عندما أستيقظ صباحًا بعد ليلة طويلة من التفكير والتقلّب، حيث يقفز القلق والتوتّر إلى أذهاننا كضيف ثقيل دائم، ويحاصرنا القصف وهديره. في كلّ ليلة، أتحضّر لبدء يوم جديد من العمل. معلّمةً أعمل في وكالة الغوث؛ مهنةٌ أحملها منذ أكثر من عقد من الزمان. ويا ليت الزمان يعود يومًا، بتفاصيله الجميلة التي باتت ذكرى. وأحداثه التي عايشناها فأصبحت حلمًا.
حين أصل إلى المدرسة، أرى طلّابي الصغار، متجمّعين حول خيمة الدراسة بانتظار حصّة اليوم، عيونهم مليئةً بالشوق والسعادة. وفي اللحظة التي تقع فيها أعينهم عليّ، ينطلقون ركضًا نحوي، يهتفون باسمي بحبّ ودفء. في تلك اللحظات أشعر وكأنّني أنا من يتلقّى الحبّ والرعاية، بقدر ما أقدّمهما لهم.
نحن نسعى بكلّ ما أوتينا من قوّة لأنّنا لا نعرف طريقًا آخر، ولأنّنا نؤمن بأنّ المحاولات لا تضيع هباءً، وبأنّ كلّ محاولة تصنع منّا إنسانًا جديدًا بمعايير مكتسبة ومستحسنة، حتّى وإن توجّت بحصيلة غير متوقّعة.
ولأنّنا نحبّ أن تكلّل خطواتنا دائمًا بما يجعلنا فخورين بأنفسنا على أيّ حال، من دون أن تستبدّ بنا المخاوف أو تتضاءل منّا المثابرة.
ربّما لا يزال هناك متّسعٌ من الوقت، لكن، لا مجال لإهداره في ما لا يسدي نفعًا لنا.
وأخيرًا، وبعد كلّ محاولة، نتوجّه لله تعالى بقولنا: "يا ربّ، أنت كلّفتنا وأوكلتنا لنقطع هذه الطّرق، منّا النواة والعزم ومنك السّداد والمؤازرةٌ".