كم نحن بحاجة، كتربويّين، للتفكير بهذا السؤال، خاصّة أن الأزمات والصراعات والكوارث على هذا الكوكب، تحديدًا في وطننا العربيّ، لا تنتهي وكلّنا نُريد أن نُعدّ التلاميذ للحياة. أعاصير، زلازل، براكين، حروب أهليّة، نزاعات عرقيّة، غزو، دمار، احتلال وأضف إلى كل ذلك جائحة كورونا، التي انتشرت بكلّ بقاع العالم، وأثّرت بشكلٍ مُباشرٍ على عمليّة التعلّم والتعليم.
منذ إغلاق المدارس في شهر آذار من عام 2020، تدور ببالي أسئلة عدّة:
- هل يعيش الطلّاب حياة طبيعيّة؟
- ماذا لو أصيب أحد أفراد أسرة الطفل بالفيروس؟ أو فقد أحد من أفراد أسرته؟
- ماذا لو كان لدى الطفل إمكانيّة محدودة للوصول إلى الأجهزة الإلكترونيّة أو الإنترنت؟
- ماذا لو كان والدا الطفل يعانيان مادّيًّا؟
ومنذ إغلاق المدارس وأنا أقوم بزيارات صفّيّة افتراضيّة للمُدرّسين وأجد نفسي أمام نفس محتوى الدروس التي كُنّا ندرّسها قبل أزمة المدارس: الحيوانات، الكواكب، حروف الجرّ، الفصول الأربعة وغيرها، وكأنّ الحياة داخل الفصل تسيرُ بشكلٍ طبيعيّ والحياة خارجه منفصلة تمامًا.
في لحظة التأمل هذه تذكّرت حرب تموز 2006 في لبنان، وكيف كانت العودة إلى المدرسة وكلّ الخطوات التي قمنا بها كفريق إداريّ. لقد قمنا بمراجعة جميع المناهج، وسلّطنا الضوء على وحدات تتعلّق بالتعبير عن المشاعر وكيف نعود إلى الحياة بعد الصدمة، وأهمّيّة العيش بسلام والحقوق والواجبات ودَور المنظّمات غير الحكوميّة، ومساعدة العائلات المحتاجة ودور الإعلام في إيصال الصورة الصحيحة. تناولنا مواضيع السَّاعة وتحوّلت الصفوف إلى ورش عمل تتناول الأخبار اليوميّة والتعبير عن الذات لنستطيع العودة إلى الحياة بقوّة وإصرار. لقد قمنا بذلك مع المُدرِّسين أولًا كفريق إداري قبل الطلب من المُدرِّسين بنقل التجربة ذاتها داخل الفصل مع التلاميذ.
ستستمر الأزمات على هذه الكوكب، ومن المهم أن نسأل أنفسنا كتربويّين هل تتناول مناهجنا هذه المواضيع وتجيب على تلك الأسئلة الكبيرة:
- كيف نُحافظ على حياتنا وحياة الأخرين في ظلّ الأزمات؟
- كيف تُقدّم الحكومات والمنظّمات غير الحكوميّة الدعم للشعوب؟
- ماذا لو ظهر فيروس جديد؟ كيف نتعامل معه؟
- ما هي أهمّيّة الصحّة الجسديّة والنفسيّة والفكريّة في أيّامنا هذه؟
- كيف نحافظ على التوازن الداخليّ في ظلّ الضغوطات اليوميّة؟
- لماذا نصنع الأسلحة على شكل ألعاب للأطفال؟
إنّ طَرْح هذه الأسئلة داخل الصفّ يُنمي التفكير الناقد والإبداعيّ لدى التلاميذ، ويُساعدهم على حلّ المشكلات. نتّفق جميعًا كتربويّين على أنّ مهارات حلّ المشكلات هي من أهمّ المهارات في القرن الحادي والعشرين، وكلّنا يعلم أنّ فيروس كورونا هو مشكلة، فهل قدَّمنا للتلاميذ مصادر وتجارب علميّة تُساعدهم هم أيضًا على التفكير بالحلول أم استمرّينا بحلّ تمارين القواعد والإملاء الموجودة في الكتاب المدرسيّ.
لقد تناولت في لقاء مباشر افتراضيّ هذا الموضوع وممكن الاطلاع عليه من خلال هذا الرابط.