أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ للأطفال
أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ للأطفال

يعدّ التواصل المؤثّر أساس التفاعل البشريّ. بالنسبة إلى الأطفال، يعدّ تطوير مهارات الاتّصال القويّة أمرًا بالغ الأهمّيّة بشكلٍ خاصٍّ، لأنّه يؤثّر في قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وبناء العلاقات، والتنقّل في العالم من حولهم. لا تقتصر مهارات الاتّصال الجيّدة على التحدّث بوضوحٍ، بل تشمل الاستماع، وفهم الإشارات غير اللفظيّة، والاستجابة الفعّالة للآخرين.  

هل تعلم مثلًا أنّ الأنشطة والألعاب المحفّزة التي تنشّط الدماغ، يمكن أن تنمّي مهارات الاتّصال لدى الأطفال؟ يمكن أن تشجّع المشاركة في الألعاب التفاعليّة صغارك على التعبير عن أنفسهم بسهولة. علاوةً على ذلك، عندما يجد الأطفال هذه الأنشطة ممتعةً وجذّابةً، فمن المرجّح أن يشاركوا فيها، ويطوّروا مهارات التنشئة الاجتماعيّة لديهم. كما يؤثّر الكبار في أسلوب التواصل والمعايير الاجتماعيّة التي يتّبعها الطفل، إذ تتشكّل قواعد الآداب لديه تبعًا لأبويه، وما يعلّمانه إيّاه. 

 

أهمّيّة مهارات التواصل في حياة الأطفال 

يجد العديد من الأطفال صعوبةً في صياغة أفكارهم في جملٍ متكاملةٍ ذات معنًى، ويفشلون في التواصل بشكلٍ صحيحٍ، لأنّهم يخافون دائمًا من الحكم عليهم. على الرغم من حرص الآباء على تثقيف أطفالهم حول مجموعةٍ متنوّعةٍ من المواضيع، إلّا أنّهم في مرحلةٍ ما من الطريق، ينسون تعليم الأطفال صغار السنّ مهارات التواصل الضروريّة. 

ستكون حياة طفلك أكثر صعوبةً إذا كان يفتقر إلى مهارات التواصل؛ ولهذا السبب قد يكون معظم الأطفال الذين يطوّرون مهارات التواصل أكثر اجتماعيّةً، ويتمكّنون من تكوين علاقاتٍ مفيدة. 

 

تنبع أهمّيّة مهارات التواصل لدى الأطفال في كونها تساعدهم في:  

- بناء العلاقات: يعدّ التواصل مفتاحًا لتكوين العلاقات والحفاظ عليها. بالنسبة إلى الأطفال، يساعدهم التعبير عن أفكارهم واحتياجاتهم ومشاعرهم في التواصل مع أفراد الأسرة، وتكوين صداقاتٍ، والتعاون مع الأقران. كما يعزّز التعاطف ما يسمح لهم بفهم وجهات نظر الآخرين واحترامها. 

- النجاح الأكاديميّ: تعدّ مهارات التواصل ضروريّةً للتعلّم في الفصل الدراسيّ. يحتاج الأطفال إلى تطوير القدرة على الاستماع، واتّباع التعليمات، وطرح الأسئلة، والمشاركة في المناقشات. يعزّز التواصل الجيّد قدرتهم على استيعاب المفاهيم الجديدة، والسعي للتعبير عن معرفتهم. 

- التّطور العاطفيّ: يسمح التواصل للأطفال في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وفهمها، ويمكّنهم من معالجة المشاعر المعقّدة، وبناء الوعي الذاتيّ بالحديث عن تجاربهم. كما يساعدهم التواصل الفعّال على تعلّم كيفيّة إدارة الصراعات، والتعبير عن التعاطف تجاه الآخرين. 

- حلّ المشكلات: يعدّ التواصل أداةً بالغة الأهمّيّة في حلّ المشكلات؛ فهو يساعد الأطفال في التعبير عن المشكلات، والتفكير في الحلول، والتفاوض، واتّخاذ القرارات.  

- الدفاع عن النفس: تتزايد حاجة الأطفال إلى تعلّم الدفاع عن أنفسهم مع استمرار نموّهم وتطوّرهم، سواء كان ذلك بطلبهم المساعدة، أو تحديد احتياجاتهم، أو التعبير عن آرائهم. تمكّن مهارات الاتّصال القويّة الأطفال من الدفاع عن أنفسهم، وجعل أصواتهم مسموعةً بطريقةٍ إيجابيّة. 

 

أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ بالنسبة إلى الأطفال 

مهارات الاستماع 

مهارة الاستماع أساس التواصل الفعّال، ولا يقصد بها فقط الاستماع إلى الكلمات، بل الاستماع بقصد الفهم. يتضمّن الاستماع النشط الانتباه، وتمكين التواصل بالعين، وإظهار الاهتمام بما يقوله الشخص الآخر. تساعد هذه المهارة الأطفال على التعلّم من الآخرين، والتقاط الإشارات الاجتماعيّة، والاستجابة بشكلٍ مناسب. 

 

التعبير عن الأفكار بوضوح 

من المهمّ أن يتمكّن الأطفال من التعبير عن أفكارهم بطريقةٍ واضحةٍ ومتكاملة. لا ينطوي هذا فقط على اختيار الكلمات المناسبة، ولكن أيضًا تنظيم الأفكار بشكلٍ منطقيّ. يساعد تشجيع الأطفال على مشاركة آرائهم، أو سرد القصص، أو شرح أسبابهم، في ممارسة هذه المهارة. 

 

التواصل غير اللفظيّ  

يشكّل التواصل غير اللفظيّ جزءًا كبيرًا من مهارات التواصل الاجتماعيّ المهمّة للأطفال. يجب أن يتعلّم الأطفال فهم لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، والإيماءات، واستخدامها بشكلٍ فعّال. يساعد التعرّف إلى الإشارات غير اللفظيّة الأطفال على الاستجابة بشكلٍ أكثر تعاطفًا مع الآخرين، وتكييف أسلوب التواصل الخاصّ بهم حسب الحاجة. 

 

التعاطف والفهم 

يعدّ تعليم الأطفال مراعاة مشاعر الأخرين ووجهات نظرهم أمرًا بالغ الأهمّيّة للتواصل الفعّال. يتضمّن التعاطف الاستماع بقصد الفهم، وليس فقط بهدف الردّ. تعزّز هذه المهارة التفاعلات العاطفيّة النابعة عن الرحمة والإنسانيّة، وتساعد الأطفال في بناء علاقاتٍ أقوى. 

 

طرح الأسئلة 

طرح الأسئلة أداةٌ قويّةٌ للتعلّم والتفاعل مع الآخرين، لذا يعزّز تعليم الأطفال طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ، الفضول والفهم العميق للأشياء من حولهم. 

 

الثقة في التحدّث 

يحتاج الأطفال إلى الشعور بالراحة والثقة في التحدّث في مواقف مختلفةٍ، سواء أمام مجموعةٍ أو وجهًا لوجه. يساعد تشجيعهم على مشاركة أفكارهم من دون خوفٍ من الحكم عليهم، في بناء احترامهم لذواتهم، ويعزّز براعتهم في التواصل. 

 

إدارة المشاعر أثناء التواصل 

غالبًا ما يعاني الأطفال عدم القدرة على إدارة مشاعرهم والتحكّم فيها، خصوصًا عند التواصل تحت الضغط، أو أثناء الصراعات. لذا، من الضروريّ تعليمهم كيفيّة الحفاظ على هدوئهم، والتعبير عن أنفسهم باحترامٍ، والاستماع إلى الآخرين حتّى عندما يكونون منزعجين، فهذه مهارةٌ قيّمةٌ، ستخدمهم جيّدًا طوال حياتهم. 

 

تنمية مهارات التواصل لدى الأطفال 

- كن قدوةً في التواصل الفعّال: يتعلّم الأطفال أكثر عن طريق مراقبة البالغين من حولهم. من خلال إظهار الاستماع النشط، والتعبير الواضح، والحوار المحترم، يقدّم البالغون إلى الأطفال نموذجًا ليتّبعوه. 

- خلق بيئةٍ آمنةٍ للتعبير: شجّع الأطفال على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بصراحةٍ، من دون خوفٍ من النقد. أخبرهم أنّ مشاعرهم مهمّةٌ وحقيقيّةٌ، وقدّم ردود فعلٍ إيجابيّةً لبناء ثقتهم بأنفسهم. 

- المشاركة في محادثاتٍ منتظمة: خصّص وقتًا للمحادثات المنتظمة مع طفلك. اطرح أسئلةً مفتوحةً، وشارك القصص، وناقش يومه. هذا لا يحسّن مهارات التواصل لديه فحسب، بل يقوّي أيضًا علاقتك به. 

- القراءة معًا: يمكن أن تعزّز قراءة الكتب ومناقشة القصص مفردات الطفل، وفهمه، وقدرته على التعبير عن أفكاره. كما أنّها توفّر فرصًا لاستكشاف وجهات نظرٍ وعواطف مختلفة. 

- سيناريوهات لعب الأدوار: يمكن أن يكون لعب الأدوار وسيلةً فعّالةً لممارسة مهارات الاتّصال، في بيئةٍ ممتعةٍ ومنخفضة الضغط. قُم بإنشاء سيناريوهاتٍ يحتاج فيها الأطفال إلى التعبير عن أنفسهم، أو الاستماع بعنايةٍ، أو حلّ نزاعٍ، أو مشكلةٍ ما. 

- تشجيع الأنشطة الجماعيّة: توفّر الأنشطة الجماعيّة، سواء في النوادي، أو في بيئات اللعب الطبيعيّة، فرصةً للأطفال لممارسة التواصل؛ إذ يتعلّمون خلالها التعاون، ومشاركة الأفكار، والتعامل مع الديناميكيّات الاجتماعيّة. 

 

*** 

يمكن القول إنّ المهارات الاجتماعيّة التي يكتسبها طفلك في سنواته الأولى، ترسم شخصيّته شيئًا فشيئًا، وتساعده على النجاح في مختلف مجالات الحياة. من الجدير بالذكر أنّ تطوير الأطفال مهارات تواصلٍ قويّةً، تزوّدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها في بناء العلاقات، والنجاح الأكاديميّ، والتنقّل بين مواقف الحياة التفاعليّة. كلّما تمّ تعزيز هذه المهارات في وقتٍ مبكّرٍ، أصبح الأطفال أكثر ثقةً وكفاءةً في التواصل، ما يضع أساسًا متينًا لمستقبلهم.

 

المراجع

https://www.invictus.edu.kh/news/10-ways-to-build-your-childs-communication-skills 

https://www.oneeducation.org.uk/communication-skills-for-children/ 

https://hamadacademy.net/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/ 

https://www.unicef.org/jordan/ar/%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84-%D9%81%D8%B9%D9%91%D8%A7%D9%84/%D9%82%D8%B5%D8%B5