منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة
منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة

تأسّست منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة سنة 2021، وهي منظّمة غير حكوميّة مسجّلة في مفوّضيّة العون الإنسانيّ (HAC)، وتهدف إلى توفير فرص تعليميّة للأطفال في المناطق الريفيّة. تنطلق رؤية المنظّمة من إيمانها بحقّ التعليم لكلّ طفل، مع التركيز على حمايته، والتصدّي للعنف القائم على النوع الاجتماعيّ. 

يواجه السودان تحدّيات جسيمة تعيق التعليم بسبب النزاعات المستمرّة؛ إذ يتعرّض الأطفال إلى النزوح، وتتضرّر البنية التحتيّة التعليميّة. استجابةً لذلك، تنفّذ المنظّمة مبادرات على مدار العام لتخفيف آثار النزاعات، بتوفير الموارد التعليميّة، ودعم المعلّمين ببرامج تدريبيّة لتحسين جودة التعليم؛ ما يسهم في بناء بيئة تعليميّة أكثر استقرارًا وإنصافًا. ويعود ذلك إلى دعم منظّمة اليونيسيف؛ ما يضمن استمراريّة هذه الجهود وعدم انقطاعها، سواء في أوقات الأزمات، أو الفترات المستقرّة نسبيًّا. 

 

مبادرة العودة إلى المدارس 

في ظلّ التحدّيات التي فرضتها الحرب على العمليّة التعليميّة في السودان، أطلقت منظّمة اليونيسف، بالتعاون مع قطاع التعليم في ولاية النيل الأبيض، مبادرة العودة إلى المدارس التي تهدف إلى إعادة فتح المدارس جزئيًّا في محلّيّتيّ كوستي وربك. تأتي هذه المبادرة استجابة مباشرة لمعاناة الأطفال الذين أُجبروا على ترك مقاعد الدراسة بسبب النزاع؛ إذ تسعى لاستيعابهم مجدّدًا داخل البيئة التعليميّة، وتقديم دروس تقوية تضمن استمرار ارتباطهم بالعمليّة التعليميّة، وعدم انقطاعهم عنها. 

وفّرت اليونيسف دعمًا أساسيًّا لضمان نجاح المبادرة، بتوفيرها المعينات المدرسيّة والموادّ المكتبيّة اللازمة، فيما أدّى المعلّمون من القطاع الحكوميّ دورًا محوريًّا، بتطوّعهم في تنفيذ أنشطة التعليم والدعم الأكاديميّ. 

تولّت منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة مسؤوليّة تنفيذ المبادرة على أرض الواقع؛ فركّزت جهودها على استيعاب حوالي 5000 طفل نازح من الخرطوم، والذين انتقلوا إلى العيش في المجتمعات المضيفة في تلك المناطق. لم يقتصر دور المنظّّمة على الجوانب الأكاديميّة فحسب، بل شمل أيضًا تدريب 130 ميسّّرًا على مهارات إدارة الصفوف، والتعامل مع الأطفال المتأثّرين بالحروب، إلى جانب تقديم الدعم الاجتماعيّ والعاطفيّ لهم في 20 مركزًا تعليميًّا، بهدف تهيئة بيئة تعليميّة داعمة، تساعدهم في تجاوز آثار الأزمات النفسيّة والاجتماعيّة التي فرضتها الظروف القاسية. 

 

حملات تعليم اللاجئين والرُّحّل 

في إطار السعي لضمان وصول التعليم إلى الفئات الأكثر تهميشًا، تنظّم منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة حملات دوريّة، تحت عنوان "الحملة القوميّة لتسجيل الأطفال خارج المدارس"، والتي تستهدف المناطق التي تضمّ أعدادًا كبيرة من الرُحّل واللاجئين، لا سيّما في محلّيّات تندلتي، والسلام، والجبلين. تهدف هذه الحملة إلى تسجيل الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، وإلحاقهم بالتعليم الرسميّ، مع توفير بيئة تعليميّة مناسبة لهم رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها. 

وتنتهج المنظّمة أساليب متعدّدة لضمان استمراريّة التعليم في هذه المجتمعات؛ إذ توفّر مدارس مؤقّتة للرُحّل، بإنشاء فصول دراسيّة في خيام مجهّزة، إلى جانب تقديم تدريب خاصّ للميسّرين في معسكرات اللاجئين، لتمكينهم من تقديم تعليم فعّال يتناسب مع احتياجات الأطفال. ولا تقتصر جهود المنظّمة على توفير الكوادر التعليميّة فحسب؛ بل تشمل أيضًا الدعم التعليميّ المادّيّ، بتوفير أكثر من 4500 زيّ مدرسيّ و8000 كتاب دراسيّ، بالإضافة إلى 2000 حقيبة مدرسيّة تحتوي على الأدوات الأساسيّة، لضمان اندماج الأطفال في العمليّة التعليميّة من دون عوائق. 

إدراكًا للعوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تؤدّي إلى تسرّب الأطفال من التعليم، تعمل المنظّمة على تنظيم ندوات توعويّة تستهدف أولياء الأمور، بهدف تسليط الضوء على أهمّيّة التعليم وخطورة تسرّب الأطفال المبكّر، خصوصًا في ظلّ توجّه الكثيرين منهم إلى سوق العمل في سنّ صغيرة. كما تولي المنظّمة اهتمامًا خاصًّا بتعليم الفتيات، فتعقد ندوات تتناول أهمّيّة التحاقهنّ بالمدرسة، وتسلّط الضوء على المخاطر المترتّبة عن الزواج المبكّر، الذي يُعدّ أحد العوامل الرئيسة التي تُعيق استكمال تعليم الفتيات في هذه المجتمعات. 

أمّا بالنسبة إلى الطلاب الذين يستعدّون لخوض امتحانات الشهادة، فتقدّم إليهم المنظّمة دعمًا مباشرًا، إذ تعمل على تيسير وصولهم إلى مراكز الامتحانات في مدينة كوستي، وتضمن لهم بيئة مناسبة لخوض الاختبارات، بعيدًا عن التحدّيات التي تواجههم في مناطقهم الأصليّة. تُنفَّذ هذه الجهود بالتعاون مع منظّمات تعليميّة أخرى؛ ما يضمن توفير الدعم الكامل للطلّاب حتّى انتهاء فترة الامتحانات. 

 

مشروع تسجيل الأطفال خارج المدارس وإلحاقهم بمراكز التعليم البديل 

في إطار جهودها المستمرّة لمكافحة الفاقد التعليميّ في السودان، أطلقت منظّمة لايف للتعليم والحماية الاجتماعيّة مشروع تسجيل الأطفال خارج المدارس وإلحاقهم بمراكز التعليم البديل في محلّيّة تندلتي، بالتعاون مع منظّمة اليونيسيف ووزارة التربية والتعليم في ولاية النيل الأبيض. يهدف هذا المشروع إلى توفير فرصة تعليميّة للأطفال الذين لم يتمكّنوا من الالتحاق بالمدارس من قبل، أو الذين تسرّبوا منها؛ إذ يستهدف إلحاق 3000 طفل، تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا، في 30 مركزًا تعليميًّا موزّعة في أنحاء محلّيّة تندلتي. 

يعتمد المشروع على المنهج الدامج الذي يتيح للأطفال دراسة محتوى عامَين دراسيَّين في سنة واحدة؛ ما يسرّع من عمليّة تعويض الفاقد التعليميّ، ويساعدهم في اللحاق بأقرانهم في المدارس الرسميّة. وبعد إكمالهم فترة الدراسة في مراكز التعليم البديل، يُوجَّهون إلى المدارس وفقًا لأعمارهم ومستوياتهم التعليميّة؛ الأمر الذي يضمن إدماجهم التدريجيّ في النظام التعليميّ الرسميّ. 

وإدراكًا لأهمّيّة تأهيل الكوادر التعليميّة لضمان نجاح هذه التجربة، يتضمّن المشروع برامج تدريبيّة مكثّفة للميسّرين، تشمل مناهج التعليم البديل، واللغة الإنجليزيّة، والمهارات الحياتيّة، وأساليب الدعم النفسيّ والاجتماعيّ. يساعد هذا التدريب في إعداد المعلّمين والميسّرين للتعامل مع احتياجات الأطفال المتضرّرين، وتوفير بيئة تعليميّة داعمة ومحفّزة لهم. 

إلى جانب ذلك، يحرص المشروع على توفير جميع المستلزمات الدراسيّة والمكتبيّة التي يحتاج إليها الطلّاب والمعلّمون؛ ما يخلق بيئة تعلّم مناسبة تضمن استمراريّة العمليّة التعليميّة بكفاءة. ويمثّل هذا المشروع خطوة هامّة نحو تحقيق التعليم الشامل والمستدام في السودان، ودعم حقّ الأطفال في التعليم، وتعزيز فرصهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا.