هل الندوات عن بُعد كلّها مفيدة؟
هل الندوات عن بُعد كلّها مفيدة؟
2024/05/12
محمّد تيسير الزعبي | خبير مناهج اللغة العربيّة وأساليب تدريسها، ومصمم برامج تدريبيّة - الأردن

أفرزت جائحة كورونا كثيرًا من الظواهر التي منها ما انتهى واختفى، وبعضها استمرّ رغم انتهاء الجائحة، وصار ملازمًا لأوقاتنا وحواراتنا. ومن هذا البعض، ظاهرة تنظيم اللقاءات الإلكترونيّة في مواقع مختلفة من العالم، وفي أوقات متعدّدة على امتداد اليوم، حيث لوحظ الإقبال الكبير على المشاركة فيها. تنوّعت تلك اللقاءات من الندوات، أو المؤتمرات، أو المحاضرات، وفي بعض الحالات ورش العمل، أو دورات تدريبيّة تناولت موضوعات مختلفة، في المجالات التعليميّة، والصحّيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والسياسيّة، وغيرها. لكن، هل اللقاءات الافتراضيّة كلّها مفيدة؟ وكيف يستطيع المتعلّم، أو المشاهد، مهما كان تخصّصه، أن يحقّق أكبر استفادة منها؟

تحرص الجهات التي تنظّم اللقاءات الافتراضيّة على الترويج لفعاليّتها، ودفع المتعلّمين إلى الإحساس بأنّ ما يرونه لا مثيل له، وأنّه أفضل ما يُطرح في مجاله، وهذا حقّ لها، بينما يقع على عاتقنا امتلاك الأدوات التي تؤكّد لنا إن كان ما تقوله الجهة المقدّمة للفعاليّة صحيح أم لا، ولا يعني بأيّ حال من الأحوال كثرة اللقاءات، وسهولة عقدها، وعدم ارتباطها بمكان محدّد، أنّها مفيدة ونافعة.

 

يبحث المشاهد لأيّ فعاليّة عن مهارات محدّدة يحتاج إليها لتطوير أدائه، وتحسين جودة الأعمال المكلّف بها. وحاجة المشاهد هذه لا ينبغي للجهات التي تقدّم المحاضرات، والندوات عن بعد، استغلالها في تقديم محاضرة سطحيّة، أو لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بل تكون هذه الحاجة الدافع الأوّل لتلك الجهات إلى تقديم المحتوى المتميّز والجاذب الذي يحدث الأثر ويحقّق الفائدة. ويمكن تحقيق هذا الجانب بإرسال الاستبيانات إلى المعلّمين، وقادة المدارس، واستشارتهم حول أهمّ الموضوعات التي يودّون الحصول على مهارات نوعيّة وحديثة متعلّقة بها.

ستكون الندوة أو المحاضرة مفيدة ونافعة عندما يتوفّر فيها:

- مختصر عن أهداف الندوة ومحاورها عند الإعلان عنها، وأن يكون الوصف معبّرًا عن مضمون الندوة الفعليّ.

- افتتاح الندوة أو المحاضرة باستعراض محاورها والأهداف منها، وتكون مصاغة بمفردات واضحة مركّزة، لا أن تكون عبارة عامّة، تصلح لأيّ موضوع تربويّ وتعليميّ.

- تقسيم الوقت الزمنيّ للمحاضرة إلى محاور، بحيث يشعر المستمع أنّه ينتقل من فكرة إلى أخرى، ولا تتداخل الأفكار، أو تتقاطع الموضوعات، فيصاب بالتشتّت.

- إرسال رابط قبل موعد المحاضرة أو الندوة، يسمح للمشتركين بطرح الأسئلة والاستفسارات؛ كي يضمّنها المحاضر في ندوته، ويقدّم إجابات عنها للمشاهدين والمستمعين.

- إتاحة الفرصة للمستمعين والمشاهدين بالمداخلات المركّزة، وهنا يقع على عاتق المحاضر ضبط تلك المداخلات، وضمان عدم خروجها عن محاور الندوة والمحاضرة.

 

هذه النقاط لا تعني، بأيّ حال من الأحوال، أنّ بقية اللقاءات التي لا تتوفّر فيها هذه الشروط غير مفيدة أو نافعة، فالمعلّمون بسبب طبيعة عملهم قد يستفيدون من أيّ لقاء، مثل لقاءات القيادة والإدارة الفاعلة على سبيل المثال. وفي بعض الأحيان ترغب الجهة المنظّمة للفعاليّات أن تكون محاضرتها باتّجاه واحد، لنقل خبرتها في جانب تربويّ محدّد، وهنا يحدّد المستمع إن كانت هذه الندوة مفيدة له أو لا.