائيّ صحّيّ.

المشاركة 

من أولى خطوات المساعدة على تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ توثيق علاقته به منذ البداية. فالطفل في هذه المرحلة ينتابه الفضول نحو التجارب الجديدة، ويسعى وراء خوضها. لذلك، سيكون من المفيد - على سبيل المثال - اصطحابه لاقتناء مكوّنات الطعام وتخصيص الوقت لتحويل عمليّة صنع الطعام إلى نوع من الأنشطة الممتعة في يومه، والتي تمدّه بالحماس وتشجّعه على انتظار النتيجة النهائيّة. فشعور الطفل نحو وجبة من صنع يده يختلف بالتأكيد، لأنّ مشاركتك له وجهده المبذول في صنع الطعام وحماسه للتذوّق، يشجّعه على تناول الأكل الصحّيّ.

استخدام بدائل صحّيّة

بهدف تعزيز القيمة الغذائيّة للطعام الذي يتناوله الطفل، يجب الاعتماد على المكوّنات الصحّيّة قدر الإمكان في صنع الوجبات واستبدالها بالعناصر الأكثر أهمّيّة، لتحقيق المتعة والفائدة في آن واحد. وتتّسم هذه الخطوة بالمرونة، حيث تتعدّد خيارات تشكيل الوجبات تعدّدًا لا يلاحظه الطفل، ويمكنك بذلك إضافة الخضروات في الطعام المفضّل له، أو استبدال البطاطا المقليّة بالمشويّة، أو استبدال المثلّجات بالزبادي. كما يمكنك وضع الإضافات ذات المذاق اللذيذ على طعامه وشرابه، لتشجيعه على تناوله، كإضافة الكاكاو على الحليب مثلًا، وغيرها من الأفكار التي تشجّع طفلك على الأكل الصحّيّ. من هذه الأفكار:

  • - أدخل الفاكهة والخضراوات في روتين غذاء طفلك اليوميّ حتّى يكون مجموع حصص طعامه في اليوم خمس حصص. وتأكّد من تقديم أنواع مختلفة من الفاكهة والخضراوات قدر المستطاع حتّى تعرف تفضيلاته.  
  • - سهِّل على طفلك اختيار وجبات خفيفة وصحّيّة بوضع الفاكهة والخضراوات التي يحبّها في متناول يده. فالأطفال عادةً ما يحبّون تناول وجبات خفيفة تشمل الزبادي قليل الدسم، وزبدة الفول السوداني، والكرفس، أو المقرمشات المصنوعة من الحبوب الكاملة والجبن. فلمَ لا تستمع إلى تفضيلاته في الطعام والشراب وتوفرّها له؟ 
  • - وازن في جدول طفلك بين الكربوهيدرات والبروتينات، بتقديم اللحوم الخالية من الدهون، وغيرها من مصادر البروتين الجيّدة، مثل الأسماك والبيض والفاصوليا والمكسّرات. 
  • - قلِّل من استهلاك طفلك الدهون الضارّة بتجنّب قلي الأطعمة بالزيوت المهدرجة، واستبدالها بطرق طهي صحّيّة، مثل الشوي والتحمير والطهي بالبخار. واختر منتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية من الدسم. 
  • - ساعد طفلك على تجنّب المشروبات السكّريّة، مثل المشروبات الغازيّة ومشروبات نكهة الفاكهة، لأنّها تؤدي إلى فقدان الشهيّة ورفض الطفل الطعام فجأة.  

 

دعه يشارك وجباته مع أصدقائه

يرتبط الطفل بالوقت والأنشطة التي يشاركها مع أصدقائه أو أقاربه المفضّلين من عمره، أكثر من أيّ شيء. لذا، فدعوتهم إلى الإفطار أو الغداء وتحويل المُهمّة إلى وقت لطيف مع الأصدقاء فكرة جيّدة لتشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ.  

الوجبات الخفيفة والعصائر

يحتاج الطفل إلى تناول الطعام كلّ ثلاث أو أربع ساعات تقريبًا. لذا، بالإضافة إلى تقسيم الوجبات، تعدّ الوجبات الخفيفة كالمكسّرات والعصائر المفضّلة له حلًّا مثاليًّا لإعطائه القيمة الغذائيّة، والتي يحتاج إليها كونها خفيفة. كما يمكن تناولها خلال ممارسته أيّ نشاط آخر من دون تعارض وقت الطعام مع اللعب ومقاطعة استمتاعه.

اصنع طعامًا بأشكال وألوان يحبّها طفلك

طفلك ذكيّ بما يكفي ليُدرك شكل الوجبات التي لم تحقِّق له المتعة سابقًا. لذلك، تتلخّص مهمّتك في التلاعب بالصورة التي تُقدَّم إليه لجذبه للطعام الذي يظنّه مختلفًا، ولا يحرم مناعته من العناصر التي تحتاج إليها في آن واحد. تلجأ الكثير من الأمّهات إلى إخفاء الخضروات والفاكهة داخل الطعام المُفضّل للطفل، مثل المعكرونة أو الشوربة أو السلطة وغيرها. كما يمكن استخدام الكيك استخدامًا صحيًّا، وهو من أشكال الطعام التي تستخدَم لتشجيع الأطفال على الأكل الصحّيّ. 

مارس مع طفلك نشاطًا ممتعًا خلال الوجبة 

لا شيء يتحكّم بسلوك الطفل في هذه المرحلة بقدر المتعة، حيث يمكن تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ، فيتحقّق بفضل توفيرك كلّ ما هو جديد وممتع. لذا، يُمكن جذب الطفل لتناول الوجبة الصحّيّة أثناء محاولة قراءة رواية مثيرة له، ممّا يحوّل الصورة الذهنيّة لوقت الطعام داخله، من واجب ثقيل إلى رحلة ممتعة يتشوّق لانتظارها في كلّ مرّة.

كن قدوة له

يتأثّر الأطفال بأبطالهم الخارقين وشخصيّاتهم المفضّلة، ويسعون إلى تقليدها بكلّ ما يمكن، وأنت معياره السلوكيّ الأول. لذا، عليك أوّلًا تجنّب تناول الطعام غير الصحّيّ أمام طفلك وغرس فكرة كونه عدوًّا للصحّة والمتعة في عقله، توجيهًا له لتناول الأكل الصحّيّ. ومن اللطيف للطفل، استخدام شخصيّاته الكرتونيّة المفضّلة التي يحُبّ التشبّه بها لإقناعه، مثل "إن أردت أن تكون مثل هذا البطل الخارق، لا بدّ أن تتناول هذه السلطة"، وغيرها من العبارات الإيجابيّة التحفيزيّة.  

استعن بمختصّ

لكي لا ينتابك الإحباط، يُعدّ تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ من أكثر التحدّيات المرهقة في حياة جميع الأمّهات، فمن الوارد ألّا تنجح محاولاتك فورًا، بل يحتاج الأمر إلى الصبر لتتكوّن عادات غذائيّة صحّيّة في هذه المرحلة من حياة الطفل. وعليه، يُنصَح بالتوجّه إلى الطبيب المختصّ إن شعرت أنّ جهودك لا تحقّق النتيجة المطلوبة، ولا شكّ في أن تلقّي المساعدة من المختصّ يرشدك إلى طرق تتناسب مع طباع طفلك، وطبيعة حالته وشخصيّته.

 

ما أضرار الغذاء غير الصحّيّ للأطفال؟

لكي تعرف أهمّيّة تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ، إليك أبرز أضرار الغذاء غير الصحّيّ على صحّة طفلك:

1. السمنة المفرطة. 

2. عدم حصول الطفل على العناصر الغذائيّة الرئيسة. 

3. تأثّر صحّته العقليّة تأثّرًا سلبيًّا.

4. مشكلات في صحّة الأسنان واللثة.

5. ترسيخ عادات الأكل غير الصحّيّة.

 

* * *

يتطلّب غرس عادات الأكل الصحّيّة في طفلك وتشجيعه على تناول الوجبات الصحّيّة عمليّة تدريجيّة تتطلّب الصبر والاتّساق والأساليب المدروسة. ولكن، تذكّر أنّك تستطيع تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ وتعزيز رفاهيّته الغذائيّة بكلّ سهولة، كونك نموذجًا إيجابيًّا، وإشراكه في هذه العمليّة، وجعل الأطعمة الصحّيّة ممتعة له، وفهم أسرار انجذابه للطعام، وتقديم مجموعة متنوّعة من الخيارات أمامه.

 

اقرأ أيضًا

أسباب عسر القراءة عند الأطفال وطرق معالجتها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

صفات الطفل المدلّل وكيفيّة تقويمه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

المراجع

https://www.nuffieldhealth.com/article/10-strategies-to-encourage-your-children-to-eat-well  

https://tutorful.co.uk/blog/7-simple-ways-to-encourage-your-children-to-eat-healthier