برأيك، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟
تكامل العمليّة التعليميّة في نظري، يعتمد اعتمادًا كليًا على وجود إدارة ناجحة تتمتّع بنوع من المرونة وسعة الأفق والإبداع. تستطيع مثل هذه الإدارة توظيف كلّ إمكانيّات المدرسة لصالح العمليّة التعليميّة، وذلك عبر معرفة ميول الطلّاب واهتماماتهم، والعمل على صقلها وتجويدها لتؤدّي الأهداف المطلوبة. تكامل العمليّة التعليميّة يحتاج إلى تعاون جماعيّ بين إدارة المدرسة والأسرة معًا. وفي رأيي، إشراك الإدارة المدرسيّة الأسرةَ يساعد في خلق جوّ وبيئة تعليميّة جيّدة.
بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم عن بُعد وأبقيت عليها الآن؟
كمعلّم لمادّة التاريخ، وباعتبارها مادة مليئة بالأحداث والتواريخ، وجدت في إيصالها عن طريق الأفلام الوثائقيّة والمقاطع القصيرة فائدة عظيمة.
كيف تخاطِب الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟
الاهتمامات أو المواهب غير الأكاديميّة هي نوع من الأنشطة غير الصفّيّة، يتمتّع بها بعض الطلبة. وأنا كمعلّم أعمل على صقلها وتنميتها وتطويرها لدى الطلّاب، وإعطائهم دافعيّة إلى تطويرها وإتاحة الفرص لهم وتقديمهم للمجتمع. بعض الطلّاب لديهم مواهب وهوايات لم تجد حظّها في الظهور بسبب عدم وجود بيئة محفّزة في مجتمع المدرسة و"البيت". وأحيانًا بسبب خجل الطالب أو لتخوّفه من عدم التقدير. على الإدارة المدرسيّة والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين تعزيز دافعيّة طلابهم إلى مشاركة مواهبهم، والحرص على منحهم الدعم النفسيّ والمعنويّ.
هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟
يمكنني القول إنّ المعلّم المتابع للمستجدات معلم ناجح، شرط أن تتوفّر فيه شروط، من بينها المرونة وعدم الجمود؛ فالمعلّم الناجح هو الذي يستطيع تكييف كلّ ما هو جديد لصالح تطوير العمليّة التعليميّة. بالإضافة إلى ذلك، عليه تجديد معلوماته، فمهمّة المعلّم هي اليقظة الدائمة وإزالة اللبس والغموض. العالم اليوم يختلف عن العالم سابقًا لاعتبارات عدّة لا يسع المجال لذكرها، والمعلم الناجح هو المستعدّ لتقبّل المتغيّرات ومناقشتها والاستفادة منها، في ما يخدم العمليّة التعليميّة.
كما إنّ مهمّة المعلّم اليوم قد تختلف عنها قديمًا؛ فالمعلّم قديمًا كان "وعاء" المعلومات والطالب هو المتلقي. أمّا اليوم، ونسبة إلى التطوّرات والمتغيّرات التكنولوجيّة وسهولة الحصول على العلم، يستطيع الطالب الحصول على المعلومات من على "النت" بكلّ سهولة ويسر. لذلك، على معلّم اليوم أن يكون مبتكرًا في وسائل استخراج وإيصال المعلومات
ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمر هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟
خلال فترة الإغلاق، وجدت أنّ المادّة الخاصة بالأفلام الوثائقيّة تزيد من فرصة إيصال الدروس واستيعاب المادة، لذلك قرّرت إنتاج المزيد من الوثائقيّات ذات الصلة بالمقرّر. فطلبة اليوم علاقتهم متقدّمة بالوسائل الرقميّة. ولكن ما يعاب على تجربة التعليم عن بعد، أنّ المعلّم لا يستطيع تحديد جدّية الطالب في تلقّي الدروس، وهي تجربة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والبحث.
من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّف هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟
الطالب الشغوف هو الطالب الذي يلحّ على المعلّم لمعرفة كلّ كبيرة وصغيرة. ويعلّم نفسه ذاتيًّا.
أعمل على دعم الطلبة الشغوفين ومساعدتهم بقدر استطاعتي، عبر مدّهم بالكتب، ومساعدتهم في إجراء البحوث ذات الصلة، وتذليل العقبات التي قد تعيق شغفهم.
ما يعيب أنظمة التعليم في دول العالم الثالث، عدمُ اهتمامهم بالطلّاب الشغوفين، على عكس الدول المتقدّمة التي تقوم بدروها في تقديم الدعم، وفتح مراكز تدعم وتزيد من فرص نجاحهم مستقبلًا.
ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟
للزيّ الموحّد رمزيّة خاصة في إضفاء نوع من الوحدة بين الطلّاب. كما يعمل على ضبط الطلّاب وتعليمهم النظام والوحدة، داخل الحرم المدرسيّ، وزيادة روح التعاون بينهم باعتبارهم أبناء مؤسّسة واحدة. وهذا بدروه سينعكس إيجابًا في تعميق شعورهم الوطنيّ أكثر فأكثر.
ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟
كمعلّم لمادة التاريخ، أقوم بتحضير وسائل تعريف تثقيفيّة للطلّاب عن الحضارات والأدباء والشخصيّات العالميّة وعن بعض ثقافات المجتمعات الأخرى، محاولًا إخراج الطلّاب من أجواء الملل الأكاديميّ. ومن الممارسات أيضًا، إفساح المجال للطلبة لاختيار بعض البرامج والأنشطة غير الصفّيّة، كنوع من حرّيّتهم في اختيار نشاطهم وما يحبّذونه من دون تدخّل المعلّم.
ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمح أن تشارك بها؟ لماذا؟
التطوير التقنيّ والتكنولوجيّ للمعلّم، لأسباب عدّة منها المتغيّرات التي تطرأ على العالم عمومًا، والعلوم التربويّة خصوصًا. لذلك سأبذل الجهد في التطوير التقنيّ والتكنولوجيّ، ورفع كفاءتي كمعلم. ولعلّ العلوم التربويّة أكثر فعاليّة ومرونة، لذا تستطيع أن تحقّق الأهداف بصورة عمليّة علميّة.
ومن مهارات التطوير المهنيّ التي أطمح أن أشارك بها، تطوير المناهج وطرق التدريس، على اعتبار أنّ المناهج هي العمود الفقريّ للعمليّة التربويّة وعمليّة صناعة الأجيال.
بماذا تنصح شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟
هي مهنة عظيمة، فهي مهنة الأنبياء. لذلك، من يريد ممارستها عليه أن يتّصف بصفات الصدق والأمانة والصبر والتحمّل، فهي المهنة الوحيدة التي لك أجرها. وعلى من يريد أن يصبح معلمًا أن يكون ملمًّا بأصناف العلوم، أي أن يكون مثقّفًا زاهدًا، وأن يعود في كلّ كبيرة وصغيرة إلى عقله. الكثيرون ينفرون من مهنة التدريس بسبب نظرتهم الماديّة للمهنة، لذلك وجب على من يمتهن التعليم أن يدرك أنّها مهنة الأنبياء، وليبحث عن الأجر وليس المال والغنى.